عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-19, 03:05 PM   رقم المشاركة : 583
سيد قطب
عضو ماسي






سيد قطب غير متصل

سيد قطب is on a distinguished road


لم يتمكن المدّ الطائفي الذي اجتاح هذا البلد وقاده نظام ولي الفقيه في طهران من اقتلاع الجذور العميقة لعروبة العراق. سبق للخميني أن أعلن خلال عودته من باريس إلى طهران في العام 1979 “لقد جاء الوقت ليقود الفرس العالم الإسلامي”، وهذا يعني جوهر تلك الدعوة القومية التوسعية، ولكنها رغم نبرتها العالية لم تتمكن رغم مرور أربعين عاما من تحقيق هدفها في العراق وتراجعت بسبب صمود شعبه بجميع طوائفه إلى درجة اعتراف السفير الإيراني السابق في سوريا، محمد رضا الشيباني، بهزيمة هذه النظرية في مداخلته قبل أيام بملتقى السليمانية الذي نظمته الجامعة الأميركية في كردستان العراق من خلال قوله إن “بلاده لا تدعم سياسة التمثيل الطائفي، وأن الشيعة في المنطقة أقليّة، وأي صراعات دينية طائفية ليست في صالح الأقليات، وأن إيران لا تدعي تمثيل الشيعة”. لكن هذه الشعارات الدبلوماسية التمويهية التي يتقنها ملالي إيران في هذه الفترة لا تلغي ولا تغطي على حقيقة السياسات والبرامج المنتظمة التي كبلت معصم العراق بقيود العزلة عن عالمه العربي، واستخدمت بعد هيمنتها السياسية على نظام الحكم بعد عام 2005 مختلف الفعاليات لحصر العراق داخل قفص بوابته مفتوحة على إيران فقط.

في سنوات الاحتلال الأولى للعراق كان يوجد تكامل ما بين السياستين الإيرانية والأميركية في النوايا والأهداف مع اختلاف الوسائل والأدوات. فقد سبق للحاكم المدني الأميركي، بول بريمر، أن قال “إننا أنهينا حكم ألف عام للسنة في العراق”، في مخادعة طائفية مقصودة ضد التاريخ العربي الإسلامي في العراق مكملة ومتناسقة مع المواقف والدعوات الإيرانية، كالقول الشهير لمستشار الرئيس حسن روحاني، علي يونسي “إيران اليوم أصبحت إمبراطورية وعاصمتها بغداد”، ومع ذلك فإن خمسة عشر عاما من فرض العزلة على العراق لم تتمكن من إلغاء هويته وهي ليست طويلة في معايير التاريخ رغم تأثيراتها وأضرارها المباشرة على أهل العراق.

سعت إيران إلى وضع عقبات سياسية ولوجيستية لمنع تواصل العراقيين مع أشقائهم باستثمار المزاج العراقي في رفضه للاحتلال الأميركي فأوحت، بذكاء، أن العرب هم الذين سهلوا للقوات الأميركية مهمة دخول العراق في إخفاء متعمد لصفقاتها التي تمت مع واشنطن لتسهيل مهمة تلك القوات في العراق، وحين وجدت أن تلك الورقة الدعائية لم تحقق أهدافها استثمرت ورقة ربط الإرهاب ببعض بلدان الخليج العربي، وما زالت الزعامات العراقية المفتخرة بولائها لنظام ولي الفقيه في طهران تثير الشكوك ضد هذه الأنظمة، كما تعتبر إيران أن أي محاولة للانفلات من هذا القيد وعودة العراق إلى محيطه الطبيعي ستبطل الكثير من برامجها الطائفية الضيقة داخل هذا البلد، خصوصا في الشارع الشيعي الذي تعتقد بأنه مجالها الحيوي رغم الكثير من الأمثلة التي عبر عنها أبناء العراق في الوسط والجنوب عن انتمائهم العروبي، وكذلك بعض الرموز الدينية العراقية التي لم تتردد في التعبير عن هذا الانتماء والتواصل مع بعض البلدان العربية.