عرض مشاركة واحدة
قديم 18-06-09, 05:31 AM   رقم المشاركة : 2
ديار
موقوف





ديار غير متصل

ديار is on a distinguished road


نقد كتاب الهيروغليفية تفسر القرآن


كتبه علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز

المـــقــــدمـــــة :
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم .
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين .
وبعد :
فهذه وريقات سطرت فيها عرضاً ونقداً لكتاب الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم لمؤلفه سعد عبد المطلب العدل .
هذا الكتاب الذي أحدث جدلاً واسعاً في أوساط بعض المثقفين ونحوهم .
وقد قسمت البحث إلى قسمين :
القسم الأول : عرضت فيه للمحة موجزة عن هذه اللغة ، وتلخيصاً للكتاب ، وتعريفاً بالأحرف السبعة .
أما القسم الثاني : فنقدت فيه الكتاب ، وقيمت ما تضمنه الكتاب من آراء .
هذا والله المسئول أن يمنّ علينا بجوده وإحسانه وكرمه ، وأن يجزي شيخنا الدكتور عادل بن علي الشدي خير ما جزى به شيخاً عن طلابه .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
كتبه :
علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز
القسم الأول : عرض وتعريف
المبحث الأول : تعريف بالهيروغليفية.
هي لغة المصريين القدماء . تأخرت معرفتها بفك رموزها إلى عهد قريب ، حيث عثر (شمبليون) أحد ضباط الحملة الفرنسية على حجر رشيد المكتوب بلغات ثلاث : إحداها الهيروغليفية ، وثانيها اليونانية ، وثالثها القبطية .
ومن خلال المعرفة باللغتين اليونانية والقبطية أمكن فك رموز اللغة الهيروغليفية وقراءة ما سجله المصريون القدماء من نقوش ورسوم على جدران المعابد والهياكل فضلا عن آلاف المخطوطات والبرديات في شتى فروع العلم .
وقد أطلق الإغريق (اليونانيون) اسم " هيروغليفي " على لغة المصريين القدماء . وهي تعني " الكتابة المقدسة " أو " النقش المصري المقدس " .
فك رموزها:
بعد أن أسدل التاريخ الستار عن الحضارة المصرية القديمة ونسي العالم اللغة الهيروغليفية وكل ما يتعلق بقراءتها وكتابتها حدث اعظم كشف في علم المصريات عام 1799 (وذلك أثناء حفر الأساسات لتقوية قلعة سميت بعد ذلك بقلعة جوليان البريطانية في رشيد) عثر أحد العسكريين البريطانيين ويدعى "بوشار" على الحجر الذي نسميه الآن حجر رشيد وعندما عرض هذا الحجر على المتخصصين في بريطانيا أدركوا أهميته حيث وجدوا فيه نصاً هيروغليفياً تم ترجمة يونانية يمكن قراءتها .
وجدوا أيضاً نفس النص مكتوب بالخط الديموطيقي . وبذلك نجد أن الحجر يحتوي على لغتين : اللغة اليونانية واللغة المصرية بخطين مختلفين ولمدة 20 عاماً من وصول الحجر لبريطانيا عكف الدارسون في محاولة لفك الرموز. و بالفعل حدث أول نجاح عام 1820م على يد أحد الدبلوماسيين السويديين يسمى" توماس اكربال " الذي تمكن من التعرف على عدد من الأسماء مثل : بطليموس وذلك بمقارنة النص اليوناني بالنص الديموطيقي كما تم التعرف علي بعض الكلمات الأخرى. وبعده تمكن "توماس يونج " من إثبات أن العلامات والرموز الهيروغليفية المكتوبة داخل الإطار البيضاوي ( الخرطوش) هى اسماء الملوك، ولكنه اخطأ الخصائص الصوتية لهذه الرموز .
ولم يتحقق بعد ذلك أي نجاح يذكر حتى ظهر العالم الفرنسي شامبليون (1790-1832) الذي كان له أعظم التأثير في معرفة طريقة قراءة وكتابة اللغة الهيروغليفية، وما أهله لذلك هو إتقانه للغة القبطية في سن مبكرة فترجم النص اليوناني إلي القبطية وعن طريقه نجح في التوصل إلي بعض قواعد نقش الهيروغليفية ثم بحث عما ترجمه الي القبطية في النص الهيروغليفي للاهتداء إلي الكلمات الهيروغليفية المقابلة لمثيلاتها في القبطية ولكنه وجد صعوبة شديدة لأن النص الهيروغليقي كتب حسب العادة المتبعة بدون فواصل بين الكلمات وبعد تمكنه من حل كثير من الرموز استخدم الأسلوب العكسي ليترجم من الهيروغليفية إلي القبطية ما استطاع تمييزه منها ليعرف معناها ،ولكن هذه الطريقة لها محاذيرها حيث أن الكلمات الهيروغليفية التي دخلت إلي اللغة القبطية عددها قليل جداً بالنسبة لمجمل الكلمات الهيروغليفية وأيضاً بسبب تطور الكلمات القبطية بحيث يصعب معرفة أصولها . لذا فقد استخدم بعد ذلك الاستنباط عن طريق الوصول إلي المعنى من ورود الكلمة في أكثر من سياق وكذلك أمكن الرجوع إلي اللغة العبرية التي حافظت على كثير من الكلمات المشتركة في مجموعة اللغات السامية. و بذلك أمكن الكشف عن كثير من معان اللغة المصرية القديمة.
و بذلك نكون قد انتهينا من جزء اللغة و الكتابة نرجوا أن نكون قد ألمينا به من جميع الجوانب .

المبحث الثاني: عرض مجمل عن الكتاب .
اسم الكتاب (الهيروغليفية تفسّر القرآن الكريم) لمؤلفه سعد بن عبد المطلب العدل نشر مكتبة مدبولي .
قسم المؤلف كتابه الواقع في مائة وخمسين صفحة إلى عشرة فصول .
* تكلم في الفصل الأول عن الأحرف المقطعة في بداية بعض السور القرآنية وذكر عدد السور التي استهلت بها الأحرف المقطعة ، وشكل الحروف ، وعدد التكرار في كل حرف منها ، وتقسيمها من حيث عدد الحروف ، ثم ذكر جملة من الأقوال في تفسر هذه الأحرف المقطعة ثم ختمها بقوله : (خلاصة القول : فمن قائل بأن هذه الحروف هي أسماء الحروف الهجائية ، وآخر يقول : إنها أسماء للسور ، وثالث يقول : إنها إعجاز على أنها حروف الكلام ، ورابع يقول إنها أسماء الله تعالى ، وخامس يذكر لنا أنها اختصار ومفتاح لأسماء وسادس يقول بانها أقسام .ونحن نرى بعد ما فتح الله علينا بفضله ما يلي :
إن هذه الرموز ليست هي حروف المعجم وإن تشابه البعض منها ، فالمعروف ان حروف المعجم عددها يبلغ 28 حرفا بل وربما 29 ، والحروف التي ذكرت في أوائل السور لا يزيد عددها على 14 ، وإن قلنا أن الم تشابهت مع الألف واللام والميم في شكلها ونطقها فإن الر : يتشابه فيها الألف واللام ، أما ر ففي القراءات هي ر مفتوحة وليست راء ، وفي كهيعص يتشابه الكاف ، ولكن هيع لا تتشابه حيث تقرأ هاي عيين ، فهذا ليس النطق الصحيح للهاء والعين ،أما طـه فهي ليست حروف الهجاء طاء هاء ،وطس ليست طاء سين ، وفي يـس ليست ياء سين ، إنما ياسين . أما في حـم فلو كانت حروف الهجاء لنطقت : حاء ميم ، وكذا عسق فهي تقرأ عيين . اما من ناحية إعرابها فنحن لا نرى في القراءات أي تنوين لها ، فلو كانت هي من حروف الهجاء لنونت مثلا ولقلنا : بدلا من ألف لام ميم ألفٌ لامٌ ميمٌ بالتنوين ، وهذا ليس الحال هنا . وعلى هذا فهي ليست حروف الهجاء ولا هي أسماؤها) .
ثم رد على الأقوال الأخرى التي أوردها ردوداً قصيرةً وسريعةً ثم عقب على ذلك بقوله : (نقول بعد كل هذا : إن النظرية التي تعتبر هذه الرموز حروفا قد بدأت تضعف وتتهاوى ، بل إن الافتراضات التي تحيلنا إلى أشياء غيبية أخذت الآن في الوهن والانحسار ، لا لشيء إلا لأن تفسيرا علميا أصبح ملحا وضروريا .
