عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-08, 04:39 PM   رقم المشاركة : 7
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


الدرس السادس : في بيان حكم النية في الصيام


الحمد لله المطلع على الضمائر والخفيات ، والصلاة والسلام على نبينا القائل " إنما الأعمال بالنيات ، وعلى آله وأصحابه ذوي المناقب والكرامات .. أما بعد :


اعلموا أن النية في الصوم لا بد منها ، وهي شرط لصحته ، كما انها شرط لصحة كل العبادات لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " وذلك بأن يعتقد عند بداية الصوم أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو أنه يصوم نذرا أو كفارة .



ووقت النية لهذا الصوم الواجب بأنواعه من الليل سواء كان من اوله أو وسطه او آخره ، لما روى الدارقطني بإسناده عن عمرة عن عائشة مرفوعا " من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له " [أخرجه الدارقطني في سننه 2/ 172 والبيهقي في سننه الكبرى 4/202] وقال : إسناده كلهم ثقات
وعن ابن عمر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له " وفي لفظ " ومن لم يجمع " أي يعزم " الصيام من الليل فلا صيام له " [أخرجه أحمد في المسند 6 / 287 وأبو داود رقم 2454 والترمذي رقم 730] ولأن جميع النهار يجب فيه الصوم فإذا فات جزء من النهار لم توجد فيه النية لم يصح صوم جميع اليوم لأن النية لا تنعطف على الماضي .


والنية في جميع العبادات محلها القلب ولا يجوز التلفظ بها ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه ولا عن أصحابه أنهم كانوا يقولون : نويت أن أصوم ، نويت أن أصلي وغير ذلك ، فالتلفظ بها بدعة محدثة ، ويكفي في النية الأكل والشرب بنية الصوم .



قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : هو حين يتعشى يتعشى عشاء من يريد الصوم ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان ، وقال أيضا كل من علم أن غدا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى وهو فعل عامة المسلمين .. انتهى .



وأما صوم النفل فإنه يصح بنية من النهار بشرط أن لا يوجد مناف للصوم فيما بين طلوع الفجر ونيته من أكل وغيره ، لقول عائشة رضي الله عنها " دخل على النبي صلى الله عليه ذات يوم فقال " هل عندكم من شيء ؟" فقلنا : لا ، قال " فإني إذاً صائم " رواه الجماعة إلا البخاري ، [أخرجه مسلم رقم 1154]



فدل طلبه للأكل على أنه لم يكن نوى الصيام قبل ذلك ، ودل قوله " فإني إذا صائم " على ابتداء النية من النهار ، فدل على صحة نية صوم النفل من النهار فيكون ذلك مخصصا لحديث " من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له " وما ورد بمعناه بأن ذلك خاص بالفرض دون النفل ، وذلك بشرط أن لا يفعل قبل النية ما يفطره اقتصارا على مقتضى الدليل .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما النفل فيجزئ بنية من النهار كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم " إني إذا صائم " ، والتطوع أوسع من الفرض ، كما أن الصلاة الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان كالقيام والاستقرار على الأرض [بخلاف النفل فإنه يصح على الراحلة ومن الماشي] ما لا يجب في التطوع توسيعا من الله على عباده طرق التطوع ، فإن أنواع التطوعات دائما أوسع من أنواع المفروضات وهذا أوسط الأقوال .. انتهى .

وصحة نية التطوع من النهار مروية عن جماعة من الصحابة منهم معاذ وابن مسعود وحذيفة ، وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وغيرهم .. والله أعلم .



والحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ..