الشبهة الثالثة:
قال الشيعة الروافض: لقد كان في زمن النبيr منافقون، وأنتم جعلتم الجميع صحابة عدولا، وقد أسر النبيr لحذيفة بأسماء المنافقين والله تعالى يقول: ]وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ[.
الجواب من وجوه:
أولا: بالنسبة للآية: إذا كان الرسولr لا يعلمهم فكيف علمتموهم أنتم، وبالنسبة للحديث: إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام قد أسر بأسمائهم لحذيفة فكيف بلغتكم أسماؤهم حتى جعلتموهم من المنافقين؟
الوجه الثاني: نحن لا نسلم لكم أننا عددنا المنافقين من جملة الصحابة، فإن المنافقين عرفوا من عدة وجوه:
فمنهم من يعرف في لحن القول كما قال تعالى: ]ولتعرفنهم في لحن القول[، ومنهم من أظهر ما في باطنه، وإن اتخذ بعد ذلك يمينه جنة كما حصل للمتخلفين يوم غزوة تبوك، باستثناء الثلاثة الصادقين.
ومنهم من نص العلماء على اسمه بما ظهر من كلامه أو مواقفه.
ومنهم من كان حذيفة يترك الصلاة عليه إذا مات، ويترك الصحابة الصلاة عليه أسوة بحذيفة.
الوجه الثالث: أنتم جعلتم خيار الصحابة من المنافقين وقد برأ حذيفةt عمرt وقال: لست منهم وهو عندكم من رؤوس النفاق، فخالفتم حديث حذيفة الذي تحتجون به.
نحن جعلنا في جملة الصحابة من عرف بالجهاد بالنفس والمال في سبيل الله والمنافقون ليسوا كذلك، وجعلنا في جملتهم أهل الصنف الحسن والفقه في الدين، والمنافق لا تجتمع فيه هاتان الخصلتان، وجعلنا المهاجرين والأنصار الذين آووا ونصروا وأحوالهم هذه تنافي النفاق.
فهل لكم أن تسموا واحدا ممن عددناهم من الصحابة وتُثْبِتُوا عليه ما يدل على النفاق؟ فإذا عجزتم فدعواكم باطلة.
لو سلمنا أننا أخطأنا في عد بعض المنافقين في الصحابة، والمنافقون لم يعرفوا بتحمل العلم ونشره في الناس، فلا يضر حيث أنهم ليست لهم رواية.
الوجه الأخير: لو سلمنا أننا أخطأنا في عد من ليس بصحابي صحابيا وذلك في نطاق ضيق جدا، فأين خطؤنا هذا من تكفيركم وتفسيقكم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان إلا نفرا يسيرا؟ أين هذا من ذاك؟ ولو سلمنا بخطئنا في ذلك فالخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة.
والخلاصة: البينة على المدعي، عليكم يا روافض أن تثبتوا من سميناهم من الصحابة أنه منافق وتأتون بالأدلة على أنه فعل أفعال المنافقين أو سلك مسلك المنافقين، وأنا لكم ذلك؟
ثم إن الواقع والتاريخ يثبتان قلَّةَ المنافقين وضعْفَهُم هذا له وجه من وجاهة، في زمن الصحابة، -على مذهب الروافض في زمن المنافقين- ولو كان الأمر كما يزعم الروافض لكانوا هم أهل الشوكة والقوة والكثرة ولاستطاعوا أن يسفكوا برسول اللهr وبالفئة القليلة المؤمنة الذين لا يتعدون تسعة على رأي الروافض، أو بضعة عشر على رأي بعضهم.
ويقال للروافض على سبيل الإلزام: بأي شيء أخرجتم من ترضون عنهم من الصحابة من جملة المنافقين، أو بأي دليل؟ وما يستدل به غيركم على عدالة من تكفرونه أو تفسقونه؟
يقال: وأنتم بموقفكم هذا خالفتم ما جاء عن بعض أئمتكم في بعض مراجعكم ورواياتكم بالثناء على الصحابة إما عموما أو بأوصاف معينة كمن بايع تحت الشجرة إلى غير ذلك.
هذا فيما يتعلق بالرد على هذه الشبهة.