والفرضية المقابلة - ولا أقول المضادة - تلخص نفسها الآن وتتبلور في كون هذه الرموز ليست حروفا على الإطلاق .
إذن : الفرضية القديمة:هذه الرموز هي حروف الهجاء. فرضيـتنا:هذه الرموز هي كلمات وجمل ) .
ثم شرع بعد ذلك بما اسماه " منهج البحث" وذكر فيه حديث عبد الله بن مسعود  المشهور في الأحرف وجزم بأن هذه الأحرف ترمز إلى كلمات وجمل ، ثم قال : (ولما وجدنا أن هذه الكلمات لا تؤدي إلى معنى من المعاني في اللغة العربية كان لزاما علينا ان نبحث في لغة أخرى من اللغات القديمة أو المعاصرة لنزول القرآن ) .
ثم أخذ في البحث عن لغة أخرى مقدسة كما أطلق عليها حتى يُلحق بها هذه الأحرف ، من خلال بحثه عن اللغة المقدسة المناسبة لكي يلحق هذه الحروف لحظ الكاتب ما يلي :
الملحوظة الأولى :
(أن اللغة المصرية القديمة والمعروفة الآن تحت مسمى "اللغة الهيروغليفية" كانت لغة عالمية ، وكانت لسان العصر لكل من أراد أن يعبر أو يكتب أو يتكلم ، ربما لا نبالغ إن قلنا حتى بعثة نبينا محمد (صلعم) ) .
الملحوظة الثانية :
(أن بعض هذه الرموز التي تصدرت بها بعض السور القرآنية مثل : ق ، ص ، ن ، لها شكل مميز شبيه بصورة الأفغال في اللغة المصرية القديمة ، وبالذات أنها لا تحمل نهايات في آخرها ولا تتغير مع تغير الفاعل أو المفعول به ، فإن لها صورة واحدة هي صورة المفرد المذكر حتى وإن اختلف فاعلها من حيث التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية أو الجمع) .
ثم بدأ بتأكيد كلامه بذكر خصائص اللغة المصرية القديمة ، ثم يختم كلامه بالنتيجة المُسلَّمة عنده بقوله : (ولكنا نجد أنفسنا هنا وفيما يخص الرموز التي في أوائل السور القرآنية نسلم بأنها كلمات من اللغة المصرية لما وجدناه من تشابه كبير من سمات تلك اللغة) .
ثم يشرع في بيان العلاقة بين اللغة المصرية القديمة وبين اللغة العربية ، وبين الجزيرة العربية ، وبين لغة القرآن الكريم ونصوصه.
ثم بعد ذلك يبين الفائدة والهدف من البحث بقوله : (المنهج الذي سنستخدمه في كتابنا هو : تحديد الرموز القرآنية المعجمة التي في أول السور الـ - 29 ، وإعادة كتابتها بلغتها الأصلية ، ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة ، ثم التأكد من صحة معناها في السياق ، سواء بالحس اللغوي التفسيري أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاه .
وهدف هذا الكتاب :
1.تعيين اللغات المقدسة (- اللغة المصرية القديمة ، اللغة البابلية وعلى وجه التحديد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد ، واللغة العبرية ن اللغة العربية -) وإعلاء شأنها على سائر اللغات ، حتى نتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها ؛ كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة) : الأسد ، ويشرح كلمة قسورة بلغة اخرى (الحبشية) غير مقدسة مثلا (وكلمة قسورة أيضا كلمة مصرية وتعني : (رامي الحربة) . فإن هو فسر بها كلمة فلن تسمو تلك اللغة لتفسر كلمات أخرى ، وربما كانت تلك اللغة قد انتقلت إليها الكلمات من المصرية لانها ليست بأقدم من اللغة المصرية .
2.لا بد وأن يأتي المنهج بثمرة ويضيف إلى تفسير الآيات ما يستأهل الأخذ بهذا المنهج .
3.لا بد وأن يعاون المنهج على الكشف عن أسرار جديدة في القرآن ، من أسرار الله وعلوم وتاريخ . . . إلخ .
4.واخيرا ليتضح معنى الآيات التي ورد بها الرمز في محاولة للوصول إلى مراد الله عز وجل .
5.لتأكيد بلاغة القرآن حتى وإن احتوى بعض الكلمات المعجمة حيث غن وضعها في سياقها وتوظيفها في مكانها في الآيات يشير إلى بلاغة عالية رفيعة مما سنشير إليه في موضعه .
فاستخدام المنهج المذكور ليس مجرد شرح مفردات أو أن كلمة ما تساوي كلمة أخرى من لغة أخرى وحسب ، بل لا بد وأن تضيف هذه المعلومة الجديدة كشوفا جديدة إلى تفسير النص ، وشرحها يساعد في توضيح المراد الحقيقي الذي أراده الله عز وجل ، وإلا كانت هذه العملية برمتها لا فائدة منها ولا طائل ) .
*أما الفصل الثاني فقد أفرده للحديث عن سورة مريم تكلم فيه عن ترتيبها في المصحف وفي النزول ، ووقت نزولها ، وعدد آياتها كما صنع في بدايات السور الأخرى ، ثم بدأ يربط بين مضامين السورة وعلاقتها بالتاريخ الديني كما يسميه ، ثم يقول في تفسيره لقوله تعالى (كهيعص) والمعنى الهام لهذه الجملة: سنكشف لك النقاب عن سر من أسرارنا منزل إليك من السماء أي من عند الله ، فانتبه ! إليك القصة الحقيقية (نحن نقص عليك القصص الحق).وتكون آية - ذكر رحمة ربك - واقعة في ابتداء الكلام ولهذا فهي مرفوعة على أنها مبتدا مؤخرًا لما قيل سلفًا ، ولهذا استحقت الرفع والضمة تقع في ىخر كلمة - ذكرُ - .
ثم يرد قائلاً : ( والسؤال الأهم من هذا أو ذاك هو ؟ ما تضيف هذه المعلومة إلى تفسير الآيات في سورة مريم؟) .
ثم أطال النفس في محاولة الربط بين ما توصل إليه وبين آيات السورة .
*وفي الفصل الثالث تحدث عن سورة القلم ، وسورة ق ، وسورة ص.
وتوصل إلى أنَّ معنى (ن) في بداية سورة القلم في اللغة المصرية القديمة : هبطوا و انحطوا وغفلوا وتبلدوا. وأنَّ معنى (ق) ذهلوا واستغربوا وتعالوا . وأنَّ (ص) تكتب على شكلين وتعني على الشكل الأول : يقول ويخبر ويعلن ويقرأ و يرتل ويخبر ويحكي ...الخ .وتعني بالشكل الآخر : يسئ إلى سمعة فلان أو شئ ، أو يشنع على .
وهو في ثنايا هذا كله يتعب نفسه في ربط هذه المعاني لمضامين هذه السور و مدلولاتها بكلام طويل .
*وأما الفصل الرابع فقد أفرده للحديث عن سورة (طه) فقال : ( كلمة طا في اللغة المصرية القديمة ليس حرفاً بل كلمة ، وتعني في اللغة العربية "هذا أو يا هذا أو يا أنت ، يا رجل".وكلمة ها تعني "انتبه ، تطلع أو انظر".
فالكلمتان إذن في اللغة المصرية معناهما : يا أنت أو يا رجل : انتبه !) .
وهو في كل ذلك يربط ويستدل بآيات السورة على صحة ما انتهى إليه.
* ثم نجده في الفصل الخامس يفرد الكلام عن سورة (يس) فيذكر -كعادته- ما يتعلق بالسورة من حيث عدد الآيات ، وترتيب السورة ، ومكيتها من مدنيتها ونحو ذلك .
ثم يورد بعض الأقوال ، ويرد عليها ثم يقول : (وإذا حاولنا تطبيق منهجنا في تفسير هذا الرمز فربما أتينا بتفسير مقنع يتفق وسياق الآيات لغوياً ومن جهة المضمون كذالك.
كلمة ( يس) أصلها الكلمة المصرية القديمة التي تنطق إيس أو إس أو يس وتعني بالعربية : بل ، أى ،يقيناً ، حقيقة .
وإذا أضيف إليها ( ن ) وهذا الحرف من خصائص اللغة المصرية القديمة ، فإن إضافته إلى الكلمة يفيد أن جزءاً من الجملة أو الكلام استبعد) .
ثم أخذ في محاولة الربط بين ماتوصل إليه من معنى وبين مضامين السورة .
* وفي الفصل السادس تحدث عن السور التي بدأت ب(حم) وهي سبع سور غافر ، وفصلت ، والشورى ، والزخرف ، والدخان ، الجاثية ، والأحقاف .
بدأ الحديث عن سورة الشورى فقال : ( فبعد البحث المعجمي وضح الآتي :
-حامي :تعنى : كائن سماوى .
-يم : تعنى : بواسطة أو عن طريق أو بطريق ، أو : هو الواسطة) .
ثم قال :
(والمقصود بالكلمة الأولى بالطبع : الروح الأمين جبريل) .
ثم قال عن ( عسق ) :
(أما عسق كما في القراءات فتكون ثلاث كلمات : عيين ، سين ، قاف .
-عين : تعنى العبد ، نعم العبد أي المحب إلى الله ، الجميل الصادق والحسن والحق.
-سين : تعنى : رسول ، مبعوث .
-قاف : تعنى : الذى يظهر فجأة ، قوى ، ذو شرف.
والمعنى : والآن لنحاول أن نفسر مطلع سورة الشورى في ضوء ما سلف :
الروح الأمين ، جبريل ، هو الذى يتنزل عليك أو هو الواسطة ، يا أيها النبي وهو عبد من عبدنا الصالحين ، أو هو رسول قوى جميل الهيئة عظيم الهيبة والشرف....) .
ثم ربط ذلك مضمون السورة . وهكذا عمل في بقية السور المفتتحة ب(حـم) .
* الفصل السابع كان لثلاث سور ألا وهي سورة النمل ، وسورة الشعراء ، وسورة القصص .
فسورة النمل المفتتحة ب (طـس) معناها عنده كما تقدم (طا) يعني يا ، يا أيها ، يا أنت ، يا رجل .
و(سين) رسول . هذا وجه . والوجه الآخر يكون المعنى إما تقبيل الأرض ، أو أرض ومقام للناس .
وأما سورة الشعراء و القصص فتزيد على سورة النمل بحرف (م) وهو يعني كما يقول الكاتب في اللغة المصرية القديمة : ذارف الدمع ، الباكي . كما تعني البئر أو عين الماء.
ثم وجّه ذلك المعنى للأحرف وربطه بآيات السورتين .
* والفصل الثامن أكد أن الحروف المقطعة في بداية سورة الأعراف وهي (المص) تعني بحقك يا أيها النبي (لعمرك أيها النبي ) المكلف و المغتم ، الذارف الدمع ، والمشغول والمهتم بما كلف به ، والمكلف بما يقص عليه الله عز و جل) .
و أما بقية السور التي بدأت ب(الـم) فذكر في تفسيرها نحو ما ذكره في سورة الأعرف دون قوله ( والمكلف بما يقص عليه الله عز و جل ) .
* وفي الفصل التاسع كان الحديث من نصيب السور المفتتحة بقوله تعالى (الـمر ) وهي سورة الرعد . والمفتتحة ب(الـر) وهي سورة يونس ، و سورة هود ، و سورة يوسف ، وسورة الحجر ، وسورة إبراهيم .
والجديد في هذه السور حرف (ر) الذي يقول عنه الكاتب (وهي في شكلها عبارة عن فم الإنسان وتدل عليه أيضاً وعلى وظائفه ومنها الكلام ..) .
ثم عدل عن هذا ومال إلى أن المراد (مرا) لا (ر). وأنّ معنى (مرا) يميل بهواه ،أو يميل به الهوى .
والمعنى عنده كما يقول: ( يا أيها النبي المكلف بالرسالة المهموم بهمومها والمشغول عليها والحزين المكتئب المغموم بسبب تكذيب الكفار لك ، ويا أيها المرتاب الذي راح يشك فيما هو بصدده بسبب ادعاءات المشركين عليه ونكرانهم له وتشكيكهم في مضمون الرسالة ومصدرها ومآلها ) .
ثم حاول إيجاد صلة بين هذا المعنى و مضامين السور السابقة .
* وفي الفصل العاشر وهو آخر فصول هذا الكتاب ، نجد المؤلف يختم بالأمور و النقاط التالية :
- أن كل سورة من ناحية الشكل والقالب إنها إعجاز أدبي رفيع المقام والمنزلة ، فالرمز يعطينا في أول السورة إيجاز لمعنى تشرحه نهاية السورة وتفض غموضه وعجمته.
- الإعجاز اللغوي الذي يتمثل في ذوبان هذه اللغة المصرية القديمة في تعبيرات عربية .
- الإعجاز الذي يحقق شخصية الرسول  وصدقه في نبوته ، من خلال هذه الأحرف التي في أوائل السور التسعة والعشرين المستعارة من اللغة المصرية القديمة .
- القالب الأدبي البلاغي الذي يتمثل في إيجاز هذه الأحرف لمضمون السورة .
- أن بعض الرموز الرموز عُدَّت آية وبعضها الآخر وهو قليل لم يُعَد رغم التشابه الواضح بينها في الشكل العام.
- أن بعد القسم والنداء يوجد أسماء إشارة كما في سورة البقرة وسورة الشعراء وغيرها من السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة.
- ثم ختم الكتاب بقوله :
(فقد انتهت جولتنا بحمد الله وتوفيقه . فإن أكن فيه وبه قد أصبت ، فهو توفيق من الله تعالى فبقدرته كتبت وبتوفيقه وصلت . وإن تكن الأخرى : فحسبي أنني ابتغيت بهذا العمل وجه الحق ، وأعرف أن ابتغى الحق خالصا لوجه الله ، فاخطأ ، فله على ما بذل أجر . ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) .
المبحث الثالث : تعريف موجز بالأحرف المقطعة .
للعلماء المعتبرين في الأحرف المقطعة في القرآن عدة أقوال ، وهم يبحثونها غالباً في أول سورة البقرة لأنها أول المواضع وروداً .
ومن أفضل من تكلّم عن هذه الأحرف وعرض لأقوال العلماء فيها ، ورجّح بين تلك الأقوال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن لذا سأكتفي بعرض كلامه مع تصرفٍ يسير .
قال -رحمه الله- في أول سورة هود :
( اعلم أن العلماء اختلفوا في المراد بالحروف المقطعة في أوائل السور اختلافاً كثيراً ، واستقراء القرآن العظيم يرجح واحدا من تلك الأقوال ، وسنذكر الخلاف المذكور ، وما يرجحه القرآن منه بالاستقراء فنقول وبالله جل وعلا نستعين .
قال بعض العلماء هي مما استأثر الله تعالى بعلمه،كما بيّنا في آل عمران . وممن رُوي عنه هذا القول أبو بكر، وعمر، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ وعامر ، والشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان .
وقيل هي أسماء للسور التي افتتحت بها ، وممن قال بهذا القول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ويروى ما يدل لهذا القول عن مجاهد ، وقتادة ، وزيد بن أسلم. قال الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر. ونقل عن سيبويه أنه نص عليه. ويعتضد هذا القول بما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم السجدة وهل أتى على الإنسـان). ويدل له أيضا قول قاتل محمد السجاد بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما يوم الجمل وهو شريح بن أبي أوفى العبسي كما ذكره البخاري في صحيحه في أول سورة المؤمن ويدل له أيضا قول قاتل محمد السجاد بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما يوم الجمل وهو شريح بن أبي أوفى العبسي كما ذكره البخاري في صحيحه في أول سورة المؤمن:
يذكرني حاميم والرمح شاجر . فهلا تلا حاميم قبل التقدم
وقيل هي من أسماء الله تعالى . وممن قال بهذا سالم بن عبد الله ، والشعبي ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، وروي معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وعنه أيضاً أنها أقسام أقسم الله بها وهي من أسمائه وروي نحوه عن عكرمة.
وقيل هي حروف كل واحد منها من اسم من أسمائه جل وعلا . فالألف من الم مثلاً مفتاح اسم الله ، واللام مفتاح اسمه لطيف ، والميم مفتاح اسمه مجيد ، وهكذا ويروى هذا عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وأبي العالية . واستدل لهذا القول بأن العرب قد تطلق الحرف الواحد من الكلمة وتريد به جميع الكلمة كقول الراجز.
قلت لها قفي فقالت لي قاف لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف .
فقوله (قاف) أي وقفت
وقول الآخر :
بالخير خيرات وإن شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تا
يعني وإن شرا فشر ولا أريد الشر إلا أن تشاء فاكتفى بالفاء والتاء عن بقية الكلمتين.
قال القرطبي وفي الحديث (من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة) الحديث قال سفيان هو أن يقول في أقتل أ ق إلى غير ما ذكرنا من الأقوال في فواتح السور وهي نحو ثلاثين قولا .
أما القول الذي يدل استقراء القرآن على رجحانه ، فهو أن الحروف المقطعة ذُكرت في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ، مع أنه مركبٌ من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها ، وحكى هذا القول الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكاه القرطبي عن الفراء وقطرب ونصره الزمخشري في الكشاف .
قال ابن كثير: وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية.
ووجه شهادة استقراء القرآن لهذا القول أن السور التي افتتحت بالحروف المقطعة يذكر فيها دائماً عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وأنه الحق الذي لا شك فيه وذكر ذلك بعدها دائماً دليلٌ استقرائي على أن الحروف المقطعة قُصد بها إظهار إعجاز القرآن وأنه حق . قال تعالى في البقرة (الم) واتبع ذلك بقوله : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه). وقال في آل عمران : (الم) واتبع ذلك بقوله : (الله لا إلـاه إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتـاب بالحق). وقال في الأعراف : (المص) . ثم قال: (كتـاب أنزل إليك ) الآية. وقال في سورة يونس : (الر) ثم قال: (تلك آيـات الكتـاب الحكيم) وقال في هذه السورة الكريمة التي نحن بصددها - أعني سورة هود - (الر) ثم قال (كتاب أحكمت آيـاته ثم فصلت من لدن حكيم خبير). وقال في يوسف (الر) ثم قال (تلك آيات الكتـاب المبين إنّا أنزلناه قرآناً عربياً). وقال في الرعد (المر) ثم قال( تلك آيـات الكتـاب والذى أنزل إليك من ربك الحق ) وقال في سورة إبراهيم (الر) ثم قال (كتاب أنزلنـاه إليك لتخرج الناس من الظلمـات إلى النور) وقال في الحجر (الر) ثم قال (تلك آيـات الكتـاب وقرءان مبين) وقال في سورة طه ( طه ) ثم قال ( ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى) وقال في الشعراء ( طسم ) ثم قال ( تلك آيـات الكتـاب المبين لعلك بـاخع نفسك) وقال في النمل : ( طس ) ثم قال (تلك آيـات القرءان وكتـاب مبين ) وقال في القصص (طسم ) ثم قال ( تلك آيـات الكتـاب المبين نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون) وقال في لقمان ( الـم ) ثم قال (تلك ءايـات الكتـاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين ) .
وقال في السجدة (الـم) ثم قال : ( تنزيل الكتـاب لا ريب فيه من رب العـالمين ) وقال في يس ( يس ) ثم قال ( والقرءان الحكيم) وقال في ص (ص) ثم قال( والقرءان ذى الذكر) وقال في سورة المؤمن (حـم ) ثم قال (تنزيل الكتـاب من الله العزيز العليم) وقال في فصلت (حـم) ثم قال (تنزيل من الرحمـان الرحيم كتـاب فصلت ءايـاته قرءانا عربيا لقوم يعلمون) وقال في الشورى (حـم عسق ) ثم قال (كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك) وقال في الزخرف ( حـم ) ثم قال (والكتـاب المبين إنا جعلنـاه قرءانا عربيا) وقال في الدخان (حم) ثم قال (والكتـاب المبين إنآ أنزلنـاه فى ليلة مبـاركة) وقال في الجاثية ( حم) ثم قال (تنزيل الكتـاب من الله العزيز الحكيم إن فى السمـاوات والأرض لآيات للمؤمنين ) وقال في الأحقاف: (حـم) ثم قال: (تنزيل الكتـاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السمـاوات والأرض وما بينهما إلا بالحق) وقال في سورة ق( ق ) ثم قال (والقرءان المجيد) .



يتبع