عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-09, 06:19 PM   رقم المشاركة : 6
ضماري
عضو







ضماري غير متصل

ضماري is on a distinguished road


شبهة:

قالوا ان الأنبياء والشهداء والأولياء أحياء في قبورهم يسمعون كلامنا ويجيبون دعاءنا.
جواب :
ان حياة الأنبياء والشهداء في قبورهم حق وصدق دل عليه الكتاب والسنة.قال تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون .فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون.يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ).
وقال صلى الله عليه واله وسلم (الأنبياء أحياء في قبورهم )وقال(ان من أفضل أيامكم يوم الجمعة ,فيه خلق ادم ,وفيه قبض ,وفيه النفخة ,وفيه الصعقة ,فأكثروا علي الصلاة فيه فان صلاتكم معروضة علي ,قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ,قال: ان الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء ).وقال (ان لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ),وقال (ما من أحد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ).
والجواب عن الاستدلال بهذه الأدلة من وجوه :

الوجه الأول :
أن الله تعالى أخبرنا أنهم أحياء عند ربهم يرزقون وينعمون ولم يأمرنا بدعائهم والتوجه اليهم فلا يلزم من حياتهم عند ربهم أن نتوجه اليهم لقضاء الحاجات وكشف الكربات ,وانما أخبرنا بما لهم وماهم فيه من الحبرة والسرور لنقتدي بهم ونسلك طريقهم .
والذي أخبرنا بحالهم هو الذي أمرنا باخلاص الدعاء له ونهانا أن ندعوا معه غيره سبحانه وتعالى .فنؤمن بهذا ونؤمن بهذا كل من عند ربنا .قال تعالى (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله . والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا أولوا الألباب .ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب .ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ان الله لا يخلف الميعاد).وقال تعالى (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب .وما الله بغافل عما تعملون ).
الوجه الثاني:
أن هذه الحياة التي يحيونها حياة برزخية تختلف عن ما قبلها من الحياة الدنيا كما تختلف عن ما بعدها من الحياة الاخرة ,وهي غيب لا يعلم كنهها الا الله ,وأما الانسان فلا يدرك حقيقتها الابعد وفاته ,فلا تقاس هذه الحياة البرزخية على حياتنا الدنيا ولا تخضع لقوانينها .
فالموتى بالنسبة لهذه الدار الدنيا أموات غير أحياء منتقلون منها منقطعون عنها وهم عند ربهم أحياء حياة لا نشعر بها ولا نعلم حقيقتها ,قال تعالى (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون )وقال تعال لنبيه (انك ميت وانهم ميتون )وقال (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون .كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنةوالينا ترجعون ).


الوجه الثالث:
قد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على أن الأنبياء فضلا عن من دونهم غائبون عن هذه الدار لا يعلمون من أخبارها الا ما أخبروا به قال تعالى عن عيسى عليه السلام (واذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك انك أنت علام الغيوب .ما قلت لهم الا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد).
وقال صلى الله عليه واله في حديث الحوض (ان أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء وأنا فرطهم على الحوض .ألا ليذادن رجال من أمتي عن الحوض فأناديهم هلم هلم فيقال انهم قد أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا)وفي رواية (انك لا تدري ما أحدثوا بعدك ).
فقول عيسى عليه السلام (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد )وقول الملائكة لنبينا صلى الله عليه واله (انك لا تدري ما أحدثوا بعدك )دليل على أنهما كانا غائبين عن أتباعهما غير مطلعين عليهم ولا حاضرين معهم .
ومما يدل على ذلك عرض الصلاة والسلام عليه, وقوله (ان لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ) وقال (ما من أحد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام )ولو كانت روحه حاضرة أو مطلعة لما احتاج الى رد روحه وتبليغ الملائكة .
الوجه الرابع:
أن الأصل عدم سماع الموتى للأحياء الافي حالات خاصة قد دل عليها الدليل ,وهذه الحالات تؤكد هذا الأصل ولا تنقضه ,لأنه لو كان الأصل سماعهم لما كان هناك حاجة لذكر هذه الحالات ,وانما ذكرت لخروجها باذن الله عن الأصل الذي تقرر في كتاب الله تعالى .
قال تعالى (وما يستوي الأعمى والبصير . ولا الظلمات ولا النور .ولا الظل ولا الحرور .وما يستوي الأحياء ولا الأموات .ان الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور .ان أنت الا نذير ).وقال تعالى (فانك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين ).وقال تعالى (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى .ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير .ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير .يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد ).
وقد ذكرت حالات يسمع فيها الميت سماعا مقيدا محدودا لا يقاس عليه, لأن الأمور الغيبية لا يعلم كنهها الا الله فلا يصح القياس عليها .فقد ورد في الحديث (ان العبد اذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه انه ليسمع قرع نعالهم )فمعلوم في السنة أن هذا الوقت ترد فيه الروح في الجسد للاختبار بسؤال الملكين ثبتنا الله واياكم وجميع المسلمين بالقول الثابت .وهذا سماع مقيد محدود قريب فأين هو ممن يدعي سماع الميت سماعا مطلقا للقريب والبعيد للسر والعلن في أي وقت شاء ,بل يعتقد البعض في بعض الموتى أنه يسمع في وقت واحدمناجات الملايين على اختلاف لغاتهم ولهجاتهم وحاجاته وهل يليق هذا الوصف الا بالله جل شأنه .ومن ادعى في أي ميت هذا النوع من السماع فعليه الدليل المطابق للدعوى .
وفي حديث قتلى غزوة بدر من المشركين عندما خاطبهم النبي صلى الله عليه واله فقال :يا فلان ويا فلان ويا فلان هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فاني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فقال له أصحابه :يا رسول الله كيف يسمعون وأنى يجيبون وقد جيفوا ؟قال (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ).
فتعجبهم من مخاطبة الموتى دليل على أنه خلاف الأصل المتقرر عندهم أن الموتى لا يسمعون .وجواب النبي صلى الله عليه واله يدل على خصوصية هذه الحالة به فقال (ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) , ولم يقل :لما يقال لهم .
وغير هذه الاثار مثلها في التقييد والخصوصية والا لوكان الميت يسمع كل ما يقال له لما احتاج الى ذكرهذه الحالات .فعلم من ذلك أن هذه الحالات تؤكد الأصل السابق وتؤيده.


الوجه الخامس :
هؤلاء الشهداء في زمن النبي صلى الله عليه واله ومنهم شهداء أحد وأحبهم اليه عمه حمزة أسد الله, ومن الشهداء حبه وابن عمه جعفر الطيار ,ومن قبلهم الأنبياء عليهم السلام معروف فضلهم ومكانهم ومعروفة قبور كثير منهم,لم يثبت أن النبي صلى الله عليه واله أمر أحدا من أصحابه أن يدعوهم أويستغيث بهم ولم يفعله أحد من أصحابه وعلى راسهم أهل بيته عليهم السلام لا في حياته ولا بعد مماته,بل الثايت أنهم كانوا يزورونهم للدعاء والاستغفار لهم فالذي يحتاج أن يدعوا له الأحياء كيف يحتاج الأحياء أن يدعوه ويستغيثوا به ,والله الغني الرحيم اللطيف بعباده قد فتح أبوابه للسائلين من غير وسائط ودعاهم لسؤاله ووعدهم بالاجابة فقال (واذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )وأمرهم باخلا ص الدعاء له فقال (فادعوا الله مخلصين له الدين )وقال (وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )وأنكر على من أشرك به في دعائه فقال (فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون )فهؤلاء يخلصون في الدعاء حينا ويشركون حينا اخر .
وأما الاستدلال بقوله تعالى (ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما )فالجواب:أن هذه الايةوردت في قوم معينين من المنافقين في زمن النبي صلى الله عليه واله دعوا الى حكم الله وحكم رسوله فأعرضوا واحتكموا الى الطاغوت ,فظلموا أنفسهم ولم يجيئوا تائبين ليستغفر لهم رسول الله صلى الله عليه واله,ومن قرأالايات التي قبلها اتضح له المعنى المطابق.
قال تعالى (ألم تر الى الذين يزعمون أنهم امنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا .واذا قيل لهم تعالوا الى ما أنزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا .فكيف اذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله ان أردنا الا احسانا وتوفيقا .أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا .وما أرسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما )
وليس في الاية لفظ عام حتى يقال ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ,بل الألفاظ الدالة الواقعة في هذه الاية كلها ضمائر ,والضمائر لا عموم لها.
ثم ان أعلم هذه الأمة بالقران ومعانيه وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وفي مقدمتهم ال بيته عليهم السلام لم يفهم أحدمنهم من هذه الاية الا المجيء اليه في حياته ليستغفر لهم ,فلما استأثر الله عز وجل بنبيه ونقله من بين أظهرهم الى دار كرامته لم يكن أحد منهم يأتي الى قبره ويقول :يا رسول الله فعلت كذا وكذا فاستغفر لي .فهل عطل أولئك الأخيار الأبرار وهم خير القرون على الاطلاق عطلوا هذا الواجب الذي ذم الله سبحانه التخلف عنه وجعله من أمارات النفاق؟
ومما يدل على بطلان هذا الاستدلال قطعا ,أنه لا يشك مسلم أن من دعي الى رسول الله صلى الله عليه واله في حياته وقد ظلم نفسه ليستغفر له فأعرض عن المجيء مع قدرته عليه كان مذموما غاية الذم مغموصا بالنفاق وليس كذلك من دعي الى قبره ,ومن سوى بين الأمرين فقد جاهر بالباطل ,فلم يقل أحد ممن يعتد به ان من الواجب على من ظلم نفسه أن يذهب الى قبر النبي صلى الله عليه واله ويسأله أن يستغفر له ,والاية تدل على الوجوب (وما أرسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما).وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه واله أصحابه أن يطلبوا من أويس القرني التابعي وأين منزلته من منزلة رسول الله صلى الله عليه واله ,ففي الحديث (ان خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به برص فمروه فليستغفر لكم )وفي رواية (يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه الا موضع درهم ,له والدة هو بها بر ,لو أقسم على الله لأبره ,فان استطعت أن يستغفر لك فافعل ).
وهذا دليل واضح على أن الفرق هو تغير نوع الحياة وقدرة الحي على الدعاء للمعين بخلاف من حياته برزخية ,فاذا كان هذا في حق الرسول صلى الله عليه واله وهو أحسن حالا وأعظم جاها على الاطلاق فكيف بمن يطلب الدعاء ممن دونه .



شبهة:
يستدلون بقوله تعالى (قال ياأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين) على جواز طلب ما لا يقدر عليه الا الله من المخلوق .
الجواب:
1-ان سليمان عندما طلب من الملأ الذين معه كان فيهم الجن والشياطين ,وهم اتاهم الله تعالى قدرة يستطيعون احضار مثل هذا وقد سخرهم الله له فهو قد طلب منهم ما يقدرون عليه .
2-ان سليمان ليس داعيا بل هو امر لأنه ملك يأمر رعيته بما يقدرون عليه.



شبهة :
احتجوا بقوله تعالى (فاستغاثه الذي من شيعته )على جواز الا ستغاثة بالأموات والغائبين كما احتجوا أيضا بالأحاديث الواردة في مطلق الاستغاثه والاعانة مثل ما ورد في حديث الشفاعة الكبرى وقصة هاجر :أغث ان كان عندك غوث وما قال جبريل لابراهيم لما ألقي في النار :ألك حاجة .
جواب :
الاستغاثة في الشرع والعقل على نوعين مختلفين في الدافع اليها والأثر المترتب عليها ولا يمكن قياس أحدهما على الاخر في الحكم . فالفرق في حال المستغيث والمستغاث فيه والمستغاث به .
النوع الأول:الاستغاثة الجائزة وهي الاستغاثة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه مثله وهي ما كان من الأسباب الظاهرة العادية من الأمور الحسية المباحة التي لم يرد النهي عنها في الشرع .
النوع الثاني :الاستغاثة الممنوعة ,وهي الاستغاثةبالمخلوق في الأمور التي اختص الله بها كهداية القلوب ومغفرة الذنوب والفوز بالجنة والنجاة من النار ونزول الأرزاق وتفريج الهموم وتنفيس الكروب وغيرها .
وقد دل الشرع والعقل على الفرق بين من يطلب الدواء المناسب للمرض من باب العمل بالأسباب الحسية المباحة التي أمر الشرع بها وجعلها من تمام التوكل على الله مع تعلق القلب بالله وبين من يطلب الشفاء الذي اختص الله به من المخلوق (واذا مرضت فهو يشفين ).وبين من يسعى في طلب الرزق ويبذل الأسباب الممكنة المباحة وبين من يسأل المخلوق تحقق الرزق وانزاله الذي اختص الله به (ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين ).
فالأول سعي في الأسباب التي جعلها الله قدرا وشرعا مع تعلق القلب بالله.فالقلب ممتلئ بالثقة بالله والافتقار اليه والذل له والجوارح ممتثله بالسعي في الأسباب المباحة التي جعلها الله ,فالعبودية خالصة لله في القلب والجوارح.
وأما الثاني فسؤاله وطلبه غاية في السؤال والطلب ,وفي ذلك من الذل واظهار الفاقة والعبودية ما لا ينبغي أن يكون لمخلوق أو يقصد به غير الله.


وأماسؤال الميت فان كان فيما يقدر عليه الحي ويباشره فهو قدح في العقل وان كان في الأمور التي اختص الله بتدبيرها فهو قدح في العقل والتوحيد .
فمن سأل ميتا أن يسقيه كأسا من الماء أويحمل له متاعا اتهم في عقله ,ومن سأل ميتا أن يرزقه ولدا أويشفيه من مرض فقد أخل بافراد الله بالتدبير وافراده بالعبادة,فانه ماسأل الميت الا لاعتقاده بأن له تأثيرا في تدبير الخلق اما على وجه الاستقلال أوالمشاركة أوالاعانة والتفويض أوالشفاعة المطلقة لمن يشاء عندما يشاء كيفما يشاء وكلها قد نفاها الله ولم يثبتها لأحد من خلقه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل قال تعالى (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير.ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن أذن له حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ).
وبهذا يتبين أن المنع ليس من مطلق الاستغاثة والاستعانة والطلب بل يختلف الحكم فيها باختلاف الطالب والمطلوب ونوع الطلب فلا يعني اشتراكهم في اللفظ اشتراكهم في المعنى والحكم .
وهذا مثل الكسب للمال ,فمطلق الكسب مباح شرعا وعقلا وأما نوعه فيختلف باختلاف المال وطريقة الكسب ,فان كان عن طريق البيع الصحيح أو الارث الشرعي أوغيرهما من الأسباب المباحة فهو مباح وان كان عن طريق السرقة أو الربا أوغيرهما من الطرق المحرمة شرعا فهو حرام فاختلف الحكم رغم الاشتراك في لفظ المال والكسب


شبهة:
قال تعالى (لهم ما يشاءون عند ربهم )استدل بعضهم بهذه الاية على جواز دعاء الأولياء في قبورهم لأن الأولياء اذا أرادوا شيئا وطلبوه فلا بد أن يحصل ويتحقق فاذا كان الأمر كذلك فاذا دعاهم أحد فانهم يشاءون له الاجابة.
جواب:
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
1-يلزم على تفسير الاية بقول هؤلاء الذين فسروها بالمشيئة المطلقة للأولياء أن الأولياء في قبورهم لهم التصرف المطلق في الكون فهم لا يشاءون شيئا الا كان ,ولا يقول بهذا مسلم لأن المشيئة المطلقة من خصائص الله.
2-ان الايةليست في الأولياء فقط بل تشمل جميع المؤمنين كما يدل عليه أول الاية ,قال تعالى (والذين امنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير)فيلزم على قولهم أن كل المؤمنين لهم المشيئة المطلقة في القبور ويتصرفون في الاجابة فيجوز دعاءهم لقضاء الحاجات وتفريج الكربات,وهؤلاء يخصون الدعاء بالأولياء فقط ولا يقولون بذلك في عامة المؤمنين.
3- دلت الأدلة النقلية والعقلية أن الموتى ليس لهم تصرف في الأمور الدنيويةوليس لمشيئتهم تأثير على ما يجري في الدنيا والالسارت الأحداث في هذه الدنيا على ما يحبون لا على ما يكرهون.




4-لو سلمنا أن المراد من الاية أن لهم المشيئة المطلقة في القبور للزم أنهم يعلمون ما يجري في الدنيا وهذا يخالف النصوص الدالة على خلاف ذلك.
5- سياق الاية يدل على أنها جزاء في الجنة, يدل على ذلك قوله تعالى في الاية (في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ).
6-ان التفسير الصحيح والواضح للاية هو مايدل عليه سياق الاية وتدل عليه ايات أخر مثل هذه الاية تماما وهي واضحة أن هذه المشيئة هي في الجنة وأنهم ما يشاءون ويشتهون شيئا من النعيم في الجنة الا حصل لهم ومن تلك الايات قوله تعالى (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد .هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ . من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب .ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد).وقوله تعالى (قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا .لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا)وقوله تعالى (ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون .يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ).
فيتبين مما سبق أن المراد من الاية ليس مشيئة مطلقة وانما هي مشيئة خاصةبما يشتهونه في الجنة.