تفسير الامثل ج15 ص87وص88 لاية الله ناصر مكارم الشيرازي وعلى فرض صحة الرأي الأوّل في شأن النزول، فإنّ فعل النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)والحال هذه لا يخرج من كونه (تركاً للأولى)، وهذا ما لا ينافي العصمة، وللأسباب التالية: أوّلاً: على فرض صحة ما نسب إلى النّبي في إعراضه عن الأعمى وإقباله على شخصيات قريش، فإنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) بفعله ذلك لم يقصد سوى الإسراع في نشر الإسلام عن هذا الطريق، وتحطيم صف أعدائه. ثانياً: إنّ العبوس أو الإنبساط مع الأعمى سواء، لأنّه لا يدرك ذلك، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ «عبد اللّه بن اُم مكتوم» لم يراع آداب المجلس حينها، حيث أنّه قاطع النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مراراً في مجلسه وهو يسمعه يتكلم مع الآخرين، ولكن بما أنّ اللّه تعالى يهتم بشكل كبير بأمر المؤمنين المستضعفين وضرورة اللطف معهم واحترامهم فإنّه لم يقبل من رسوله هذا المقدار القليل من الجفاء وعاتبه من خلال تنبيهه على ضرورة الإعتناء بالمستضعفين ومعاملتهم بكل لطف ومحبّة. ويمثل هذا السياق دليلاً على عظمة شأن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فالقرآن المعجز قد حدد لنبيّ الإسلام الصادق الأمين أرفع مستويات المسؤولية، حتى عاتبه على أقل ترك للأولى (عدم اعتنائه اليسير برجل أعمى)، وهو ما يدلل على أنّ القرآن الكريم كتاب إلهي وأنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) صادق فيه، حيث لو كان الكتاب من عنده (فرضاً) فلا داعي لإستعتاب نفسه... ومن مكارم خلقه(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ كما ورد في الرواية المذكورة ـ إنّه كان يحترم عبد اللّه بن اُم مكتوم، وكلما رآه تذكر العتاب الرّباني له. الوثيقة لا تنسونا من صالح دعائكم