العقيدة السماوية والعقيدة الأرضية
 

بسم الله الرحمن الرحيم
يبدو أن الإنسان كان وما زال يميل إلى الإعجاب بنظيره الإنسان ، ويحبُ أن يجد من يكفيه عناء القيام بالمهمات حتى لايضطر إلى مواجهتها ، لكن هذا الإعجاب حين يتطور ليصير تقديساً ، يكون بالتأكيد قد تجاوز الحد المقبول وابتعد ليدخل في نطاق العبودية، لا سيما حين يكون الإنسان المقدس قد وافته المنيّة فيتخذ مقدسوه تماثيل له يحيون ذكراه بها ، ويمدون إلى قبره الرجاءات والأدعية ، و يجعلونه متعلقهم ومبلغ أمانيهم .

ولذلك كانت رسائل الرسل عليهم السلام ، مهمتها الأولى فصل الإرتباطات المقدسة بين البشر بعضهم البعض ، وتوجيهها للسماء ، وهذا فيه ضرب من تحريره وإطلاق لإساره من الأغلال ،إذ أن تبعية الإنسان لنظيره الإنسان من جهة التقديس و العبودية وهما في الحقيقة مستويان من حيث القدرة أمرٌ يتنافى مع المنطق ، ولذلك يلجأ الإنسان التابع للتحايل في هذا فيضيف خصائص محصورة على متبوعه ومتعذرة على الناس حتى يتم إيجاد التسويغ لتلك الرابطة المقدسة .

نعود لنقول أن الإسلام آخر الأديان التي حررت الإنسان من العبودية الأرضية الدونية ، إلى العبودية السماوية الرفيعة ، والتي لا يتساوى فيها العابد بالمعبود حقيقة ، فالمعبود هنا هو الخالق الحقيقي ذو القدرات اللامتناهية والعابد هو الإنسان بكل ما تعنيه الإنسانية من ضعف وعجز .


ولا شك أن انتساب ( عبّاد الأولياء ) أو من يسمون أنفسهم بالشيعة الإمامية للإسلام ، هي نسبة تحمل اختلافاً جوهرياً لا يمكن تحجيمه ، لأنهم جعلوا ارتباطاتهم القدسية أرضية بشرية لا تكاد ترتفع للسماء ، ووجدوا في معبوديهم ممن يسمونهم ( آل البيت ) ااستغناءً عن المعبود الحقيقي ، والذي يصرّ الإسلام فيه أن يجعله منفرداً عن أن يُقرنَ بغيره من المعبودين ويكون التشنيع في أقصى مستطاعه حين يُقرن المخلوق بالخالق من أي جهة كانت .

ولهذا فكل عقيدة تأمر الإنسان أن يرتبط عقدياً بمثيله الإنسان ، هي عقيدة أرضية تقوم بزحزحة نفسها من العقيدة السماوية التي جاء لأجلها الإسلام .