French | English | Thai (ภาษาไทย) | Shqipe | Türkçe | Indonesian | Tagalog | اردو | عربي | فارسي
 
 
القائمة البريدية
أدخل بريدك الإلكتروني من أجل الاشتراك معنا في القائمة البريدية
عداد الزوار
المتواجدون الآن على الموقع الرئيسي :

( 16383 )



















السنة
    أرسل لصديق

إغلاق النافذة

المقالات --> المادة المختارة

العرب وإيران.. والتبعات الاستراتيجية للرئيس الأمريكي الجديد

 

أضيفت في: 20 - 10 - 2008

عدد الزيارات: 992

المصدر: مفكرة الإسلام / محمد الزواوي

مفكرة الإسلام / بدأ العد التنازلي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، بعد أن خاض المرشحان ثلاث مناظرات أسفرت عن فوز واضح للسيناتور أوباما المرشح الديموقراطي على منافسه الجمهوري جون ماكين بحسب استطلاعات الرأي، بعد أن أستطاع أوباما أن يفرض أسلوبه المنطقي والعقلاني على تلك المناظرات التي ناور فيها ماكين معتمدًا على سجله السابق كرجل عسكري وعلى هجومه على أوباما بدلاً من الالتفات إلى المستقبل وإلى ما سوف يقوم بعمله عندما يصبح رئيسًا، فيما تغاضى أوباما عن تجاوزات واتهامات ماكين، مما جعله يظهر بصورة المتسامح العملي الذي يركز على خططه المستقبلية وعلى ما سيقوم بفعله عندما يصبح رئيسًا، كما تغاضى عن اتهامات ماكين لأوباما بأنه "لا يفهم" الكثير من الأمور، وهو ما أظهر ماكين في صورة الشخصية الشريرة النفعية غريبة الأطوار، مما أسهم في تدني شعبيته حتى الآن بين الناخبين.

فالناخبون الأمريكيون يعتمدون على "الصورة" بصفة أساسية في اختيار رئيسهم، وهو ما ساعد الرئيس السابق بيل كلينتون في حصد أصوات النساء بسبب وسامته وصغر سنه مما جعله يتربع على عرش الرئاسة لفترتين، كما فاز من قبل الممثل الأمريكي رونالد ريجان للسبب ذاته، لذا فإن هناك عنصرًا أساسيًا في حملات الانتخابات الأمريكية بصفة عامة وهو عنصر المستشارين الذين يقولون للمرشح كيف يلبس وكيف يتحدث وكيف يتحكم في الرأي العام وكيف يصافح مؤيديه ومعارضيه وكيف يحشد الحشود من خلفه أثناء الخطابات لتظهر تعددية أمريكا بألوانها البيضاء والسمراء والصفراء والحمراء.

فكل تلك الأمور أهم بكثير للناخب الأمريكي من أجندة مرشح الرئاسة، كما وضح أن اختيار ماكين لسارة بالين لم يأت لكفاءتها ولكن من أجل اجتذاب أصوات النساء اللائي أظهرن تعاطفًا واضحًا مع هيلاري كلينتون، تلك الورقة التي يحاول ماكين أن يلعب بها بصرف النظر عن كفاءة بالين السياسية وبصرف النظر عن فضائحها وسوء استخدامها للسلطة كحاكمة لولاية آلاسكا، وحمل ابنتها سفاحًا، فما يهم ماكين هو فقط أنها امرأة، كما أن النظام الانتخابي الأمريكي يعد الأبعد عن الديموقراطية بمفوهمها الغربي، حيث يتم إجراء الانتخابات بنظام المجمعات الانتخابية في كل ولاية على حدة، ومن يفوز بالأغلبية يحصد جميع أصوات الولاية، وهو ما يؤثر على حيدة ونزاهة الانتخابات التي يتم التعامل فيها وكأن سكان كل ولاية هم سكان دولة مستقلة وليس كأنهم جزء من الشعب الأمريكي.

وعلى الجانب الآخر استطاع أوباما أن يحول الهجوم الذي وجه ضده إلى عنصر قوة في حملته، فقد هوجم لأنه أسود ولأن له جذورًا مسلمة، واستطاع أن يحشد آراء كل المهمشين في المجتمع الأمريكي المكون أساسًا من أخلاط وأعراق مختلفة ولعب جيدًا بورقة العنصرية، كما استطاع أن ينفي عنه "تهمة" الجذور المسلمة وكذلك الاتهامات الأخرى بعلاقاته بقس متطرف وببعض العنصريين السود الذين يبغضون البيض، كما أظهر تفوقًا واضحًا على ماكين في الشئون الاقتصادية التي أصبحت كل شيء اليوم في الانتخابات الرئاسية: فالاقتصاد يؤثر على السياسة الداخلية كما الخارجية، ويتحكم أيضًا في مستويات البطالة وفي طريقة تقديم الرعاية الصحية وفي كل الأمور التي تهم الناخب الأمريكي، في حين استطاع أوباما ببراعة أن يوسم ماكين بأنه ليس إلا استمرارًا لسلفه جورج بوش الذي أورد أمريكا الموارد، وهي التهمة التي فطن إليها ماكين وحاول أن ينفيها وأن ينأى بنفسه عن جورج بوش الجمهوري ولكن بعد فوات الأوان.

لذا فإن التوقعات والاستطلاعات والتي نادرًا ما تخيب بسبب دقتها وحياديتها تشير إلى أن قاطن البيت الأبيض سوف يكون أسود (هذا إذا لم تصدر القاعدة شريطًا صوتيًا بشأن انتخابات الرئاسة!) وفوز أوباما يعني أن الديموقراطيين سوف يعملون على فرض أجندتهم بانسحاب تدريجي من العراق والتركيز على أفغانستان، إضافة إلى تجنب الحرب مع إيران واختيار المفاوضات بدلاً من المواجهة العسكرية، (وهو ما أثار سخرية ماكين الذين اتهم أوباما بالتهاون) كما أن أوباما سوف يعمل على مواجهة الصين في الفترة المقبلة التي يراها التحدي الأكبر لبلاده في المجالات التجارية، والتي يتهمها مرارًا وتكرارًا بأنها تقوم عن عمد بتخفيض عملتها من أجل المنافسة تجاريًا، ذلك العملاق بسكانه البالغ عددهم 1.3 مليار نسمه والذي كان المستفيد الأكبر حتى الآن من تحرير التجارة والاقتصاد العالمي.

ولكن تظل شخصية كلا المرشحين لها دلالاتها الهامة في ظل النظام السياسي الأمريكي الذي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات واسعة في تطبيق السياسات؛ حيث إنه هو رأس السلطة التنفيذية في البلاد وهو رئيس الدولة وهو رئيس الحكومة أيضًا وهو الذي يعين الوزراء، كما أن ثقل حزبه في الكونجرس عادة ما يعطيه حصانة إضافية ضد أية محاولات لتقويض سلطاته، وبالرغم من أن القرار السياسي في الولايات المتحدة يعتمد بصورة كبيرة على المؤسسات ومراكز الدراسات والوكالات الاستخبارية المسئولة عن جمع المعلومات، إلا أنه من المتوقع ومن ملامح شخصية أوباما التي أظهرها حتى الآن أن يكون أكثر ليونة وأقل ديكتاتورية برفعه للافتات التغيير، أما جون ماكين فهو نموذج للجمهوري في حقبة بوش وصاحب سجل حافل كرجل عسكري سابق يوحي بأنه سوف يكون أكثر قبضًا على السلطة من نظيره الديموقراطي.

ولكن الأهم لنا كمسلمين هو بالطبع السياسة الخارجية الأمريكية، والتي يتوقع لها أن تكون أكثر ترويضًا بصرف النظر عن هوية الرئيس القادم، فقد عقدت إحدى الشبكات الأمريكية مؤخرًا ندوة جمعت أشهر وزراء خارجية الولايات المتحدة في العصر الحديث، وعلى رأسهم الدكتور هنري كيسينجر إضافة إلى مادلين أولبرايت وكولن باول وجيمس بيكر ووارين كريستوفر، وقد أجمع هؤلاء الخبراء على أن الولايات المتحدة يجب أن تكون أكثر اعتدالاً في سياستها الخارجية، وأن تتجنب الحروب الوقائية التي كلفت أمريكا الكثير من الأموال والدماء، وأن تنأى بنفسها عن التدخل في الصراعات الخطيرة مثل دارفور فقد عارضوا بشدة الزج بالقوات الأمريكية في أتون المشكلة السودانية، كما نادوا بالانسحاب التدريجي من العراق وبالتركيز على أفغانستان.

إلا أن ذلك ليس بالضرورة سوف يكون مفيدًا للعرب والمسلمين، حيث إن سحب القوات من العراق وعدم التدخل العسكري في دارفور لن يعني انتهاء الهجمة على العالم الإسلامي، ولكن معناه أن الحملة الأمريكية سوف تركز بكثافة على أفغانستان من أجل السيطرة عليها وعلى طرد المجاهدين منها وكذلك تصفية البؤر الموالية لطالبان في المناطق الحدودية مع باكستان، وهو ما يعني العمل على تجفيف منابع المجاهدين في كل من أفغانستان وباكستان، إضافة إلى العمل على إضعاف شوكة الأحزاب الإسلامية الباكستانية التي لا تفرخ المجاهدين فقط ولكن العلماء أيضًا من خلال المدارس القرآنية، فباكستان دولة محورية لأمريكا بسبب حيازتها للسلاح النووي وبسبب تأثيرها المباشر على بشتون أفغانستان وبدعمها الاستخباراتي لبعض فصائل المجاهدين الذين بالطبع يعمل جزء منهم على تحقيق أجندة باكستان في كشمير المتنازع عليها مع الهند أقوى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، والتي عقدت معها أمريكا اتفاقًا نوويًا مؤخرًا.

كما سوف يعني انسحاب أمريكا من العراق والتركيز على أفغانستان أن الولايات المتحدة سوف تكون مستعدة لتسليم العراق إلى إيران لكي تقوم هي بترويضها على طريقتها مقابل صفقة وقف تخصيب اليورانيوم، وهو ما أعلنته إيران مؤخرًا نظير إمدادها بكميات كافية من الوقود النووي لاستخدامه في توليد الطاقة، فإيران تعلم أن امتلاكها للسلاح النووي خط أمريكي أحمر، وأمريكا تعلم أن إيران مستعدة للتنازل مقابل النفوذ الإقليمي، فمن المرجح أن يلتقي الطرفان خاصة وأن أوباما من أشد المؤيدين لعقد حوارات مباشرة مع طهران، وقال أنه على استعداد أن يبدأ حوارًا بدون شروط مسبقة معها وأن يتم ذلك على أعلى المستويات الدبلوماسية، كما أن تضخيم النفوذ الإيراني يصب في المصالح الأمريكية بعيدة المدى؛ حيث سيزيد من اعتماد الخليج على الحماية الأمريكية والتي تعني بالضرورة في مقابل ذلك ضمان تدفق النفط للغرب وتربح شركات تصنيع السلاح العملاقة التي تعد جزءًا من المنظومة الرأسمالية الأمريكية من ذلك التوتر في المنطقة، إضافة إلى الشركات العملاقة الأخرى التي تعد جزءًا لا يتجزأ من منظومة السيطرة الأمريكية على العالم وتبلغ ميزانياتها أرقامًا فلكية تقارب ميزانيات أعتى الدول في العالم.

كما أن الرئيس الأمريكي القادم بصرف النظر عن هويته من المتوقع أن يقلل اعتماد بلاده على النفط الخارجي من العرب وفنزويلا بصورة تدريجية، كما نادى كلا المرشحين بزيادة المخصصات المالية للإنفاق على أبحاث الوقود البديل وتصنيع السيارات الهجينة الأقل استهلاكًا اللوقود الأحفوري، كما أن ذلك سوف يتماشى مع سياسة كلا المرشحين في أن تقود أمريكا الجهود من أجل وقف الانبعاثات الكربونية ووقف ظاهرة الاحترار العالمي التي تهدد كوكبنا بأسره، وتقليل الاعتماد على نفط العرب ربما يكون له تداعياته الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة على منطقتنا، وهو ما لم نستعد له بالطبع حيث لا نزال نعتمد على صادراتنا البترولية في توفير حاجات المواطنين بدون إنشاء قاعدة صناعية وتجارية وزراعية يعتمد عليها في توفير عيش كريم لبلادنا العربية.

إن الرئاسة القادمة للولايات المتحدة تحمل الكثير من التحديات للعرب والمسلمين بصرف النظر عن هوية الرئيس الجديد أو انتمائه الحزبي بسبب مشكلات الطاقة والانسحاب من العراق وزيادة النفوذ الإيراني، ولكن يبدو أن العرب لن يتحركوا في المستقبل المنظور من أجل تغيير أنفسهم وصنع مستقبلهم، ولكن في المقابل سوف ينتظرون بترقب ليروا ما ستسفر عنه عملية تغيير الرئاسة الأمريكية كما انتظر أسلافهم من قبل.. في دورة يبدو أنها سوف تظل تتكرر .. بلا نهاية في المستقبل القريب.

 


سجل تعليقك