عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-20, 12:53 PM   رقم المشاركة : 1
سيد قطب
عضو ماسي






سيد قطب غير متصل

سيد قطب is on a distinguished road


مستجدات الهيمنة والقمع في سوريا

لم يدرك حافظ الأسد يوما أهمّية الاقتصاد والدور الذي كان يمكن لرجال الأعمال السوريين لعبه على صعيد سوريا نفسها والمنطقة كلّها. لم يكن كافيا المحافظة على النظام كي يصبح ممكنا المحافظة على البلد. النظام شيء والبلد شيء آخر. هذا ما لم يدركه حافظ الأسد الذي عرف كيف يطوّع السوريين ويجعل من نفسه شبه إله في بلد متنوّع كان مفترضا أن يكون احد أهمّ بلدان المنطقة بسبب ثرواته الطبيعية من جهة والثروة الإنسانية من جهة أخرى.

برع حافظ الأسد في استغلال نقاط الضعف عند خصومه، مثلما برع في استخدام القمع والقسوة حيث يجب والذهاب إلى أبعد حدود في المرونة متى دعت الحاجة إلى ذلك. هل من مرونة اكبر من تلك التي أظهرها حافظ الأسد، قبيل وفاته، عندما اضطر إلى طرد الكردي التركي عبدالله أوجلان من الأراضي السورية بعدما هدّد الأتراك بأن جيشهم سيدخل الأراضي السورية من حلب ويخرج من الجولان؟

لعب حافظ الأسد كلّ الأوراق التي امتلكها بحنكة. كان وزيرا للدفاع عندما احتلّت إسرائيل الجولان في العام 1967. كوفئ على ذلك، بأن أصبح رئيسا لسوريا في شباط – فبراير 1971 بعد نجاح “الحركة التصحيحية” التي قادها في 16تشرين الثاني – نوفمبر 1970. لم يكتف بالتخلّص من خصومه، بل سجنهم طويلا ولم يطلق أيّا منهم إلّا بعدما تأكّد أنه صار على شفير الموت. هذا ما حصل مع صلاح جديد (توفّي في سجن المزّة) ويوسف زعيّن وغيرهما. كان حافظ الأسد رجلا من دون قلب وراء ضحكة هادئة وأعصاب فولاذية. لعلّ نجاحه الأوّل كان في الإمساك بالطائفة العلوية وسقوط كلّ رهانات خصومه على أنّ في استطاعتهم الرهان على منافس له من داخل الطائفة. جعل من السجين صلاح جديد ومن محمّد عمران الذي أرسل من يغتاله في طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني في العام 1972، أمثولة لكلّ من يريد أن يعتبر.

في مرحلة لاحقة، صار، على من لم يقتنع بعد بأن لا فائدة من الدخول في مواجهة مع حافظ الأسد، أن يتذكّر مدينة حماة وما حلّ بها وبأهلها في العام 1982. لكنّ الإنجاز الأكبر لحافظ الأسد، كان على الصعيد الخارجي. استخدم الفلسطينيين أفضل استخدام كي يحتلّ لبنان ويضع المسيحيين تحت رحمته قبل أن ينتفض هؤلاء مجددا بعد اكتشافهم أنّ حلف الأقلّيات ليس في مصلحتهم، خصوصا أنّه كان عليهم أن يكونوا تابعين للرئيس السوري العلوي في إطار هذا الحلف. بدأ حافظ الأسد عهده اللبناني باغتيال الزعيم الدرزي كمال جنبلاط في العام 1977 عن طريق الضابط العلوي إبراهيم حويجة. كان اغتيال الزعيم الدرزي رسالة إلى كلّ الزعماء اللبنانيين بأنّه صارت لديهم مرجعية في دمشق. من لم يرضخ، جرى تأديبه على طريقة حافظ الأسد. اغتيل بشير الجميّل في 1982 ثم اغتيل رئيس الجمهورية الآخر رينيه معوّض في 1989… أمّا التنكيل بالزعماء السنّة، فحدّث ولا حرج…