الربيع العربي ووصول الإسلاميين للحكم جعل حماس تعيد ترتيب أوراقها
لطالما تمتعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بعلاقات حميمة واستراتيجية مع كل من طهران ودمشق، ولكنها حالياً باتت قاب قوسين أو أدنى من فك هذا الارتباط بفعل الربيع العربي الذي أوصل إخوانها الإسلاميين إلى الحكم في بلدان عربية من قبيل مصر التي تحظى بموقع بالغ الأهمية والحساسية على الخريطة السياسية للشرق الأوسط.
وتمتع هذا التنظيم الإسلامي الفلسطيني خلال الأعوام الأخيرة بدعم النظام الإيراني، أهم حليف لنظام البعث في سوريا التي تضم هي الأخرى مكاتب حماس الرئيسة خارج قطاع غزة.
ونشر القسم الفارسي لموقع "دويتش فيلله" الألماني تقريراً سلّط من خلاله الأضواء على هذا التحول الذي طرأ على علاقات "حماس" بكل من إيران وسوريا، مستنتجاً أن الحركة تقترب شيئاً فشيئاً من دول الخليج.
وأرجع التقرير عملية إعادة الحسابات عند حماس إلى "توسع رقعة الاحتجاجات في البلدان العربية"، كما دفعها شلال الدم المتدفق في سوريا إلى الإسراع بإعادة حساباتها قبل فوات الأوان.
يُذكر أن تواجد عناصر حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على الأراضي السورية لم يتقلص بعد، ولكن الأهم على هذا الصعيد هو خروج أبرز قيادات حماس من دمشق والحد من نشاطاتها في سوريا، حيث يرى المراقبون أن احتمالات سقوط نظام بشار الأسد من جهة والحاجة إلى إيجاد حلفاء جُدد، أرغم هذا التنظيم الفلسطيني على البحث عن موطئ قدم في بلدان عربية أخرى.
تركيا بدلاً من سوريا وإيران
وكانت مصادر إعلامية تحدثت أخيراً عن انتقال عدد كبير من كوادر حماس العاملة في مكتبها السياسي بدمشق إلى كل من تركيا وقطر والأردن والسودان، كما عاد البعض منهم بمعية أسرهم إلى قطاع غزة.
وذكرت "دويتش فيلله" أنه على الرغم من تأكيد عضو في المكتب السياسي لحركة حماس على ديمومة العلاقات الودية مع طهران، إلا أن كلاً من خالد مشعل وإسماعيل هنية، أهم عضوين بالمكتب السياسي لحماس، التقيا مع كبار المسؤولين في تركيا (المختلفة مع طهران بشدة بخصوص الموقف من الثورة السورية) ومع بعض المسؤولين في البلدان العربية التي يشوب التوتر علاقاتها بطهران، وهو أمر يظهر التحول الاستراتيجي في مواقف حماس.
حماس والإخوان المسلمين
وعلى هذا الصعيد زار إسماعيل هنية في يناير/كانون الثاني 2012 تركيا، كما قام خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، بزيارة الأردن بعد سنوات وذلك بحجة الاطمئنان على صحة والدته المقيمة في الأردن وانتقلت أسرته من سوريا إلى هذا البلد العربي أيضاً.
ويعتقد بعض المراقبين أن "حماس" هي في واقع الأمر وليدة تنظيم الإخوان المسلمين، لذا من الصعوبة بمكان أن تتخذ موقفاً معارضاً للتنظيم الأم، خصوصاً مع وصول الإسلاميين للحكم في كل من مصر وتونس والمغرب، ما يجعلها تسعى بشكل حثيث لترتيب أوراقها لإيجاد حلفاء جُدد بعد ابتعادها عن طهران ودمشق.