سلسلة قراءة نفسية في عقيدة التشيع ( الحلقة الثانية )
الفصل الرابع
الأمراض والعقد النفسية
في الشخصية الشيعية أو الفارسية
من خلال هذه البحوث والتحليلات العلمية، ومن خلال المعرفة الذاتية، والخبرة الميدانية المكتسبة من المعاملة الطويلة الأمد مع (الشخصية الفارسية) متمثلةً بكل شعوبي أو رافضي أو متشيع بتشيع الفرس - وإن كان في أصله عربياً هاشمياً - يمكن استخلاص جملة من الأمراض والعقد النفسية المكونة لتلك الشخصية التي نطلق عليها اسم (الشخصية الفارسية).
سأتناول في هذا الفصل أهم هذه الأمراض والعقد، بمزيد من التحليل وضرب الأمثلة الواقعية، لمعرفة أصلها ومنشئها وعلاقتها ببعضها. وأرجو أن لا يفوتن القارئ اللبيب أني لا أقصد أن هذه الأمراض - منفردةً - مقتصرةٌ على الشخصية الفارسية أصلاً، فلا يمكن أن يصاب ببعضها غير (الفارسي) أو المتشيع فارسياً، فرداً كان أم جماعة. فقد تجد شخصاً – وهذا كثير – مصاباً بعقدة النقص أو عقدة الاضطهاد أو غيرها من العقد، بل قد تجد مجتمعات تعاني من مثلها. إنما أقصد أن المجتمع (الفارسي) كمجموع مصاب بهذه العقد مجتمعة. فهذه العقد من مميزات (الشخصية الفارسية) وحدها، التي تطبع المجتمع الإيراني في عمومه بطابعها، وسائر المجتمعات الشيعية التي تأثرت به دون غيرها من الشعوب والمجتمعات الأخرى، على الأقل القريبة منها. وقد تجد شخصاً فارسي الأصل لا يعاني – كفرد - من واحدة من هذه العقد، لكنه حين يكون في موقف يعبر به عن المجموع - أو يكون حقيقة مع هذا المجموع - فإنه يتصرف تصرفاً آخر يتوافق مع التركيبة النفسية الجمعية المعقدة. أي يتصرف طبقاً لنفسية الجمهور، وليس النفسية الفردية التي هو عليها وحده منعزلاً عن ذلك الجمهور الذي ينتمي إليه. وهذا كما يتصرف شخص يعاني فردياً من عقدة الهزيمة ضمن مجموع لا يعاني من هذه العقدة، فإن شخصيته تذوب في ذلك المجموع، وتختفي تصرفاته المريضة وتستبدل بها تصرفات أخرى لا تمت إلى عناصر شخصيته الأصلية بصلة. والعكس صحيح.
العلاقة بين النفسية (الفارسية) والشيعية
إن الرفض أو التشيع الفارسي دين اخترعه الفرس للتنفيس عن أحقادهم وعقدهم أولاً، وتحقيق أغراضهم ومطامعهم ثانياً. لكنهم ستروا سوأته برقاعة (التشيع) ليروج على الناس، ويجد له بينهم آذاناً صاغية.
ومن الطبيعي أن كل فكرة أو مبدأ ينتشر - حين ينتشر - وهو يحمل معه أخلاق أصحابه وعقليتهم ونفسيتهم، ومناهج تفكيرهم، وطرائق سلوكهم وتعبيرهم. ولا يمكن أن ينتشر مجرداً عن ذلك. فالعرب حين خرجوا إلى العالم بدينهم حملوا معهم أخلاقهم وروحهم ومناهجهم وطرائقهم. ولم يقتصر تأثر العالم بهم على دينهم فقط، بل تجاوزه إلى لغتهم وأساليب معيشتهم وأزيائهم وآداب مائدتهم. فانتشر الإسلام، وانتشر معه الوفاء بالوعد، والالتزام بالعهد، والعفو، والسماحة، والصدق، والعدل، وحرية التعبير عن الرأي، والعقلية المنضبطة بالدليل، البعيدة عن الخرافة، القائمة على العلم المؤسس على التجربة، والمتحرر من الفلسفة.
الشيء نفسه حصل حينما اندفع الفرس بدينهم المحرف (التشيع الفارسي). فإنهم نشروا معه أخلاقهم وأفكارهم، أو عقائدهم المسبقة، وعقليتهم الخرافية، ونفسيتهم المعقدة، بل وألسنتهم المعوجة، وأزياءهم، وطعامهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وتواريخهم، ومشاعرهم، وشعائرهم، وطقوسهم، وفلكلورهم؛ فتجد جمهور المتدينين بدينهم مصاباً بالعقد والأمراض، ومتصفاً بالأخلاق، ومتمتعا بالعقلية الفارسية نفسها، على تفاوت في درجات الإصابة وظهور الأعراض شدةً وضعفاً. حتى إنها قد تزيد عند البعض من غير الفرس عنها في الفارسي المصاب بها أصلاً !
مثلهم كمثل المسيحية حين خرجت من أرض العرب ووصلت إلى روما، ارتدت إلينا صليبية تحمل أحقاد الرومانيين وعقدهم وخرافاتهم وعقائدهم، وأخلاق الأوربيين ورذائلهم منسوبة زوراً إلى المسيح و(العذراء). وهكذا تحول جمهور المسيحيين - دون أن يشعروا - إلى صليبيين، أو متدينين بدين آخر غير الذي خرج منهم أولاً، وهم يحسبون أنهم لا زالوا على دين المسيح.
إن الأوربي حين صار مصدر الديانة وانتقلت عاصمة المسيحية إلـى (رومـا) و(القسطنطينية) صار يصدر إلينا أخلاقه وعقائده وعقليته ونفسيته هو باسم (المسيحية).
الشيء نفسه حصل للإسلام حين خرج من أرض العرب إلى بلاد فارس، ثم صار
يصدر إلينا من (قم) و(مشهد) باسم (التشيع لأهل البيت) . فانتقلت معه أخلاقه وعقائده
وعقليته ونفسيته تحت هذا المسمى. فكل من تشيع بتشيع الفرس ينبغي أن ننظر إليه على أنه يحمل تلك العناصر، وأنه مصاب بالأمراض الفارسية نفسها. فإذا أردنا أن نصف له علاجاً فمن خلال هذه النظرة لنصل إلى التشخيص السليم الذي على أساسه يمكن توصيف العلاج الناجع له. أما التشخيص الذي نقطع به نحن - والذي أنا في صدد بيانه وتحليل جذوره ووضع الوصفة المناسبة له في هذا الكتاب- فهو أن الرفض أو التشيع الحالي عبارة عن أمراض وعقد نفسية، قبل أن يكون انحرافات عقيدية أو فكرية وسلوكية، وأن التعامل الناجح مع المتشيعين بهذا التشيع – وهم جمهور الشيعة وعامتهم - ينبغي أن ينبني على هذا التشخيص أو الأساس مهما بدا سوداوياً أو تشاؤمياً - كما قد يحلو للبعض أن يسميه - لكنه الواقع والحقيقة التي يجب علينا أن نعترف بها ونواجهها بشجاعة مهما كانت مرة أو كريهة المنظر، وإلا أخطأنا في توصيف العلاج.
(الفارسية) ظاهرة وليست عرقاً
من الحقائق المهم ذكرها أن النفسية الفارسية المعقدة، والسلوك المنحرف المنعكس عنها ليس مختصا بالفرس حصراً، فلا يمكن أن يصاب بها غير الفارسي أصلاً. إنما هي عقدة مرضية تصيب كل من تأثر بها، وظاهرة اجتماعية توجد في كل مجتمع تقبَّل جراثيمها، وإن لم يكن فارسياً في عنصره، أو إيرانيا في بيئته ومنشئه.
(الفارسية) وباء يمكن أن ينتقل بالحث والعدوى، فيصيب أجناساً أخرى عاشرت الفرس وتأثرت بهم. أو أفراداً عاشوا بينهم، لا سيما من وصل منهم إلى رأس السلطة في إيران؛ لأنه يجد نفسه مضطراً إلى أن تتمثل فيه جميع الأمراض والعقد النفسية الفارسية، وإلا لن يتمكن من ضم تلك الأشتات المختلفة من العناصر والشعوب التي تقطن الهضبة الإيرانية تحت جناحيه.
عقدة النقص وعقدة الاضطهاد وأثرهما في تكوين النفسية الفارسية أو الشيعية
يستطيع الدارس للشخصية الفارسية أن يرصد عقدتين كبيرتين، هما الأساس في كل الانحرافات النفسية التي تعاني منها تلك الشخصية. هاتان العقدتان هما:
1. أحداهما (عقدة النقص) التي تمثل الأصل والمنبع والأساس.
2. والثانية (عقدة الاضطهاد) التي نتجت عن العقدة الأولى، وساندتها في ولادة العقد
الأخرى، وصبغت النفسية الفارسية بصبغتها، حتى صارت طابعاً لها، ونقطة دالة تجعلك
لا تخطئ أبداً في تشخيصها ومعرفتها. فعقدة النقص هي الأصل الكامن، وعقدة الاضطهاد هي اللون والعلامة الظاهرة.
إن الشعور المزمن بالنقص ينعكس عند الشخص الفارسي - وسليله الشيعي - رد
فعل سلبي مؤذٍ ومخرب، يتجه إلى البيئة التي تحيط به بعنصريها: الطبيعة والإنسان. فهو خائف متوجس يشعر بالغربة والقهر من الطبيعة المحيطة، والشعور نفسه ينعكس باتجاه البشر المحيطين به. وهذا معنى قول الخبير الأمريكي جاك ميلوك السالف الذكر: (إن الشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين. وأكثر من ذلك فإنه لا يمكن الوثوق من الطبيعة ولا الاعتماد على المخلوق البشري. إن هناك توقعات بحصول التضليل والخداع في مكان ما. وهكذا يجد الفرد الإيراني نفسه داخل دائرة مليئة بالمرارة).
وعلى هذا الأساس - إذا أردنا أن نفهم نفسية الشيعي - علينا أن ندرس نفسية الإنسان الاضطهادي أو المقهور. إن (عقدة النقص) في أعماق النفس تنعكس في الخارج على شكل شعور طافح بالقهر والحرمان، ودعوى عريضة بالظلم والاضطهاد. وقد وجدت خير من قام بهذه الدراسة – كما نوهت سابقاً – هو الدكتور مصطفى حجازي في كتابه (التخلف الاجتماعي.. مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور). علماً أنه يستعمل أحياناً مصطلح (التخلف) و(الإنسان المتخلف)، بدل (القهر) و(الإنسان المقهور) من حيث أن الشعور بالقهر أو الاضطهاد ينعكس تخلفاً في الفعل والممارسة. وفي ذلك يقول: (إن سيكولوجية التخلف من الناحية الإنسانية تبدو لنا على أنها أساساً سيكولوجية الإنسان المقهور) .
حيلة (الإسقاط) وأثرها في التركيبة النفسية الشيعية
الإسقاط – كما عرفه العلماء - عملية نفسية ينسب الشخص من خلالها - ويحوِّل إلى غيره - صفاته هو أو مشاعره أو رغباته أو نزواته أو أفكاره التي لا يرغبها ويخجل من الوعي بكونها جزءاً من ذاته. فهو يتهرب لا شعورياً منها بطردها عن نفسه أولاً، ثم إلصاقها بالغير، أو اتهامه بها ثانياً، كنوع من تبرئة الذات أو الدفاع السلبي عنها. إنه عبارة عن تخلص من كل ما هو سيء في الذات باتهام الآخرين به. فهي عملية أو حيلة نفسية دفاعية مزدوجة. وتتخذ مظهرين:
1. نسبة النقص الذاتي إلى الغير
2. لوم الغير على ما نلقاه من صعوبات وفشل، وما نقع فيه من أخطاء.
يلعب الإسقاط دوراً كبيراً في حياة الشيعي النفسية. وهو عميق الأثر فيها إلى حد (العقدة)! ولا أراني مخطئاً علمياً إذا أطلقت عليه عندهم مصطلح (عقدة الإسقاط). لم أر أحداً أو جماعة بنيت حياتهم على (الإسقاط) كالشيعة! فهم أكثر الناس اتهاماً للآخرين بعيوبهم وذنوبهم، كما أنهم أكثرهم إلقاء بتبعة أخطائهم وجرائمهم، وما يحصل لهم من مصائب ومصاعب على غيرهم!
خذ مثلاً سب الصحابة وتكفيرهم، كيف ينعكس لدى الشيعة اتهاماً لنا بكره (أهل البيت)؟! والتهمة ثابتة في حقهم ثبوتاً قطعياً مطلقاً. أما نحن فبريئون منها إلى حد الصفر المطلق. ومع ذلك فالأمر عندهم على العكس!
أحد معارفي داهمت بيته دورية للحرس الوطني، فأخرج لهم هويات الأحوال المدنية الخاصة بأولاده الأربعة: علي وحسن وحسين وحمزة. فكان مصيره الضرب والشتم والإهانة.
- لماذا؟!
- لأنك سميتك أولادك بهذه الأسماء كرهاً لأهل البيت!
- كيف؟!
- سميتهم كذلك من أجل أن تسبهم وتبصق عليهم وتضربهم، تشفياً بأهل البيت!!!
انظر إلى أحدهم – وهو من أكثر الشيعة اعتدالاً كما يقال – كيف تنقلب في رأسه الأمور ليقول: (يحدث المأزق الكبير في دوائر الدولة والأحزاب والمؤسسات العسكرية، حيث يلتقي المتعلمون من الطائفتين.. الشيعي الذي انسلخ عن طائفيته بسبب تعلمه، والسني الذي اتصل بالطائفية بسبب صلته بالسلطة. وهنا تبدو الفروق مكشوفة في ممارسة كل منهما لعمله في الدولة. إن الشيعي لا يفكر في أن يحجز وظيفة لشيعي آخر. وقد لا يفهم معادلة كهذه على الأغلب. أما السني فإنه متحفز ومهيأ للعب دور كامل مستمد من تمذهب الدولة.
قد يضاف سبب آخر. فبعض الشيعة ممن ينتبهون إلى فعل الطرف الآخر في مؤسسات
الدولة قد يحاولون فعل شيء مماثل. لكنهم سيصطدمون بتقاليد الدولة، وبالاضطهاد الرسمي. أو إنهم يقعون فريسة الخوف من أن يتهموا بالطائفية. إن العلماني الشيعي يتقبل أية تهمة سوى هذه. قد يتفاخر بخروجه على الإسلام، وبإلحاده وارتكاب المعاصي. قد يفاخر بماركسيته ووجوديته ونازيته وبعثيته، وبشذوذه وغرامياته، لكنه عند التهمة الطائفية يقف مذعوراً. وقد يتحول إلى الضد لإثبات الضد) .
وأنا أقف هادئاً - لا مذعوراً – أمام هذه العقلية الإسقاطية، التي قلبت الأمور كلها إلى الضد لإثبات الضد؛ لأني أعرف على أي وتر تعزف. ولك – حتى تعود الأمور إلى نصابها – أن تقلبها مرة أخرى. وعندها تتبين الحقيقة.
هذا والكاتب صاحب النص السابق كان السكرتير الصحفي لصدام، ويعرف – قبل غيره – أن أغلب الصحفيين المقربين من الرئيس الراحل – إن لم يكونوا كلهم – من الشيعة. وسيأتي توضيح مختصر بهذا، ومن فم الكاتب لا غيره .
وقف مقتدى عند المقام الموهوم بـ(السيدة زينب) في دمشق في شباط 2006 ليذم المقاومة، ويقول دون حياء: (الإرهابيين حبيبي فجروا لهم دبابة دبابتين وصاروا مقاومة. كذابين. عملاء).
واقلب تعدل!
وهكذا...
