الحجة البٌلَيْدِيَة في صد التحفة الأزهرية حول مصطح الحشوية
[quote]
الحجة البٌلَيْدِيَة في صد التحفة الأزهرية حول مصطلح الحشوية الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ ..... أما بعد: فمن سنن الله الجارية في خلقه، أنه –تعالى- ما أرسل نبيًا إلا وعاداه قومه ونبذوه، وبالباطل لمزوه، مصداقًا لقوله: "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا". ولما أرسل محمدًا -صلى الله عليه وسلم- للخلق ليدعوهم إلى عبادة الله وحده ويخرجهم من الظلمات إلى النور قال الكافرون: إنما يريد محمد أن يفرق شملنا ويشتت جمعنا، وقالوا عنه: إنه ساحر، وإنه كاهن، ووصفوه بكل قبيح؛ وهو -صلى الله عليه وسلم- فرق بين الحق والباطل، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون. وهكذا أهل البدع والأهواء –في كل زمان ومكان- يطعنون في كل من يريد الإصلاح، وينبذونه بالألقاب السيئة، ويثيرون حوله الشبهات، ويحذرون منه كي ينفروا الناس ويبعدوهم عنه. ومن جملة تلك التسميات المنفرة قولهم(حشوية-مشبهة-مجسمة-وهابية-باديسية) للتنفير عن أهل الحديث والطعن فيهم وانتقاصهم ,و(تلك الأسماء ليست مطابقة لمسماها,بل هي من جنس تسمية الأوثان((آلهة)) و((أربابا)),وتسمية ((مسيلمة الكذاب)) وأمثاله((أنبياء)) : ((إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى )) النجم23(2) -وقد اطلعت على موضوع((التحفة الأزهرية إطلالة على مصطلح "حشوية")فوجدته تحفة نادرة في قلب الحقائق والهروب عن بيت القصيد وتعمية لأعين العوام والقراء ,وهذا ما سأبينه هاهنا بإذن الله تعالى كشف للتلبيس وقمعا للتدليس فأسأل الله أن يرزقنا العدل والإنصاف فيما نقول ونكتب. وقبل أن أعقب على ما جاء في موضوع لا بد من مقدمة أساسية ألا وهي : أن أهل السنة وسط بين فرق الإسلام مثلما الإسلام وسط بين مختلف الأديان لهذا فالذي يسير على نهج الإعتدال والوسطية دائما يناله من الأكاذيب والإلزمات الباطلة من كل الطوائف . فأهل السنة مثلا وسط بين الخوارج الذي يكفرون بالكبيرة وبين المرجئة الذين لا يكفرون بالكفر الصريح ومن هنا نجد أن الخوارج يصفون أهل السنة بأنهم مرجئة وبالمقابل نجد المرجئة يصفون الخوارج بأنهم مرجئة وعلى هذا قس باقي الطوائف المنحرفة فالمتشدد يعتبر المعتدل متساهل والمتساهل يعتبر المعتدل متشدد. والرافضي يصف السني بالناصبي والناصبي يصف السني بالرافضي والمشبه يصف السني بالمعطل والمعطل يصف السني بالمشبه وذلك لأن السني وسط بينهما . والآن مع التعقيبات : الوقفة الأولى : افتتح الأزهري مقاله بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية التالي اقتباس:
ثم خرج بنتجة فقال : اقتباس:
اقتباس:
قلت :لا شك أنه لا مشاحاة في الإصطلاح لكن كذلك يجب أن نعلم أن الألفاظ قوالب المعاني فلا يمكن أن نخترع إسما لا علاقة له باللغة بحجة أنه لا مشاحاة في الإصطلاح فلا يمكن أن نسمي السني بالرافضي بحجة لا مشاحاة في الإصطلاح فالرافضي نسبة للرفض والسني نسبة للتمسك بالسنة(الألفاظ قوالب المعاني). فما معنى لفظ(الحشو) لغة؟ الجواب : جاء في في اللسان[ج3/ 180] : والحشو من الكلام : الفضل الذي لايعتمد عليه ، وكذلك هو من الناس ، وحشوة الناس رذالتهم .. وفلان من حشوة بني فلان بالكسر : أي من رذالهم . الوقفةالثانية : بعدها حاول الأزهري أن يرد على القول بأن أول من قال بلفظ الحشوية بوجهين فقال : اقتباس:
اقتباس:
