العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-11-11, 11:36 PM   رقم المشاركة : 11
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


أهم الخصائص النفسية للشخصية الفارسية
دراسات في الشخصية الفارسية بقلم: الدكتور طه حامد الدليمي


نشوان نيوز الإثنين 22-06-2009 08:17 مساء





تمتاز الشخصية (الفارسية) بخصائص نفسية معينة، اتفق على ملاحظتها وذكرها الخاص والعام ممن تعامل مع الإيرانيين، وخبر حياتهم وأخلاقهم، وكيف أعدت، أو تعدت هذه الأخلاق إلى المتأثرين بهم والمتشيعين لهم، سوى أن العالِم يختلف عن غيره في عمق النظرة والقدرة على الرصد والتحليل، وربط الأسباب بالمسببات والنتائج بالمقدمات.

قام بدراسة هذه الشخصية عدد من العلماء، وثبتوا ملاحظاتهم العلمية في بحوث ميدانية، مدعومة بالأدلة الاستبيانية والشواهد التجريبية.

من هذه الدراسات:
- الشخصية الإيرانية ومكوناتها) للأمريكي جاك ميلوك(1)ضمن كتاب (الثورةالإيرانية والتمدن الحديث). استخلصها – كما جاء في الدراسة - من:
أ‌. بحث تجريبي قام به الأستاذ (البروفسور) مارفن زونيس طبقه على ثلاثمائة شخصية إيرانية تمثل النخبة السياسية الممتازة في إيران، بغض النظر عن كون تلك الشخصيات داخل الحكم أو خارجه. من أجل التأكيد على صحة بعض الانطباعات الخاصة، وذلك بواسطة استبيانات أعدت بعناية لذلك الغرض.
ب‌. ودراسة مفصلة في سنة 1964 قام بها (معهد الإيمان والدراسات الاجتماعية) في جامعة طهران.
لقد وجد الأستاذ زونيس – كما ذكر ميلوك - أن هناك أربع خصائص متميزة تنتصب قائمة كعلامات خاصة دالة على الشخصية الإيرانية والسلوك الإيراني.
وقد سمى الأستاذ زونيس تلك العلامات المميزة كالآتي:
1. الإيمان بأن السلوك البشري تهيمن عليه المصالح الذاتية وحدها.
2. سوء الظن أو الارتياب.
3. القلق وعدم الاستقرار.
4. الاستغلال الشخصي للأفراد بعضهم البعض.
ونقل انطباع شاه إيران نفسه عن الشخصية الإيرانية بأنها مولعة بالنفاق والمراءاة، وبعدم الرغبة في العمل الجماعي، وبعدم الإحساس بوجود الآخرين. وتتمتع بضعف المبادئ.

- بحث للفرنسي أدور سابيليه(2) بعنوان (إيران من الجانب الآخر) في كتابه (إيران مستودع البارود).
- بحث قام به المؤرخ العراقي الأستاذ (البروفسور) عماد عبد السلام رؤوف، في مقدمة كتاب (الصراع العراقي الفارسي)، لنخبة من المؤرخين.

أهم الخصائص النفسية التي تميز الشخصية الفارسية
لقد تطرق هؤلاء العلماء إلى جملة من الخصائص النفسية، التي تميز الشخصية الإيرانية، أهمها:
• الغدر: بسبب شكوك الإيراني وعدم ثقته بالآخرين فليس لديه القدرة على الامتزاج. انه يبحث عن الأمان في الانعزالية عن الناس، أو بواسطة توجيه ضربته الأولى.
• الشك والارتياب وسوء الظن: فالشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين. إن هذا الشعور بالارتياب يجعل الإيراني يعتقد بأنه ليس هناك شيء بنفس البساطة والاستفادة التي ربما يظهر عليها، وأنه لا يمكن قبول الأمور على أساس قيمتها السطحية أو الظاهرية.
• الوقاحة: في قطعة أدبية مشهورة في الأدب الفارسي ينصح أحد الحكام الإيرانيين من ذوي العقل الراجح ابنه حول الكيفية التي يتوجب على الابن اتباعها من أجل أن يكسب حياته في إيران قائلاً:
(لا تتخوف من سوء استعمالك للحق أو السلطة ولا من الإذلال أو تشويه السمعة والافتراء… وعندما يجري طردك خارج أحد الأبواب تعال وادخل بابتسامة من باب آخر… كن وقحاً ومتغطرسا وغبياً، لأنه من الضروري في بعض الأحيان التظاهر بالغباوة لأن في ذلك فائدة. حاول أن تقيم علاقات مع أولئك الذين يتبوأون مناصب عالية. اتفق في الرأي مع أي شخص بغض النظر عن ماهية رأيه، وذلك من أجل أن تجتذب تأييد عطفه الأكبر).
• الشعور بالتفوق أو الاستثنائية الفذة التي لا مثيل لها: يصبح هذا الشعور مثل درع يحتمي وراءه الفرد ويخفي نفسه أثناء فترة التطور الثقافي السريع. وهذا يجعل الهوية الإيرانية قادرة على البقاء بالرغم من تعرضها لموجات مختلفة من الغزوات، وقادرة على امتصاص مؤثرات ثقافية كانت تواجهها بدون أن تغوص الهوية الإيرانية الذاتية إلى القعر. وعلى خلاف الشعوب الأخرى لم يمتزج الفرس بوشائج الصلة الوثيقة مع العرب حملة الراية الإسلامية، بل حافظ الفرس على شخصيتهم الذاتية حتى في ظل الإسلام. ففي مقابل المذهب السني الشائع بين العرب اخترعوا المذهب الشيعي. وعندما كان مجموع المسلمين يخضعون لسلطان الخليفة فان الإيرانيين اتخذوا من المذهب الشيعي ذريعة لمناهضة شرعية الخلافة باعتبار عدم جواز الإمامة إلا حصراً بسلالة علي. واستعان الفرس بالتكتل الشيعي لتحقيق مآربهم. إن الفرس مسلمون، ولكنهم يختلفون عن المسلمين الآخرين. ومن هذا المنطلق استطاعوا الاستمرار على تحصين أنفسهم ضد الانصهار.
• الكذب: إن المعنيين بدراسة إيران وشؤونها متفقون عموماً على الاستنتاج القائل بأن الارتياب وعدم الاطمئنان والتخفي الديني تحت مظهر كاذب هي مميزات الإيرانيين. حتى إن محمد رضا بهلوي قد ذكر هذه المميزات بصورة فظة وذلك بقوله: (ان الفرس يكذبون). وقد اشتكى الشاه السابق أيضاً من أن الكذب ذاته يجري تمجيده على أساس أنه فضيلة، مقتبساً في شكواه ما جاء في كتاب الشاعر الفارسي سعدي:
(إن الكلمات التي تخدعك وتضللك، ولكنها تسعد قلبك هي أغلى من الصدق. وتزيد في قيمتها عن الشيء الذي يجعلك حزينا ويعكر مزاجك). إن المثل القائل: (احجب عن العيون ذهابك وذهبك ومذهبك) هو واحد من عدد كبير من تحذيرات شرعية مماثلة موجودة في الجعبة التجارية الفارسية.
• الملق والتلون والمداهنة: إن الملق والمداهنة والغش يجب أن تكون جميعا الأدوات التي يحتاجها الفرد لأجل أن يتقدم ويصعد إلى أعلى. لقد قال زعيم إيراني: إن الإيرانيين هم مثل الحرباء. إنهم يغيرون ألوانهم كل يوم وتتلون سياساتهم بما يتناسب مع ألوانهم المتغيرة. إن استعمال تعبيرات مثل: (إنني عبدك المطيع) أو (إنني التراب الذي تطأه قدماك) أو (دعني أقبل رجليك ألف مرة) هي جزء صغير من مفردات قياسية للغة اليومية التحادثية.
• المراوغة والخداع والباطنية: يرى الأجنبي في الفارسي مسلماً يمارس شعائر الدين غير أنه لا يمكن له أن يجزم بأنه من المؤمنين. وقد تعلم الناس أن لا يظهروا معتقداتهم بصورة علنية. وكانوا عند الضرورة لا يترددون في التظاهر بإنكارها ويلجأون إلى التحايل والمراوغات لخداع خصومهم. ولا يزال يوجد حتى الآن فئات يمكن اعتبارها مسلمة من الناحية الرسمية غير أن أفراد عوائلها يمارسون الطقوس الزرادشتية المتوارثة.
• الازدواجية: الثنائية عند الفارسي هي صفته المميزة ففي أعماق نفسه حماس منقطع النظير، ومشاعر أشبه ما تكون بالأعراض المرضية، أما في الظاهر فهو متحلل من كل ارتباطاته بالقيم والأعراف والتقاليد. متصوف في قرارة نفسه، مخاتل وماكر في تصرفاته الظاهرية.
• الطبيعة الإيحائية: يتأثر الفارسي كثيراً بالأساليب الإيحائية كالصور والتمثيل، ويندمج تماماً فيها، بحيث يبدو وكأنه يعيش ذاتياً الحالة المعروضة أمامه. في ليلة صافية الأديم وفي قرية صغيرة تقع جوار رضائية عرضت إحدى السينمات المتجولة فلماً غربياً على شاشة نصبت في الهواء الطلق. وعندما اختطف أحد أفراد العصابة بطلة الفلم بوحشية وأردفها على جواده سارع الحاضرون إلى امتطاء خيولهم واندفعوا لمطاردة الخاطف!
• الغطرسة واحتقار الغير: إن الفارسي إنسان متغطرس، وأكثر ميلاً من غيره لاحتقار الغريب فيما إذا اعتقد بأنه يحاول إخضاعه وإذلاله، أو أنه يتحاشاه عند الاقتضاء. والفارسي بطبيعته المتغطرسة لا يتردد في إظهار إعجابه بنفسه. وعندما يحس الفارسي بالسعادة يتظاهر دائماً بالمرارة والألم!
في جذور الأمراض والعقد النفسية الفارسية
في المقدمة الرائعة التي كتبها البروفسور عماد عبد السلام رؤوف - وهو أحد علماء التاريخ العراقيين المعروفين – لكتاب (الصراع العراقي الفارسي)، نجد تحليلاً عميقاً للأسباب والدوافع التي تختفي وراء النفسية الفارسية المعقدة وما ينضح عنها من سلوك وتصرفات.
إن الخبيرين السابقين وصف كل واحد منهما الحالة وأعراضها. أما الدكتور عماد عبد السلام فلم يكتف بالعرض أو التوصيف الخارجي – وهذه هي ميزته الكبيرة على سابقيه - إنما غاص وراء الأسباب الكامنة لها، ووضع أيدينا على الجذور الضاربة في أعماق النفس (الفارسية).
إن السلوك (الفارسي) يجعل الناظر إليه يسأل دائماً: لماذا يتصرف الفارسي ويسلك هكذا؟ ومن الصعوبة أن يجد جواباً شافيا لهذا السؤال المحير عن هذا السلوك (الفارسي) الغريب!
إن الدكتور عماد عبد السلام قد أجاب عن هذا السؤال المحير جواباً شافياً كافياً حين قال وهو يحلل أسباب إصرار الحكومة الإيرانية على مواصلة عدوانها المسلح ضد العراق رغم كل الوساطات ومحاولات الصلح طيلة ثماني سنين من الحرب الدامية (مقدمة الكتاب/ مقتطفات من الصفحات: 11-18):
(إن موقفاً معانداً كهذا لم يكن ناتجا عن أسباب آنية قوامها ما يحدث بين الدول المتجاورة من خلافات، ويحل بالوسائل السياسية عادة… إنما هو امتداد لموقف فارسي راسخ معاد للعراق والأمة العربية اتخذ فيه في كل مرحلة سماته المنسجمة مع طبيعتها. فمنذ العصور القديمة، وحتى ما قبل ظهور الإسلام اتخذ العداء الفارسي شكل الغزو العسكري السافر… واتخذ في العصور الإسلامية شكلا مستترا لكنه أكثر خبثا وخطورة تمثل بالحركات الشعوبية العلنية منها والباطنية المناهضة لقيم الإسلام والثقافة والقيم العربية… فما هي إذن الأسباب الثابتة لهذا الصراع الطويل عبر المراحل التاريخية المتعاقبة)؟

وضع إيران الجيوبولوتيكي
(إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في وضع إيران الجغرافي- السياسي نفسه. فالخارطة القومية لإيران توضح بجلاء أنها كيان لا قومي: بمعنى أنها لم تقم تحقيقا للروح القومية الجمعية. فإيران كيان سياسي تتعدد فيه القوميات وتتباين حتى تصل إلى نحو خمس أو ست قوميات رئيسة.
ومن المهم أن نلاحظ أن أحجام هذه القوميات متقاربة على نحو لا يجعل من أحداها منفردة أكثرية ويجعل القوميات الأخرى أقلية. بل ليس من الممكن إطلاق لفظ (أقلية) على إحداها إلا إذا اعتبرنا سائر القوميات الأخرى كلاً على حدة…
يحق لنا أن نتساءل: إذا كان كيان إيران لا قومياً فلماذا هو كيان أصلا؟ ولم اتخذت حدودها شكلها المعروف الآن؟
وبعبارة أخرى: إذا كان هدف القوميات هو تحقيق إرادتها المستقلة المتمثلة بشكل دولة، ولم تكن في إيران قومية رئيسة فما هو مبرر وجود دولة إيران؟ عن أي هدف قومي تعبر؟ وأية إرادة تمثل؟…
إن لهذه القوميات جميعاً - باستثناء الفرس - امتدادات واسعة خارج حدود إيران نفسها فالعرب هم جزء من أمتهم العربية. والأكراد يتوزعون على منطقة ليس في إيران منها إلا جزء فحسب، وللأذربيجانيين امتداد كبير يشمل مساحات واسعة من تركيا والاتحاد السوفيتي، أما البلوج فهم جزء من شعب يقيم نصفه الأخر في باكستان وأفغانستان. وهكذا فان جميع هذه القوميات لها امتداداتها خارج الرقعة السياسية لإيران. فوجوهها- من ثم- إلى خارج إيران لا إلى داخلها، فهي لا تمثل الإرادة المكونة للدولة المركزية الإيرانية. ومن المؤكد ان هذه الدولة ليست هدفا لأي منها إذ لا مصلحة لهم فيها بحال).

الفرس أقل عدداً وأدنى حضارة
نعم! (الفرس هم الوحيدون الذين ليست لهم إمتدادات قومية خارج إيران. فهم إذن عامل (الشد) الوحيد الذي يشد هذه القوميات المتباينة في نطاق دولة واحدة. ولكنهم من جهة أخرى كانوا أقل وأدنى حضارة من أن يستطيعوا ممارسة دورهم في شد هذه القوميات وتجميعها تحت سيطرتهم. لذا فقد كان الفعل السياسي والعسكري الفارسي على الدوام أكبر من حجمهم الحقيقي.
لقد كانوا فعليا مجرد قومية وسط قوميات متعددة لكل منها تراثها وحضارتها ووطنها. ولكن الفرس مارسوا دورهم بصفتهم القومية المركزية الوحيدة أو القومية العليا في جميع أوطان تلك القوميات إضافة إلى وطنهم نفسه، واتسم توسعهم على حساب قوميات الهضبة الإيرانية الأخرى بالسمة العسكرية البحتة. لذا فقد جاءت ثماره على شكل احتلال فعلي وليس نتيجة مد حضاري فارسي مثلاً، أو حركة مركزية تستقطب تلك الشعوب نحو ثقافة واحدة…
إن استمرار سياسة شد القوميات في دولة واحدة كان يعني استمرار سيطرة الفرس على هذه القوميات. بمعنى أن عودة القوميات إلى ممارسة مصائرها المستقلة كان يساوي تفكك السيطرة الفارسية وانهيارها. وهو أمر وقف الحكام الفرس ضده على الدوام… ولم يكن الفرس على مستوى حضاري مكافئ للحضارات المتقدمة الموجودة إلى الغرب منهم، لذا فقد اخذوا موقعهم كـ(متلق) للحضارة لا صانع لها). كما مر بنا في مطلع المقالة السابقة.

ثلاث حقائق رئيسة في كلام الدكتور عماد عبدالسلام
يمكن تلخيص ما قاله البروفسور عماد عن هذا الوضع بثلاث نقاط رئيسة هي:
1. الفرس لا يشكلون سوى أقلية بالنسبة لمجموع الأقليات القومية الأخرى التي تستوطن الهضبة الإيرانية (عامل جغرافي).
2. إن لهذه القوميات جميعاً - باستثناء الفرس- امتدادات واسعة خارج حدود إيران نفسها (عامل جغرافي).
3. الرغبة في السيطرة على بقية القوميات المتباينة، وشدها باتجاه الدولة المركزية في الداخل (عامل سياسي). ولكنهم كانوا أقل عدداً وأدنى حضارة من أن يستطيعوا ممارسة دورهم هذا في شد هذه القوميات وتجميعها تحت سيطرتهم. لذا فقد كان الفعل السياسي والعسكري الفارسي على الدوام أكبر من حجمهم الحقيقي.

عقدة النقص أصل كل العقد في الشخصية الفارسية
إن رغبة الفرس – مع قلتهم العددية وتدنيهم الحضاري - في السيطرة على شعوب تفوقهم عدداً وحضارة، ولها امتدادات خارجية، هو الذي أنتج عندهم ذلك الشعور العميق بالنقص، والذي ترسخ بمرور الزمن وتراكم المعاناة حتى صار عقدة لا تفارقهم. مثلهم كمثل شخص جاءت به ظروف الحياة ليقود فريقاً من الرجال يفوقونه في تحضرهم وتحصيلهم العلمي وقوتهم ووجاهتهم، فإذا لم يكن متماسكاً نفسياً تولد عنده شعور بالنقص تجاههم. فإذا تكرر الموقف نفسه - بصورة أو بأخرى - نشأت عنده عقدة النقص.
وبما أن تحقيق رغبة الفارسي في هذه السيطرة بالوسائل الطبيعية غير ممكن، فإن ذلك جعله يجنح دوماً إلـى أساليب ملتوية وحيل غير مألوفة يوازن بها هذا الفرق في التفوق، ويصل بها إلى هدفه من السيطرة.
لقد ترسخت هذه الأساليب الملتوية والحيل الشاذة على مر الدهور وكر العصور حتى صارت جزءا من شخصيته وسمة أو طابعا يدمغ تلك الشخصية. أي تحولت كل واحدة من تلك الأساليب والحيل إلى عقد نفسية متأصلة، ممتدة الجذور عميقاً عميقاً في نفس الفارسي.

العدوانية والتوجس والشك
يواصل الدكتور رؤوف حديثه فيقول: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج. وعليه فقد وظف الفرس التحديات المختلفة في المنطقة لصالح تأكيد هيمنتهم على قوميات ما عرف بإيران.
وكان التحدي الحقيقي أمام الفرس هو ذلك التحدي القادم من غرب إيران أي من الوطن العربي. بيد أنَّهُ - على قوته - لم يكن عسكريا بقدر ما كان حضاريا)…

مركب الشعور بالنقص تجاه العرب
(وكان إحساس الفرس بتخلفهم تجاه الفعل الحضاري الآتي من الغرب يتخذ وضعا حادا انعكس على شكل رد فعل غير حضاري نحوه استهدف تدمير الحضارة فيه، أو مكافأة تأثيره على الأقل، ولكن بالفعل العسكري وحده. وبذا فقد أصبح التوسع إلى الخارج وبخاصة باتجاه الوطن العربي الوجه الآخر لسياسة فرض الهيمنة السياسية والعسكرية على شعوب الهضبة الإيرانية في الداخل… وكان التوسع الخارجي بحد ذاته يقدم مبررا قوياً لسياسة التوسع الداخلي بضم القوميات غير الفارسية في إيران تحت قبضة حكومة مركزية قوية).

(الفارسية) عقدة وعقيدة توسعية
وهكذا تحولت (الفارسية) من كونها إحدى قوميات (إيران) إلى عقيدة توسعية تعبر عن جيوبولوتيكية لا تحقق أغراضها إلا بالتوسع المستمر أكثر من تعبيرها عن إرادة أمة قومية بذاتها. وهذا ما يفسر ظهور سلالات حاكمة في إيران من غير الفرس التزمت بسياسة الفرس نفسها… فالافشاريون والزنديون والقاجاريون مثلاً - وهم ليسوا فرساً - لم يكونوا ليصبحوا (شاهات) لإيران لو لم يلتزموا (بالعقدة الفارسية) فيحذون حذو أسلافهم في معاداة الأمة العربية وسلب أراضيها ومياهها سواء أكان ذلك في العراق، أم في الاحواز، وسواحل الخليج العربي)…

عقيدة وعقدة عداء ضد العرب
ونستمر مع التحليلات الرائعة للبروفسور عماد عبد السلام وهو يقول: (لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه. وظف الحكام الفرس هذه العقدة النفسية في صالح هيمنتهم على القوميات المحيطة بهم بأن أشعروها على الدوام بأن تصديهم لهذه المؤثرات رهين باستمرار الهيمنة المركزية عليها)[3].

اللؤم ونكران الجميل
(ولما لم يكن هذا الغرب يمثل إلا مصدر إشعاع للحضارة، لا خطرا ماديا حقيقيا فإن العقلية الفارسية تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بها لأنها مضطرة إلى ذلك لنقص في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها على القوميات العديدة التي تحيط بها، فلقد اعتنق الفرس الإسلام كسائر شعوب المشرق لكنهم حاربوه من داخله، وتعلموا الآداب العربية لكنهم حاربوها بما تعلموه منها، وكتبوا بالحرف العربية لكنهم شنوا حرباً على اللغة العربية نفسها).

الخوف والحقد والملق
(ومع أن العرب لم يكونوا عدوانيين تجاه الفرس أو غيرهم، وإنما هداة ورسل دين مساواة جديد فان هذه الحقيقة لم تكن تنفذ إلى اللاوعي الفارسي حيث تكمن عقدة الخوف والكره من كل ما هو عربي. فمن الثابت تاريخياً أن دهاقنة الفرس تملقوا العرب بعد زوال سلطانهم السياسي توسلا إلى الإبقاء على مركزهم الاجتماعي والاقتصادي بين الشعوب غير الفارسية. حتى إذا ما ضعف كيان العرب السياسي - وكان للفرس نصيبهم البارز في هذا الضعف - عادوا إلى ممارسة دورهم السابق في إحياء التقاليد السياسية القديمة بإنشاء الدولة التي توظف فيها عقدة الكره والخوف لصالح هيمنة الفرس عليها).

المسكنة والشعور بالاضطهاد
(إن التاريخ لم يسجل أية أعمال عدائية قام بها العرب ضد إيران بل العكس دائماً. وعلى الرغم من ذلك فان الفرس كانوا يصورون أي عدوان يقومون هم به على الأمة العربية بأنه (دفاع عن النفس) حتى اصبح هذا قانوناً ثابتاً في السياسة الخارجية الفارسية في مختلف مراحل التاريخ. ومعنى هذا أنهم إن لم يجدوا خطرا حقيقياً يهدد بلادهم من الغرب فإن عليهم أن يوحوا إلى شعوبهم بمثل هذا الخطر. وهو ما يفسر بوضوح لم كانت إيران أكثر أطماعا بجيرانها الغربيين كلما تعرضت وحدتها السياسية إلى خطر التجزئة في الداخل، وطالبت شعوبها بحقوقها القومية التي بخسها الفرس عبر التاريخ.
وهكذا فإن أحياء مظاهر ومفاهيم متخلفة، وإسقاطها على الحاضر، وخلق جو من اللاعقلانية، وتأجيج النعرات البدائية والعصبيات القائمة على أسس بالية لا ظل لها في الواقع، قد أصبح إحدى الوسائل الثابتة في لمِّ شعث قوميات عديدة، لكل منها ثقافتها وتراثها المستقل.
ولما لم يكن كالنزعات العدائية اكثر بدائية وتخلفا، فقد أضحت إثارة هذه النزعات وإقناعها بين حين وآخر بمزيد من الأعمال العدوانية التوسعية يمثل علاجا مناسبا لأية حالة تفكك تتعرض لها (الوحدة الداخلية).
عقدة الدخالة
أما من صار على رأس السلطة في إيران فلا بد أن يتقمص تلك الشخصية ويصاب بتلك العقدة النفسية، وإن لم يكن فارسياً في أصله وعنصره؛ وإلا فقد زمام السيطرة على دفة الحكم. وكما أن رجلاً جاءت به الأقدار ليكون حاكماً أو شيخاً لقبيلة غير قبيلته لا يمكن له أن يقود القبيلة بتقاليد وأعراف غير تقاليدها وأعرافها، وإنما عليه - لكي يستمر في قيادتها - أن يتقمص روحها وشخصيتها، ويتمثل سلوكها، ويعبر عن أمالها وتطلعاتها، وإلا رفضته وفقد السيطرة على قيادها. بل إن هذا الحاكم أو الشيخ عادة ما يكون متطرفاً في كل ذلك إلى الحد الذي يتفوق فيه على ابن القبيلة الأصيل؛ لأن عقدة الشعور بالغربة أو الدخالة كثيراً ما تدفع الدخلاء إلى هذا التطرف أو التصرف ليغطوا به على هذا الشعور الذي لن يشفوا منه مهما تطرفوا، وكيف تصرفوا ! كذلك فعل كل حاكم إيراني من أصل غير فارسي. إنه يحكم إيران بروحية الفرس ونفسيتهم وأعرافهم وتقاليدهم، وقد يتطرف في سلوكه وعدوانيته فيتفوق على مثيله الفارسي على قاعدة (ملكي أكثر من الملك). كما فعل الصفويون ومن لف لفهم. وإلى هذا المعنى أشار البروفسور عماد عبد السلام رؤوف بقوله: (ومع أن سلالات غير فارسية حكمت إيران في بعض العهود إلا أن سياستها لم تكن لتختلف عن السياسة الفارسية التقليدية التي ذكرنا. فالافشاريون والزنديون والقاجاريون مثلا وهم ليسوا فرساً لم يكونوا ليصبحوا (شاهات) لإيران لو لم يلتزموا (بالعقدة الفارسية) فيحذون حذو أسلافهم في معاداة الأمة العربية.
وعلى هذا الأساس فإن (الفارسية) قد تتمثل في شخص عربي في أصله؛ فيكـون بلاءاً أكثر من الفارسي نفسه. وهنا يمسي التفريق بين عالم أو فقيه أو عربي وآخر فارسي - يحمل كلاهما العقيدة والعقدة نفسها - بلاهة وحمقاً.

العلاقة بين النفسية (الفارسية) والشيعية
لعل سائلاً يسأل: وما علاقة النفسية الشيعية بالنفسية الفارسية؟! فأجيب:
إن الرفض أو التشيع الفارسي دين اخترعه الفرس للتنفيس عن أحقادهم وعقدهم أولاً، وتحقيق أغراضهم ومطامعهم ثانياً. لكنهم ستروا سوأته برقاعة (التشيع) ليروج على الناس، ويجد له بينهم آذاناً صاغية.
ومن الطبيعي أن كل فكرة أو مبدأ ينتشر - حين ينتشر - وهو يحمل معه أخلاق أصحابه وعقليتهم ونفسيتهم، ومناهج تفكيرهم، وطرائق سلوكهم وتعبيرهم. ولا يمكن أن ينتشر مجرداً عن ذلك. فالعرب حين خرجوا إلى العالم بدينهم حملوا معهم أخلاقهم وروحهم ومناهجهم وطرائقهم. ولم يقتصر تأثر العالم بهم على دينهم فقط، بل تجاوزه إلى لغتهم وأساليب معيشتهم وأزيائهم وآداب مائدتهم. فانتشر الإسلام، وانتشر معه الوفاء بالوعد، والالتزام بالعهد، والعفو، والسماحة، والصدق، والعدل، وحرية التعبير عن الرأي، والعقلية المنضبطة بالدليل، البعيدة عن الخرافة، القائمة على العلم المؤسس على التجربة، والمتحرر من الفلسفة.
الشيء نفسه حصل حينما اندفع الفرس بدينهم المحرف (التشيع الفارسي). فإنهم نشروا معه أخلاقهم وأفكارهم، أو عقائدهم المسبقة، وعقليتهم الخرافية، ونفسيتهم المعقدة، بل وألسنتهم المعوجة، وأزياءهم، وطعامهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وتواريخهم، ومشاعرهم، وشعائرهم، وطقوسهم، وفلكلورهم؛ فتجد جمهور المتدينين بدينهم مصاباً بالعقد والأمراض، ومتصفاً بالأخلاق، ومتمتعا بالعقلية الفارسية نفسها، على تفاوت في درجات الإصابة وظهور الأعراض شدةً وضعفاً. حتى إنها قد تزيد عند البعض من غير الفرس عنها في الفارسي المصاب بها أصلاً!
مثلهم كمثل المسيحية حين خرجت من أرض العرب ووصلت إلى روما، ارتدت إلينا صليبية تحمل أحقاد الرومانيين وعقدهم وخرافاتهم وعقائدهم، وأخلاق الأوربيين ورذائلهم منسوبة زوراً إلى المسيح و(العذراء). وهكذا تحول جمهور المسيحيين - دون أن يشعروا - إلى صليبيين، أو متدينين بدين آخر غير الذي خرج منهم أولاً، وهم يحسبون أنهم لا زالوا على دين المسيح.
إن الأوربي حين صار مصدر الديانة وانتقلت عاصمة المسيحية إلـى (رومـا) و(القسطنطينية) صار يصدر إلينا أخلاقه وعقائده وعقليته ونفسيته هو باسم (المسيحية).
الشيء نفسه حصل للإسلام حين خرج من أرض العرب إلى بلاد فارس، ثم صار يصدر إلينا من (قم) و(مشهد) باسم (التشيع لأهل البيت). فانتقلت معه أخلاقه وعقائده وعقليته ونفسيته تحت هذا المسمى. فكل من تشيع بتشيع الفرس ينبغي أن ننظر إليه على أنه يحمل تلك العناصر، وأنه مصاب بالأمراض الفارسية نفسها. فإذا أردنا أن نصف له علاجاً فمن خلال هذه النظرة لنصل إلى التشخيص السليم الذي على أساسه يمكن توصيف العلاج الناجع له. أما التشخيص الذي نقطع به نحن - والذي أنا في صدد بيانه وتحليل جذوره ووضع الوصفة المناسبة له في هذا الكتاب- فهو أن الرفض أو التشيع الحالي عبارة عن أمراض وعقد نفسية، قبل أن يكون انحرافات عقيدية أو فكرية وسلوكية، وأن التعامل الناجح مع المتشيعين بهذا التشيع – وهم جمهور الشيعة وعامتهم - ينبغي أن ينبني على هذا التشخيص أو الأساس مهما بدا سوداوياً أو تشاؤمياً - كما قد يحلو للبعض أن يسميه - لكنه الواقع والحقيقة التي يجب علينا أن نعترف بها ونواجهها بشجاعة مهما كانت مرة أو كريهة المنظر، وإلا أخطأنا في توصيف العلاج.

(الفارسية) ظاهرة وليست عرقاً
تأسيساً على ما سبق نقول: إن النفسية الفارسية المعقدة، والسلوك المنحرف المنعكس عنها ليس مختصا بالفرس حصراً، فلا يمكن أن يصاب بها غير الفارسي أصلاً. إنما هي عقدة مرضية تصيب كل من تأثر بها، وظاهرة اجتماعية توجد في كل مجتمع تقبَّل جراثيمها، وإن لم يكن فارسياً في عنصره، أو إيرانيا في بيئته ومنشئه.
(الفارسية) وباء يمكن أن ينتقل بالحث والعدوى، فيصيب أجناساً أخرى عاشرت الفرس وتأثرت بهم. أو أفراداً عاشوا بينهم، لا سيما من وصل منهم إلى رأس السلطة في إيران؛ لأنه يجد نفسه مضطراً إلى أن تتمثل فيه جميع الأمراض والعقد النفسية الفارسية، وإلا لن يتمكن من ضم تلك الأشتات المختلفة من العناصر والشعوب التي تقطن الهضبة الإيرانية تحت جناحه.

العجمي والمستعجم
إن هذا يدعونا إلى الحذر من العربي أو العراقي المصاب بـ(العقدة الفارسية) أكثر من الفارسي أو الإيراني نفسه ؛ لأن الأول يزيد على الثاني بكونه يعاني من عقدة (الدخالة) التي تجعل من عدوانيته وحقده أكثر تطرفاً وحدة. بل قد نجد فارسياً بريئاً من هذا المرض إلى الحد الذي نعتبره فيه عربيا في لغته وروحه وديانته، فمن أحب العرب وتكلم بلسانهم فهو عربي.
خلاصة القول: أن العجمي والمستعجم طينة واحدة. هذا إن لم يكن المستعجم أكثر شراً وأضل عن سواء السبيل. ومن هنا قال من قال: (إذا استعجم العربي فاقتلوه)؛ لأن العربي المستعجم شر من العجمي نسباً وأصلاً !

• الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي
• باحث ومفكر إسلامي كبير - العراق
• نشر هذا الموضوع في حلقات في أغسطس 2007

المراجع
________________________
(1)جاك ميلوك باحث أقدم في جامعة (الدفاع الوطني الأمريكية) شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية ومستشار الوزير في الوزارة نفسها، ورئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في طهران. وهو اختصاصي في الشؤون السياسية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأدنى الآسيوية.
(2)باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط والقضايا الإسلامية والساحة الإيرانية. كان صديقاً للشاه والدكتور مصدق.
(3) وهذا ما توحي بِهِ إيران على الدوام إلى الشيعة في العراق وغيره من الدول المجاورة.

نشوان نيوز - موقع القادسية
===========================

النفسية الفارسية
مركز الدراسات الإيرانية : تتمايز الشعوب بخصائص هي بمثابة طبعات مفردة واحدية ، تشكلها جغرافية الأرض ومناخها، ثم الحياة الحضارية التراكمية، بمكوناتها الثقافية والفكرية، وطموحاتها وإنجازاتها التاريخية، وهذا يحفر البَصمَة التعريفية المستقلة للأعراق والمجتمعات؛ ما يسمح بفك رموز الأفكار وتحليل «الشخصية القومية»؛ أو بمصطلح علماء الأنثروبولوجيا: «الفلسفة السُّلاليّة» (Ethnophilosopy).
وبالمنظور الاجتماعي يلاحظ على سلالات الإمبراطوريات الكبرى البائدة، تضَخُّم صُوَر الذات، بأبعادها الثقافية والأيديولوجية والحضارية والنفسية، التي تتجذَّر في اللاوعي التراثي (الفلوكلور) والخيال الشخصي، مُتحوِّلة إلى «عقدة» تُعَوِّل كثيرا على التَّمَركُز العرقي لإثبات التمايُز الحضاري، فتعمد إلى ماضيها لتجمِّدَه، وتعمل على استدعاء تجريدي لشخصياته، وتعيد تمثيل الأحداث بما تحلم به وتتمناه ، وهذه السيكولوجية تقود إلى «تزييف الوعي»، والاستغراق في تعظيم التاريخ القومي الروائي، فتتحول شخوصه وأحداثه إلى «أسطورة» يمتزج فيها الكمال المنشود بالخيال الطليق، وتتخلق منه الأيديولوجيا المسيطرة على «الوعي» الجماعي، فيما يشبه "من بعض الوجوه التنويم المغناطيسي، وهو ما يمكن أن نسميه بـ«التنويم الاجتماعي»، فالمجتمع يُسلّط على الإنسان - منذ طفولته الباكرة - إيحاءً مكررا في مختلف شؤون العقائد والقيم والاعتبارات الاجتماعية، وهو بذلك يَضعُ تفكيرَ الإنسان في قوالبَ معيّنةٍ يصعُبُ الخروج منها؛ هذا هو الذي يجعل الإنسان الذي نشأ في بيئة معينة ينطبع تفكيره غالبا بما في تلك البيئة من عقائد دينية، وميول سياسية، واتجاهات عاطفية، وما أشبه؛ فهو يظن أنَّهُ اتخذ تلك العقائد والميول بإرادته واختياره، ولا يدري أنَّه في الحقيقة صنيعةُ بيئته الاجتماعية، ولو أنَّهُ نشأ في بيئة أخرى لكان تفكيره على نمط آخر.[1]
ولعل للمحرك التاريخي تأثيرا بالغا في نحت «الشخصية القومية» الإيرانية الطامحة لإعادة مَجدٍ عريض قد تمزَّق لحظة تمزيق كسرى «عظيم الفرس» كتابَ «العربي الأُمِّي» محمد بن عبدالله [صلى الله عليه وسلم][2]، لأنه تجرَّأ فكتب اسمَه قبل اسمه: "من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس..."، وفهم مقدمات ونتائج تمزُّق السلالة الملكية الساسانية على أرض «المدائن» - في معركة «نهاوند» خلافةَ عمر بن الخطاب [رضي الله عنه][3] يُعدُّ مفتاحا ذهبيا لتحليل الشخصية الفارسية التي تعاني أعراض «الحرمان الطُّمُوحي» المُزمِن لأكثر من ألف وأربعمائة عام، جعل الفرس يدورون حول عُقدة النقص والقهر والحرمان والعجز والاضطهاد والمظلومية ، التي تحوَّلت إلى أيديولوجيا ثورية، تفكر بعقلية الأقلية وتعمل عمل الأكثرية، وتنتقل إلى فضاء الإقليمية من ضيق المحلية، وتسعى جاهدة لتصدير نتاجها الفكري الأسطوري من مراكش إلى جاكارتا ؛ كما يُمكن أن يُطلق على مقولة الخليفة الثاني: "لوَدِدتُّ أن بين السواد وبين الجبل سدًّا، لا يَخُلصُون إلينا ولا نخلُصُ إليهم..."[4] أنها نُبُوءةٌ سبقت الزمان والمكان والحال.
لقد درس كثير من المختصين الشخصية الفارسية - عن قُرب ومعاشرة - لغموضها المستفز وتلوُّنها المستمر، وطموحها المتوثب الذي لا يهدأ، ومن أقدم الكتابات المعاصرة كتاب «مغامرات حجي بابا الأصفهاني» للسفير البريطاني جيمس جستنيان موريير (1820-1826م)، وكتاب «الشخصية الإيرانية ومكوناتها» للأمريكي جاك ميلوك[5]، وكتاب الفرنسي أدور سابيليه[6] «إيران مستودع البارود» ؛ ومن العرب المؤرخ العراقي د. عماد عبدالسلام رؤوف في تقديمه لكتاب «الصراع العراقي الفارسي»، كما حاول العراقي د. طه الدليمي تقديم قراءة تحليلية نفسية للشخصية الفارسية بعد مرحلة احتلال العراق في كتابه «التشيُّع عقيدة دينية أم عقدة نفسية؟».
ويعتقد هؤلاء أن صورة الشخصية الإيرانية ترسمها دوافع نفسية كامنة مُحتقنة برؤية متفرِّدة عن الذات في الماضي والحاضر والمستقبل، وفي عالم الشهود وعالم الغيبة ؛ وعبر تحليل الدوافع يمكن تسمية سلوكيات اختصت بتلك الشخصية، مع ملاحظة أن لكل قاعدة شواذ، فمنها:
- الشعور المُزمِن بعدم الأمان، ما يجعل الإيراني – على الأغلب - مرتابا من كل ما حوله من أقوال وأفعال ، فالأمور ليست بالبساطة التي تبدو عليها ظاهريا؛ وهذا ولَّد لديه خاصية «سوء الظن».
- وبسبب سوء ظنه وعدم ثقته بالآخرين – أيًّا كانوا - جعلته قليل القدرة على الامتزاج ، فيضطر للبحث عن الأمان في الانعزال عن الناس، أو بواسطة توجيه ضربته الأولى كوسيلة دفاع؛ وهذا ولَّد لديه خاصية «الغدر».
- سوء الظن والغدر إذا اجتمعا أفرزا نوعا من الجُرأة -كوسيلة دفاع عن النفس-تظهر في شكل «وقاحة» قولا وفعلا، لا يتردد معها في سوء استعمال السلطة، أو إذلال أو تشويه السمعة والافتراء، كما لا يتردد – فيما لو طُردَ من أحد الأبواب - أن يدخل بابتسامة ساذجة من باب آخر، أو أن يظهر الوقاحة والغطرسة سويا مع الغباء المصطنع.
- الارتياب وعدم الاطمئنان والتخفي طبيعة رسخها أعظم شعراء الفرس، كسعدي حين قال: "إن الكلمات التي تخدعك وتُضَلِّلُك، ولكنها تُسعد قلبك هي أغلى من الصدق، وتزيد في قيمتها عن الشيء الذي يجعلك حزينا ويُعَكِّرُ مزاجك"، والمثل الفراسي القائل: "احجب عن العيون ذهابك وذَهَبَك ومَذهَبَك"، وهذا غيض من فيوض التحذيرات الفلوكلورية الفارسية، التي تُعد في قاموس الأخلاقيات غير الحقيقة، وهذا ولد لديه خاصية «الكذب».
- ولكي تصمد الشخصية القومية أمام التحولات لابد من أن يكون لكل مقام لَبُوسُه، وقد طغت هذه الخصلة على الشخصية الإيرانية، فكانت مُتلونة –من وجهة نظر الآخرين-لا تراهن إلا على الفَرَس السابق، وهذا جعل منها شخصية «متملقة مداهنة».
- يلاحظ الأجانب في الإيراني أنه مسلم يمارس شعائر دينه، لكنهم لا يجزمون بأنه من المؤمنين؛ بحكم أن الفارسي تعوَّد ألاَّ يُظهر معتقداته علنا، إلى درجة أنه من الصعوبة بمكان اليوم أن تعرف مَن مِنَ الإيرانيين مسلم ومن منهم زرادشتي مثلا ، وهذا ما يُجعل من الإيراني شخصية «مراوغة وباطنية».
- والثنائية سمة واضحة في الشخصية الإيرانية، فهو شفاف جدا في عاطفته ، وعنيف جدا في عقيدته ، ربما يكون في بيته موسيقيا أو شاعرا أو رساما ، ويقترف ما تقشعر منه بهيمية الحيوان في غياهب السجون التي يعمل بها ؛ فالثنائية عند الفارسي هي صفة تاريخية تعود إلى ثنائية النور والظلمة، وهو ما ولد لديه ما يسميه الآخرون: «الازدواجية الأخلاقية».
- تلك الخصال الوقائية مكَّنت الشخصية القومية من امتصاص آثار الغزوات المتكررة التي واجهت فارس عبر قرون، فغاصت بهويتها إلى القعر، ومنعت الانصهار الحضاري مع الغُزاة، وهذا ولد خاصية «الشعور بالتفوق الاستثنائي».
- كما ولَّدَ شعورُ التفوُّق الاستثنائي طبيعة «الغطرسة واحتقار الآخر»، وخاصة إذا اعتقد أنه يحاول إخضاعه وإذلاله، فلا يتردد في إظهار إعجابه بنفسه أمام شعوب الأرض.تلك كانت ملاحظات من عايشوا الشخصية الإيرانية، ووصفوها فيما يشبه التركيبة السيكولوجية وليس تركيبا أخلاقيا، وواضح أنها شكَّلت درعا واقيا من الانصهار الحضاري، ترسَّخ مع مرور الزمن ليَنطَبع في مفردات التكوين الحضاري المتفرِّد للشعب الإيراني.وبهذا يمكن فهم الشخصية القومية الفارسية المسؤولة عن تشكيل حدود سلوكها الأخلاقي والحضاري المعاصر؛ على اعتبار أن لكل شخصية إنسانية – على رأي العقاد - مفتاحا صادقا يُسهّل الوصول إليها ، والأقرب أن مفتاح شخصية الفارسي هي: «الحرمان الطموحي» [7]، وهذا أقرب وصف لتلك التركيبة النفسية المتفردة، فيُلحظ أن أهم خصائصها الميل إلى القوة وتعظيمها، مع انغماس في الرمزية التجريدية، وأستاذية في الانزياح – متى شاءت - عن الواقع إلى الخيال؛ وعن الأيديولوحيا إلى الأسطورة؛ وعن الدين إلى السياسة، بقدرات عبقرية على إخراج الإسقاطات النفسية على الآخرين (الخصوم) مخرجَ الحقائق المنطقية، وصناعة المشاهد الناطقة كالسحر بحقيقة الوهم؛ وتلك كلها تركيبة تستهدف معالجة عقدة «الحرمان الطموحي».
--------------------------------------------------------------------------------
[1] يراجع: علي الوردي: لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث [1/ص6]/دار الوراق – لندن/2007
.[2] كتب النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة إلى كسرى (خسرو الأول أنو شروان 531-579م) ملك فارس: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله؛ وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة؛ لينذر من كان حيًّا، ويحق القول على الكافرين؛ فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك.". حملها إليه عبدالله بن حذافة السهمي رضي الله عنه؛ ومالبث كسرى حتى قامت ثورة كبيرة من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الوحي، وأبلغ الرسولين اللذين جاءا للقبض عليه، فخرجا من عنده حتى قدما إلى باذان فأخبراه الخبر، وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه، وكان ذلك سببا في إسلام باذان كسرى ومن معه من أهل فارس باليمن
.[3] وقعت عام 21هـ/641م، في زمن عمر بن الخطاب ضد آخر ملوك الساسان يزدجرد الثالث (633-654م)، بقيادة النعمان بن مقرِّن المزني، وقد سماها المسلمون بفتح الفتوح لأنهم قضوا على آخر الجيوش الفارسية
.[4] أودت مقولته حول الفرس أغلب كتب التاريخ في مرويات موقعة نهاوند فاليرجع إليها، وفيه استشفاف يعرفه كل من عايش الفرس بأنهم قوم لحوحون يلتصقون بما يرغبون فيه التصاق العَلَقَة (=دودة تمتص الدم) التي لا تنفك حتى تقضي وطرها
.[5] باحث من جامعة الدفاع الوطني الأمريكية، شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية فترة رونالد ريغان، ورئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في طهران أيام الشاه، وكتابه ضمن كتاب: (الثورة الإيرانية والتمدن الحديث)؛ أورد فيه أهم ما يُمَيّز السلوك الإيراني تجاه الآخرين، وهي: هيمنة المصالح الذاتية، وسوء الظن أو الارتياب، والقلق وعدم الاستقرار، والاستغلال الشخصي للأفراد بعضهم البعض؛ كما نقل في كتابه انطباع شاه إيران نفسه (محمد رضا بهلوي) عن الشخصية الإيرانية بأنها مُولعة بالنفاق والمراءاة، وبعدم الرغبة في العمل الجماعي، وبعدم الإحساس بوجود الآخرين، فضلا عن تمتُّعها بضعف المبادئ
.[6]) باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط والقضايا الإسلامية والساحة الإيرانية؛ كان مقربا من الشاه ورئيس الوزراء مُصدَّق في خمسينيات القرن الماضي
.[7]) يطلق عليه بالإنجليزية (Aspirational Deprivation).. يراجع: تيد روبرت غير: لماذا يتمرد البشر؟، ترجمة مركز الخليج للأبحاث- الإمارات العربية المتحدة/2004
مركز الدراسات الإيرانية







 
قديم 07-11-11, 11:55 PM   رقم المشاركة : 12
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


سلسلة قراءة نفسية في عقيدة التشيع ( الحلقة الثانية )

الفصل الرابع
الأمراض والعقد النفسية
في الشخصية الشيعية أو الفارسية
من خلال هذه البحوث والتحليلات العلمية، ومن خلال المعرفة الذاتية، والخبرة الميدانية المكتسبة من المعاملة الطويلة الأمد مع (الشخصية الفارسية) متمثلةً بكل شعوبي أو رافضي أو متشيع بتشيع الفرس - وإن كان في أصله عربياً هاشمياً - يمكن استخلاص جملة من الأمراض والعقد النفسية المكونة لتلك الشخصية التي نطلق عليها اسم (الشخصية الفارسية).
سأتناول في هذا الفصل أهم هذه الأمراض والعقد، بمزيد من التحليل وضرب الأمثلة الواقعية، لمعرفة أصلها ومنشئها وعلاقتها ببعضها. وأرجو أن لا يفوتن القارئ اللبيب أني لا أقصد أن هذه الأمراض - منفردةً - مقتصرةٌ على الشخصية الفارسية أصلاً، فلا يمكن أن يصاب ببعضها غير (الفارسي) أو المتشيع فارسياً، فرداً كان أم جماعة. فقد تجد شخصاً – وهذا كثير – مصاباً بعقدة النقص أو عقدة الاضطهاد أو غيرها من العقد، بل قد تجد مجتمعات تعاني من مثلها. إنما أقصد أن المجتمع (الفارسي) كمجموع مصاب بهذه العقد مجتمعة. فهذه العقد من مميزات (الشخصية الفارسية) وحدها، التي تطبع المجتمع الإيراني في عمومه بطابعها، وسائر المجتمعات الشيعية التي تأثرت به دون غيرها من الشعوب والمجتمعات الأخرى، على الأقل القريبة منها. وقد تجد شخصاً فارسي الأصل لا يعاني – كفرد - من واحدة من هذه العقد، لكنه حين يكون في موقف يعبر به عن المجموع - أو يكون حقيقة مع هذا المجموع - فإنه يتصرف تصرفاً آخر يتوافق مع التركيبة النفسية الجمعية المعقدة. أي يتصرف طبقاً لنفسية الجمهور، وليس النفسية الفردية التي هو عليها وحده منعزلاً عن ذلك الجمهور الذي ينتمي إليه. وهذا كما يتصرف شخص يعاني فردياً من عقدة الهزيمة ضمن مجموع لا يعاني من هذه العقدة، فإن شخصيته تذوب في ذلك المجموع، وتختفي تصرفاته المريضة وتستبدل بها تصرفات أخرى لا تمت إلى عناصر شخصيته الأصلية بصلة. والعكس صحيح.
العلاقة بين النفسية (الفارسية) والشيعية
إن الرفض أو التشيع الفارسي دين اخترعه الفرس للتنفيس عن أحقادهم وعقدهم أولاً، وتحقيق أغراضهم ومطامعهم ثانياً. لكنهم ستروا سوأته برقاعة (التشيع) ليروج على الناس، ويجد له بينهم آذاناً صاغية.
ومن الطبيعي أن كل فكرة أو مبدأ ينتشر - حين ينتشر - وهو يحمل معه أخلاق أصحابه وعقليتهم ونفسيتهم، ومناهج تفكيرهم، وطرائق سلوكهم وتعبيرهم. ولا يمكن أن ينتشر مجرداً عن ذلك. فالعرب حين خرجوا إلى العالم بدينهم حملوا معهم أخلاقهم وروحهم ومناهجهم وطرائقهم. ولم يقتصر تأثر العالم بهم على دينهم فقط، بل تجاوزه إلى لغتهم وأساليب معيشتهم وأزيائهم وآداب مائدتهم. فانتشر الإسلام، وانتشر معه الوفاء بالوعد، والالتزام بالعهد، والعفو، والسماحة، والصدق، والعدل، وحرية التعبير عن الرأي، والعقلية المنضبطة بالدليل، البعيدة عن الخرافة، القائمة على العلم المؤسس على التجربة، والمتحرر من الفلسفة.
الشيء نفسه حصل حينما اندفع الفرس بدينهم المحرف (التشيع الفارسي). فإنهم نشروا معه أخلاقهم وأفكارهم، أو عقائدهم المسبقة، وعقليتهم الخرافية، ونفسيتهم المعقدة، بل وألسنتهم المعوجة، وأزياءهم، وطعامهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وتواريخهم، ومشاعرهم، وشعائرهم، وطقوسهم، وفلكلورهم؛ فتجد جمهور المتدينين بدينهم مصاباً بالعقد والأمراض، ومتصفاً بالأخلاق، ومتمتعا بالعقلية الفارسية نفسها، على تفاوت في درجات الإصابة وظهور الأعراض شدةً وضعفاً. حتى إنها قد تزيد عند البعض من غير الفرس عنها في الفارسي المصاب بها أصلاً !
مثلهم كمثل المسيحية حين خرجت من أرض العرب ووصلت إلى روما، ارتدت إلينا صليبية تحمل أحقاد الرومانيين وعقدهم وخرافاتهم وعقائدهم، وأخلاق الأوربيين ورذائلهم منسوبة زوراً إلى المسيح و(العذراء). وهكذا تحول جمهور المسيحيين - دون أن يشعروا - إلى صليبيين، أو متدينين بدين آخر غير الذي خرج منهم أولاً، وهم يحسبون أنهم لا زالوا على دين المسيح.
إن الأوربي حين صار مصدر الديانة وانتقلت عاصمة المسيحية إلـى (رومـا) و(القسطنطينية) صار يصدر إلينا أخلاقه وعقائده وعقليته ونفسيته هو باسم (المسيحية).
الشيء نفسه حصل للإسلام حين خرج من أرض العرب إلى بلاد فارس، ثم صار
يصدر إلينا من (قم) و(مشهد) باسم (التشيع لأهل البيت) . فانتقلت معه أخلاقه وعقائده
وعقليته ونفسيته تحت هذا المسمى. فكل من تشيع بتشيع الفرس ينبغي أن ننظر إليه على أنه يحمل تلك العناصر، وأنه مصاب بالأمراض الفارسية نفسها. فإذا أردنا أن نصف له علاجاً فمن خلال هذه النظرة لنصل إلى التشخيص السليم الذي على أساسه يمكن توصيف العلاج الناجع له. أما التشخيص الذي نقطع به نحن - والذي أنا في صدد بيانه وتحليل جذوره ووضع الوصفة المناسبة له في هذا الكتاب- فهو أن الرفض أو التشيع الحالي عبارة عن أمراض وعقد نفسية، قبل أن يكون انحرافات عقيدية أو فكرية وسلوكية، وأن التعامل الناجح مع المتشيعين بهذا التشيع – وهم جمهور الشيعة وعامتهم - ينبغي أن ينبني على هذا التشخيص أو الأساس مهما بدا سوداوياً أو تشاؤمياً - كما قد يحلو للبعض أن يسميه - لكنه الواقع والحقيقة التي يجب علينا أن نعترف بها ونواجهها بشجاعة مهما كانت مرة أو كريهة المنظر، وإلا أخطأنا في توصيف العلاج.
(الفارسية) ظاهرة وليست عرقاً
من الحقائق المهم ذكرها أن النفسية الفارسية المعقدة، والسلوك المنحرف المنعكس عنها ليس مختصا بالفرس حصراً، فلا يمكن أن يصاب بها غير الفارسي أصلاً. إنما هي عقدة مرضية تصيب كل من تأثر بها، وظاهرة اجتماعية توجد في كل مجتمع تقبَّل جراثيمها، وإن لم يكن فارسياً في عنصره، أو إيرانيا في بيئته ومنشئه.
(الفارسية) وباء يمكن أن ينتقل بالحث والعدوى، فيصيب أجناساً أخرى عاشرت الفرس وتأثرت بهم. أو أفراداً عاشوا بينهم، لا سيما من وصل منهم إلى رأس السلطة في إيران؛ لأنه يجد نفسه مضطراً إلى أن تتمثل فيه جميع الأمراض والعقد النفسية الفارسية، وإلا لن يتمكن من ضم تلك الأشتات المختلفة من العناصر والشعوب التي تقطن الهضبة الإيرانية تحت جناحيه.
عقدة النقص وعقدة الاضطهاد وأثرهما في تكوين النفسية الفارسية أو الشيعية
يستطيع الدارس للشخصية الفارسية أن يرصد عقدتين كبيرتين، هما الأساس في كل الانحرافات النفسية التي تعاني منها تلك الشخصية. هاتان العقدتان هما:
1. أحداهما (عقدة النقص) التي تمثل الأصل والمنبع والأساس.
2. والثانية (عقدة الاضطهاد) التي نتجت عن العقدة الأولى، وساندتها في ولادة العقد
الأخرى، وصبغت النفسية الفارسية بصبغتها، حتى صارت طابعاً لها، ونقطة دالة تجعلك
لا تخطئ أبداً في تشخيصها ومعرفتها. فعقدة النقص هي الأصل الكامن، وعقدة الاضطهاد هي اللون والعلامة الظاهرة.
إن الشعور المزمن بالنقص ينعكس عند الشخص الفارسي - وسليله الشيعي - رد
فعل سلبي مؤذٍ ومخرب، يتجه إلى البيئة التي تحيط به بعنصريها: الطبيعة والإنسان. فهو خائف متوجس يشعر بالغربة والقهر من الطبيعة المحيطة، والشعور نفسه ينعكس باتجاه البشر المحيطين به. وهذا معنى قول الخبير الأمريكي جاك ميلوك السالف الذكر: (إن الشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين. وأكثر من ذلك فإنه لا يمكن الوثوق من الطبيعة ولا الاعتماد على المخلوق البشري. إن هناك توقعات بحصول التضليل والخداع في مكان ما. وهكذا يجد الفرد الإيراني نفسه داخل دائرة مليئة بالمرارة).
وعلى هذا الأساس - إذا أردنا أن نفهم نفسية الشيعي - علينا أن ندرس نفسية الإنسان الاضطهادي أو المقهور. إن (عقدة النقص) في أعماق النفس تنعكس في الخارج على شكل شعور طافح بالقهر والحرمان، ودعوى عريضة بالظلم والاضطهاد. وقد وجدت خير من قام بهذه الدراسة – كما نوهت سابقاً – هو الدكتور مصطفى حجازي في كتابه (التخلف الاجتماعي.. مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور). علماً أنه يستعمل أحياناً مصطلح (التخلف) و(الإنسان المتخلف)، بدل (القهر) و(الإنسان المقهور) من حيث أن الشعور بالقهر أو الاضطهاد ينعكس تخلفاً في الفعل والممارسة. وفي ذلك يقول: (إن سيكولوجية التخلف من الناحية الإنسانية تبدو لنا على أنها أساساً سيكولوجية الإنسان المقهور) .
حيلة (الإسقاط) وأثرها في التركيبة النفسية الشيعية
الإسقاط – كما عرفه العلماء - عملية نفسية ينسب الشخص من خلالها - ويحوِّل إلى غيره - صفاته هو أو مشاعره أو رغباته أو نزواته أو أفكاره التي لا يرغبها ويخجل من الوعي بكونها جزءاً من ذاته. فهو يتهرب لا شعورياً منها بطردها عن نفسه أولاً، ثم إلصاقها بالغير، أو اتهامه بها ثانياً، كنوع من تبرئة الذات أو الدفاع السلبي عنها. إنه عبارة عن تخلص من كل ما هو سيء في الذات باتهام الآخرين به. فهي عملية أو حيلة نفسية دفاعية مزدوجة. وتتخذ مظهرين:
1. نسبة النقص الذاتي إلى الغير
2. لوم الغير على ما نلقاه من صعوبات وفشل، وما نقع فيه من أخطاء.
يلعب الإسقاط دوراً كبيراً في حياة الشيعي النفسية. وهو عميق الأثر فيها إلى حد (العقدة)! ولا أراني مخطئاً علمياً إذا أطلقت عليه عندهم مصطلح (عقدة الإسقاط). لم أر أحداً أو جماعة بنيت حياتهم على (الإسقاط) كالشيعة! فهم أكثر الناس اتهاماً للآخرين بعيوبهم وذنوبهم، كما أنهم أكثرهم إلقاء بتبعة أخطائهم وجرائمهم، وما يحصل لهم من مصائب ومصاعب على غيرهم!
خذ مثلاً سب الصحابة وتكفيرهم، كيف ينعكس لدى الشيعة اتهاماً لنا بكره (أهل البيت)؟! والتهمة ثابتة في حقهم ثبوتاً قطعياً مطلقاً. أما نحن فبريئون منها إلى حد الصفر المطلق. ومع ذلك فالأمر عندهم على العكس!
أحد معارفي داهمت بيته دورية للحرس الوطني، فأخرج لهم هويات الأحوال المدنية الخاصة بأولاده الأربعة: علي وحسن وحسين وحمزة. فكان مصيره الضرب والشتم والإهانة.
- لماذا؟!
- لأنك سميتك أولادك بهذه الأسماء كرهاً لأهل البيت!
- كيف؟!
- سميتهم كذلك من أجل أن تسبهم وتبصق عليهم وتضربهم، تشفياً بأهل البيت!!!
انظر إلى أحدهم – وهو من أكثر الشيعة اعتدالاً كما يقال – كيف تنقلب في رأسه الأمور ليقول: (يحدث المأزق الكبير في دوائر الدولة والأحزاب والمؤسسات العسكرية، حيث يلتقي المتعلمون من الطائفتين.. الشيعي الذي انسلخ عن طائفيته بسبب تعلمه، والسني الذي اتصل بالطائفية بسبب صلته بالسلطة. وهنا تبدو الفروق مكشوفة في ممارسة كل منهما لعمله في الدولة. إن الشيعي لا يفكر في أن يحجز وظيفة لشيعي آخر. وقد لا يفهم معادلة كهذه على الأغلب. أما السني فإنه متحفز ومهيأ للعب دور كامل مستمد من تمذهب الدولة.
قد يضاف سبب آخر. فبعض الشيعة ممن ينتبهون إلى فعل الطرف الآخر في مؤسسات
الدولة قد يحاولون فعل شيء مماثل. لكنهم سيصطدمون بتقاليد الدولة، وبالاضطهاد الرسمي. أو إنهم يقعون فريسة الخوف من أن يتهموا بالطائفية. إن العلماني الشيعي يتقبل أية تهمة سوى هذه. قد يتفاخر بخروجه على الإسلام، وبإلحاده وارتكاب المعاصي. قد يفاخر بماركسيته ووجوديته ونازيته وبعثيته، وبشذوذه وغرامياته، لكنه عند التهمة الطائفية يقف مذعوراً. وقد يتحول إلى الضد لإثبات الضد) .
وأنا أقف هادئاً - لا مذعوراً – أمام هذه العقلية الإسقاطية، التي قلبت الأمور كلها إلى الضد لإثبات الضد؛ لأني أعرف على أي وتر تعزف. ولك – حتى تعود الأمور إلى نصابها – أن تقلبها مرة أخرى. وعندها تتبين الحقيقة.
هذا والكاتب صاحب النص السابق كان السكرتير الصحفي لصدام، ويعرف – قبل غيره – أن أغلب الصحفيين المقربين من الرئيس الراحل – إن لم يكونوا كلهم – من الشيعة. وسيأتي توضيح مختصر بهذا، ومن فم الكاتب لا غيره .
وقف مقتدى عند المقام الموهوم بـ(السيدة زينب) في دمشق في شباط 2006 ليذم المقاومة، ويقول دون حياء: (الإرهابيين حبيبي فجروا لهم دبابة دبابتين وصاروا مقاومة. كذابين. عملاء).
واقلب تعدل!
وهكذا...
وصدق الشاعر إذ يقول:
من كانَ يصنعُ ما يقولُ فحيلتي فيهِ قليلهْ

وفيما يلي أهم الأمراض والعقد النفسية في (الشخصية الفارسية):
(1)
عقدة النقص
ثمة فرق بين ((الشعور بالنقص)) و((عقدة النقص)). (فالشعور بالنقص حالة نفسية يدركها الفرد إدراكاً مباشراً ويعترف بها. وليس من الضروري أن يكون بالفرد نقص كي يتملكه هذا الشعور... ويرى ((آدلر Adler)) مؤسس مدرسة علم النفس الفردي أن الشعور بالنقص من أقوى الدوافع لدى الإنسان لأن غريزة السيطرة هي أقوى الغرائز. كما يرى أن الفرد يحاول أول الأمر التعويض عن نقصه، فإن فشل التعويض الناجح لجأ إلى التعويض الوهمي، كأن يهرب من مواجهة نقصه إلى أحلام اليقظة، يعوض في خيالاتها عما به من نقص كما يشاء، أو يصاب بمرض نفسي يتخذه عذراً وجيهاً عن عجزه ونقصه، لأنه لو لم يكن مريضاً لم يعرف العجز إليه سبيلاً، بل لتفوق على غيره. وهكذا يعفيه الاحتماء بالمرض من لوم الناس ولوم نفسه.
أما عقدة النقص فاستعداد لا شعوري مكبوت، أي لا يفطن الفرد إلى وجوده، وينشأ من تعرض الفرد لمواقف كثيرة متكررة تشعره بالعجز والفشل، وقلة الحيلة. ومتى اشتدت وطأة هذا الشعور على الفرد مال إلى كبته أي إلى إنكار وجوده، بل وإلى عدم الاعتراف بما لديه من عيوب فعلية. غير أن كل ما يذكّره بالنقص يحمله على الفور وبطريق تلقائية على الدفاع عن نفسه بأن يستجيب بعنف. والسلوك الصادر عن عقدة النقص يتسم بما يتسم به كل سلوك صادر عن الكبت، فغالباً ما يكون سلوكاً غريباً غير مفهوم، هذا إلى طابعه القسري. من ذلك العدوان والاستعلاء والزهو الشديد والتظاهر بالشجاعة والإسراف في تقدير الذات. وقد يبدو في صور متكلفة سخيفة كمحاولة استرعاء الاهتمام والانتباه بالتفاخر الكاذب والتباهي الزائف والاختلاق والكذب أو التأنق غير المحتشم في الملبس أو التحذلق في الكلام أو التطرف في كل ما يقول ويفعل) .
منشأ عقدة النقص عند الفرس
لقد وضع الدكتور عماد عبد السلام رؤوف يده على أصل العلة في النسيج النفسي للشخصية الفارسية حين قال متسائلاً : (فما هي إذن الأسباب الثابتة لهذا الصراع الطويل عبر المراحل التاريخية المتعاقبة؟) ثم أجاب بقوله: (إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في وضع إيران الجغرافي - السياسي نفسه).
ويمكن تلخيص ما قاله البروفسور عماد عن هذا الوضع بثلاث نقاط رئيسة هي:
1. الفرس لا يشكلون سوى أقلية بالنسبة لمجموع الأقليات القومية الأخرى التي تستوطن الهضبة الإيرانية (عامل جغرافي).
2. إن لهذه القوميات جميعاً - باستثناء الفرس- امتدادات واسعة خارج حدود إيران نفسها (عامل جغرافي).
3. الرغبة في السيطرة على بقية القوميات المتباينة، وشدها باتجاه الدولة المركزية في الداخل (عامل سياسي).
ولكنهم كانوا أقل عدداً وأدنى حضارة من أن يستطيعوا ممارسة دورهم هذا في شد هذه القوميات وتجميعها تحت سيطرتهم. لذا فقد كان الفعل السياسي والعسكري الفارسي على الدوام أكبر من حجمهم الحقيقي.
إن الرغبة في السيطرة - من قبل الفرس في قلتهم العددية وتدنيهم الحضاري - على شعوب تفوقهم عددا وحضارة، ولها امتدادات خارجية، هو الذي أنتج عندهم ذلك الشعور العميق بالنقص، والذي ترسخ بمرور الزمن وتراكم المعاناة حتى صار عقدة لا تفارقهم. مثلهم كمثل شخص جاءت به ظروف الحياة ليقود فريقاً من الرجال يفوقونه في تحضرهم وتحصيلهم العلمي وقوتهم ووجاهتهم، فإذا لم يكن متماسكاً نفسياً تولد عنده شعور بالنقص تجاههم. فإذا تكرر الموقف نفسه - بصورة أو بأخرى - نشأت عنده عقدة النقص.
وبما أن تحقيق رغبة الفارسي في هذه السيطرة بالوسائل الطبيعية غير ممكن، فإن
ذلك جعله يجنح دوماً إلـى أساليب ملتوية وحيل غير مألوفة يوازن بها هذا الفرق في التفوق، ويصل بها إلى هدفه من السيطرة.
لقد ترسخت هذه الأساليب الملتوية والحيل الشاذة على مر الدهور وكر العصور حتى صارت جزءا من شخصيته وسمة أو طابعا يدمغ تلك الشخصية. أي تحولت إلى عقد نفسية متأصلة، ممتدة الجذور عميقاً عميقاً في نفس الفارسي.
عقدة الدخالة
أما من صار على رأس السلطة في إيران فلا بد أن يتقمص تلك الشخصية ويصاب بتلك العقدة النفسية، وإن لم يكن فارسياً في أصله وعنصره؛ وإلا فقد زمام السيطرة على دفة الحكم. وكما أن رجلاً جاءت به الأقدار ليكون حاكماً أو شيخاً لقبيلة غير قبيلته لا يمكن له أن يقود القبيلة بتقاليد وأعراف غير تقاليدها وأعرافها، وإنما عليه - لكي يستمر في قيادتها - أن يتقمص روحها وشخصيتها، ويتمثل سلوكها، ويعبر عن أمالها وتطلعاتها، وإلا رفضته وفقد السيطرة على قيادها. بل إن هذا الحاكم أو الشيخ عادة ما يكون متطرفاً في كل ذلك إلى الحد الذي يتفوق فيه على ابن القبيلة الأصيل؛ لأن عقدة الشعور بالغربة أو الدخالة كثيراً ما تدفع الدخلاء إلى هذا التطرف أو التصرف ليغطوا به على هذا الشعور الذي لن يشفوا منه مهما تطرفوا، وكيف تصرفوا ! كذلك فعل كل حاكم إيراني من أصل غير فارسي. إنه يحكم إيران بروحية الفرس ونفسيتهم وأعرافهم وتقاليدهم، وقد يتطرف في سلوكه وعدوانيته فيتفوق على مثيله الفارسي على قاعدة (ملكي أكثر من الملك). كما فعل الصفويون ومن لف لفهم. وإلى هذا المعنى أشار البروفسور عماد عبد السلام رؤوف بقوله: (ومع أن سلالات غير فارسية حكمت إيران في بعض العهود إلا أن سياستها لم تكن لتختلف عن السياسة الفارسية التقليدية التي ذكرنا. فالافشاريون والزنديون والقاجاريون مثلا وهم ليسوا فرساً لم يكونوا ليصبحوا (شاهات) لإيران لو لم يلتزموا (بالعقدة الفارسية) فيحذون حذو أسلافهم في معاداة الأمة العربية .
وعلى هذا الأساس فإن (الفارسية) قد تتمثل في شخص عربي في أصله؛ فيكـون
بلاءاً أكثر من الفارسي نفسه. وهنا يمسي التفريق بين عالم أو فقيه أو عربي وآخر فارسي - يحمل كلاهما العقيدة والعقدة نفسها - بلاهة وحمقاً .
العجمي والمستعجم
إن هذا يدعونا إلى الحذر من العربي أو العراقي المصاب بـ(العقدة الفارسية) أكثر من الفارسي أو الإيراني نفسه ؛ لأن الأول يزيد على الثاني بكونه يعاني من عقدة (الدخالة) التي تجعل من عدوانيته وحقده أكثر تطرفاً وحدة. بل قد نجد فارسياً بريئاً من هذا المرض إلى الحد الذي نعتبره فيه عربيا في لغته وروحه وديانته، فمن أحب العرب وتكلم بلسانهم فهو عربي.
خلاصة القول: أن العجمي والمستعجم طينة واحدة. هذا إن لم يكن المستعجم أكثر شراً وأضل عن سواء السبيل. ومن هنا قال من قال: (إذا استعجم العربي فاقتلوه)؛ لأن العربي المستعجم شر من العجمي نسباً وأصلاً !
عقدة النقص أصل كل العقد النفسية في الشخصية الشيعية
هذه العقدة الخبيثة هي أصل كل العقد في نفسية الفارسي، أو الشيعي الذي انخلع من أصله وصار متشيعاً تشيعاً فارسياً يحمل عقائد الفرس وعقدهم، ويسعى – شاء أم أبى - في خدمة أغراضهم، وتحقيق أهدافهم.
فتجد أن عقدة النقص هي وراء (عقدة الشك) والتوجس والخوف الدائم من خطر ما يأتي من الخارج.
ووراء (عقدة الغدر) تلك السجية الملازمة للفارسي وأخيه الشيعي؛ لأن الضعيف لا يتوقع سنوح الفرصة ثانية فهو يضرب ضربته عند أول فرصة.
ووراء (عقدة الخداع) والمراوغة ؛ لأن عقدة الشك توحي إليه بأن الكل يريد خداعه؛ فهو يقوم بمخادعتهم مقابلة بالمثل.
ووراء (عقدة الكذب) والدجل (الشعار القومي للفرس)، فهو دائم الادعاء بأن جيرانه يبيتون الاعتداء عليه، وأن خطراً ما قادماً من هذا الاتجاه وذاك من أجل إثارة الخوف لدى الآخرين وتجميعهم حوله.
وهذا أنتج – إضافةً إلى ذلك – (عقدة العدوان) ، و(عقدة الاضطهاد) والمظلومية .
فهو يعتدي وفي الوقت نفسه يدّعي أنه معتدى عليه.
وفي المقابل تجد (عقدة الاستخذاء) والتذلل والمسكنة، قد نتجت عن عقدة النقص والشعور بالدونية، التي تجعله - في حال ضعفه - ذليلاً متملقاً متمسكناً.
و(عقدة الحقد) الفارسي المجوسي نابعة من عقدة النقص. إن الحقد هو القوة الضاغطة التي لا يستطيع بدونها تجميع عناصره المشتتة، وسوقها باتجاه واحد.
وهكذا تتسلسل النتائج فتظهر لنا (عقدة الانتقام) والرغبة الجامحة في الثأر.
ومن عقدة الحقد والعدوان والاضطهاد والرغبة في الثأر والانتقام نتجت (عقدة التخريب).
كما أنها منبع (عقدة التحلل الخلقي) والفساد الاجتماعي؛ فالناقص الدوني لا يتماسك أمام المغريات أو الشهوات.
وهذا كله تسبب في وجود (عقدة الذنب).
وبسبب الاعتياد على إتيان النقائص ترسخت عنده (عقدة الصفاقة).
ولنقصه تراه شديد الالتصاق بطائفته، متعصباً لها أشد التعصب (عقدة التعصب).
والحاجة إلى تعويض النقص تلجئ صاحبها إلى المبالغة في تصوير كل ما يتعلق بالذات من قوة وملكية وأماني وأحلام ورموز وتاريخ وقصص وأساطير حتى ينطبع الذهن بطابع الخرافة، ويصير صاحبه خرافياً (العقلية الخرافية).
والحاكم الناقص يتأله على شعبه، والشعب المتخلف يطيع حاكمه إلى حد التأليه (تأليه الحاكم).
وعقدة النقص هي السبب في نشوء (عقدة السيد) أو عقدة الاستكبار والتعالي. فهو يتظاهر بالقوة الفارغة، ويزيد من مظاهرها كي يغطي على نقصه (عقدة الاستعراض). ومثاله كبر عمامة السيد (مقوار المخنث).
وكذلك (عقدة اللؤم) ونكران الجميل : فلنقصه ، وشعوره بالحاجة يقبل الإحسان من
الغير، لكنه للسبب نفسه يتنكر لإحسانه، بل يتوجه بالأذى إلـى المحسن كي لا يذكره بنقصه وحاجته. إن الدونية أو عقدة الشعور بالنقص تجعل صاحبها يستجيب سلبياً أو عكسياً تجاه المؤثرات الخارجية الإيجابية، ويتعامل بلؤم مع من يحسن إليه؛ لأنه يرى فيه شبحاً مزعجا يذكره بـ(دونيته) ونقصه. فـ(الدوني) شخص متناقض: فهو يقبل الإحسان لحاجته إليه، لكنه يشعر بالكراهية تجاه من يحسن إليه ، وينـزعج من رؤيته
ويتمنى الخلاص منه، بل يسعى في الكيد له وإزاحته من أمامه.
وما لم نفهم هذه العقدة عند العجمي والمستعجم فإن إحساننا يذهب هباء، ولا يصل بنا إلى النتيجة الطبيعية المتوقعة لتلك المقدمة. بل لا نجني من ورائه إلا المتاعب.
لقد كان هذا نصيب العرب على مر التاريخ جزاء إحسانهم إلى الفرس الذي تمثل بدينهم ورسالتهم التي حملوها إليهم – وهو أعظم إحسان- وبحضارتهم العظيمة. لكن العقلية (الفارسية) تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بهـا لاضطرارها إلى ذلك؛ بسبب النقص الذي تعاني منه في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه؛ لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها وكيانها.
كل الشعوب التي اعتنقت الإسلام تحتفظ بالجميل للعرب وتحترمهم وتقدمهم. إلا العجم فمع ادعائهم الإسلام يشعرون بالحقد والكراهية تجاه من حمله إليهم لا سيما الصحابة وخصوصاً الفاروق عمر رضي الله عنه الذي كان أول ضحية لحقدهم ودونيتهم وغدرهم.
وهكذا.. فما من عقدة يعاني منها الشيعة إلا وترجع في أصلها وتكونها إلى عقدة النقص، التي تولدت جراء الوضع الجغرافي – السياسي الذي ذكرناه من قبل.
(2)
عقدة الحقد
كان للخميني - عندما كان في النجف - جار عراقي. وفي يوم من الأيام - وبينما كان الأولاد يلعبون في الزقاق - ضرب ابن الجار العراقي ابناً لخميني كان يلعب معه. فحصلت مشكلة كبيرة. وأراد العراقي أن يرضي خميني بكل وسيلة فلم يفلح! وظل خميني مقاطعاً جاره رغم الوساطات العديدة للصلح بينهما، حتى خرج من العراق! ويتحدث الدكتور موسى الموسوي عن الخميني فيقول: (وإن من أهم الصفات السيئة التي يحملها هو حقده الدفين على كل من أساء إليه، ولو قبل نصف قرن، فهو لا ينسى الإساءة. ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف. ولذلك نرى أنه أمر بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم، وهما عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضواً آخر؛ لأنهما تطاولا في الكلام عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه. أما سائر أعضاء مجلس الأعيان فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران) .
نعم..!
الحقد داء، وعقدة متأصلة في نفسية الفارسي، لا يمكن لكيانه أن يقوم، ولا لوجوده أن يدوم من دونها! إنها القوة الضاغطة التي يستطيع بها تجميع عناصره المشتتة، ويسوقها باتجاه واحد. (الفارسي) غير قادر على جعل الحب قاعدة لانطلاقه في تعامله مع الآخرين؛ لأنه بذلك يفقد القابلية على تجميع تلك العناصر المشتتة في قبضة واحدة. يقول د. عماد عبد السلام: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي، وإثارة شعور التوجس لديها من خلال خطر مـا يأتي من الخارج)( ).
لهذا أمسى الحقد ضرورة لبقاء الفارسي على قمة الهرم في الهضبة الإيرانية، التي لا يتربع عليها إلا من سلك السلوك نفسه، واعتمد إثارة كل أمر يؤدي بشعوب الهضبة المتناثرة إلى أن تخاف وتحقد على الدوام حفاظاً على تماسكها تحت قاعدة الهرم. وما اللعن والطعن إلا تعبير عن هذه العقدة التي يغذونها برواية كل قبيح مخترع وإلصاقه بتاريخ الأمة ورموزها. ومن ذلك اختراع المآسي التي تعرض لها (أهل البيت) وتضخيمها، وإقامة مجالس التعزية والنواح على أولئك (المظلومين). وتأمل التناسب بين نفسية الفارسي المدمرة الحاقدة، وبين النار التي اشتهر بعبادتها من دون بقية قوى الطبيعة!
وعن طريق الحث والعدوى انتقلت هذه العقدة من المجتمع الإيراني إلى المجتمع الشيعي أينما كان: أفراداً وجماعات.
حقد مختص بالعرب
وإذا كان الفارسي وسليله الشيعي حاقداً بطبعه، فإن هذا الحقد يتوجه عنده تلقائياً - وبلا مقدمات - إلى العرب عامة، وإلى العراقيين منهم خاصة. ولذلك أسبابه الدافعة. أهمها أن عقدة النقص إنما تستثار – أشد ما تستثار – باتجاه العرب؛ لأنهم – في قوتهم الذاتية وتحضرهم العريق وتراثهم النبيل - يمثلون في خافيَّة أو لا شعور الفارسي النقيض التام المقابل للفرس في كل ذلك. ولأن العرب أكثر الأقوام فضلاً على الفرس، فإن عقدة نكران الجميل تكون أكثر انفعالاً وأثراً في انعكاسها بما يتناسب ودرجة الفضل السابق من العرب إليهم. من هنا نفهم عمق كلام د. عماد عبد السلام حين قال: (لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه).
انظر ما يقول محمد الطوسي في (غيبته) ومحمد المجلسي في (بحاره) منسوباً زوراً إلى جعفر الصادق: (اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أمَا إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد)( ).
وفي رواية للكليني: (ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب. قلت جعلت فداك كم مع
القائم من العرب؟ قال: نفر يسير. قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال
لا بد للناس أن يمحصوا ويغربلـوا ويستخرج مع الغربال خلق كثير)( ).
وانظر إلى شعوبية الكليني ذلك الحاقد الفارسي كيف يفتري على سيدنا جعفر بن محمد رحمه الله أنه يكفر أهل خيرة بقاع الأرض (مكة والمدينة والشام) فيقول: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة .
وعن أحدهما (ع) قال: إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة ، وان أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفاً .
ويفتري على محمد بن علي (الباقر) أنه قد كفر جميع الصحابة والتابعين وهم خيرة العرب فيقول: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد. وأناب الناس بعد: كان أول من أناب أبو ساسان وعمار وأبو عروة وشتيرة، فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة .
وتأمل ما قاله ميرزا حسن الإحقاقي: (إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران والروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين والمعاملة التي تلقوها من الأعراب البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة, أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب, وشريعة العرب, فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، وذلك الخراب والدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة, والأراضي العامرة في الشرق والغرب, وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة وناموس الدولتين الملكية والامبراطورية) .
وفي فلم شيعي عن معركة صفين مدموغاً بعلامة (شبكة أنصار الحسين) يظهر عمرو وتحته مكتوب: (عمرو بن العاص لعنه الله)! أما عندما يظهر علي فمكتوب تحته: (السلام عليك يا قاتل صناديد العرب)!!!
واستمر هذا الحقد الفارسي ضد العرب يتأجج على مر العصور، لم تزده الأيام إلا عمقاً ورسوخاً! ومن أكثر الناس شعوراً بوجود وآثار هذا الحقد وإدراكاً لجذوره أشقاؤنا العرب الأحوازيون. وذلك بسبب معاناتهم الطويلة تحت الاحتلال الفارسي منذ أكثر من ثمانين سنة. يروي لي أحدهم فيقول: كنا من جنسيات متعددة نعمل في موانئ الكويت، منا العربي ومنا الفلبيني والهندي والباكستاني وغيرهم من الشعوب. وكان معنا إيرانيون أيضاً. فحين يحصل شجار بين إيراني وآخر من قومية أخرى، يتساءل العمال الإيرانيون؟ فإذا وجدوا الشجار حاصلاً مع هندي أو فلبيني، أو مع شخص من أي قوم كانوا سوى العرب، فإنهم لا يأبهون للأمر كثيراً. فإذا ما قيل: إن الشجار مع عربي تركوا كل شيء بأيديهم، وهبوا بالعشرات ينصرون صاحبهم الإيراني ضد العربي! وهم يتصايحون: (أرَب أرب)! - بترقيق الباء - أي عرب عرب.
وتأمل هذا النص المقتطع من كتاب (روضات الجنات) لأحد كبار دجاجلة علماء الشيعة وهو الخوانساري: كيف يتفجر حقداً على بغداد عاصمة الخلافة العربية الإسلامية. قال هذا الدجال الشيعي الحاقد في معرض ترجمته للّعين الخواجة نصير الطوسي: (ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان من عظماء سلاطين التاتارية وأتراك المغول، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد، وإخماد نائرة الجور والإلباس، بإبادة دائرة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار ، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم، دار البوار، ومحل الأشقياء والأشرار) .
ويروي أخونا العربي الأحوازي أنه حين دخل الجيش الإيراني كان يتدرب في معسكر (كرمان)، وكان الهدف الذي يدربونهم على الرماية من خلاله هو العقال واليشماغ العربي! يقول: وهذا التقليد المعبر بعمق عن الحقد الفارسي تجاه العرب يجري في كل معسكرات التدريب الإيرانية.
وأما معاملتهم العنصرية لعرب الأحواز فشيء لا مثيل له في أكثر بلدان العالم تخلفاً ووحشية! إن أحدهم يتلقى يومياً عشرات الإهانات لا لشيء إلا لأنه عربي!. كما أن لبس العقال واليشماغ مستنكر عليهم في الأحواز، ويتلقون بسببه التضييق والتحقير وأنواع الأذى، لا سيما في الأسواق، وعند مراجعة الدوائر الرسمية،. وممنوع رسمياً تدريس المواد الدراسية باللغة العربية، فليس في الأحواز العربية مدرسة عربية واحدة! ولا يسمحون حتى بفتح مدرسة قرآنية! ولا يوجد في الأحواز كلها – ومساحتها تقرب من مساحة سوريا - مسجد خاص بأهل السنة، إما يهدمونه إذا بني، أو يحولونه إلى دائرة أخرى! إلا واحداً في عبادان، وأغلقوه أخيراً، واعتقلوا إمامه الشيخ عبد الحميد الدوسري. يقول صاحبي الأحوازي: في سنة 1995 شرعنا في بناء مسجد لنا في منطقة (كوت عبد الله)، وهي قرية نائية بعيدة عن مركز المدينة، واتبعنا في بنائه أسلوب التورية والتخفي على اعتبار أنه مسجد شيعي، ومر علينا في ذلك خمسة وأربعون يوماً، وفي صبيحة أحد الأيام أتينا إليه فلم نجد في المكان طابوقة واحدة! لقد جرفوه في منتصف الليل وأزالوه من وجه الأرض بالكامل! ولربما عرفوا هويته من وجود المحراب ومنارة واحدة لا اثنتين، وهذا يكفي – عندهم - لهدمه وإزالته من الوجود. كما أن جامعاً لأهل السنة في عبادان حولته الحكومة (الإسلامية) إلى نادي لرياضة البنات!.
كنت في زيارة لمكتب (هيئة علماء المسلمين) في دمشق، فحدثني أحد المشائخ الثقات ممن أعرفهم، فقال: زارنا شيخ سوري فاضل، ودار بيننا حديث عن إيران، وعلاقتها بالعراق، كنت ممن شارك في الحديث، وكان حديثي منصباً على عدائها المستحكم للعرب، ومؤامرتها الدائرة في العراق. لم يرق للشيخ ما سمعه مني. وصار يعاكسني ويدافع عن إيران. ثم جاء بعد مدة يسأل عني بالخصوص. لكنه لم يجدني فقال لمن استقبله من الإخوة الموجودين في المكتب: جئت لأخبر فلاناً بأن كل الذي قاله عن إيران صحيح و.. زيادة. ثم التقيته بعد ذلك، فقص علي ما رآه من عجائب حين ذهب إلى هناك لحضور مؤتمر إسلامي في رمضان الماضي/1427. من ذلك الذي رآه: أن الإيرانيين أخذوهم مساء أحد الأيام ليفطروا في مكان ما لم يخبروهم عنه. قال: وظلت السيارات تسير حتى دخلنا مقبرة كبيرة، مدت الموائد في وسطها. لم ندرك لماذا جاءوا بنا إلى هذا المكان الغريب، حتى أشار أحدهم إلى القبور الممتدة على طول مسرح النظر فقال: (أترون هذه القبور؟! هؤلاء هم الذين قتلهم العرب في العراق). انظر كيف أنه لم يعط للقاتل سوى وصف (العرب)! ثم أردف قائلاً بلا أدنى تردد، أو حياء: (لا بد أن نمحوهم من الوجود، ونثأر لكل واحد منا بعشرة منهم. ولن نتوقف حتى نحقق ما نريد)!.
إسقاط حقدهم على خصومهم
تأمل كيف يسقطون حقدهم هذا على خصومهم: معمم كبير العمامة عظيم الهامة اسمه محمد تقي بور المدرسي ظهر على شاشة إحدى الفضائيات يتباكى من ظلم صدام حسين وكيف أن مدينة الثورة (يسميها – هو وأمثاله - الصدر) التي يقطنها ثلاثة ملايين ونصف المليون كان صدام يمنع بناء الحسينيات فيها حتى إن ثلة من أهلها تجرأوا فبنوا حسينية لكن الحكومة هدمتها على رؤوسهم وقامت بإعدامهم. ويعلم الله أن هذا محض افتراء وكذب لا يستحي (الفارسي) منه. أما مدينة الثورة فلا يبلغ عدد سكانها – بما فيهم من سنة ونسبتهم في حدود 15٪ - تسعمائة ألف. وأما الحسينيات فتعج بها تلك المدينة الخربة في عهد صدام وغيره. ومن المعروف جداً أن أغلب الحسينيات في العراق تبنى من دون موافقة وزارة الأوقاف، بينما يستحيل أن يسمح لأهل السنة ببناء مسجد دون موافقة رسمية أصولية. أما الذي يهدم المساجد على رؤوس أهلها ويقوم بإعدامهم فهم الإيرانيون. وحادثة إعدام خمسة من أهل السنة تقدموا بطلب بناء مسجد لأهل السنة في العاصمة طهران معروفة لأهل الشأن. ومن المعلوم أن مركز العاصمة الإيرانية لا يوجد فيها مسجد لأهل السنة، بينما لا تخلو من معابد لليهود والمجوس!
يرضعون الحقد لأطفالهم
إن هذا الحقد الغريب يلقنه الشيعة لأولادهم، ويرضعونهم إياه مع الحليب. حدثنا أخ أحوازي آخر أنه كان مسافراً في قطار من الأحواز إلى مدينة إيرانية، وكان بالقرب منه امرأة فارسية معها ابنها الصغير فقالت هذه المرأة: ابني يقول: أريد الذهاب إلى طهران لأشرب البيبسي هناك، لا أريد أن أشرب من بيبسي الأحواز؛ إن فيه رائحة العرب.
يذكرني هذا بشاب من أهل مدينة (بلد) هداه الله فتحول من دين الرفض إلى دين الحق. قص على صاحب لي كيف أنه عندما كان غلاماً صغيراً جاء أهله بخروف كان يلهو به ويلعب معه حتى إذا تعلق به وصار لا يستطيع عنه فكاكاً استيقظ صباح أحد الأيام فهاله رؤية الخروف الحبيب قريباً من وسادته مذبوحاً ملطخاً بدمه! يقول: فصرت أصرخ فزعاً حزيناً وأقول: من فعل هذا؟ فأخبروني: إنه عمر! يقول: ومن ذلك اليوم حقدت على عمر بن الخطاب حقداً ما بعده حقد!
وفي بعض مناطق الجنوب العراقي يأتون للطفل بصندوق فيه فتحتان: واحدة لعلي، إذا مدّ الطفل يده أخرج منها قطعة حلوى. وواحدة لعمر، إذا مدّ يده أصابتها شوكة أو جمرة أو ما يشبه!
ومن أبيات الشعر الفارسي المتداولة عند الفرس:
عرب دربيابان ملخ مي خورد
وسـگ أصفهان أب يخ مي خورد
أي: العربي في الصحراء يأكل الجراد، بينما الكلب في أصفهان يشرب الماء البارد.
يغذون الحقد لشعوبهم
ذهب أحد الأصدقاء إلى إيران في مايس 2006، فشاهد العديد من العجائب. منها ما حدثني عنه فقال: وجدت على طول الطريق من مهران إلى أيلام، وكذلك من مهران إلى دهليران، ومن اندم شك إلى الأهواز إلى عبادان صوراً (مرسومة باليد) لقتلى العسكريين الإيرانيين معلقة على الجانبين، مكتوباً عليها (شهداء جمهوري إسلامي) مع كلمات معناها أن صدام وجيشه هم من قتلوهم. فتذكرت أين شهدائنا من الضباط والجنود؟ حيث لا ذكرى ولا صورة ولا من يترحم عليهم!
وشاهدت أمراً آخر عجباً! دبابات عراقية مدمرة، على جانبي طريق إيلام – مهران وعلى مسافة (80 كم)، مرفوعة على منصات حجرية مرصوصة ومبنية بإحكام مكتوب عليها: (دبابات صدام). فشعرت أنهم يعيروني فبكيت في داخلي من المرارة.
حقد شعوبي
وأبو القاسم الفردوسي صاحب (الشاهنامة) يسب القدر ويبصق عليه في بيت من
الشعر في شاهنامته تلك قائلاً: (تفّ تفّ لك أيها الفلك الدوار؛ العرب الحفاة العراة آكلو الضباب يدوسون أرض إيران الجميلة)! حدثني بهذا المرحوم الفريق كامل الساچت رحمه الله يقول: ذهبت في زمن الشاه في بعثة عسكرية إلى إيران فدخلت أحد المتاحف العسكرية هناك فرأيت ديوان (الشاهنامة) مكتوباً على جلد موضوعاً على طاولة كبيرة ومفتوحاً على البيت المذكور الذي ظهر واضحاً وباللغة العربية!!!
أما بهشتي فيقصر وصف (الجاهلية) الوارد في القرآن على العرب فقط دون بقية الأُمم! ويقول عنهم: لم يكن لدى العرب قبل الإسلام من شيء سوى الشعر.
وقد بلغ بهم الحقد حداً بحيث لو سألت فارسياً فقلت مثلاً: أي يوم من أيام الأسبوع غداً؟ فإذا كان اليوم يوم جمعة عبّر فقال: بعد غد هو يوم السبت، ولا يذكر الجمعة لأنها ترمز إلى يوم مقدس في (دين العرب).
ويحتج الفرس على العرب في الأحواز بحديث باطل ينسبونه للرسول  وضعوه تنفيساً عن شعوبيتهم نصه: (أنا عربي وليس العرب مني). وفي مقبرة الخفاجية الواقعة بعد مدينة البسيتين توجد لافتة كبيرة على حائط كبير مكتوب عليها: (تعلموا الفارسية لأنها لغة الله ولغة أهل الجنة)! ويسمون مقابر العرب (لعنة آباد) ومقابر الفرس (جنة آباد)! وفي المنهج الدراسي للصف الأول الابتدائي قصيدة يقول أحد أبياتها: (كلنا أرقى من العربي أكال الجراد).
ويحيي الإيرانيون ذكرى شاعر اسمه أهبان، له ديوان شعر اسمه (فصل الشتاء) يمجد فيه عبادة النار بقوله: (النار مظهر الطهارة، جاء العرب فوضعوا ماءاً نجساً عليها ليطفئوا تلك الطهارة).
تعذيب أسرانا
ومن أبرز صور الحقد الفارسي ما فعلته إيران بأسرانا ، الذين أذاقتهم صنوف العذاب الخارجة عن كل معقول. ولا زالت تحتفظ ببعضهم منذ أكثر من ربع قرن!. وأما الحديث عن صور التعذيب فلا يحيط به مجلدات ومجلدات! وليس هذا موضعه. ولكن لا بأس من إيراد لمحة خاطفة عنه، هي من مشاهدات أخينا الأحوازي سابق الذكر. يقول: كان الضباط الإيرانيون يوصوننا نحن الجنود: "إذا أمسكتم بأسير فاقتلوه، ولا تأتونا به". ورأيت بعيني كيف جاء الحرس الثوري الإيراني بمائة وثلاثة وأربعين أسيراً عراقياً، كانوا في حالة مزرية، والكثير منهم مصاب بحروق وجروح بالغة، حفاة ممزقي الملابس، يتلاوبون من العطش، يستسقون الماء فلا يسقون، والمسؤولون عنهم ينادون: "الماء محرم في حق هؤلاء"! وعلى جسر الخفاجية رأيتهم كيف قتلوهم وهم على هذه الحال! وأفرغوا في كل واحد منهم شاجوراً كاملاً وهم يقولون: قربان قربان!
فما هذا الحقد الذي صار به قتل العرب عند العجم قرباناً يتوسلون به إلى الله؟!
وصدق من قال: (ما حن عجمي على عربي قط ورب الكعبة)!

(3)
عقدة الثأر والانتقام
مر بنا كيف ترسخت عقدة النقص في النفسية الفارسية، وكيف أنتجت هذه العقدة عقدة أخرى مدمرة هي عقدة القهر أو الاضطهاد. والمقهور بسبب عدم قدرته على تنفيس شحنته بمقابلة الأذى بالأذى، والرد بالمثل على من أساء إليه، يضطر إلى كبت هذه الشحنة، فإذا طال الزمن تراكمت الشحنات بعضها على بعض، وتغلغلت في (اللاشعور)، لتتولد عنها عقدة أخرى أكثر خطورة وتدميراً متى ما وجدت لها طريقاً للتنفيس أو الانفجار، هي عقدة الثأر والانتقام، الممتزجة بعقدة الحقد التي تولدت بالآلية نفسها، وتؤدي وظيفتها كالوقود الذي يغذي نار الثأر ودوافع الانتقام دون انقطاع. هذه هي نفسية (الفارسي) التي انتقلت بالحث والعدوى إلى المتشيع بتشيعه: نفسية ثأرية لا تهدأ أبداً، ولا تقر ما لم تنتقم ممن ترى أنه تسبب لها بالأذى أو الإهانة.
تغريدة الشيعة
ولأن الأمر متعلق بعقدة، والعقدة لا يمكن علاجها بالانسياق وراء نزواتها أو متطلباتها؛ لذلك لا ترى (الفارسي) تهدأ نفسه مهما لبى نداء عقدته فانتقم وأغرق في الانتقام! وهكذا تجد كلمة (الثأر) كثيرة التداول في قاموس الشيعة. انظر إلى شعاراتهم الأسطورية الخارجة عن العقل والشرع: خذ مثلاً شعار (يا لثارات الحسين!) الذي يرددونه في مسيراتهم، ويعلقونه على راياتهم، وينصبونه في المواسم فوق دورهم، ويترجمونه في ممارساتهم، التي ظهرت سافرة بعد الاحتلال. وقد أسسوا في العراق منظمة أسموها (ثأر الله). وهي إحدى منظماتهم الحاقدة التي تمارس القتل ضد أهل السنة، والشيعة المتحولين، وتتابع الضباط والطيارين العراقيين الذين حاربوا إيران ودفعوها عن وطنهم، بعد أن اعتقلت الآلاف من هؤلاء، مستغلة الانفلات الأمني الذي حصل بعد الاحتلال مباشرة، وجلبتهم إلى إيران. وهناك في الأحواز سجن كبير تبلغ مساحته (5000 م2) وضع فيه هؤلاء المختطفون، الذين يتعرضون بشكل دوري إلى تصفيات وإعدامات بالعشرات. ويجري هذا بصمت مطبق من جميع العالم، الذي ربما لا يعلم شيئاً عما يجري من جرائم وحشية بحق هؤلاء الأبرياء!
أما السفاح موسى الصدر مؤسس منظمة (أمل) فقد أعلن في يوم (18/2/1974) أنهم "جماعة الانتقام"! وهكذا تجد هذه الكلمة هاجساً يراود نفوسهم، وتغريدة تتردد على ألسنتهم، في كل زمان ومكان.
الغليان والتعبئة النفسية الدائمة
مما يفسر هذه النفسية الثأرية قول الدكتور مصطفى حجازي: (الإنسان المقهور في حالة تعبئة نفسية دائمة استعداداً للصراع. نلاحظ ذلك في حالة التوتر العام الذي يبدو جلياً على محياه وفي حركاته. فلأقل الأسباب نجد العدوانية اللفظية تنفجر في سيل من الشتائم والسباب. كما أن الخطاب اللفظي سرعان ما يتدهور إلى المهاترة والتحدي والوعيد. فالانفعالية العاطفية تطغى على الحوار والعلاقة. والعقلانية سرعان ما تطمس، مما يقود إلى انهيار التفكير المنطقي ويحجب وضوح الرؤية ويشل القدرة على تفهم الآخرين، أو على تقدير الواقع بالموضوعية الضرورية. تطغى الانفعالات دون حدود تقيدها، طامسة ملَكة النقد. وهكذا لا يتمكن الإنسان المقهور من الاستمرار في جدل هادئ. زمن المنطق والعقلانية قصير جداً في تفاعله مع الآخرين. سرعان ما يحس بانعدام إمكانية التفاهم فتغشى بصيرته موجة من الانفعال. من الكلام يتدهور الحوار إلى السباب, ثم إلى التهديد, ثم يمر بسرعة إلى الاشتباك الذي يلغي كل تمييز. وتأخذ الأمور شكلاً قطعياً (إما شر كلها, أو خير كلها). وأحياناً ينفذ التهديد، باستخدام العضلات أو السلاح، بسهولة مذهلة (في فورة غضب). وذلك أن هناك إحساساً دفيناً بانعدام فعالية اللغة اللفظية وأسلوب الإقناع، فيتحول الأمر بسرعة إلى الحسم السحري (العضلي أو الناري) من خلال الإخضاع) .
عقيدة المهدي المنتظر
تأمل عقائدهم كيف تعبر عن عقدهم وأمراضهم!
من العقائد التي اخترعها الفرس تعبيراً وتنفيساً عن عقدة الحقد والثأر والانتقام عقيدة (المهدي المنتظر) ذات الطبعة والطبيعة الفارسية. اقرأ مثلاً هذه الروايات وتأمل كيف يتوجه هذا الحقد ضد العرب! وكيف أن (المهدي) الشيعي في حقيقته ما هو إلا فارس أحلام يلاعب أخيلة الفرس، يأتيهم في يوم من الأيام لينتقم لهم من العرب: يروي النعماني عن محمد الباقر (ع) أنه قال: (لو يعلم الناس مـا يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس. أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يقبل منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد، لو
كان من آل محمد لرحم)( ).
ويروي محمد حسن الطوسي ومحمد باقر المجلسي أن المهدي إذا خرج (يبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب)( ).
ويروي المجلسي عن جعفر الصادق (ع) أنه قال: قال لي أبي: (لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد على العرب شديد وقال: ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب)( ).
ويروي النعماني وغيره عن أبي جعفر (ع) أنه قال: (يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه إلا السيف لا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم)( ).
وعن أبي عبد الله (ع): (ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومأ بيده إلى حلقه)( ).
وعن أبي جعفر (ع) قال : (يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصاب شاته، وأومأ بيده إلى حلقه)( ).
حدثني صديق لي طبيب كان ضابطاً مجنداً في جبهة القتال أيام الحرب مع إيران، عن مجموعة من الأسرى العراقيين الذين شاهدهم مذبوحين بالحراب ذبح الخراف، والمنظر البشع الذي انطبع في ذهنه عن وجوههم التي تجمدت على قسماتها تعابير الرعب التي ارتسمت عليها جراء تلك الطريقة الوحشية في القتل والانتقام!
وصدق والي خراسان الأمير الأموي نصر بن سيار رحمه الله تعالى حين قال في
أسلافهم الذين كانوا على عهده:

قومٌ يدينون ديناً ما سمعتُ بِهِ

عن الرسولِ ولا جاءت به الكتبُ

إن كنتَ تسألُني عن أصلِ دينِهمُ

فإنّ دينَهمُ أن تقتلَ العربُ

وقد أفاض شيخ معاصر من شيوخ الفرس هو الشيخ القمي علي الكوراني في كتابه (عصر الظهور) الحديث عن المجازر التي سيقوم بها مهدي المجوس عند ظهوره خصوصاً في العراق الذي سيتخذ منه قاعدة لانطلاقه وعاصمة لملكه كما كان من قبل، ويلحقه من جديد بدولة فارس وإمبراطوريتها القادمة في أوهامهم! واستشهد لكلامه بروايات عديدة، فيقول:
عن الإمام الباقر عليه السلام قال " إن رسول الله صلى الله عليه وآله سار في أمته باللين، كان يتألف الناس. والقائم يسير بالقتل. بذلك أمر في الكتاب الذي معه، أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا. ويل لمن ناواه " البحار ج 52 ص 353 . والكتاب الذي معه هو العهد المعهود إليه من رسول الله بإملائه صلى الله عليه وآله وخط علي (ع) وفيه كما ورد " اقتل ، ثم اقتل ، ولا تستتيبن أحدا ". وعن الباقر عليه السلام قال " يقوم القائم بأمر جديد، وقضاء جديد، على العرب شديد. ليس شأنه إلا السيف. ولا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم " البحار ج 52 ص 354 ، والأمر الجديد هو الإسلام الذي يكون قد دثره الجبابرة وابتعد عنه المسلمون، فيحييه المهدي عليه السلام ويحيي القرآن، فيكون ذلك شديدا على العرب الذين يطيعون حكامهم وطغاتهم ويعادونه ويحاربونه عليه السلام .. وتذكر بعض الأحاديث أن الأمر يصل أحيانا إلى إبادة فئة بكاملها. وعن الإمام الصادق عليه السلام قال " ثم يتوجه إلى الكوفة فينزل بها، ويبهرج دماء سبعين قبيلة من قبائل العرب " غيبة الطوسي ص 284، أي يهدر دماء من التحق من هذه القبائل بأعدائه والخوارج عليه… ويذكر بعض الروايات، البحار ج 52 ص 377 ، نوعا آخر من عمليات التصفية الكبيرة هذه (والرواية فيها إبادة مدينة في العراق بكاملها يقول الكوراني عنها) ولا بد أن تكون تلك المدينة كلها من الكافرين أو المنافقين المعادين له عليه السلام حتى يأمر بقتل رجالها. ولا بد أن تثير هذه التصفيات الواسعة موجة رعب في داخل العراق وفي العالم ، وموجة تشكيك أيضا... بل ورد أن بعض أصحابه الخاصين عليه السلام يدخلهم الشك والريب من كثرة ما يرون من تقتيله لمناوئيه، فيفقد أحدهم أعصابه ويعترض على المهدي عليه السلام، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال " يقبل القائم حتى يبلغ السوق، فيقول له رجل من ولد أبيه: إنك لتجفل الناس إجفال النعم، فبعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله أو بماذا ؟ قال وليس في الناس رجل أشد منه بأسا، فيقوم إليه رجل من الموالي فيقول له: لتسكتن أو لأضربن عنقك. فعند ذلك يخرج القائم عليه السلام عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله " البحار ج 52 ص 387. ومعنى من ولد أبيه أنه علوي النسب .
بعد الاحتلال (الصليبي – المجوسي) للعراق
وقد تجسمت عقدة الثأر والانتقام جلية لكل ناظر بعد الاحتلال الثلاثي (الصليبي- اليهودي- الفارسي) للعراق، وخصوصاً حين استلمت قائمة السيستياني الحكم في العراق، التي أفتى بدخول النار في حق كل من لا ينتخبها. لقد ارتكبت من المجازر، ومارست من التعذيب السادي الوحشي ما تقشعر له الأبدان! وقد حازت هذه الحكومة الشعوبية بامتياز براءة اختراع القتل بالمثقاب الكهربائي المعروف بـ(الدْرَيل) حتى أطلق عليها البعض اسم (حكومة الدريل)!
وإليكم لقطة مصغرة جداً لا ترى إلا بالمجهر الضوئي عن أساليب الشيعة الوحشية في القتل، وقد ارتكبوا مثلها وما هو أبشع منها عشرات الآلاف من الجرائم التي تعبر أصدق تعبير عن عقدة الثأر والانتقام المتأصلة في نفوسهم الخربة:
في حي أبو دشير في الدورة، وفي يوم (11/12/2005) الساعة العاشرة مساءاً، قامت قوة تابعة لوزارة الداخلية الصولاغية( ) باعتقال أحد عشر شاباً من أهل السنة. وفي صباح اليوم التالي – وبعد مضي 8 ساعات فقط ! - عثر على جثث أربعة منهم وقد أذاقوهم - قبل أن تفيض أرواحهم البريئة وهي تشكو إلى باريها ظلم العباد وخراب البلاد - صنوف العذاب والتنكيل، ومثلوا بهم تمثيلاً بشعاً. وها هي صورهم البشعة المشوهة بالجروح والملطخة بالدماء أمامي منشورة في جريدة البصائر التي تصدرها هيئة علماء المسلمين. لقد ثقبت وجوههم ورؤوسهم بالدريل، وقلعت عين واحد منهم، وآثار الضرب المبرح على أجسادهم، وقد تم كيّ بعضهم بالمكواة الكهربائية، واستخدمت الحبال لتعليقهم بالسقف وشنقهم، ثم أنهوا هذا المشهد (الترفيهي) بإطلاق الرصاص على رؤوسهم. وألقوا بجثثهم في مكان ليس بعيداً من دورهم، بالقرب من المقر الذي تتخذه تلك المليشيات وكراً لها ، وتركوا معها كتابات تنضح بالتشفـي
والشهوة المحمومة بالانتقام: (هذا مصير كل سني قذر)( )!!! وأدناه صور الضحايا:

وصدق الله تعالى إذ يقول:
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ * إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ * هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ).
ثم يقول أصدق القائلين في ختام السورة التي بعدها:
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (الطارق:11-17).
ونحن بالانتظار.

(4)
عقدة الاعتداء (العدوانية)
سأقف عند هذه العقدة أكثر من غيرها لحاجتها المتشعبة إلى البحث، ولأهميتها القصوى؛ فهي أكثر العقد الفارسية خطراً ومساساً بالغير.
العامل الجيو - سياسي
(الفارسي) – كاليهودي - عدائي مخرب بطبعه! وللأسباب الجيوسياسية التي سبق الحديث عنها نجد أن الاعتداء على الغير - مع الادعاء، في الوقت نفسه، أن الغير هو
المعتدي - هو الأساس الذي بنى عليه الفارسي كيانه ووجوده. إن ذلك يهيئ له حجة جاهزة، ووسيلة فعالة مناسبة يحشد بها شتات الشعوب المتنافرة تحت سيطرته ويوجه أنظارهم نحو الخارج، وإلا تفككت البنية السياسية للدولة وخرجت عن قبضته؛ لأن تلك الشعوب ستتوجه أنظارها إليه، وتنشغل به عن الآخرين؛ ما يؤدي إلى سقوطه حتما لوجود خلل حقيقي في ميزان القوى لديه هو غير قادر على تجنبه أو تلافيه.
وإلى هذه الحقيقة أشار البروفسور عماد عبد السلام – وقد سبقت إشارته - حين قال: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج) (وعليه فقد وظف الفرس التحديات المختلفة في المنطقة لصالح تأكيد هيمنتهم على قوميات ما عرف بإيران).
اعتداء منهجي مقصود
والاعتداء عند الفارسي يصدر عن سابق قصد وخطة مدروسة. وقد لا يتورعون عن التصريح بها! نشرت صحيفة كيهان الإيرانية الرسمية نص خطاب قائد قوات الحرس محسن رضائي أمام المؤتمر الوطني للطلاب في 3/11/1985م ، جاء فيه: (في كثير من المواقع نحن نعمل هذه الأيام من خلال الإرهاب بدلاً من النهج الثوري والثقافة السياسية. لقد نشرنا إرهاباً مكننا من التحكم في المعارضين. وإذا ما رفع هذا الإرهاب فإنهم سيستعيدون حيويتهم، ويبدأون في تهديدنا. ويجب أن نلتمس الأسباب لرد الفعل هذا، وأن نقرر الحلول. يجب أن نعرف كيف نبني دولة إسلامية)!!!
العلاقة مع بقية العقد
الفارسي إذن لا يكون إلا عدائياً. لقد ترسخت الصفة، وأمست لازماً من لوازم وجود الموصوف. فولدت العقدة. ولا بد للعقدة أو الصفة الراسخة من صفات أخرى تغذيها وتنميها وتمنحها مشروعية التعبير، ولو بصورة مبطنة. مثل الكذب الذي يكون ضرورياً في تصوير المعتدى عليه في صورة المعتدي، والمعتدي في صورة المظلوم المضطهد. وعقدة الشعور بالاضطهاد التي لا بد منها لإسناد الكذب نفسيا ومعنويا من أجل شرعنة الرد على الاعتداء المفترض وتبريره. وعقدة الدون التي تجعلهم يحسون بتخلفهم الحضاري والمادي تجاه من يتفوق عليهم (ويتخذ ذلك وضعا حادا ينعكس على شكل رد فعل غير حضاري يستهدف تدمير الحضارة فيه).. وهكذا تتلاقح العقد فيما بينها وتتزاوج، وتبيت محضنا لتفريخ عقد أخرى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) (الشورى:40).
الإحباط أمام الاجتياح الحضاري العربي الإسلامي
بعد مجيء الإسلام (تعرض العقل الفارسي القديم إلى إحباط عنيف أدى إلى إعادة تغيير منظومة الروابط والبنى العقلية لإنتاج سلوك خاص . ولم تكن هذه الاستجابـات
الإحباطية بموجبها لغرض امتصاص الحضارة العربية والعقيدة الإسلامية والانتماء الصادق إليها، بل لغرض الوقاية منها والابتعاد عن تأثيرها كلما أمكن ذلك… ومن الاستجابات الأولية أمام الإحباط هي العدائية. ولما كان العدوان المادي والحربي قد فشل بعد الفتوحات الإسلامية فإن العقل الإيراني راح يبحث عن وسائل الهدم والتحطيم والعنف لتهديد الكيان العربي – الإسلامي وقد وجد لذلك عدة طرق شعورية ولا شعورية. فالشعورية منها كانت مخططة مدبرة… واللاشعورية منها كانت انفعالية نزقة هوائية)( ).
الإحباط الناتج عن عقدة النقص وعقدة الاضطهاد
أفاض د. مصطفى حجازي في تحليل هذه العقدة، وتفسير كيفية نشوئها وتكونها. فبين أن هذه العقدة ترجع إلى عدة جذور عقدوية: أولها (عقدة النقص) التي يتولد عنها الشعور بانعدام القيمة، والفشل في تحقيق الذات. وحتى يهرب صاحب هذه العقدة من أن يتوجه باللوم والعقاب إلى نفسه، يكون الحل بالبحث عن ضحية (يُسقِط) عليها مشاعر الإدانة الذاتية والشعور بالذنب، يتهمها بما في ذاته؛ فيكون الاعتداء عليها مبرراً ومشروعاً. أما الحقيقة فإنه يحارب الصورة غير المقبولة عن ذاته. ليؤكد هذه الذات عن طريق الشعور بالقدرة على إيقاع الأذى بالآخر. وهكذا يصبح العدوان جزءاً من الشخصية، ويتحول إلى عقدة.
والشعور بالإحباط بسبب (عقدة النقص) و(عقدة الاضطهاد) من أقوى الأسباب التي تنشأ عنها (العدوانية).
يقول د. حجازي: (كل توتر عدواني ينتج عن الإحباط . شدة العدوانية تتناسب مع شدة الإحباط من ناحية، وقوة الحاجة المحبَطة من ناحية ثانية. تزداد العدوانية مع نمو عناصر الإحباط. صد العدوانية (إحباطها) يولد عدوانية لاحقة، بينما يخفف تفريجها من شدتها بشكل مؤقت أو دائم. صد أفعال العدوانية الموجهة يشكل إحباطاً جديداً ينتج عدوانية موجهة لمصدر الإحباط، يزيد قوة الدفع نحو أشكال أخرى من العدوانية التي تنتشر عندها لتنبث في مختلف النشاط وأوضاع الوجود) .
الطبيعة السادو- مازوشية
تكلم د. مصطفى حجازي كثيراً عن عقدة الاعتداء، ووقف عندها طويلاً وهو يدور حولها من زاوية إلى زاوية. إنها عميقة الغور في النفسية الاضطهادية، ومتعددة الجوانب. تتلخص علاقة هذا الصنف بغيرهم في كونها علاقة عدم أو وجود. ليس هناك من وسطية أبداً. لا يعرف الواحد من هؤلاء أن يسير في طريق جنباً إلى جنب مع الآخرين. فإما أن يركب على أعناقهم، وإما أن يركبوا على عنقه.
في تحليل عميق لنفسية الدوني ، والأسباب الكامنة وراء ميله الشديد إلى الاعتداء وممارسة العنف البالغ القسوة تجاه الآخر. والذي من خلاله نفهم سر العدوانية العنيفة، واللهفة الساديّة التي تجتاح القوى الشيعية ومليشياتها المتخفية وراء القانون، والاندفاع الجامح لسفك دماء أهل السنة ، ومحاولة استئصالهم من العراق اليوم ، بدلاً من توجيه
القوة والعدوان تجاه الهدف الصحيح، ألا وهو المحتل الصليبي وظهيره المجوسي. يقول
د. حجازي:
(نظام التسلط والقهر يأخذ على مستوى اللاواعي شكل العلاقة السادو- ماسوشية. هناك من ناحية طرف قاسٍ، ظالم، مستبد، ينزل الأذى والعذاب بضحيته، لا يستطيع أن يحس بالوجود إلا من خلال تبخيسها، وتسبب الآلام لها. لا يحس بالقوة إلا من خلال التحقق من ضعف الضحية الذي كان هو سببه. هذا الطرف المتسلط لا يستقر له توازن إلا حين يدفع بذلك المقهور إلى موقع الرضوخ العاجز المستسلم، إلى الموقع المازوشي. جوهر السادية ولبها هما علاقة سطوة، لا يستطيع المتسلط السادي أن يكون إلا من خلال التعزيز الدائم لسطوته. وهذه لا تتعزز إلا بمقدار إضعاف الطرف الآخر في العلاقة، تحطيمه والاستحواذ الكلي عليه. وتصل غايتها عندما يعترف هذا الطرف المازوشي بسطوة السادي، ويقر بعجزه إزاءه. الرباط الإنساني يأخذ في هذه الحالة منحى العنف والعدوانية عوضاً عن الحب ، ويأخذ منحى سيادة الأنوية بدل توازن التعاطف والاعتراف المتبادل.
السادية في الأصل عدوان قبل أن تكون جنساً. والمازوشية معاناة مادية وجسدية ومعنوية قبل أن تكون تلذذا جنسياً بالألم كما كان يشيع من آراء. وأهم من المازوشية المادية، المازوشية المعنوية، أي وضعية الرضوخ والاستسلام للمهانة والتسليم بالضعف الذاتي وبسطوة السادي. ويرتبط السادي والمازوشي معاً في علاقة موقعية تحدد لكل منهما مكانته. وتستمد كل من السادية والمازوشية زخمها الحيويين من نزوة الموت، بما تتخذه من أشكال العنف والعدوان، فمصدرها النزوي واحد دائماً. العنف والعدوانية يتوجهان إلى الخارج، منزلين الأذى بالضحية عند السادي، بينما يرتدان إلى الذات التي ترضخ للأذى، إذا لم تستنزله عند المازوشي. وكل من هاتين الوضعيتين دفاع ضد الأخرى. فالسادي يعنف ويقسو هرباً من مازوشيته الداخلية، من مشاعر الذنب التي تقض أعماق وجوده. وكلما زادت قسوته دل ذلك على شدة ذعره من أن ترتد عدوانيته إلى ذاته فتدمرها. السادي يتنكر لمازوشيته من خلال إلحاق كل الأذى بضحيته التي تجسد ما يخشاه من نفسه، وما يتنكر له من خلال صد قلق ساديته التي يخشى توجهها إلى الخارج، وإفلاتها من سيطرته بشكل يدمر الآخر وبالتالي يدمر الذات معه. المازوشي هو إنسان يعجز عن تحمل نتائج ساديته. ومن هنا تبدو له الأخطار الخارجية مضخمة، وتبدو له سطوة التسلط دون حدود، ولا وهن يمكن التصدي
لها من خلاله. ويتناسب عجزه ومهانته بمقدار تضخم هذه الأخطار. المازوشي يمكن أن ينقلب عدوانياً، والراضخ يمكن أن يتحول إلى متمرد، يحطم سطوة المتسلط حين يتجرأ على تحمل تبعات عدوانيته) .
البحث عن الذات: أنت تتألم؛ إذن أنا موجود
ويقول في موضع آخر: (يكمن جوهر السادية في البحث اليائس عن الأنا، في الحاجة إلى توكيد الذات, في دفع الآخر للاستجابة إلى حقيقتك الذاتية: هذا أنا , أنا هنا، يقول السادي: يجب أن تلاحظ وجودي، إذا لم تلاحظه بمحبتي فعليك أن تدركه من خلال ألمك، إني أنا من يجعلك تتألم. بألمك تعترف بوجودي الذي يصبح أكثر واقعية بمقدار ما تكبر معاناتك... ما يود السادي الوصول إليه هو إذن نشوة الجبروت من خلال مسح وجود الآخر. بذلك فحسب يطمئن إلى قوته غير الواثق منها، ويخفف من حدة قلقه) .
من أوضح الأمثلة على الطبيعة السادو - مازوشية الممارسات الوحشية للقوى الشيعية المستقوية بالمحتل ضد أبناء السنة والمجاهدين منهم على الخصوص. إن هذا يكشف عن أحد أهم الدوافع وأعمقها في النفسية الشيعية الاضطهادية، التي تجعل أصحابها يمارسون هذا العنف الوحشي الخالي من الإنسانية ضد المواطنين المخلصين في وطنيتهم، والمدافعين عنها بأرواحهم. إن الشعور الساديّ عند الشيعي لا يتوجه إلى المحتل خوفاً من العواقب، بل ينقلب إلى خضوع إلى حد المازوشية؛ إخفاءً لمشاعره التي يخشى انطلاقها ضده حتى لا تحطمه إذا اصطدم بالمحتل الذي يخشاه خشية مضخمة، وفي الوقت نفسه يحول عنفه وساديته ضد الآخر الذي يستضعفه مستقوياً بالمحتل لا بقوته الذاتية. وفي هذا تصريف لمشاعر القلق من مواجهة الذات بالحقيقة المرة وهي خوفه وانهزامه المشين من العدو الحقيقي. وفيه بالإضافة إلى ذلك نوع من الشعور بالكبرياء والتعالي، من خلال صب العار على الضحية. وفيه أيضاً إسقاط لمشاعر الذنب الذاتية التي لا بد أن تصاحب الإحساس بالفشل والمهانة عند الإنسان المقهور، والتي تظل عادة مكبوتة، على العنصر المتمرد: هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب.
التوحد بالمعتدي
تتولد (العدوانية) كذلك من خلال (عقدة الاضطهاد) ، ودور حيلة (التماهي - أو الذوبان والتوحد – بالمعتدي ، أو المضطهِد) التي يمارسها الإنسان الاضطهادي. وهنا (يتخلص الإنسان المقهور من مأزقه من خلال قلب الأدوار. يلعب دور القوي المعتدي، ويسقط كل ضعفه وعجزه على الضحايا الأضعف منه. الآخر الشبيه به هو المذنب, وهو المقصر, وهو بالتالي يستحق الإدانة والتحطيم. من خلال التماهي بالمعتدي يستعيد الإنسان المقهور بعض اعتباره الذاتي، أو على وجه الدقة يصل إلى شيء من وهم الاعتبار الذاتي . كما أنه يتمكن من خلال هذه الأوالية من تصريف عدوانيته المتراكمة والتي كانت تتوجه إلى ذاته, فتنخر كيانه وتحطم وجوده. هذا التصريف للعدوانية بصبها على الخارج من خلال مختلف التبريرات التي تجعل العنف ممكناً تجاه الضحية, يفتح السبيل أمام عودة مشاعر الوفاق مع الذات, شرط التوازن الوجودي. وتشتد الحاجة للضحايا بمقدار ازدياد العدوانية وتوجهها نحو الخارج، ومقدار النقص في الوفاق مع الذات) .
أما التحليل الآتي فيمثل تفسيراً نفسياً، يمكن على ضوئه أن نفهم هذا الدافع الشاذ من الدوافع المشتركة في تكوين الشخصية العدوانية لدى الجمهور الشيعي. ولماذا برز هذا العنصر العدواني الفاشستي بعد الاحتلال الصليبي المجوسي للعراق، وانتماء الشيعة إلى القوى المحتمية به، وتقليدها له حتى في مظهره بدءاً بالنظارة التي توضع على العينين، وانتهاءاً بالبسطال في الرجلين. ولماذا كان أفراد القوة المسماة بـ(الحرس الوطني)، وقوى الأمن الداخلي أشد قسوة على أهل السنة من أفراد المحتل الأمريكي نفسه؟ حتى صار الأمريكان يهددون من يستعصي عليهم بإيكال أمره وتحويل مصيره إلى (الحرس الوطني) !
يقول د. حجازي: (في كل حالات التماهي بالمعتدي يحدث قلب في الأدوار تتحول
الضحية إلى معتد من خلال نقل دور الضحية أو وضعيتها إلى شخص آخر يفرض عليه الدور المزعج، ويصبح موضوعاً للتشفي من ناحية، وللتنكر من المخاوف الذاتية من ناحية ثانية: أنا لا أخاف، أنا أخيف. هو يخاف، أنا أخيفه. هذه الوضعية الذاتية تؤدي إلى التخلص من كل المخاوف ومشاعر الضعف الداخلية أو كل مشاعر الذنب الذاتية. فليس أكثر قسوة من المعلم الظالم إلا التلميذ الذي يوكل إليه هذا المعلم حفظ النظام في الصف. وليس أكثر شططا من الأم المتشددة إلا الطفل الذي يعاني مشاعر الذنب ويصبها على أخ أصغر، بينما يلعب هو دور الأم التي تحاسب وتعاقب. وسنرى كيف أن أزلام المتسلط وأدواته، هم في أغلب الأحيان أشد قسوة وتطرفا في تعاملهم مع الإنسان الضحية الذي فرض عليه دور المقهور) .
من مظاهر التوحد بالمعتدي أو المتسلط
يقول د. حجازي: (مظاهر التماهي بعدوان المتسلط متعددة ومجالاته متنوعة، نجدها لدى من سنحت له الظروف كي يمارس سلطة على أناس دونه أو أضعف منه. كما نجدها عند من يلتمس حظوة من خلال التقرب من المتسلط . وهي في أبسط مظاهرها تبدأ بذلك التعالي الذي يظهره الفقير تجاه الأفقر منه, والبائس تجاه من هو أشد بؤساً منه. في ذلك التعالي يحاول أن ينكر مهانته الذاتية بصبها على الآخر. ومن مظاهرها أيضاً كل التصرفات الاستعراضية للقوة, أو لرموز القوة أو حتى لوهم القوة, سواء من خلال حمل السلاح واستعراضه دونما حاجة فعلية إليه, أو من خلال استعراض العضلات. وقد لا تتجاوز حد المباهاة والتعالي من خلال التخريف والادعاءات المتفاوتة بقوة أو منعة. في كل هذه الحالات ينخرط الإنسان المقهور في حرب ضد خطر الإحساس بضعفه الذاتي والموقعي, وفي محاولات دائبة لطمس هذا الضعف. إلا أن هذه المحاولات ليست خطيرة عموماً في نتائجها وآثارها. هناك حالات يبرز فيها التماهي بعدوان المتسلط صارخاً مكوناً نوعاً من الآفة الاجتماعية والمأساة العلائقية, سنتحدث عن ثلاث منها.
الحالة الأولى ذات الانتشار المحدود نراها في ظاهرة تسلط بعض (القبضايات) على الأفراد والمؤسسات لفرض الخوّة من خلال الابتزاز والتهديد. الواحد من هؤلاء يغطي ضعفه وهوانه الاجتماعي من خلال لبس جلد التمساح والاحتماء وراء مظاهر القوة العضلية والمسلحة يتخذها لنفسه ويهدد بها من حوله...
أما الحالة الثانية للتماهي بعدوان المتسلط ، فهي أكثر انتشاراً وشيوعاً ، نجدهـا خصوصاً في الأجهزة التي تشكل أدوات السلطة، سواء في الإدارة أو في أجهزة الشرطة والأمن. إن العلاقة بين المواطن وبين من يعملون في هذه الأجهزة على اختلاف رتبهم ومكاتبهم تشكو في البلد المتخلف من ظاهرة التماهي بعدوان المتسلط ...
هناك حالة ثالثة من التماهي بالمتسلط ، نجدها في الممارسات السياسية والمسلحة التي تفتقر إلى هدى تنظيم وتأطير ثوريين حقيقيين.
ما حدث على الساحة اللبنانية يعطينا نماذج واضحة عن تلك الممارسات. المقاتل الذي يحمل السلاح نجده في بعض تصرفاته لا يقف موقفاً نضالياً، بل هو يتصرف تبعاً لنموذج المتسلط الذي عانى منه سابقاً. بدل أن يعامل الجماهير برقة وروح أخوية نراه يتعالى عليها معطياً لنفسه مكانة مفضلة، ومقدماً ذاته على الآخرين. لقد تحول من خلال حمل السلاح من إنسان مقهور إلى آخر متفوق، يلعب دور المتسلط الصغير أو الكبير . كما أن الكثير من العلاقات المرتبية بينه وبين رؤسائه ومرؤوسيه تأخذ شكل العلاقة بين المتسلط والتابع: تعالٍ من ناحية ورضوخ من ناحية ثانية. وأما التصرفات الاستعراضية فهي في هذا المجال أكثر من أن تعد. نجد الواحد من هؤلاء يتباهى مختالاً باستعراض قوته المستجدة متمسكاً بالمظاهر بشكل يتنافى مع الروح النضالية الحقة التي تتصف بالكثير من التواضع تجاه الجماهير... الإنسان المقهور من هذه الناحية كائن مزيف فقد هويته وأضاع أصالته ووجد نفسه عارياً أمام غربته عن نفسه. وهو يحاول بشتى الأساليب ومن خلال مختلف الأقنعة أن يجد هوية بديلة، وأن يحصل على وهم الوجاهة. التزييف الوجودي وما يقابله من أقنعة يمس كل شيء في حياته والنماذج عليه لا حصر لها) .
شرعنة الاعتداء
يقول د. حجازي : (على النقيض من الحب والخير والقيمة المطلقة التي تكتسبها الجماعة, تبخس الجماعات الخارجية (المختلفة قومياً أو عرقياً أو طائفياً) من خلال إسقاط كل العدوانية عليها. وهكذا تصبح جماعة غريبة, ومصدر كل سوء, صورة الشر بعينه, منبع كل تهديد للجماعة النرجسية. الجماعة الغريبة من خلال تجذير الاختلاف بينها وبين الجماعة الأولى المتعصبة, تصبح العقبة الوجودية الأساسية التي تقف في سبيل وصول هذه الأخيرة إلى أهدافها في الرفعة والمنعة وتحقيق الذات. إنها تحمل كل الآثام والأوزار, في حالة من تفريغ كل المسؤولية الذاتية وكل السوء والشرور عليها.
عند هذا الحد تنهار علاقة التعاطف والمشاركة في المواطنية. وتفتح الطريق عريضة أمام صب كل العنف على الجماعة الغريبة دون قيد أو ضابط . تحدث استباحة لها, ولكيان أفرادها, الذين يتحولون إلى مجرد أساطير للسوء والشر يجب القضاء عليها بإبادتها دون هوادة. ويفتح باب المجازر الدموية على مصراعيه وبشكل مذهل . فالجماعة المتعصبة فيما تقدم عليه من مجازر لا ترتكب إثما بحق إنسان لهم كيانهم, بل إنها تقوم بواجب الدفاع المشروع عن النفس. وأكثر من هذا تقوم بواجب القضاء على الأوبئة التي تقف في سبيل تقدم البشرية. مجازر الدم والإبادة, تتحول إلى عمل نبيل في وهم وقناعات أعضاء الجماعة المتعصبة. فالأمر لا يعدو مجرد قضاء على رموز مجسدة في أناس من الجماعة الغريبة, التي تحاط بمجموعة من الأساطير, تنتزع منها انسانيتها) .
إن هذا يفسر الصورة الشاذة التي عليها القوى الشيعية اليوم، التي أمسكت بزمام الحكم في العراق من خلال مليشياتها، ومن خلال قوى الأمن والشرطة والجيش! كيف يمارسون تعذيبهم الوحشي لأهل السنة وهم في حالة من التلذذ السادي والنشوة الغريبة! وكيف يقيدون الأبرياء الذين يعتقلونهم (على الهوية) بل (على الاسم)! ويضعونهم في السيارات وهم يطلقون الهتافات و(الهوسات) الشعبية معلنين نصرهم على (الإرهاب)، وأحياناً يصرحون باسم أهل السنة، أو يغلفونه بلفظ (الوهابية)! وكيف يهجمون على المدن السنية بملابس (الحرس الوطني) أو الجيش يرددون الهتافات نفسها وكـأنهم لا يقتلون أبناء بلدهم، وإنما يطاردون عصابات الغازي الأجنبي، وفلوله الكافرة، أو هم في يوم الانتصار على اليهود وتحرير بيت المقدس الذي لا يخطر لشيعي متمجس على بال! وفي الوقت نفسه (يُسقطون) سلوكهم ومقاصدهم المنحرفة على أهل السنة كذباً وتزويراً ليقولوا: إن الوهابيين والتكفيريين يقتلون الشيعة (على الهوية)!
تشييء الآخر
ويواصل د. حجازي قوله: (يقابل هذه التطورات الذاتية تغير حثيث في إدراك الآخر, من خلال مجموعة من الأساطير التحقيرية. فالاتجاه الإنصافي لا يستمر إلا من خلال التحقير الثابت للضحية. يصف (اينار) بشكل رائع عملية التحقير هذه (( في الجريمة يتحول الآخر إلى أُسطورة (أسطورة الخيانة , السوء , الحسد , الاضطهاد , انعدام القيمة, الخ ...) الشخص الحقيقي المقصور ينمحي تدريجيا في حالة من التعامي الموجه والموافق عليه عن إنسانيته )).
يفقد الآخر حقيقته كشبيه إنساني (في عيني القاتل) متحولاً إلى أسطورة لا واقعية تبرر بتصرفاتها أو خصائصها الاعتداء عليها، يتحول إلى أسطورة العقبة الوجودية، أو السوء، أو انعدام القيمة. هذه الأسطورة تؤدي إلى تغيير شخصية القاتل وتبرر له اتجاهه الانصافي. وبمقدار ما تحقر الضحية ، وتتحول إلى أسطورة ، يزداد تسلط حق
القاتل في القتل.
تصل عملية التحقير هذه حداً بعيداً فتُحمّل الضحية المقبلة كل الأوزار والصفات المنحطة, يعبر عنها أولاً بالسباب والشتائم، ثم بالنعوت المتصاعدة في تبخيسها. وقد يعمم الأمر من المستوى الفردي إلى مستوى كوني : الضحية كائن خطر على الجميع
ويجب القضاء عليها . ولذلك يبدو القتل عندها في نظر القاتل كشيء طبيعي ، تفرضه
الظروف وله ما يبرره دون أن يثير أي إحساس بالندم.
في هذه الكارثة العلائقية تتحول الضحية أسطورياً باختزال عادي في ذهن المعتدي لا إلى مستوى الشيء فحسب, ولكن إلى مستوى الشيء حامل اللعنة الذي يجب تحطيمه, الآخر المحقر, يحتل في ذهن المعتدي دلالة العقبة الوجودية التي تسرق له حقه في السعادة, حقه في الاستقلال, حقه في الحرية الخ... ولذلك يصبح فعل القتل, لا فقط بريئاً من الإثم ومبرراً فحسب, بل مطلوباً كواجب نبيل هو الدفاع عن الذات وكرامتها وقدسيتها، أو الدفاع عن الجماعة وقيمها. أو حتى الدفاع عن الحضارة والإنسانية من العناصر المخربة الهدامة. وهكذا يبدو العنف التدميري كضرورة مبررة لا بد منها لإعادة الأمور إلى نصابها كواجب على المرء النهوض به من اجل بدء وجود جديد لا تسممه ولا تعرقله الضحية – العقبة الوجودية) .
دور حيلة (الإسقاط) النفسية
ثم يربط الموضوع كله بحيلة (الإسقاط) ، ويبين دورها في تأجيج عقدة العدوانية
وترسيخها، وكيف توجه إلى الآخر فيقول:
(الإسقاط منتشر جداً في العلاقات بين الناس (خصوصاً المهنيـة والحزبية) فيما يتعلق بمصدر السوء والشر والعدوانية: الآخرون هم المخطئون. في الإسقاط تحول النزوة العدوانية إلى الخارج, وفي مرحلة تالية نتخذ من هذا الخارج هدفاً لصب عدوانيتنا المتبقية. في اتهام الآخرين نجد راحة مزدوجة: تصريف العدوان بصبه عليهم (الانتقاد) وإثبات البراءة الذاتية (نفي تهمة العدوان عن الذات), ذلك ما يحدث في التعصب الديني والطائفي والسياسي. ليست العدوانية وحدها التي تسقط على الخارج, بل أيضاً مشاعر الذنب (الآخر هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب) , ومن هنا تصبح العدوانية الذاتية مشروعة ومبررة, إنها إحقاق الحق من خلال قصاص الآخر... التنكر للعدوانية الذاتية, ولمشاعر الإثم الذاتية , وإيجاد موضوع ضحية يجسدها ويعبر عنها في الخارج, والتهجم عليه لدرجة إبادته, وكذلك انشطار العواطف إلى الميول السيئة والحسنة, والإحساس بأننا ومن نحب, وكذلك من يحالفنا, مثال البراءة والارتقاء، وإسقاط كل الشر والخطر والعدوان على الأعداء .
يبقى هذا الإسقاط للعدوانية ولمشاعر الإثم أوالية فاعلة في حياتنا اليومية وفي كل صراعاتنا العلائقية. ولذلك نجد الكثير من العلماء قد قالوا به. يقول (انطونيني) بهذا الصدد: (إن هناك في كل الحالات تقريباً جهداً لإزاحة العدوانية خارج الذات, بشكل يمكننا من نفيها, من عدم رؤيتها في ذاتنا, يمكننا من التعامي عنها, فاكتشاف الحقد الكامن فينا ظاهرة مولدة للقلق. أما اكتشاف الشر عند الآخرين فيمنعنا من رؤية الشر الذي فينا) .
يتمسكن حتى يتمكن
ثم يقول: (الإنسان في المجتمع المتخلف عدواني، متوتر، يفتقر إلى العقلانية، ويعجز عن الحوار المنطقي؛ لأنه يعيش في حالة مزمنة من الاحباط الاعتباطي, ومن الإهمال. إنه متروك لنفسه كي يتدبر أمره كما يستطيع. ليس هناك ما يضمن له حقه أسوة بغيره. عليه هو أن يحفظ هذا الحق كما تمكنه ظروفه (الاحتيال, التقرب من السلطان وذوي النفوذ, التودد, أو العنف والصراع من أجل الغلبة). عالم الإنسان المقهور هو أشبه ما يكون بغابة ذئاب, عليه أن يعبـئ نفسه ويظل يقظاً طوال الوقت لمجابهة أخطارها) .
عدم التعايش مع الآخر
يواصل د. حجازي تحليله القيم فيقول: (وعندما يحس كل واحد... إحساساً من هذا القبيل، فإن علاقات التعاطف والتفاهم تنهار لا محالة، لتحل محلها علاقات اضطهادية. الآخر هو الخصم الذي يتهدد المصير الذاتي، ويهدد بالاستيلاء على الحقوق الذاتية. إنه بالتالي العقبة الوجودية في وجه تأمين المصلحة الذاتية. ولذلك فلا بد من إعلان الحرب عليه، أو الاحتياط للحرب التي قد يعلنها علينا . يتحول الآخر إلى مصدر تهديد وخطر على الذات أو مصدر عرقلة لمصالحها, ومنذ تلك اللحظة يصبح كل عدوان عليه, كل تغليب مطلق للمصلحة الذاتية دون مراعاة للآخر, النمط المشروع من الدفاع عن النفس. الاحتمال البديل هو الرضوخ والاستسلام, أو التجنب والانسحاب, وبالتالي
فقدان فرصة الحصول على الحق الذاتي) .
الدوني إذا تمكن
إذا تمكن هذا الصنف المقهور من الناس وتحول فجأة – في بعض الظروف السانحة – من خاضع مقهور إلى (سيد) يمتلك القوة ويتصرف بها، يتحول إلى وحش كاسر لا تعرف الإنسانية إلى شعوره سبيلاً ! وتنقلب صفاته إلى الضد مما كان عليه (فبدل عقدة النقص تبرز عقدة التفوق والاستعلاء، وبدل العجز والاستسلام تبرز عقدة الجبروت، وبدل انعدام المكانة تبرز عقدة الاستثناء... يعوض عن نقصه بنوع من التفوق والاستعلاء على من حوله. يحس بشيء من الجبروت، بأنه وجماعته المسلحة فئة لا تقهر، تنهار أمامها الحواجز والصعاب. يحس بنوع من الاستثناء، فكل شيء مسموح له، وكل التجاوزات. ولذلك فهو يزدري كل القيم السابقة، ويشعر بالحاجة إلى كسر كل القواعد التي حكمت حياته. ويحدث في أغلب الأحوال نوع من التركز حول الذات، فكأن العالم كله يجب أن ينتظم انطلاقاً منه هو وتبعاً لوضعه. هناك تضخم ذاتي يقابله انحسار في قيمة وأهمية المحيط ، على العكس تماماً من مرحلة الرضوخ. هذا التضخم يؤدي إلى سيطرة مزاج نفاجي على الإنسان. نوع من الإحساس بالامتداد والعظمة... وتظهر التصرفات الاهتياجية بما فيها من تسرع وطنين وصخب، ويبدو كل شيء في متناوله، يطغى نوع من الحبور على الحالة المزاجية ويصطبغ المستقبل بالتفاؤل المفرط والمبالغ فيه دون سند كاف) .
خير مثال على هذا ما رأيناه ولمسناه من ممارسات لقوات (الحرس الوطني) والجيش
والشرطة والأمن الداخلي الشيعي، التي تعيث في أرض العراق فساداً، بعد أن خدمتها الظروف لتقفز إلى ناصية القوة، التي لن تستمر بأيديهم بعون الله طويلاً. وكل من شاهد الحال في الشارع العراقي اليوم، وكيف تتصرف هذه القوات مع المواطنين، وتطلق النار عشوائياً فوق رؤوسهم - وعليهم أحياناً – وتمسك بالأبرياء بكل فظاظة وقسوة، وهي تردد الشعارات الحماسية والهوسات الشعبية وكأنها في عرس أو انتصار، أو كأنها حررت البلد من المحتل، أو تطارد فلوله، وليست هي تمارس العدوان على إخوانها ومواطنيها وأبناء بلدها، كل من شاهد ذلك يدرك المعنى الحقيقي لحالة الدوني إذا تمكن!.
تساوي المثقف والعامي في التخلف النفسي
يرفض د. حجازي التفريق بين الفئات العامية أو الجاهلة، وبين الفئات المثقفة أو المنظمة والمؤطرة، التي لديها تاريخ من الممارسة السياسية، وتصور أن الأخيرة قد تخلصت فعلاً من قيود التخلف ذهنياً وانفعالياً وعلائقياً. وفي ذلك يقول: (العكس هو الصحيح في معظم الأحيان، إذ يلاحظ تداخل بين أعلى درجات التنظير الفكري وأشد أشكال التخلف في الممارسة... إن الفئة التي تتمتع بقدر من الحظ وتقترب من مواقع السيطرة على هذا السلم لا تخلو بدورها من التخلف على جميع الصعد. الواقع أنها تتصف بالخصائص نفسها وإن اتخذ الأمر طابعاً مخففاً أو خفياً في غالب الأحيان. إنها متسترة بقناع من التقدم يكفي تمزيقه حتى نتحقق من أن سلوكها تحكمه القوى والمعايير نفسها والنظرة إلى الحياة التي تميز الإنسان المقهور... فبينما يتماهى الفلاح بسيده ويشعر بالدونية تجاهه، نرى السيد يتماهى بدوره بالمستعمر أو الرأسمالي الأوربي ويشعر بالدونية نفسها تجاهه) .
وهذا ما صرح به مؤسس علم نفس الجماهير غوستاف لوبون عندما قال: (والبشر الأكثر اختلافاً وتمايزاً من حيث الذكاء لهم غرائز وانفعالات وعواطف متماثلة أحياناً. والرجال الأكثر عظمة وتفوقاً لا يتجاوزون إلا نادراً مستوى الناس العاديين في كل ما يخص مسائل العاطفة: من دين وسياسة وأخلاق وتعاطف وتباغض، إلخ... فمثلاً يمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم رياضيات شهير وصانع أحذيته على المستوى الفكري، ولكن من وجهة نظر المزاج والعقائد الإيمانية فإن الاختلاف معدوم غالباً، أو قل: إنه ضعيف جداً.
وهذه الصفات العامة للطبع، التي يتحكم بها اللاوعي، والتي يمتلكها معظم الأفراد الطبيعيين لعرق ما بنفس الدرجة تقريباً هي بالضبط تلك التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير. فالكفاءات العقلية للبشر، وبالتالي فرادتهم الذاتية تمَّحي وتذوب في الروح الجماعية. وهكذا يذوب المختلف في المؤتلف وتسيطر الصفات اللاواعية) .
لا علاج للنفسية المقهورة إذا تمكنت إلا القوة
يقول د. حجازي حديثه: (ما عدا القمع الخارجي والخوف, تبقى عدوانية الإنسان المقهور دون توازن داخلي من قوة مضادة تكبح جماحها وتلطفها) .
وفي هذا إشارة إلى قانون اجتماعي لا يقبل التغيير، وحكم ثابت لا يقبل النقض، هو أن الشيعة - بنفسيتهم الناقصة المقهورة - لا يفهمون إلا لغة القوة بكل معانيها: قوة الخطاب - إذا كان المقام مقام كلام - وقوة السلاح إذا استدعى الأمر.

(5)
عقدة الاضطهاد
عن أبي عثمان الجاحظ قال‏:‏ أخبرني يحيى بن جعفر قال‏:‏ كان لي جار من أهل فارس وكان بلحية ما رأيت أطول منها قط وكان طول الليل يبكي فأنبهني ذات ليلة بكاؤه ونحيبه وهو يشهق ويضرب على رأسه وصدره ويردد آية من كتاب الله تعالى فلما رأيت ما نزل به قلت لأسمعن هذه الآية التي قتلت هذا وأذهب نومي فتسمعت عليه فإذا الآية: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) ‏‏.‏
تشكل عقدة الاضطهاد عاملاً مكملاً لعقدة الاعتداء، وضرورة من ضرورات وجودها ودوامها؛ إنها كالغذاء الذي لا بد منه لبقائها، وكالوقود اللازم لاستمرارها. فكما أن الاعتداء ضرورة من ضرورات البقاء عند (الفارسي)، فكذلك الادعاء بأن الغير هو المعتدي ضرورة لتبرير ذلك الاعتداء، وإعطائه زخماً من الفاعلية والتجدد. ومن هنا نشأت عند الشيعي عقدة الشعور بالاضطهاد والمظلومية. فهو – على الدوام - محروم.. مظلوم بسبب أو بدون سبب، وقع عليه ظلم أم لم يقع، معتديا كان أم عتدى عليه. كأن الله سبحانه خلقه ليعتدي ويؤذي دون أن يكون للآخرين حق في رد اعتدائه وأذاه! فالاعتداء والأذى واجب من واجباته، وسكوت المعتدى عليه حق من حقوقه! فإن قام بالرد بالمثل جزاءً أو دفاعاً عن النفس فان (الفارسي) لا ينظر إليه إلا بعين واحدة، تلك التي ترى الفعل المرتد، دون الفعل المسبب له.
الشعور بالظلم والحرمان حالة يربى عليها الشيعي قصداً منذ ولادته، ويكبر، فتكبر معه. ولهم في تغذية أبنائهم بهذا الشعور أساليب شتى! ولشدة انطباع النفسية الشيعية بهذا الشعور انعكست هذه النفسية عند الشيعة بطريقة لا شعورية على (أئمتهم)، فراحوا يتخيلونهم ويرسمون لهم في مخيلتهم صورة هي مثال المحرومية والاضطهاد والمعاناة منذ أن خلقهم الله تعالى حتى توفاهم. يروي (الصدوق) – وهو الكذوب – عن أمير المؤمنين ع قال: (ما زلت مظلوماً منذ ولدتني أمي. حتى إن كان عقيل ليصيبه رمد فيقول: لا تذروني حتى تذروا علياً، فيذروني وما بي من رمد) .
والحقيقة أن هذه النفسية الشيعية المفعمة بالشعور بالظلم والاضطهاد إلى حد الاختناق،
أسقطت - بتلك الطريقة اللاشعورية المسماة في علم النفس بطريقة (التماهي الإسقاطي Projective identification) – على (الإمام) فصار كما تخيلوه، أو كما ينبغي أن يكون عليه طبقاً لما توحي به تلك النفسية.
كان الشيعة يشكلون أكثر من (65 %) من منتسبي حزب البعث الحاكم في العراق،
والنسبة نفسها في جهاز المخابرات وجهاز الأمن. وهي أقوى الأجهزة التي كان يقوم عليها وجود النظام السابق. ومن المفارقات الطريفة أن (36) شخصاً من قائمة المطلوبين للأمريكان من مسؤولي الحكومة السابقة كانوا من الشيعة. علماً أن العدد الكلي للمطلوبين في القائمة هو (55)! من ضمنهم رئيس الدولة وولداه وأقاربه. أي إن عدد العرب السنة في القائمة – إذا استثنينا طارق عزيز المسيحي، وطه رمضان الكردي، ولربما فاتني آخرون ليسوا من السنة – يساوي (17) فقط من مجموع (55)! وإذا حذفنا الرئيس وأقاربه – ولديه وإخوته الثلاثة وابن عمه، لتكون المقارنة عادلة، حين تكون بين الأشخاص من غير العائلة الحاكمة – فإن عدد أهل السنة سينخفض إلى حوالي (10) فقط !! أي أقل من ثلث عدد الشيعة!!! ومع هذا يدّعي الشيعة أنهم كانوا محرومين من المشاركة السياسية العادلة، وأن النظام السابق كان طائفياً يميز بين أهل السنة والشيعة، فيؤثر أولئك بالمناصب والمزايا، ويختص هؤلاء بالتهميش والاضطهاد. وما ذاك إلا بسبب ترسخ هذه العقدة في نفوسهم إلى حد الخروج إلى عالم الوهم ودائرة الهذيان!
ومما يشير بصراحة إلى رسوخ هذه العقدة في النفسية الشيعية، ما صرح به وزير
المحافظات في حكومة الجعفري وائل عبد اللطيف حين قال: (ونحن في قمة السلطة نشعر بالمظلومية)!
هذاء الاضطهاد
وحين يترسخ هذا المرض يصل إلى حد (الهُذاء) ، والتوهم المرضي أن جهة مـا
معينة تضطهده، وتتهدده، وتعتدي عليه. بينما قد يكون العكس هو الواقع. خصوصاً في دائرة الأفكار والمشاعر. لكن المريض يقوم باستعمال حيلة (الإسقاط) ليعكس الأمر. وهو ما يطلق عليه علمياً اسم (البارانويا paranoia). يقول عنه سيجموند فرويد: (إنه مرض عقلي يتميز بوجود نسق منظم من الأفكار الهاذية، وسلسلة منطقية من النتائج المستنبطة من مقدمة خاطئة خطأً مطلقاً، يؤمن بها المريض إيماناً مطلقاً لا يمكن زعزعته أو تعديله أو التشكيك فيه. ومن حيث المضمون نجد أن فكرة الاضطهاد والريبة من نوايا الغير وأفعالهم تقوم بدور رئيس في هذا المرض. أما من حيث الشكل فإن المريض يستخدم عملية "الإسقاط" استخداماً متصلاً فينسب إلى الغير أفكاره ومشاعره، ولا يفتأ يؤَوِّل حركات الآخرين وسكناتهم بما يتفق واعتقاده المرضي بحيث يتحول الصراع الداخلي – في النهاية - إلى صراع خارجي بين المريض والآخرين منقطع الصلة - بالنسبة للخبرة الشعورية - بأصله الذاتي) .
الحقيقة – كما يقول المختصون – أن المصابين بهذا الوهم أو المرض، هم دوماً في حالة دفاع مرضي عن النفس، يتوهمون أنهم في حالة حصار من قبل أعداء لا عدّ لهم ولا حصر. كما يقول المختصون: أن خطر المصابين بالشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية هو الانتحار، أمّا خطر المصابين بالبارانويا فهو القتل. إن المجتمع الشيعي مصاب بالبارانويا؛ وهذه من العقد الكبرى في طريق الحل أو العلاج.
ومن هنا – ولأسباب أخرى – أفضل أنا استعمال كلمة (مواجهة) بدلاً من كلمة (حل) أو (علاج).
يجلبون المآسي على أنفسهم
والشيعة في ذلك كاليهود، يجلبون على أنفسهم المآسي بسبب سوء أعمالهم، لكن مرض
البارانويا يمنعهم من مراجعة أساليبهم الخاطئة بصورة موضوعية. فلا يملكون إلا الإصرار على الموقف؛ فينتهي الأمر بذبحهم. إن تكرار المذابح اليهودية عبر التاريخ لم يكن من قبيل الصدفة. وهو السبب نفسه الذي يجلب المآسي إلى الشيعة، ويوقعهم في مآزق التناحر مع السلطة، أو مع مواطنيهم. وهو السبب الخفي لما يحدث اليوم في العراق من مآسي وتصفيات متبادلة.
الطقوس والشعائر الشيعية
إن عقدة الاضطهاد وراء الشعائر والطقوس التي عزلت المتشيع فارسياً عن محيطه ومجتمعه، في شعوره وسلوكه وولائه وانتمائه. بل جعلته آلة تخريب بيد الأجنبي العجمي الذي يلوح له بأنه مضطهد مظلوم وانه يسعى لإنقاذه، ويبادله الشعور بالظلم والاضطهاد إلى حد النواح والبكاء ولطم الصدور والخدود، وشق الثياب السود، حزنا وأسى.

وهي التي تجعله يتلذذ بمجالس النياحة وحلقات اللطم والبكاء تحت ذريعة مظلمة (أهل البيت) دون ملل مهما تكرر الحديث أو كان أسطوريا أو خارجا عن الذوق أو منطق العقل والشرع والتاريخ! بل يتفاعل معه إلى حد البكاء والعويل بل لطم الخدود والصدور و(تطبير) الرؤوس وجلد الظهور بالسياط و(الزناجيل) وأذى الجسد بأنواع الأذى إلى حد فقدان الوعي أو الموت!

فثاوي السيستاني في تشريع اللطميات وأنها من شعائر الله!!!
وهو تعبير وتنفيس عن عقدة أخرى هي عقدة الذنب، تلك العقدة التي تكونت وتراكمت بسبب الجرائم والاعتداءات والآثام التي يرتكبونها بحق غيرهم وحق أنفسهم، وبسبب خذلانهم المتكرر للخارجين من أهل البيت العلوي على مر التاريخ.
إن الحديث عن الحسين و(مقتله)، و(مصيبة أهل البيت) ما هو في حقيقته إلا حديث
عن النفس ومصائبها. إنه (مظلوم) كما (ظلم الحسين)، و(مضطهد) كما (اضطهد). ويتحول الحسين إلى رمز لـ(المظلومين) و( المضطهدين). فمهما حاولت أن تستثير عقلة ليفكر تفكيراً منطقياً فيقتنع بأن الحسين t لم يضطهده أحد. بل عاش عيشة الأمراء، ومات ميتة الكرماء. أما أنه قتل، فقد قتل في ميدان معركة سعى إليها بقدمه، كما قتل ويقتل الملايين. ومنهم من هو أشنع قِتلة واكثر عذابا وألما. أقول: مهما حاولت فربما لا تفلح معه لأن نداء عاطفته المعقدة أقوى من منبهات عقله المخدر المقيد بقيود لن يستطيع معها أن يكتشف حتى الموت أن (المقتل) أسطورة أصلها صفحة واحدة كثّرها المتاجرون حتى صارت رواية تقرأ! و.. مسرحية تمثل!
أسطورة اضطهاد (الأئمة)
وبسبب هذه العقدة يعتقد الرافضي أن (أئمته) جميعا عاشوا مضطهدين، وماتوا جميعا ميتة ليست طبيعية ما بين مسموم ومقتول ومخنوق وهارب من وجه العدالة مختف في
الكهوف والسراديب! مع أن الحقيقة الواقعة والمسيرة التاريخية غير ذلك!
لقد عاش علي t حياته وزيرا ومات خليفة وأميراً. وكذلك سيدنا الحسن t . ولطالما ذهب هو وأخوه سيدنا الحسين إلى دمشق معززين مكرمين ورجعا إلى المدينة بالهدايا والهبات. أما ان الحسين قتل فقد قتل – كما قلت - بسبب خروجه على خليفة المسلمين في معركة سعى إليها بنفسه. وتلك نهاية طبيعية لكل خارج لم يُعِدَّ للأمر عدته. وكل سلطان لا يرضى من أحد منازعته مهما كانت منزلته. وليس في ذلك اضطهاد، فما كل قتيل مضطهد.
وأما السبي فأسطورة مختلقة. وليس بين المسلمين سبي، إنما ذلك للكافرين.
وعاش علي بن الحسين في المدينة بحرية تامة، وكان أحد فقهائها الذين يتحلق حولهم طلبة العلم دون تضييق. وكذلك كان ابنه محمد وحفيده جعفر الذي لقبه الخليفة أبو جعفر المنصور بـ(الصادق) حين وشي به إليه فاستقدمه فأنكر فقال له: أنت (الصادق) وهم الكاذبون. ثم أكرمه ورده معززا مكرما.
وما يحصل من المتابعة والمساءلة والاستقدام فأمر طبيعي لا ينكر وقوعه؛ لأنه يحصل بأسباب موضوعية ليست خاصة ولا مقصودة. إذ الزمان زمان فتنة وخروج متكرر بسبب العجم الذين يبحثون لهم عن رموز علوية أو هاشمية للتمرد والثورة وكثيراً ما يفلحون في استزلال هذه الرموز كما حصل مع زيد بن علي وابنه يحيى وعبد الله بن الحسن وأبنائه الأربعة. وغيرهم كثير. ومن الطبيعي أن يثير هذا توجساً دائمياً لدى الخليفة لا سيما من الرموز العلوية التي كثر الخروج من أوساطها.
ويحدث أحيانا أن يرسل إلى من تحوم حوله الشبهة منهم وتكتب عنه التقارير ليحقق معه ثم يفرج عنه بعد أن تثبت براءته، أو يأخذ العهد عليه بعدم الخروج وإثارة الفتنة. وقد تكون التقارير مزورة أو مضخمة أو صحيحة. كما حصل لموسى بن جعفر وقد كاد له البرامكة منذ زمن المهدي والد الرشيد فلم يفلحوا، واكثروا من الوشاية به حتى إنهم استطاعوا أن يستعملوا ابن أخيه محمد بن إسماعيل – حسب رواية الأصفهاني - في التجسس عليه فكتب عنه تقريراً مفصلاً مفاده أن لموسى اتباعا يكاتبهم ويكاتبونه ويجبون إليه الأموال من الآفاق فاعتقله الرشيد تحوطا وأوصى به إلى الفضل بن يحيى البرمكي وأوصاه بالإحسان إليه لكنه استغل غياب الرشيد وسفره إلى
الشام فدس إليه الفارسي السندي بن شاهك فاغتاله( ).
وليس في الأمر - كما ترى - اضطهاد. وما حدث لموسى يحدث لغيره كثيراً. هذا هو الاستثناء الوحيد وهذه ملابساته! وأما البقية فلم يحدث لهم ما يسوءهم ، أو ينغص عليهم رغد عيشهم. لقد كان علي بن موسى – كما يحدثنا التاريخ - وأحفاده من بعده على وفاق تام مع البيت العباسي الحاكم. فلقد اسند إليه المأمون ولاية العهد، وزوجه ابنته، وعاش معه عيشه الوزراء حتى مات بقدر الله على فراشه فقال المعقدون: مات مسموما بيد المأمون!
وتزوج ابنه محمد ابنة المأمون الأخرى؛ فهو صهر الخليفة ! هل هناك أنعم وأهدأ بالاً من صهر الخليفة؟! فأين هو الاضطهاد ! قوم يعيشون في قصور الخلفاء وينكحون بناتهم ويتقلبون في نعمتهم ظهرا لبطن، وبطناً لظهر قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم!
اللهم نسألك (اضطهاداً) كهذا (الاضطهاد)!
واستمرت العلاقة حسنة بين البيتين حتى مات الحسن العسكري الذي عاش في سامراء مترفا تحوطه الجواري، وتطوف عليه السراري وتجبى إليه الأموال في أحسن حال وأنعم بال وأوفر نوال. ولما كان الحسن عقيما فلم يخلف عقبا وورثه أمه وأخوه اخترع له المعقدون ولداً وللولد اسماً وقصة! تقول العصفورة: إن (محمد) بن الحسن الطفل الصغير اختفى في سرداب في سامراء خوفا على نفسه من الخليفة! ولا بد لك من أن تصدق أن الخليفة قد خاف طفلا؛ فهو يسعى في طلبه وقتله. بينما هو يترك أباه الرجل القوي الغني الرمز يسرح ويمرح لم يتعرض له بسوء قط! وإلا فإنك من (أعداء أهل البيت وظالميهم).
مقارنة مع الأئمة الأربعة
لو أجرينا مقارنة سريعة بين (الأئمة الأحد عشر) ، والأئمة الأربعة لوجدنا الفارق
كبيرا بينهما من حيث التعرض للأذى والمضايقات، أو ما يمكن أن يطلق عليه اسم (الاضطهاد).
لقد تعرض الأئمة الأربعة لمضايقات كثيرة وحبس بعضهم وضرب واختفى وضربت عليه الإقامة الجبرية. كل ذلك لأسباب موضوعية لا علاقة لها كثيراً بالاضطهاد: فالإمام أبو حنيفة حبس مرات حتى قيل: إنه مات في الحبس! والإمام مالك ضرب حتى قيل: سقطت أو خلعت يداه! والإمام الشافعي جيء به مكبلاً من اليمن إلى بغداد. وأما الإمام ابن حنبل فمحنته أشهر من أن تذكر! ولقد ضيق عليه وحرم من الاتصال بالناس قرابة ثلاثين عاماً! هذا عدا ما تعرض له غير الأئمة الأربعة من حيف واضطهاد. كالإمام البخاري. والتفتازاني. وشيخ الإسلام ابن تيمية الذي طورد وشرد ونفي وأوذي وسجن مرات حتى مات أخيراً في السجن! ناهيك عن المتأخرين منهم كسيد قطب وغيره من قوافل المعتقلين وشهداء الدعوة الإسلامية وأبطالها الذين عذبوا وأُذوا في سبيل الله وقتلوا وهم على ذلك.
فإذا كان الرافضة و(أئمتهم) مضطهدين، فماذا نقول نحن؟!
لا نقول شيئاً! لأننا – ولله الحمد - رزقنا السلامة من أمراض الفرس وعقدهم.
الشيعي كاليهودي مخرب أينما حل
إن هذه العقدة وراء الشخصية العدائية والتخريبية أو الانتقامية لدى الشيعي. فهو يسرق ويؤذي ويخرج على القانون إلى حد القتل والاغتيال والتفجير. فإذا عوقب طبقا إلى القانون ضج بالعويل والصراخ: أنا مظلوم أنا مضطهد! ومهما خرب وآذى واعتدى فهو بذلك ينتقم لنفسه (المضطهدة) ويسترد بعض حقها المسلوب حتى صار الخروج على القانون حقا من حقوق الشعوبي أو الرافضي.
يدعم هذا ويسنده نفسيته المعقدة المريضة والمصابة بعقد أخرى مثل عقدة (السيد). فالسيد لا يشعر بظلمه أو اعتدائه على عبده لأنه مُلك له يفعل به ما يشاء. لهذا فمهما أحسنت الدولة أو الآخرون إليهم فلن يعتبروه إحسانا، وإنما واجبا يؤدى تجاههم بلا جزاء ولا شكور.
وللأسباب نفسها يسبون رموزنا وصحابة نبينا r ويبغضونهم ثم يرمون بالتهمة علينا يقولون: إنكم تبغضون علياً وذريته! في الوقت الذي يشرّحون فيه أئمتنا وعلماءنا تشريحا منكراً دون أن يحسوا بأنهم يسيئون إلينا بذلك! وفي المقابل يتحسسون تحسساً شديداً من الإشارة إلى أن علياً – مثلاً - أخطأ في كذا، وإن شفع القائل قوله بعبارة (رضي الله عنه) أو (كرم الله وجهه) أو حتى (عليه السلام). إن هذه اللواحق لن تحسب لقائلها ولا تصلح دليلاً على صدقه في حبه لعلي لأن عقدة الشك تصور مبعثها بصورة الملق والنقاق. وعقدة الاستعلاء والسيد تجعلها واجباً لا شكر عليه. وعقدة الاضطهاد والكراهية وبقية العقد ستمسح كل أثر لها ثم تكر على تلك الكلمة (أخطأ علي) فتضخمها لتجعل منها كفرا وجحودا وحقدا واضطهاداً لأهل البيت يجب أن يواجه بما يناسبه بل يزيد عليه من الاعتداء والانتقام!
كان أحد هؤلاء المعقدين يتحدثون في مجلس عن كرامات جـذع نخلة في الحلة ،
وكيف أن الشفلات وآلات القطع والقلع عجزت عن اجتثاثه أو قطعه فتركوه على حاله وحولوا الطريق إلى جانبه! فقال له صديق لي: أجرة الشفل واللوري عليَّ والدلالة عليك وأنا أتعهد لك بقلعه من جذوره ومن هذه اللحظة! يقول صديقي: فالتفت إلي مبهوتا ثم دقق النظر محدقاً في وجهي.. وبعد برهة قال باشمئزاز: إلا تخبروني ما هو سر عداوتكم لأهل البيت؟!!

ملحق في المشاركة الشيعية في الأجهزة الرسمية لدولة البعث
تحت عنوان ( الدور الشيعي في حكومة حزب البعث) كتب محمد البغدادي على موقع "الرابطة العراقية" بتاريخ 25 – 3 - 2005 ما يلي:
• اول وزير دفاع شيعي في العراق تم في زمن البعث هو الفريق أول الركن سعدي طعمة الجبوري.
• تعيين أول رئيس اركان للجيش العراقي من الشيعة تم في زمن البعث هو الفريق الركن عبد الواحد شنان آل رباط.
• أطول مدة قضاها في المنصب كوزير خارجية للعراق كان من الشيعة، وقد تم ذلك في زمن البعث وهو الدكتور سعدون حمادي، ثم تولى الوزارة طيلة التسعينات محمد سعيد الصحاف، وهو شيعي ايضا.
• أطول مدة قضاها في المنصب كوزير نفط في زمن البعث في العراق كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي.
• أول مرة في تاريخ العراق يستحود الشيعة على منصب وزير النفط ويتناوبون عليه وكان ذلك في زمن البعث والوزراء هم الدكتور سعدون حمادي و قاسم احمد تقي وعصام الجلبي (ابن عم احمد الجلبي)، وبذلك يعتبر الوزراء الشيعة هم اكثر من شغل هذا المنصب في تاريخ العراق وفي زمن البعث وليس غيره.
• أكثر فترة تولى فيها الشيعة منصب محافظ البنك المركزي العراقي كان ذلك في زمن البعث وهم الدكتور عبد الحسن زلزلة وطارق التكمه جي وهذا ما لم يحصل في اي عهد سابق.
• لاول مرة في تاريخ دولة العراق يتولى فيها شخص شيعي منصب مدير الامن العامة وهي في زمن البعث وكان ذلك الشخص هو ناظم كزار وكان معاونه هو علي رضا باوة (شيعي فيلي).
• المسؤول الاول عن التحقيقات الجنائية للمنتمين الى حزب الدعوة كان من الشيعة وهو عقيد الامن علي الخاقاني، وهو من اهالي النجف.
• تولى رئاسة محمكة الثورة التي اختصت بالنظر في قضايا التآمر، شيعيان هما هادي علي وتوت ومسلم الجبوري.
• لاول مرة في تاريخ العراق تناوب اثنان من الشيعة على رئاسة الوزارة وذلك في زمن البعث هما الدكتور سعدون حمادي ومحمد حمزة الزبيدي.
• أطول فترة قضاها رئيسا للمجلس الوطني العراقي كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي.
• شركة النفط الوطنية المسؤولة عن انتاج وتصدير النفط العراقي ترأسها اربعة من الشيعة ولاطول مدة وهم عبدالامير الانباري وفاضل الجلبي (ابن عم احمد الجلبي) ورمزي سلمان.
• أكثر من 60 بالمائة من المدراء العامين في هيئة التصنيع العسكري كانوا من الشيعة واكثر من سبعين في المائة من الكادر الهندسي والفني المتقدم فيها هم من الشيعة.
• معظم خبراء وعلماء منظمة الطاقة الذرية كانوا من الشيعة من بينهم جعفر ضياء جعفر وحسين اسماعيل البهادلي وحسين الشهرستاني.
• نائب رئيس هيئة التصنيع العسكري للشؤون الفنية هو الدكتور نزار القصير وهو اهم شخص في هذه الهيئة كونه المسؤول عن كل مشاريع تطويرالانتاج فيها، وكان من الشيعة أيضاً.
• أكثر من ستين بالمائة من المدراء العاميين في الدولة العراقية وكوادرها الفنية والتقنية والعلمية الذين يشغلون المناصب والمسؤوليات المتقدمة فيها هم من الشيعة.
• أطول فترة قضى فيها شخص عراقي في منصب مدير عام في الدولة العراقية منذ تأسيها وحتى الغزو كان من الشيعة هو مدحت الهاشمي مدير عام الشركة العامة للسيارت.
• جميع المدراء العاميين لدوائر التربية في المحافظات العراقية في وسط وجنوب العراق كانوا من الشيعة طيلة فترة حكم البعث.
• إن اكثر من ستين بالمائة من البعثيين هم من الشيعة وكان الكادر الوسطي في البعث يتألف من اكثر من سبعين بالمائة من الشيعة وهم اساس بنية الحزب التنظيمية والتكوينة وهم من تولى العمل الجماهيري والتتنظيمي فيه.
• إبان الحرب العراقية الايرانية ، كان قائد صنف المدفعية هو اللواء الركن حامد
الورد ـ شيعي ، وقائد صنف الدروع هو اللواء الركن صبيح عمران الطرفة ـ شيعي، وامين السر العام لوزارة الدفاع (اي الشخص الثاني بعد وزير الدفاع) هو اللواء الركن سعد المالكي، شيعي، ثم لاحقا اللواء الركن جياد الامارة ـ شيعي، وقائد الفيلق الثالث هو الفريق الركن سعدي طعمة الجبوري، شيعي، ومدير دائرة التوجية السياسي عبد الجبار محسن اللامي، شيعي، ناهيك عن عدد كبير من قادة الفيالق وامراء الالوية وكبار ضبط الجيش والمستشارين العسكريين هم من الشيعة.
• المندوبون الدائميون للعراق في الامم المتحدة خلال حكم البعث كان عددهم عشرة اشخاص توالوا على هذا المنصب منهم اربعة شيعة هم:
1. طالب شبيب
2. عبدالامير الانباري وقد امضى اطول مدة في المنصب وتولاه مرتين
3. محمد صادق المشاط
4. سعيد الموسوي
كما تولى المنصب شخص واحد كردي هو عصمت كتاني، وكذلك شخص واحد فيلي هو عبد الكريم الشيخلي. اما السنه الذين تولوا هذا المنصب فهم:
1. عدنان الباجه جي
2. صلاح عمر العلي
3. نزار حمدون
4. محمد الدوري
• مندوبو العراق في اليونسكو هما اثنان من الشيعة:
1. عزيز الحاج شيعي فيلي
2. عبدلامير الانباري شيعي
• آخررئيس تحرير لجريدة الثورة الناطقة بحزب البعث هو سامي مهدي ، شيعي من تبعية ايرانية.
• المستشار الاعلامي لصدام حسين، شيعي وهو عبد الجبار محسن.
• مستشار صدام للشؤون الحزبية شيعي وهو محسن راضي سلمان.
• مرافق صدام طيلة فترة السبعينات والثمانينيات وحتى بداية التسعينيات هو صباح
مرزة محمود وهو كردي فيلي وشيعي.
• غالبية المطربين والملحنين وشعراء الاغنية الذين تغنوا للبعث وبحب صدام في زمن البعث كانوا من الشيعة.
• غالبية الشعراء الشعبيين الذين كتبوا قصائدا للبعث ولصدام في زمن البعث كانوا من الشيعة.
ومن البعثيين الذين تعاونوا مع اجهزة المخابرات الاميركية في الحرب على العراق ما يلي:
• اياد علاوي، شيعي ـ عضو شعبة
• طاهر البكاء، شيعي ـ عضو شعبة
• راسم العوادي، شيعي ـ عضو فرع
• حازم الشعلان، شيعي ـ عضو قاعدة
• داود البصري، شيعي، يكتب في الصحافة، كان نصير متقدم في منظمة السفارة العراقية في الكويت.
• زهير كاظم عبود، شيعي ـ عضو فرقة• منذر الفضل، شيعي ـ عضو فرقة
• العميد سعد العبيدي، شيعي ـ عضو شعبة
• العميد توفيق الياسري، شيعي ـ عضو شعبة
• فالح حسون الدراجي، شيعي ـ مؤلف اغاني ، عضو عامل
• هاشم العقابي، شاعر، شيعي ـ عضو عامل في تنظيمات فرع صدام
• حسن العلوي، صحفي، شيعي ـ عضو فرقة (قلت: كان العلوي السكرتير الصحفي المرافق لصدام حسين، ومدير تحرير مجلة "ألف باء" الرسمية. وقد صرح في يوم 10/9/2006 من خلال قناة "الحرة ـ العراق" فقال: (المحيطون بصدام من الصحفيين كلهم شيعة. لم يكن صدام يفكر بمسألة سنة وشيعة).
• أمير الحلو صحفي ومدير عام في وزارة الاعلام ، عضو فرقة (فرقة المثنى ـ منطقة زيونة في بغداد)
• عبد الكريم المحمداوي، رئيس عرفاء هارب من الخدمة في الجيش العراقي، شيعي، نصير متقدم في تنظيمات شعبة الرافدين العسكرية فرع ذي قار العسكري.
وعلى الموقع نفسه - وبتأريخ 7/1/2007 - أضاف الكاتب نفسه أن كبار رجال
الدين الشيعة في بغداد وكربلاء والنجف والبصرة – ومن بينهم السيستاني، ومحمد صادق الصدر - وسدنة مراقد علي والحسين والعباس والكاظم، كانوا يمنحون – أسوة بالوزراء والمدراء العامين وكبار المسؤولين في الدولة – سيارات شخصية راقية من الدولة، وذلك كل سنتين. كما كانوا يستلمون المخصصات المالية الخاصة نفسها التي تمنح للمسؤولين لتعزيز قدراتهم على الإنفاق. ويقول: سأبقى شاهداً ما حييت على إصدار أوامر منح سيارات المرسيدس من السرية النقلية للقصر الجمهوري للكثير منهم.
كما ذكر بعضاً من أعضاء القيادة القطرية الشيعة – ولم يذكر الكل – وهم:
• جعفر قاسم حمود
• عدنان حسين الحمداني
• نعيم حداد
• حمد حمزة الزبيدي
• حسن علي العامري
• سعدون شاكر
• عزيز صالح النومان
• مزبان خضر هادي... وآخرون.
ومع كل هذا يتباكى الشيعة، ويولولون مرددين: (مظلومين.. مضطهدين..)!! ولك أن تقارن هذا الانسياح الكبير في أجهزة الدولة السابقة، مع ما فعلوه بأهل السنة من تهميش وإقصاء، وإخلاء لهم من جميع دوائر الدولة، ومرافقها الحيوية. وبكل الأساليب الممكنة: القانونية وغير القانونية!







 
قديم 07-11-11, 11:57 PM   رقم المشاركة : 13
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


(6)
عقدة التخريب
جرت العادة، عندما يموت الملك في فارس في العصور القديمة، أن يترك الناس خمسة أيام بغير ملك، وبغير قانون، بحيث تعم الفوضى والاضطراب جميع أنحاء البلاد. وكان الهدف من وراء ذلك هو أنه بنهاية هذه الأيام الخمسة، وبعد أن يصل السلب والنهب والاغتصاب إلى أقصى مدى، فإن من يبقى منهم على قيد الحياة، بعد هذه الفوضى الطاحنة، سوف يكون لديهم ولاء حقيقي وصادق للملك الجديد؛ إذ تكون التجربة قد علمتهم مدى رعب الحالة التي يكون عليها المجتمع إذا غابت السلطة السياسية .
ولقد أتقن القوم التجربة بكل أبعادها، ومنها السلب والنهب والاغتصاب والحرق والتخريب والتدمير. في يوم سقوط بغداد كنت في بعقوبة، ورأيت بعيني فلول الشيعة – وأغلبهم من مدينة الثورة كانوا نازحين إلى هناك بسبب القصف على بغداد – كيف عاثوا في المدينة وممتلكاتها، ورأيت كيف أن الحالة قد انتهت بعد ما يقرب من ساعتين فقط، بفضل عشائر أهل السنة الذين نزلوا إلى الشوارع بأسلحتهم، وصاروا يطاردون أولئك السفهاء، ويستخلصون منهم ما نهبوه ليعيدوه إلى مكانه. وقد امتلأت المساجد بالمسروقات التي استعيدت عنوة من المفسدين. وأما ما حصل في بغداد وغيرها من المدن فشيء يفوق الوصف. وغالب ما حصل كان بأيدي الشيعة الذين كانوا متهيئين للأمر سلفاً نفسياً ودينياً!
التخريب دين
إن تخريب الممتلكات العامة، وسرقة أموال الدولة سلوك شيعي شائع، تسنده الفتوى الدينية المشرعنة - كما هو ثابت في كتب الفقه الشيعي - التي تربي فيهم - في نهاية الشوط - قابلية الخيانة والخيانة العظمى. وهي إحدى الخصال التي يلتقون فيها مع اليهود. والملاحظ في الجنوب – مقارنة بغيرها – كثرة أسماء أعداء الأمة بينهم من المحتلين والغزاة المعتدين: لجمن، كوكس، بهمن، رستم... إلخ!
قبل سنوات كنت في زيارة لقائممقام قضاء المحمودية، فقال بمرارة وهو يشكو من تفلت الكادر الوظيفي وضعف أدائه، وميله إلى المعاكسة والتخريب: كيف أستطيع أن أُصلح وأبني إذا كان العاملون معي يتقربون إلى الله بالتخريب؟! وفي السنة الأولى لمجيء الخميني كنت أسمع من إذاعة طهران توجيهات علنية إلى جماهير الشيعة في العراق ترشدهم إلى ممارسة تخريب الممتلكات العامة بغية إنهاك الحكومة. يقولون لهم: لقد كان هذا ديدننا على عهد الشاه، فقد كنا نعلم أطفالنا ذلك حتى صار جزءاً من تساليهم ولعبهم، ينادي أحدهم على الآخر: هيا بنا نلعب لعبة التخريب! ولمن يصعب عليه تصديق مثل هذا الاتهام أسوق هذه الفتاوى:
يقول الخوئي: يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد، والأحوط وجوباً وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة .
علماً أن لفظ الناصب تعبير مخفف يكنون به عن السني، الذي يحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وإن أحب علياً رضي الله عنه معهما .
ويقول الشيخ يوسف البحراني تحت عنوان : حل دم الناصب وماله : أعلم أنه قد
استفاضت الأخبار عنهم - سلام الله عليهم - بحل دماء أولئك المخالفين وحل أموالهم..
فروى الشيخ (أي الطوسي) في الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال: خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس (تهذيب الأحكام 4: 122). وهي نص فتوى الخوئي الآنفة الذكر.
وروى الصدوق في كتاب العلل الصحيح عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله (ع): ما تقول في قتل الناصب؟ قال: حلال الدم .
وإذا سألت: لماذا يفتي الفقيه الشيعي الفارسي بمثل هذه الفتاوى الفاجرة؟! فلعل في
التحليل الآتي جواباً على هذا السؤال، وعلى السر الذي يجعل الشيعي خارجاً دائمياً على القانون، ومخرباً أينما حل:
عدوانية موجهة إلى الخارج
يقول د. حجازي في معرض كلامه عن (العدوانية الموجهة إلى الخارج) وكيف تأخذ صوراً شتى منها الخفية، كالكسل أو التكاسل الذي يمسي ظاهرة في المجتمع المقهور لأسباب متعددة منها الانتقام الخفي من رب العمل المتسلط : (بالإضافة إلى الكسل هناك عدوانية أكثر صراحة من حيث توجهها ضد المتسلط , وهي ظاهرة تخريب الممتلكات العامة التي تلاحظ في ظروف الفوران في المجتمع, يُقبل المواطنون (خصوصاً الشبان منهم) على تخريب وإتلاف التجهيزات العامة في الطرق (كسر إشارات الضوء, اقتلاع شجيرات الزينة, اقتلاع الحواجز على الأرصفة الخ ...) مع أن الفائدة المباشرة منها تعود عليهم قبل غيرهم. إنهم في عملهم هذا يهاجمون رموز المتسلط ؛ لإحساسهم بأن ما هو عام ليس ملكهم. والواقع أن الإنسان المقهور في المجتمع المتخلف يحس بالغربة في بلده, يحس بأنه لا يملك شيئاً, حتى المرافق العامة يحس أنها ملك للسلطة, وليست مسألة تسهيلات حياتية له هو. ذلك أن الهوة كبيرة جداً بينه وبينها، وأن ما يستحقه من خدمات وتقديمات, تقدم له (إذا قدمت) كمنة أو فضل. لا كواجب مستحق له. عندما يخرب المرافق العامة فهو, أولاً وقبل كل شيء, يعبر عن عدوانيته جاه المتسلط . يبدو هذا الأمر جلياً حين يرزح المجتمع تحت وطأة تسلط أجنبي استعماري. ويقرب من ذلك الميل إلى إتلاف الملكية الخاصة بشكل خفي, كتعبير عن الحقد الذي يصاحب الإحباط في هذا السلوك انتقام من ذوي الحظوة المقربين من المتسلط عموماً) .

(7)
عقدة التعصب ( (Prejudice
من علماء الشيعة الذين ينظر إليهم كمصلحين داخل المذهب الشيعي، بعيداً عن التعصب والطائفية اللبناني محمد حسين فضل الله. تأمّل هذه الواقعة عن هذا الرجل الموصوف بالتسامح، وأنه يسعى في سبيل الجمع بين أهل السنة والشيعة، والذي صّدق كثير من أهل السنة مثل هذه الأساطير عن هذا الرجل وأمثاله:
كتب أحد المشايخ الشيعة هو "طالب السنجري" كتاباً أسماه (التشيع كما أفهمه)، أكد فيه أن الرجوع إلى الخليفة عمر بن الخطاب كما الرجوع إلى الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنهما؛ لكون الاثنين يستقيان علمهما من منبع واحد، وهو القرآن والسنة. فكانت هذه الكلمة كفيلة لكي يقوم المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله بطرده من حوزته الكائنة في منطقة السيدة زينب في سوريا، حيث كان الشيخ طالب السنجري أستاذًا للفقه فيها. وقد حورب السنجري على رأيه هذا وحوصر من جميع الجهات، الأمر الذي دفعه للقيام بفتح محل لبيع الأحذية، بعد أن أغلقت جميع الحوزات الشيعية أبوابها في وجهه، وقطعت جميع مكاتب المرجعيات الشيعية رواتبها التي كانت تقدمها لطلبة وأساتذة الحوزات عنه. وهو اليوم يعمل الآن إمامًا لأحد المراكز الإسلامية في مدينة فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية .
يقول د. حامد عبد السلام زهران: (التعصب هو اتجاه نفسي جامد مشحون انفعالياً،
أو عقيدة أو حكم مسبق مع أو ضد جماعة أو شيء أو موضوع، ولا يقوم على سند منطقي أو معرفة كافية أو حقيقة علمية، بل ربما يستند إلى أساطير وخرافات.. وهو يجعل الإنسان يرى ما يحب أن يراه فقط ، ولا يرى ما لا يحب أن يراه؛ فهو يعمى ويصم ويشوه إدراك الواقع، ويعد الفرد أو الجماعة للشعور والتفكير والإدراك والسلوك بطرق تتفق مع اتجاه التعصب.
سمات المتعصب
وقد وجد أن الشخص المتعصب يفضل استخدام العقاب الجسمي، والانضمام إلى الأحزاب المتطرفة الأقرب إلى الفاشية، ويميل إلى صلابة الرأي والمحافظة والتسلطية، ويتصف بجمود الفكر وجمود الاتجاهات وعدم المرونة، ويهتم بالمكانة الاجتماعية والقوة، ويتأثر بسهولة بأصحاب مراكز السلطة، ويميل إلى العدوان والقلق، إلا أنه قد يكبته، ويظهر مؤدباً هادئاً، ويسقط عدوانه وقلقه على الجماعات التي يتعصب ضدها.
الدوافع النفسية للتعصب
يرى علماء التحليل النفسي أن التعصب يؤدي وظيفة نفسية خاصة تتلخص في التنفيس عما يعتلج في النفس من توتر وكراهية وعدوان مكبوت، وذلك عن طريق عمليتي الإزاحة والإبدال دفاعاً عن الذات وعمن تحبه..
وقد يكون التعصب عبارة عن إسقاط نقائص الفرد ومشاعر الذنب لديه على الآخرين الذين يعتبرون ((كبش فداء)) أو ((ضحايا)). ومن ثم يعتبر التعصب إحدى حيل الدفاع. وتقول نظرية ((كبش الفداء)): إن الإحباط يسبب العدوان، ويكون هناك محاولة لكف العدوان ضد المصدر الحقيقي للإحباط، وقد يغيب أو لا يعرف مصدر الإحباط. وهذا يسبب إزاحة العدوان على جماعة أخرى..
ويؤكد البعض أن التعصب معناه حب الذات أو عشق الذات أو النرجسية..
ويقول البعض: إن الفرد يكتسب التعصب من مجتمعه من باب الموافقة أو المطابقة
أو المسايرة. ويعتبر بمثابة ((تذكرة دخول اجتماعي)) تساعد الفرد على التفاعل الاجتماعي ومسايرة النمط الثقافي السائد في مجتمعه.
ويرى كريتش وكروتشفيلد (1948) أن التعصب لا يوجد في الغالب إلا بين الشخصيات التي تعاني من السادية ومشاعر العدوان والإحباط والهُذاء (البارانويا).
وأوضحت بحوث فرينكل – برونزويك (1949) أن التفكير الجامد النمطي يسهل نمو التعصب. فقد وجدت أن الأفراد الذين يتصفون بالتفكير النمطي الجامد يميلون أيضاً إلى أن يتصفوا بالتعصب والتسلطية، وعدم التسامح بالنسبة للسلالات أو الأجناس أو الجماعات الأخرى. وهذا غالباً يرجع إلى عدم الأمن الذي يطغى على تكوين الشخصية لديهم) .

حكم مصافحة الوهابي (أي السني)
التعصب إذن مرض اجتماعي خطير يعبر عن طفولية حضارية، وبدائية فكرية، وبدوية عنصرية، يؤدي بصاحبه إلى أن لا يستجيب لشواهد الحق مهما وضحت، ولا أسباب الرفق والإحسان مهما تنوعت وكثرت!
إنه ينظر إلى الأشياء والحقائق بمنظار واحد، هو منظار الطائفة التي ينتمي إليها: فالحق ما وافق طائفته، والباطل ما خالفها!
إن مثل المتعصب في النظر إلى طائفته – كما يقول الدكتور علي الوردي في أحد كتبه - كمثل البدوي في النظر إلى قبيلته. إن الحق لا يعنيه في أي جانب يكون بقدر ما يعنيه موقف القبيلة!
وهي صفة متأصلة في اليهود الذين (إِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ) (البقرة:91). فالحق (ما أنزل عليهم) لا (ما أنزل) مطلقاً. فما نزل على غيرهم هو الباطل، لسبب بسيط هو أنه أنزل على غيرهم! على من خالفهم.
من فمك أدينك
ولهذا يجمع علماء الشيعة ليس على تكفير أهل السنة فحسب، بل تكفير كل المخالفين،
ولو كانوا من الشيعة.
يقول الخوئي : (المراد من المؤمن هنا من آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالأئمة الاثني عشر (ع) أولهم علي بن أبي طالب (ع) وآخرهم القائم الحجة المنتظر. ومن أنكر واحداً منهم جازت غيبته لوجوه: الوجه الأول: أنَّه ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم، واتهامهم، والوقيعة فيهم أي غيبتهم لأنهم من أهل البدع والريب،بل لا شبهة في كفرهم. لأن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم يوجب الكفر والزندقة، وتدل
عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية ، وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة،
وما يشبهها من الضلالات) .
هل هناك تعصب أشد من هذا؟!!!
وقد لاحظ الشيخ محمد طه الكرمي (وهو شيعي محترق) هذه الصفة المقيتة في الفرس حين قال: (والفرس طائفيون أكثر من غيرهم. فهم لو أعطاهم المجال من نفسه فسحة ذات مدى، لما عرفوا للعالَم ديّاراً يليق به من كافة شؤونه، حيوية أم اجتماعية، إلا أنفسهم! ويزرون على كل أحد، وخصوصاً إذا جمعتهم المحافل في صميم ديارهم. في حال أنهم أمة تقصر عن سائر الأمم بكثير في كثير من الأمور، إن في العدة وإن في العدد وإن في الشؤون الأُخر. فهؤلاء الترك – ونحن قد مارسناهم ودرسنا روحياتهم – لا يقرظون أنفسهم ولا بمعشار ما يقرظ الفارسي نفسه! على أنهم أمة ذات عدد وشوكة، وأخذت الشوط البعيد في الحياة حاكمة لأكثر المعمور. ولها اليوم كيان رفيع في مستوى الجامعة) .
الشعور بالتهديد الخارجي
وإذا عرفنا أن الشخصية الدونية الاضطهادية - فرداً أو جماعة - تمتاز بالخوف والشعور بالتوجس من الآخر؛ ما يؤدي بها إلى الانغلاق الانكماش على الذات، فإننا نجد في كلام د. حجازي الآتي خير تفسير لجذور التعصب والانغلاق عند عامة الشيعة،
وتمسكهم البدائي بالطائفة، وحاجتهم الطفولية للمرجع والمرجعية:
(الجماعات المغلقة من الظواهر التي حللها جيدا علم النفس الاجتماعي . إنها وليدة
الإحساس بالتهديد الخارجي، أكان مصدره بشريا أم طبيعيا. ينقسم العالم في هذه الحالة إلى عالمين متناقضين تماماً: الخارج والداخل. أما الخارج فهو العدو ومصدر الخطر والشر، العلاقة معه عدائية اضطهادية، والموقف منه إما انسحابي تجنبي، أو تهجمي تدميري. وأما الداخل فهو الخير كله, وهو مصدر الأمن والشعور بالانتماء، مصدر الهوية الذاتية، وهو بالتالي المرجع والملاذ.
ويحدث في هذه الحالة نوع من الانشطار العاطفي بشكل يجعل المواقف قطعية: كل الشر والخطر والسوء, كل العقبات والموانع الذاتية والموضوعية، كل العدوانية الذاتية المقموعة والمتراكمة، تسقط على الخارج؛ مما يؤدي إلى تبخيسه تماماً. وهكذا يتحول الخارج إلى مجرد أسطورة مخيفة يجب الحذر منها. وليس من موقف اتجاهها إلا العنف والتدمير. وأما العواطف الإيجابية فتتوجه إلى الداخل، إلى النموذج الذي يجب أن يحتذى. كل منهم يتحول إلى مرآة تعكس للآخرين ذواتهم الإيجابية. ويحدث هنا إفراط في إعطاء القيمة للجماعة الداخلية على حساب الإفراط في تبخيس الجماعات الخارجية. وتشتد الأواصر ضمن الجماعة المغلقة بقدر حاجتها لتجنب قلق الانفصال. إنها تشتد بقدر الحاجة لإنكار الصراعات والتناقضات الداخلية, وما يرافقها بالضرورة من مشاعر عدوانية. ويذهب الدفاع ضد هذه التناقضات حد الذوبان الكلي في الجماعة لدرجة يفقد معها الفرد استقلاليته وهويته الذاتية, ولا يعود له من هوية سوى الهوية الجماعية. وتغلق الحدود النفسية بين الجماعة وغيرها من الجماعات. يقتصر التفاعل والتواصل على الحد الأدنى الضروري, أو يتوقف عند حدود الاضطهاد المتبادل. وبالطبع بمقدار انغلاق الجماعة، ترتفع درجة النرجسية ضمنها وبين أفرادها؛ نظراً لأن كلاً منهم يكون مرآة ذات الآخر.
تضخم قيمة الجماعة
وبارتفاع النرجسية تتضخم قيمة الجماعة حتى تصبح القيمة المطلقة أو الوحيدة. وتتضخم معها وبنفس الدرجة قيمة الفرد. ويأخذ الأمر على هذا المستوى نوعاً من الشعور بالامتلاء والاعتزاز بالانتماء، وحالة من الإحساس بالمنعة. وترتفع درجة الذوبان في الجماعة على المستوى الفردي، بما يتناسب مع مستوى الإحساس بالضعف والعجز وانعدام القيمة. أكثر الأفراد ذوباناً في الجماعة وتعصباً لها هم، في معظم الأحوال، أشدهم عجزاً عن الاستقلال والوصول إلى مكانة فردية, وإلى قيمة ذاتية تنبع من شخصيتهم. العلاقة الدمجية، أو الذوبانية داخل الجماعة المغلقة تتصف بالاتكال الشديد على رموز القوة في هذه الجماعة، وعلى عناصر السلطة المادية والنفسية فيها. هذه العناصر تتضخم بدورها بشكل لا واقعي بمقدار الحاجة إلى الإحساس بالأمن والمحبة. كما أن هذه العلاقة نكوصية أساساً. بمعنى أن الفرد من هؤلاء يبحث، بشكل لا واع، عن العودة إلى العلاقات الدمجية بالأم, مصدر الحب والدفء والحنان والغذاء, ومصدر السلوى، وعامل إبعاد المنغصات الحياتية. الجماعة المغلقة ذات الدلالة الإيجابية ومرجع تعريف الذات وتوكيدها, هي الأُم بعينها, الأُم المعطاء التي يجب أن تستقطب كل الولاء. ومن هنا التعصب المفرط لتقاليد الجماعة ومعاييرها، وردود الفعل العنيفة ضد كل من يحاول خرقها من الداخل, أو الاعتداء عليها من الخارج.
هذه الظاهرة تشيع كثيراً في المجتمعات المتخلفة، حيث نجد أينما حللنا جماعات متفاوتة في كبرها، مغلقة على ذاتها، تشد أفرادها إليها بقوة لا تقاوم، وتقوم بينها وبين الجماعات المتجاورة علاقات صراع وعداء وحذر واضطهاد. كل التناقضات الداخلية توجه إلى الجماعات الأخرى التي تستباح عادة إذا سنحت الفرصة في أملاكها وأموالها وأرواحها) .
وهكذا تجد أتباع التشيع منغلقين على أنفسهم، ومتعصبين إلى حد العقدة، والعقدة الشائكة المركبة المتشابكة الأسباب والجذور.
إنها عقدة وعقيدة وولاء وتقليد وتاريخ وجغرافيا وعنصر وهوية! لا يرون الحق إلا
في جانبهم مهما كانت أفكارهم باطلة وخارجة عن العقل أو العرف والمألوف. ويكفرون غيرهم طبقا إلى هذه الأفكار السمجة، ويلمزونهم بشتى الألقاب والنعوت مثل (أبناء العامة) و(الوهابية) و(النواصب). وكلها نعوت مكفرة عندهم. يغذي هذه العقدة حقد (مجوسي فارسي) عميق ضد الإسلام، وضد العرب أولئك القوم الذين أزاحوا الفارسي وأطفأوا ناره وكبتوا أهله ودمروا عرشه وحطموا تاجه.
(8)
عقدة (السيد)
عقدة النقص أو الدون هي الدافع
تتنازع (الفارسي) عقد تبدو في ظاهرها متناقضة، ولكنها في حقيقتها تنبع من مصدر واحد وتتفاعل فيما بينها بتناسق وتساند. فهو من ناحية يعاني من عقدة الشعور بالنقص، ومن ناحية أخرى يحيط نفسه بمظاهر الفخفخة والكبرياء، ويتصرف بغطرسة واستعلاء. والحقيقة أن هذه من تلك!
يقول د. علي الوردي: (يقول جعفر بن محمد: ((ما من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة وجدها في نفسه)). وهو قول يصدق في حالات كثيرة. فلقد ذهب بعض الباحثين إلى أن الكبرياء تستعمل أحياناً كستار للتغطية لدى بعض الأفراد: فإن الذي يملك مزية حقيقية تميزه عن غيره من الناس لا يحس بحاجة إلى هذا الستار . فهو يدخل بين الناس على
طبيعته من غير تكلف أو تكبر أو رياء.
أما الذي يشعر بأنه دون الناس، أو مثلهم على الأقل، فهو يحاول أن يضع بينه وبين
الناس حجاباً من الكبرياء؛ لئلا تنكشف حقيقته العادية بينهم. ويلجأ إلى وضع هذا الحجاب في الغالب أولئك الذين صعد بهم القدر إلى مناصب ليسوا هم في الحقيقة أهلاً لها. إنهم مضطرون في مثل هذه الحالة أن يتخذوا لهم سلوكاً خاصاً بهم لكي يتميزوا به عما سواهم من الناس. وبعبارة أخرى: إنهم يخلقون لأنفسهم مظاهر التميز، ويتصنعون بها تصنعاً لكي يعوضوا بذلك عما فقدوه من حقيقة التميز الطبيعي. إن الفوارق الاصطناعية التي يلتزمها الناقصون ويتعصبون لها تشبع فيهم رغبة لا شعورية للتفوق والاستعلاء والتباهي) .
فالاستعلاء والكبرياء إذن ما هو إلا غلاف يحيط به نفسه لستر شعوره بالنقص إزاء الآخرين! وذلك كما فعل إبليس مع آدم u حين فضله الله تعالى عليه فـ(أبى واستكبر) و(قال أنا خير منه). وكما فعل اليهود من بعد حين ادعوا انهم (شعب الله المختار) و(قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه).
ثلاثة حين عجزوا عن حيازة الأفضلية بالفعل، وشعروا بالدون جنحوا إلى التبجح
بالعنصر: (إبليس واليهود والفرس) حتى تحول ذلك فيهم إلى (عقدة)! بل.. عقيدة!!.
إنهم - من ناحية - أفسد خلق الله تعالى فعلاً ، و - من ناحية – أكثرهم تبجحاً واغترارا بالطين والعنصر؟ ولهذا قال الخبراء – كما مر بنا من قبل - (الفارسي إنسان متغطرس وأكثر ميلاً إلى احتقار الغريب فيما إذا اعتقد بأنه يحاول إخضاعه وإذلاله). وهو دائما يعتقد هذا في الغريب لإصابته بـ(عقدة الشك) (ومركب الخوف من كل ما هو أجنبي وغريب ويثير لديهم غلوا في التعصب لوطنهم وتفاخرا عميقا بجميع الأشياء الفارسية ويتنامى عندهم شعور بالاستثنائية الفذة التي لا مثيل لها).
عقدة الاضطهاد وعلاقتها بعقدة السيد
ولـ(عقدة الاضطهاد) المغروسة عميقاً في نفسية (الفارسي) علاقة وثيقة بـ(عقدة السيد). يقول د. محمد احمد النابلسي (استاذ الطب النفسي وأمين عام الاتحاد العربي للعلوم النفسية): (ان مشاعر الاضطهاد تشكل عنصر الدعم الأساسي لمشاعر العظمة والتفوق. وهذا ما تثبته الوقائع العيادية- النفسية. حيث يترافق جنون العظمة (البارانويا) دائما مع مشاعر الظلم والاضطهاد. مما يجعل من هذه الأخيرة ضرورية للشعور بالأهمية والعظمة والتفوق) .
تأمل اسم أول دولة لهم في التاريخ عيلام : Hal-tampt ! ان معناه (بلاد السيد) فـ(Hal) تعني(بلاد) و(tampt) (سيد)( ) .
بل أطلقوا على أنفسهم اسم (السادة) و(الأحرار) حتى صار هذا الاسم علما على الفرس! فإذا قيل (السادة) أو (الأحرار) فإنما يعني بِهِ القائل (الفرس) لا غير . وبهذا يظهر أن لقب (السيد) علماً على (رجال الدين) فارسي المصدر، لا سيما إذا استحضرت أنهم لا يفرقون بين (رجل الدين) ورجل المُلك، وعلمت أن الدين والملك عندهم محصور في بيت واحد.
احتقار الأمم لا سيما العرب
وظل الفرس يسمون أنفسهم كذلك تعصباً لعنصرهم، واحتقارا لغيرهم من الشعوب لا سيما العرب؛ لأنهم يشعرون تجاههم بـ (عقدة الدون). ومن شواهد ذلك ما روى لنا التاريخ من أن الملك الوحيد الذي مزق كتاب النبي  من بين الملوك الذين راسلهم النبي بكل عنجهية وكبرياء هو كسرى حتى قال الخبيث (لع): كيف يتجرأ فيذكر اسمه قبل اسمي وهو عبد من عبيدي؟! ثم ماذا فعل بعدها؟ انظر إلى هذا التصرف الذي لا ينم إلا عن عقدة مريضة: أرسل إلى نائبه على اليمن أن ابعث رجلين من قبلك إلى هذا الذي يزعم أنه نبي وليأتياني به مقيداً !!!
ومن طريف ما يذكر في هذا الصدد أن أحد علماء السنة المعروفين في شيراز على عهد الشاه إسماعيل الصفوي وهو شمس الدين الخفري حين تقدم بين يدي الشاه من أجل امتحانه في سب الخلفاء الثلاثة انبرى يلعنهم لعناً شنيعا فنجى بذلك من الذبح، ولما خرج من عند الشاه عاتبه أصحابه وقالوا له: كيف ارتددت عن دينك ولعنت أئمتك الثلاثة؟! فأجابهم: لأجل هؤلاء الأعراب الثلاثة أقتل أنا مع ما أنا عليه من الفضل والكمال!( ). انظر كيف عبر عذره عن (عقدته) الكامنة في نفسه - عقدة (السيد)!
شاهد أو مشهد مثير
تأمل هذا المشهد، الذي لا يمكن أن يخطر ببال أحد، إلا في أفلام الخيال – ربما – والذي يمثل نموذجاً صارخاً للتعبير عن هذه العقدة لدى الفارسي أو المتشيع بتشيعه: عنجهية ما بعدها عنجهية، واستكبار فارغ لا ينم إلا عن مرض خبيث متأصل في نفسية مريضة لا أمل في شفائها! لشخص مجرد من كل قوة في بلد غريب عنه يعامل وزيراً في بلده جاءه مبلغاً رسالة من رئيس دولته، يعامله بهذه الطريقة:
(كان الشاعر والأديب الذي تقلد منصب وزير الإعلام والثقافة، شفيق الكمالي، قد كلف بإبلاغ خميني برسالة صدام التي فحواها أن استمرار بقاء آية الله في النجف من شأنه أن يصبح خطراً على أمن العراق ومصلحته القومية، وأنه بالنظر إلى الحالة غير المستقرة والمتوترة في إيران، وحفاظاً على العلاقة بين البلدين عليه أن يرحل.
دخل شفيق الكمالي ومعه وفد كبير شقة الخميني. وقبل أن يسمح لهم بالدخول على
الخميني ظهر سكرتيره الخاص وأخبرهم أن آية الله الخميني لا يرغب في مصافحة أحد، وأن عليهم أن يكتفوا بتحية الإسلام المعروفة ((السلام عليكم)). وعندما دخلوا الحجرة التي يستقبل فيها الخميني ضيوفه، كان الخميني يجلس مع المترجم على الأرض. قال الكمالي: ((السلام عليكم))، لكن آية الله رد السلام ببرود ولم ينهض أيضاً،
فكان على أعضاء الوفد العراقي أن يجلسوا هم أيضاً على الأرض ، قبل أن يصـرح
وزير الإعلام والثقافة برغبة صدام.
كان الخميني يحملق في سقف الغرفة أو في مترجمه أو سكرتيره بشكل ملفت للانتباه، فلم يكن لينعم على وزير الإعلام أو أي من المبعوثين من بغداد بنظرة واحدة. كان يجيب على الأسئلة بنعم أو بلا، أو يترك مهمة الإجابة عنها لسكرتيره الخاص. ولم ينظر الخميني إلى الرسل القادمين من بغداد إلا بعد أن انتهى الحديث الذي لم يدع فيه الكمالي مجالاً للشك أنه لا يوجد حل آخر سوى أن يغادر الخميني العراق في أقرب وقت ممكن.
((كان ينظر إلينا الواحد تلو الآخر دون أن ينبس بكلمة، كان له حضور قوي. كنت أشعر كما لو كنت أقف في مهب محرك نفاث عندما يصوب عينيه نحوي. بدأت أرتعد))، ذلك ما رواه لي الكمالي فيما بعد مضيفاً: ((كان لدينا جميعاً نفس الشعور عندما خرجنا من عنده)). يقول مدير صحة محافظة البصرة آنذاك، نزار شاهبندر، الذي كان عضواً في لجنة مهمتها الإشراف على كل شيء يخص فترة إقامة الخميني والاعتناء به أثناء المرور من هناك والتوجه إلى الكويت: ((كان الخميني غاضباً وثائراً بشكل جنوني)) .
غاضباً من أي ؟ وثائراً على من ؟ أيها الحاقد المعقد ! أكثر من عشر سنين وأنت تتنعم بخيرات العراق، وتتقلب في نعمه. من أنت؟ ومن أين أتتك كل هذه الكبرياء الجنونية؟ وهذا الحقد الذي يأكل كبدك كالجرب بحيث لا تتحمل أن تنظر في وجوه قوم طالما أحسنوا إليك! ما سوء الأدب هذا؟! وزير وحاشية تتجشم عناء المجيء إليك من بغداد، احتراماً لشيبتك وصفتك طبقاً لأخلاق العرب، من أجل أن يبلغوك أمراً كان يمكنهم بكل بساطة أن يستدعوك إلى أقرب مركز شرطة ليبلغوك إياه، أو يرسلوا إليك شرطياً يقوم بالمهمة، أو يشد وثاقك ليرميك خلف الحدود، أو يسلمك إلى الشاه يفعل بك ما يشاء، وينهي قصتك. لكنهم لم يفعلوا بك ذلك كله – وهم قادرون لو أرادوا – واعتبروك ضيفاً، أو (دخيلاً) يلزمهم الخلق العربي أن يعاملوه معاملة خاصة. وفوق ذلك أولوك – بلا معنى – احتراماً لا تستحقه، وتأبى عليك نفسيتك المعقدة أن تفهمه كما يفهمه الأسوياء؛ فأرسلوا إليك وزيراً ! فتستكثر على وزير احترمك ووقرك وقطع إليك كل تلك المسافة، أن تستقبله وتصافحه وتكرمه كما يوجب عليك الدين الذي تنتسب إليه، أو الخلق الإنساني على الأقل ؟! ولكنها العقد الفارسية: عقدة السيد وعقدة الصفاقة وعقدة اللؤم ونكران الجميل و.. و… . ليس الذنب ذنبك، إنما ذنب أولئك الذين احترموك. ألم يكن فيهم رجل رشيد يقوم إليك في تلك اللحظة ليمرغ أنفك بالحذاء، ويخرج تلك الشمخرة من ذلك الأنف الخبيث؟ ثم يرميك على حدود إيران؟ عفواً أيها(السيد) ! المشكلة فينا، وليست فيكم. ولعل الكثيرين لا يعلمون أنك من أرباب السوابق الذين سجلت في حقهم دعوى في شرطة النجف أيام كنت طالباً في الحوزة وقد ضبطت مع عريف في الجيش متلبساً بالجرم الذي لا يكاد يسلم منه معمم فارسي! من هنا خرجت تلك العنجهية، وتلك الكبرياء الفارسية الفارغة. من هنا شحنت بذلك الحقد وتلبست بتلك الغطرسة! هل عرفت نفسك؟!
وشهد شاهد منهم على مثله
يقول شيعي محترق، لكنه عليم بحال الفرس، خبير بهم لطول معاشرته إياهم هو محمد طه الكرمي: (والفرس بطبيعتهم أنانيون يتطلبون مساقط العنوان، ومهابط الفخفخة، بكل ما يتمكنون، وبأي طريق يحصل لهم ذلك. ولذا كثرت فيهم المذاهب، وتفتقت شعب الدين؛ لأن هذه الاختلافات من مظان الترقي وشهرة الاسم. ففيهم كثرة الصوفية والأقطاب. وفيهم الشيخية، وفيهم البابية والبهائية. وفيهم المجوسية لحالهم الحاضر. وفيهم الكسروية واللامبدئية بصورة فاشية، إلى غير ذلك من مشارب ومذاهب... وزعيم الشيخية، الذي منهم وعندهم، آية في التجبر والتنفس والتعنون والتنعم والثروة. وهكذا نوع طبقاتهم الشاخصين ، إن باسم الدنيا، وإن باسم الدين. ولم يحدثنا التاريخ ، فيما سبق لنا من سلف ، أنهم يستأجرون المأمومين وطلبة العلم لصلاة الجماعة وحضور حلقة الدرس بدراهم ودنانير كما أوقفنا عليه في حاضره هذا، ومن الفرس فقط ومن تأثر بروحياتهم فحسب.
وهم أناس متحركون يعرفون كيف يسلكون في تصيد الدنيا والعنوان. فيشتري من يريد منهم الاسم والعنوان، وأنه صار مندوباً في المجلس النيابي في الدورة السادسة عشرة مثلاً الرأي الواحد بمئات الدراهم، بل بآلافها، وإن كان لا يستفيد من الكرسي سوى الاسم فقط! ويهاجر الذي لم يجد منهم في داره حيلة ومناصاً إلى مناطق تغلب عليها
البساطة حتى يستطيع التأثير عليها. وإذا به ( آقا خان المحلاتي ) دب لا يعقل سوى الأكل والشرب والبطن المنتفخ، واكتناز الأموال، واحتجاز الغواني في قصره المشيد في
الهند) .
ويقول أيضاً: (فالرجل الفارسي إذا حصل في الجامعة أقل عنوان من تمول أو رياسة أو علم، نفخ صدره بما لا حد معه مبدئياً كان أم مادياً. حتى إن العلماء الرامين إلى التدين وترويج الشريعة منهم إذا خولهم الزمان أقل فرصة من فرصه فسادوا واشتهروا لا تحملهم الأرض يمشون عليها من تبخترهم. دع عنك ذواتهم؛ فقد تكون لها قيمة ذاتية، ولكن هلمّ الخطب في خدمهم! فتراه بعد أن كان حمالاً يستأجره أقل الناس لحمل أثقاله بدراهم بخسة، فوفقه الزمان لخدمة هذا الرجل لا يعير التفاتاً لأي أحد، وبالأخص إذا كان من الروحانيين الذين يتقاضون من مخدومه الخبز والدراهم) .
المتسيد لا يحترم إلا من يذله
والسيد لا يلتفت إلى إحسان العبد تجاهه؛ لاعتقاده أن ذلك حق من حقوقه. وكل ما
يقدمه (العبد) تجاه (السيد) يعتبر خدمة واجبة عليه لا يستحق عليها الشكر. ولا يلتفت
السيد إلى رأي العبد كذلك، ولا يسمع لكلامه بل قد لا يسمح له بالكلام في حضرته أصلاً لأنه عبد.
إن عقدة (السيد) عند العجمي والمستعجم تبطل مفعول أي إحسان تقدمه إليه من أجل تقريبه وكسبه. وتجعل آذانه في صمم عن سماع كلامك ورأيك ما لم يكن كلام سيد يمتاز بالقوة والجرأة والاستعلاء اللذين يمتاز به كلام السادة مع العبيد. إن هذه العقدة تفرض على من يتعامل مع المصابين بها أحد خيارين: فإما أن يتعامل معهم كـ(سيد)،
وإما أن يعاملوه كعبد! وليس من خيار ثالث.
إن اللين واللطف وجميع أساليب التقريب ليست أكثر من (مغذ) أو حقنة (فيتامينات)
تغذي هذه العقدة عند (الفارسي) وتقويها! فيبتعد أكثر عن (اللينين) الوادعين. ويتصامم عن سماع كلامهم ويحتقرهم ولا يعاملهم باحترام؛ لأن (السيد) لا يحترم إلا سيداً مثله، ولا يعتبر إحسانه إليه. بل يفسر كل مجاملة أو تعامل لطيف على أنه ضعف أو خداع! فإذا أردت منه أن يحترمك ويسمع لكلامك فكن سيداً مثله في خطابك وموقفك وكلمه بلغة السيد ولهجته. وإن علوت أكثر وأشعرته بأنك فوقه وأنه دونك فهذا أجدى. وإلا فإن الطريق الآخر مسدود.
والتاريخ - وكذلك الواقع - خير شاهد.
ما ضعف العراق في التاريخ مرة إلا وغزاه الفرس
لقد ثبت تاريخياً أن (الفرس) لا يحترمون إلا القوي، ولا يعترفون إلا به ولا ينصاعون إلا للقوة ولا يفهمون سوى خطابها ولغتها. وما من مرة تولى فيها الحكم في العراق حاكم ضعيف إلا وتحرك العجم باتجاهه يغزونه ويعتدون عليه. وما من حاكم قوي إلا وله معهم موقعة يلقنهم فيها أحكم الدروس وأبلغها. من أوتوحيكال وسرجون إلى حمورابي ونبو خذ نصر إلى آشور بانيبال وسميراميس إلى أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وصولاً إلى صدام حسين. عندها قد يسمعون له وهو يتكلم لهم عن (أسطورة) الجار وحقوقه أو الدين ولوازمه وآدابه. كاليهود تماماً! أخذ الله عليهم الميثاق وهم تحت الطور الذي يكاد ينقض عليهم، ثم ما إن ذهب عنهم الخوف حتى تولوا فكانوا من المعرضين! وعلى هذا الأساس تعامل معهم رسول الله r فنجح أيما نجاح.
ولقد أثبتت الوقائع ، والأحداث والواقع ، أن جميع محاولات التقريب لم تجد مـع الشيعة شيئاً، وأن الأفكار التقريبية والدعوات اللينة أو (الهادئة) وكلمات المدح والتزلف تنقلب عندهم - لفساد مزاجهم - إلى سلاح متفجر يحاربوننا به ويفجرونه في وجوهنا كل حين. إن هذا لا يزيدهم إلا عتواً وخبالاً، ولا نكسب منه إلا مزيداً من الأدلة أو الأسلحة التي تستعمل ضدنا بوقاحة وصلف!
هل أجدت معهم هذه المقولات الخانعة: (لولا علي لهلك عمر) (لولا السنتان لهلك النعمان) (إن جعفر الصادق هو إمام المذاهب)..الخ؟!
على العكس! لقد استعملوها بالمقلوب واعتبروها أدلة على جهل عمر وأبي حنيفة، وأن الأصل هو التشيع وما عداه ففرع وعالة.
إن السيد - أيها السادة ! - لا يحترم إلا سيداً مثله أو يزيد عليه.

(9)
عقدة الاستخذاء
قيل لأعرابي: كيف تقول إذا أردت الفعل المضارع من الفعل (استخذيت) ؟ فقال : لا أقول شيئاً. قال: ولم ؟ قال: لأن العربي لا يستخذي.
عقدة النقص هي الأساس
تظهر على المتشيع فارسياً صفتان تبدوان - في ظاهرهما – متناقضتين، لكنهما في
الحقيقة جد متناسقتين: فهو من ناحية متكبر متغطرس ولكن مع من هو دونه، أو مع من يقوم تجاهه بمراسيم الاحترام، وذلك بسبب عقدة (السيد). وهو متذلل متمسكن يتملق، لكن مع من هو أقوى منه، أو من يذله بسبب عقدة النقص.
إن المثل القائل: (يتمسكن حتى يتمكن) ينطبق عليه تمام الانطباق. ولقد رأينا العجم في مجتمعنا – والمستعجمين - يرتقون سلم الوجاهة والنفوذ من تحت سطح البحر خدماً في البيوت والدوائر وفراشين، ويمتهنون مهناً دنيئة و.. ومن هناك يرتقون!
وقد عبّر الباحث الأمريكي جاك ميلوك – كما مر بنا سابقاً - عن هذه الصفة عند الفارسي أصدق تعبير حين قال: (إن الملق والمداهنة والكذب والغش يجب أن تكون جميعا الأدوات التي يحتاجها الفرد لأجل أن يتقدم ويصعد إلى أعلى. لقد قال زعيم إيراني: إن الإيرانيين هم مثل الحرباء. إنهم يغيرون ألوانهم كل يوم وتتلون سياساتهم بما يتناسب مع ألوانهم المتغيرة. إن استعمال تعبيرات مثل: (إنني عبدك المطيع) أو مثل (إنني التراب الذي تطأه قدماك) أو (دعني اقبل رجليك ألف مرة)( ) هي جميعها جزء صغير من مفردات قياسية للغة اليومية التحادثية). مثلهم كمثل إخوانهم اليهود الذين (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) (البقرة:61). وفي الوقت نفسه لا يخجلون من قولهم: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُه) (المائدة:118).
من مظاهر الملق عند المستعجم تقديسهم للعلماء إلى حد التأليه، واتخاذهم أربابا من دون الله يتذللون لهم ويقبلون أيديهم ويمارسون معهم جميع طقوس الخضوع الذليل التي لا تليق بعربي أو مسلم كريم. هذه الخاصية الخلقية الفارسية لها أكثر من جانب يفسرها إضافة إلى النظر إليها من خلال عقدة النقص الأصلية.
المضطهد يقدس القوة
عقدة الاضطهاد مثلاً لها دور فاعل في تكوينها. المضطهد المغبون يميل إلى عشق القوة، وقد يصل به الأمر إلى حد التقديس، والوله المجرد؛ فهو يقدس القوة كيفما كانت، ومن أي جهة صدرت! فإذا كانت في جانبه أصابه الزهو، وتلبسته الكبرياء، ومضى يذل الآخرين ويستعبدهم يريد منهم أن يعبدوه أداءً لحق القوة المقدسة التي يمتلكها. وإذا كان ضعيفاً لا يملك القوة، توجه بالتقديس والتذلل نحو من يمتلكها، فيعامله بالمذلة والملق والاستخذاء! لقد عبد الفرس النار؛ لأنها رمز القوة المتناغمة مع نفوسهم: النار قوة هوجاء مخربة، والفرس كذلك.
ولربما يفسر هذا أساس علاقتهم مع الشيطان المخلوق من نار، وهي كعلاقة إخوانهم المنافقين به. ويسمون القوة العظمى في العالم - التي هي أمريكا - (الشيطان الأكبر)، الذي ما إن قدم إليهم حتى قدموا له فروض الطاعة، وتعاونوا معه. أما عداؤهم له، فادعاء فارغ يقوم على عقدة الاستعراض لا أكثر. وقد تكون في الآيتين الآتيتين أشارة إلى هذا: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ... مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ) (البقرة:14،17).
اجتياف عملية التبخيس
جانب آخر يفسر هذه الخاصية الفارسية هو اجتياف عملية التبخيس والتقزيم التي يغرسها القوي في نفس الضعيف، فيتمثلها بدوره مشاعر قلة ودونية لذاته، وإعجاب وانبهار بالقوي المتسلط ، تنعكس على تصرفاته ملقاً وذلة ومسكنة، كما قال تعالى عن إخوتهم اليهود: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (آل عمران:112) . انظر إلى الذلة والمسكنة كيف اجتمعت مع التكبر والعصيان والعدوانية إلى حد قتل الأنبياء!
يقول د. حجازي: (إن أبرز مظاهر اجتياف التبخيس والعدوانية اللذين يفرضهما عليه
المتسلط هو الإعجاب به والاستسلام له في حالة من التبعية الكلية. وبمقدار ما ينهار اعتباره لذاته يتضخم تقديره للمتسلط ويرى فيه نوعاً من الإنسان الفائق الذي له حق شبه إلهي في السيادة والتمتع بكل الامتيازات. تلك علاقة رضوخ ((ماسوشي)) من خلال الاعتراف بحق المتسلط بفرض سيادته. ومن هنا تبرز حالات الاستزلام والتزلف والتقرب. ويتحدد الاعتبار الذاتي انطلاقاً من درجة التقرب من المتسلط ... الذي يعود فيزدريه من جديد لرضوخه واستكانته وتبعيته، محملاً إياه كل الوزر، معتبراً دونيته كجزء من لا يتجزأ من طبيعته؛ مما يبرر لنفسه كل أشكال القهر التي يمارسها) .
وهذا ملاحظ بوضوح على المجتمعات الشيعية من خلال علاقتها بالحاكم، وتقربها منه بأنواع القربات، وعلاقتها بالمستعمر كذلك. ومن أوضح الأمثلة علاقتها بالمرجع أو (السيد)، وتقديسها له تقديساً يصل أحياناً إلى حد العبادة، مع استهانته بهم، ومعاملته الفوقية لهم!


أذلة على الكافرين أعزة على المؤمنين

الماسوشية وعقدة الاستخذاء..؟!!!

السادية وعقدة السيد
(10)
عقدة الشك
(كان معنا في الزنزانة معتقل إيراني الجنسية, لا يكلم أحداً, فهو يفهم العربية ويتكلمها قليلاً. ولكنه لا يكلمنا؛ لأنه يشك بأن أحداً من بين المعتقلين معنا في الزنزانة مدسوس من قبل المخابرات. وزع أغلب وقته في روتين منتظم : إما يصلي أو يدعو ويتوسل إلى ربه. ويأخذ التوسل والدعاء هذان أغلب وقته. قبل الغروب يومياً، أي قبل أن تصبح الزنزانة معتمة, يبدأ بفاصل البكاء الذي يتراوح بين نصف ساعة وأكثر، ويردد كلمات أو جملاً. لا يوجه كلامه إلى أحد بل يكلم نفسه فقط . كان يرافقنا عندما نذهب إلى الحمام، ويكون عادة متهيئاً كالآخرين لدورة الحمام، ولكنه لا ينظر باتجاهنا، ولا يرغب في أن ينظر إليه الآخرون، بل يعيش طوال أيامه معنا في عزلة مطبقة. لم نكن نفهم ما يعني أو يقول, هل هو دعاء أم عتاب أم شكوى إلى الله! لا ندري. ثم يعمد ويمسك قدمه اليمنى ويبكي بصوت خافت وحزين، كالأنين، ويتكرر هذا البكاء والأنين في الصباح التالي. علمت من الذين كانوا أقدم مني في الزنزانة أن هذا الرجل قضى في هذه الزنزانة ما لا يقل عن ثلاث أو أربع سنوات. فهو أصلاً كان راعياً على الحدود العراقية – الإيرانية. ولم يمض على نقلي لهذه الزنزانة أكثر من أسبوعين أو ثلاثة, حتى جاء الحارس ونادى الرقم المعين, وأخذ هذا الإيراني جميع ملابسه وغادر. فرحنا جداً له وقال الجميع: (خلص هذا المسكين). كان هذا كل ما تم من همس بحق هذا الرجل, ولكنه همس لا يعبر إلا عن جزء من شعور كل منا بالظلم في حقه، والقسوة المريرة التي كنا نعيشها ونعاني منها) .
جاء هذا في كتاب لرفعت الجادرجي سجل فيه قصة اعتقاله على أيدي المخابرات العراقية السابقة، كنت أقرأ فيه - ومن باب التنويع والترويح – فلفت انتباهي ما جاء في ثناياه - دون قصد من الكاتب - عن حالة ذلك الشخص الإيراني الذي كان معتقلاً معهم. والصورة تعبر بوضوح عن الشخصية الشكاكة التي يتمتع بها الفارسي.
جاء في النصوص الفارسية القديمة: (هل ادعى لك الملك ذات مرة أنك آمن تماماً وأنت في معيته؟ إذن ابدأ منذ تلك اللحظة في الإحساس بعدم الأمان. فإذا ما دأب إنسان
على تسمينك، فلا بد أن تتوقع أنه سرعان ما يذبحك) .
(الفارسي) شخص ساكن أو مسكون بالخوف، يتوجس دوماً من تصرفات الآخرين
ويشك في نواياهم. إن شعوره الحقيقي بالضعف تجاه المحيطين به، والذي تسبب في إصابته بعقدة النقص، جعله يلتجئ إلى هذه الحيل النفسية عبر التاريخ من أجل حماية نفسه منهم. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى - ولأجل السيطرة عليهم - فإنه يثير لديهم الخوف من كل ما هو أجنبي، وينمي هذه العقدة في نفوسهم ليحقق التفافهم حوله على أنه الملاذ الآمن الوحيد. وإلى هذا أشار د. عماد عبد السلام بقوله: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج) .
وبفعل تراكم الزمن وعوامله ترسخ هذا الشعور، حتى غدا عقدة بل صار سجية لا تفارق (الفارسي) أبداً، ومرضا معدياً يصيب الآخرين الذين يثقون به ويتأثرون بفكره وديانته. فتجد أحدهم لا يطمئن أبداً إلى سلامة نية الآخرين تجاهه، ويفسر تصرفاتهم الطبيعية وأعمالهم الطيبة، ويؤوِّلها دائماً، أو يحملها على غير ظاهرها. وهو ما لمسناه واضحا وفاشيا في أوساط المستعجمين أو المتشيعين فارسياً حتى من تغير منهم في فكره، ولكنه ظل مستعجماً في عقله ونفسه وشعوره وخلقه، ويمارس عملية (إسقاط) ما بداخله من عيوب على الآخرين. ولا بأس أن أثبت هنا ما قاله الباحث الأمريكي جاك ميلوك: (إن هذا الشعور بالارتياب يجعل الإيراني يعتقد بأنه ليس هناك شيء بنفس البساطة والاستفادة التي ربما يظهر عليها، وإنه لا يمكن قبول الأمور على أساس قيمتها السطحية أو الظاهرية.
قصة الملا ناصر الدين والحمال..!
وفي قصة (الملا ناصر الدين والحمال) ، تصوير دقيق لهذه النفسية المفعمة بالشك
والتوجس والارتياب من الآخرين. وذلك عندما يطلب ناصر الدين من أحد الحمالين مساعدته في نقل حقيبة إلى داره:
- الحمال: فديتك بنفسي يا مولاي وأين دارك؟
- ناصرالدين: (باستغراب) يالك من شخص متوحش وسيء الصيت وربما سارق
يجب رفسه! هل تظنني ساذجاً حتى أخبرك موقع داري؟ (!).
التوجس من كل شيء
يقول الشخص الإيراني العادي: إذا ما كنت نزاعاً إلى الثقـة بالآخرين فسوف يقوم البقية باستغلالي؛ لذلك فإنه من السخف والحماقة أن يكون المرء واثقاً مما حوله. إن المعنيين بدراسة إيران وشؤونها متفقون عموما على الاستنتاج القائل بأن الارتياب وعدم الاطمئنان والتخفي الديني تحت مظهر كاذب هي مميزات الإيرانيين) ( ).
حتى الكتاب والسنة وأقوال الأئمة تعاملوا معها على هذا الأساس. إن لكل آية أو حديث عندهم باطنا غير ظاهره. وكل قول أو تصرف لعالم أو إمام يمكن أن يفسر تفسيراً يغاير ما يتبادر إلى الذهن منه. من هنا نشأ القول عندهم بـ(التقية).
إن ظواهر النصوص والتصرفات ما هي- في تصورهم - إلا أغطية كثيفة لمقاصد بعيدة جداً بعداً يمكن أن يصل إلى حد الانقطاع بين الصلة الظاهرية والباطنية للفظ فلا يعود للغة وضوابطها عندهم أي اعتبار ! يروي الكليني عن موسى بن جعفر أنه سئل عن قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (الأعراف:33) فقال: إن هذا القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور. وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق .
ومن هذا الباب ادعاؤهم أن رسول الله  إنما اصطحب أبا بكر في الهجرة حتى
لا يشي به أو يدل عليه!

تفسير التاريخ
وهكذا تعاملوا مع أحداث التاريخ. فهم لا ينظرون إلى الحدث بموضوعية كما هو عليه، بل يفسرونه طبقاً إلى هذه العقدة. بل يصنعونه ثم يروونه كما يحلو لهم ويتمنون أن يكون قد وقع، لا كما وقع بالفعل. فعلي زوّج ابنته أم كلثوم لعمر (تقية) وخوفا واغتصابا! وسمى أولاده باسم أبي بكر وعمر وعثمان ملقا و(تقية) كذلك. والحسن بايع معاوية (تقية) أيضاً.
إنهم (يسقطون) ما في نفوسهم المكبوتة على الآخرين. كما يقول د. عزت راجح:
(إن الكبت يجعلنا نسقط عيوبنا ومقاصدنا السيئة على غيرنا من الناس فنسيء تأويل سلوكهم. فالمرتاب في نفسه الذي لا يعترف لنفسه بذلك يرى الريبة في غيره. والذي يكبت العداوة للغير يرى العداوة في سلوكهم. والزوج الذي تنطوي نفسه على رغبة مكبوتة في خيانة زوجته يميل إلى اتهامها بالخيانة. والأناني أو البخيل أو المغرور الذي ينكر هذه الخصلة لديه ينسبها إلى الناس، ويغالي في تقديرها لديهم) .
ومن ذلك أنهم يكابرون منطق الأحداث مكابرة عجيبة ؛ فلا يصدقون – مثلاً - أن
أحداً من (الأئمة) مات ميتة طبيعية: فهم بين مسموم ومقتول ومخنوق!
حتى (المهدي) المعدوم اختفى خوفاً على نفسه من القتل رغم إجماع المؤرخين على العلاقة الحسنة بين البيت العباسي والبيت العلوي آنذاك! وليس (المهدي) هذا إلا صورة طبق الأصل عن الشخصية الفارسية المأزومة والمصابة حتى النخاع بعقدة الشك! فإنه رغم تغير الأحوال وظهور دول تنادي صباح مساء - حتى بحت أصواتها - بخروجه وفرجه العاجل، إلا أن المسكين لا يصدق كلامهم ولا يثق بأحد منهم! فمن يدري لعلهم نصبوا له كميناً وهذا النداء ما هو إلا خديعة ومكر، أو فخ لاصطياده فهو
مستمر بالاختفاء وعدم الظهور، حتى يفاجأ بيوم النشور! وإلا لخرج منذ زمن بعيد.
إن هذه النفسية المعقدة المفعمة بالشك لا تستجيب لسياق المنطق. ورواياتهم مليئة بالتناقض لكنهم يتقبلونها رغم تناقضها؛ لأنهم يفكرون بنفوسهم لا بعقولهم. وإذا كان الأمر كذلك فإن النفس المعقدة المعوجة تنتج فكراً معقداً معوجاً متناقضاً. ويمسي العقل في هذه الحال مجرد نقطة عبور خالية من الحرس!
تأمل كيف يعتقدون أن الحسن بن علي  قد مات مسموماً أيضاً وعلى يد زوجته! إن امرأة تسم زوجها حتى الموت ليست صالحة، وليست أهلاً لأن يتزوجها الصالحون. فكيف تزوجها الحسن وهو - عندهم- معصوم من الخطأ!
لكن عقدة الشك والتعصب والحقد وعقداً أخرى تكفي لبلع هذا التناقض وزيادة دون أدنى شعور بِهِ! مع جنوحهم إلى الاحتجاج بالمتشابهات مثل اقتران نوح  ولوط كذلك بامرأتين كافرتين مع عصمتهما. وهو نوع من الاحتجاج للخطيئة بالخطأ! فـ(العصمة) التي ألصقوها بالحسن لا تشبه عصمة الأنبياء الثابتة لهم عليهم السلام. (فعصمة الأئمة) مطلقة غير قابلة للخطأ وعصمة الأنبياء ليست كذلك. ثم إن الزواج من امرأة تتآمر على زوجها بسبب شهوتها ورغبتها في رجل آخر إلى حد القيام بسمه يستلزم سوء الاختيار والخطأ الحتمي فيه من قبل الزوج. ولا شك أن سيدنا الحسن حين اختار هذه المرأة إنما اختارها لدينها وخلقها. ولا بد أنه سأل عنها وتثبت من ذلك ثم بعده أقدم على الزواج منها. فما فعلته بعد - مما يقوله الرافضة - يستلزم عدم التثبت، والخطأ في تصور صلاحها وهو يتناقض مع (العصمة) المطلقة أو نضطر إلى القول بأن الحسن تزوجها لغايات دنيوية فقط، وهو ما لا يليق بصغار الصالحين فكيف بكبار المصلحين؟!
ثم أن الشيعة يعتقدون أن (الإمام) يعلم الغيب وما كان وما يكون( ) ، فهلا علم الحسن بأن امرأته غير صالحة أو أنها ستسمه فلماذا أقدم على الاقتران بها؟ أفيعمل إنسان على جلب الشر والسوء لنفسه؟! أم لم يقل الله تعالى وهو يخاطب نبيه  :
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَــاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْــرِ وَمَا مَسَّنِــيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف:188)؟!
لقد تزوج هذه المرأة (جعدة بنت الأشعث) بعد موت الحسن ابن عمه العباس بن عبد الله بن عباس، ثم تزوجت من يعقوب بن طلحة. أفيغيب عن أبناء عم الحسن أنها
سمته ويعلم ذلك الشذاذ المفترون؟ أم أنهم أمنوا على أنفسهم من امرأة تسم زوجها؟ أم ماذا؟!
ورغم كل هذا فالأسطورة باقية تقاوم جميع عوامل التعرية! وتستطيع أن تجرب بنفسك وتناقش رافضياً حول هذا الموضوع لترى مكونات الحشوة الدماغية التي ترقد مستقرة في قحفه! وتسمع أن الحسن صار يلفظ قطع كبده من فمه! وأنا لا ادري ما الذي جاء بالكبد إلى المعدة مع أن الكبد في يمين التجويف البطني والمعدة في شماله! ما هذا الأنبوب المجوف الذي يصل بينهما؟ أم أن أحشاء (الأئمة) تختلف تشريحياً عن
أحشاء بني آدم؟!
من هنا نفهم قول د. موسى الموسوي عن الخميني: (إن الرجل شديد الظن بكل شيء، ومن الصعب عليه أن يسمع كلاماً ويحمله على الصحة أو الإخلاص. ومن هنا جاءت معاملته لكثير من المتعاونين معه سيئة) .
هل رأيت مدى عمق هذه العقدة (عقدة الشك والتوجس) في النفسية الفارسية؟!!!

(11)
عقدة الغـدر
وقف الفاروق عمر t يوماً وهو يخاطب جموع العرب المتوجهين لتحرير العراق: (احذروا العجم فإنهم غَدَرة مَكَرة). فالغدر خلق أصيل عرف به العجم منذ القدم.
والسبب الأصيل وراء هذا الخلق الذميم هو (عقدة النقص) أو الضعف؛ فإن الضعيف
إذا سنحت له الفرصة لا يتركها تفلت من يده لخوفه من فواتها إلى الأبد، وانعدام الثقة بالنفس وقدرتها على اصطناع الفرص عند الحاجة؛ فهو لا يعفو عند المقدرة أبداً.
ومن أسباب الغدر عقدة اللؤم التي تجعل صاحبها يتمرد على من يحسن إليه، ويبغضه ويتطير من رؤيته؛ لأنها تشعره بنقصه أمامه. لكنه لا يجد مبرراً لعداوته في العلن فيضطر إلى الكيد به في السر. وهذا هو الغدر ذلك الخلق الفارسي الأصيل. تغذيه عقدة التوجس والارتياب والشك في كل تصرف أو فعل فلا يأخذه على ظاهره، بل لا بد له من تفسير سلبي في الباطن؛ إذن لا بد من التوقي منه بتوجيه الضربة الأولى. ولقد مر بنا سابقاً في الدراسات النفسية قول جاك ميلوك: (إن الفرس يشبهون رجلاً مدفوعاً في حياته بواسطة رغباته الطبيعية التي يتربع على قمتها الخوف. وذلك من أجل الحفاظ على أنفسهم من أخطاء الهجمات. وبسبب شكوكهم ، وعدم ثقتهم بالآخرين
فليس لديهم القدرة على الامتزاج. إنهم يبحثون عن الأمان في الانعزالية عن الناس أو بواسطة توجيه ضربتهم الأولى).
شواهد التاريخ
والشواهد على غدر الفرس لا تحصى.
يحدثنا التاريخ أن (الهرمز) قائد الفرس في (ذات السلاسل) لم يخجل أو يتردد من الخروج المخزي على تقاليد الفروسية حين بيت كمينا وطلب من خالد بن الوليد قائد العرب أن يبرز له حتى إذا التقيا خرج الكمين ليقتل خالد! مع أن الشرف العسكري، وأعراف العسكرية تستلزم أن تكون المبارزة واحدا لواحد، أو اثنين لاثنين...
وهكذا.
ومن شواهد التاريخ ما فعله الشاه أحمد القاجاري بالشيخ خزعل الكعبي أمير المحمرة، حين دبر له مكيدة في نيسان سنة 1925 بمساعدة البريطانيين، قادها الحاكم الإيراني فضل الله زاهدي الذي تظاهر بالانسحاب والعودة مع جنوده إلى طهران إثر معارك بين الجيش الفارسي والقوات العربية في الأحواز، حصل بعدها صلح بين الطرفين، وقد أبدى زاهدي رغبته في توديع الشيخ خزعل، مع ضمانات من القنصل البريطاني بضمان سلامته. وفي حفلة التوديع التي أقيمت على اليخت الخزعلي في شط العرب نفذ الحاكم الفارسي نيته المبيتة فغدر بالشيخ خزعل، وقام جنوده باعتقاله واقتياده إلى طهران، ليموت في معتقله سنة 1936 بعد إحدى عشرة سنة قضاها في الاعتقال .
وهكذا يعيد التاريخ نفسه، لتتكرر المشاهد نفسها بين الفرس والعرب، وما خبر النعمان بن المنذر عن هذا ببعيد. والغبي الغبي من وثق بالفرس وشيعتهم! وهل دمر دولة الإسلام على مر العصور إلا العقدة التاريخية المتكررة: (الوزير الفارسي والخليفة العربي) ؟! وهل كان للخلافة الإسلامية العباسية أن تسقط لولا خيانة ابن العلقمي الوزير الفارسي في دولة الخلافة وغدره بها، الذى راسل التتار، وخفض عدد الجند حتى صار عدد جيش الخلافة المدافع عن بغداد عشرة آلاف جندي فقط ؟!
وتتكرر الشواهد
ويكرر التاريخ نفسه ليقوم أحفاد ابن العلقمي الجدد (السيستاني وآل الحكيم وآل الخوئى وأحمد الجلبى وأياد علاوي وإبراهيم أشقوري الجعفري) بالدور نفسه. قصة احتلال التتار لبغداد نفسها قد تكررت على أيدي هؤلاء المجرمين مرة أخرى. وغدر السستاني وأبالسته بالعراق الذي يعيشون فيه ويتنعمون بخيراته. والعربي يقول: البئر الذي تشرب منه الماء لا ترم فيه حجراً. فتجد عموم أهل السنة في العراق اليوم يقاومون المحتل الأمريكي، بينما تجد الشيعة – إلا من رحم – قد خانوا دينهم الذي يدّعون الانتساب إليه، وباعوا وطنهم الذي يعيشون فيه، وغدروا بمواطنيهم أشنع الغدر حين اصطفوا مع المحتل الكافر، وصاروا يضربون أهل السنة في ظهورهم، متوهمين أن فرصة تاريخية سنحت لهم، لا بد من استغلالها لإنهاء الوجود السني في العراق. فأي خيانة؟! وأي ختر وغدر؟!!!
كما غدر الخميني وجوقته بكل من تحالف معهم ، من أهل السنة وغيرهم ، الذين
ضحوا في سبيل إزاحة الشاه، حتى إذا تم له ما أراد انقلب عليهم قتلاً وسجناً وتشريداً. ولا يستثنى من ذلك حلفاؤه من علماء الدين الشيعة داخل إيران وخارجها، مثل حسين علي منتظري رئيس مجلس خبراء الدستور والمرشح السابق لخلافة الخميني، وصبحي الطفيلي الأمين السابق لحزب الله في لبنان، ومحمد حسين فضل الله الأب الروحي للحزب الخ... هذا.. وشعار الفرس: إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد!


(12)
عقدة الخداع والتضليل
مر بنا قول الخبراء بـ(أن الشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين) و(أن
الناس في أثناء توقعاتهم بحصول التضليل وحلول الخديعة بهم يقومون بالبحث عن موازنة التحالفات بأخرى معاكسة لها وبهذه الطريقة تتحقق نبوءة كل واحد فيهم بوقوع التضليل).
يخدع بعضهم بعضاً
أي أن الإيراني يتوقع عادة أن الغير يحاول خداعه وتضليله فيقوم هو من جانبه بخداعه وتضليله حماية لنفسه على قاعدة (أتغدى به قبل أن يتعشى بي). والنتيجة أن الجميع يخدع بعضهم بعضاً!ً بحيث تحول الخداع والتضليل و(التقية) إلى ظاهرة اجتماعية في كل مجتمع مستعجم فضلاً عن المجتمع الإيراني العجمي. وهذا كله ناتج عن ضعف الثقة بالنفس المشتقة أصلاً عن عقدة النقص.
الرغبة الخفية بالانتقام
ويفتح لنا د. حجازي نافذة أخرى، نطل منها على هذه السمة النفسية عند الشيعي وترسخها من خلال علاقته بالحاكم ونظرته إليه. وذلك حين يبين أن علاقة الإنسان المضطهد (المقهور) بالمتسلط ليست جامدة بحيث لا يصدر عنه على طول الخط إلا الطاعة والخضوع. وإنما يحاول أن ينتقم لنفسه بوسائل شتى كلما وجد إلى ذلك سبيلاً، فيقول:
(يحاول الإنسان المقهور الانتقام بأساليب خفية (الكسل، التخريب) أو رمزية (النكات والتشنيعات). وهذا يخلق ازدواجية في العلاقة: رضوخ ظاهري، وعدوانية خفية. أبرز مثل على هذه الازدواجية هو موقف الرياء والخداع والمراوغة والكذب والتضليل... وهكذا يصبح الكذب جزءاً أساسياً من نسيج الوجود المتخلف على مختلف الصعد وفي كل الظروف. ويعمم على كل العلاقات: كذب في الحب والزواج، كذب في الصداقة، كذب في ادعاء القيم السامية، كذب في ادعاء الرجولة، كذب في المعرفة،
كذب في الإيمان... معظم العلاقات زائفة، معظم الحوار تضليل وخداع) .
إن هذا - مع التحليلات السابقة عن النفسية العدوانية - يؤكد القول بأن الشيعي لا يعرف الوسطية في علاقته مع الآخر. فهو إما مستخذٍ متمسكن مخادع حين يشعر بالخوف والقوة القاهرة، وإما مستكبر عدواني متسلط حين يشعر بالأمان ويمتلك زمام السيطرة على الآخرين.


(13)
عقدة الكـذب
الكذب هو الشعار القومي لـ(الفرس)! إلا من صهرهم الإيمان، أو بقيت في نفوسهم بقية من عناصر الفطرة الأصيلة تقاوم عوامل التعرية. يقال: إن أكبر دولتين في القدرة أو التفنن في تزوير العملة إيران والكيان الصهيوني! والتزوير أحد أنواع الكذب. وكذلك هم متفوقون في تزوير التاريخ!
شاهدان من إيران
المحمرة وعبادان والحويزة - وغيرها من مدن قطر الأحواز - هي أسماء عربية، أطلقت عليها منذ نشأتها. وقد غيرها الفرس في عهد رضا خان بهلوي إلى الفارسية، ساعين إلى محو كل ما يوحي إلى العروبة في الأحواز. وحين جاء النظام (الإسلامي) منع تداول هذه الأسماء العربية؛ مدعياً أن حزب البعث في العراق هو الذي غير أسماءها من الفارسية إلى العربية! والعجيب أنك ترى مؤرخين إيرانيين يظهرون على شاشات التلفزيون الإيراني، وهم يؤكدون أن نظام البعث هو الذي فعل ذلك. في مكابرة وقحة لإنكار كل الحقائق التاريخية الصارخة، والوقائع الناطقة بغير ما يقولون ويدّعون!
يقول الدكتور موسى الموسوي عن الخميني: (والخميني لا يأبى من الكذب أمام الخاصة والعامة على السواء. وإذا كذب يصر في الكذب ما استطاع إلى الإصرار سبيلا. فقد رأينا كيف أن كل أجهزته عندما اعترفت بشراء الأسلحة من إسرائيل أنكر الخميني ذلك أكثر من مرة. وحينما ثبت ذلك أمام العالم بعد سقوط الطائرة الأرجنتينية، وانكشفت حقيقة النظام الحاكم في إيران، واعترفت إسرائيل بذلك في آخر الأمر. كرر الخميني إنكاره لشراء الأسلحة، وبإصرار وعناد وكأنما الشيخ العجوز يعيش في عالم آخر لا يرى الشمس في رابعة النهار) .
شاهدان من العراق
لقد أظهرت الانتخابات الأخيرة التي جرت في العراق (15/12/2005) ارتكاب
عمليات تزوير من قبل القائمة الشيعية ذات الخمسات الثلاثة الشهيرة (555)، ربما لم يشهدها العالم من قبل، ولا من بعد! وهي القائمة التي يقف وراءها إيران والمرجعية الشيعية بكل ثقلها: ففي الانتخابات السابقة (30/1/2005) حكم السيستاني بالنار على كل من لا ينتخبها، وفي هذه المرة أشار إليها بقوله: انتخبوا القوي الأمين. وشاعت فتاوى أخرى بقوة في الشارع العراقي، لم تفصح بشكل رسمي عن مصدرها، تلجئ الشيعة إلى (اختيار) هذه القائمة، وإلا فإن النار مصير كل مخالف. والتزوير أوضح تصرف عملي على الكذب.
وفي صبيحة إعدام الرئيس صدام حسين خرج الشيعي موفق الربيعي مستشار الأمن العراقي على قناة العربية قبل ظهور شريط فيديو الإعدام بقليل ليقول: (إن صدام حسين عند صعوده إلى غرفة الإعدام كان خائفاً ومرتعباً، وشديد الإرتباك، وتلفظ بعبارات غير مفهومة. وتمت معاملته وفق الشرائع الإسلامية أثناء إعدامه، وكذلك أثناء مماته، وبحضور رجل دين من السنة، ولم يمس بأي سوء). ويشاء الله تعالى أن يفضح زيف هذه الادعاءات بعد ظهور شريط الإعدام. الذي يخالف هذه الدعوى حرفاً حرفاً !!! وقد شاهد العالم كله كيف دخل الرجل غرفة الإعدام، بكل ثبات وجرأة وإقدام، شهد له به الأعداء والخصوم قبل المحبين، في موقف جسد عنفوان العراقيين، واختزن تاريخ أنفتهم وزهوهم على مدى العصور. ومات وهو يتلفظ بالشهادتين بكل فصاحة ووضوح، وليس (بعبارات غير مفهومة). بعد أن استهزأ بجلاديه، ورفض أن يضع لثام الموت على وجهه. بل كانوا هم الذين يضعون لثام الجبن والنقص على وجوههم. ولم يكن من أحد من أهل السنة حاضراً لا من علماء الدين ولا غيرهم. حتى إذا سقطت جثته بادروها بالرقص على أوصالها – كما اعترف هذا الدجال نفسه - وأظهرت الصور آثر حز سكين نافذ في نحره. بينما قطعت رقبة أخيه برزان ووضعت على جسده! فعن أي شرائع إسلامية يتحدث هذا العلج المجوسي؟!!
قوم يشتكي الكذاب من كذبهم
مر بنا في بداية الكتاب قول الشاه محمد رضا بهلوي: (إن الكذب ذاته يجري تمجيده عند الفرس على أساس أنه فضيلة) مقتبسا في شكواه ما جاء في قصيدة الشاعر الفارسي المشهور سعدي من قوله: (إن الكلمات التي تخدعك وتضللك ولكنها تسعد قلبك هي أغلى من الصدق…الخ). فما بالك بقوم يشتكي الكذاب من كذبهم؟!
ولا أدل على القابلية المذهلة للكذب من ذلك الركام الهائل من المؤلفات الضخمة التي كتبها كهنة التشيع، القائمة على الكذب والدس والافتراء المحض. أحدهم ألّف كتاباً من أحد عشر مجلداً باسم (الغدير) بناه على كذبة تاريخية اسمها بيعة الغدير! أحد عشر مجلداً من الكذب! أما محمد باقر المجلسي فهو بحق - كما يلقب – مخترع المذهب! لقد ألّف هذا الأفاك كتاباً بلغ حجمه مائة وعشرة مجلدات كلها كذب. وأصل الأصول عند الشيعة هو كتاب (الكافي) لمحمد بن يعقوب الكليني. لقد أوصل الشيعة أنفسهم عدد الروايات المكذوبة فيه - من مجموع ستة عشر ألف رواية - إلى أكثر من تسعة آلاف رواية. ومنهم من جعلها أحد عشر ألف رواية ، أي إن ما يزيد على ثلثيه كذب. هذا بشهادتهم هم! وقس على ذلك.
وشواهد الكذب الشيعي الفارسي لا تحصى! وإذا عرف السبب بطل العجب!
الجذور
أما إذا أردنا البحث في جذور هذه الظاهرة فنقول: يظل السبب الأساسي لهذه العقدة - وكل عقدة - لدى (الفارسي) رغبته في السيطرة على من يفوقه عدداً ومعنى. إن شد القوميات الإيرانية المختلفة باتجاه الداخل وعزلها عن امتداداتها الخارجية تحت القبضة الفارسية لا يتم إلا بالكذب والدعاوى التي تصور لهذه القوميات أن خطراً ما يهددهم من الخارج! فإن لم يكن هناك من خطر حقيقي اختلقوا أسبابا للمشاكل والخصومات الخارجية يدّعون فيها دائماً أنهم مظلومون معتدى عليهم فالكذب بالنسبة لـ(الفارسي) ضرورة من ضرورات الحياة كالطعام والشراب والهواء لا يستطيع المقاومة والبقاء بدونه.
وقد عشنا الواقع عياناً وسماعاً، وقرأنا الكتب وتعاملنا مع الرافضة فما رأينا أكذب منهم! حتى تستطيع أن تقول: إن الكذب عند الرافضي مهنة! ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال: سبحان من خلق الكذب وجعل تسعة أعشاره في الرافضة.
ودخل الإسلام بلاد فارس فما تغير من كذبهـم إلا الاسـم، أمـا المضمون فقد بقي كما هو! كما هو ديدنهم مع كل عنصر من عناصر الدين. يأخذون منها الاسم والمصطلح ليعطوا لكل اسم بعد تطويعه وتحويره ما يناسبه من مضامين فارسية مجوسية. فالزنا والإباحة المجوسية: (متعة). وأكل أموال الناس بالباطل: (خمس) و(حقوق شرعية). وتأليه البشر وعبادة (رجال الدين): (إمامة). والفتن وتحليل دم المسلم والاغتيال السياسي: (جهاد)…وهكذا !
الكذب تسعة أعشار دين الفرس
أما الكذب - الشعار القومي للفرس فأطلقوا عليه اسم: (التقية)، وجعلوه تسعة أعشار
الدين! وقالوا: جعفر الصادق يقول ذلك( )! ولا أدري كيف ينسب للصادق تقديس الكذب
إلى هذا الحد! وعن محمد الباقر أنه قال: (التقية من ديني ودين آبائي. ولا إيمان لمن لا تقية له)( ). ولا شك أن هذا هو دين العجم وإيمانهم الذي دفعهم للقيام بأكبر عملية تزوير للدين في التاريخ كتاباً وسنة وأحكاماً. وللتاريخ أيضاً! وليس هو دين الله رب العالمين.

(14)
عقدة اللؤم (نكران الجميل)
المتشيع فارسياً شخص لئيم. لا سيما من تمكن منه هذا التشيع فقضى على جميع العناصر الفطرية الطيبة في داخله. فهو لا يعرف الوفاء، والجزاء على الإحسان بالإحسان. إن له ذاكرةً لا تلتقط إلا إساءة من أساء إليه. وإذا ألجئ أحدهم إلى تذكيره بالإحسان بادر إلى إنكاره وجحوده. واللئيم عادة ما يقصد بالإساءة من أحسن إليه.
جذور اللؤم
تستند هذه العقدة - في نشوئها – على عقدة الشك والتوجس. والمصاب بمرض الشك يفسر كل شيء على غير ما يظهر عليه. إن لكل تصرف ظاهر عنده مقصداً باطناً، ونية مخبوءة، هي التي تحرك المقابل، وتدفعه إلى ما تدفعه إليه.
ولهذا - وبسبب عقدة الشك عند (الفارسي)- فإن الإحسان لا يجدي مع الشيعة نفعاً. رغم أن المرء مجبول على حب من أحسن إليه. إلا (الفارسي) لشكه، وتوجسه، ووجود عقد أخرى تتساند فيما بينها - كالدونية وعقدة النقص - فهو لئيم يكره من يحسن إليه، يسيء به الظن، ويعتقد أنه بذلك إنما يريد إذلاله! أو يبتغي به منفعة ذاتية يتخذه وسيلة إليها. فهو كما قال الشاعر:
إذا أنتَ أكرمتَ الكريمَ ملكتَهُ
وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمردا

فإذا لنت معهم بالكلام قالوا: ضعيف. وإن أحسنت إليهم قالوا: متملق. وإن أعلنت بالاخوة قالوا: ماكر مخادع. وإن تقربت منهم قالوا: كيد وخطة مدبرة! وهي أخلاقهم (يسقطونها) على الآخرين ! ولا أرى سيدنا علياً عنى غيرهم حين قال: "عجبت لقوم إذا أكرمتهم احتقروك، وإذا احتقرتهم أكرموك"!
إنكار الإحسان وانقلاب آثاره
وإذا استقرينا التاريخ فقد لا نجد أحدا أحسن إلى الشيعة كما أحسن إليهم الخليفة العباسي المأمون بن الخليفة الرشيد حتى أفضى بولاية العهد إلى العلوي علي بن موسى
ولقبه بـ(الرضا) حتى صار علماً عليه، وزوجه ابنته!
لقد كلف هذا الأمر - نقل الخلافة من البيت العباسي إلى البيت العلوي - تضحيات
جسيمة وخسائر فادحة كادت أن تودي بملكه إذ ثار عليه العرب في بغداد، وبايعوا بدله عمه إبراهيم خليفة للمسلمين ، واستمرت الحروب بينهما سنتين أزهقت فيها آلاف الأنفس!
لم يكن المأمون مضطرا إلى هذه المغامرة. فليس من قوة أجبرته على ذلك وجعلته
يتحمل في سبيله ما تحمل. وقد كان في استطاعته أن يعزل علياً ويحبط محاولة عمه الذي ثار معه العرب في العراق جميعاً. لكنه ظل وفياً بعهده حتى تغلب عليه واستقرت
له الأمور.







 
قديم 07-11-11, 11:59 PM   رقم المشاركة : 14
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


ويشاء الله تعالى أن يموت ولي العهد وصهر الخليفة وابن عمه علي بن موسى الرضا حتف أنفه. فكيف تعاملت العقلية (الفارسية) المعقدة مع الحدث؟ قالوا: لقد مات مسموماً، والذي سمه المأمون! واخترعوا قصة عنقود العنب المسموم الذي قدمه له المأمون بنفسه. ثم صاروا يجسدون هذه الأسطورة على شكل صورة تجمع بين المأمون وعلي هذا في قصر الخلافة الفاره: المأمون يقدم العنقود لعلي، وعلي ماد يده إليه. والصورة منتشرة جداً، تعلق في البيوت والمقاهي والمطاعم والمحال العامة!
ولم يكسب المأمون من عنائه وجهوده التي حرقها في خدمتهم سوى اللعن والطعن وتشويه السمعة!
وهذا شأنهم مع كل حاكم من غير ملتهم ، مهما تقرب إليهم ، ومهما تسامح معهم وخدم قضيتهم وعمّر مزاراتهم ومشاهدهم وقام بعمارتها وزيارتها!
ماذا كسب صدام حسين من وراء ذلك؟ وماذا جنى ابنه عدي الذي سخّر جريدته (بابل) لنشر ما لم يحلم الشيعة بنشره من عقائدهم وأفكارهم؟ بل نشر لهم على صفحاتها تباعاً كتباً كاملة، واحد منها كتاب المراجعات! حتى قال عنه كثير من المراقبين: إنه تحول إلى مذهب الشيعة، وصار شيعياً ! النتيجة الوحيدة التي خرج بها هي اللعن على رؤوس الملأ، والوصم - أو الطمغة الجاهزة لكل مخالف – بالطائفية. ولم يحصل على كلمة واحدة منصفة - لا أقول: كلمة مدح أو ثناء - من أحد منهم! وقد كانوا هم أنفسهم يكيلون له في حياته من ذلك بالأطنان! بل ولا كلمة رحمة حتى بعد موته قتيلاً على أيدي المحتلين . بينما كان صدام حسين إذا ذكر عدوه الخميني يترحم عليه، ويقول: نحن العرب من عادتنا الترحم على الميت من أي جنس كان.
حسن العلوي كان السكرتير الصحفي لصدام حسين، وهو محسوب على التيار العلماني القومي، وعلى (المعتدلين) من الشيعة. وله كتاب – كما أخبر هو – عن مآثر عمر بن الخطاب. يقول في كتابه (الشيعة والدولة القومية): ظهر في إحصائية مودعة بوزارة التخطيط أواخر السبعينات، أن (80%) من حملة الشهادات العليا في الفروع العلمية، كانوا من أبناء الشيعة.
انظر إليه كيف تأبى عليه عقدة اللؤم إلا أن يفسر هذا بما يتناسب مع عقدته الموروثة! يقول: إنها ردة فعل من الشيعة على سياسة التمييز الطائفي !!
هل نسي هذا العلوي أن أغلب – إن لم يكن كل – الصحفيين الذين كانوا يحيطون بصدام هم من الشيعة؟ وكان هو واحداً منهم، بل على رأسهم. وكان مقرباً جداً من الرئيس .
موسى الصدر مؤسس حركة (أمل) الشيعية في لبنان أحد الأمثلة التي لا تخطئ على اللؤم الشيعي الفارسي. لقد استطاع هذا السفاح أن يقيم علاقة وثيقة مع حركة فتح - ذات الخلفية السنية، فقامت بتدريب وإعداد الجناح العسكري لحركة أمل! ودعمها بالسلاح وتقديم الخدمات لها! وقد استفادت الثورة الخمينية من الكوادر التي تدربت في لبنان في ترتيب أوضاعها بعد الانقلاب على الشاه!
لكنه ما إن تمكن وصار في غنى عن منظمة التحرير، وبدأت تعلن المصالح المختلفة أساساً عن نفسها حتى بدأ يهاجم – وبصورة شخصية – المنظمة. ولم يتوان عن استعمال أخس الأساليب في محاربتها، ومحاولة اجتثاثها. مثل اتهامه لها بالعمل على قلب الأنظمة العربية الحاكمة وعلى رأسها النظام اللبناني! ودعا الأنظمة إلى مواجهة الخطر الفلسطيني! كما نقلت ذلك وكالة الأنباء الفرنسية في 12/8/1976، ونقلته أيضاً بعض الصحف اللبنانية! ما جعل ممثل منظمة التحرير في القاهرة يصدر تصريحاً يندد فيه بمؤامرة الصدر على الشعب الفلسطيني. كما لم يخجل الصدر من القول: لسنا في حالة حرب مع إسرائيل والعمل الفدائي في الجنوب يحرجنا!
ولم يكتف الصدر وشيعته بذلك، وإنما أخذوا يطالبون بوقف العمل الفدائي، وإخراج الفلسطينيين من الجنوب. ومن أجل ذلك وقعت صدامات ونظم الشيعة إضراباً عاماً في صيدا وطالبوا بإخراج المنظمات المسلحة من الجنوب!
وكان الصدر أول من طالب بقوات طوارئ دولية تتمركز في الجنوب، زاعما أن لبنان في هدنة مع إسرائيل، ولا يجوز أن يخرقها الفلسطينيون، وعندما جاءت قوات الطوارئ نجح في أن تكون نسبة كبيرة من هذه القوات من إيران. وتعاون معظم زعماء الشيعة في الجنوب مع اليهود وصنيعتهم سعد حداد. كما يفعلون اليوم في بغداد!
التاريخ القديم
وتاريخ إيران القديم - والحديث - مليء بالشواهد!
في عام 664 ق.م حصل شقاق في البيت العيلامي المالك لجأ على إثره أبناء الملك السابق (اورتاكو) إلى البلاط الآشوري مع رماة سهامهم ومرافقيهم بسبب عداء الملك الجديد (تيومان) لهم. ومنحهم الملك الآشوري (آشور بانيبال) حق اللجوء، ورفض كل طلبات الملك العيلامي بتسليمهم إليه. وبعد حوالي عشر سنوات أي في عام 653ق.م. هاجم تيومان ملك عيلام بلاد بابل بجيش كبير، فتصدى له الآشوريون وأوقعوا به هزيمة منكرة وقبضوا على الملك العيلامي (تيومان) وقطعوا رأسه وأرسلوه إلى (آشور بانيبال) في نينوى. بعدها أعاد آشور بانيبال أولاد الملك السابق الذين لجأوا إليه ونصبهم على عرش عيلام. فانظر كيف رد هؤلاء عليه؟ وكيف كان (إحسانهم) إليه؟!
بعد عام واحد أي في سنة 652 ق.م. قامت ثورة انفصالية في بابل بقيادة (شمش شموكين) شقيق (آشور بانيبال) فما كان من ملك عيلام - الذي كان لاجئاً في البلاط الآشوري أكثر من عشر سنين آمناً منعماً ثم تمكن بفضل آشور بانيبال من استرداد عرشه - إلا أن سارع لمساندة الثائر الانفصالي ضد أخيه وأرسل جيشا بقيادة ابن (تيومان) مع قواد آخرين لمساعدته . فكان هذا أول مكافأة قام بأدائها ملك عيلام، تجاه
ملك آشور رداً على إحسان الأخير إليه( ).
الخميني الدجال
كذلك فعل حفيده وخلفه الخميني الدجال تماماً!، الذي آواه العراق، وقدمت له حكومته أسباب العيش والحماية ثلاثة عشر عاماً. فكان أول عمل قام به بعد تولي العرش سنة (1979) أن شن حرباً ضروساً على البلد الذي آواه، بعد عام واحد فقط من
ذلك، دامت ثماني سنين!
انظر إلى بعض ما أسداه العراق والحكومة العراقية إلى الخميني، على لسان خبير به هو الدكتور موسى الموسوي إذ يقول: (ولكي أضع النقاط على الحروف أود أن أسجل هنا للتاريخ قائمة بتفاصيل المساعدات التي كان يتلقاها الخميني من الحكومة العراقية التي هو اليوم في حرب معها؛ ليعلم الشعب الإيراني قبل الشعب العراقي حجم المساعدات التي تلقاها الخميني من الحكومة العراقية طيلة العشر سنوات التي قضاها في كنفها ليعود بعد ذلك إلى إيران ويجازي العراق وشعبه جزاء سنمار .
(1) أعطت الحكومة العراقية الأولوية القصوى بين اللاجئين السياسيين المتواجدين آنذاك في العراق للخميني وحاشيته وسهلت لهم العيش والحياة وزودت كثيرا منهم بالجوازات العراقية بعد أن حرمهم الشاه من هويتهم الإيرانية فسهلت له التنقل بين البلاد والاتصال بالعباد .
(2) خصصت وزارة الإعلام للخميني قناة خاصة في القسم الفارسي بإذاعة بغداد كان يبث منها ما يتصل بالخميني ونضاله ضد الشاه. وكان المذيعون فيها جماعته والمنتسبين إليه. وكان يذاع منها برنامج يومي اسمه (النهضة الروحية).
(3) كان مصطفى بن الخميني على اتصال وثيق بالحكومة العراقية. وكان يجري الاتصال بأركان الدولة مباشرة، أو عن طريق المرحوم جنرال بختيار. ويطلب المساعدات المختلفة لجماعة أبيه. وكانت طلباته لا ترد.
(4) كانت الجهات المعنية بشؤون التدريب العسكري تدرب جماعة الخميني خارج مدينة النجف. وكان ممثل الخميني لدى الحكومة للإشراف على التدريب هو الشيخ يزدي زاده الموجود حاليا في إيران. وكانت الحكومة تعطي لهم المال والسلاح.
(5) كان الخميني يستقبل شخصيات كبيرة في الدولة . وكانت أحاديثه معهم هـي
التعبير عن الشكر والامتنان للحكومة، مع الدعاء لها بالتوفيق والتسديد.
(6) كان الخميني يقدم الرجاء إلى الرئيس العراقي في القضايا المتعلقة به، وكان رجاؤه يقبل حتى في المناسبات الخطيرة. كما جدث ذلك في عام 1970 عندما حكمت محكمة الثورة على السيد حسن الشيرازي بالإعدام لاتهامه بالتجسس لصالح دولة أجنبية. وكان هذا الشخص محسوباً على الخميني، ومن حاشيته. فكتب رسالة بخطه إلى الجنرال تيمور بختيار الموجود آنذاك في بغداد يطلب منه نقل رجائه إلى الرئيس صدام الحسين الذي كان آنذاك نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة، يطلب الرحمة والعفو عن المتهم. فقبل رجاءه وعفى عن الشيرازي. وأطلق سراحه بعد شهرين. الأمر الذي لم يحدث له نظير من قبل .
(7) عندما توفى ابنه مصطفى قدم الخميني رجاء إلى الرئيس العراقي يطلب إصدار الأمر بدفن ابنه (بصورة استثنائية) في الروضة الحيدرية، الأمر الذي كان ممنوعا بقرار من مجلس قيادة الثورة. ورفع الخميني هذا الرجاء عن طريقي، فرفعته إلى الرئيس العراقي عن طريق وزير الأوقاف. فقبل الرجاء، ودفن ابنه حيثما أراد الخميني .
(8) كان أحمد ابن الخميني يقدم الرجاء إلى الحكومة يطلب حماية أبيه من اغتيال السافاك، فكانت الحكومة تجند لحماية الخميني رجالها، وبالتنسيق مع أحمد.
وعندما غادر الخميني العراق إلى الكويت، ولم تسمح له السلطات الكويتية بالدخول إلى أراضيها بقي في الحدود الكويتية حيران لا يدري ماذا يفعل؟ فعلمت حكومة العراق بذلك، فوافقت على عودته إلى العراق. وقيل له عندما وصل إلى بغداد أنه يستطيع العودة إلى النجف والعيش فيها إذا شاء على شرط أن يحترم قوانين العراق.
وبعد كل هذا ليت شعري كيف يبرر الخميني والخمينيون حربهم مع العراق؟! وكيف يبررون هذا الموقف العدائي لهذه الدولة التي أكرمتهم؟
والتاريخ يعيد نفسه. فكذلك فعل كسرى (برويز) من قبل مع (النعمان بن المنذر) الذي احتضن والده (المنذر بن النعمان) جد كسرى المذكور (بهرام بن يزدجرد) فقام بتربيته ورعايته ولما مات أبوه (يزدجرد) أراد عظماء المملكة حجب الملك عنه فجهز (المنذر) عشرة آلاف (وقيل ثلاثين ألف) فارس من فرسان العرب وذوي البأس والنجدة بقيادة ابنه (النعمان) ووجههم إلى (طيسفون) أو (المدائن) مما جعل الفرس يذعنون للأمر ويتوجون (بهرام) ملكاً عليهم . فماذا كان الجزاء ؟ قتل حفيده (برويز)
(النعمان بن المنذر) وسلبه ملكه!( )
وفي الوقت الذي يحاول الإيرانيون نكران فضل الحضارة العربية عليهم بشتى الطرق والأساليب ومنها اعتبار بعض الشخصيات العربية المفكرة ذات أصل فارسي نجد الشعب الأسباني – مثلاً - لا يزال إلى اليوم يعترف بفضل الحضارة العربية عليه بصراحة وفخر( ).
التاريخ القريب
وآخر ما عبرت به هذه الخصلة الذميمة الصيحات الشيعية العالية المتكررة في العراق التي تتهم العرب بلا استثناء بـ(تواطئهم مع النظام السابق، وسكوتهم عن ظلمه للشيعة، وعدم إعانتهم أو الدفاع عنهم). ولكل واحد يسمع هذا أن يقول: كم من دولة عربية شاركت – بالموقف السلبي أو الإيجابي - في العدوان الأخير على العراق، الذي يسميه الشيعة تحريراً لهم؟ وهل كان بالإمكان تحقيق هذا (التحرير) التاريخي للشيعة، والذي أسفر عن وصولهم إلى قمة السلطة، لولا التسهيلات العربية؟ من أين دخلت جيوش (الفتح والتحرير)؟ أليست من أراض عربية؟! وكم دولة عربية آوت مجاميع الخونة الشعوبية الذين أسموا أنفسهم بـ(المعارضة)، وقدمت لهم الدعم المادي والمعنوي؟
كيف يمكن أن ينكر دور سوريا في إيوائهم، وإعانتهم؟! ومن العجيب أن الحكومة الشيعية الحالية في العراق، إذا حدت أمريكا أسنانها على سوريا، حدت تلك الحكومة سكاكينها وحرابها واندفعت أمامها في اتهام سوريا العربية. لكنها تصمت صمت القبور إذا تعلق الأمر بإيران الفارسية! ليس تعلقهم بإيران لأنها ساعدتهم، والعرب لم يساعدوهم.
كلا ! الأمر أعمق من هذا.
أين ذهبت مئات الملايين الدولارية التي أنفقتها دول الخليج على آل الحكيم وغيرهم من الزمر الشعوبية؟ كل هذا وغيره قدمه (العرب) للشيعة ومع ذلك يتهمونهم
بكل وقاحة ولؤم ونكران جميل بأنهم لم يقفوا معهم، بل ساعدوا على ظلمهم!!!
يقول د. موسى الموسوي عن الخميني : (إن أحد أقربائه المتصلين به سألني يوماً
هل تذكر يوم كنا في بيتك مع الخميني وتغدينا على مائدتك؟ قلت: نعم. إنه كان في عام
1955 وعندما كنت مقيماً في طهران. فأضاف محدثي معلقاً: فإذا كان صحيحاً ما سمعناه عن أيام إقامته في العراق، ومن أنه كان يطلب منك العون في بعض الحالات، فكن على حذر منه؛ فإنه سيقتلك إذا ظفر بك؛ لأن الخميني يحقد على شخصين، ويريد أن يزيحهما من الوجود إذا استطاع : شخص أساء إليه ، وشخص أحسن إليه ؛ لإنهما
يذكرانه بأيام ضعفه، وهو لا يريد أن يذكر تلك الأيام، حتى ولو كانت له.
وقد ثبت لي صحة هذا الكلام بعد أن قتل الخميني الجواهريان ودستمالجي، وكلاهما من أخلص المخلصين له، وكانا قد قدما له عشرات الملايين لنجاح ثورته عندما كان في العراق وفي باريس... كما أن قتل الشباب المجاهدين الذين على أكتافهم وبنضالهم وصل إلى سدة الحكم، وحربه مع العراق الذي آواه وأسنده وقدم له العون طيلة 15 عاماً خير دليل على سداد رأي الرجل وسداده) .
هكذا تجد الشيعي – إلا من رحم - في كل مكان هو هو، مهما اختلفت بيئته، وتنوعت ثقافته؛ لأن العقيدة والتربية واحدو. فالمهجرون من الشيعة في جنوب لبنان، حينما آواهم أهل السنة في قراهم رفضوا الدخول إلى أي مدرسة أو مسجد يحمل اسمًا لصحابي جليل أو زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ورفضوا أيضًا قبول المساعدات التي تحمل اسمًا أو شعارًا لأهل السنة، لا سيسما من المملكة العربية السعودية. ومن قبلها منهم تحت وطأة الاضطرار مزق الاسم والشعار معلناً أن مال المملكة مال خبيث!
بيت العنكبوت
ومن مظاهر اللؤم وعدم الوفاء تآمر البيت العجمي على نفسه. البنت تكيد لأمها، والولد لأبيه كي يحُل محَله. فحين يكبر الولد في إيران كثيراً ما يبذل قصارى جهده كي يثبت قانوناً أن أباه خرف، أو مريض عقلياً؛ ليطبق في حقه قانون الحجر على أموال السفيه، فيتسلمها ولده من بعده، ويكون مصير الوالد دار العجزة أو مستشفى الأمراض العقلية. وهذا التصرف اللئيم مقتصر على العجم حصراً؛ ولهذا لا تجد في دار العجزة التي في الأحواز عربياً واحداً؛ فليس اللؤم من شيمة العرب.
شواهد من واقع المجتمع المستعجم
وقد صادفتنا في تعاملنا مع المجتمع الشيعي المستعجم حالات غريبة جداً للؤم ونكران الجميل! في إحدى نواحي محافظة بابل كان لي صديق يشغل وظيفة إمام وخطيب المسجد السني الوحيد في الناحية. انعقدت علاقة بينه وبين شاب من جيران المسجد، لا زال يدرس في إحدى الكليات، فقير الحال، ترك له والده مسؤولية العائلة وفارق الحياة. وقد أرهق كاهله الجمع بين الدراسة والقيام على شأن العائلة. فكان صديقي الشيخ كثيراً ما يعينه، ويشكو حاله عند أهل الخير ليجمع له بعض المال ليواصل المسير. ويخبرني الشيخ يوماً أن لصوصاً سرقوا بيت الشاب، فلم يتركوا له غير الجدران! وقد تبرأ منه أعمامه وأقاربه، ولا يدري ماذا يفعل؟ وفكرت طويلاً حتى هداني الله فذهبت إلى أخوال لي في إحدى قرى اللطيفية، وشرحت لهم الحال فتأثروا لما قلت. وعدوني خيراً، وأمهلوني عدة أيام. وحين رجعت إليهم في الموعد المضروب وجدتهم قد جمعوا له أثاثاً كاملاً كانت السيارة التويوتا البيكب تنوء بحمله، ويفيض عنها، ليس في بيت أحد منا أثاث مثله! وذهب معي في سيارته أحد أخوالي وهو وجه قومه، إلى تلك الناحية التي تبعد عن بيته أكثر من مائة كيلومتر. وكان بيده ينزل الأغراض إلى داخل الحجرات! كذلك كان الشيخ وأنا معهم. كان موقفاً مؤثراً سالت له دموع والدة الشاب الذي كان ساعتها ينظر متعجباً ومبهوتاً مما يرى!
ومرت بضع سنوات ليعتقل الشيخ في ليلة ظلماء. وبعد البحث والتنقيب توصلنا إلى أنه معتقل لدى جهاز المخابرات في بغداد في البناية المعروفة بـ(الحاكمية).
قضى الشيخ في المعتقل تسعة أشهر في تهمة كاد أن يدفع لها حياته، لولا أن منّ الله تعالى عليه ببعض الخيرين من ضباط الجهاز الذين تفهموا موقفه ولملموا القضية لينقذوه من حكمها. هل تعلم من الذي وشى به وكتب التقرير الأصفر إلى الجهة المذكورة مع الوثيقة الدامغة بخط الشيخ؟ هل تصدق إذا قلت لك: إنه ذلك الشاب الذي
كان الشيخ يحسن إليه سنين عدداً !!!
وقد رأينا من خلال التجربة في المناطق الجنوبية أن الشك وسوء الظن ، كثيراً ما
يفسد العلاقة بين المعطي المحسن وبين المعطى إليه. مثلاً طالب العلم يرسله الشيخ للدراسة في مدرسة من المدارس الدينية أو غير الدينية. ومن باب عمل المعروف ولحاجة الناس يقوم الشيخ على شؤون الطالب المادية. ويبذل في ذلك ماء وجهه وهو يدور على هذا وذاك يستجدي إحسانهم من أجل هذا الطالب وغيره من أمثاله. لكن الطالب هذا يتوهم في نفسه – وكذلك أهله – أن الشيخ مرتبط بجهة ما في هذا الكوكب تزوده بالمال حسب عدد الطلاب، وأنه يتقاضى منها راتباً لقاء جهده هذا، وأنه لولا انتفاعه لما فعل ما فعل. ولا بد أن له مقاصد الله أعلم بها من وراء حرصه هذا غير المفهوم وسعيه المحموم وراء الطلاب وتجميعهم والصرف عليهم. وهكذا تنقلب الأمور ويمسي الطالب هو المحسن، والشيخ متلقٍّ لإحسانه. لا بد أنه كنز ثمين فعليه أن يحرص عليه، وإلا تركه إلى سواه! لقد تولد عنده شعور خطير ألا وهو أن هذا المال حق من حقوقه يجب عليك أداؤه له، وأنك ملزم بذلك تجاهه فيكون الأساس الإيماني قد انتفى وحل محله شعور بأنك تشتري - وهو يبيع - ولاءه لك بهذا المال. ويشعر كذلك بأنه يعطيك مقابل ما يأخذ، حتى لو كان هذا المقابل وهماً أو شيئا مبهما لا يستطيع التعبير عنه، وأن هذا العطاء المتبادل شخصي لا ديني: فأنت تعطيه مالاً يستفيد منه مقابل شيء تستفيد منه أنت يحققه هو لك، أقله أنه صار من أتباعك! فإذا قصرت أو قطعت ما كان موصولاً لأي ظرف أو سبب شمخ بأنفه وثنى بعطفه! ثم استطال لسانه ليدخله فيما لا يحل! وساءت الظنون وبدأت الطعون، وعدت مذموماً مخذولاً ! وهكذا تسهم عقدة الشك في تنمية وتغذية عقدة اللؤم ونكران الجميل.
شاهد من عصر التغول الشيعي في العراق
على موقع (الرابطة العراقية) وفي يوم (11/4/2007) كتب أحد المنكوبين باللؤم الشيعي يروي قائلاً: (في صباح يوم مشؤوم استيقظنا على صوت عيارات نارية قريبة منا! نزلت من الطابق العلوي، وإذا بي أسمع أن جارنا (م) قد اغتيل أثناء ذهابه إلى عمله بالقرب من محلتنا. وجدت أن أخي أحمد (العريس الذي زف إلى عروسه قبل أربعة أيام فقط) قد خرج إلى الشارع الرئيس مع بعض الجيران، وهم يحاولون إنقاذ جارنا، ونقله إلى المستشفى. لكنه سرعان ما فارق الحياة. رجع أخي أحمد إلى البيت وكان متأثر جداً، وذهب إلى أمي - التي ما تزال نائمة - ليخبرها بنبأ مقتل جارنا ويقول لها بكل بساطة: (لأن جارنا السيد م رجل طيب فقد قُتل). فنهضت أمي مسرعة وذهبت إلى بيت جارنا. وبدأت بالضرب على رأسها والنواح والبكاء. وتجمع أقارب جارنا وإخوته، وانقلبت الدنيا لمقتله وقامت ولم تقعد. لم تتأخر الجنازة كثيراً في المستشفى؛ لأن أخا المقتول يعمل في وزارة الصحة؛ لذلك ما إن وصلت الجثة إلى المستشفى حتى تسلموا تصريح الدفن، ورجعوا بالجنازة إلى البيت. وكان الجميع بانتظارهم، ومنهم أخواي (أحمد ومصطفى). وعندما خرجوا بالجنازة من البيت كان إخوتي يحملونها مع الآخرين على أكتافهم، حتى أوصلوها إلى الشارع، ليضعوها على السيارة. وقد امتلأ الشارع بالمسلحين والسيارات نوع مو************ا. بدأ المسلحون بإطلاق العيارات النارية على الناس عشوائياً؛ ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص. ثم أخذوا يرمون الرصاص باتجاه الأرض ليفرقوا الناس. وإذا بسيارتين مظللتين جاءتا مسرعتين وقد كانتا متوقفتين أمام بيت جارنا. ونزل منها شباب مسلحون، سألوا: من منكم سني؟ فأشار شخص - وهو أحد جيراننا الشيعة، وصديق لإخوتي - على أخي أحمد الذي كان واقفاً جانباً بعد أن أوصل الجنازة إلى السيارة. فهجم المسلحون على أخي وقاموا بضربه بقوة وأصعدوه إلى السيارة. لقد تبين أن هؤلاء المسلحين من فيلق بدر، كم تبين أن جارنا (الطيب)!! هو أحد قياديي الفيلق!!
في أثناء خطف أخي أحمد كان أخي الأصغر مصطفى قد عاد إلى البيت، وتركه هناك مع المشيعين. وعندما سمع بما جرى لأخيه جن جنونه، وأغمي عليه! لكنه أفاق بعد لحظات، ليأخذ مفاتيح السيارة العائدة لأخي أحمد. لم تنفع توسلات أمي ولا توسلات زوجته، في منعه من اللحاق به. وكذلك حاول بعض الحضور، لكنه أفلت من بين أيديهم وذهب بالسيارة مسرعاً ولحق بالخاطفين عند حسينية (الأئمة) المشهورة في حي العامل.
لم يدر أن المجرمين كانوا بانتظاره؛ لقد علموا عن طريق الموبايل من جواسيس منطقتنا بأن مصطفى قد لحق بهم، وما إن وصل إليهم حتى قاموا بالهجوم على السيارة وأنزلوه إلى داخل الحسينية. لم يحرك جيراننا أهل المقتول ساكناً، ولم يتدخلوا لانقاذ أحمد ومصطفى، ولم يقولوا لهم: إن هؤلاء جيراننا، ولا ذنب لهم فيما جرى. بل تواطأوا معهم بسكوتهم على الجريمة. ولم يكتفوا بواحد، وإنما قتلوا أخويَّ كليهما! وقد قاموا بتعذيبهما بواسطة المثقب الحديدي (الدريل) والمنشار الكهربائي (الكوسرة). ثم أطلقوا عليهما الرصاص. ورموهما فوق جنازة جارنا القيادي في فيلق بدر. ثم قاموا بخطف أربعة شباب من السنة أيضاً - وذلك قبل أن تتحرك الجنازة – وقتلوهم، ورموهم فوق الجنازة. ثم تحركوا بعدها.
أهكذا يكون رد الجميل؟!!!

الشهيد مصطفى عبد ذياب الهيتي/ بكالوريوس لغة عربية وفقه، مواليد 1973
انظر إلى آثار التعذيب بالدريل وغيره..!!!
لقد وقف أخوتي إلى جانبهم، وشاركوهم مصيبتهم، وحملوا الجنازة معهم على أكتافهم. وفضل أخوتي من قبل عليهم لا يعلمه إلا الله! فنحن نطبق حديث نبينا محمد  وهو يوصينا بالجار ولكن ماذا كان الجزاء من جارنا؟!
ملاحظة/ لم يكتف جيراننا بقتل أخوتي دونما ذنب، وإنما كتبوا على دارنا - بعد خروجنا منها – (الدار لا يباع ولا يؤجر)!



(15)
عقدة التحلل
اشتهرت شعوب كثيرة بالفساد الخلقي والإباحية، لكن الشعب الوحيد - على ما يبدو- الذي أطّر فساده بالدين، وأعطاه مشروعية دينية هو الشعب الإيراني، ومنذ أقدم عصور التاريخ.
فالزرادشتية تبيح زواج الابن بأمه والأب بابنته والأخ بأخته!( ). والمزدكية تقول باشتراك الناس في الأموال والنساء وأصبحت دين الدولة الرسمي في عهد الملك قباذ الأول عام 488م. يقول ابن النديم: (وصاحبهم القديم مزدك أمرهم بتناول اللذات والانعكاف على بلوغ الشهوات والأكل والشرب والاختلاط وترك الاستبداد بعضهم على بعض ولهم مشاركة في الحرم والأهل لا يمتنع الواحد منهم عن حرمة الآخر ولا يمنعه)( ). والخرمية - وهي ديانة متطورة عن المزدكية، وتعني بالعربية دين الفرح - تمتاز بالإباحية العامة( ).
ولعل هذا ما جعل هؤلاء يأتون هذه الرذائل دون أن يدركوا – ربما – أنهم يقترفون منكراً من الفعل، أو يرتكبون منهياً في حكم الشرع أو الخلق العام، كما قال تعالى في أمثالهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (البقرة:12،11). ومن هنا يمكن إطلاق وصف (العقدة) على هذا المرض الخلقي الوبيل.
الرذيلة هي العلامة الفارقة
تسللت هذه الرذائل متسترة بالدين إلى جميع الفرق الباطنية التي انتسبت للتشيع. مثل الواقفة الذين وقفوا بالإمامة على موسى بن جعفر. وهم اتباع محمد بن بشير وقد قالوا بإباحة المحارم والفروج والغلمان وترك الفرائض( ). والخطابية أتباع أبي الخطاب الأسدي بالولاء الذين يبيحون المحارم من الزنا واللواطة والسرقة وشرب الخمر وشهادة الزور وترك الفرائض( ). والمنصورية اتباع أبي منصور العجلي بالولاء ، وقد استحلوا المحارم ونكاح الأمهات والبنات( ) . والنصيرية أتباع محمد بن نصير النميري بالولاء الذي قال بألوهية الحسن العسكري وادعى النبوة وحلل المحارم ونكاح الرجال. ويروي بعضهم أنه رآه وغلام على ظهره( ) .
إن التشيع أو التشيع الفارسي ليس إلا حالة متطورة لهذه الفرق التي كان أحد أسباب اندثارها، وعدم قدرتها على الصمود والاستمرار، وضوحها وعلنيتها؛ بسبب قلة خبرتها في ذلك الزمن وتخبطها في تجاربها.


استبطان التشيع الاثني عشري لرذائل الفرق الباطنية كلها
يخطئ من يتصور أن هذه الفرق بادت وانتهت حقيقة. كلا فإن كل الذي حصل هو أنها صارت تستفيد من التجارب والأخطاء لتكون أكثر باطنية. وتغلف مقاصدها لتظهر باسم التشيع لأهل البيت أو الأمامية أو الاثني عشرية. وهو ما نطلق عليه اسم الرفض أو التشيع - وقد يسمى بالتشيع الفارسي - الذي يعتبر حالة متطورة جداً عن تلك الحالات البدائية الأولية. إن إباحية الجنس والمال في الديانة المزدكية والخرمية وغيرها من الديانات الفارسية القديمة ظهرت عند الإمامية بشكل مقبول مؤطر باسم شرعي، ويمكن ربطه ببعض الألفاظ القرآنية. أما إباحية المال فظهرت باسم (الخمس) و(الحقوق الشرعية) وما شابه. وأما الإباحية الجنسية فظهرت باسم (المتعة) التي تغني صاحبها وتعوضه عن أشد حالات التحلل والفساد الجنسي. والتي هي تقليد زرادشتي قديم. تقول د. شهلا حائري وهي حفيدة المرجع الديني الإيراني آية الله حائري: (عند الزرادشتيين يحق للزوج أو رب العائلة إعطاء زوجته أو ابنته من خلال إجراءات رسمية رداً على طلب رسمي الى أي رجل من قومه ، يطلبها كزوجة مؤقتة لفترة محددة. وفي هذه الحالة تبقى المرأة زوجة دائمة لزوجها الأصلي وفي الوقت نفسه تصبح زوجة مؤقتة لرجل آخر. وأي طفل يولد خلال فترة الزواج المؤقت يعود إلى الزوج الدائم أو لوالد المرأة وفقاً للحالة)( ).

محمد باقر الصدر مع إحدى النساء.. تمارين قبل أن يبدأ (الدرس)
أما أخبار المراجع فحدث ولا حرج ! وأن المرجع الفلاني أهديت إليه شابة لكنه لكبر سنه وتقدم شيخوخته غير قادر على تلبية فطرتها، فتولى ابنه الشاب المهمة عنه فشيء عادي وعلى كل لسان ! ولا من مشكلة! وشهد بذلك شاهد من أهلها المعمم عباس الخوئي بن المرجع الشيعي المشهور أبي القاسم الخوئي. لقد تحدث عن فضائح أخلاقية حصلت في بيت الخوئي نفسه ومن قبل أقاربه الأدنَين. من ذلك السبب الذي جعل أباه يطلق زوجته والدة محمد تقي وعبد المجيد الذي قتله أتباع مقتدى عشية دخوله النجف مع (الإخوة) المحتلين. والتفاصيل موجودة في قرص ليزري. وقد ذكر فيه حكايات عن علمائهم ومراجعهم يخجل القلم من تقييدها.
إتيان الذكور
وللقوم ولع خاص بالشذوذ ونكاح الذكر أو الغلام. ولعل هذا هو السبب وراء انتشار اسم (غلام) بينهم. وقد تحدث عباس الخوئي عن تفشي اللواطة بين علمائهم! ثم عقب قائلاً : المشكلة ليست في هذا، المشكلة حين يصير الملوط به مرجعاً، وقد حصل!!!
التقيت بعض الأحوازيين فإذا هم يحدثوننا الحديث نفسه! حدثونا عن حي في مدينة أصفهان اسمه (سَي وسَه پُل)، هو عبارة عن مركز دعارة علني متخصص بمارسة اللواطة! وذلك تحت سمع وبصر حكومة دولة إيران (الإسلامية) دون أي تضييق أو محاسبة!! ومن المعتاد أن يسأل سائق التاكسي أثناء الطريق من يستأجره إلى ذلك الحي: كم تريد عمر الغلام: 10 سنوات،11،12؟! كما أن كثيراً من مدرسي الحوزات لا يتزوجون قبل الأربعين، فإذا سألت أحدهم كيف لك أن تعيش من دون زواج؟ يضحك ويجيب: "عايشين على... وعلى الطلاب" (كبرت كلمة تخرج من أفواههم)!
وحدثني أحد الأقارب – كان يسكن الديوانية في الجنوب العراقي – له جار يدرس في إحدى مدارس الحوزة النجفية. يقول: لفت نظري أن جاري هذا يذهب إلى النجف صباحاً ويعود مساء كل يوم. فسألته: لماذا لا تبيت في القسم الداخلي للطلبة؟ فأجابني: لا أدري ماذا أقول لك؟! هل تصدق أن ثلاثة أرباع الطلبة يمارسون اللواطة مع بعضهم بعد انتهاء الدوام؟!
وإليك هذه العجيبة – وهي مفردة يومية من مفردات حياة كثير من معممي الشيعة – حدثني من لا أتهمه، قريب وصديق لي يعمل في استيراد السيارات. يقول: رأيت شاباً شيعياً من أهل مدينة العمارة في الجنوب العراقي، كان يبحث عن عمل في (المنطقة الحرة) في (عدرا) بسوريا. اتجه بنا الحديث إلى أن قال هذا الشاب: لي صاحب يسكن قريباً مني في حي السيدة زينب، وكنا نبحث عن عمل فلا نجد. مرت الأيام سريعة، فلاحظت تغيراً على صاحبي في ملبسه ومأكله، وجيبه! قلت له: يظهر أنك وجدت عملاً؟! قال: نعم. قلت: ألا يمكن أن تشركني فيه؟ قال: لا ينفعك، ولا تقدر عليه. قلت: أخبرني عن هذا العمل؟ ما طبيعته؟ قال: دعه، لا تسل عنه (!). وألححت عليه، وكان بيني وبينه علاقة حميمة وميانة. فقال بعد تلكؤ وتردد: تعرفت في هذه المنطقة على معممين شيعيين اثنين مأبونين، أزور كلاً منهما مرة في الأسبوع... وأحصل من ورائهما على مبالغ محترمة.
وقد انسحب هذا الولع على علاقتهم الزوجية فتاوى أجمعوا بها على جواز ممارسة الأسلوب نفسه مع الزوجة. على أن بعضهم يغلف فتواه بالكراهة التي هي مجرد كلمة لا أثر لها عند الفعل.
ويشيع في الوسط الإيراني نكاح المحارم الذي انتقل بالحث والعدوى إلى جميع المجتمعات التي تدين بالتشيع. إن أشد المجتمعات تديناً بالتشيع، أشدها ابتلاء باللواط ونكاح المحارم والشذوذ الجنسي. والنجف مثال! وقد كان في سجن أبي غريب على عهد النظام السابق، ومن مدينة الثورة فقط معقل (جيش المهدي)، التي صارت تسمى مدينة الصدر (8000) سجين بجريمة زنا المحارم. وقد روى لي الثقات أن أحد المحكومين بجريمة الشذوذ الجنسي شاب من مدينة العمارة الشيعية وعده أبوه بأن يزوجه من الفتاة التي يحبها إن هو رجع إلى الخدمة العسكرية. وحين رجع إلى بيته في الإجازة الدورية وجد أباه قد تزوج تلك الفتاة! فما كان منه إلا أن أمسك، ثم عراه من ملابسه، وربطه بقضبان الشباك، ثم قام بنكحه!!! هل سمعتم بمثل هذه الجرائم الجنسية، وتخيلتم صور شذوذها؟!!!
وما كثرة الحديث عن هذه القاذورات في (الرسائل العملية) للفقهاء إلا انعكاس للواقع الاجتماعي الفاسد.
فتاوى الفقهاء
والعجيب أن الفقيه لا يهمه من جريمة مثل نكاح والد الزوجة وعمها وأخيها وأمها سوى صحة العقد من فساده، والسؤال عما إذا كان الفعل وقع قبل العقد أم بعده!! مع أنه يلقب نفسه بـ (الحاكم الشرعي) اللقب الذي يخوله حق التصرف بالأموال والأنفس والأعراض !.
انظر مثلاً إلى ما يفتي به فقيه كبير لدى الشيعة كالخوئي: إذا تزوج امرأة ثم لاط بأبيها أو أخيها أو ابنها لم تحرم عليه( ).
كما أن عملية جنسية شاذة مقرفة لا يفعلها إلا شياطين، ينفذها ثلاثة مع بعضهم في وقت واحد (ذكر وأنثى وخنثى) لا تثير لدى الأخ الخوئي انتباهاً إلى شيء سوى التفكير في مسألة الغسل وعلى من يجب ؟! يقول الخوئي: لو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء! وإذا أدخل الرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والأنثى!( ).
هذا في كتاب اسمه (منهاج الصالحين) ! ولا أدري ماذا يتضمن كتاب أكثر من هذا حتى يسمى عندهم بـ(منهاج الفاسدين) ؟! إن ن قوماً يجعلون شر أنواع الفساد ، وأكثره شذوذاً منهاجاً للصـلاح وسبيلاً للصالحين هم أفسد خلق الله، وأضلهم عن سواء السبيل.
ولإدمان ذوات هؤلاء، وتطبعها بهذه الرذائل والنجاسات حتى صارت جزءاً لا يتجزأ منها، ومفردات يومية يتعاملون بها دون أن تثير لديهم أدنى تحسس تجاهها تجدهم يتهمون، وبلا تردد، أشرف الخلق بمثلها. بدءاً بالصحابة الأخيار والذين تبوءوا الدار والإيمان، وشهد الله تعالى لهم بصدق النية وحسن الخلق ! حتى وصلوا بتهمهم إلى أطهر بيت على وجه الأرض - بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فاخترقوا حجابه ولاكوا بألسنتهم القذرة سمعة أزواجه أمهات المؤمنين، وهم يعوون كالكلاب ويطوفون كالذباب. إنها رذائلهم (يسقطونها) على غيرهم ولا يتصورون مدى وقع هذا الفعل على الطيبين الطاهرين حين تتهم رموزهم الطاهرة الزكية بهذه التهم الفارسية المزدكية التي لم يعرفها المجتمع العربي قبل ظهور التشيع، حتى قال أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان رحمه الله: لولا ما قصه الله علينا من أمر قوم لوط لما خطر في بالي أن ذكراً ينزو على ذكر!.
من هذا الباب كثر ذكر المسائل الجنسية في كتبهم ورسائلهم العملية، وبأحط الألفاظ والأوصاف المرذولة. تذكر هذه الرسائل أعمالاً شنيعة يهتز لها العرش لا لشيء إلا لذكر الحيل والمخارج (الشرعية) للتحلل من إثمها! فتحس أن هذه الجرائم والرذائل ممارسات عادية قد أدمن الناس على فعلها ويمكن إتيانها أو ارتكابها بلا نكير لا من العلماء، ولا من غيرهم!. كل الذي يشغل الفقيه من جريمة، مثل اللواطة ، هو هل إن

السؤال: أنا فتاة أبلغ من العمر 15 عام أبي متدين جدا وأنا ألبس الحجاب الكامل خارج المنزل والحمد لله ولكن أبي يقبلني كثيراً بين ثديي أو في فمي أو يأتي من خلفي ويحتضنني ويقبلني في نحري فأقول له أليست هذه الأفعال حرام فيقول لي إنها حرام إذا كانت بشهوة لكن أنا أفعل معك ذلك بعاطفة الأبوة وان الرسول محمد كان يقبل ابنته السيدة فاطمة في نحرها وبين ثدييها وفي فمها ويمص لسانها فهل الرسول كان يفحش في ابنته لا وإذا الرسول فعل ذلك فهذه رخصة لأي أب أن يفعل مع ابنته ذلك ويقول لي إنني لا ألمس العورة وهي القبل والدبر وكل ما ليس بعورة مصرح برؤيته أو لمسه أو تقبيله وأنه يفعل هذا من خوفه علي من إغراءات الشباب فالفتاة التي تسلم نفسها لأي شاب تكون مفتقدة لمشاعر الحب والحنان داخل المنزل. فهل ما يفعله أبي حلال أم حرام وإذا كان حرام كيف كان الرسول يفعل هذا مع ابنته السيدة فاطمة الزهراء وشكرا على هذا الموقع المفيد.
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إن فعل والدك جائز بالشرط الذي هو يقوله وذلك في قلبه ولا تظني به السوء. أهلا بكم.
الاغتسال منها واجب أم على الأحوط !!. ويفرط في ذكر أمور يخجل حتى القلم من تسطيرها مثل: اللواط بوالد الزوجة أو أخيها أو عمها أو جدها، أو إتيان أمها وخالتها، ومصائب وبلاوي عمت وطمت وقال الغلام وحكى الأمرد وأدخل فأوقب )( ).
تزعجني جداً الطريقة التي يتعامل بها بعض رموز أهل السنة مراجع الشيعة، يلقبون الواحد منهم بـ(سماحة السيد)، ويتقدمون إليه بأن يتعاون معهم في سبيل نصرة الدين والدفاع عن الوطن، ويرسلون إليهم الوفود لحل القضايا، فلا يرجعون منهم بشيء! كيف لا؟ وهؤلاء – إلا أقلهم - بهذا المستوى! وما الكبرياء التي يتظاهرون بها إلا غطاء يتعوضون به عما هم فيه من نقص وانحدار؛ فلا ينفع مع صنف كهذا إلا الازدراء والتعامل بفوقية تجعلهم يدركون أننا أكرم مما يتوهمون، وأن خباياهم مكشوفة وليست خافية علينا كما يتصورون.

تحرير الوسيلة ج2 ص216 للخميني

(16)
عقدة الاستعراض
لا زلت أذكر – ومنذ أكثر من ربع قرن! - شخصاً كان سكيراً يؤذي أهله وجيرانه. ذهب يوماً إلى الحج. وعاد منه، فكنت أراه يفتح الباب الخارجي لداره ثم يقرأ القرآن قرب الباب بصوت مرتفع، يسمعه ويراه الرائح والغادي. أنا أقرأ القرآن؛ إذن أنا تبت، أنا تغيرت، اعلموا ذلك!
المظاهر المبهرجة
الشخصية الفارسية شخصية استعراضية مظهرية تهتم بالشكل والمظهر اهتماماً كبيراً، وذلك تعويضاً عما تعانيه من عقدة نقص متأصلة في نفسيتها المريضة. تدفع هذه العقدة صاحبها إلى أن يتحول إلى مخلوق يخفي ذاته من أجل التستر على خوائها الداخلي بكل ما يمكن أن يبهر الآخرين ويثير غيرتهم. إن هذا الخواء يقض مضجع الإنسان الناقص، ويدفع به دفعاً إلى مزيد من الإقبال على المظاهر التي تتستر عليه وتخفيه. تجد ذلك واضحاً في الزي الديني للمراجع والعلماء: العمامة الكبيرة البالغة الكبر، واللحية الطويلة، واللباس الخاص الذي يحرص الواحد منهم حرصاً مبالغاً فيه على عدم ظهوره للناس ولقائه بهم إلا من خلاله. هذا مع الكالوش المتعدد الألوان حسب الدرجة العلمية (الأسود ثم الأحمر ثم الأصفر البرتقالي الشبيه بالشمس أو النار)، والمحابس المتعدة الملونة ذات الفصوص الكبيرة في أصابع كلتا اليدين. وتستطيع بالمقارنة مع الزي الديني السني، وقلة حرص العالم على ملازمة لبسه أن ترى الفرق، وتدرك دلالة القصد.
كما تجد (الاستعراض) واضحاً في المسيرات والمواكب والحشود، والمسرحيات التي تسمى بـ(التشابيه) اعتماداً على الشخصية الإيحائية لدى (الفارسي). وتجده أيضاً في الألقاب الفخمة التي يتعوض بها مراجع الشيعة عما يعانون منه من عقدة نقص: السيد، المرجع الأعلى، ولي أمر المسلمين، زعيم الحوزة... إلخ. وكذلك في أسماء أحزابهم وتنظيماتهم: المجلس الأعلى، فيلق بدر ، حزب الله ، المجلس الإسلامي الأعلى، الهيئة العليا لكذا وكذا.
يقول برنارد شو: (الإنسان بحاجة إلى الإلحاح اللفظي على ما يفتقر إليه). فالمهزومون يفرطون في الحديث عن الانتصارات، والعميان يسرفون في استعمال الأفعال التي تعني الإبصار، ودرجات الألوان والمسافات. والجائع يكثر من ذكر الطعام. كذلك العطشان في حديثه عن الماء.
اختفاء المرجع
وقد يتخذ الاستعراض مظهراً عكسياً بأن يختفي المرجع فلا يظهر للعامة إلا نادراً من أجل إضفاء هيبة غامضة مضخمة، والإيحاء بالشخصية المبهمة المستعصية على الإدراك والفهوم (تشبهاً بالإله الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار).
الدعاوى الفارغة والتصريحات الرنانة
وتجد (الاستعراض) لدى الشيعة في الدعاوى الرنانة الفارغة من المحتوى لإثارة الانتباه وجلب الإعجاب. وآخر ما طلعوا به علينا من ذلك ما صرح به الرئيس الإيراني المتشدد محمود أحمدي نجاد من دعوته إلى محو دولة إسرائيل ، وعرضه نقلها إلى ألمانيا ، أو إحـدى دول أوربا، وإنكاره لحقيقة المجازر التي تعرض لها اليهود على يد هتلر.
إخفاء الذات
إن هذه العقدة تتماشى مع عقدة النقص من ناحية أخرى: فالفارسي لنقصه حريص على إخفاء ذاته، وإظهارها بعكس ما هي عليه. إنه كائن يخفي ذاته من أجل التستر على خوائها الداخلي، ويتمظهر بكل ما من شأنه أن يبهر الآخرين ويثير إعجابهم وغيرتهم. وليس من باب الشرع والتدين حرصه على إخفاء المرأة الفارسية بغطاء (التشادور) والبوشية، إنما هو من باب الحرص على التخفي والتستر على الذات. فالكثير من هؤلاء النسوة في الواقع لسن أكثر من مجرد سلعة معروضة لـ(المتعة)، وقد تفرج على جسدها مكشوفاً عارياً العشرات من الرجال من طالبي اللذة المتاع الرخيص! فأين هذا من هذا ؟!!!.
المسيرات والمظاهرات
وتجد هذه العقدة واضحة في مسيراتهم ومظاهراتهم الشعبية، وهم يستعرضون
قوتهم من خلال الدبكات والهوسات النارية، والشعارات والأعلام والصور والوعد والوعيد. من أجل ماذا؟
مثلاً: في يوم 15/1/2005 أظهرت الشاشات الفضائية صورتين: إحداهما في حي الثورة الشيعي في بغداد، والأخرى في الأنبار والموصل السنيتين. بين الصورتين من المفارقة ما بين الأرض والسماء! في (الثورة) مسيرة ضخمة بالدبكات والهوسات والشعارات والأعلام! وأقول مرة أخرى: من أجل ماذا؟ وعلى مَ كل هذا؟! إنهم يطالبون بتوفير النفط والغاز والبنزين والكهرباء! أما في الأنبار الباسلة – ومعها الموصل – فظهرت صورة للمجاهدين – بأبي هم وأمي!!! - ملثمين يحملون قاذفاتهم وأسلحتهم الأخرى، يهاجمون الأمريكان ويحرقون آلياتهم وناقلات جنودهم. ولكن.. بلا هوسات ولا دبكات ولا أعلام ولا ضجيج.
ويخرج مستعرضاً بعض الخائبين، ومن أقذر مدينة في الشرق الأوسط بلا منازع
وأكثرها وساخة وعفونة ليسميها بـ(مدينة الصدر المقدسة، وفي رواية: المنورة)!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا.
وتتوالى هذه الصور والمشهد يتكرر: مظاهرات رنانة واستعراضات فارغة في المدن الشيعية من أجل توفير فرص عمل ، ومطالبة بالتعيين في سلك الشرطة في السماوة ، ومظاهرات في الرميثة، وتفاخر فارغ بما فعله الأجداد في ثورة العشرين:
اليومِ نْعيدِ الماضي
واحنا احفادَك يا شعلانْ

الشاهدْ هذا المركزْ
هذا اليَمَّكْ موشِ بْعيدْ

ماذا تتصور يريد (أحفاد شعلان)؟ إنهم يطالبون بالتعويض عن الشلب الذي مات بسبب انقطاع الماء ! بئس الخلف!.
وصدق الشاعر فلاح عسكر حين قال:
احنا مْن اولِ التاريخْ معروفينْ
احنا اهلِ السيوفِ الباشطهْ الزينهْ
وانتو مْنَ اولِ التاريخْ معروفينْ حياچْ الزوالي الحَدرْ رِجلينا

(17)
عقدة الصفاقة
الصفاقة: قلة الحياء، ومثلها الوقاحة.
و(الفارسي) بطبعه وقح صفيق، بسبب اعتياده على إتيان النواقص التي يندفع إليها مضطراً لحماية نفسه كالكذب والخداع والغدر والاعتداء، وهو يحاول الوصول إلى غايات أكبر من حجمه. وبسبب كثرة هذه الرذائل أو النواقص التي يرتكبها فإنها كثيراً ما تنكشف، مما يزيده جرأة في تعاطيها حتى تصير مفردات يومية يتعامل بها في حياته الاجتماعية دون تردد أو خجل! لهذا صار (الفارسي) ذا طبيعة وقحة لا يتأثر بإتيان الرذائل. تسند ذلك عقدة النقص، والناقص لا يستنكف من النقائص؛ لأنه كما قيل: الذي في الأسفل لا يخشى السقوط. وفيه وفي أمثاله قال الشاعر العربي:
من يَهُنْ يسهَلِ الهوانُ عليه مــا لجُــرحٍ بميتٍ إيلامُ
يطلق على الشخصية المصابة بمرض الوقاحة في علم الأمراض النفسية اسم (الشخصية السيكوباثية Psychopathic Personality). على أنني أذكر القارئ بأن (الفارسية) ليست قومية بقدر ما هي شخصية. فقد يكون المرء فارسياً في أصله، لكنه طبيعي في شخصيته. ولربما يكون عربياً في أصله، لكنه (فارسي) في شخصيته.
معالم الشخصية الصفيقة
يقول سيجموند فرويد فيقول عن الشخص السيكوباثي: "كثيراً ما نجده يندفع بقوة لاتباع نزعاته وأهوائه المكبوتة دون أدنى اعتبار للقيم والمعايير الأخلاقية، أو لما يفرضه المجتمع من أنظمة وتقاليد". ويقول عن هذه الفئة من المرضى: "نجد من بينهم الكاذب الماهر ذا الخيال الخصب ، والخائن المراوغ، والأرعن المتهور الأناني. ومنهم كذلك من لا يقبل أي نقد أو نصح أو إرشاد"( ).
ويقول الدكتور علي الوردي عن هذا المرض وصاحبه: "وقد يصح تعريبه بـ(داء الصفاقة)، فالشخص المصاب بهذا الداء يتميز عن غيره بوجود ضعف في تناسق ذاته من الناحية الزمنية فهو لا يبالي بما فعل في الماضي أو ما سوف يفعل في المستقبل ولا يستحي منهما. إنَّهُ قد يستقرض منك مبلغاً من النقود على أن يرجعه إليك بعد ساعة. ثم تمضي عليه الساعة والساعتان وعشرات الساعات دون أن يشعر بأهمية وعده. وربما قابلك بعدئذ بوقاحة كأنه لم يستقرض منك شيئاً وهو قد يبتسم لك ابتسامة بلهاء ثم يكرر الوعد لك مرة بعد مرة بلا جدوى.إن الشخص (الصفيق) قد يخونك أو يغشك أو يغتابك أو يهاجمك بصلافة ثم ينسى ذلك ويريد منك أن تنساه أيضاً.
ومما يجدر ذكره أن الشخص السوي قد يرتكب مثل هذه الأفعال، ولكنه يخجل منها عادة، ويحاول الاعتذار عنها، أو تبريرها. أما الشخص (الصفيق): فهو يرتكب تلك الأفعال بلا اكتراث كأنه لم يفعل شيئاً يستحق اللوم… لا ننكر أن الشخص (الصفيق) قد يستفيد في بعض الظروف فقلة الحياء فيه تجعله ناجحا في انتهاز الفرص أحيانا. إنه يستطيع أن يتزعم كل مظاهرة ويقف في كل حفلة ويتزلف لدى كل متنفذ. والمعروف عن بعض المتنفذين أنهم يحتاجون إلى شخص من هذا الطراز ، لكي يقوم بخدمتهم في المهمات التي لا يرضى أن يقوم بهـا الأشخاص الأسوياء( ).
الصفاقة عند الفرس فضيلة وليست رذيلة
على أن الوقاحة أو الصفاقة عند الفرس سجية اجتماعية محمودة، وليست رذيلة ممقوتة. إن الأدب الفارسي يمجد (الوقاحة) كما يمجد (الكذب). ولا بأس بإعادة ما مر بنا سابقاً من قول الخبير الأمريكي جاك ميلوك عن هذه الصفة: (في قطعة أدبية مشهورة في الأدب الفارسي ينصح أحد الحكماء الإيرانيين من ذوي العقل الراجح ابنه حول الكيفية التي يتوجب على الابن اتباعها من أجل أن يكسب حياته في إيران: (لا تتخوف من سوء استعمالك للحق أو للسلطة، ولا من الإذلال أو تشويه السمعة أو الافتراء… وعندما يجري طردك خارج أحد الأبواب، تعال وادخل بابتسامة من باب أخرى… كن وقحا ومتغطرسا وغبياً؛ لأنه من الضروري في بعض الأحيان التظاهر بالغباوة؛ لأن في ذلك فائدة).
و(الوقاحة) ظاهرة لمسناها في الوسط الشيعي المستعجم. جاءني مرة واحد من هؤلاء يناقشني في مسائل تتعلق بالشيعة والتشيع قال لي: كيف تتهم علماءنا بأنهم يقولون عن (الإمام علي) إنه دابة الأرض؟ قلت له: هذه حقيقة وليست تهمة. وممن قالها محمد الصدر قال: مستحيل. قلت: علام هذا المستحيل؟ إن له رسالة اسمها (الرجعة) فيها هذا الكلام. قال هذا غير صحيح. قلت: هل اطلعت على الرسالة؟ قال: نعم وليس فيها ما تدعيه عنه.
كنت لحظتها أبحث بين الكتب. ولما أخرجت الرسالة وأخذت أقلبها لأقع على موضع الشاهد منها إذا به يقول: نعم موجود هذا الكلام وليس فيه من شيء فالدابة كل ما دب على الأرض (!!) وعجبت من (صفاقته)!! لقد قالها دون تلعثم! ودون أن تتغير ملامح وجهه! واستمر في حديثه وجدله كأنه لم يفعل شيئاً! مع أنَّهُ لو كان إنساناً سوياً لذاب خجلاً ولاذ بالصمت ليغادر الجلسة إلى أقرب حمام كي يغسل العرق الذي جلله! ولكنها (الصفاقة)!
إن هذا يذكرني بصفاقة يهود، ووقاحتهم الباردة، يوم أسلم حبرهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه (وقال: يا رسول الله إن اليهود قوم بُهْتٌ وإنهم إن يعلموا بإسلامي يبهتوني عندك فأرسل إليهم فاسألهم عني: أي رجل ابن سلام فيكم؟ قال: فأرسل إليهم فقال: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا وعالمنا وابن عالمنا وأفقهنا وابن أفقهنا. قال: أرأيتم إن أسلم تسلمون؟ قالوا: نعيذه بالله من ذلك. قال: فخرج ابن سلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. قالوا: شرنا وابن شرنا وجاهلنا وابن جاهلنا)( ).
نعم ! إنها الصفاقة تلك السجية اليهودية الفارسية التي من مظاهرها ما نراه أثناء الخصومة حين يتمادى البعض منهم إلى حد (الفجور) فلا يدع وسيلة لإيذاء خصمه وتشويه سمعته وبصورة علنية سافرة إلا استخدمها، حتى إذا انتهت أسباب الخصومة يعود هؤلاء المختصمون إلى حد (الفجور) أصدقاء يتحدثون كأن لم يكن بينهم من شيء! والمتدينون منهم يغلفون هذه (الصفاقة) بأسماء ومبادئ شرعية كالعفو والصفح والمغفرة و(عفا الله عما سلف)…الخ وما هي إلا وقاحة وصفاقة ورقاعة لأن أصحاب العفو والصفح والمغفرة لا يفجرون في الخصومة.
خاصمني بعض هؤلاء خصومة فاجرة شديدة لم تنفع معها كل محاولات الإصلاح والنصيحة. ومرت الأيام فإذا أحدهم يقبل بعد صلاة الجمعة ليسلم عليَّ ويصافحني. ومددت يدي أرد عليهم السلام. وبعد حين سمعت أنهم يشكون من عدم تقديري لهم ؛ لأن سلامي عليهم كان باردا ! لعلهم كانوا يريدونه بالأحضان ومضخما بالقبلات! مع أن حقهم - الذي لا يستحقون غيره - كان الطرد بلا سلام ولا كلام!
إن داء (الصفاقة) هو الذي يجعل (الشيعي) لا يتردد من سب الصحابة في وجهك ببرودة أعصاب وجمودة وجه كأنه يترحم عليهم! دون أن يعير لشعورك أدنى اعتبار. حتى إذا أنكرت عليه قال لك متغيظاً: لماذا تكرهون (أهل البيت)؟ ولك مني جائزة مجزية إذا تمكنت من حل هذا اللغز الذي يجعل من الدفاع عن الصحابة هجوماً على (أهل البيت)!!
هكذا تكشر الصفاقة عن سوءتها..!
ما إن تسلم عبد العزيز الحكيم رئاسة الدورة الشهرية لما سمي بـ(مجلس الحكم) في العراق حتى أعلن على الملأ - بلا تردد ولا حياء – أن على العراق أن يعوض إيران (100) مليار عن خسائرها في الحرب. هل كان يشعر أنه رئيس مجلس حكم العراق وليس إيران؟ لا أظن! هذا.. وفي الوقت نفسه يطالب الدول العربية بشطب ديونها التي بذمة العراق!!!.
ومن أرض الأردن – البلد العربي ذي الانحدار البدوي الأصيل - هاجم وزير الداخلية المفروض على العراق باقر صولاغ، وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قائلاً: (لسنا في حاجة إلى نصائح بدوي يركب الجمل)! لا لشيء سوى أن الأخير انتقد إيران على تدخلها السافر في شؤون العراق. ونسي صولاغ أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يركب الجمل. ولكن عقله الباطن الذي يختزن احتقار العربي أبى إلا أن يفصح عن نفسه. كما نسي أنه وزير خارجية العراق، لا وزير خارجية إيران. والملاحظ أن الجوقة الحاكمة في العراق لا يثيرها شيء كما يثيرها توجيه النقد لإيران، وتنبري للدفاع عنها بصفاقة تحسد عليها!
وقد افتتح إبراهيم الجعري دست منصبه كرئيس لوزراء العراق فكان أول قرار اتخذه الإفراج عن (400) معتقل إيراني في السجون العراقية، وغلق ملفاتهم جميعاً بصرف النظر عن نوع القضايا التي يحاكمون بها! مع أن سجونه تعج بالعراقيين والعرب، وزادت أضعافاً متضاعفة.
ومن فوق أرض الإمارات العربية السنية تهاجم الفضائيات الشيعية أهل السنة! في يوم (14/12/2005) نقلت (فضائية الفيحاء) الشيعية مظاهرة احتجاج على (قناة الجزيرة) التي ظهر فيها قبل يوم في برنامج (الاتجاه المعاكس) شخص تهجم على المرجعيات الشيعية ووصفها بالعميلة. وكان المتظاهرون يرددون (نعال السيد يسوى الدوحة وما بيها). والدوحة هي عاصمة إمارة قطر التي من أرض جارتها (الإمارات) تبث قناة الفيحاء برامجها الفضائية ! المدعومة بمال خليجي سني! هل رأيت ماذا تفعل الوقاحة بأصحابها؟! والشواهد على الوقاحة والصلف الفارسي كثيرة منها: دخل أحدهم على الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت. يقول: فوجدته غاضباً جداً. ولما سألته عن سبب غضبه قال: (قبل أن تأتي بدقائق كان عندي محمد باقر الحكيم جاء يطلب مساعدة الكويت ضد صدام حسين، وقد رفع صوته عليّ وأساء معي الأدب. هذا وهو زائر مشرد، وقد لا يرى بلده، فماذا سيفعل إذا حكم العراق؟!)( ).
ويستقبل المسؤولون في السعودية مقتدى في موسم حج عام (1426) استقبال الملوك، ويكرمونه، وينزلونه أعلى المنازل. لكنه ما إن يرجع من هناك، حتى يتهمهم بأنهم وراء تفجير قبة المرقد في سامراء!
أما استخفافه بأهل السنة – الذين مدوا له أيديهم من قبل بكل صدق وعفوية، وصفقوا له، ومجدوه - فقد بلغ به حداً أن يعلن في الانتخابات الأخيرة (15/12/2005) تحالفه معهم، ولكن.. في محافظة واحدة فقط.. هي.. محافظة الأنبار! رمز أهل السنة! دون بقية المحافظات: العربية عامة، أو الشيعية، أو المختلطة.
ومن طريف ما يذكر في هذا الباب، ما حدثني به صديق من أهالي ناحية (جبلة) كان شيعياً فهداه الله تعالى، فقال: كان لنا أغنام، فيها نعجة سوداء اللون، ترك والدي صوفها يطول كي يصنع منه عباءة له. ومر بنا يوماً - حسب العادة الجارية - (سيد) يأخذ منا ما يقدر عليه مما يسميه (حق جدي). رأى (السيد) تلك النعجة تختال بصوفها الأسود الجميل، فما كان منه إلا أن عزلها عن الأغنام ليسوقها ضمن القطيع الذي يريده للمرحوم (جده). وحين قال له والدي: دع هذه النعجة وخذ غيرها بدلاً عنها، وأعلمه بالسبب. لم يقتنع، وأصر على أخذها بعينها! ولم تنفع معه كل المحاولات والاستعطاف والترجي، وصار يتهجم ويصيح، ولم تنته المشكلة إلا حين قام والدي بسبه وضربه، ثم طرده كالكلب الممطور شر طردة!
التلون وتعدد الوجوه
ولعل التلون الذي عرف به الفارسي، وعدم استقراره على حال، أو خلق، له علاقة بهذه السجية. يقول الشيعي المحترق الشيخ محمد الكرمي: (والفرس بطبيعتهم متلونون، فتراهم يقبلون على الشيء بكلهم ، وقد يكون ذلك منهم لا لداعي، ثم يدبرون عنه بالمرة الواحدة كذلك! والمثال القريب لهذه الدعوى أنّا وجدنا الأمة الإيرانية قبل عشر سنين لا أكثر أخذت تهاجم الدين والمتدينين بصورة بشعة يعلم الله. فنساؤهم – فضلاً عن كونها بادية الوجوه – بادية في كل ما تملك، ومضيفة على ذلك التحسين والتزيين، بعد أن كانت هي بنفسها تلتاث بحجاب حصين، ولا تترك صلاة الجماعة بحال مقدسة غاية التقدس... والكثير من هاته النسوة كان في وسعهن أن لا يخرجن، كما كان في وسع أزواجهن أن يمنعوهن. ولكن القوم لبوا هذا النداء بصورة مستغربة للغاية! حتى إن الأمم النازعة الجلباب – كالغربيين – رأوا في إيران عندما دخلوها صورة مهيجة، لم يجدوها ولا في باريس فرنسا، أو نيويورك أمريكا! ولذلك غدوا يطاردون نساءها في أي زاوية كن، بعد أن طمعوا في كثير من سافراتها. وحتى إن الرجل كان بنفسه يهيئ لزوجته وبنته وسائر نسائه التي في بيته آلات الزينة، كيما تبدو إلى الخارج ببزة جالبة، ووضع جاذب. ولما أن تدهور ذلك الوقت بصاحبه أخذ يهيئ له ولأهله جلابيب التستر والحجاب، ناقماً على الوضع السابق، الذي ما صيره نقمة إلا هو لعنه الله وقلل من أمثاله. وكان في وقت سفوره يهزأ بالدين والمتدينين، ويسخر من العمائم والمعممين بما لا جابر له على ذلك أصلاً. غاية ما هناك رأى السلطة الحاكمة مخالفة لهذا النوع، لا أنها جابرة له على توهينه وتحقيره . فعاد – بعد أن انتكست أعلام تلك الدولة – مقبلاً على ما كان جافياً له، ساخراً منه!.
ونحن كلما أردنا أن نتعقل جهة لذلك الإدبار، وهذا الإقبال، لم نجد للقضية في وجهتيها السلبية والإيجابية وجهاً يعلم الله سوى التلون البارد فحسب)( ).

(18)
عقدة الذنب
الشيعي يلطم نفسه، ويجلد ذاته، ويفري بالزناجيل الحديدية ظهره! يشدخ رأسه، ويخمش وجهه، ويجز شعره، ويشق ثوبه! لماذا؟ وعن أي عقدة نفسية يعبر؟
عقدة النقص والخجل من الذات
تؤدي (عقدة النقص) إلى شعور المرء بالخجل والحاجة إلى الابتعاد والتواري عن الأنظار. ويحصل بمرور الزمن نوع من الإدانة للنفس، والشعور بالذنب الذي يتحول شيئاً فشيئاً إلى عقدة تؤثر على سلوك الإنسان، وتحكم تصرفاته لا شعورياً، حتى لو لم يكن هناك من ذنب مرتكب! كما يقول العلامة (( يونج )) : (إن المرء يمكن أن يشعر بالذنب لا على أثر فعل ممنوع، ولكن أيضاً عندما لا يستطيع الوصول إلى تحقيق ذاته، وإبراز فرديته الخاصة والعميقة) .
اجتياف عملية التبخيس
هذا وقد لاحظ علماء النفس أن الظلمة والمستبدين يحتقرون شعوبهم، ويمارسون تجاهها عملية تبخيس وتحقير مستمر. وهذا يؤدي - بمرور الزمن - إلى أن تجتاف (تتقبل وتتقمص) الجماهير المقهورة - أو تلك التي تعاني من (عقدة الاضطهاد) - عملية التبخيس والتحقير هذه، وتمسي أسيرة الوهم بأنها لا تستحق من المكانة أكثر مما هي عليه من الذلة والتبعية والمهانة؛ فتنعكس عدوانية المتسلط وقهره لها ذاتياً على شكل مشاعر إثم ودونية فـ(يزدري إنسان العالم المتخلف ذاته ويخجل منها، ويود لو تهرب من مواجهتها، كما ينقم عليها في نفس الوقت. وهنا يكيل النعوت السيئة لنفسه، متهماً إياها بالتقصير والتخاذل والجبن. ويميل إلى إنزال العقاب بنفسه حتى إنه يرى أحياناً في القهر والظلم الإنسانيين ، كما في قسوة الطبيعة واعتباطها ، عقاباً مستحقاً له
على تخاذله واستكانته) .
فكيف إذا كانت الذات أساساً قد أحاطتها الخطايا والذنوب، وغرقت فيها إلى الأذقان؟! والجواب يفهم من خلال ما قاله د. حجازي: (هناك ذات مدانة محقرة ومعنفة دون هوادة، وذات أخرى تدينها، تحقرها وتشتط في سومها سوء العذاب. هذه الذات الأخرى ضمنية، بها يتماهى (يذوب) الإنسان المقهور في حربه ضد ذاته المهانة التي يحاربها. إنه نوع من الاحتيال على واقع لا قبل للمرء بمجابهته حتى يحتفظ بقيمة ضمنية لذاته الحميمة والحقيقية (في نظره). ليس هناك من مذنب إلا وينبذ جزءاً من ذاته معتبراً إياه خارجاً عن أصالته، ومسقطاً عليه كل اللوم، وكل التبخيس بغية الاحتفاظ بذاته الحقيقية (الخفية) دون مساس. بذلك فحسب يستطيع أن يعيش، وإلا فليس أمامه سوى الانتحار، إذا لم يحتمِ بالازدواجية. حتى الانتحار، يتضمن في النهاية نوعاً من الازدواجية: تدمير الذات السيئة، أو بالأحرى تدمير الصورة السيئة عن الذات بعد تحميلها كل الإثم أملاً في خلاص وهمي، في تطهير ذاته الحقيقية مما ألم بها من سوء ومهانة. ولكن مأساة المنتحر تكمن بالتحديد في أن تدمير الذات المدانة وصورتها السيئة يتم من خلال الجسد (وعاء الذات الوحيد)، وبالتالي القضاء الفعلي على الوجود. أما في وهم المنتحر فالأمر لا يعدو القدرة على فعل خطير وجذري من أجل الخلاص) .
كما أن المصاب بعقدة الذنب يشعر بحاجة ملحة إلى التكفير - ولو بعقاب نفسه – التماساً للراحة، وتخففاً مما يكابده من توتر مجهول المصدر؛ فيندفع من تلقاء نفسه إلى عقاب نفسه، تدفعه حاجة لا شعورية ملحة إلى هذا النوع من العقاب. فإذا حل به العقاب زال عنه ما يغشاه من توتر أليم. وهو يفتش عما يؤذيه ليجد الراحة بل اللذة في هذا الأذى أو العقاب (الماسوشية). وفي ضوء هذا التفسير نجد أن الشيعي من خلال اللطم والتطبير – ناهيك عن الممارسات الماسوشية الأخرى الشائعة في الأوساط الدينية الشيعية، وما قرب منها وتأثر بها، كاللواطه - إنما يمارس الانتحار - وإن بصورة رمزية - للخلاص من ذاته المذنبة المدانة.
احتقار الأمثال والأتباع
هناك ملاحظة مهمة عن صاحب هذه الشخصية أشار إليها د. حجازي بقوله: (بينه وبين هؤلاء تقوم علاقة ازدراء ضمني؛ لأنهم يعكسون له مأساته وعاره، كما يعكس مأساتهم وعارهم. ويصيب المرأة والأتباع في عملية التحقير هذه النصيب الأوفر... فما يلقاه من تبخيس ومهانة، وما يفرض عليه من تبعية يعود فيمارسه على زوجته ونساء أسرته ، كما يمكن أن يفرضه على أتباعه ومن هم في إمرته) .

(19)
تأليه الحاكم
كان الملك أو (حاكم المدينة) في بلاد ما بين النهرين يعتبر نائباً عن الإله أو وكيلاً عنه. وفي حفل التتويج يرتدي الملك زي الكاهن رمزاً لاتحاد الدين بالدولة. وبينما يظهر حمورابي في مسلته وهو يتلقى القوانين من الإله، كان الفرس يعتبرون الملك إلهاً وليس نائباً عن الإله. ويطلقون عليه لقب (ملك الملوك). وله السلطة المطلقة في طول البلاد وعرضها، فكانت الكلمة التي تصدر من فيه كافية لإعدام من يشاء بغير محاكمة، ولا بيان للأسباب. وكان في بعض الأحيان يمنح أمه أو كبيرة زوجاته حق القتل القائم على النزوات والأهواء. وقلما كان أحد من الأهالي – ومنهم كبار وأعيان - يجرؤ على انتقاد الملك أو لومه. كما كان الرأي العام ضعيفاً عاجزاً عجزاً مصدره الحيطة والحذر، لدرجة أن كان كل ما يفعله من يرى الملك يقتل ابنه البريء أمام عينيه رمياً بالسهام أن يثني على مهارة الملك العظيمة في الرماية! وكان المذنبون الذين تلهب السياط أجسادهم بأمر الملك يشكرون له تفضله بأنه لم يغفل عن ذكرهم.
وعندما غزا الاسكندر فارس وجد القوم يسجدون للامبراطور ويؤلهونه؛ فأعجبه ذلك، وسعى لأن يكون إلهاً فابتدع سياسته الخاصة بالمزج وإدماج العناصر المقدونية بالفارسية في إمبراطوريته، واتخذ في المناسبات الزي الفارسي، ومراسم البلاط الفارسي. وإذ ذاك أزمع على اقتباس تلك العادة الفارسية: عادة السجود للملك. وهي التي يتعين بمقتضاها على جميع من يقتربون من الملك السجود له( ).
يقول السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي: (كانت الأكاسرة ملوك فارس يدَّعون أنه يجري في عروقهم دم إلهي. وكان الفرس ينظرون إليهم كآلهة، ويعتقدون أن في طبيعتهم شيئا علويا مقدساً فكانوا يكفِّرون( ) لهم وينشدون الأناشيد بألوهيتهم. ويرونهم فوق القانون، وفوق الانتقاد، وفوق البشر. لا يجري اسمهم على لسانهم ولا يجلس أحد في مجلسهم . ويعتقدون أن لهم حقا على كل إنسان، وليس لإنسان حق عليهم . وأن ما
يرضخون لأحد من فضول أموالهم وفتات نعيمهم إنما هو صدقة وتكرم من غير استحقاق،
وليس للناس قبلهم إلا السمع والطاعة.
وخصصوا بيتا معينا وهو البيت الكياني فكانوا يعتقدون أن لأفراده وحدهم الحق أن يلبسوا التاج ويجبوا الخراج. وهذا الحق ينتقل فيهم كابرا عن كابر وأباً عن جد لا ينازعهم ذلك إلا ظالم، ولا ينافسهم إلا دعي نذل. فكانوا يدينون بالملك وبالوراثة في البيت المالك لا يبغون عنه بدلا ولا يريدون عنه محيصا)( ).
ويقول أيضاً: (كانت السيادة والقيادة الدينية والحكم في قبيلة "ميديا". ثم انتقلت هذه الزعامة إلى قبيلة "مغان" منذ غلبة الديانة الزردشتية وتأثيرها على إيران. وكان الفرس يعتقدون في طبقة الكهنوت priest class أنهم ظل الإله على الأرض، ولم يخلقوا إلا لخدمة الإله. ولا بد للحاكم أن يكون من هذه القبيلة؛ فإن ذات الإله تتجسم فيه، وإن منصب الإشراف على بيت النار وتنظيمه حق يختص بهذه القبيلة وحدها.
ويقول الأستاذ دوزي (DOZY): ((قد اعتاد الفرس أن ينظروا إلى الملك نظرة فيها معنى إلهي. ونظروا هذا النظر إلى علي وذريته، وقالوا: إن طاعة الإمام أول واجب، وإن إطاعته إطاعة الله))) .
إسقاط عناصر الديانة الفارسية على الإسلام
وبعد أن اكتسح الإسلام بلاد فارس أسقط الفرس صفات التأليه هذه على من أسموهم بـ(الائمة) من البيت العلوي، وحصروا الملك الوهمي في هذا البيت فاعتقدوا أن كل من نازعه الملك دعي ملعون. ومن هنا ولدت فكرة (الإمامة). إنها فكرة فارسية مجوسية ألبست ثوبا عربيا وعنوانا إسلاميا. انظر إلى عقيدة الخميني في (الأئمة) تجدها هي هي عقيدة الفرس القدماء في كهنتهم وملوكهم. يقول هذا الدجال: (إن للأئمة مقاماً محموداً، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها وسيرتها جميع ذرات هذا الكون. وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث، فإن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والإئمة عليهم السلام، كانوا قبل العالم أنواراً، فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله) .
ثم قاموا بإسقاط هذه الصفات - بعد (الأئمة) - على الفقيه الذي يلقبونه – ويلقب هو نفسه أيضاً – بـ(الحاكم الشرعي)! تأمل هذا النص في أوثق المصادر عند الإمامية: (عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرئط انه نائب عام للإمام (ع) في حال غيبته وهو الحاكم والرئيس المطلق له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله وهو على حد الشرك بالله)( ).
إن هذه العقدة أو العقيدة هي السبب الكامن وراء تلك الطاعة العمياء الصماء للعلماء مهما كانوا منحرفين فاسدين!
إسقاط صفات الملك الفارسي على المرجع الشيعي
إن الفقيه في حقيقته ملك من ملوك بلاد فارس القديمة مسلط على النفوس والأموال والأعراض يتصرف فيها مطلق اليد بلا رقيب ولا حسيب، حتى لو أدى ذلك إلى تعطيل الأحكام الشرعية، ومعارضة النصوص السماوية معارضة صريحة! (وقد وقع ذلك فعلاً فقد نشرت صحيفة (كيهان) الصادرة من لندن في عددها 182 ، الصادرة في 23 من جمادى الأولى سنة 1408هـ ، رسالة للخميني موجهة إلى رئيس الجمهورية سيد على خامنه إي، بعنوان بقلم عريض: " إن الحكومة تستطيع أن تعطل المساجد أو تهدمها. وإن الحكومة مقدمة على الصلاة والصيام " ويقول فيها:
إن الحكومة هي فرع من ولاية رسول الله المستقيمة، ومن أحكام الإسلام الأولية، ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج: فيجوز للحاكم أن يعطل المساجد عند اللزوم، ويخرب مسجداً، ويلغي أي حكم من أحكام الإسلام – سواء كان من العبادات أو غير العبادات – إذا كان مخالفاً لمصالح الإسلام. ويعطل الحج الذي هو من فرائض الإسلام المهمة إذا اقتضت ذلك مصلحة المملكة الإسلامية؛ لأن هذه الحكومة هي ولاية إسلامية مطلقة) .
تشييع الخميني..!
وقد شهد العالم كله على شاشات التلفاز وغيره صورة من صور ذلك التقديس الوثني
للفقيه أو تأليه الحاكم يوم هلك الخميني!

هكذا يؤله الإيرانيون دجاجلتهم
فقد (روت الصحف ووسائل الإعلام العالمية، أنه لما مات آية الله الخميني في 3 من يونيو 1989 في طهران، وحاولت منظمات الحكومة نقل جثته إلى المقبرة التي تسمى بـ(جنة زهراء) على سيارة، انهالت عليها الجماهير وتهافتت، حتى أصبحت عملية النقل مستحيلة، وحملوها على طائرة الهليكوبتر فلما وصلت هناك انهالت الجماهير الحاشدة على التبرك برؤية الجثة، ولم ينفع إطلاق النار والإنذار مرة بعد مرة، وخرت الجموع في حماس ديني على الجثة، واختطفت الأكفان ومزقتها تمزيقاً، واقتسمتها فيما بينها تبركاً بها، حتى أصبحت الجثة عارية ووقعت على الأرض، واضطر المسؤولون الرسميون إلى تأجيل دفنها، وتحقق ذلك بعد ساعات...
وليس كل ذلك إلا نتيجة إيجاد تلك الهالة القدسية الإلهية التي صنعتها عقيدة الإمامة الغالية واعتقاد العصمة والقداسة التي تسمو على البشرية العامة والعبودية التي يقرها الإسلام، وتنافي سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعاليمه) . وما هذا كله إلا انعكاس مُحوَّر للرواسب الاعتقادية الإيرانية، والجاهلية الزرادشتية القديمة، ولكن.. بأثواب جديدة.

كعبة الشيعة التي يقيمونها في النجف يوم عاشوراء
(20)
العقلية الخرافية
هذه آخر عقدة من بين العقد والأمراض النفسية التي أشرناها على الشخصية الفارسية. وهي وإن كانت تتعلق بالعقل والفكر أكثر من النفس، لكن انعكاساتها على التصرف أو السلوك فرضت عليّ إدراجها ضمن (العقد النفسية)، ولأن فهم تلك الشخصية - وسليلتها الشيعية - يبقى ناقصاً دون التعريج على هذه الحالة. فأقول:
الفرس قوم مشهورون بأساطيرهم وخرافاتهم. ذوو عقلية خرافية شغوفة بالأساطير والقصص الغريبة، وقابلة لتصديقها ببساطة. وتواريخهم تعج بالأساطير عن ملوكهم وأوصافهم السوبرمانية. وقد انتقلت هذه الأساطير باسم الدين إلى تواليفهم الدينية وألصقت تلك الأوصاف الطرزانية بـ(الأئمة) و(المراجع) الذين يلتقون في سراديبهم بـ(صاحب الزمان) ذلك الرجل الأسطوري الذي تغيب في سرداب منذ اثني عشر قرنا وسيخرج يوما ليملأ الأرض – بلمسة ساحر - عدلا بعد أن ملئت جوراً !.
في إحدى إشراقات محمد صادق الصدر الكهنوتية أثناء إحدى خطب الجمعة، وذلك بعد عام من إقامته الجمعة رغم اعتراض علماء الشيعة عليه، وتفسيق بعضهم له. استدل على صحة ما فعله، فهل تتصور أن دليله الخارق على ذلك أنه قال: ما أقيمت الجمعة في منطقة إلا وانقطع المطر عن تلك المنطقة، فلم تمطر السماء عليها. وها أنتم ترون انقطاع المطر عنا ههنا منذ عام! فإذا بقطعان الحضور يضجون بأعلى أصواتهم: "اللوهمّ صل على محماد والي محماد"! فلا تدري مم تعجب: من الناعق أم من القطيع الذي لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون؟!
حدثني أحد الأسرى العائدين من إيران أن ضابطاً إيرانيا برتبة نقيب من مسؤولي أقفاص الأسرى أظهر يوما دهشته من بعض (الأعمال) اليدوية التي صنعها الأسرى فقال له أحدهم ساخرا: إن هناك ما هو أعجب! إن بعض الأسرى يخطط ليصنع طيارة من (قزانات) الطعام ليهرب بها إلى العراق. وصدق الضابط ما قالت العصفورة فأصدر أمره فورا بعدم إبقاء (القزانات) لحظة واحدة بعد الانتهاء من توزيع (الطعام)!
يقول أدور سابيليه: (ولد الخميني سنة 1900 وبعد بضعة أشهر من ولادته مات والده مصطفى الذي غادر إلى زيارة النجف، غير انه اغتيل في الواقع على مسافة قريبة من قريته. وبسبب ميل الإيرانيين دائما إلى الإيمان بالأساطير فإنهم أشاعوا رواية تقول بأن والد آية الله الخميني قد اغتيل من قبل رضا شاه والد العاهل الأخير. وهذا ما جعل الابن ينشأ على روح الكراهية نحو أسرة بهلوي. مع أن رضا بهلوي لم يكن معروفاً بعدُ في عام 1900، ولم يتسلم السلطة إلا في عام 1920 لكي يجلس على
العرش عام 1925 أي بعد مرور ربع قرن على وفاة مصطفى!
والحقيقة أن هذا الأخير قد مات على أثر مشاجرة حدثت بين ملاك الأراضي. غير ان زوجته (هاجر ساغافي) عادت سيراً على الأقدام إلى المدينة، وأدت شهادة بشأن وفاة زوجها حيث قالت بأنه أدين وحكم عليه شنقاً) ( ).
ولهذا يصدقون ما يقوله (الروزخونية) عن (مقتل) الحسين و(السبايا) والقصص العجيبة عن رأسه الذي رفع على رمح يدل التائهين المتوجهين إلى الشام! و ... إلخ من هذه الخرافات.
القهر والتعلق بأوهام الخلاص السحري
للدكتور مصطفى حجازي كلام دقيق عن المجتمع الاضطهادي أو المقهور، أو ذلك الذي يعاني من (عقدة الاضطهاد)، وكيف تتسبب أزماته المستعصية في صناعة العقلية الخرافية. وأنه إزاء هذه الأزمات: (لا يملك الإنسان المقهور حلاً سوى الهروب إلى الماضي: الخرافي أو الواقعي الذي قد تحمل أمجاده بعض العزاء له. كما قد يهرب من إطار الزمن بتفجير الديمومة من خلال الغرق في الممارسات التي تنسيه واقعه المؤلم: كالذكر، والمخدرات، والزار، والتخريف. ومن وسائل الهرب الشائعة التمسك بأوهام الخلاص السحري من خلال معجزة ما، تقلب الواقع وتنسف معطياته وتغير مصيره: الخلاص على يد زعيم منقذ، أو من خلال تدخل الحظ) .
وهذا يلقي الضوء على الطابع الخرافي لعقلية المجتمع الشيعي، والطابع الحزين لنفسيته. وإليه يعود التعلق الطفولي السمج بالتمثيلية التراجيدية الحسينية، وأسطورة مقتله وما فيها من خرافات ومبالغات لا تمت للحقيقة التاريخية بصلة. ولماذا يتعلق بها الشيعة تعلقاً إلى حد الهوس والخروج عن مقتضى العقل؟‍
يعود د. حجازي في موضع آخر إلى الخرافة ليتكلم عن منشئها، وعلاقتها بالمجتمعات الاضطهادية التي تشعر بالقهر والحرمان، ويعزوها إلى (عقدة النقص والاضطهاد) بما يلفت الانتباه إلى السر في كون العقلية الفارسية ميالة إلى الخرافة ميلاً شديداً صبغ تاريخها وعقائدها وفكرها، وانعكس بوضوح على ما أفرزته من تشيع، تجد ذلك بوضوح في مؤلفات علمائهم بدءاً بكافي الكليني، ومروراً ببحار المجلسي وإلى ما لا نهاية من المؤلفات الخرافية! ناهيك عن تعلقهم بالأولياء وآثارهم ومراقدهم وتصوراتهم المضحكة عن قدراتهم الأسطورية الخارقة للزمان والمكان! ولقد كنت فيما مضى أعجب كيف لكتاب خرافي مثل كتاب (الكافي) أن يحظى بهذه المنزلة الرفيعة عند الشيعة؟! وكيف لعالم يريد أن يكسب الناس ويؤثر فيهم أن يكتب لهم مثله؟! ثم اهتديت بعد زمن أن سر نجاح هؤلاء العلماء في الأوساط الفارسية والمجتمعات الشيعية، وشيوع هذه التوليفات بينهم، يكمن في الخرافة نفسها! فلولا أنها خرافية مفعمة بالخرافات والأساطير لما شاعت بينهم.
يقول د. حجازي:
(لا يستطيع الإنسان أن يتحمل وضعية القهر والعجز ببساطة أو أن يتقبلها بواقعيتها المادية الخام. لا بد له في كل الحالات من الوصول إلى حل ما يستوعب مأساته, ويقيض له شيئاً من السيطرة عليها، وإلا أصبحت الحياة مستحيلة. فإذا لم تتيسر له الحلول الناجعة التي تمكنه من التحكم الفعلي بالواقع على مستوى ما, لجأ إلى الحلول الخرافية والسحرية...
السيطرة الخرافية على الواقع، والتحكم السحري بالمصير، هما آخر ما يتوسلهما عندما يعجز عن التصدي والمجابهة قبل أن ينهار ويستكين. وتشكل هذه السيطرة بالتالي أحد خطوط الدفاع الأخيرة له. ويتناسب انتشار الخرافة والتفكير السحري في وسط ما مع شدة القهر والحرمان، وتضخم الإحساس بالعجز, وقلة الحيلة, وانعدام الوسيلة. كلما طال عهده بالاعتباط ينصب عليه من الطبيعة والناس، وضاقت أمامه فرص الخلاص, اندفع إلى التماس النتائج من غير أسبابها، واستبدال السببية المادية بالسببية الغيبية... وهكذا تنتشر ممارسات سحرية خرافية, وشعوذات تتلاعب بأمل الإنسان في الخلاص أو تحرك خوفه من الحاضر وقلقه على المستقبل...
تقوم السيطرة الخرافية على المصير على أسس نفسية نكوصية. يتقهقر الإنسان المتخلف الذي يؤمن بها من العقلانية التي يجب أن تميز حياة الراشدين إلى مرحلة التفكير الطفلي الذي يخلط الواقع بالخيال، والحقائق بالرغبات، والصعاب المادية بالمخاوف الذاتية. تطغى عليه الذاتية الطفلية ويقع في شرك التفكير الجبروتي. إنه يسقط على ممارسي الشعوذة، وعلى وسائل التصدي السحري للواقع, القدرة المطلقة التي كان يعتقد أنها تميز والديه اللذين يبدوان له قادرين على كل شيء, مالكين لزمام كل أمر. ويقيم مع عوامل السيطرة الخرافية ورموزها نفس علاقة الاتكال الطفلي التي كانت له مع والديه والتي تستبدل فيما بعد بعلاقة الاتكال الديني. في كل هذه الحالات هناك احتماء برموز القوة التي تسيطر على القدر من الأخطار العديدة التي تتهدد الوجود (وجود الطفل كوجود الإنسان المتخلف). يشكل هذا الاحتماء الضمانة الوحيدة له نظراً لعجزه وقلة حيلته, مما يعطل الاعتماد على القوى الذاتية، وينفي المسؤولية الشخصية في تحمل أعباء المصير. وبمقدار هذا الانتفاء وذاك التعطيل, لا بد لاتكاليته من التفاقم مما يدفع به إلى مزيد من توسل الممارسات الخرافية...
وهكذا يضع الإنسان المقهور أمله في الصور الخيرة ورموزهـا الخرافية, كما يسقط مخاوفه وعجزه ومشاعر ذنبه الناتجة عن فشله الوجودي على أعداء خرافيين بدورهم. ومن خلال تجنب هؤلاء, والتقرب من أولئك تتم له السيطرة الخرافية على حاضره, ويشعر بشيء من التحكم بالقوى التي تحرك مصيره) .
التفكير الارتغابي Wishful thinking
تستطيع أن تقول: إن الشيعي يعتقد ما يريد أن يعتقد، ولا يريد أن يعتقد ما ينبغي أن يعتقد. وهو ما يسمى بـ(التفكير الارتغابي Wishful thinking) الذي توجهه الرغبات لا الوقائع. وهو تفكير نكوصي بدائي يجعل الشخص يميل إلى تصديق ما يحب، وإلى إنكار ما يكره واعتباره باطلاً. بهذا المنطق الطفولي كتبوا التاريخ، وصوروا وقائعه: تاريخ الصحابة، مقتل عثمان، معركة الجمل وصفين والطف التي قتل فيها الحسين، تاريخ الأمويين والعباسيين والعرب عموماً. وهو نقيض (التفكير الواقعي Realistic thinking) الذي يبذل جهداً في معرفة الوقائع، وإخضاع العقائد والقناعات إلى نتائجها. والتفكير الارتغابي الذي لا يتقيد بالواقع، ولا يحفل بالقيود الاجتماعية والواقعية هو الذي يعرض الشيعة دوماً إلى خيبة الأمل، ويشوه الأمور في أعينهم فيرونها كما يريدون، لا كما هي عليه في الواقع، ومن ثم يحول هذا التفكير بينهم وبين حل المشكلات التي يقعون فيها، بل هو السبب في وقوعهم في المشكلات، والعداوات والقتل والسجون والتشريد، دون أن يكفوا ويرعووا، أو يعتبروا وينتبهوا إلى أنهم هم السبب فيما تجنيه أيديهم عليهم على مر العصور!
الحقيقة أن موضوع عقلية الشيعي، وكيف يفكر؟ تحتاج إلى بحث خاص، خارج اختصاص هذا الكتاب. عسى أن يتهيأ له في المستقبل من يقوم به، ويعطيه مستحقه من الاهتمام
حديث (لو كان الإيمان عند الثريا...)
لا شك في أن كل فكرة راسخة أو أصل ثابت يمكن أن تثور في وجهه شبهات، وتشوش عليه اعتراضات، تبلبل فكر غير الراسخين من الناس. ليس أوضح ولا أثبت ولا أرسخ من دعوة الإسلام إلى التوحيد، ولكن يوجد من يشكك في هذه الحقيقة بشتى الحجج كالطواف حول الكعبة وتقبيل الحجر الأسود. وهل هناك أعظم من حقيقة الوجود الإلهي، غير أن جبلاً كثيراً من البشر انساق وراء شبهات الإلحاد.
كذلك ما نحن فيه من الحديث عن تلك العقد، والعقدة الأخيرة منها. فربما انطلى على الكثيرين دعوى الشعوبية أن المبرزين من علماء الأمة هم من الفرس لا من العرب. ويكفيني في هذه العجالة أن أذكر أن أئمة المذهب الفقهية السنية أربعة: ثلاثة منهم عرب هم الإمام مالك (ت 179هـ). وهو عربي الأصل أصبحي. ثم الإمام الشافعي (ت204هـ) وهو عربي قرشي: يتصل نسبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد الثالث عبد مناف. ثم الإمام أحمد (ت241هـ ) وهو عربي من بني شيبان من عرب العراق. وإذا أضفنا إلى القائمة المذهب الزيدي، وهو مذهب مسند معتبر يصبح العدد أربعة من خمسة لصالح العرب. فالإمام زيد بن علي عربي هاشمي. ولم أشأ أن أتكثر بإضافة الإمام جعفر بن محمد؛ لعدم وجود مذهب فقهي له محفوظ لا عند الشيعة ولا عند أهل السنة. و قد أثبت هذا في كتابي (أسطورة المذهب الجعفري). وأما أقدم كتاب في الحديث فهو موطأ الإمام مالك، ثم مسند الإمام الشافعي. ثم مسند الإمام احمد، وهو موسوعة حديثية ضمت حوالي أربعين ألف حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء كلهم عرب، كما أسلفت. وإذا كان الإمام البخاري (ت256هـ) أعجمياً فإن الإمام مسلم (ت261هـ) عربي من قبيلة قشير العربية. ونسبته إلى نيسابور نسبة مكان لا نسب. ومن كبار المحدثين العرب أبو داود (ت275هـ) صاحب السنن، فهو عربي من الأزد. وغيره كثير. وإمام اللغة بلا منازع هو العربي الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب أول معجم في اللغة (العين)، ومكتشف علم (العروض)، وكان إماماً متفرداً في علم النحو وغيره من فنون لغة العرب. من تلاميذه سيبويه الذي نسب إليه الكتاب المعروف بـ(الكتاب) في النحو؛ فقد ذكر الإمام ثعلب أنه في الأصل إملاءات الفراهيدي على أربعين من تلامذته أحدهم سيبويه. ذكر ذلك الشيخ محمد سعيد العرفي في كتابه (الأمة العربية وسر انحلالها)، وبين أن اليد الشعوبية هي التي قامت بجمعه ونسبته إلى سيبويه، ورفعت من شأنه، وتغافلت عن الفراهيدي كي يقال: إن إمام لغة العرب فارسي لا عربي. على أنه ليس بضائر أن يكون ضمن إكليل علماء الأمة فرس وترك وبربر وهنود وغيرهم من الأعاجم الذين أكرمهم الله بالإسلام، أو بالعيش في ظل حضارته، التي حمل العرب مشعلها الأول، ليسلموه إلى بقية الأجيال في أمة كبيرة عظيمة، اختلط فيها العرب بالعجم؛ فكان من الطبيعي أن يأخذ كل قوم حظهم من معطيات حضارتها حسب نسبتهم. وليس بمستغرب أن يكون الكثير من علماء الأمة، أو أكثرهم من غير العرب؛ فنسبة العرب العددية وسط أولئك الأقوام هي الأقل مقارنة بالمجموع.
روايات الحديث
هذا.. وربما أشكل على البعض ما رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً. وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال: (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء). وفي رواية (لناله رجال من هؤلاء) دون تردد. وفي رواية لمسلم بلفظ: (لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس، أو قال: من أبناء فارس حتى يتناوله). وله بلفظ (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء). ورواه أحمد بلفظ (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء). وبلفظ (لو كان الدين عند الثريا لذهب رجل من فارس أو أبناء فارس حتى يتناوله). كلهم عن أبي هريرة.
فقد رأيت من أهل السنة من توهم فراح يتصور أن في الحديث مدحاً للعجم أو الفرس بإطلاق، دون اعتبار لكل المعطيات المناقضة على أرض الواقع، والتاريخ الدامي والمليء بالدس والتآمر، والتخريب والتحريف، والكوارث التي لم تصب الأمة بمثلها أبداً ! وذلك على يد الفرس! ولو لم يكن إلا التشيع لكفى به شراً!
ولو عدنا بالنظر إلى نصوص الحديث لوجدناها تتحدث عن رجال من الفرس يؤمنون ويدينون بدين الإسلام. وليس في هذا نكرة ولا غرابة؛ فإن الأمم كلها قد دخل في دين الإسلام منها رجال، آمنوا بهذا الدين وحملوه إلى غيرهم. والفرق هو مناسبة وجود سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ ما جعل النبي يشير إليه. وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فآمن من الفرس رجال، وكان منهم العلماء والدعاة والمجاهدون في سبيل الله. ولسنا ننكر ذلك، ولا ننفسهم عليه. وفي ذلك يقول ابن حجر في (فتح الباري) عند شرح الحديث: "ووقع في بعض طرقه عند أحمد بلفظ (لو كان العلم عند الثريا). قال القرطبي: وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عياناً فإنه وجد منهم من اشتهر ذكره من حفاظ الآثار والعناية بها ما لم يشاركهم فيه كثير من غيرهم". وهذا من باب قوله تعالى عن اليهود والنصارى وأمثالهم: (لَيْسُوا سَوَاءً) (آل عمران:113)إ.هـ. قلت: وقد آمن رجال من اليهود منهم الصحابي الجليل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكثير من النصارى فكان منهم العلماء والعباد والمجاهدون. وليس أن يقع مثله من الفرس ببدع من الحوادث، أو خوارقها!
على أن للصورة صفحة أخرى غطت على ذلك وزادت عليه. هي صفحة الفتن والشرور التي لم نر مثلها من غيرهم، خصوصاً نحن أهل العراق، في تاريخنا أبداً ! ولا يبعد أن يكون الفرس هم المقصودون بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله يشير إلى المشرق فقال: (ها إن الفتنة ها هنا، إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان). وفي رواية لأحمد بلفظ (ها هنا أرض الفتن) وأشار إلى المشرق. جاء في بعض الروايات تفسيرها بأهل نجد وأهل الإبل وربيعة ومضر. لكن لا يمنع هذا أن يكون المقصود أبعد من ذلك. سيما وقد جاء عن الفاروق رضي الله عنه قوله: (يا ليت بيننا وبين فارس جبلاً من نار). وهو والد عبد الله بن عمر راوي حديث الفتن السابق.
هذا إذا أخذنا بلفظ الجمع (رجال). أما إذا أخذنا برواية الإفراد: (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجل من هؤلاء) – وهي رواية صحيحة متفق عليها - فالأمر يخف كثيراً ؛ فقد يكون المقصود به سلمان نفسه، أو أبا حنيفة رحمه الله . وعندها لا يحتاج الموضوع إلى تعليق أصلاً !.
هذا.. ولم أجد الحديث بهذا اللفظ (العلم) عند أحمد - كما قال ابن حجر - ولا غيره. وذلك من خلال البحث في الكتب التسعة بواسطة القرص المدمج. إنما هو (الإيمان والدين). وليس من شرطهما البروز في العلم. وعلى أية حال فالحديث يمكن أن يكون فيه إشارة إلى قلة الدين والإيمان في أمة الفرس؛ فأن ينال رجل أو رجال منها الدين أو الإيمان - أو حتى العلم - أمر في غاية القلة. فهو إلى الذم أقرب منه إلى المدح. والله تعالى أعلم.
الشعوبيون يستغلون الحديث ويضيفون إليه
أما الرواية التي جاء فيها: عن أبي هريرة تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً هذه الآية (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) قالوا: ومن يُستبدَل بنا؟ قال: فضرب رسول الله على منكب سلمان ثم قال: (هذا وقومه، هذا وقومه). فهي رواية ضعيفة، تفوح منها رائحة الشعوبية. رواها الترمذي وضعفها هو نفسه بعد أن رواها فقال: هذا حديث غريب، في إسناده مقال. والغريب في اصطلاح الترمذي هو الضعيف. وسبب ضعفها من جهة إسنادها أن فيها راوٍ مجهولاً. قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا شيخ من أهل المدينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً هذه الآية... الحديث. فالحديث منقطع بين عبد الرزاق والعلاء بن عبد الرحمن. هذا ولم يسلم بعض الرواة الآخرين من مقال؛ فالحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج. فكيف والواقع التاريخي يشهد بعكسه تماماً ؟!
نقول هذا الكلام لأننا لم نرتض لأنفسنا أن نجلس وراء المكاتب، أو خلف الجدران الصماء، لا ندري بما يدور وراءها. نتطلع إلى الناس من فوق بروجنا العاجية؛ فنفسر النصوص بما يمكن أن تحتمله من معانٍ، دون النظر إلى الواقع، أو مصداقها منه. ولا ندرك كيف يتصيد الخصوم كلماتنا وينفذوا من ثغراتها؛ ليستثمروها في صالح معتقداتهم، وتحقيق أهدافهم، وخدمة أغراضهم. هذا واحد من دجاجلة الشيعة هو علي الكوراني. انظر إليه كيف يتعامل مع هذه النصوص! فيقول:
(الآيات والأحاديث في مدح الإيرانيين: وردت الأحاديث حول الإيرانيين وحول الآيات المفسرة بهم بتسعة عناوين : " قوم سلمان. أهل المشرق. أهل خراسان. أصحاب الرايات السود. الفرس. بني الحمراء أو الحمراء. أهل قم. أهل الطالقان " وسترى أن المقصود فيها غالبا واحد. وقد تكون أحاديث أخر عبرت عنهم بعناوين أخرى أيضا. في تفسير قوله تعالى: "وان تتولوا يستبدل قوما غيركم" قال عز وجل: "ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله، فمنكم من يبخل، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه، والله الغني وأنتم الفقراء. وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم " (محمد:38) . قال صاحب الكشاف (ج 4 ص 331) " وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال: "هذا وقومه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس". وقال صاحب مجمع البيان: "روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "إن تتولوا يا معشر العرب، يستبدل قوما غيركم، يعني الموالي"... وفي الحديث الشريف معنيان متفق عليهما، وهما: أن الفرس هم الخط الثاني عند الله تعالى لحمل الإسلام بعد العرب، والسبب في ذلك أنهم يصلون إلى الإيمان مهما كان بعيدا عنهم، وكان طريقه صعبا. كما أن فيه ثلاثة أمور محل بحث: أولها: هل أن هذا التهديد للعرب باستبدال الفرس بهم خاص بوقت نزول الآية في عصر النبي صلى الله عليه وآله أو مستمر في كل جيل، بحيث يكون معناه: إن توليتم في أي جيل يستبدل بكم الفرس؟ والظاهر أنه مستمر، بحكم قاعدة أن خصوص المورد لا يخصص الوارد، وأن آيات القرآن تجري في كل جيل مجرى الشمس والقمر، كما ورد في الحديث واتفق عليه المفسرون. وثانيها: أن الحديث الشريف يخبر أن رجالا من فارس ينالون الإيمان أو العلم، ولا يخبر أنهم كلهم ينالونه. فهو مدح لأفراد نابغين منهم وليس لهم جميعا. ولكن الظاهر من الآية والحديث أنهما مدح للفرس بشكل عام لأنه يوجد فيهم رجال ينالون الإيمان والعلم. خاصة إذا لاحظنا أن الحديث عن قوم يخلفون العرب في حمل الإسلام. فالمدح للقوم بسبب أنهم أرضية للنابغين، وأهل لاطاعتهم والاقتداء بهم. وثالثها : هل وقع إعراض العرب عن الإسلام واستبدال الفرس بهم ، أم لا ؟ والجواب: أنه لا إشكال عند أحد من أهل العلم أن العرب وغيرهم من المسلمين في عصرنا قد أعرضوا وتولوا عن الإسلام. وبذلك يكون وقع فعل الشرط " إن تتولوا " ويبقى جوابه وهو الوعد الإلهي باستبدال الفرس بهم. كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعد الإلهي بدأ يتحق...
في تفسير قوله تعالى: "بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد" في (البحار: ج60 ص216) عن الإمام الصادق عليه السلام ، " أنه قرأ هذه الآية. فقلنا جعلنا فداك من هؤلاء ؟ فقال ثلاثا : هم والله أهل قم ، هم والله أهل قم ، هم والله أهل قم "...
أما الأحاديث الواردة من طرق الفريقين في مدح الإيرانيين ومستقبل دورهم في حمل الإسلام، فهي كثيرة... وهو يدل على أن الوعد الإلهي سيتحقق في العرب فيتولوا عن الدين ، ويستبدل الله تعالى بهم الفرس، ولا يكونوا أمثالهم. ويدل على أن الفتح الإسلامي في هذه المرة سيكون ابتداء من إيران في طريق القدس والتمهيد للمهدي عليه السلام) .
تركيبة متشابكة من العقد النفسية المركبة
نحن إذن أمام تركيبة غريبة من العقد النفسية المركبة المتشابكة، يقوم بعضها على بعض، ويغذي بعضها بعضاً، وتتساند فيما بينها لتنتج حقداً متأججاً تعبر عنه باستمرار (عدوانية) لا تهدأ إلا لتثور. فهدوؤها كمون، وثورانها جنون!
أطلق د. عماد عبد السلام على هذه التركيبة النفسية مصطلح (العقدة الفارسية).
إن (العقدة الفارسية) جزء لا يتجزأ من النفسية (الفارسية) يلتجئ إليها صاحبها كضرب من الحيل النفسية من اجل حماية نفسه التي يشعر على الدوام بأنها مهددة لذلك هو لا يستطيع التخلي عن هذه العقدة - أو العقيدة أيضاً - لأنه سيجد نفسه المهددة بالخطر قد صارت بلا حماية وبتعبير آخر: إنه يرى أن التخلي عن هذه العقدة يساوي التخلي عن حياته! لذا فإن المصابين بـ(العقدة الفارسية) لا يجيدون الإصغاء إلى نداء العقل والحكمة، أو الضمير والرحمة، أو المبادئ والقيم، أو الأعراف والقوانين.
لغة واحدة يفهمونها هي القوة! إنهم يحترمون القوي أيما احترام! ويستجيبون له استجابة غير طبيعية. إنهم يستخذون له ويتملقونه ويبوسون قدميه بل حذاءه، وينحنون إلى حد الافتراش! لكنهم ينقضّون على من يرونه أضعف وأدنى، يذلونه ويجبرونه على الملق والاستكانة. لا يعرفون الوسطية؛ فهم بين ضعيف مستخذي، وقوي مستضري! ومنهاجهم: تمسكن حتى تتمكن.
النار معبودهم. وبينهم وبين النار مشاعر وحوارات.. وصفات مشتركة: الهيجان والجنون، والتدمير والتخريب، والقوة العمياء، والقسوة والحقد الأسود. إنهم يرون أنفسهم ويجدونها فيها. فعبادتهم لها تعبير عن أنانيتهم وعبادتهم لهذه النفوس الهائجة المخربة الحاقدة.
(الفارسية) وباء
تجد (الفارسية) في المجتمعات التي ترزح تحت وطأة التشيع ظاهرةً منتشرةً كالوباء المتوطن. صحيح أن البعض قد أُفلتوا منها، كما هي طبيعة الوباء: لا بد أن يُفلت
منه بعض الأفراد. إلا أن المحصلة النهائية للمجتمع أنه مجتمع مريض.
ومع ذلك فإن كل مجتمع يسلط على عموم أفراده ضغطاً اجتماعياً لا يمكن مقاومته، بحيث يجعل كل واحد منهم يتبنى ما عليه المجتمع من أفكار وميول وعادات وأخلاق وسلوك، حسب قانون اجتماعي يسميه المختصون بـ(التنويم الاجتماعي).
يقول الدكتور علي الوردي: (إن الإنسان يخضع في حياته الاجتماعية لتنويم يشبه من بعض الوجوه التنويم المغناطيسي وهو ما يمكن أن نسميه بـ(التنويم الاجتماعي). فالمجتمع يسلط على الإنسان منذ طفولته الباكرة إيحاءاً مكررا في مختلف شؤون العقائد والقيم والاعتبارات الاجتماعية. وهو بذلك يضع تفكير الإنسان في قوالب معينة يصعب الخروج منها. هذا هو الذي يجعل الإنسان الذي نشأ في بيئة معينة ينطبع تفكيره غالباً بما في تلك البيئة من عقائد دينية وميول سياسية واتجاهات عاطفية وما أشبه. فهو يظن أنَّهُ اتخذ تلك العقائد والميول بإرادته واختياره ولا يدري أنَّه في الحقيقة صنيعة بيئته الاجتماعية. ولو أنَّهُ نشأ في بيئة أخرى لكان تفكيره على نمط آخر)( ).
وهكذا تجد المجتمع الشيعي يسلط على أفراده - طبقاً إلى هذا القانون - ضغطاً اجتماعيا يجعلهم يستسلمون في النهاية، ويصابون بـ(العقدة الفارسية). ويتحول التشيع عندهم – شاءوا أم أبَوا - إلى تشيع فارسي بكل ما فيه من أفكار وميول وعادات وأخلاق وسلوك وعقد نفسية تصب في محصلتها النهائية في مجاري المصالح الفارسية.
ولقد لاحظنا ميدانيا أن هذه العقدة قد يتعدى ضررها - عن طريق العدوى - إلى غير الشيعة من المستوطنين في تلك المجتمعات، فتجد بعضهم شيعياً (فارسياً) في خلقه وسلوكه ، وإن كان غيره في اعتقاده وفكره!







 
قديم 08-11-11, 12:01 AM   رقم المشاركة : 15
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الزئبقية الشيعية

الحمد لله وبعد :

تسعد كثيراً عندما يوافق رافضي كان أو إسماعيلي أو حتى إباضي على الحوار حول العقائد لكن سرعان ما تصاب بالإحباط الشديد إذ أن من يحاورك إما أن تجده جاهلاً بدينه أو عارفاً بدينه لكنه لا يجيد الحوار أو مراوغاً أو كما أحب أن اسميهم (المطبلين ) ،

لقد أيقنت تماماً بعد تجارب سابقة وحوارات مع صنوف المخالفين أن الشيعة الإمامية الإثني عشرية كمادة ( الزئبق ) التي تراها لكن لا تستطيع الإمساك بها ، المحاور الرافضي تراه يظهر أمامك قبل الدخول في الحوار كالبطل المقدام لكن عندما تدخل في الحوار المباشر معه سرعان ما يخر على ركبتيه ويهرب هروباً غير مبرر !

لكن مع هذا استطعت بحول الله وقوته السيطرة على هذا الزئبق ( الرافضي ) والإمساك به من خلال عملية بسيطة أتمنى أن يستفيد منها جميع السنة هنا وهي عكس السؤال !
فمثلا : كنت في حوار مع رافضي فسألته (هل أثنى الله على الأئمة في كتابه العزيز ؟) فما وجدت منه إلا تهرباً ! عكست السؤال وقلت له ( هل أثنى الله على الأئمة كما أثنى على الصحابة المنتجبين ) فأجاب وبوضوح (بصراحة لا اعلم ) ! نستخلص من هذا المثال أن العقلية الرافضية عقلية زئبقية لا يمكن الإمساك بها بسهولة إذ يجب استخدام أساليب مختلفة مع العقلية الرافضية بالإضافة إلى أنها لا تثبت على رأي معين وتكافح لأجله بل هي متقلبة كثيراً ومن هنا قلنا أن أي مناظر يأتي لكي يناظر أحد أسود السنة أول ما يقوم به المناظر الرافضي هو التبرؤ من كتبه بطريقة مضحكة جداً فلا تدري ما هي أحاديثه الصحيحة وما هي أحاديثه الضعيفة .وعلى ماذا يعتمد في العقائد والحديث والتأريخ


العقلية الشيعية كيان منفرد قائم بذاته
نعم هو كذلك ، إذ أنك تجد المحاور الرافضي مذهب قائم بذاته مختلف عن دينه الأصلي فلا يؤمن بما يذكر في كتبه لا بل يتبرأ منها إذا ما ألزمته بها !





كتبه /
ما يهزك ريح


===========

الغدر في الشخصية الفارسية

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=80456

سياحة فى عالم التشيع :الحوزة العلمية أسرار وخفايا
محب الدين عباس الكاظمى

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=9234

تحليل الشخصية الايرانية الشيعية الفرس و كيف تسيطر عليها


http://alwatan.wordpress.com/2011/03...4%D9%81%D8%B1/







 
قديم 20-02-12, 01:03 AM   رقم المشاركة : 16
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


جواب لماذا ايران اخطر من اسرائيل

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=142344

اساليب الشيعة في الطعن باعراض مخالفيهم و تشويه سمعتهم و الاساس العقائدي لها

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=145306







التوقيع :
دعاء : اللهم أحسن خاتمتي
وأصرف عني ميتة السوء
ولا تقبض روحي إلا وأنت راض عنها .
#

#
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ *قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ* مَا العِلمُ نَصبكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً * بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فُلاَنِ

جامع ملفات ملف الردود على الشبهات

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=83964
من مواضيعي في المنتدى
»» جواب الشيخ الفوزان عن الصلاة على النبي و اله شعار الشيعة
»» كمال الحيدري يعترف بوجود كتاب فضل الخطاب  
»» الشيعة في لبنان بالورود تم استقبال الجيش الصهيونى فى جنوب لبنان 1982 ..
»» سر إهدار الخميني دم سلمان رشدي
»» و يكون الدين كله لله / الشيخ سليمان الماجد
 
قديم 20-02-12, 02:25 AM   رقم المشاركة : 17
ربي ارضى عني
مشترك جديد






ربي ارضى عني غير متصل

ربي ارضى عني is on a distinguished road


جزاك الله خير وبارك الله فيك

ولي عودة لاستكمال بقية الفصل الرابع ان شاء الله
موضوعك مثري






 
قديم 18-04-12, 04:03 PM   رقم المشاركة : 18
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


سلسلة قراءة نفسية في عقيدة التشيع ( الحلقة الخامسة والأخيرة )

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=149433







التوقيع :
دعاء : اللهم أحسن خاتمتي
وأصرف عني ميتة السوء
ولا تقبض روحي إلا وأنت راض عنها .
#

#
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ *قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ* مَا العِلمُ نَصبكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً * بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فُلاَنِ

جامع ملفات ملف الردود على الشبهات

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=83964
من مواضيعي في المنتدى
»» جواب رواية أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأتها من بابها
»» السيد المهري وتجريم القتلة والصمت عن المذبحة السورية
»» فصيدة جميلة عن المدينة المنورة دار الحبيب / أبي عمران البسكري
»» الرد على كذبة ان الله لهوات / لهاة / و أضراس / ضرس / سن / أسنان
»» الدكتور الخضيري لاتأكلو الرطب هذه الايام فهي مسرطنه
 
قديم 03-05-14, 01:55 AM   رقم المشاركة : 19
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road



الأمراض والعقد النفسية في الشخصية الشيعية الغدر

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=80456


علي الوردي ، وقال هم شاذون جنسيا ووضح الاسباب

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=73800


الشيخ الشيعى جعفر النمر يتهم اصحاب اعمائم باللواط والزنا

http://alsrdaab.com/vb/showthread.ph…838#post364838

قراءة في الشخصية الإيرانية

http://www.alrased.net/site/topics/view/1662







 
قديم 18-06-14, 06:08 PM   رقم المشاركة : 20
بحار400
عضو ماسي







بحار400 غير متصل

بحار400 is on a distinguished road



الأمراض والعقد النفسية فـي الشـخصية الشـيعية

الشيخ طه حامد الدليمي
أضيفت في: 7 - 2 - 2008
عقدة الاستخذاء

قيل لأعرابي: كيف تقول إذا أردت الفعل المضارع من الفعل (استخذيت) ؟ فقال : لا أقول شيئاً. قال: ولم ؟ قال: لأن العربي لا يستخذي.

عقدة النقص هي الأساس

تظهر على المتشيع فارسياً صفتان تبدوان - في ظاهرهما – متناقضتين، لكنهما في الحقيقة جد متناسقتين: فهو من ناحية متكبر متغطرس ولكن مع من هو دونه، أو مع من يقوم تجاهه بمراسيم الاحترام، وذلك بسبب عقدة (السيد). وهو متذلل متمسكن يتملق، لكن مع من هو أقوى منه، أو من يذله بسبب عقدة النقص.

إن المثل القائل: (يتمسكن حتى يتمكن) ينطبق عليه تمام الانطباق. ولقد رأينا العجم في مجتمعنا – والمستعجمين - يرتقون سلم الوجاهة والنفوذ من تحت سطح البحر خدماً في البيوت والدوائر وفراشين، ويمتهنون مهناً دنيئة و.. ومن هناك يرتقون!

وقد عبّر الباحث الأمريكي جاك ميلوك – كما مر بنا سابقاً - عن هذه الصفة عند الفارسي أصدق تعبير حين قال: (إن الملق والمداهنة والكذب والغش يجب أن تكون جميعا الأدوات التي يحتاجها الفرد لأجل أن يتقدم ويصعد إلى أعلى. لقد قال زعيم إيراني: إن الإيرانيين هم مثل الحرباء. إنهم يغيرون ألوانهم كل يوم وتتلون سياساتهم بما يتناسب مع ألوانهم المتغيرة. إن استعمال تعبيرات مثل: (إنني عبدك المطيع) أو مثل (إنني التراب الذي تطأه قدماك) أو (دعني اقبل رجليك ألف مرة)(1) هي جميعها جزء صغير من مفردات قياسية للغة اليومية التحادثية). مثلهم كمثل إخوانهم اليهود الذين (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) (البقرة:61). وفي الوقت نفسه لا يخجلون من قولهم: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُه) (المائدة:118).

من مظاهر الملق عند المستعجم تقديسهم للعلماء إلى حد التأليه، واتخاذهم أربابا من دون الله يتذللون لهم ويقبلون أيديهم ويمارسون معهم جميع طقوس الخضوع الذليل التي لا تليق بعربي أو مسلم كريم.

هذه الخاصية الخلقية الفارسية لها أكثر من جانب يفسرها إضافة إلى النظر إليها من خلال عقدة النقص الأصلية.



المضطهَد يقدس القوة

عقدة الاضطهاد مثلاً لها دور فاعل في تكوين هذه العقدة . المضطهد المغبون يميل إلى عشق القوة، وربما وصل به الأمر إلى حد تقديسها، والوله المجرد بها؛ فهو يقدس القوة كيفما كانت، ومن أي جهة صدرت! فإذا كانت في جانبه أصابه الزهو، وتلبسته الكبرياء، ومضى يذل الآخرين ويستعبدهم يريد منهم أن يعبدوه أداءً لحق القوة المقدسة التي يمتلكها. وإذا كان ضعيفاً لا يملك القوة، توجه بالتقديس والتذلل نحو من يمتلكها، فيعامله بالمذلة والملق والاستخذاء!

لقد عبد الفرس النار؛ لأنها رمز القوة المتناغمة مع نفوسهم: النار قوة هوجاء مخربة، والفرس كذلك. ولربما يفسر هذا أساس علاقتهم مع الشيطان المخلوق من نار، وهي كعلاقة إخوانهم المنافقين به. ويسمون القوة العظمى في العالم - التي هي أمريكا - (الشيطان الأكبر)، الذي ما إن قدم إليهم حتى قدموا له فروض الطاعة، وتعاونوا معه. أما عداؤهم له، فادعاء فارغ يقوم على عقدة الاستعراض لا أكثر. وقد تكون في الآيتين الآتيتين إشارة إلى هذا: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ... مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ) (البقرة:14،17).

اجتياف(2)عملية التبخيس

جانب آخر يفسر هذه الخاصية الفارسية هو اجتياف عملية التبخيس والتقزيم التي يغرسها القوي في نفس الضعيف، فيتمثلها بدوره مشاعر قلة ودونية لذاته، وإعجاب وانبهار بالقوي المتسلط ، تنعكس على تصرفاته ملقاً وذلة ومسكنة، كما قال تعالى عن إخوتهم اليهود: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (آل عمران:112) . انظر إلى الذلة والمسكنة كيف اجتمعت مع التكبر والعصيان والعدوانية إلى حد قتل الأنبياء!

يقول د. حجازي: (إن أبرز مظاهر اجتياف التبخيس والعدوانية اللذين يفرضهما عليه المتسلط هو الإعجاب به والاستسلام له في حالة من التبعية الكلية. وبمقدار ما ينهار اعتباره لذاته يتضخم تقديره للمتسلط ويرى فيه نوعاً من الإنسان الفائق الذي له حق شبه إلهي في السيادة والتمتع بكل الامتيازات. تلك علاقة رضوخ ((ماسوشي)) من خلال الاعتراف بحق المتسلط بفرض سيادته. ومن هنا تبرز حالات الاستزلام والتزلف والتقرب. ويتحدد الاعتبار الذاتي انطلاقاً من درجة التقرب من المتسلط ... الذي يعود فيزدريه من جديد لرضوخه واستكانته وتبعيته، محملاً إياه كل الوزر، معتبراً دونيته كجزء من لا يتجزأ من طبيعته؛ مما يبرر لنفسه كل أشكال القهر التي يمارسها)(3).

وهذا ملاحظ بوضوح على المجتمعات الشيعية من خلال علاقتها بالحاكم، وتقربها منه بأنواع القربات، وعلاقتها بالمستعمر كذلك. ومن أوضح الأمثلة علاقتها بالمرجع أو (السيد)، وتقديسها له تقديساً يصل أحياناً إلى حد العبادة، مع استهانته بهم، ومعاملته الفوقية لهم!


الماسوشية وعقدة الاستخذاء..؟!

السادية وعقدة السيد

أذلة على الكافرين أعزة على المؤمنين


--------------------------------------------------------------------------------

(1) إن هذا يذكرني بما هو شائع في الجنوب العراقي من هذه الألفاظ وأمثالها: أبوس إيدك، أنا خادمك، عْبَيدك (مع ترقيق الباء). والإشارة إلى الأشياء بأسمائها المصغرة: خبيزة (خبزة)، مَّيَّه (ماء)، ثْليجة (من الثلج)، ثْويب (ثوب)، رْجَيجِيَّة (رَقِّية)، بْطَيطِيخَة (بطيخة)، طْمَيطاية (من الطماطة)، خْوَيرة (من الخيار)، بعد روَيحتي (روحي)، بعد عوينتي (عيني) الخ... وهذا يدل على تأصل المذلة والعبودية والمسكنة في تلك النفوس. وإلى ذلك أشار عبد الرحمن الكواكبي بقوله: (يستدل على عراقة الأمة في الاستعباد أو الحرية باستنطاق لغتها: هل هي قليلة ألفاظ التعظيم كالعربية مثلاً، أم هي غنية في عبارات الخضوع كالفارسية وتلك التي ليس فيها بين المتخاطبين أنا وأنت، بل سيدي وعبدكم)/ طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ، ص50 ، عبد الرحمن الكواكبي ، الطبعة الثانية ، 1373هـ ، 1973م ، دار القرآن الكريم ، بيروت.

(2) الاجتياف (Introjection) هو تلقي وتمثل أو تقمص كل ما هو مرغوب فيه، وتصوره جزءاً من الذات كما يتمثل الجسم الطعام. مأخوذ من إدخال الطعام إلى الجوف. وهو عملية نفسية دفاعية لا واعية إجمالاً. وقد يجتاف الشخص ما هو غير مرغوب فيه من الصفات.

(3) التخلف الاجتماعي ، ص41.



=================

الشخصية الشيعية تعاني من عقدة النقص؛ فهي مستبدة طاغية عند الشعور بالقوة وذليلة واطية عند الشعور بالضعف، وتنهار عند أول ضربة ماحقة!
الشيعي لإصابته بعقدة النقص ينظر الى القوة بوله يبلغ حد العبادة؛ فان كان قويا أذلك كعبد، وان كنتَ القوي تذلل لك تذلل العبيد للسادة!
القوة تملك الشيعي ولا يملكها حتى في حال قوته؛ لذا هو يتملق القوة في الأقوياء حد العبادة، فان تلبسته القوة ساقته لاستعباد الضعفاء!








 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:20 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "