French | English | Thai (ภาษาไทย) | Shqipe | Türkçe | Indonesian | Tagalog | اردو | عربي | فارسي
 
 
القائمة البريدية
أدخل بريدك الإلكتروني من أجل الاشتراك معنا في القائمة البريدية
عداد الزوار
المتواجدون الآن على الموقع الرئيسي :

( 10859 )



















السنة --> مناقشة آراء أهل السنة
    أرسل لصديق

إغلاق النافذة

المقالات --> المادة المختارة

يا دولة الرئيس.. "رَعيُ الجِمال خيرٌ من مَسحِ العائم"

 

أضيفت في: 9 - 7 - 2011

عدد الزيارات: 1078

المصدر: مقالة للكاتب /حسن بن صالح الحميد

في هذه الأيام يتهيأ رئيس الوزراء اللبناني الدكتور نجيب ميقاتي لاستكمال خطوات تولي رئاسة حكومة حزب الله وحلفائه. وبادي بدءٍ أقول: إن دولة الرئيس نجيب ميقاتي  لا تنقصه الحصافة والخبرة بفسيفساء المجتمع اللبناني ، فهو أعرف الناس بخارطة تحالفاته وولاءاته. بل ربما كان من أكثر رجالات لبنان ذكاء وهدوءا وعصامية .. فهل سيقود سفينة لبنان العصية أم سينقاد لرياحها الدّبور.. وهل حَسَبها دولة الرئيس بشكل صحيح أم أن ما أقدم عليه كبوة جواد ؟ .. وماذا يجب عليه من أجل مستقبله ومستقبل لبنان ؟.
إن النتيجة الأولية والبدهية التي خرج بها أكثر المراقبين هي أن ميقاتي تورّط في قبول رئاسة حكومة حزب الله ، وورّط فريقه في التخندق معها، لأنه هو ونوابه يمثلون [الكيان الأضعف] فيها وهم [الأكثر خسارة] لأهدافهم من بين مكوناتها. وهم [الغرباء] الذين لا يُحمَدون إذا وافقوا، ولا يُعذَرون إذا خالفوا. لأن هذه الحكومة التي هي مزيج من حزب الله .. وعون .. وجنبلاط ، هم إما مكاشر بعداوته عميل ، أو تاجر شنطة ، أو متقلب؛ يأتي به الدولار ، ويحجزه العصا. وعندما يأتي ميقاتي رئيسا، وفريقه الصغير مرجِّحا ليجعل من الأقلية أكثرية فإنه يرتكب عدة أخطاء استراتيجية قاتلة، أهمها:
- أن دولة الرئيس ينتحر سياسيا؛ لأنه لا مستقبل لأقلية سنية في ظل هيمنة حزب الله ، مهما قدّمت من تنازلات .. ولن يتمكن من إمساك العصا من الوسط؛ فهو بين بقاء مُهِين أو خروج مشرِّف.
- أن ميقاتي وحزبه قد شرعوا عمليا في خذلان عمقهم الجغرافي [طرابلس وعموم الشمال اللبناني] في حين لم يفعل أهل الضاحية الجنوبية وبلدات في الجنوب اللبناني فِعلَهم ، وهي تعاني احتلالا عمليا وليس مجرد هيمنةِ أغلبيةٍ رافضية.
- كما أن ميقاتي ونوابه بسلوكهم هذا يشقون عصا التيار السني في عموم لبنان؛ الذي يعاني أصلا من عمليات استقطاب وتفتيت ، وهو اليوم أحوج من أي وقت إلى جمع الكلمة ووضع المصالح العليا فوق أي اعتبار. وهذا في عالم السياسة سذاجة ، وغفلة .. والطاحونة الحزبية لا ترحم المغفلين.
- أن ميقاتي يجعل نفسه وفريقه، بل ولبنان كله - سياسيا وعسكريا وجغرافيا - في مواجهة الشعب السوري الثائر ضد الاستبداد ، وحارسا وجنديا للنظام السوري القمعي. فكيف يقبل دولة الرئيس أن يكون لبنان الديمقراطي حارسا وشرطيا لأكثر الأنظمة العربية طائفية ودموية ؟. وهل يستطيع أن يفعل غير ذلك من موقعه الحالي ؟. هل الرئيس ميقاتي وفريقه مشتاقون للوصاية السورية بعد أن أنقذهم الله منها!.
- وبالتالي فإن ميقاتي [رئيس وزراء كل اللبنانيين] لن يحقق لأكثرية الطوائف في لبنان أية مطالب، بل سيكرس رئاسته – شاء أم أبى – لتدمير مكتسباتهم - المحدودة أصلا – وتعظيم مكتسبات الآخرين على حسابهم ، في بلد الطائفية بامتياز. ولعل في تصريحات ميقاتي ورغبته جمع سلاح الشمال اللبناني، على هامش المواجهات الأخيرة المشبوهة في طرابلس .. لعل ذلك أوّل مكتسبات أهله من حكومته!!. ونخشى أن يكون القادم أسوأ يا دولة الرئيس.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة              على المرء من وقع الحُسام المهنّد
إن من يعرف رجاحة عقل الرئيس ميقاتي وخبرته يستكثر ويندهش أن يضع نفسه في هذا الموضع الذي لا يخدمه سياسيا ولا طائفيا ولا وطنيا.. إذ كيف يقبل برئاسة حكومة هو كان سببا في جعلها أكثرية ، مع كامل معرفته بأجندتها وأهدافها .. إن ميقاتي يعلم جيدا أن حزب الله كان هو الذراع الباطش لنظام الأسد ، والممثل الشرعي للولي الفقيه في لبنان. فهو – أعني حزب الله – مُتّهم بالخيانة العظمى بالمقياس الوطني ، وخارجٌ على الشرعية بسلاحه بالمنطق القانوني للدولة .. فكيف يقبل ميقاتي أن يترأس هذه الحكومة ، ويضفي عليها الشرعية ؟؟.
إن الرئيس ميقاتي أراد أن يكسر شوكة الطائفية ، فتمكن أن يكسر شوكة طائفته فقط. وأراد أن يحمي النهج الديمقراطي فانحاز إلى التيار الأكثر دموية وابتزازا، وكفرا بالديمقراطية. ولو أراد دولة الرئيس أن يقول الحقيقة في فريق حكومته لقال إن الذي شق عصا المواطنة ، وأحدث الشرخ في كيان لبنان هو حزب الله الذي استقوى بالسلاح الفئوي، الذي انحصرت وظيفته في ترهيب الشعب اللبناني وتركيعه مراتٍ عدة ، كما انحصرت وظيفة الجيش السوري في مقاومة الشعب وقتله وتشريده. ودولة الرئيس يعلم بأن حزب الله لن يأتي للبنان بأفضل مما جاء به النظام السوري للبنان .. وللشعب السوري. ومن يشابه سيّده فما ظلم.
إن أول قضية وأهم قضية يجب أن تشغل بال دولة الرئيس ميقاتي هي إعادة هيبة الدولة ، وتوحيد مؤسساتها ، وتطبيق القانون وردّ الخارجين عليه، ولعل أخطرها الخروج المسلح على الدولة والشعب. وليبدأ بحلفائه الجدد، وليجرّب سلطته كرئيس.
إن بقاء سلاح حزب الله خارج سلطة الدولة هو معضلة يجب حلّها حتى يتأهل حزب الله للمشاركة في حكومة ترعى القانون؛ لأن من شرط الديمقراطية أن يكون أطرافها متكافئين في الفرص. وإلا فما الفرق بين حزب الله الديمقراطي المسلح في لبنان وبين الحزب الوطني الذي يحكم مصر قبل الثورة ، وحزب البعث السوري الحاكم؟ وغيرهم. أليست قوة السلاح هي التي جعلتهم حكاما [ديمقراطيين بالقوة]، أو مخرّبين إن فاتهم البقاء في السلطة !؟. فهل رأيت – دولة الرئيس - حزب الله استثناءً من هذه الديمقراطية العربية ؟
وليس من حُسن القدر لكم دولة الرئيس أن يكون شرط تنفيذ العدالة ، أن لا تؤثر سلبا على السِّلم الأهلي .. لأن هذا منطق مقلوب!. وهل يأتي السلم الأهلي إلا بالعدالة!. ولعل الذي سوّغ هذا الانقلاب المفاهيمي أن العدالة قد تُجَرِّم الفريق الخارج على القانون بقوة السلاح!! وإذا اطّرد هذا المنطق المقلوب فإن نزع السلاح غير الشرعي يعرض السلم الأهلي.. ومحاكمة المجرمين وإيقاف مسلسل الاغتيالات يعرض السلم الأهلي.. وفتح أبواب لبنان لإيواء المشردين من جحيم النظام السوري يعرض السلم الأهلي للخطر .. بل وبقاء الأقلية أقلية بحجمها وتمثيلها يُعرّض السلم الأهلي للخطر أيضا!!. فكيف قَبِل شخصكم الكريم أن يقود حكومةً هذا سلوكها، وهذه إنجازاتها، وهذه مواصفات الدولة التي ترتضيها؟.
كاتب هذه الأسطر ينظر إلى مقامكم باحترام ولشخصكم الكريم بتقدير .. وأتمنى عليكم أن تعيدوا تقدير الموقف وقراءة مستجدات الساحة، وألا يغيب عنكم تاريخ هذا الحزب  القريب والبعيد . وقد قال الشاعر العربي:
إلاّ إنّما الأيام أبناء واحد                    وهذي الليالي كلها أخوات
فلا تطلبن من عند يوم وليلة            خلاف الذي مرّت به السنوات
إن مستقبل لبنان عامة ، ومستقبلكم شخصيا ليس في قيام هذه الحكومة أو رئاستها ، وإنه لا يشرفكم أن تكونوا جزءً منها ، لأنكم تنطلقون من منطلقات وطنية وتفكرون بروح لبنانية عربية . والمكوّن الرئيس لهذه الحكومة لا علاقة له بهذه المعاني، لأنه لا يحسنها وليست من أولوياته. إن مكانكم الطبيعي هو في نسيجكم المتجانس مع الوطنيين والشرفاء ، وهم أكثرية اللبنانيين. وإن خلافكم مع تيار المستقبل أو غيره لا يُسوِّغ ارتماءكم في أحضان حزب الله. وَلَأَن يبقى لبنان بلا حكومة خير من حكومة يرأسها ذو رأي لا يطاع. وأذكركم – دولة الرئيس – أن الاصطفاف الطائفي ليس خيارا ، ولكنه علاج لابد منه أحيانا، إذا كانت الأطراف الأخرى متطرفة في الطائفية ، مُتترِّسة خلف سلاحها. فهل المطلوب أن تخسر طائفةٌ قوة السلاح وقوة اجتماع الكلمة، في الوقت الذي يعجز لبنان بكل مكوناته أن يحمي نفسه من شرّ أقل الطوائف والمكونات؟.
واسمحوا لي – دولة الرئيس - أن أستعير من ابن عبّاد مقالته السائرة، وأقول على مِنوالها "رَعيُ الجِمال خيرٌ من مَسحِ العائم".
 


سجل تعليقك