إنما الرافضة سموا بالرافضة لأنهم رفضوا زيد بن على بن الحسين لأنه كان يثني على أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلما سمعوا منه ذلك رفضوه فقال لهم رفضتموني فانقسم الناس إلى من يرفضه فسموا رافضة وإلى من يغلو فيه فسموا زيدية. ظر الفرق بين الفرق ص 25 ، والملل والنحل 1 / 155 . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته القيمة ( الفرقان بين الحق والباطل ) ( ص26-27): ( وأما لفظ الرافضة، فهذا اللفظ أول ما ظهر في الاسلام لمّا خرج زيد بن عليّ بن الحسين في أوائل المئة الثانية في خلافة هشام بن عبد الملك واتبعه الشيعة، فسُئِل عن أبي بكر وعمر فتولاهما وترحم عليهما فرفضه القوم، فقال: رفضتموني، رفضتموني، فسُموا الرافضة، فالرافضة تتولى أخاه أبا جعفر محمد بن عليّ، والزيدية يتولونه وينسبون إليه، ومن حينئذ انتمت الشيعة الى زيدية، والرافضة إمامية ) إ.ه. ثم قال الأزهري بعدها : اقتباس:
قلت : يقوي كلام ابن تيمية ماذكره ابن العماد في ترجمة عمرو بن عبيد رئيس المعتزلة((وكانت له جرأة فإنه قال عن ابن عمر : هو حشوي . قال : فانظر هذه الجرأة والافتراء عامله الله بعدله)) شذرات الذهب في أخبار من ذهب [ج1/221]. وقال ابن القيم رحمه الله في بيان أصل هذا اللفظ - الحشوية _ يا قوم إن كان الكتاب وسنة... المختار حشوا فاشهدوا ببيان إنا بحمد إلهنا حشوية ... صرف بلا جحد ولا كتمان تدرون من سمت شيوخكم بهذا ...الاسم في الماضي من الأزمان سمي به ابن عبيد عبد الله ذا ... ك ابن الخليفة طارد الشيطان فورثتم عمرا كما ورثوا ...لعبد الله أنى يستوى الارثان تدرون من أولى بهذا الاسم ....وهو مناسب أحواله بوزان من قد حشى الأوراق والأذهان ....من بدع تخالف موجب القرآن هذا هو الحشوي لا أهل ....الحديث أئمة الاسلام والإيمان وردوا عذاب مناهل السنن التي ...ليست زبالة هذه الأذهان ووردتم القلوط مجرى كل ذي ...الأوساخ والاقذار والأنتان وكسلتم أن تصعدوا للورد من ... رأس الشريعة خيبة الكسلان شرح القصيدة (1|366) والمتطلع لكتب المعتزلة يجدها مليئة بهذا المصطلح فقد جاء في كتاب شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي [ فقد ذهبت الحشوية والنوابت من الحنابلة إلى أن هذا القرآن المتلو في المحاريب ، والمكتوب في المصاحف غير مخلوق ولا محدث ..] وقال:[ .. ولسنا نقول في الصراط ما يقوله الحشوية من أن ذلك أدق من الشعر وأحد من السيف ] . ثم قال الأزهري : اقتباس:
قلت :ولا يوجد هنا لفظا للحشوية ألبتة إنما فقط لفظ(حشا) وهذا موجود في اللغة وقد بينت معناه سابقا . أما لفظ الحشوية فإنه يطلق على أهل السنة للتنفير عنهم : قال أبو عبد الله : وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب إلى نوع الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشوية . معرفة علوم الحديث (35) وجاء في طبقات الحنابلة (2|208) في وصف أهل الحديث "وهي الفرقة الناجية والجماعة العادلة والطائفة المنصورة إلى يوم القيامة فهم أصحاب الحديث والأثر والوالد السعيد تابعهم هم خلفاء الرسول وورثة علمه وسفرته بينه وبين أمته بهم يلحق التالي وإليهم يرجع العالي وهم الذين نبذهم أهل البدع والضلال وقائلو الزور والمحال أنهم مشبهة جهال ونسبوهم إلى الحشو والطغام . ومن ذلك قول الوزير الصاحب إسماعيل بن عباد الطالقاني لما سئل عن البخاري قال : ومن البخاري ؟! حشوي لا يعول عليه . سير أعلام النبلاء (16|512) ثم بعد ذلك أخذ الأزهري يرجح من عنده إلى أن قال : اقتباس:
جاء في العلل: قال عبد الله بن أحمد: )حدثني أحمد قال حدثنا أبو داود عن أبي عوانة قال كنا يوما عند الحكم فذكر حديثا ليس بمسند فقال ليس هذا من بابة شعبة قال فقال شعبة لا ينبغي أن تروي عن الشامي كثيرا (5802) حدثني أحمد بن إبراهيم قال حدثنا أبو داود قال قال لي شعبة لا تلقى حتى ترجع مثل ورقاء (5803) قال وسمعت شعبة يقول إذا قدم جرير بن حازم فوحشوا بي) و أحمد هو أحمد بن إبراهيم الدورقي فانظر إلى قول شبعة(فوحشوا بي) هذا يدل أن قول جرير عن شبعة كان من هذا المنطلق . وهذا ثناء على جرير,ويدل على هذا ماجاء في تاريخ بغداد : أخبرنا محمد بن احمد بن رزق أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي حدثنا الحسين بن فهم حدثنا يحيى بن معين عن أبي قطن قال كتب لي شعبة إلى أبي حنيفة يحدثني فأتيته فقال كيف أبو بسطام قلت بخير فقال نعم حشو المص هو ) . وبالتالي لا حجة لك في هذا لأن هذا مدح وأنتم تقولونها على سبيل الذم والإنتقاص فتدبر. الوقفة الثالثة : قال الأزهري : اقتباس:
القول بأن هذه اللفظة قد تطلق بحق يحتاج إلى تفصيل لأن كل فرقة تدعي أنها تقولها بحق. فما هو القول بحق؟؟؟ بلا شك يقصد اتهام أهل الحديث بالحشو وهذا ظاهر كلامه خاصة بعد أن بتر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ليوافق ما يهواه فكلام ابن تيمية بين في التأصيل والتفصيل فقد قال بعدها مباشرة((. لكن هم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل ولا ريب أن في كثير من المسلمين من الظلم والجهل والبدع والفجور ما لا يعلمه إلا من أحاط بكل شيء علما لكن كل شر يكون في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر وكل خير يكون في غيرهم فهو فيهم أعلى وأعظم وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم.)) نفس المصدر الذي أحال إليه الأزهري. والسؤال الذي يطرح هنا هو : من هؤلاء الذين وصفوا أهل الحديث بالحشوية ؟؟ الجواب :هم أهل الكلام وهذا ما بينه ابن تيمية لكن الأزهري بتر كلامه وهذا كلام ابن تيمية كاملا ((وأئمة السنة والحديث لا يرجع منهم أحد لأن الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد وكذلك ما يوجد من شهادتهم لأهل الحديث بالسلامة والخلاص من أنواع الضلال وهم لا يشهدون لأهل البدع إلا بالضلال. وهذا باب واسع كما قدمناه. وجميع الطوائف المتقابلة من أهل الأهواء تشهد لهم بأنهم أصلح من الأخرى وأقرب إلى الحق فنجد كلام أهل النحل فيهم وحالهم معهم بمنزلة كلام أهل الملل مع المسلمين وحالهم معهم. وإذا قابلنا بين الطائفتين - أهل الحديث وأهل الكلام - فالذي يعيب بعض أهل الحديث وأهل الجماعة بحشو القول: إنما يعيبهم بقلة المعرفة؛ أو بقلة الفهم. أما الأول: فبأن يحتجوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة؛ أو بآثار لا تصلح للاحتجاج. وأما الثاني: فبأن لا يفهموا معنى الأحاديث الصحيحة بل قد يقولون القولين المتناقضين ولا يهتدون للخروج من ذلك. والأمر راجع إلى شيئين: - إما زيادة أقوال غير مفيدة يظن أنها مفيدة كالأحاديث الموضوعة وإما أقوال مفيدة لكنهم لا يفهمونها إذ كان اتباع الحديث يحتاج أولا إلى صحة الحديث. وثانيا إلى فهم معناه كاتباع القرآن. فالخلل يدخل عليهم من ترك إحدى المقدمتين. ومن عابهم من الناس فإنما يعيبهم بهذا. ولا ريب أن هذا موجود في بعضهم يحتجون بأحاديث موضوعة في مسائل الأصول والفروع وبآثار مفتعلة وحكايات غير صحيحة ويذكرون من القرآن والحديث ما لا يفهمون معناه وربما تأولوه على غير تأويله؛ ووضعوه على غير موضعه. ثم إنهم بهذا المنقول الضعيف والمعقول السخيف قد يكفرون ويضللون ويبدعون أقواما من أعيان الأمة ويجهلونهم ففي بعضهم من التفريط في الحق والتعدي على الخلق ما قد يكون بعضه خطأ مغفورا وقد يكون منكرا من القول وزورا وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم وقد رأيت من هذا عجائب. لكن هم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل ولا ريب أن في كثير من المسلمين من الظلم والجهل والبدع والفجور ما لا يعلمه إلا من أحاط بكل شيء علما لكن كل شر يكون في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر وكل خير يكون في غيرهم فهو فيهم أعلى وأعظم وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم.)). فتبين من خلال هذا أن الذين يطلقون لفظة الحشوية على أهل الحديث والسنة هم أهل الكلام لا أهل السنة . وقد عقد شيخ الإسلام ابن تيمية فصلا في بيان من هم أحق بلفظ الحشو فقال : فصل في كون أهل الحديث أعلم ممن بعدهم وأحكم وأن مخالفهم أحق بالجهل وأما كونهم أعلم ممن بعدهم وأحكم وأن مخالفهم أحق بالجهل والحشو. فنبين ذلك بالقياس المعقول؛ من غير احتجاج بنفس الإيمان بالرسول كما قال الله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [1]؛ فأخبر: أنه سيريهم الآيات المرئية المشهودة حتى يتبين لهم أن القرآن حق. ثم قال: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [2] أي بإخبار الله ربك في القرآن وشهادته بذلك. فنقول: من المعلوم أن أهل الحديث يشاركون كل طائفة فيما يتحلون به من صفات الكمال ويمتازون عنهم بما ليس عندهم. فإن المنازع لهم لا بد أن يذكر فيما يخالفهم فيه طريقا أخرى؛ مثل المعقول والقياس والرأي والكلام والنظر والاستدلال والمحاجة والمجادلة والمكاشفة والمخاطبة والوجد والذوق ونحو ذلك. وكل هذه الطرق لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها: فهم أكمل الناس عقلا؛ وأعدلهم قياسا وأصوبهم رأيا وأسدهم كلاما وأصحهم نظرا وأهداهم استدلالا وأقومهم جدلا وأتمهم فراسة وأصدقهم إلهاما وأحدهم بصرا ومكاشفة وأصوبهم سمعا ومخاطبة وأعظمهم وأحسنهم وجدا وذوقا. وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل))انتهى. فالذي يستحقه هم أهل الكلام لا أهل الحديث الذي يشهد لهم القاصي والداني بسلامة المنهج وصحة المعتقد. الوقفة الرابعة : ثم بدأ الأزهري يسرد أقوال بعض الأشاعرة وبعض السلفيين ليخلط الحابل بالنابل فلا يعرف صاعد من نازل في إستعماله للفظ الحشوية اقتباس:
اقتباس:
قلت : وكل هذا لف ودواران وهروب عن البيت القصيد فلم يأتي بجديد. فمصطلح الحشوية والمجسمة والمشبهة يطلقه الأشاعرة على أهل السنة لأن الأشاعرة يزعمون أن كل من أثبت الصفات لله تعالى على ظارها فهو مجسم حشوي . وحتى تكون على بينة من الأمر ، وتتضح لك: جلية الحال ، وتعرف المقصود بهذه الألقـــاب والمسميات ، وتعرف قدمها ، فإني أتركك مع شيخ الإسلام ، الإمام ، أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الشافعي (373-449 ) من علماء القرن الرابع والخامس الهجري – رحمه الله – الذي قال عنه الإمام عبد الوهاب السبكي – رحمه الله – في كتاب [ طبقات الشافعية الكبرى ](3/291 ) : ( كان مجمعا على دينه ، وسيادته ، وعلمه ، لا يختلف عليه أحد من الفرق ) حيث قال شيخ الإسلام الصابوني في رسالته التي ألفها في [السنة ] : ( وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية ، وأظهر علاماتهم : شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي – صلى الله عليه وسلم - ، واحتقارهم لهم ، وتسميتهم إياهم حشــوية ، وجهلة ، وظاهرية ، ومشبهة ، اعتقادا منهم في أخبار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنها بمعزل عن العلم ، وأن العلم ما يلقيه الشيـطان إليهم ، من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة ، ، وهواجس قلوبهم الخالية من الخير ، العاطلة ، وحججهم – بل شبههم – الداحضة الباطلة : ( أولئك الذين لعنهم الله ، فأصمهم وأعمى أبصارهم )[سورة محمد الآية 33 ] ، ( ومن يهن الله فما له من مكرم ) [ سورة الحج الآية 18 ] ) . ثم ذكر – رحمه الله تعالى – بإسناده بعض الآثار في شرف أهل الحديث ، وفيها الإشارة إلى ما يروجه المبتدعة عنهم من قالة السوء ، ثم قال – رحمه الله – في هذا السياق : ( سمعت الأستاذ أبا منصور محمد بن عبدالله حمشاد ، العالم الزاهد يقول : سمعت أبا القاسم جعفر بن أحمد المقري الرازي ، يقول : قرىء على أبى عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي ، وأنا أسمع : سمعت أبي يقول – عنى به الإمام في بلده أباه أبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، يقول : " علامة أهل البدع : الوقيعة في أهل الأثر ( ) . وعلامة الزنادقـــة : تسميتهم أهل الأثر حشوية ، يريدون بذلك إبطال الآثار . وعلامة القدريـــة : تسميتهم أهل السنة مجبرة . وعلامة الجهميـــة : تسميتهم أهل السنة مشبهة . وعلامة الرافضـــة : تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة . قلــت : وكل ذلك عصبية ، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ، وهو أصحاب الحديث " ( ) . قلــت - أي شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني - : أنا رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة سلكوا معهم مسالك المشركين مع رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فإنهم اقتســموا القول فيه : فسماه بعضهم ساحرا ، وبعضهم كاهنا ، وبعضهم شاعرا ، وبعضهم مجنونا ، وبعضهم مفتونا ، وبعضـهم مفتريا مختلقا كذابا ، وكان النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – من تلك المعائب بعيدا بريئا ، ولم يكن إلا رسولا مصطفى نبيا ، قال الله - عز وجل - : ( أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا )[سورة الإســـراء الآية 48 ] كذلك المبتدعة - خذلهم الله – اقتسموا القول في حمـلة أخباره ، ونقلة آثاره ، ورواة أحاديثه ، المقتـدين بسنته ، فسما هم بعضهم حشوية ، وبعضهم نابتة ، وبعضهم ناصبة ، وبعضهم جبرية ؛ وأصحاب الحــديث عصامة من هذه المعائب برية ، نقية زكية تقية ، وليسوا إلا أهل السنة المضية ، والسيرة المرضية ، والسبل السوية ، والحجج البالغة القوية ، قد وفقهم الله – جل جلاله – لاتباع كتابه ، ووحيه وخطابه ، والإقتداء برسوله في أخباره ، التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والعمل ، وزجرهم عن المنكر فيها ، وأعانهم على التمسك بـــسيرته ، والاهتداء بملازمة سنته ، وشرح صدورهم لمحبته ، ومحبة أئمة شريعته ، وعلماء أمته ، ومن أحب قوما فهو منـهم بحكم قول رسول الله _ صلى الله عليه وسلم - :" المرء مع من أحب " ( ) .انتهى كلامه. .والعجيب أن الأزهري استشهد بكلام الإمام السلفي ابن قتيبة مع أن الإمام ابن قتيبة يقول((فأهل البدع لقبوا أهل السنة بالحشوية والنابتة والمجبرة وربما قالوا الجبرية وسموهم الغثاء والغثر وهذه كلها أنباز لم يأت بها خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أتى عنه في القدرية أنهم مجوس هذه الأمة فإن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم([1]), وفي الخوارج يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ([2]) ، فهذه أسماء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلك أسماء مصنوعة.( أنظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (80/81). ولو سألت الأشعري من هم المشبهة لقال لك: الوهابية ولو قلت لهم من هم الوهابية لقال لك من يثبتون الصفات على ظاهرها. فمعنى التشبيه عند الأشاعرة غير معناه عند أهل السنة ,فالتشبيه عند الأشاعرة والجهمية هو إثبات الصفات على ظاهرها أما عند التشبيه عند السلف فهو أن تماثل بين صفات خالق وبين صفات المخلوق قال نعيم بن حماد الحافظ: من شبه الله بخلقه, فقد كفر, ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر, وليس ما وصف به نفسه, ولا رسوله تشبيها. وقول الإمام إسحاق بن راهويه :"إنما يكون التشبيه إذا قال: يد مثل يدي، أو سمع كسمعي، فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما قال الله: يد وسمع وبصر، فلا يقول: كيف ولا يقول: مثل، فهذا لا يكون تشبيهاً، قال تعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }" ذكره الترمذي في جامعه . وأهل الحديث السلفيين لا يقولون بهذا التشبيه ألبتة كما هو مقرر في كتبهم ويعلمه القاصي والداني. قال ابن عبد البر : أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ، ولم يكيفوا شيئا منها ، وأما الجهمية والمعتزلة والخــــوارج فقالوا : من أقر بها فهو مشبــه ، فسماهم من أقر بها معطلة ) [ فتح الباري ] ( 13/418 ). وقال الترمذي في الجامع عقب حديث أبي هريرة في النزول : وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه ، كذا قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات ، وقال في باب فضل الصدقة : قد ثبتت هذه الروايات فنحن نؤمن بها ، ولا نتوهم ، ولا يقال كيف ، كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك : أنهم أمروها كما جاءت بلا كيف ، وهذا قول أهل العلم من أهل الــسنة والجماعة ، وأما الجهمية فأنكروها وقالوا : هذا تشبيـه . . ) . [ فتح الباري ] ( 13/418 ). وبهذا يتبين لك خطأ ابن الجوزي في اتهامه للمثبتين للصفات على ظاهرها بالتسليم والحشو لهذا رد عليه ونصحه الإمام عبيد الله إسحاق بن أحمد بن محمد بن غانم العلثي في رسالة خاصة . قال الإمام الذهبي رحمه الله في تاريخ الإسلام في ترجمة الإمام العلثي: ]ورأيت له رسالةً في ورقات كتبها إلى ابن الجوزي ينكر عليه خوضه التأويل، وينكر عليه ما خاطب به الملائكة على طريق الوعظ، فما اقصر، وأبان عن فضيلةٍ وورعٍ - رحمه الله - .[ وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في ذيل طبقات الحنابلة في ترجمة الإمام عبيد الله العلثي: ]قلت: وله رسائل كثيرة إلى الأعيان بالإِنكار عليهم والنصح لهم. ورأيت بخطه كتاباً أرسله إلى الخليفة ببغداد. وأرسل أيضاً إلى الشيخ علي بن إدريس الزاهد - صاحب الشيخ عبد القادر - رسالة طويلة، تتضمن إنكار الرقص والسماع والمبالغة في ذلك. وله في معنى ذلك عدة رسائل إلى غير واحد. وأرسل رسالة طويلة إلى الشيخ أبي الفرج بن الجوزي بالإنكار عليه فيما يقع في كلامه من الميل إلى أهل التأويل يقول فيها...) ثم ذكر نص الرسالة ,والتي جاء فيها((وإذا تأولت الصفات على اللغة، وسوغته لنفسك، وأبيت النصيحة، فليس هو مذهب الإمام الكبير أحمد بن حنبل قدس الله روحه، فلا يمكنك الانتساب إليه بهذا، فاختر لنفسك مذهباً، إن مكنت من ذلك، وما زال أصحابنا يجهرون بصريح الحق في كل وقت ولو ضُربوا بالسيوف، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا يبالون بشناعة مشنع، ولا كذب كاذب، ولهم من الاسم العذب الهني، وتركهم الدنيا وإعراضهم عنها اشتغالاً بالآخرة: ما هو معلوم معروف. ولقد سودت وجوهنا بمقالتك الفاسدة، وانفرادك بنفسك، كأنك جبار من الجبابرة، ولا كرامة لك ولا نعمى، ولا نمكنك من الجهر بمخالفة السنة، ولو استقبل من الرأي ما استدبر: لم يحك عنك كلام في السهل، ولا في الجبل، ولكن قدر الله، وما شاء فعل، بيننا وبينك كتاب الله وسنة رسوله، قال الله تعالى: " فإنْ تَنَازَعْتُم فِي شَيْءً فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول " ولم يقل: إلى ابن الجوزي. وترى كل من أنكر عليك نسبته إلى الجهل، ففضل الله أُوتيته وحدك؟ وإذا جَهَّلت الناس فمن يشهد لك أنك عالم؟ ومن أجهل منك، حيث لا تصغي إلى نصيحة ناصح؟ وتقول: من كان فلان، ومن كان فلان. من الأئمة الذين وصل العلم إليك عنهم، من أنت إذاً؟ فلقد استراح من خاف مقام ربه، وأحجم عن الخوض فيما لا يعلم، لئلا يندم. فانتبه يا مسكين قبل الممات، وحَسِّن القول والعمل، فقد قرب الأجل، للّه الأمر من قبل ومن بعد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)) انتهى. ولهذا رد شيخ إسلام ابن تيمية لمن أطلق لقب الحشوية قائلا : (( فيه مثبتة الصفات الخبرية التي دل عليها الكتاب والسنة أو لا تدخلهم ؛ فإن أدخلتهم كنت ذامًا لكل من أثبت الصفات الخبرية ومعلوم أن هذا مذهب عامة السلف ومذهب أئمة الدين ، بل أئمة المتكلمين يثبتون الصفات الخبرية في الجملة وإن كان لهم فيها طرق كأبي سعيد بن كلاب، وأبي الحسن الأشعري، وأبو بكر البيهقي.....وإن لم تدخل في اسم الحشوية من يثبت الصفات الخبرية لم ينفعك هذا الكلام ).([ مجموع الفتاوى (3/186). فتبين أن أهل الكلام هم أحق بهذا الوصف لكنهم يرموا غيرهم بما فيهم . قال ابن القيم((: (وإذا قالوا حشوية صوروا في ذهن السامع قوما قد حشوا في الدين ما ليس منه وأدخلوه فيه وهو حشولا أصل له ، فتنفر القلوب من هذه الألقاب وأهلها، ولو ذكروا حقيقة قولهم لما قبلت العقول السليمة والفطر المستقيمة سواه والله يعلم وملائكته ورسله وهم أيضا أنهم براء من هذه المعاني الباطلة وأنهم أبعد الخلق منها وأن خصومهم جمعوا بين أذى الله ورسوله بتعطيل صفاته وبين أذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبـوا ).([ 3). وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على العز بن عبد السلام وناقشه في بعض ما جاء في عقيدته التي نقلها السبكي في طبقاته من اتهام لأهل السنة بالحشو والتشبيه. [مجموع الفتاوى (4/144-164)]. - وإن شئت – أيها القارئ الكريم – شاهدا آخر على صدق ما حررناه لك هاهنا فانظر – رحمك الله – إلى ما قاله الإمامان الجليلان : الشيخ عبد القادر الجيلاني ، والإمام ابن قتيبة _ رحمهما الله - فمن ذلك ما قاله الإمام عبد القادر الجيلاني في كتاب ( الغنية لطالبي الحق ص 80 ) : ( واعلم أن لأهل البدع علامات يعرفون بها ، فعلامة أهل البدعة الوقيعة في أهل الأثر ، وعلامة الزنادقة ، تسميتهم أهل الأثر بالحشوية ، ويريدون إبطال الآثار ، … وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة ، ولا اسم لهم إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث ، ولا يلتصق بهم ما لقبهم به أهل البدع ، كما لم يلتصق بالنبي – صلى الله عليه وسلم – تسمية كفار مكة ساحرا ، وشاعرا ومجنونا ومفتونا وكاهنا ولم يكن اسمه عند الله وعند ملائكته وعند إنسه وجنه وسائر خلقه إلا رسولا نبيا ، بريا من العاهات كلها .. )أ.هـ . -وأما دعوى أن الأشاعرة من أهل السنة فدعوى خاوية على عروشها إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين لنا الميزان الذي يعرف به السني من غيره فقال((ما أنا عليه وأصحابي " ومعناها قطعاً صحيح ، ولا تخالف فيه الأشاعرة ، بل في الجوهرة : (( وكل خير اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف فنقول لهم إذن : أكان مما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة : تقديم العقل على النقل أو نفي الصفات ما عدا المعنوية والمعاني ، أو الاستدلال بدليل الحدوث والقدم ، أو الكلام على الجوهر والعرض والجسم والحال ، أو أن الإيمان هو مجرد التصديق القلبي ، أو القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ، أو الكلام النفسي الذي لا صيغة له ، أو نفي قدرة العبد وتأثير المخلوقات ، أو إنكار الحكمة والتعليل … إلى آخر ما في عقيدتكم ؟ إننا نربأ بكل مسلم أن يظن ذلك أو يقوله . بل نحن نزيدكم إيضاحاً فنقول : إن هذه العقائد التي أدخلتموها في الإسلام وجعلتموها عقيدة الفرقة الناجية بزعمكم ، هي ما كان عليه فلاسفة اليونان ومشركوا الصابئة وزنادقة أهل الكتاب . لكن ورثها عنهم الجهم بن صفوان وبشر المريسي وابن كلاب وأنتم ورثتموها عن هؤلاء ، فهي من تركة الفلاسفة والابتداع وليست من ميراث النبوة والكتاب . ومن أوضح الأدلة على ذلك أننا ما نزال حتى اليوم نرد عليكم بما ألفه أئمة السنة الأولون من كتب في الردود على " الجهمية " كتبوها قبل ظهور مذهبكم بزمان ، ومنهم الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والدارمي وابن أبي حاتم … فدل هذا على أن سلفكم أولئك الثلاثة وأشباههم مع مازدتم عليهم وركبتم من كلامهم من بدع جديدة . على أن المراء حول الفرقة الناجية ليس جديداً من الأشاعرة ، فقد عقدوا لشيخ الإسلام ابن تيمية محاكمة كبرى بسبب تأليفه " العقيدة الواسطية " وكان من أهم التهم الموجهة إليه أنه قال في أولها : " فهذا اعتقاد الفرقة الناجية… " . إذ وجدوا هذا مخالفاً لما تقرر لديهم من الفرقة الناجية هي الأشاعرة والماتريدية . وكان من جواب شيخ الإسلام لهم أنه أحضر أكثر من خمسين كتاباً من كتب المذاهب الأربعة وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين كلها توافق ما في الواسطية وبعضها ينقل إجماع السلف على مضمون تلك العقيدة . وتحداهم رحمه الله قائلاً : " قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين ، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة … يخالف ما ذكرت فأنا أرجع عن ذلك " . قال : " ولم يستطع المتنازعون مع طول تفتيشهم كتب البلد وخزائنه أن يخرجوا ما يناقض ذلك عن أحد من أئمة الإسلام وسلفه " . فهل يريد الأشاعرة المعاصرون أن نجدد التحدي ونمدد المهلة أم يكفي أن نقول لهم ناصحين : إنه لا نجاة لفرقة ولا لأحد في الابتداع ، وإنما النجاة كل النجاة في التمسك والاتباع . ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس.))(4) وبهذا يتبين المقصود والحمد لله رب العالمين. -------- (1) أهل البدع؛ كل صنف منهم، يلقب أهل السنة بلقب افتراه –يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد- كما أن المشركين كانوا يلقبون النبي بألقاب افتروها".اهـ (الحموية الكبرى ص 154، ومجموع الفتاوى 5/111) وعزاه شيخ الإسلام إلى إسحاق بن إبراهيم الشافعي. (2) درء تعارض العقل والنقل(5/255-256) (3)الصواعق المرسلة لابن القيم (3/951،952). (4)منهج الأشاعرة في العقيدة |
الساعة الآن 04:36 AM. |
Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "