عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-03, 09:07 AM   رقم المشاركة : 5
assunni
عضو نشيط






assunni غير متصل

assunni


تدوين الحديث:
لم يكن الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الأربعة الراشدين مدونا كما دون فيما بعد, وقد روي البيهقي في المدخل عن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنن, فاستشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, فأشاروا عليه أن يكتبها, فطفق عمريستخير الله فيها شهرا, ثم أصبح يوما وقد عزم الله له, فقال: إني كنت اردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا. ولما كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله وخاف من ضياع الحديث, كتب إلى قاضيه في المدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: انظر ما كان من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فاكتبه, فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء, ولا تقبل إلا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا.
وكتب إلى الآفاق بذلك أيضا ثم أمر محمدبن شهاب الزهري بتدوينها.
فكان أول من صنف في الحديث محمدبن شهاب الزهري بأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمهما الله وكان ذلك على رأس مئة سنة من الهجرة ثم تتابع الناس في ذلك وتنوعت طرقهم في تصنيف الحديث.

طرق تصنيف الحديث:
طرق تصنيف الحديث على نوعين:
أ-تصنيف الأصول وهي التي يسن فيها الحديث من المصنف إلى غاية الإسناد وله طرق فمنها.
1.التصنيف على الأجزاء بأن يجعل لكل باب من أبوب العلم جزء خاص مستقل, فيجعل لباب الصلاة جزء خاص ولباب الزكاة جزء خاص وهكذا: ويذكر أن هذه طريقة الزهري ومن في زمنه.
2.التصنيف على الأبواب بحيث يجعل في الجزء الواحد أكثر من باب وترتب على المواضيع كترتيب أبواب الفقه أو غيره مثل طريقة البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
3.التصنيف على المسانيد بحيث يجمع أحاديث كل صحابي على حدة فيذكر في مسند أبي بكر جيمع مارواه عن أبي بكر وفي مسند عمر جميع مارواه عن عمر وهكذا مثل طريقة الإمام أحمد في مسنده.

ب‌-تصنيف الفروع وهي التي ينقلها مصنفوها من الأصول معزوة إلى أصلها بغير إسناد وله طرق أيضا فمنها:
1.التصنيف على الأبواب مثل: بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني, وعمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي.
2.التصنيف مرتبا على الحروف مثل: الجامع الصغير للسيوطي. إلى غير ذلك من الطرق الكثيرة من النوعين حسبما يراه أهل الحديث أقرب إلى تحصيله وتحقيقه.

الأمهات الست

يطلق هذا الوصف على الأصول الآتية:
1.صحيح البخاري.
2.صحيح مسلم.
3.سنن النسائي.
4.سنن أبي داود.
5.سنن الترمذي.
6.سنن ابن ماجة.
1-صحيح البخاري:
هذا الكتاب سماه مؤلفة( الجامع الصحيح) وخرجه من ستمائة ألف حديث وتعب رحمه الله في تنقيحه وتهذيبه والتحري في صحته حتى كان لا يضع فيه حديثا إلا اغتسل وصلى ركعتين يستخير الله في وضعه ولم يضع فيه مسندا إلا ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند المتصل الذي توفر في رجاله العدالة والضبط.
وأكتمل تأليفه في ستة عشر عاما ثم عرضه على الإمام أحمد ويحيى بن معين وعلى بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة.
وقد تلقاه العلماء بالقبول في كل عصر قال الحافظ الذهبي: هو أجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى.
وعدد أحاديثه بالمكرر(7397) سبعة وتسعون وثلاثمائة وسبعة آلاف وبحذف المكرر(2602) اثنان وستمائة وألفا حديث كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله.
البخاري:
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه(برزدبه: كلمة فارسية معناها الزرع) الجعفي مولاهم الفارسي الأصل.
ولد ببخارى في شوال سنة 194 أربع وتسعين ومئة ونشأ يتيما في حجر والدته وبدأ بالرحلة في طلب الحديث سنة عشر ومائتين وتنقل في البلاد لطلب الحديث وأقام في الجحاز ست سنين ودخل الشام ومصر والجزيرة والبصرة والكوفة وبغداد, وكان رحمه الله غاية في الحفظ ذكر عنه أنه كان ينظر في الكتاب فيحفظه من نظرة واحدة, وكان زاهدا ورعا بعيدا عن السلاطين والأمراء, شجاعا سخيا أثنى عليه العلماء في عصره وبعده قال الإمام أحمد: ما أخرجت خراسان مثله, وقال ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحفظ من محمد ابن إسماعيل البخاري,وكان مجتهدا في الفقه وله دقة عجيبة في استنباطه من الحديث كما تشهد بذلك تراجمه في صحيحه.
توفي رحمه الله في خزتنك(بفتح الخاء وسكون الراء وفتح التاء وسكون النون) بلدة على فرسخين من سمرقند ليلة عيد الفطر سنة 256 ست وخمسين ومائتين عن اثنين وستين عاما إلا ثلاثة عشر يوما وقد خلف علما كثيرا في مؤلفاته رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرا.

2-صحيح مسلم:
هو الكاتب المشهور الذي ألفه مسلم بن الحجاج رحمه الله, جمع فيه ما صح عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي: سلك فيه طرقا بالغة في الاحتياط والاتقان والورع والمعرفة لا يهتدي إليها إلا أفراد في الأعصار اهـ.
وكان يجمع الأحاديث المتناسبة في مكان واحد ويذكر طرق الحديث وألفاظه مرتبا على الأبواب لكنه لا يذكر التراجم إما خوفا من الزيادة حجم الكتاب أو لغير ذلك.
وقد وضع تراجمه جماعة من شراحه ومن أحسنها تراجم النووي رحمه الله.
وعدد أحاديثه بالمكرر (7275) خمسة وسبعون ومائتان وسبعة آلاف حديث وبحذف المكرر نحو (4000) أربعة آلاف حديث.
وقد اتفق جمهور العلماء أو جميعهم على أنه- من حيث الصحة- في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري وقيل في المقارنة بينها:

تشاجر قوم في البخاري ومسلم لدي وقالوا قالوا: أي ذين تقدم
فقلت: لقد فاق البخاري صحة كما فاق في حسن الصناعة مسلم



مسلم:
هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري ولد في نيسابور سنة 204 أربع ومائتين وتنقل في الأمصار لطلب الحديث فرحل إلى الحجاز والشام والعراق ومصر ولما قدم البخاري نيسابور لازمه ونظر في علمه وحذا حذوه.
أثنى عليه كثير من العلماء من أهل الحديث وغيرهم.
توفي في نيسابور سنة 261 إحدى وستين ومائتين عن سبع وخمسين سنة.
وقد خلف علما كثيرا في مؤلفاته رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرا.

فائدتان:
الفائدة الأولى: لم يستوعب الصحيحان صحيح البخاري ومسلم جميع ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل في غيرهما أحاديث صحيحة لم يروياها قال النووي: إنما قصد البخاري ومسلم جمع جمل من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله, لكن إذا كان الحديث الذي تركاه أو تركه أحدهما مع صحة إسناده في الظاهر أصلا في بابه ولم يخرجا له نظيرا ولا ما يقوم مقامه فالظاهر من حالهما أنهما اطلعا فيه على علة إن كانا روياه ويحتمل أنهما تركاه نسيانا أو إيثارا لترك الإطالة و رأينا أن غيره مما ذكراه يسد مسده أو لغير ذلك. أهـ.
الفائدة الثانية: اتفق العلماء على أن صحيحي البخاري ومسلم أصح الكتب المصنفة في الحديث فيما ذكراه متصلا, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لا يتفقان على حديث إلا يكون صحيحا لا ريب فيه وقال: جمهور متونهما يعلم أهل الحديث علما قطيعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها. اهـ.
هذا وقد انتقد بعض الحفاظ على صاحبي الصحيحين أحاديث نزلت عن درجة ما التزماه تبلغ مائتين وعشرة أحاديث اشتركا في انثني وثلاثني منها وانفرد البخاري بثماية وسبعين وانفرد مسلم بمئة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: جمهور ما أنكره على البخاري مما صححه يكون قوله فيه راجحا على من نازعه بخلاف مسلم فإنه نوزع في أحاديث خرجها وكان الصواب مع من نازعه فيها ومثل لذلك بحديث: خلق الله التربة يوم السبت, وحديث صلاة الكسوف بثلاث ركوعات وأربع.
وقد أجيب عما انتقد عليهما بجوابين مجمل ومفصل:
1-أما المجمل: فقال ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري: لاريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل قال: فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضا لتصحيحهما ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراض من حيث الجملة اهـ.
2-وأما المفصل: فقد أجاب ابن حجر في المقدمة عما في صحيح البخاري جوابا مفصلا عن كل حديث, وألف الرشيد العطار كتاب في الجواب عما انتقد على مسلم حديثا حيدثا, وقال العراقي في شرح ألفيته في المصطلح: إنه قد أفرد كتابا لما ضعف من أحاديث الصحيحين مع الجواب عنها فمن أراد الزيادة في ذلك فليقف عليه ففيه فوائد ومهمات اهـ.
3-سنن النسائي:
ألف النسائي رحمه الله كتابه( السنن الكبرى) وضمنه الصحيح والمعلول ثم اختصره في كتاب السنن الصغرى وسماه ( المجتبى) جمع فيه الصحيح عنده وهو المقصود بما ينسب إلى رواية النسائي من حديث.
(والمجتبى) أقل السنن حديثا ضعيفا ورجلا مجروحا ودرجته بعد الصحيحين فهو- من حيث الرجال- مقدم على سنن أبي داود والترمذي لشدة تحري مؤلفه في الرجال, قال الحافظ بن حجر- رحمه الله-: كم من رجل أخرج له أبو داود والترمذي تجنب النسائي إخراج حديثه بل تجنب إخراد حديث جماعة في الصحيحين اهـ.
وبالجملة فشرط النسائي في ( المجتبى) هو أقوى الشروط بعد الصحيحين.
النسائي:
هو أبو عبد الرحمن أحمدبن شعيب بن علي ( النسائي) ويقال: النسوي نسبة إلى نسا بلدة مشهورة بخراسان.
ولد سنة 215 في نسا ثم ارتحل في طلب الحديث وسمع من أهل الجحاز وخراسان والشام والجزيرة وغيرها وأقام بمصر طويلا وانتشرت مصنفاته فيها ثم ارتحل إلى دمشق فحصلت له فيها محنة وتوفي سنة303 في الرملة في فلسطين عن ثمان وثمانين سنة.
وقد خلف مصنفات كثيرة في الحديث والعلل فرحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرا.

4-سنن أبي داود:
هو كتاب يبلغ أربعة آلاف وثمانمائة حديث انتخبه مؤلفه من خمسمائة ألف حديث واقتصر فيه على أحاديث الأحكام وقال: ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه وما يقاربه. وما كان في كتابي هذا فيه وهن شديد بينته وليس فيه عن رجل متروك الحديث شيء ومالم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير اهـ.
قال السيوطي: يحتمل أن يريد بصالح: الصالح للإعتبار دون الأحتجاج فيشمل الضعيف, لكن ذكر ابن كثير أنه يروى عنه أنه قال: وما سكت عنه فهو حسن فإن صح هذا فلا إشكال اهـ أي فلا إشكال في أن المراد بصالح: صالح للإحتجاج, وقال ابن الصلاح: فعلى هذا ماوجدناه في كتابه مذكروا مطلقا وليس في أخد الصحيحين ولا نص على صحته أحد عرفنا أنه من الحسن عند أبي داود اهـ وقال ابن منده كان أبو داود يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يحد في الباب غيره لأنه أقوى عنده من رأي الرجال اهـ.
وقد اشتهر سنن أبي داود بين الفقهاء لأنه كان جامعا لأحاديث الأحكام وذكر مؤلفه أنه عرض على الإمام أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه وأثنى عليه ابن القيم ثناء بالغا في مقدمة تهذيبه.
أبو داود:
هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني.
ولد في سجستان من قرى البصرة سنة202 ورحل في طلب الحديث وكتب عن أهل العراق والشام ومصر وخراسان وأخذ عن أحمد بن حنبل وغيره من شيوخ البخاري ومسلم.
أثنى عليه العلماء ووصفوه بالحفظ التام والفهم الثاقب والورع.
توفي في البصرة سنة 285 عن ثلاث وسبعين سنة.
وقد خلف علما كثيرا في مؤلفاته, رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرا.


5-سنن الترمذي:
هذا الكتاب اشتهر أيضا باسم ( جامع الترمذي) ألفه الترمذي رحمه الله على أبواب الفقه وأودع فيه الصحيح والحسن والضعيف مبينا درجة كل حديث في موضعه مع بيان وجه الضعف واعتنى ببيان من أخذ به من أهل العلم من الصحابة وغيرهم وجعل في آخره كتابا في العلل جمع فيه فوائد هامة.
قال:[ وجيع] ما في هذا الكتاب من الحديث فهو معمول به وقد أخذ به بعض العلماء ما خلا حديثين حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بن الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر وحديث: إذا شرب فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه اهـ

الترمذي:
هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي الترمذي.
ولد في ترمذ ( مدينة بطرف جيحون) سنة 209 فطاف البلاد وسمع من أهل الجحاز والعراق وخراسان.
اتفقوا على إمامته وجلالته حتى كان البخاري يعتمد عليه ويأخذ عنه مع أنه- أي البخاري- من شيوخه.
توفي في ترمذ سنة 279 عن سبعين عاما, وقد صنف تصانيف نافعه في العلل وغيرها رحمه الله وجزاه خيرا.

6-سنن ابن ماجة:
كتاب جمعه مؤلفه مرتبا على الأبواب يبلغ نحو واحد وأربعين وثلاثمائة وأربعة آلاف حديث (4341) والمشهور عند كثير من المتأخرين أنه السادس من كتب أصول الحديث ( الأمهات الست) إلا أنه أقل رتبة من السنن: سنن النسائي وأبي داود والترمذي حتى كان من المشهور أن ماانفرد به يكون ضعيفا غالبا إلا أن الحافظ ابن حجر قال: ليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقرائي وفي الجملة ففيه أحاديث كثيرة منكرة والله المستعان اهـ وقال الذهبي: فيه مناكير وقليل من الموضوعات اهـ وقال السيوطي: إنه تفرد بإخراج الحديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم.
وأكثر أحاديثه قد شاركه في إخراجها أصحاب الكتب الستة كلهم أو بعضهم وانفرد عنهم بتسعة وثلاثين وثلاثمائة وألف حديث (1339) كما حقق ذلك الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي.
ابن ماجة:
هو أبو عبد الله محمدبن يزيد بن عبد الله بن ماجة ( بالهاء الساكنة ويقال بالتاء) الربعي مولاهم القزويني.
ولد في قزوين ( من عراق العجم) سنة 209 وارتحل في طلب الحديث إلى الري والبصرة والكوفة وبغداد والشام ومصر الحجاز وأخذ عن كثير من أهلها.
توفي سنة 273 عن أربع وستين سنة.
له عدد من التصانيف النافعة رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرا.
مسند الإمام أحمد:
المحدثون جعلوا المسانيد في الدرجة الثالثة بعد الصحيحين والسنن.
ومن أعظم المسانيد قدرا وأكثرها نفعا: مسند الإمام أحمد فقد شهد له المحدثون قديما وحديثا بأنه أجمع كتب السنة وأوعاها لما يحتاج إليه المسلم في دينه ودنياه قال ابن كثير: لا يوازي مسند أحمد كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته وقال حنبل: جمعنا أبي أنا وصالح وعبد الله فقرأ علينا المسند وما سمعه غيرنا وقال هذا الكتاب جمعته من أكثر من سبعة ألاف حديث وخمسين ألفا فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة اهـ لكن قال الذهبي: هذا القول منه على غالب الأمر وإلا فلنا أحاديث قوية في الصحيحين والسنن والأجزاء ماهي في المسند اهـ.
وقد زاد فيه ابنه عبد الله زيادات ليست من رواية أبيه وتعرف بزوائد عبد الله وزاد فيه أيضا أبو بكر القطيعي الذي رواه عن عبد الله عن أبيه زيادات عن غير عبد الله وأبيه.
ويبلغ عدد أحاديث المسند بالمكرر نحو (40000) أربعين ألف حديث وبحذف المكرر نحو (30000) ثلاثين ألف حديث.

آراء العلماء في أحاديث المسند:
للعلماء في أحاديث المسند ثلاثة آراء:
أحدها: أن جميع ما فيه من الأحاديث حجة.
الثانية: أن فيه الصحيح والضعيف والموضوع وقد ذكر ابن الجوزي في الموضوعات تسعة وعشرين حديثا منه وزادالعراقي عليها تسعة أحاديث وجمعها في جزء.
القول الثالث: أن فيه الصحيح والضعيف الذي يقرب من الحسن وليس فيه موضوع وقد ذهب إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي والحافظ ابن حجر والسيوطي وقال شيخ الإسلام: شرط أحمد في المسند اقوى من شرط أبي داود في سننه وقد روى أبو داود عن رجال أعرض عنهم في المسند وقد شرط أحمد في المسند أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده وإن كان في ذلك ماهو ضعيف ثم زاد عليه ابنه عبد الله وأبو بكر القطيعي زيادات ضمت إليه وفيها كثير من الأحاديث الموضوعة فظن من لا علم عنده أن ذلك من رواية أحمد في مسنده اهـ.
وبما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله يتبين أنه يمكن التوفيق بين الآراء الثلاثة فمن قال : إن فيه الصحيح والضعيف لا ينافي القول بأن الجميع مافيه حجة لأن الضعيف إذا صار حسنا لغيره يكون حجة ومن قال : إن فيه الموضوع حمل على ما في زيادات عبد الله وأبي بكر القطيعي.
وقد صنف الحافظ ابن حجر كتاب سماه ( القول المسدد في الذب عن المسند) ذكر فيه الأحاديث التي حكم العراقي عليها بالوضع وأضاف إليها خمسة عشر حديثا مما ذكره ابن الجوزي وهي أربعة عشر حديثا في جزء سماه ( الذيل الممهد).
هذا وقد تناول العلماء هذا المسند بالتصنيف عليه ما بين مختصر له وشارح ومفسر ومرتب ومن أحسنها: ( الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني) الذي ألفه ( أحمد بن عبد الرحمن البناء) الشهير بالساعاتي جعله سبعة أقسام أولها: قسم التوحيد وأصول الدين وآخرها: قسم القيامة وأحوال الآخرة: ورتبه على الأبواب ترتيبا حسنا وأتمه بوضع شرح عليه سماه ( بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) وهو اسم مطابق لمسماه فإنه مفيد جدا من الناحيتين الحديثية والفقهية والحمد لله رب العالمين.
أحمد بن حنبل:
هو الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي.
ولد سنة 164 في مرو ثم حمل إلى بغداد وهو رضيع وقيل ولد في بغداد نشأ يتيما وطاف البلاد والآفاق لطلب الحديث فسمع من مشايخ العصر في الحجاز والعراق والشام واليمن وعنى عناية عظيمة بالسنة والفقه حتى عده أهل الحديث إمامهم وفقيههم.
وقد أثنى عليه العلماء في عصرة وبعده فقال الشافعي: خرجت من العراق فما رأيت رجلا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا اتقى من أحمد بن حنبل وقال إسحاق بن راهويه: أحمد حجة بين الله وبين عبيده في أرضه, وقال ابن المديني : إن الله أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم الردة وبأحمد بن حنبل رحمه الله يوم المحنة, وقال الذهبي: انتهت إليه الإمامة في الفقه والحديث والإخلاص والورع وأجمعوا على أنه ثقة حجة إمام اهـ.
توفي في بغداد سنة 241 عن سبعة وسبعين عاما.
وقد خلف للأمة علما كثيرا ومنهجا قويما رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرا.
آداب العالم والمتعلم:
فائدة العلم وثمرته: العمل بما علم فمن لم يعمل بما علم كان علمه وبالا عليه وحجة عليه يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: والقرآن حجة لك أو عليك .
ولك من العالم والمتعلم آداب ينبغي مراعاتها منها ماهو مشترك بينهما ومنها ماهو مختص بأحدهما.
فمن الآداب المشتركة:
1- إخلاص النية لله بأن ينوي بتعلمه وتعليمه التقرب إلى الله بحفظ شريعته ونشرها ورفع الجهل عنه وعن الأمة فمن نوى بتعلمه العلم الشرعي شيئا من الدنيا فقد عرض نفسه للعقوبة ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرض من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ( يعني ريحها) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة,وروي أنه قال : من طلب العمل ليجاري به العلماء أو ليمادي به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار. رواه الترمذي.
2- العمل بما علم فمن عمل بما علم ورثه الله علم مالم يعلم قال الله تعالى : (( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)) ومن ترك العمل بما علم أوشك أن يسلبه الله ما علم قال الله تعالى: (( فما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به)).
3- التخلق بالأخلاق الفاضلة من الوقار وحسن السمت ولين الجانب وبذل المعروف واحتمال الأذى وغير ذلك من الأخلاق التي يحمد عليها شرعا أو عرفا سليما.
4- اجتناب الأخلاق السافلة من الفحش والسب والأذى والغلظة والخفة المذمومة في المنطق والهيئة وغير ذلك مما يذم عليه شرعا أو عرفا سليما.

ومن الآداب المختصة بالمعلم:
1- الحرص على نشر العلم بجميع الوسائل وأن يبذله لمن طلبه بطلاقة وانشراح صدر مغتبطا بنعمة الله عليه بالعلم والنور وتيسير من يرث علمه عنه وليحذر كل الحذرمن كتمان العلم في حال يحتاج الناس فيها إلى بيانه أو يسأله عنه مسترشد ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سئل عن علم علمه ثم كتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
2- الصبر على أذى المتعلمين وسوء معاملتهم له لينال بذلك أجر الصابرين ويعودهم على الصبر واحتمال الأذى من الناس لكن مع ملاحظتهم بالتوجيه والإرشاد والتنبيه بحكمة على ما أساؤا به لئلا تضيع هيبته من نفوسهم فيضيع مجهوده في تعليمهم.
3- أن يمثل أمام الطلبة بما ينبغي أن يكون عليه من دين وخلق فإن المعلم أكبر قدوة لتلميذه وهو المرآة التي ينعكس عليها دين المعلم وأخلاقه.
4- أن يسلك اقرب الطرق في إيصال العلم إلى تلاميذه,ومنع ما يحول دون ذلك فيعتني ببيان العبارة وايضاح الدلالة وغرس المحبة في قلوبهم ليتمكن من قيادتهم وإصغائهم لكلامه واستجابتهم لتوجيهه.

ومن الآداب المتخصة بالمتعلم:
1- بذل الجهد في إدارك العلم فإن العمل لا ينال براحة الجسم فيسلك جميع الطرق الموصلة إلى العلم.وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة. رواه مسلم.
2- البدء بالأهم فالأهم فيما يحتاج إليه من العلم في أمور دينه ودنياه فإن ذلك من الحكمة (( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب)).
3- التواضع في طلب العلم بحيث لا يستكبر عن تحصيل الفائدة من أي شخص كان, فإن التواضع للعلم رفعة والذل في طلبه عز, وكم من شخص أقل منك في العلم من حيث الجملة وعنده علم في مسألة ليس عندك منها علم.
4- توقير المعلم واحترامه بما يليق به فإن المعلم الناصح بمنزلة الأب يغذي النفس والقلب بالعلم والإيمان فمن حقه أن يوقره المتعلم ويحترمه بما يليق من غير غلو ولا تقصير ويسأله سؤال المستلهم المسترشد لا سؤال المتحدي أو المستكبر وليتحمل من معلمه ما قد يحصل من جفاء وغلظة وانتهار لأنه ربما يكون متأثرا بأسباب خارجية فلا يتحمل من المتعلم ما يتحمله منه في حال الصفا والسكون.
5- الحرص على المذاكرة والضبط وحفظ ماتعلمه في صدره او كتابه فإن الإنسان عرضة للنسيان فإذا لم يحرص على ذلك نسي ما تعلمه وضاع منه وقد قيل:

العلم صيد والكتـــــابة قيده قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة وتتركها بين الخلائق طالقة

وليعتن بحفظ كتبه من الضياع وصيانته من الآفات فإنها ذخره في حياته ومرجعه عند حاجته.
وإلى هنا أنتهى القسم الثاني من كتاب ( مصطلح الحديث) ويحتوي علىمقرر السنة الثانية الثانوي في المعاهد العلمية. وبه تم الكتاب على يد مؤلفه: محمد بن صالح العثيمين في يوم الخميس الموافق للسادس عشر من شهر ربيع الثاني سنة 1396 هـ ست وتسعين وثلاثمائة وألف والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان مدى الأوقات. آمين.







التوقيع :
اعلم غفر الله لي ولك، أن الله عز وجل لا يغفر أن يشرك به ولكنه يغفر ما دون الشرك لمن يشاء..
فحاول يا عبد الله أن تقابل ربك صافيا نقيا من الشرك....
فلا تعبد إلا الله
لا تصرف العبادات إلا لله
ولا تدعوا مع الله إله آخر
واعبد الله مخلصا له الدين
واعبده كما عبده سيد المرسلين
والحمد لله رب العالمين.....
من مواضيعي في المنتدى
»» من كتب أهل السنة ( أرجو عدم حذف موضوعي)
»» الأخوان:[ ماجد النجدي] و[ الغضنفر] أنقل لكم رواية : يوميات مشرك
»» الله أكبر الانتصارات متوالية لأهل السنة
»» شيعة العراق يجهزون للمذبحة الكبرى ضد أهل السنة
»» قد رُفعت التقية استارها بكل وقاحة