وصدق الشاعر إذ يقول:
من كانَ يصنعُ ما يقولُ فحيلتي فيهِ قليلهْ
وفيما يلي أهم الأمراض والعقد النفسية في (الشخصية الفارسية):
(1)
عقدة النقص
ثمة فرق بين ((الشعور بالنقص)) و((عقدة النقص)). (فالشعور بالنقص حالة نفسية يدركها الفرد إدراكاً مباشراً ويعترف بها. وليس من الضروري أن يكون بالفرد نقص كي يتملكه هذا الشعور... ويرى ((آدلر Adler)) مؤسس مدرسة علم النفس الفردي أن الشعور بالنقص من أقوى الدوافع لدى الإنسان لأن غريزة السيطرة هي أقوى الغرائز. كما يرى أن الفرد يحاول أول الأمر التعويض عن نقصه، فإن فشل التعويض الناجح لجأ إلى التعويض الوهمي، كأن يهرب من مواجهة نقصه إلى أحلام اليقظة، يعوض في خيالاتها عما به من نقص كما يشاء، أو يصاب بمرض نفسي يتخذه عذراً وجيهاً عن عجزه ونقصه، لأنه لو لم يكن مريضاً لم يعرف العجز إليه سبيلاً، بل لتفوق على غيره. وهكذا يعفيه الاحتماء بالمرض من لوم الناس ولوم نفسه.
أما عقدة النقص فاستعداد لا شعوري مكبوت، أي لا يفطن الفرد إلى وجوده، وينشأ من تعرض الفرد لمواقف كثيرة متكررة تشعره بالعجز والفشل، وقلة الحيلة. ومتى اشتدت وطأة هذا الشعور على الفرد مال إلى كبته أي إلى إنكار وجوده، بل وإلى عدم الاعتراف بما لديه من عيوب فعلية. غير أن كل ما يذكّره بالنقص يحمله على الفور وبطريق تلقائية على الدفاع عن نفسه بأن يستجيب بعنف. والسلوك الصادر عن عقدة النقص يتسم بما يتسم به كل سلوك صادر عن الكبت، فغالباً ما يكون سلوكاً غريباً غير مفهوم، هذا إلى طابعه القسري. من ذلك العدوان والاستعلاء والزهو الشديد والتظاهر بالشجاعة والإسراف في تقدير الذات. وقد يبدو في صور متكلفة سخيفة كمحاولة استرعاء الاهتمام والانتباه بالتفاخر الكاذب والتباهي الزائف والاختلاق والكذب أو التأنق غير المحتشم في الملبس أو التحذلق في الكلام أو التطرف في كل ما يقول ويفعل) .
منشأ عقدة النقص عند الفرس
لقد وضع الدكتور عماد عبد السلام رؤوف يده على أصل العلة في النسيج النفسي للشخصية الفارسية حين قال متسائلاً : (فما هي إذن الأسباب الثابتة لهذا الصراع الطويل عبر المراحل التاريخية المتعاقبة؟) ثم أجاب بقوله: (إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في وضع إيران الجغرافي - السياسي نفسه).
ويمكن تلخيص ما قاله البروفسور عماد عن هذا الوضع بثلاث نقاط رئيسة هي:
1. الفرس لا يشكلون سوى أقلية بالنسبة لمجموع الأقليات القومية الأخرى التي تستوطن الهضبة الإيرانية (عامل جغرافي).
2. إن لهذه القوميات جميعاً - باستثناء الفرس- امتدادات واسعة خارج حدود إيران نفسها (عامل جغرافي).
3. الرغبة في السيطرة على بقية القوميات المتباينة، وشدها باتجاه الدولة المركزية في الداخل (عامل سياسي).
ولكنهم كانوا أقل عدداً وأدنى حضارة من أن يستطيعوا ممارسة دورهم هذا في شد هذه القوميات وتجميعها تحت سيطرتهم. لذا فقد كان الفعل السياسي والعسكري الفارسي على الدوام أكبر من حجمهم الحقيقي.
إن الرغبة في السيطرة - من قبل الفرس في قلتهم العددية وتدنيهم الحضاري - على شعوب تفوقهم عددا وحضارة، ولها امتدادات خارجية، هو الذي أنتج عندهم ذلك الشعور العميق بالنقص، والذي ترسخ بمرور الزمن وتراكم المعاناة حتى صار عقدة لا تفارقهم. مثلهم كمثل شخص جاءت به ظروف الحياة ليقود فريقاً من الرجال يفوقونه في تحضرهم وتحصيلهم العلمي وقوتهم ووجاهتهم، فإذا لم يكن متماسكاً نفسياً تولد عنده شعور بالنقص تجاههم. فإذا تكرر الموقف نفسه - بصورة أو بأخرى - نشأت عنده عقدة النقص.
وبما أن تحقيق رغبة الفارسي في هذه السيطرة بالوسائل الطبيعية غير ممكن، فإن
ذلك جعله يجنح دوماً إلـى أساليب ملتوية وحيل غير مألوفة يوازن بها هذا الفرق في التفوق، ويصل بها إلى هدفه من السيطرة.
لقد ترسخت هذه الأساليب الملتوية والحيل الشاذة على مر الدهور وكر العصور حتى صارت جزءا من شخصيته وسمة أو طابعا يدمغ تلك الشخصية. أي تحولت إلى عقد نفسية متأصلة، ممتدة الجذور عميقاً عميقاً في نفس الفارسي.
عقدة الدخالة
أما من صار على رأس السلطة في إيران فلا بد أن يتقمص تلك الشخصية ويصاب بتلك العقدة النفسية، وإن لم يكن فارسياً في أصله وعنصره؛ وإلا فقد زمام السيطرة على دفة الحكم. وكما أن رجلاً جاءت به الأقدار ليكون حاكماً أو شيخاً لقبيلة غير قبيلته لا يمكن له أن يقود القبيلة بتقاليد وأعراف غير تقاليدها وأعرافها، وإنما عليه - لكي يستمر في قيادتها - أن يتقمص روحها وشخصيتها، ويتمثل سلوكها، ويعبر عن أمالها وتطلعاتها، وإلا رفضته وفقد السيطرة على قيادها. بل إن هذا الحاكم أو الشيخ عادة ما يكون متطرفاً في كل ذلك إلى الحد الذي يتفوق فيه على ابن القبيلة الأصيل؛ لأن عقدة الشعور بالغربة أو الدخالة كثيراً ما تدفع الدخلاء إلى هذا التطرف أو التصرف ليغطوا به على هذا الشعور الذي لن يشفوا منه مهما تطرفوا، وكيف تصرفوا ! كذلك فعل كل حاكم إيراني من أصل غير فارسي. إنه يحكم إيران بروحية الفرس ونفسيتهم وأعرافهم وتقاليدهم، وقد يتطرف في سلوكه وعدوانيته فيتفوق على مثيله الفارسي على قاعدة (ملكي أكثر من الملك). كما فعل الصفويون ومن لف لفهم. وإلى هذا المعنى أشار البروفسور عماد عبد السلام رؤوف بقوله: (ومع أن سلالات غير فارسية حكمت إيران في بعض العهود إلا أن سياستها لم تكن لتختلف عن السياسة الفارسية التقليدية التي ذكرنا. فالافشاريون والزنديون والقاجاريون مثلا وهم ليسوا فرساً لم يكونوا ليصبحوا (شاهات) لإيران لو لم يلتزموا (بالعقدة الفارسية) فيحذون حذو أسلافهم في معاداة الأمة العربية .
وعلى هذا الأساس فإن (الفارسية) قد تتمثل في شخص عربي في أصله؛ فيكـون
بلاءاً أكثر من الفارسي نفسه. وهنا يمسي التفريق بين عالم أو فقيه أو عربي وآخر فارسي - يحمل كلاهما العقيدة والعقدة نفسها - بلاهة وحمقاً .
العجمي والمستعجم
إن هذا يدعونا إلى الحذر من العربي أو العراقي المصاب بـ(العقدة الفارسية) أكثر من الفارسي أو الإيراني نفسه ؛ لأن الأول يزيد على الثاني بكونه يعاني من عقدة (الدخالة) التي تجعل من عدوانيته وحقده أكثر تطرفاً وحدة. بل قد نجد فارسياً بريئاً من هذا المرض إلى الحد الذي نعتبره فيه عربيا في لغته وروحه وديانته، فمن أحب العرب وتكلم بلسانهم فهو عربي.
خلاصة القول: أن العجمي والمستعجم طينة واحدة. هذا إن لم يكن المستعجم أكثر شراً وأضل عن سواء السبيل. ومن هنا قال من قال: (إذا استعجم العربي فاقتلوه)؛ لأن العربي المستعجم شر من العجمي نسباً وأصلاً !
عقدة النقص أصل كل العقد النفسية في الشخصية الشيعية
هذه العقدة الخبيثة هي أصل كل العقد في نفسية الفارسي، أو الشيعي الذي انخلع من أصله وصار متشيعاً تشيعاً فارسياً يحمل عقائد الفرس وعقدهم، ويسعى – شاء أم أبى - في خدمة أغراضهم، وتحقيق أهدافهم.
فتجد أن عقدة النقص هي وراء (عقدة الشك) والتوجس والخوف الدائم من خطر ما يأتي من الخارج.
ووراء (عقدة الغدر) تلك السجية الملازمة للفارسي وأخيه الشيعي؛ لأن الضعيف لا يتوقع سنوح الفرصة ثانية فهو يضرب ضربته عند أول فرصة.
ووراء (عقدة الخداع) والمراوغة ؛ لأن عقدة الشك توحي إليه بأن الكل يريد خداعه؛ فهو يقوم بمخادعتهم مقابلة بالمثل.
ووراء (عقدة الكذب) والدجل (الشعار القومي للفرس)، فهو دائم الادعاء بأن جيرانه يبيتون الاعتداء عليه، وأن خطراً ما قادماً من هذا الاتجاه وذاك من أجل إثارة الخوف لدى الآخرين وتجميعهم حوله.
وهذا أنتج – إضافةً إلى ذلك – (عقدة العدوان) ، و(عقدة الاضطهاد) والمظلومية .
فهو يعتدي وفي الوقت نفسه يدّعي أنه معتدى عليه.
وفي المقابل تجد (عقدة الاستخذاء) والتذلل والمسكنة، قد نتجت عن عقدة النقص والشعور بالدونية، التي تجعله - في حال ضعفه - ذليلاً متملقاً متمسكناً.
و(عقدة الحقد) الفارسي المجوسي نابعة من عقدة النقص. إن الحقد هو القوة الضاغطة التي لا يستطيع بدونها تجميع عناصره المشتتة، وسوقها باتجاه واحد.
وهكذا تتسلسل النتائج فتظهر لنا (عقدة الانتقام) والرغبة الجامحة في الثأر.
ومن عقدة الحقد والعدوان والاضطهاد والرغبة في الثأر والانتقام نتجت (عقدة التخريب).
كما أنها منبع (عقدة التحلل الخلقي) والفساد الاجتماعي؛ فالناقص الدوني لا يتماسك أمام المغريات أو الشهوات.
وهذا كله تسبب في وجود (عقدة الذنب).
وبسبب الاعتياد على إتيان النقائص ترسخت عنده (عقدة الصفاقة).
ولنقصه تراه شديد الالتصاق بطائفته، متعصباً لها أشد التعصب (عقدة التعصب).
والحاجة إلى تعويض النقص تلجئ صاحبها إلى المبالغة في تصوير كل ما يتعلق بالذات من قوة وملكية وأماني وأحلام ورموز وتاريخ وقصص وأساطير حتى ينطبع الذهن بطابع الخرافة، ويصير صاحبه خرافياً (العقلية الخرافية).
والحاكم الناقص يتأله على شعبه، والشعب المتخلف يطيع حاكمه إلى حد التأليه (تأليه الحاكم).
وعقدة النقص هي السبب في نشوء (عقدة السيد) أو عقدة الاستكبار والتعالي. فهو يتظاهر بالقوة الفارغة، ويزيد من مظاهرها كي يغطي على نقصه (عقدة الاستعراض). ومثاله كبر عمامة السيد (مقوار المخنث).
وكذلك (عقدة اللؤم) ونكران الجميل : فلنقصه ، وشعوره بالحاجة يقبل الإحسان من
الغير، لكنه للسبب نفسه يتنكر لإحسانه، بل يتوجه بالأذى إلـى المحسن كي لا يذكره بنقصه وحاجته. إن الدونية أو عقدة الشعور بالنقص تجعل صاحبها يستجيب سلبياً أو عكسياً تجاه المؤثرات الخارجية الإيجابية، ويتعامل بلؤم مع من يحسن إليه؛ لأنه يرى فيه شبحاً مزعجا يذكره بـ(دونيته) ونقصه. فـ(الدوني) شخص متناقض: فهو يقبل الإحسان لحاجته إليه، لكنه يشعر بالكراهية تجاه من يحسن إليه ، وينـزعج من رؤيته
ويتمنى الخلاص منه، بل يسعى في الكيد له وإزاحته من أمامه.
وما لم نفهم هذه العقدة عند العجمي والمستعجم فإن إحساننا يذهب هباء، ولا يصل بنا إلى النتيجة الطبيعية المتوقعة لتلك المقدمة. بل لا نجني من ورائه إلا المتاعب.
لقد كان هذا نصيب العرب على مر التاريخ جزاء إحسانهم إلى الفرس الذي تمثل بدينهم ورسالتهم التي حملوها إليهم – وهو أعظم إحسان- وبحضارتهم العظيمة. لكن العقلية (الفارسية) تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بهـا لاضطرارها إلى ذلك؛ بسبب النقص الذي تعاني منه في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه؛ لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها وكيانها.
كل الشعوب التي اعتنقت الإسلام تحتفظ بالجميل للعرب وتحترمهم وتقدمهم. إلا العجم فمع ادعائهم الإسلام يشعرون بالحقد والكراهية تجاه من حمله إليهم لا سيما الصحابة وخصوصاً الفاروق عمر رضي الله عنه الذي كان أول ضحية لحقدهم ودونيتهم وغدرهم.
وهكذا.. فما من عقدة يعاني منها الشيعة إلا وترجع في أصلها وتكونها إلى عقدة النقص، التي تولدت جراء الوضع الجغرافي – السياسي الذي ذكرناه من قبل.
(2)
عقدة الحقد
كان للخميني - عندما كان في النجف - جار عراقي. وفي يوم من الأيام - وبينما كان الأولاد يلعبون في الزقاق - ضرب ابن الجار العراقي ابناً لخميني كان يلعب معه. فحصلت مشكلة كبيرة. وأراد العراقي أن يرضي خميني بكل وسيلة فلم يفلح! وظل خميني مقاطعاً جاره رغم الوساطات العديدة للصلح بينهما، حتى خرج من العراق! ويتحدث الدكتور موسى الموسوي عن الخميني فيقول: (وإن من أهم الصفات السيئة التي يحملها هو حقده الدفين على كل من أساء إليه، ولو قبل نصف قرن، فهو لا ينسى الإساءة. ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف. ولذلك نرى أنه أمر بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم، وهما عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضواً آخر؛ لأنهما تطاولا في الكلام عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه. أما سائر أعضاء مجلس الأعيان فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران) .
نعم..!
الحقد داء، وعقدة متأصلة في نفسية الفارسي، لا يمكن لكيانه أن يقوم، ولا لوجوده أن يدوم من دونها! إنها القوة الضاغطة التي يستطيع بها تجميع عناصره المشتتة، ويسوقها باتجاه واحد. (الفارسي) غير قادر على جعل الحب قاعدة لانطلاقه في تعامله مع الآخرين؛ لأنه بذلك يفقد القابلية على تجميع تلك العناصر المشتتة في قبضة واحدة. يقول د. عماد عبد السلام: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي، وإثارة شعور التوجس لديها من خلال خطر مـا يأتي من الخارج)( ).
لهذا أمسى الحقد ضرورة لبقاء الفارسي على قمة الهرم في الهضبة الإيرانية، التي لا يتربع عليها إلا من سلك السلوك نفسه، واعتمد إثارة كل أمر يؤدي بشعوب الهضبة المتناثرة إلى أن تخاف وتحقد على الدوام حفاظاً على تماسكها تحت قاعدة الهرم. وما اللعن والطعن إلا تعبير عن هذه العقدة التي يغذونها برواية كل قبيح مخترع وإلصاقه بتاريخ الأمة ورموزها. ومن ذلك اختراع المآسي التي تعرض لها (أهل البيت) وتضخيمها، وإقامة مجالس التعزية والنواح على أولئك (المظلومين). وتأمل التناسب بين نفسية الفارسي المدمرة الحاقدة، وبين النار التي اشتهر بعبادتها من دون بقية قوى الطبيعة!
وعن طريق الحث والعدوى انتقلت هذه العقدة من المجتمع الإيراني إلى المجتمع الشيعي أينما كان: أفراداً وجماعات.
حقد مختص بالعرب
وإذا كان الفارسي وسليله الشيعي حاقداً بطبعه، فإن هذا الحقد يتوجه عنده تلقائياً - وبلا مقدمات - إلى العرب عامة، وإلى العراقيين منهم خاصة. ولذلك أسبابه الدافعة. أهمها أن عقدة النقص إنما تستثار – أشد ما تستثار – باتجاه العرب؛ لأنهم – في قوتهم الذاتية وتحضرهم العريق وتراثهم النبيل - يمثلون في خافيَّة أو لا شعور الفارسي النقيض التام المقابل للفرس في كل ذلك. ولأن العرب أكثر الأقوام فضلاً على الفرس، فإن عقدة نكران الجميل تكون أكثر انفعالاً وأثراً في انعكاسها بما يتناسب ودرجة الفضل السابق من العرب إليهم. من هنا نفهم عمق كلام د. عماد عبد السلام حين قال: (لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه).
انظر ما يقول محمد الطوسي في (غيبته) ومحمد المجلسي في (بحاره) منسوباً زوراً إلى جعفر الصادق: (اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أمَا إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد)( ).
وفي رواية للكليني: (ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب. قلت جعلت فداك كم مع
القائم من العرب؟ قال: نفر يسير. قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال
لا بد للناس أن يمحصوا ويغربلـوا ويستخرج مع الغربال خلق كثير)( ).
وانظر إلى شعوبية الكليني ذلك الحاقد الفارسي كيف يفتري على سيدنا جعفر بن محمد رحمه الله أنه يكفر أهل خيرة بقاع الأرض (مكة والمدينة والشام) فيقول: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة .
وعن أحدهما (ع) قال: إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة ، وان أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفاً .
ويفتري على محمد بن علي (الباقر) أنه قد كفر جميع الصحابة والتابعين وهم خيرة العرب فيقول: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد. وأناب الناس بعد: كان أول من أناب أبو ساسان وعمار وأبو عروة وشتيرة، فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة .
وتأمل ما قاله ميرزا حسن الإحقاقي: (إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران والروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين والمعاملة التي تلقوها من الأعراب البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة, أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب, وشريعة العرب, فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، وذلك الخراب والدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة, والأراضي العامرة في الشرق والغرب, وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة وناموس الدولتين الملكية والامبراطورية) .
وفي فلم شيعي عن معركة صفين مدموغاً بعلامة (شبكة أنصار الحسين) يظهر عمرو وتحته مكتوب: (عمرو بن العاص لعنه الله)! أما عندما يظهر علي فمكتوب تحته: (السلام عليك يا قاتل صناديد العرب)!!!
واستمر هذا الحقد الفارسي ضد العرب يتأجج على مر العصور، لم تزده الأيام إلا عمقاً ورسوخاً! ومن أكثر الناس شعوراً بوجود وآثار هذا الحقد وإدراكاً لجذوره أشقاؤنا العرب الأحوازيون. وذلك بسبب معاناتهم الطويلة تحت الاحتلال الفارسي منذ أكثر من ثمانين سنة. يروي لي أحدهم فيقول: كنا من جنسيات متعددة نعمل في موانئ الكويت، منا العربي ومنا الفلبيني والهندي والباكستاني وغيرهم من الشعوب. وكان معنا إيرانيون أيضاً. فحين يحصل شجار بين إيراني وآخر من قومية أخرى، يتساءل العمال الإيرانيون؟ فإذا وجدوا الشجار حاصلاً مع هندي أو فلبيني، أو مع شخص من أي قوم كانوا سوى العرب، فإنهم لا يأبهون للأمر كثيراً. فإذا ما قيل: إن الشجار مع عربي تركوا كل شيء بأيديهم، وهبوا بالعشرات ينصرون صاحبهم الإيراني ضد العربي! وهم يتصايحون: (أرَب أرب)! - بترقيق الباء - أي عرب عرب.
وتأمل هذا النص المقتطع من كتاب (روضات الجنات) لأحد كبار دجاجلة علماء الشيعة وهو الخوانساري: كيف يتفجر حقداً على بغداد عاصمة الخلافة العربية الإسلامية. قال هذا الدجال الشيعي الحاقد في معرض ترجمته للّعين الخواجة نصير الطوسي: (ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان من عظماء سلاطين التاتارية وأتراك المغول، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد، وإخماد نائرة الجور والإلباس، بإبادة دائرة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار ، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم، دار البوار، ومحل الأشقياء والأشرار) .
ويروي أخونا العربي الأحوازي أنه حين دخل الجيش الإيراني كان يتدرب في معسكر (كرمان)، وكان الهدف الذي يدربونهم على الرماية من خلاله هو العقال واليشماغ العربي! يقول: وهذا التقليد المعبر بعمق عن الحقد الفارسي تجاه العرب يجري في كل معسكرات التدريب الإيرانية.
وأما معاملتهم العنصرية لعرب الأحواز فشيء لا مثيل له في أكثر بلدان العالم تخلفاً ووحشية! إن أحدهم يتلقى يومياً عشرات الإهانات لا لشيء إلا لأنه عربي!. كما أن لبس العقال واليشماغ مستنكر عليهم في الأحواز، ويتلقون بسببه التضييق والتحقير وأنواع الأذى، لا سيما في الأسواق، وعند مراجعة الدوائر الرسمية،. وممنوع رسمياً تدريس المواد الدراسية باللغة العربية، فليس في الأحواز العربية مدرسة عربية واحدة! ولا يسمحون حتى بفتح مدرسة قرآنية! ولا يوجد في الأحواز كلها – ومساحتها تقرب من مساحة سوريا - مسجد خاص بأهل السنة، إما يهدمونه إذا بني، أو يحولونه إلى دائرة أخرى! إلا واحداً في عبادان، وأغلقوه أخيراً، واعتقلوا إمامه الشيخ عبد الحميد الدوسري. يقول صاحبي الأحوازي: في سنة 1995 شرعنا في بناء مسجد لنا في منطقة (كوت عبد الله)، وهي قرية نائية بعيدة عن مركز المدينة، واتبعنا في بنائه أسلوب التورية والتخفي على اعتبار أنه مسجد شيعي، ومر علينا في ذلك خمسة وأربعون يوماً، وفي صبيحة أحد الأيام أتينا إليه فلم نجد في المكان طابوقة واحدة! لقد جرفوه في منتصف الليل وأزالوه من وجه الأرض بالكامل! ولربما عرفوا هويته من وجود المحراب ومنارة واحدة لا اثنتين، وهذا يكفي – عندهم - لهدمه وإزالته من الوجود. كما أن جامعاً لأهل السنة في عبادان حولته الحكومة (الإسلامية) إلى نادي لرياضة البنات!.
كنت في زيارة لمكتب (هيئة علماء المسلمين) في دمشق، فحدثني أحد المشائخ الثقات ممن أعرفهم، فقال: زارنا شيخ سوري فاضل، ودار بيننا حديث عن إيران، وعلاقتها بالعراق، كنت ممن شارك في الحديث، وكان حديثي منصباً على عدائها المستحكم للعرب، ومؤامرتها الدائرة في العراق. لم يرق للشيخ ما سمعه مني. وصار يعاكسني ويدافع عن إيران. ثم جاء بعد مدة يسأل عني بالخصوص. لكنه لم يجدني فقال لمن استقبله من الإخوة الموجودين في المكتب: جئت لأخبر فلاناً بأن كل الذي قاله عن إيران صحيح و.. زيادة. ثم التقيته بعد ذلك، فقص علي ما رآه من عجائب حين ذهب إلى هناك لحضور مؤتمر إسلامي في رمضان الماضي/1427. من ذلك الذي رآه: أن الإيرانيين أخذوهم مساء أحد الأيام ليفطروا في مكان ما لم يخبروهم عنه. قال: وظلت السيارات تسير حتى دخلنا مقبرة كبيرة، مدت الموائد في وسطها. لم ندرك لماذا جاءوا بنا إلى هذا المكان الغريب، حتى أشار أحدهم إلى القبور الممتدة على طول مسرح النظر فقال: (أترون هذه القبور؟! هؤلاء هم الذين قتلهم العرب في العراق). انظر كيف أنه لم يعط للقاتل سوى وصف (العرب)! ثم أردف قائلاً بلا أدنى تردد، أو حياء: (لا بد أن نمحوهم من الوجود، ونثأر لكل واحد منا بعشرة منهم. ولن نتوقف حتى نحقق ما نريد)!.
إسقاط حقدهم على خصومهم
تأمل كيف يسقطون حقدهم هذا على خصومهم: معمم كبير العمامة عظيم الهامة اسمه محمد تقي بور المدرسي ظهر على شاشة إحدى الفضائيات يتباكى من ظلم صدام حسين وكيف أن مدينة الثورة (يسميها – هو وأمثاله - الصدر) التي يقطنها ثلاثة ملايين ونصف المليون كان صدام يمنع بناء الحسينيات فيها حتى إن ثلة من أهلها تجرأوا فبنوا حسينية لكن الحكومة هدمتها على رؤوسهم وقامت بإعدامهم. ويعلم الله أن هذا محض افتراء وكذب لا يستحي (الفارسي) منه. أما مدينة الثورة فلا يبلغ عدد سكانها – بما فيهم من سنة ونسبتهم في حدود 15٪ - تسعمائة ألف. وأما الحسينيات فتعج بها تلك المدينة الخربة في عهد صدام وغيره. ومن المعروف جداً أن أغلب الحسينيات في العراق تبنى من دون موافقة وزارة الأوقاف، بينما يستحيل أن يسمح لأهل السنة ببناء مسجد دون موافقة رسمية أصولية. أما الذي يهدم المساجد على رؤوس أهلها ويقوم بإعدامهم فهم الإيرانيون. وحادثة إعدام خمسة من أهل السنة تقدموا بطلب بناء مسجد لأهل السنة في العاصمة طهران معروفة لأهل الشأن. ومن المعلوم أن مركز العاصمة الإيرانية لا يوجد فيها مسجد لأهل السنة، بينما لا تخلو من معابد لليهود والمجوس!
يرضعون الحقد لأطفالهم
إن هذا الحقد الغريب يلقنه الشيعة لأولادهم، ويرضعونهم إياه مع الحليب. حدثنا أخ أحوازي آخر أنه كان مسافراً في قطار من الأحواز إلى مدينة إيرانية، وكان بالقرب منه امرأة فارسية معها ابنها الصغير فقالت هذه المرأة: ابني يقول: أريد الذهاب إلى طهران لأشرب البيبسي هناك، لا أريد أن أشرب من بيبسي الأحواز؛ إن فيه رائحة العرب.
يذكرني هذا بشاب من أهل مدينة (بلد) هداه الله فتحول من دين الرفض إلى دين الحق. قص على صاحب لي كيف أنه عندما كان غلاماً صغيراً جاء أهله بخروف كان يلهو به ويلعب معه حتى إذا تعلق به وصار لا يستطيع عنه فكاكاً استيقظ صباح أحد الأيام فهاله رؤية الخروف الحبيب قريباً من وسادته مذبوحاً ملطخاً بدمه! يقول: فصرت أصرخ فزعاً حزيناً وأقول: من فعل هذا؟ فأخبروني: إنه عمر! يقول: ومن ذلك اليوم حقدت على عمر بن الخطاب حقداً ما بعده حقد!
وفي بعض مناطق الجنوب العراقي يأتون للطفل بصندوق فيه فتحتان: واحدة لعلي، إذا مدّ الطفل يده أخرج منها قطعة حلوى. وواحدة لعمر، إذا مدّ يده أصابتها شوكة أو جمرة أو ما يشبه!
ومن أبيات الشعر الفارسي المتداولة عند الفرس:
عرب دربيابان ملخ مي خورد
وسـگ أصفهان أب يخ مي خورد
أي: العربي في الصحراء يأكل الجراد، بينما الكلب في أصفهان يشرب الماء البارد.
يغذون الحقد لشعوبهم
ذهب أحد الأصدقاء إلى إيران في مايس 2006، فشاهد العديد من العجائب. منها ما حدثني عنه فقال: وجدت على طول الطريق من مهران إلى أيلام، وكذلك من مهران إلى دهليران، ومن اندم شك إلى الأهواز إلى عبادان صوراً (مرسومة باليد) لقتلى العسكريين الإيرانيين معلقة على الجانبين، مكتوباً عليها (شهداء جمهوري إسلامي) مع كلمات معناها أن صدام وجيشه هم من قتلوهم. فتذكرت أين شهدائنا من الضباط والجنود؟ حيث لا ذكرى ولا صورة ولا من يترحم عليهم!
وشاهدت أمراً آخر عجباً! دبابات عراقية مدمرة، على جانبي طريق إيلام – مهران وعلى مسافة (80 كم)، مرفوعة على منصات حجرية مرصوصة ومبنية بإحكام مكتوب عليها: (دبابات صدام). فشعرت أنهم يعيروني فبكيت في داخلي من المرارة.
حقد شعوبي
وأبو القاسم الفردوسي صاحب (الشاهنامة) يسب القدر ويبصق عليه في بيت من
الشعر في شاهنامته تلك قائلاً: (تفّ تفّ لك أيها الفلك الدوار؛ العرب الحفاة العراة آكلو الضباب يدوسون أرض إيران الجميلة)! حدثني بهذا المرحوم الفريق كامل الساچت رحمه الله يقول: ذهبت في زمن الشاه في بعثة عسكرية إلى إيران فدخلت أحد المتاحف العسكرية هناك فرأيت ديوان (الشاهنامة) مكتوباً على جلد موضوعاً على طاولة كبيرة ومفتوحاً على البيت المذكور الذي ظهر واضحاً وباللغة العربية!!!
أما بهشتي فيقصر وصف (الجاهلية) الوارد في القرآن على العرب فقط دون بقية الأُمم! ويقول عنهم: لم يكن لدى العرب قبل الإسلام من شيء سوى الشعر.
وقد بلغ بهم الحقد حداً بحيث لو سألت فارسياً فقلت مثلاً: أي يوم من أيام الأسبوع غداً؟ فإذا كان اليوم يوم جمعة عبّر فقال: بعد غد هو يوم السبت، ولا يذكر الجمعة لأنها ترمز إلى يوم مقدس في (دين العرب).
ويحتج الفرس على العرب في الأحواز بحديث باطل ينسبونه للرسول وضعوه تنفيساً عن شعوبيتهم نصه: (أنا عربي وليس العرب مني). وفي مقبرة الخفاجية الواقعة بعد مدينة البسيتين توجد لافتة كبيرة على حائط كبير مكتوب عليها: (تعلموا الفارسية لأنها لغة الله ولغة أهل الجنة)! ويسمون مقابر العرب (لعنة آباد) ومقابر الفرس (جنة آباد)! وفي المنهج الدراسي للصف الأول الابتدائي قصيدة يقول أحد أبياتها: (كلنا أرقى من العربي أكال الجراد).
ويحيي الإيرانيون ذكرى شاعر اسمه أهبان، له ديوان شعر اسمه (فصل الشتاء) يمجد فيه عبادة النار بقوله: (النار مظهر الطهارة، جاء العرب فوضعوا ماءاً نجساً عليها ليطفئوا تلك الطهارة).
تعذيب أسرانا
ومن أبرز صور الحقد الفارسي ما فعلته إيران بأسرانا ، الذين أذاقتهم صنوف العذاب الخارجة عن كل معقول. ولا زالت تحتفظ ببعضهم منذ أكثر من ربع قرن!. وأما الحديث عن صور التعذيب فلا يحيط به مجلدات ومجلدات! وليس هذا موضعه. ولكن لا بأس من إيراد لمحة خاطفة عنه، هي من مشاهدات أخينا الأحوازي سابق الذكر. يقول: كان الضباط الإيرانيون يوصوننا نحن الجنود: "إذا أمسكتم بأسير فاقتلوه، ولا تأتونا به". ورأيت بعيني كيف جاء الحرس الثوري الإيراني بمائة وثلاثة وأربعين أسيراً عراقياً، كانوا في حالة مزرية، والكثير منهم مصاب بحروق وجروح بالغة، حفاة ممزقي الملابس، يتلاوبون من العطش، يستسقون الماء فلا يسقون، والمسؤولون عنهم ينادون: "الماء محرم في حق هؤلاء"! وعلى جسر الخفاجية رأيتهم كيف قتلوهم وهم على هذه الحال! وأفرغوا في كل واحد منهم شاجوراً كاملاً وهم يقولون: قربان قربان!
فما هذا الحقد الذي صار به قتل العرب عند العجم قرباناً يتوسلون به إلى الله؟!
وصدق من قال: (ما حن عجمي على عربي قط ورب الكعبة)!
(3)
عقدة الثأر والانتقام
مر بنا كيف ترسخت عقدة النقص في النفسية الفارسية، وكيف أنتجت هذه العقدة عقدة أخرى مدمرة هي عقدة القهر أو الاضطهاد. والمقهور بسبب عدم قدرته على تنفيس شحنته بمقابلة الأذى بالأذى، والرد بالمثل على من أساء إليه، يضطر إلى كبت هذه الشحنة، فإذا طال الزمن تراكمت الشحنات بعضها على بعض، وتغلغلت في (اللاشعور)، لتتولد عنها عقدة أخرى أكثر خطورة وتدميراً متى ما وجدت لها طريقاً للتنفيس أو الانفجار، هي عقدة الثأر والانتقام، الممتزجة بعقدة الحقد التي تولدت بالآلية نفسها، وتؤدي وظيفتها كالوقود الذي يغذي نار الثأر ودوافع الانتقام دون انقطاع. هذه هي نفسية (الفارسي) التي انتقلت بالحث والعدوى إلى المتشيع بتشيعه: نفسية ثأرية لا تهدأ أبداً، ولا تقر ما لم تنتقم ممن ترى أنه تسبب لها بالأذى أو الإهانة.
تغريدة الشيعة
ولأن الأمر متعلق بعقدة، والعقدة لا يمكن علاجها بالانسياق وراء نزواتها أو متطلباتها؛ لذلك لا ترى (الفارسي) تهدأ نفسه مهما لبى نداء عقدته فانتقم وأغرق في الانتقام! وهكذا تجد كلمة (الثأر) كثيرة التداول في قاموس الشيعة. انظر إلى شعاراتهم الأسطورية الخارجة عن العقل والشرع: خذ مثلاً شعار (يا لثارات الحسين!) الذي يرددونه في مسيراتهم، ويعلقونه على راياتهم، وينصبونه في المواسم فوق دورهم، ويترجمونه في ممارساتهم، التي ظهرت سافرة بعد الاحتلال. وقد أسسوا في العراق منظمة أسموها (ثأر الله). وهي إحدى منظماتهم الحاقدة التي تمارس القتل ضد أهل السنة، والشيعة المتحولين، وتتابع الضباط والطيارين العراقيين الذين حاربوا إيران ودفعوها عن وطنهم، بعد أن اعتقلت الآلاف من هؤلاء، مستغلة الانفلات الأمني الذي حصل بعد الاحتلال مباشرة، وجلبتهم إلى إيران. وهناك في الأحواز سجن كبير تبلغ مساحته (5000 م2) وضع فيه هؤلاء المختطفون، الذين يتعرضون بشكل دوري إلى تصفيات وإعدامات بالعشرات. ويجري هذا بصمت مطبق من جميع العالم، الذي ربما لا يعلم شيئاً عما يجري من جرائم وحشية بحق هؤلاء الأبرياء!
أما السفاح موسى الصدر مؤسس منظمة (أمل) فقد أعلن في يوم (18/2/1974) أنهم "جماعة الانتقام"! وهكذا تجد هذه الكلمة هاجساً يراود نفوسهم، وتغريدة تتردد على ألسنتهم، في كل زمان ومكان.
الغليان والتعبئة النفسية الدائمة
مما يفسر هذه النفسية الثأرية قول الدكتور مصطفى حجازي: (الإنسان المقهور في حالة تعبئة نفسية دائمة استعداداً للصراع. نلاحظ ذلك في حالة التوتر العام الذي يبدو جلياً على محياه وفي حركاته. فلأقل الأسباب نجد العدوانية اللفظية تنفجر في سيل من الشتائم والسباب. كما أن الخطاب اللفظي سرعان ما يتدهور إلى المهاترة والتحدي والوعيد. فالانفعالية العاطفية تطغى على الحوار والعلاقة. والعقلانية سرعان ما تطمس، مما يقود إلى انهيار التفكير المنطقي ويحجب وضوح الرؤية ويشل القدرة على تفهم الآخرين، أو على تقدير الواقع بالموضوعية الضرورية. تطغى الانفعالات دون حدود تقيدها، طامسة ملَكة النقد. وهكذا لا يتمكن الإنسان المقهور من الاستمرار في جدل هادئ. زمن المنطق والعقلانية قصير جداً في تفاعله مع الآخرين. سرعان ما يحس بانعدام إمكانية التفاهم فتغشى بصيرته موجة من الانفعال. من الكلام يتدهور الحوار إلى السباب, ثم إلى التهديد, ثم يمر بسرعة إلى الاشتباك الذي يلغي كل تمييز. وتأخذ الأمور شكلاً قطعياً (إما شر كلها, أو خير كلها). وأحياناً ينفذ التهديد، باستخدام العضلات أو السلاح، بسهولة مذهلة (في فورة غضب). وذلك أن هناك إحساساً دفيناً بانعدام فعالية اللغة اللفظية وأسلوب الإقناع، فيتحول الأمر بسرعة إلى الحسم السحري (العضلي أو الناري) من خلال الإخضاع) .
عقيدة المهدي المنتظر
تأمل عقائدهم كيف تعبر عن عقدهم وأمراضهم!
من العقائد التي اخترعها الفرس تعبيراً وتنفيساً عن عقدة الحقد والثأر والانتقام عقيدة (المهدي المنتظر) ذات الطبعة والطبيعة الفارسية. اقرأ مثلاً هذه الروايات وتأمل كيف يتوجه هذا الحقد ضد العرب! وكيف أن (المهدي) الشيعي في حقيقته ما هو إلا فارس أحلام يلاعب أخيلة الفرس، يأتيهم في يوم من الأيام لينتقم لهم من العرب: يروي النعماني عن محمد الباقر (ع) أنه قال: (لو يعلم الناس مـا يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس. أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يقبل منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد، لو
كان من آل محمد لرحم)( ).
ويروي محمد حسن الطوسي ومحمد باقر المجلسي أن المهدي إذا خرج (يبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب)( ).
ويروي المجلسي عن جعفر الصادق (ع) أنه قال: قال لي أبي: (لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد على العرب شديد وقال: ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب)( ).
ويروي النعماني وغيره عن أبي جعفر (ع) أنه قال: (يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه إلا السيف لا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم)( ).
وعن أبي عبد الله (ع): (ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومأ بيده إلى حلقه)( ).
وعن أبي جعفر (ع) قال : (يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصاب شاته، وأومأ بيده إلى حلقه)( ).
حدثني صديق لي طبيب كان ضابطاً مجنداً في جبهة القتال أيام الحرب مع إيران، عن مجموعة من الأسرى العراقيين الذين شاهدهم مذبوحين بالحراب ذبح الخراف، والمنظر البشع الذي انطبع في ذهنه عن وجوههم التي تجمدت على قسماتها تعابير الرعب التي ارتسمت عليها جراء تلك الطريقة الوحشية في القتل والانتقام!
وصدق والي خراسان الأمير الأموي نصر بن سيار رحمه الله تعالى حين قال في
أسلافهم الذين كانوا على عهده:
قومٌ يدينون ديناً ما سمعتُ بِهِ
عن الرسولِ ولا جاءت به الكتبُ
إن كنتَ تسألُني عن أصلِ دينِهمُ
فإنّ دينَهمُ أن تقتلَ العربُ
وقد أفاض شيخ معاصر من شيوخ الفرس هو الشيخ القمي علي الكوراني في كتابه (عصر الظهور) الحديث عن المجازر التي سيقوم بها مهدي المجوس عند ظهوره خصوصاً في العراق الذي سيتخذ منه قاعدة لانطلاقه وعاصمة لملكه كما كان من قبل، ويلحقه من جديد بدولة فارس وإمبراطوريتها القادمة في أوهامهم! واستشهد لكلامه بروايات عديدة، فيقول:
عن الإمام الباقر عليه السلام قال " إن رسول الله صلى الله عليه وآله سار في أمته باللين، كان يتألف الناس. والقائم يسير بالقتل. بذلك أمر في الكتاب الذي معه، أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا. ويل لمن ناواه " البحار ج 52 ص 353 . والكتاب الذي معه هو العهد المعهود إليه من رسول الله بإملائه صلى الله عليه وآله وخط علي (ع) وفيه كما ورد " اقتل ، ثم اقتل ، ولا تستتيبن أحدا ". وعن الباقر عليه السلام قال " يقوم القائم بأمر جديد، وقضاء جديد، على العرب شديد. ليس شأنه إلا السيف. ولا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم " البحار ج 52 ص 354 ، والأمر الجديد هو الإسلام الذي يكون قد دثره الجبابرة وابتعد عنه المسلمون، فيحييه المهدي عليه السلام ويحيي القرآن، فيكون ذلك شديدا على العرب الذين يطيعون حكامهم وطغاتهم ويعادونه ويحاربونه عليه السلام .. وتذكر بعض الأحاديث أن الأمر يصل أحيانا إلى إبادة فئة بكاملها. وعن الإمام الصادق عليه السلام قال " ثم يتوجه إلى الكوفة فينزل بها، ويبهرج دماء سبعين قبيلة من قبائل العرب " غيبة الطوسي ص 284، أي يهدر دماء من التحق من هذه القبائل بأعدائه والخوارج عليه… ويذكر بعض الروايات، البحار ج 52 ص 377 ، نوعا آخر من عمليات التصفية الكبيرة هذه (والرواية فيها إبادة مدينة في العراق بكاملها يقول الكوراني عنها) ولا بد أن تكون تلك المدينة كلها من الكافرين أو المنافقين المعادين له عليه السلام حتى يأمر بقتل رجالها. ولا بد أن تثير هذه التصفيات الواسعة موجة رعب في داخل العراق وفي العالم ، وموجة تشكيك أيضا... بل ورد أن بعض أصحابه الخاصين عليه السلام يدخلهم الشك والريب من كثرة ما يرون من تقتيله لمناوئيه، فيفقد أحدهم أعصابه ويعترض على المهدي عليه السلام، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال " يقبل القائم حتى يبلغ السوق، فيقول له رجل من ولد أبيه: إنك لتجفل الناس إجفال النعم، فبعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله أو بماذا ؟ قال وليس في الناس رجل أشد منه بأسا، فيقوم إليه رجل من الموالي فيقول له: لتسكتن أو لأضربن عنقك. فعند ذلك يخرج القائم عليه السلام عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله " البحار ج 52 ص 387. ومعنى من ولد أبيه أنه علوي النسب .
بعد الاحتلال (الصليبي – المجوسي) للعراق
وقد تجسمت عقدة الثأر والانتقام جلية لكل ناظر بعد الاحتلال الثلاثي (الصليبي- اليهودي- الفارسي) للعراق، وخصوصاً حين استلمت قائمة السيستياني الحكم في العراق، التي أفتى بدخول النار في حق كل من لا ينتخبها. لقد ارتكبت من المجازر، ومارست من التعذيب السادي الوحشي ما تقشعر له الأبدان! وقد حازت هذه الحكومة الشعوبية بامتياز براءة اختراع القتل بالمثقاب الكهربائي المعروف بـ(الدْرَيل) حتى أطلق عليها البعض اسم (حكومة الدريل)!
وإليكم لقطة مصغرة جداً لا ترى إلا بالمجهر الضوئي عن أساليب الشيعة الوحشية في القتل، وقد ارتكبوا مثلها وما هو أبشع منها عشرات الآلاف من الجرائم التي تعبر أصدق تعبير عن عقدة الثأر والانتقام المتأصلة في نفوسهم الخربة:
في حي أبو دشير في الدورة، وفي يوم (11/12/2005) الساعة العاشرة مساءاً، قامت قوة تابعة لوزارة الداخلية الصولاغية( ) باعتقال أحد عشر شاباً من أهل السنة. وفي صباح اليوم التالي – وبعد مضي 8 ساعات فقط ! - عثر على جثث أربعة منهم وقد أذاقوهم - قبل أن تفيض أرواحهم البريئة وهي تشكو إلى باريها ظلم العباد وخراب البلاد - صنوف العذاب والتنكيل، ومثلوا بهم تمثيلاً بشعاً. وها هي صورهم البشعة المشوهة بالجروح والملطخة بالدماء أمامي منشورة في جريدة البصائر التي تصدرها هيئة علماء المسلمين. لقد ثقبت وجوههم ورؤوسهم بالدريل، وقلعت عين واحد منهم، وآثار الضرب المبرح على أجسادهم، وقد تم كيّ بعضهم بالمكواة الكهربائية، واستخدمت الحبال لتعليقهم بالسقف وشنقهم، ثم أنهوا هذا المشهد (الترفيهي) بإطلاق الرصاص على رؤوسهم. وألقوا بجثثهم في مكان ليس بعيداً من دورهم، بالقرب من المقر الذي تتخذه تلك المليشيات وكراً لها ، وتركوا معها كتابات تنضح بالتشفـي
والشهوة المحمومة بالانتقام: (هذا مصير كل سني قذر)( )!!! وأدناه صور الضحايا:
وصدق الله تعالى إذ يقول:
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ * إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ * هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ).
ثم يقول أصدق القائلين في ختام السورة التي بعدها:
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (الطارق:11-17).
ونحن بالانتظار.
(4)
عقدة الاعتداء (العدوانية)
سأقف عند هذه العقدة أكثر من غيرها لحاجتها المتشعبة إلى البحث، ولأهميتها القصوى؛ فهي أكثر العقد الفارسية خطراً ومساساً بالغير.
العامل الجيو - سياسي
(الفارسي) – كاليهودي - عدائي مخرب بطبعه! وللأسباب الجيوسياسية التي سبق الحديث عنها نجد أن الاعتداء على الغير - مع الادعاء، في الوقت نفسه، أن الغير هو
المعتدي - هو الأساس الذي بنى عليه الفارسي كيانه ووجوده. إن ذلك يهيئ له حجة جاهزة، ووسيلة فعالة مناسبة يحشد بها شتات الشعوب المتنافرة تحت سيطرته ويوجه أنظارهم نحو الخارج، وإلا تفككت البنية السياسية للدولة وخرجت عن قبضته؛ لأن تلك الشعوب ستتوجه أنظارها إليه، وتنشغل به عن الآخرين؛ ما يؤدي إلى سقوطه حتما لوجود خلل حقيقي في ميزان القوى لديه هو غير قادر على تجنبه أو تلافيه.
وإلى هذه الحقيقة أشار البروفسور عماد عبد السلام – وقد سبقت إشارته - حين قال: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج) (وعليه فقد وظف الفرس التحديات المختلفة في المنطقة لصالح تأكيد هيمنتهم على قوميات ما عرف بإيران).
اعتداء منهجي مقصود
والاعتداء عند الفارسي يصدر عن سابق قصد وخطة مدروسة. وقد لا يتورعون عن التصريح بها! نشرت صحيفة كيهان الإيرانية الرسمية نص خطاب قائد قوات الحرس محسن رضائي أمام المؤتمر الوطني للطلاب في 3/11/1985م ، جاء فيه: (في كثير من المواقع نحن نعمل هذه الأيام من خلال الإرهاب بدلاً من النهج الثوري والثقافة السياسية. لقد نشرنا إرهاباً مكننا من التحكم في المعارضين. وإذا ما رفع هذا الإرهاب فإنهم سيستعيدون حيويتهم، ويبدأون في تهديدنا. ويجب أن نلتمس الأسباب لرد الفعل هذا، وأن نقرر الحلول. يجب أن نعرف كيف نبني دولة إسلامية)!!!
العلاقة مع بقية العقد
الفارسي إذن لا يكون إلا عدائياً. لقد ترسخت الصفة، وأمست لازماً من لوازم وجود الموصوف. فولدت العقدة. ولا بد للعقدة أو الصفة الراسخة من صفات أخرى تغذيها وتنميها وتمنحها مشروعية التعبير، ولو بصورة مبطنة. مثل الكذب الذي يكون ضرورياً في تصوير المعتدى عليه في صورة المعتدي، والمعتدي في صورة المظلوم المضطهد. وعقدة الشعور بالاضطهاد التي لا بد منها لإسناد الكذب نفسيا ومعنويا من أجل شرعنة الرد على الاعتداء المفترض وتبريره. وعقدة الدون التي تجعلهم يحسون بتخلفهم الحضاري والمادي تجاه من يتفوق عليهم (ويتخذ ذلك وضعا حادا ينعكس على شكل رد فعل غير حضاري يستهدف تدمير الحضارة فيه).. وهكذا تتلاقح العقد فيما بينها وتتزاوج، وتبيت محضنا لتفريخ عقد أخرى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) (الشورى:40).
الإحباط أمام الاجتياح الحضاري العربي الإسلامي
بعد مجيء الإسلام (تعرض العقل الفارسي القديم إلى إحباط عنيف أدى إلى إعادة تغيير منظومة الروابط والبنى العقلية لإنتاج سلوك خاص . ولم تكن هذه الاستجابـات
الإحباطية بموجبها لغرض امتصاص الحضارة العربية والعقيدة الإسلامية والانتماء الصادق إليها، بل لغرض الوقاية منها والابتعاد عن تأثيرها كلما أمكن ذلك… ومن الاستجابات الأولية أمام الإحباط هي العدائية. ولما كان العدوان المادي والحربي قد فشل بعد الفتوحات الإسلامية فإن العقل الإيراني راح يبحث عن وسائل الهدم والتحطيم والعنف لتهديد الكيان العربي – الإسلامي وقد وجد لذلك عدة طرق شعورية ولا شعورية. فالشعورية منها كانت مخططة مدبرة… واللاشعورية منها كانت انفعالية نزقة هوائية)( ).
الإحباط الناتج عن عقدة النقص وعقدة الاضطهاد
أفاض د. مصطفى حجازي في تحليل هذه العقدة، وتفسير كيفية نشوئها وتكونها. فبين أن هذه العقدة ترجع إلى عدة جذور عقدوية: أولها (عقدة النقص) التي يتولد عنها الشعور بانعدام القيمة، والفشل في تحقيق الذات. وحتى يهرب صاحب هذه العقدة من أن يتوجه باللوم والعقاب إلى نفسه، يكون الحل بالبحث عن ضحية (يُسقِط) عليها مشاعر الإدانة الذاتية والشعور بالذنب، يتهمها بما في ذاته؛ فيكون الاعتداء عليها مبرراً ومشروعاً. أما الحقيقة فإنه يحارب الصورة غير المقبولة عن ذاته. ليؤكد هذه الذات عن طريق الشعور بالقدرة على إيقاع الأذى بالآخر. وهكذا يصبح العدوان جزءاً من الشخصية، ويتحول إلى عقدة.
والشعور بالإحباط بسبب (عقدة النقص) و(عقدة الاضطهاد) من أقوى الأسباب التي تنشأ عنها (العدوانية).
يقول د. حجازي: (كل توتر عدواني ينتج عن الإحباط . شدة العدوانية تتناسب مع شدة الإحباط من ناحية، وقوة الحاجة المحبَطة من ناحية ثانية. تزداد العدوانية مع نمو عناصر الإحباط. صد العدوانية (إحباطها) يولد عدوانية لاحقة، بينما يخفف تفريجها من شدتها بشكل مؤقت أو دائم. صد أفعال العدوانية الموجهة يشكل إحباطاً جديداً ينتج عدوانية موجهة لمصدر الإحباط، يزيد قوة الدفع نحو أشكال أخرى من العدوانية التي تنتشر عندها لتنبث في مختلف النشاط وأوضاع الوجود) .
الطبيعة السادو- مازوشية
تكلم د. مصطفى حجازي كثيراً عن عقدة الاعتداء، ووقف عندها طويلاً وهو يدور حولها من زاوية إلى زاوية. إنها عميقة الغور في النفسية الاضطهادية، ومتعددة الجوانب. تتلخص علاقة هذا الصنف بغيرهم في كونها علاقة عدم أو وجود. ليس هناك من وسطية أبداً. لا يعرف الواحد من هؤلاء أن يسير في طريق جنباً إلى جنب مع الآخرين. فإما أن يركب على أعناقهم، وإما أن يركبوا على عنقه.
في تحليل عميق لنفسية الدوني ، والأسباب الكامنة وراء ميله الشديد إلى الاعتداء وممارسة العنف البالغ القسوة تجاه الآخر. والذي من خلاله نفهم سر العدوانية العنيفة، واللهفة الساديّة التي تجتاح القوى الشيعية ومليشياتها المتخفية وراء القانون، والاندفاع الجامح لسفك دماء أهل السنة ، ومحاولة استئصالهم من العراق اليوم ، بدلاً من توجيه
القوة والعدوان تجاه الهدف الصحيح، ألا وهو المحتل الصليبي وظهيره المجوسي. يقول
د. حجازي:
(نظام التسلط والقهر يأخذ على مستوى اللاواعي شكل العلاقة السادو- ماسوشية. هناك من ناحية طرف قاسٍ، ظالم، مستبد، ينزل الأذى والعذاب بضحيته، لا يستطيع أن يحس بالوجود إلا من خلال تبخيسها، وتسبب الآلام لها. لا يحس بالقوة إلا من خلال التحقق من ضعف الضحية الذي كان هو سببه. هذا الطرف المتسلط لا يستقر له توازن إلا حين يدفع بذلك المقهور إلى موقع الرضوخ العاجز المستسلم، إلى الموقع المازوشي. جوهر السادية ولبها هما علاقة سطوة، لا يستطيع المتسلط السادي أن يكون إلا من خلال التعزيز الدائم لسطوته. وهذه لا تتعزز إلا بمقدار إضعاف الطرف الآخر في العلاقة، تحطيمه والاستحواذ الكلي عليه. وتصل غايتها عندما يعترف هذا الطرف المازوشي بسطوة السادي، ويقر بعجزه إزاءه. الرباط الإنساني يأخذ في هذه الحالة منحى العنف والعدوانية عوضاً عن الحب ، ويأخذ منحى سيادة الأنوية بدل توازن التعاطف والاعتراف المتبادل.
السادية في الأصل عدوان قبل أن تكون جنساً. والمازوشية معاناة مادية وجسدية ومعنوية قبل أن تكون تلذذا جنسياً بالألم كما كان يشيع من آراء. وأهم من المازوشية المادية، المازوشية المعنوية، أي وضعية الرضوخ والاستسلام للمهانة والتسليم بالضعف الذاتي وبسطوة السادي. ويرتبط السادي والمازوشي معاً في علاقة موقعية تحدد لكل منهما مكانته. وتستمد كل من السادية والمازوشية زخمها الحيويين من نزوة الموت، بما تتخذه من أشكال العنف والعدوان، فمصدرها النزوي واحد دائماً. العنف والعدوانية يتوجهان إلى الخارج، منزلين الأذى بالضحية عند السادي، بينما يرتدان إلى الذات التي ترضخ للأذى، إذا لم تستنزله عند المازوشي. وكل من هاتين الوضعيتين دفاع ضد الأخرى. فالسادي يعنف ويقسو هرباً من مازوشيته الداخلية، من مشاعر الذنب التي تقض أعماق وجوده. وكلما زادت قسوته دل ذلك على شدة ذعره من أن ترتد عدوانيته إلى ذاته فتدمرها. السادي يتنكر لمازوشيته من خلال إلحاق كل الأذى بضحيته التي تجسد ما يخشاه من نفسه، وما يتنكر له من خلال صد قلق ساديته التي يخشى توجهها إلى الخارج، وإفلاتها من سيطرته بشكل يدمر الآخر وبالتالي يدمر الذات معه. المازوشي هو إنسان يعجز عن تحمل نتائج ساديته. ومن هنا تبدو له الأخطار الخارجية مضخمة، وتبدو له سطوة التسلط دون حدود، ولا وهن يمكن التصدي
لها من خلاله. ويتناسب عجزه ومهانته بمقدار تضخم هذه الأخطار. المازوشي يمكن أن ينقلب عدوانياً، والراضخ يمكن أن يتحول إلى متمرد، يحطم سطوة المتسلط حين يتجرأ على تحمل تبعات عدوانيته) .
البحث عن الذات: أنت تتألم؛ إذن أنا موجود
ويقول في موضع آخر: (يكمن جوهر السادية في البحث اليائس عن الأنا، في الحاجة إلى توكيد الذات, في دفع الآخر للاستجابة إلى حقيقتك الذاتية: هذا أنا , أنا هنا، يقول السادي: يجب أن تلاحظ وجودي، إذا لم تلاحظه بمحبتي فعليك أن تدركه من خلال ألمك، إني أنا من يجعلك تتألم. بألمك تعترف بوجودي الذي يصبح أكثر واقعية بمقدار ما تكبر معاناتك... ما يود السادي الوصول إليه هو إذن نشوة الجبروت من خلال مسح وجود الآخر. بذلك فحسب يطمئن إلى قوته غير الواثق منها، ويخفف من حدة قلقه) .
من أوضح الأمثلة على الطبيعة السادو - مازوشية الممارسات الوحشية للقوى الشيعية المستقوية بالمحتل ضد أبناء السنة والمجاهدين منهم على الخصوص. إن هذا يكشف عن أحد أهم الدوافع وأعمقها في النفسية الشيعية الاضطهادية، التي تجعل أصحابها يمارسون هذا العنف الوحشي الخالي من الإنسانية ضد المواطنين المخلصين في وطنيتهم، والمدافعين عنها بأرواحهم. إن الشعور الساديّ عند الشيعي لا يتوجه إلى المحتل خوفاً من العواقب، بل ينقلب إلى خضوع إلى حد المازوشية؛ إخفاءً لمشاعره التي يخشى انطلاقها ضده حتى لا تحطمه إذا اصطدم بالمحتل الذي يخشاه خشية مضخمة، وفي الوقت نفسه يحول عنفه وساديته ضد الآخر الذي يستضعفه مستقوياً بالمحتل لا بقوته الذاتية. وفي هذا تصريف لمشاعر القلق من مواجهة الذات بالحقيقة المرة وهي خوفه وانهزامه المشين من العدو الحقيقي. وفيه بالإضافة إلى ذلك نوع من الشعور بالكبرياء والتعالي، من خلال صب العار على الضحية. وفيه أيضاً إسقاط لمشاعر الذنب الذاتية التي لا بد أن تصاحب الإحساس بالفشل والمهانة عند الإنسان المقهور، والتي تظل عادة مكبوتة، على العنصر المتمرد: هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب.
التوحد بالمعتدي
تتولد (العدوانية) كذلك من خلال (عقدة الاضطهاد) ، ودور حيلة (التماهي - أو الذوبان والتوحد – بالمعتدي ، أو المضطهِد) التي يمارسها الإنسان الاضطهادي. وهنا (يتخلص الإنسان المقهور من مأزقه من خلال قلب الأدوار. يلعب دور القوي المعتدي، ويسقط كل ضعفه وعجزه على الضحايا الأضعف منه. الآخر الشبيه به هو المذنب, وهو المقصر, وهو بالتالي يستحق الإدانة والتحطيم. من خلال التماهي بالمعتدي يستعيد الإنسان المقهور بعض اعتباره الذاتي، أو على وجه الدقة يصل إلى شيء من وهم الاعتبار الذاتي . كما أنه يتمكن من خلال هذه الأوالية من تصريف عدوانيته المتراكمة والتي كانت تتوجه إلى ذاته, فتنخر كيانه وتحطم وجوده. هذا التصريف للعدوانية بصبها على الخارج من خلال مختلف التبريرات التي تجعل العنف ممكناً تجاه الضحية, يفتح السبيل أمام عودة مشاعر الوفاق مع الذات, شرط التوازن الوجودي. وتشتد الحاجة للضحايا بمقدار ازدياد العدوانية وتوجهها نحو الخارج، ومقدار النقص في الوفاق مع الذات) .
أما التحليل الآتي فيمثل تفسيراً نفسياً، يمكن على ضوئه أن نفهم هذا الدافع الشاذ من الدوافع المشتركة في تكوين الشخصية العدوانية لدى الجمهور الشيعي. ولماذا برز هذا العنصر العدواني الفاشستي بعد الاحتلال الصليبي المجوسي للعراق، وانتماء الشيعة إلى القوى المحتمية به، وتقليدها له حتى في مظهره بدءاً بالنظارة التي توضع على العينين، وانتهاءاً بالبسطال في الرجلين. ولماذا كان أفراد القوة المسماة بـ(الحرس الوطني)، وقوى الأمن الداخلي أشد قسوة على أهل السنة من أفراد المحتل الأمريكي نفسه؟ حتى صار الأمريكان يهددون من يستعصي عليهم بإيكال أمره وتحويل مصيره إلى (الحرس الوطني) !
يقول د. حجازي: (في كل حالات التماهي بالمعتدي يحدث قلب في الأدوار تتحول
الضحية إلى معتد من خلال نقل دور الضحية أو وضعيتها إلى شخص آخر يفرض عليه الدور المزعج، ويصبح موضوعاً للتشفي من ناحية، وللتنكر من المخاوف الذاتية من ناحية ثانية: أنا لا أخاف، أنا أخيف. هو يخاف، أنا أخيفه. هذه الوضعية الذاتية تؤدي إلى التخلص من كل المخاوف ومشاعر الضعف الداخلية أو كل مشاعر الذنب الذاتية. فليس أكثر قسوة من المعلم الظالم إلا التلميذ الذي يوكل إليه هذا المعلم حفظ النظام في الصف. وليس أكثر شططا من الأم المتشددة إلا الطفل الذي يعاني مشاعر الذنب ويصبها على أخ أصغر، بينما يلعب هو دور الأم التي تحاسب وتعاقب. وسنرى كيف أن أزلام المتسلط وأدواته، هم في أغلب الأحيان أشد قسوة وتطرفا في تعاملهم مع الإنسان الضحية الذي فرض عليه دور المقهور) .
من مظاهر التوحد بالمعتدي أو المتسلط
يقول د. حجازي: (مظاهر التماهي بعدوان المتسلط متعددة ومجالاته متنوعة، نجدها لدى من سنحت له الظروف كي يمارس سلطة على أناس دونه أو أضعف منه. كما نجدها عند من يلتمس حظوة من خلال التقرب من المتسلط . وهي في أبسط مظاهرها تبدأ بذلك التعالي الذي يظهره الفقير تجاه الأفقر منه, والبائس تجاه من هو أشد بؤساً منه. في ذلك التعالي يحاول أن ينكر مهانته الذاتية بصبها على الآخر. ومن مظاهرها أيضاً كل التصرفات الاستعراضية للقوة, أو لرموز القوة أو حتى لوهم القوة, سواء من خلال حمل السلاح واستعراضه دونما حاجة فعلية إليه, أو من خلال استعراض العضلات. وقد لا تتجاوز حد المباهاة والتعالي من خلال التخريف والادعاءات المتفاوتة بقوة أو منعة. في كل هذه الحالات ينخرط الإنسان المقهور في حرب ضد خطر الإحساس بضعفه الذاتي والموقعي, وفي محاولات دائبة لطمس هذا الضعف. إلا أن هذه المحاولات ليست خطيرة عموماً في نتائجها وآثارها. هناك حالات يبرز فيها التماهي بعدوان المتسلط صارخاً مكوناً نوعاً من الآفة الاجتماعية والمأساة العلائقية, سنتحدث عن ثلاث منها.
الحالة الأولى ذات الانتشار المحدود نراها في ظاهرة تسلط بعض (القبضايات) على الأفراد والمؤسسات لفرض الخوّة من خلال الابتزاز والتهديد. الواحد من هؤلاء يغطي ضعفه وهوانه الاجتماعي من خلال لبس جلد التمساح والاحتماء وراء مظاهر القوة العضلية والمسلحة يتخذها لنفسه ويهدد بها من حوله...
أما الحالة الثانية للتماهي بعدوان المتسلط ، فهي أكثر انتشاراً وشيوعاً ، نجدهـا خصوصاً في الأجهزة التي تشكل أدوات السلطة، سواء في الإدارة أو في أجهزة الشرطة والأمن. إن العلاقة بين المواطن وبين من يعملون في هذه الأجهزة على اختلاف رتبهم ومكاتبهم تشكو في البلد المتخلف من ظاهرة التماهي بعدوان المتسلط ...
هناك حالة ثالثة من التماهي بالمتسلط ، نجدها في الممارسات السياسية والمسلحة التي تفتقر إلى هدى تنظيم وتأطير ثوريين حقيقيين.
ما حدث على الساحة اللبنانية يعطينا نماذج واضحة عن تلك الممارسات. المقاتل الذي يحمل السلاح نجده في بعض تصرفاته لا يقف موقفاً نضالياً، بل هو يتصرف تبعاً لنموذج المتسلط الذي عانى منه سابقاً. بدل أن يعامل الجماهير برقة وروح أخوية نراه يتعالى عليها معطياً لنفسه مكانة مفضلة، ومقدماً ذاته على الآخرين. لقد تحول من خلال حمل السلاح من إنسان مقهور إلى آخر متفوق، يلعب دور المتسلط الصغير أو الكبير . كما أن الكثير من العلاقات المرتبية بينه وبين رؤسائه ومرؤوسيه تأخذ شكل العلاقة بين المتسلط والتابع: تعالٍ من ناحية ورضوخ من ناحية ثانية. وأما التصرفات الاستعراضية فهي في هذا المجال أكثر من أن تعد. نجد الواحد من هؤلاء يتباهى مختالاً باستعراض قوته المستجدة متمسكاً بالمظاهر بشكل يتنافى مع الروح النضالية الحقة التي تتصف بالكثير من التواضع تجاه الجماهير... الإنسان المقهور من هذه الناحية كائن مزيف فقد هويته وأضاع أصالته ووجد نفسه عارياً أمام غربته عن نفسه. وهو يحاول بشتى الأساليب ومن خلال مختلف الأقنعة أن يجد هوية بديلة، وأن يحصل على وهم الوجاهة. التزييف الوجودي وما يقابله من أقنعة يمس كل شيء في حياته والنماذج عليه لا حصر لها) .
شرعنة الاعتداء
يقول د. حجازي : (على النقيض من الحب والخير والقيمة المطلقة التي تكتسبها الجماعة, تبخس الجماعات الخارجية (المختلفة قومياً أو عرقياً أو طائفياً) من خلال إسقاط كل العدوانية عليها. وهكذا تصبح جماعة غريبة, ومصدر كل سوء, صورة الشر بعينه, منبع كل تهديد للجماعة النرجسية. الجماعة الغريبة من خلال تجذير الاختلاف بينها وبين الجماعة الأولى المتعصبة, تصبح العقبة الوجودية الأساسية التي تقف في سبيل وصول هذه الأخيرة إلى أهدافها في الرفعة والمنعة وتحقيق الذات. إنها تحمل كل الآثام والأوزار, في حالة من تفريغ كل المسؤولية الذاتية وكل السوء والشرور عليها.
عند هذا الحد تنهار علاقة التعاطف والمشاركة في المواطنية. وتفتح الطريق عريضة أمام صب كل العنف على الجماعة الغريبة دون قيد أو ضابط . تحدث استباحة لها, ولكيان أفرادها, الذين يتحولون إلى مجرد أساطير للسوء والشر يجب القضاء عليها بإبادتها دون هوادة. ويفتح باب المجازر الدموية على مصراعيه وبشكل مذهل . فالجماعة المتعصبة فيما تقدم عليه من مجازر لا ترتكب إثما بحق إنسان لهم كيانهم, بل إنها تقوم بواجب الدفاع المشروع عن النفس. وأكثر من هذا تقوم بواجب القضاء على الأوبئة التي تقف في سبيل تقدم البشرية. مجازر الدم والإبادة, تتحول إلى عمل نبيل في وهم وقناعات أعضاء الجماعة المتعصبة. فالأمر لا يعدو مجرد قضاء على رموز مجسدة في أناس من الجماعة الغريبة, التي تحاط بمجموعة من الأساطير, تنتزع منها انسانيتها) .
إن هذا يفسر الصورة الشاذة التي عليها القوى الشيعية اليوم، التي أمسكت بزمام الحكم في العراق من خلال مليشياتها، ومن خلال قوى الأمن والشرطة والجيش! كيف يمارسون تعذيبهم الوحشي لأهل السنة وهم في حالة من التلذذ السادي والنشوة الغريبة! وكيف يقيدون الأبرياء الذين يعتقلونهم (على الهوية) بل (على الاسم)! ويضعونهم في السيارات وهم يطلقون الهتافات و(الهوسات) الشعبية معلنين نصرهم على (الإرهاب)، وأحياناً يصرحون باسم أهل السنة، أو يغلفونه بلفظ (الوهابية)! وكيف يهجمون على المدن السنية بملابس (الحرس الوطني) أو الجيش يرددون الهتافات نفسها وكـأنهم لا يقتلون أبناء بلدهم، وإنما يطاردون عصابات الغازي الأجنبي، وفلوله الكافرة، أو هم في يوم الانتصار على اليهود وتحرير بيت المقدس الذي لا يخطر لشيعي متمجس على بال! وفي الوقت نفسه (يُسقطون) سلوكهم ومقاصدهم المنحرفة على أهل السنة كذباً وتزويراً ليقولوا: إن الوهابيين والتكفيريين يقتلون الشيعة (على الهوية)!
تشييء الآخر
ويواصل د. حجازي قوله: (يقابل هذه التطورات الذاتية تغير حثيث في إدراك الآخر, من خلال مجموعة من الأساطير التحقيرية. فالاتجاه الإنصافي لا يستمر إلا من خلال التحقير الثابت للضحية. يصف (اينار) بشكل رائع عملية التحقير هذه (( في الجريمة يتحول الآخر إلى أُسطورة (أسطورة الخيانة , السوء , الحسد , الاضطهاد , انعدام القيمة, الخ ...) الشخص الحقيقي المقصور ينمحي تدريجيا في حالة من التعامي الموجه والموافق عليه عن إنسانيته )).
يفقد الآخر حقيقته كشبيه إنساني (في عيني القاتل) متحولاً إلى أسطورة لا واقعية تبرر بتصرفاتها أو خصائصها الاعتداء عليها، يتحول إلى أسطورة العقبة الوجودية، أو السوء، أو انعدام القيمة. هذه الأسطورة تؤدي إلى تغيير شخصية القاتل وتبرر له اتجاهه الانصافي. وبمقدار ما تحقر الضحية ، وتتحول إلى أسطورة ، يزداد تسلط حق
القاتل في القتل.
تصل عملية التحقير هذه حداً بعيداً فتُحمّل الضحية المقبلة كل الأوزار والصفات المنحطة, يعبر عنها أولاً بالسباب والشتائم، ثم بالنعوت المتصاعدة في تبخيسها. وقد يعمم الأمر من المستوى الفردي إلى مستوى كوني : الضحية كائن خطر على الجميع
ويجب القضاء عليها . ولذلك يبدو القتل عندها في نظر القاتل كشيء طبيعي ، تفرضه
الظروف وله ما يبرره دون أن يثير أي إحساس بالندم.
في هذه الكارثة العلائقية تتحول الضحية أسطورياً باختزال عادي في ذهن المعتدي لا إلى مستوى الشيء فحسب, ولكن إلى مستوى الشيء حامل اللعنة الذي يجب تحطيمه, الآخر المحقر, يحتل في ذهن المعتدي دلالة العقبة الوجودية التي تسرق له حقه في السعادة, حقه في الاستقلال, حقه في الحرية الخ... ولذلك يصبح فعل القتل, لا فقط بريئاً من الإثم ومبرراً فحسب, بل مطلوباً كواجب نبيل هو الدفاع عن الذات وكرامتها وقدسيتها، أو الدفاع عن الجماعة وقيمها. أو حتى الدفاع عن الحضارة والإنسانية من العناصر المخربة الهدامة. وهكذا يبدو العنف التدميري كضرورة مبررة لا بد منها لإعادة الأمور إلى نصابها كواجب على المرء النهوض به من اجل بدء وجود جديد لا تسممه ولا تعرقله الضحية – العقبة الوجودية) .
دور حيلة (الإسقاط) النفسية
ثم يربط الموضوع كله بحيلة (الإسقاط) ، ويبين دورها في تأجيج عقدة العدوانية
وترسيخها، وكيف توجه إلى الآخر فيقول:
(الإسقاط منتشر جداً في العلاقات بين الناس (خصوصاً المهنيـة والحزبية) فيما يتعلق بمصدر السوء والشر والعدوانية: الآخرون هم المخطئون. في الإسقاط تحول النزوة العدوانية إلى الخارج, وفي مرحلة تالية نتخذ من هذا الخارج هدفاً لصب عدوانيتنا المتبقية. في اتهام الآخرين نجد راحة مزدوجة: تصريف العدوان بصبه عليهم (الانتقاد) وإثبات البراءة الذاتية (نفي تهمة العدوان عن الذات), ذلك ما يحدث في التعصب الديني والطائفي والسياسي. ليست العدوانية وحدها التي تسقط على الخارج, بل أيضاً مشاعر الذنب (الآخر هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب) , ومن هنا تصبح العدوانية الذاتية مشروعة ومبررة, إنها إحقاق الحق من خلال قصاص الآخر... التنكر للعدوانية الذاتية, ولمشاعر الإثم الذاتية , وإيجاد موضوع ضحية يجسدها ويعبر عنها في الخارج, والتهجم عليه لدرجة إبادته, وكذلك انشطار العواطف إلى الميول السيئة والحسنة, والإحساس بأننا ومن نحب, وكذلك من يحالفنا, مثال البراءة والارتقاء، وإسقاط كل الشر والخطر والعدوان على الأعداء .
يبقى هذا الإسقاط للعدوانية ولمشاعر الإثم أوالية فاعلة في حياتنا اليومية وفي كل صراعاتنا العلائقية. ولذلك نجد الكثير من العلماء قد قالوا به. يقول (انطونيني) بهذا الصدد: (إن هناك في كل الحالات تقريباً جهداً لإزاحة العدوانية خارج الذات, بشكل يمكننا من نفيها, من عدم رؤيتها في ذاتنا, يمكننا من التعامي عنها, فاكتشاف الحقد الكامن فينا ظاهرة مولدة للقلق. أما اكتشاف الشر عند الآخرين فيمنعنا من رؤية الشر الذي فينا) .
يتمسكن حتى يتمكن
ثم يقول: (الإنسان في المجتمع المتخلف عدواني، متوتر، يفتقر إلى العقلانية، ويعجز عن الحوار المنطقي؛ لأنه يعيش في حالة مزمنة من الاحباط الاعتباطي, ومن الإهمال. إنه متروك لنفسه كي يتدبر أمره كما يستطيع. ليس هناك ما يضمن له حقه أسوة بغيره. عليه هو أن يحفظ هذا الحق كما تمكنه ظروفه (الاحتيال, التقرب من السلطان وذوي النفوذ, التودد, أو العنف والصراع من أجل الغلبة). عالم الإنسان المقهور هو أشبه ما يكون بغابة ذئاب, عليه أن يعبـئ نفسه ويظل يقظاً طوال الوقت لمجابهة أخطارها) .
عدم التعايش مع الآخر
يواصل د. حجازي تحليله القيم فيقول: (وعندما يحس كل واحد... إحساساً من هذا القبيل، فإن علاقات التعاطف والتفاهم تنهار لا محالة، لتحل محلها علاقات اضطهادية. الآخر هو الخصم الذي يتهدد المصير الذاتي، ويهدد بالاستيلاء على الحقوق الذاتية. إنه بالتالي العقبة الوجودية في وجه تأمين المصلحة الذاتية. ولذلك فلا بد من إعلان الحرب عليه، أو الاحتياط للحرب التي قد يعلنها علينا . يتحول الآخر إلى مصدر تهديد وخطر على الذات أو مصدر عرقلة لمصالحها, ومنذ تلك اللحظة يصبح كل عدوان عليه, كل تغليب مطلق للمصلحة الذاتية دون مراعاة للآخر, النمط المشروع من الدفاع عن النفس. الاحتمال البديل هو الرضوخ والاستسلام, أو التجنب والانسحاب, وبالتالي
فقدان فرصة الحصول على الحق الذاتي) .
الدوني إذا تمكن
إذا تمكن هذا الصنف المقهور من الناس وتحول فجأة – في بعض الظروف السانحة – من خاضع مقهور إلى (سيد) يمتلك القوة ويتصرف بها، يتحول إلى وحش كاسر لا تعرف الإنسانية إلى شعوره سبيلاً ! وتنقلب صفاته إلى الضد مما كان عليه (فبدل عقدة النقص تبرز عقدة التفوق والاستعلاء، وبدل العجز والاستسلام تبرز عقدة الجبروت، وبدل انعدام المكانة تبرز عقدة الاستثناء... يعوض عن نقصه بنوع من التفوق والاستعلاء على من حوله. يحس بشيء من الجبروت، بأنه وجماعته المسلحة فئة لا تقهر، تنهار أمامها الحواجز والصعاب. يحس بنوع من الاستثناء، فكل شيء مسموح له، وكل التجاوزات. ولذلك فهو يزدري كل القيم السابقة، ويشعر بالحاجة إلى كسر كل القواعد التي حكمت حياته. ويحدث في أغلب الأحوال نوع من التركز حول الذات، فكأن العالم كله يجب أن ينتظم انطلاقاً منه هو وتبعاً لوضعه. هناك تضخم ذاتي يقابله انحسار في قيمة وأهمية المحيط ، على العكس تماماً من مرحلة الرضوخ. هذا التضخم يؤدي إلى سيطرة مزاج نفاجي على الإنسان. نوع من الإحساس بالامتداد والعظمة... وتظهر التصرفات الاهتياجية بما فيها من تسرع وطنين وصخب، ويبدو كل شيء في متناوله، يطغى نوع من الحبور على الحالة المزاجية ويصطبغ المستقبل بالتفاؤل المفرط والمبالغ فيه دون سند كاف) .
خير مثال على هذا ما رأيناه ولمسناه من ممارسات لقوات (الحرس الوطني) والجيش
والشرطة والأمن الداخلي الشيعي، التي تعيث في أرض العراق فساداً، بعد أن خدمتها الظروف لتقفز إلى ناصية القوة، التي لن تستمر بأيديهم بعون الله طويلاً. وكل من شاهد الحال في الشارع العراقي اليوم، وكيف تتصرف هذه القوات مع المواطنين، وتطلق النار عشوائياً فوق رؤوسهم - وعليهم أحياناً – وتمسك بالأبرياء بكل فظاظة وقسوة، وهي تردد الشعارات الحماسية والهوسات الشعبية وكأنها في عرس أو انتصار، أو كأنها حررت البلد من المحتل، أو تطارد فلوله، وليست هي تمارس العدوان على إخوانها ومواطنيها وأبناء بلدها، كل من شاهد ذلك يدرك المعنى الحقيقي لحالة الدوني إذا تمكن!.
تساوي المثقف والعامي في التخلف النفسي
يرفض د. حجازي التفريق بين الفئات العامية أو الجاهلة، وبين الفئات المثقفة أو المنظمة والمؤطرة، التي لديها تاريخ من الممارسة السياسية، وتصور أن الأخيرة قد تخلصت فعلاً من قيود التخلف ذهنياً وانفعالياً وعلائقياً. وفي ذلك يقول: (العكس هو الصحيح في معظم الأحيان، إذ يلاحظ تداخل بين أعلى درجات التنظير الفكري وأشد أشكال التخلف في الممارسة... إن الفئة التي تتمتع بقدر من الحظ وتقترب من مواقع السيطرة على هذا السلم لا تخلو بدورها من التخلف على جميع الصعد. الواقع أنها تتصف بالخصائص نفسها وإن اتخذ الأمر طابعاً مخففاً أو خفياً في غالب الأحيان. إنها متسترة بقناع من التقدم يكفي تمزيقه حتى نتحقق من أن سلوكها تحكمه القوى والمعايير نفسها والنظرة إلى الحياة التي تميز الإنسان المقهور... فبينما يتماهى الفلاح بسيده ويشعر بالدونية تجاهه، نرى السيد يتماهى بدوره بالمستعمر أو الرأسمالي الأوربي ويشعر بالدونية نفسها تجاهه) .
وهذا ما صرح به مؤسس علم نفس الجماهير غوستاف لوبون عندما قال: (والبشر الأكثر اختلافاً وتمايزاً من حيث الذكاء لهم غرائز وانفعالات وعواطف متماثلة أحياناً. والرجال الأكثر عظمة وتفوقاً لا يتجاوزون إلا نادراً مستوى الناس العاديين في كل ما يخص مسائل العاطفة: من دين وسياسة وأخلاق وتعاطف وتباغض، إلخ... فمثلاً يمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم رياضيات شهير وصانع أحذيته على المستوى الفكري، ولكن من وجهة نظر المزاج والعقائد الإيمانية فإن الاختلاف معدوم غالباً، أو قل: إنه ضعيف جداً.
وهذه الصفات العامة للطبع، التي يتحكم بها اللاوعي، والتي يمتلكها معظم الأفراد الطبيعيين لعرق ما بنفس الدرجة تقريباً هي بالضبط تلك التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير. فالكفاءات العقلية للبشر، وبالتالي فرادتهم الذاتية تمَّحي وتذوب في الروح الجماعية. وهكذا يذوب المختلف في المؤتلف وتسيطر الصفات اللاواعية) .
لا علاج للنفسية المقهورة إذا تمكنت إلا القوة
يقول د. حجازي حديثه: (ما عدا القمع الخارجي والخوف, تبقى عدوانية الإنسان المقهور دون توازن داخلي من قوة مضادة تكبح جماحها وتلطفها) .
وفي هذا إشارة إلى قانون اجتماعي لا يقبل التغيير، وحكم ثابت لا يقبل النقض، هو أن الشيعة - بنفسيتهم الناقصة المقهورة - لا يفهمون إلا لغة القوة بكل معانيها: قوة الخطاب - إذا كان المقام مقام كلام - وقوة السلاح إذا استدعى الأمر.
(5)
عقدة الاضطهاد
عن أبي عثمان الجاحظ قال: أخبرني يحيى بن جعفر قال: كان لي جار من أهل فارس وكان بلحية ما رأيت أطول منها قط وكان طول الليل يبكي فأنبهني ذات ليلة بكاؤه ونحيبه وهو يشهق ويضرب على رأسه وصدره ويردد آية من كتاب الله تعالى فلما رأيت ما نزل به قلت لأسمعن هذه الآية التي قتلت هذا وأذهب نومي فتسمعت عليه فإذا الآية: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) .
تشكل عقدة الاضطهاد عاملاً مكملاً لعقدة الاعتداء، وضرورة من ضرورات وجودها ودوامها؛ إنها كالغذاء الذي لا بد منه لبقائها، وكالوقود اللازم لاستمرارها. فكما أن الاعتداء ضرورة من ضرورات البقاء عند (الفارسي)، فكذلك الادعاء بأن الغير هو المعتدي ضرورة لتبرير ذلك الاعتداء، وإعطائه زخماً من الفاعلية والتجدد. ومن هنا نشأت عند الشيعي عقدة الشعور بالاضطهاد والمظلومية. فهو – على الدوام - محروم.. مظلوم بسبب أو بدون سبب، وقع عليه ظلم أم لم يقع، معتديا كان أم عتدى عليه. كأن الله سبحانه خلقه ليعتدي ويؤذي دون أن يكون للآخرين حق في رد اعتدائه وأذاه! فالاعتداء والأذى واجب من واجباته، وسكوت المعتدى عليه حق من حقوقه! فإن قام بالرد بالمثل جزاءً أو دفاعاً عن النفس فان (الفارسي) لا ينظر إليه إلا بعين واحدة، تلك التي ترى الفعل المرتد، دون الفعل المسبب له.
الشعور بالظلم والحرمان حالة يربى عليها الشيعي قصداً منذ ولادته، ويكبر، فتكبر معه. ولهم في تغذية أبنائهم بهذا الشعور أساليب شتى! ولشدة انطباع النفسية الشيعية بهذا الشعور انعكست هذه النفسية عند الشيعة بطريقة لا شعورية على (أئمتهم)، فراحوا يتخيلونهم ويرسمون لهم في مخيلتهم صورة هي مثال المحرومية والاضطهاد والمعاناة منذ أن خلقهم الله تعالى حتى توفاهم. يروي (الصدوق) – وهو الكذوب – عن أمير المؤمنين ع قال: (ما زلت مظلوماً منذ ولدتني أمي. حتى إن كان عقيل ليصيبه رمد فيقول: لا تذروني حتى تذروا علياً، فيذروني وما بي من رمد) .
والحقيقة أن هذه النفسية الشيعية المفعمة بالشعور بالظلم والاضطهاد إلى حد الاختناق،
أسقطت - بتلك الطريقة اللاشعورية المسماة في علم النفس بطريقة (التماهي الإسقاطي Projective identification) – على (الإمام) فصار كما تخيلوه، أو كما ينبغي أن يكون عليه طبقاً لما توحي به تلك النفسية.
كان الشيعة يشكلون أكثر من (65 %) من منتسبي حزب البعث الحاكم في العراق،
والنسبة نفسها في جهاز المخابرات وجهاز الأمن. وهي أقوى الأجهزة التي كان يقوم عليها وجود النظام السابق. ومن المفارقات الطريفة أن (36) شخصاً من قائمة المطلوبين للأمريكان من مسؤولي الحكومة السابقة كانوا من الشيعة. علماً أن العدد الكلي للمطلوبين في القائمة هو (55)! من ضمنهم رئيس الدولة وولداه وأقاربه. أي إن عدد العرب السنة في القائمة – إذا استثنينا طارق عزيز المسيحي، وطه رمضان الكردي، ولربما فاتني آخرون ليسوا من السنة – يساوي (17) فقط من مجموع (55)! وإذا حذفنا الرئيس وأقاربه – ولديه وإخوته الثلاثة وابن عمه، لتكون المقارنة عادلة، حين تكون بين الأشخاص من غير العائلة الحاكمة – فإن عدد أهل السنة سينخفض إلى حوالي (10) فقط !! أي أقل من ثلث عدد الشيعة!!! ومع هذا يدّعي الشيعة أنهم كانوا محرومين من المشاركة السياسية العادلة، وأن النظام السابق كان طائفياً يميز بين أهل السنة والشيعة، فيؤثر أولئك بالمناصب والمزايا، ويختص هؤلاء بالتهميش والاضطهاد. وما ذاك إلا بسبب ترسخ هذه العقدة في نفوسهم إلى حد الخروج إلى عالم الوهم ودائرة الهذيان!
ومما يشير بصراحة إلى رسوخ هذه العقدة في النفسية الشيعية، ما صرح به وزير
المحافظات في حكومة الجعفري وائل عبد اللطيف حين قال: (ونحن في قمة السلطة نشعر بالمظلومية)!
هذاء الاضطهاد
وحين يترسخ هذا المرض يصل إلى حد (الهُذاء) ، والتوهم المرضي أن جهة مـا
معينة تضطهده، وتتهدده، وتعتدي عليه. بينما قد يكون العكس هو الواقع. خصوصاً في دائرة الأفكار والمشاعر. لكن المريض يقوم باستعمال حيلة (الإسقاط) ليعكس الأمر. وهو ما يطلق عليه علمياً اسم (البارانويا paranoia). يقول عنه سيجموند فرويد: (إنه مرض عقلي يتميز بوجود نسق منظم من الأفكار الهاذية، وسلسلة منطقية من النتائج المستنبطة من مقدمة خاطئة خطأً مطلقاً، يؤمن بها المريض إيماناً مطلقاً لا يمكن زعزعته أو تعديله أو التشكيك فيه. ومن حيث المضمون نجد أن فكرة الاضطهاد والريبة من نوايا الغير وأفعالهم تقوم بدور رئيس في هذا المرض. أما من حيث الشكل فإن المريض يستخدم عملية "الإسقاط" استخداماً متصلاً فينسب إلى الغير أفكاره ومشاعره، ولا يفتأ يؤَوِّل حركات الآخرين وسكناتهم بما يتفق واعتقاده المرضي بحيث يتحول الصراع الداخلي – في النهاية - إلى صراع خارجي بين المريض والآخرين منقطع الصلة - بالنسبة للخبرة الشعورية - بأصله الذاتي) .
الحقيقة – كما يقول المختصون – أن المصابين بهذا الوهم أو المرض، هم دوماً في حالة دفاع مرضي عن النفس، يتوهمون أنهم في حالة حصار من قبل أعداء لا عدّ لهم ولا حصر. كما يقول المختصون: أن خطر المصابين بالشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية هو الانتحار، أمّا خطر المصابين بالبارانويا فهو القتل. إن المجتمع الشيعي مصاب بالبارانويا؛ وهذه من العقد الكبرى في طريق الحل أو العلاج.
ومن هنا – ولأسباب أخرى – أفضل أنا استعمال كلمة (مواجهة) بدلاً من كلمة (حل) أو (علاج).
يجلبون المآسي على أنفسهم
والشيعة في ذلك كاليهود، يجلبون على أنفسهم المآسي بسبب سوء أعمالهم، لكن مرض
البارانويا يمنعهم من مراجعة أساليبهم الخاطئة بصورة موضوعية. فلا يملكون إلا الإصرار على الموقف؛ فينتهي الأمر بذبحهم. إن تكرار المذابح اليهودية عبر التاريخ لم يكن من قبيل الصدفة. وهو السبب نفسه الذي يجلب المآسي إلى الشيعة، ويوقعهم في مآزق التناحر مع السلطة، أو مع مواطنيهم. وهو السبب الخفي لما يحدث اليوم في العراق من مآسي وتصفيات متبادلة.
الطقوس والشعائر الشيعية
إن عقدة الاضطهاد وراء الشعائر والطقوس التي عزلت المتشيع فارسياً عن محيطه ومجتمعه، في شعوره وسلوكه وولائه وانتمائه. بل جعلته آلة تخريب بيد الأجنبي العجمي الذي يلوح له بأنه مضطهد مظلوم وانه يسعى لإنقاذه، ويبادله الشعور بالظلم والاضطهاد إلى حد النواح والبكاء ولطم الصدور والخدود، وشق الثياب السود، حزنا وأسى.
وهي التي تجعله يتلذذ بمجالس النياحة وحلقات اللطم والبكاء تحت ذريعة مظلمة (أهل البيت) دون ملل مهما تكرر الحديث أو كان أسطوريا أو خارجا عن الذوق أو منطق العقل والشرع والتاريخ! بل يتفاعل معه إلى حد البكاء والعويل بل لطم الخدود والصدور و(تطبير) الرؤوس وجلد الظهور بالسياط و(الزناجيل) وأذى الجسد بأنواع الأذى إلى حد فقدان الوعي أو الموت!
فثاوي السيستاني في تشريع اللطميات وأنها من شعائر الله!!!
وهو تعبير وتنفيس عن عقدة أخرى هي عقدة الذنب، تلك العقدة التي تكونت وتراكمت بسبب الجرائم والاعتداءات والآثام التي يرتكبونها بحق غيرهم وحق أنفسهم، وبسبب خذلانهم المتكرر للخارجين من أهل البيت العلوي على مر التاريخ.
إن الحديث عن الحسين و(مقتله)، و(مصيبة أهل البيت) ما هو في حقيقته إلا حديث
عن النفس ومصائبها. إنه (مظلوم) كما (ظلم الحسين)، و(مضطهد) كما (اضطهد). ويتحول الحسين إلى رمز لـ(المظلومين) و( المضطهدين). فمهما حاولت أن تستثير عقلة ليفكر تفكيراً منطقياً فيقتنع بأن الحسين t لم يضطهده أحد. بل عاش عيشة الأمراء، ومات ميتة الكرماء. أما أنه قتل، فقد قتل في ميدان معركة سعى إليها بقدمه، كما قتل ويقتل الملايين. ومنهم من هو أشنع قِتلة واكثر عذابا وألما. أقول: مهما حاولت فربما لا تفلح معه لأن نداء عاطفته المعقدة أقوى من منبهات عقله المخدر المقيد بقيود لن يستطيع معها أن يكتشف حتى الموت أن (المقتل) أسطورة أصلها صفحة واحدة كثّرها المتاجرون حتى صارت رواية تقرأ! و.. مسرحية تمثل!
أسطورة اضطهاد (الأئمة)
وبسبب هذه العقدة يعتقد الرافضي أن (أئمته) جميعا عاشوا مضطهدين، وماتوا جميعا ميتة ليست طبيعية ما بين مسموم ومقتول ومخنوق وهارب من وجه العدالة مختف في
الكهوف والسراديب! مع أن الحقيقة الواقعة والمسيرة التاريخية غير ذلك!
لقد عاش علي t حياته وزيرا ومات خليفة وأميراً. وكذلك سيدنا الحسن t . ولطالما ذهب هو وأخوه سيدنا الحسين إلى دمشق معززين مكرمين ورجعا إلى المدينة بالهدايا والهبات. أما ان الحسين قتل فقد قتل – كما قلت - بسبب خروجه على خليفة المسلمين في معركة سعى إليها بنفسه. وتلك نهاية طبيعية لكل خارج لم يُعِدَّ للأمر عدته. وكل سلطان لا يرضى من أحد منازعته مهما كانت منزلته. وليس في ذلك اضطهاد، فما كل قتيل مضطهد.
وأما السبي فأسطورة مختلقة. وليس بين المسلمين سبي، إنما ذلك للكافرين.
وعاش علي بن الحسين في المدينة بحرية تامة، وكان أحد فقهائها الذين يتحلق حولهم طلبة العلم دون تضييق. وكذلك كان ابنه محمد وحفيده جعفر الذي لقبه الخليفة أبو جعفر المنصور بـ(الصادق) حين وشي به إليه فاستقدمه فأنكر فقال له: أنت (الصادق) وهم الكاذبون. ثم أكرمه ورده معززا مكرما.
وما يحصل من المتابعة والمساءلة والاستقدام فأمر طبيعي لا ينكر وقوعه؛ لأنه يحصل بأسباب موضوعية ليست خاصة ولا مقصودة. إذ الزمان زمان فتنة وخروج متكرر بسبب العجم الذين يبحثون لهم عن رموز علوية أو هاشمية للتمرد والثورة وكثيراً ما يفلحون في استزلال هذه الرموز كما حصل مع زيد بن علي وابنه يحيى وعبد الله بن الحسن وأبنائه الأربعة. وغيرهم كثير. ومن الطبيعي أن يثير هذا توجساً دائمياً لدى الخليفة لا سيما من الرموز العلوية التي كثر الخروج من أوساطها.
ويحدث أحيانا أن يرسل إلى من تحوم حوله الشبهة منهم وتكتب عنه التقارير ليحقق معه ثم يفرج عنه بعد أن تثبت براءته، أو يأخذ العهد عليه بعدم الخروج وإثارة الفتنة. وقد تكون التقارير مزورة أو مضخمة أو صحيحة. كما حصل لموسى بن جعفر وقد كاد له البرامكة منذ زمن المهدي والد الرشيد فلم يفلحوا، واكثروا من الوشاية به حتى إنهم استطاعوا أن يستعملوا ابن أخيه محمد بن إسماعيل – حسب رواية الأصفهاني - في التجسس عليه فكتب عنه تقريراً مفصلاً مفاده أن لموسى اتباعا يكاتبهم ويكاتبونه ويجبون إليه الأموال من الآفاق فاعتقله الرشيد تحوطا وأوصى به إلى الفضل بن يحيى البرمكي وأوصاه بالإحسان إليه لكنه استغل غياب الرشيد وسفره إلى
الشام فدس إليه الفارسي السندي بن شاهك فاغتاله( ).
وليس في الأمر - كما ترى - اضطهاد. وما حدث لموسى يحدث لغيره كثيراً. هذا هو الاستثناء الوحيد وهذه ملابساته! وأما البقية فلم يحدث لهم ما يسوءهم ، أو ينغص عليهم رغد عيشهم. لقد كان علي بن موسى – كما يحدثنا التاريخ - وأحفاده من بعده على وفاق تام مع البيت العباسي الحاكم. فلقد اسند إليه المأمون ولاية العهد، وزوجه ابنته، وعاش معه عيشه الوزراء حتى مات بقدر الله على فراشه فقال المعقدون: مات مسموما بيد المأمون!
وتزوج ابنه محمد ابنة المأمون الأخرى؛ فهو صهر الخليفة ! هل هناك أنعم وأهدأ بالاً من صهر الخليفة؟! فأين هو الاضطهاد ! قوم يعيشون في قصور الخلفاء وينكحون بناتهم ويتقلبون في نعمتهم ظهرا لبطن، وبطناً لظهر قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم!
اللهم نسألك (اضطهاداً) كهذا (الاضطهاد)!
واستمرت العلاقة حسنة بين البيتين حتى مات الحسن العسكري الذي عاش في سامراء مترفا تحوطه الجواري، وتطوف عليه السراري وتجبى إليه الأموال في أحسن حال وأنعم بال وأوفر نوال. ولما كان الحسن عقيما فلم يخلف عقبا وورثه أمه وأخوه اخترع له المعقدون ولداً وللولد اسماً وقصة! تقول العصفورة: إن (محمد) بن الحسن الطفل الصغير اختفى في سرداب في سامراء خوفا على نفسه من الخليفة! ولا بد لك من أن تصدق أن الخليفة قد خاف طفلا؛ فهو يسعى في طلبه وقتله. بينما هو يترك أباه الرجل القوي الغني الرمز يسرح ويمرح لم يتعرض له بسوء قط! وإلا فإنك من (أعداء أهل البيت وظالميهم).
مقارنة مع الأئمة الأربعة
لو أجرينا مقارنة سريعة بين (الأئمة الأحد عشر) ، والأئمة الأربعة لوجدنا الفارق
كبيرا بينهما من حيث التعرض للأذى والمضايقات، أو ما يمكن أن يطلق عليه اسم (الاضطهاد).
لقد تعرض الأئمة الأربعة لمضايقات كثيرة وحبس بعضهم وضرب واختفى وضربت عليه الإقامة الجبرية. كل ذلك لأسباب موضوعية لا علاقة لها كثيراً بالاضطهاد: فالإمام أبو حنيفة حبس مرات حتى قيل: إنه مات في الحبس! والإمام مالك ضرب حتى قيل: سقطت أو خلعت يداه! والإمام الشافعي جيء به مكبلاً من اليمن إلى بغداد. وأما الإمام ابن حنبل فمحنته أشهر من أن تذكر! ولقد ضيق عليه وحرم من الاتصال بالناس قرابة ثلاثين عاماً! هذا عدا ما تعرض له غير الأئمة الأربعة من حيف واضطهاد. كالإمام البخاري. والتفتازاني. وشيخ الإسلام ابن تيمية الذي طورد وشرد ونفي وأوذي وسجن مرات حتى مات أخيراً في السجن! ناهيك عن المتأخرين منهم كسيد قطب وغيره من قوافل المعتقلين وشهداء الدعوة الإسلامية وأبطالها الذين عذبوا وأُذوا في سبيل الله وقتلوا وهم على ذلك.
فإذا كان الرافضة و(أئمتهم) مضطهدين، فماذا نقول نحن؟!
لا نقول شيئاً! لأننا – ولله الحمد - رزقنا السلامة من أمراض الفرس وعقدهم.
الشيعي كاليهودي مخرب أينما حل
إن هذه العقدة وراء الشخصية العدائية والتخريبية أو الانتقامية لدى الشيعي. فهو يسرق ويؤذي ويخرج على القانون إلى حد القتل والاغتيال والتفجير. فإذا عوقب طبقا إلى القانون ضج بالعويل والصراخ: أنا مظلوم أنا مضطهد! ومهما خرب وآذى واعتدى فهو بذلك ينتقم لنفسه (المضطهدة) ويسترد بعض حقها المسلوب حتى صار الخروج على القانون حقا من حقوق الشعوبي أو الرافضي.
يدعم هذا ويسنده نفسيته المعقدة المريضة والمصابة بعقد أخرى مثل عقدة (السيد). فالسيد لا يشعر بظلمه أو اعتدائه على عبده لأنه مُلك له يفعل به ما يشاء. لهذا فمهما أحسنت الدولة أو الآخرون إليهم فلن يعتبروه إحسانا، وإنما واجبا يؤدى تجاههم بلا جزاء ولا شكور.
وللأسباب نفسها يسبون رموزنا وصحابة نبينا r ويبغضونهم ثم يرمون بالتهمة علينا يقولون: إنكم تبغضون علياً وذريته! في الوقت الذي يشرّحون فيه أئمتنا وعلماءنا تشريحا منكراً دون أن يحسوا بأنهم يسيئون إلينا بذلك! وفي المقابل يتحسسون تحسساً شديداً من الإشارة إلى أن علياً – مثلاً - أخطأ في كذا، وإن شفع القائل قوله بعبارة (رضي الله عنه) أو (كرم الله وجهه) أو حتى (عليه السلام). إن هذه اللواحق لن تحسب لقائلها ولا تصلح دليلاً على صدقه في حبه لعلي لأن عقدة الشك تصور مبعثها بصورة الملق والنقاق. وعقدة الاستعلاء والسيد تجعلها واجباً لا شكر عليه. وعقدة الاضطهاد والكراهية وبقية العقد ستمسح كل أثر لها ثم تكر على تلك الكلمة (أخطأ علي) فتضخمها لتجعل منها كفرا وجحودا وحقدا واضطهاداً لأهل البيت يجب أن يواجه بما يناسبه بل يزيد عليه من الاعتداء والانتقام!
كان أحد هؤلاء المعقدين يتحدثون في مجلس عن كرامات جـذع نخلة في الحلة ،
وكيف أن الشفلات وآلات القطع والقلع عجزت عن اجتثاثه أو قطعه فتركوه على حاله وحولوا الطريق إلى جانبه! فقال له صديق لي: أجرة الشفل واللوري عليَّ والدلالة عليك وأنا أتعهد لك بقلعه من جذوره ومن هذه اللحظة! يقول صديقي: فالتفت إلي مبهوتا ثم دقق النظر محدقاً في وجهي.. وبعد برهة قال باشمئزاز: إلا تخبروني ما هو سر عداوتكم لأهل البيت؟!!
ملحق في المشاركة الشيعية في الأجهزة الرسمية لدولة البعث
تحت عنوان ( الدور الشيعي في حكومة حزب البعث) كتب محمد البغدادي على موقع "الرابطة العراقية" بتاريخ 25 – 3 - 2005 ما يلي:
• اول وزير دفاع شيعي في العراق تم في زمن البعث هو الفريق أول الركن سعدي طعمة الجبوري.
• تعيين أول رئيس اركان للجيش العراقي من الشيعة تم في زمن البعث هو الفريق الركن عبد الواحد شنان آل رباط.
• أطول مدة قضاها في المنصب كوزير خارجية للعراق كان من الشيعة، وقد تم ذلك في زمن البعث وهو الدكتور سعدون حمادي، ثم تولى الوزارة طيلة التسعينات محمد سعيد الصحاف، وهو شيعي ايضا.
• أطول مدة قضاها في المنصب كوزير نفط في زمن البعث في العراق كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي.
• أول مرة في تاريخ العراق يستحود الشيعة على منصب وزير النفط ويتناوبون عليه وكان ذلك في زمن البعث والوزراء هم الدكتور سعدون حمادي و قاسم احمد تقي وعصام الجلبي (ابن عم احمد الجلبي)، وبذلك يعتبر الوزراء الشيعة هم اكثر من شغل هذا المنصب في تاريخ العراق وفي زمن البعث وليس غيره.
• أكثر فترة تولى فيها الشيعة منصب محافظ البنك المركزي العراقي كان ذلك في زمن البعث وهم الدكتور عبد الحسن زلزلة وطارق التكمه جي وهذا ما لم يحصل في اي عهد سابق.
• لاول مرة في تاريخ دولة العراق يتولى فيها شخص شيعي منصب مدير الامن العامة وهي في زمن البعث وكان ذلك الشخص هو ناظم كزار وكان معاونه هو علي رضا باوة (شيعي فيلي).
• المسؤول الاول عن التحقيقات الجنائية للمنتمين الى حزب الدعوة كان من الشيعة وهو عقيد الامن علي الخاقاني، وهو من اهالي النجف.
• تولى رئاسة محمكة الثورة التي اختصت بالنظر في قضايا التآمر، شيعيان هما هادي علي وتوت ومسلم الجبوري.
• لاول مرة في تاريخ العراق تناوب اثنان من الشيعة على رئاسة الوزارة وذلك في زمن البعث هما الدكتور سعدون حمادي ومحمد حمزة الزبيدي.
• أطول فترة قضاها رئيسا للمجلس الوطني العراقي كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي.
• شركة النفط الوطنية المسؤولة عن انتاج وتصدير النفط العراقي ترأسها اربعة من الشيعة ولاطول مدة وهم عبدالامير الانباري وفاضل الجلبي (ابن عم احمد الجلبي) ورمزي سلمان.
• أكثر من 60 بالمائة من المدراء العامين في هيئة التصنيع العسكري كانوا من الشيعة واكثر من سبعين في المائة من الكادر الهندسي والفني المتقدم فيها هم من الشيعة.
• معظم خبراء وعلماء منظمة الطاقة الذرية كانوا من الشيعة من بينهم جعفر ضياء جعفر وحسين اسماعيل البهادلي وحسين الشهرستاني.
• نائب رئيس هيئة التصنيع العسكري للشؤون الفنية هو الدكتور نزار القصير وهو اهم شخص في هذه الهيئة كونه المسؤول عن كل مشاريع تطويرالانتاج فيها، وكان من الشيعة أيضاً.
• أكثر من ستين بالمائة من المدراء العاميين في الدولة العراقية وكوادرها الفنية والتقنية والعلمية الذين يشغلون المناصب والمسؤوليات المتقدمة فيها هم من الشيعة.
• أطول فترة قضى فيها شخص عراقي في منصب مدير عام في الدولة العراقية منذ تأسيها وحتى الغزو كان من الشيعة هو مدحت الهاشمي مدير عام الشركة العامة للسيارت.
• جميع المدراء العاميين لدوائر التربية في المحافظات العراقية في وسط وجنوب العراق كانوا من الشيعة طيلة فترة حكم البعث.
• إن اكثر من ستين بالمائة من البعثيين هم من الشيعة وكان الكادر الوسطي في البعث يتألف من اكثر من سبعين بالمائة من الشيعة وهم اساس بنية الحزب التنظيمية والتكوينة وهم من تولى العمل الجماهيري والتتنظيمي فيه.
• إبان الحرب العراقية الايرانية ، كان قائد صنف المدفعية هو اللواء الركن حامد
الورد ـ شيعي ، وقائد صنف الدروع هو اللواء الركن صبيح عمران الطرفة ـ شيعي، وامين السر العام لوزارة الدفاع (اي الشخص الثاني بعد وزير الدفاع) هو اللواء الركن سعد المالكي، شيعي، ثم لاحقا اللواء الركن جياد الامارة ـ شيعي، وقائد الفيلق الثالث هو الفريق الركن سعدي طعمة الجبوري، شيعي، ومدير دائرة التوجية السياسي عبد الجبار محسن اللامي، شيعي، ناهيك عن عدد كبير من قادة الفيالق وامراء الالوية وكبار ضبط الجيش والمستشارين العسكريين هم من الشيعة.
• المندوبون الدائميون للعراق في الامم المتحدة خلال حكم البعث كان عددهم عشرة اشخاص توالوا على هذا المنصب منهم اربعة شيعة هم:
1. طالب شبيب
2. عبدالامير الانباري وقد امضى اطول مدة في المنصب وتولاه مرتين
3. محمد صادق المشاط
4. سعيد الموسوي
كما تولى المنصب شخص واحد كردي هو عصمت كتاني، وكذلك شخص واحد فيلي هو عبد الكريم الشيخلي. اما السنه الذين تولوا هذا المنصب فهم:
1. عدنان الباجه جي
2. صلاح عمر العلي
3. نزار حمدون
4. محمد الدوري
• مندوبو العراق في اليونسكو هما اثنان من الشيعة:
1. عزيز الحاج شيعي فيلي
2. عبدلامير الانباري شيعي
• آخررئيس تحرير لجريدة الثورة الناطقة بحزب البعث هو سامي مهدي ، شيعي من تبعية ايرانية.
• المستشار الاعلامي لصدام حسين، شيعي وهو عبد الجبار محسن.
• مستشار صدام للشؤون الحزبية شيعي وهو محسن راضي سلمان.
• مرافق صدام طيلة فترة السبعينات والثمانينيات وحتى بداية التسعينيات هو صباح
مرزة محمود وهو كردي فيلي وشيعي.
• غالبية المطربين والملحنين وشعراء الاغنية الذين تغنوا للبعث وبحب صدام في زمن البعث كانوا من الشيعة.
• غالبية الشعراء الشعبيين الذين كتبوا قصائدا للبعث ولصدام في زمن البعث كانوا من الشيعة.
ومن البعثيين الذين تعاونوا مع اجهزة المخابرات الاميركية في الحرب على العراق ما يلي:
• اياد علاوي، شيعي ـ عضو شعبة
• طاهر البكاء، شيعي ـ عضو شعبة
• راسم العوادي، شيعي ـ عضو فرع
• حازم الشعلان، شيعي ـ عضو قاعدة
• داود البصري، شيعي، يكتب في الصحافة، كان نصير متقدم في منظمة السفارة العراقية في الكويت.
• زهير كاظم عبود، شيعي ـ عضو فرقة• منذر الفضل، شيعي ـ عضو فرقة
• العميد سعد العبيدي، شيعي ـ عضو شعبة
• العميد توفيق الياسري، شيعي ـ عضو شعبة
• فالح حسون الدراجي، شيعي ـ مؤلف اغاني ، عضو عامل
• هاشم العقابي، شاعر، شيعي ـ عضو عامل في تنظيمات فرع صدام
• حسن العلوي، صحفي، شيعي ـ عضو فرقة (قلت: كان العلوي السكرتير الصحفي المرافق لصدام حسين، ومدير تحرير مجلة "ألف باء" الرسمية. وقد صرح في يوم 10/9/2006 من خلال قناة "الحرة ـ العراق" فقال: (المحيطون بصدام من الصحفيين كلهم شيعة. لم يكن صدام يفكر بمسألة سنة وشيعة).
• أمير الحلو صحفي ومدير عام في وزارة الاعلام ، عضو فرقة (فرقة المثنى ـ منطقة زيونة في بغداد)
• عبد الكريم المحمداوي، رئيس عرفاء هارب من الخدمة في الجيش العراقي، شيعي، نصير متقدم في تنظيمات شعبة الرافدين العسكرية فرع ذي قار العسكري.
وعلى الموقع نفسه - وبتأريخ 7/1/2007 - أضاف الكاتب نفسه أن كبار رجال
الدين الشيعة في بغداد وكربلاء والنجف والبصرة – ومن بينهم السيستاني، ومحمد صادق الصدر - وسدنة مراقد علي والحسين والعباس والكاظم، كانوا يمنحون – أسوة بالوزراء والمدراء العامين وكبار المسؤولين في الدولة – سيارات شخصية راقية من الدولة، وذلك كل سنتين. كما كانوا يستلمون المخصصات المالية الخاصة نفسها التي تمنح للمسؤولين لتعزيز قدراتهم على الإنفاق. ويقول: سأبقى شاهداً ما حييت على إصدار أوامر منح سيارات المرسيدس من السرية النقلية للقصر الجمهوري للكثير منهم.
كما ذكر بعضاً من أعضاء القيادة القطرية الشيعة – ولم يذكر الكل – وهم:
• جعفر قاسم حمود
• عدنان حسين الحمداني
• نعيم حداد
• حمد حمزة الزبيدي
• حسن علي العامري
• سعدون شاكر
• عزيز صالح النومان
• مزبان خضر هادي... وآخرون.
ومع كل هذا يتباكى الشيعة، ويولولون مرددين: (مظلومين.. مضطهدين..)!! ولك أن تقارن هذا الانسياح الكبير في أجهزة الدولة السابقة، مع ما فعلوه بأهل السنة من تهميش وإقصاء، وإخلاء لهم من جميع دوائر الدولة، ومرافقها الحيوية. وبكل الأساليب الممكنة: القانونية وغير القانونية!