[عبد الملك الشافعي]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن خلال دراستي لبعض المسائل الفقهية عند الشيعة الإمامية ، وقفت على بعض الأحكام التي تختص بنبينا صلى الله عليه وسلم دون أمته ، والتي كان من أبرزها هو تحريم زواجه من الكتابية بناءاً على القول بجوازه للأمة عندهم.

والمهم في الموضوع هو بيان علماء الإمامية للعلة من هذا الحكم والتي تتلخص في نقطتين:

1- أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة.
2- أن أزواجه أمهاتٌ للمؤمنين والكتابية كافرةٌ بعيدة عن ذلك.

وإليكم إخواني طائفة من نصوصهم حول ذلك:
1- يقول علامتهم الفاضل الهندي في كتابه ( كشف اللثام ) ( 7 / 35 ) :[ * ( و ) * نكاح * ( الكتابيات ) * على القول بجوازه للأمة ، لأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة ، ولأن أزواجه أمهات المؤمنين . ويمكن فهم التحريمين من قوله : " يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك " الآية ].

2- يقول محققهم علي بن عبد العالي الكركي في كتابه ( جامع المقاصد ) ( 12 / 57 ) :[ ي : نكاح الكتابيات بالعقد ، لأن ذلك لا يليق بمنصبه العلي ، ولأن نساءه صلى الله عليه وآله أمهات المؤمنين ، والكتابية بعيدة عن ذلك ، وهذا إن جوزنا لغيره صلى الله عليه وآله نكاحهن ، وإلا فالتحريم مشترك بينه وبين الأمة ].

3- يقول شيخهم محمد بن محمد رضا القمي المشهدي في تفسيره ( كنز الدقائق وبحر الغرائب ) ( 10 / 418 ) :[ وقيل: معناه : لا تحلّ لك اليهوديّات ولا النّصرانيّات ولا أن تبدّل بهنّ ، أي : ولا أن تتبدّل الكتابيّات بالمسلمات ، لأنّه لا ينبغي أن يكنّ أمّهات المؤمنين ].

4- يؤكد محققهم يوسف البحراني بأن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم قد فُزْنَ بشرف أمومة المؤمنين ، فقال في كتابه ( الحدائق الناضرة ) ( 17 / 346 ) :[ أقول : قد دلت هذه الأخبار وأمثالها على كراهة سكنى مكة ويستنبط منها كراهة ذلك أيضا في سائر الأماكن المشرفة والمشاهد المعظمة ، والوجه في ذلك هو أن شرف المكان كما يقتضي تضاعف أجر الطاعات فيه من حيث شرفه يقتضي أيضا تضاعف جزاء العاصي من حيث هتك حرمته ،
ألا ترى إلى نساء النبي صلى الله عليه وآله لمزيد قربهن منه صلى الله عليه وآله والفوز بشرف أمومة المؤمنين قد ضاعف لهم الأجر بقوله " ومن يقنت منكن لله ورسوله تعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما وقال " لستن كأحد من النساء إن اتقيتن " ثم ضاعف لهم العذاب بالمعاصي فقال " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين " وهكذا يكون الحكم في جميع الأماكن الشريفة والأزمان المنيفة ].

فالحمد لله الذي شرَّف أمنا عائشة بأمومة المؤمنين الذي لا تناله كافرة ..
والحمد لله الذي طهَّر أمنا عائشة من الكفر بزواجها من نبينا صلى الله عليه وسلم لأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة ..

اللهم ثَقِّل بهذا الموضوعي ميزاني الذي كتبته دفاعاً عن أزواج نبينا صلى الله عليه وسلم الطاهرات ، وتبرئتهن من الكفر بعدما تشرفن بالزواج منه صلى الله عليه وسلم وبأمومة المؤمنين بنص كتاب الله تعالى.