بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي ثبّت أركان الدين بأئمة أهل السنة وأعلامهم، وجعل خلفاء نبيه أتباعه في الدنيا ويوم يدعى كل أناس بإمامهم. وسلك بهم مسلك السداد، ومهد لهم طرق الهدى والرشاد. وعصمهم باتباع سنن رسوله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، من الزيغ والضلال والشبه والأوهام. والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الشريعة الغراء، الواضحة البيضاء. وعلى آله أئمة الدين، وصحابته الهادين المهديين.
وبعد:
اعلم رحمني الله وإياك أن أقسام الأخبار عند الروافض لها أصول أربعة: صحيح وحسن وموثق وضعيف.
أما الصحيح: فكل ما أتصل رواته بالمعصوم بواسطة عدل إمامي، وعلى هذا فلا يكون المرسل والمنقطع داخلاً في الصحيح لعدم اتصالهما وهو ظاهر، مع إنهم يطلقون عليها لفظ الصحيح، كما قالوا: روى ابن عمير في الصحيح كذا وكذا.
ولا يعتبرون «العدالة» في إطلاق الصحيح، فإنهم يقولون: رواية مجهول الحال صحيحة كالحسين بن الحسن بن أبان فإنه مجهول الحال نص عليه الحلي في (المنتهى) مع أنها مأخوذة في تعريفه. وكذا لا يعتبر عندهم كون الراوي إمامياً في إطلاق الصحيح فقد أهملوا قيود التعريف كلها.
وأيضاً قد حكموا بصحة حديث من دعا عليه المعصوم بقول: أخزاه الله وقاتله الله، أو لعنه أو حكم بفساد عقيدته أو أظهر البراءة منه.
وحكموا أيضا بصحة روايات المشبهة والمجسمة ومن جوز البداء عليه تعالى، مع أن هذه الأمور كلها مكفرة، ورواية الكافر غير مقبولة فضلاً عن صحتها، فالعدالة غير معتبرة عندهم وإن ذكروها في تعريف الصحيح، لأن الكافر لا يكون عدلاً البتة.
وحكموا أيضاً بصحة الحديث الذي وجدوه في الرقاع[1] التي أظهرها ابن بابويه مدعياً أنها من الأئمة.
ورووا عن الخطوط التي يزعمون أنها خطوط الأئمة ويرجحون هذا النوع على الروايات الصحيحة الإسناد عندهم.
هذا حال حديثهم الصحيح الذي هو أقوى الأقسام الأخرى وأعلاها.
وأما الحسن: فهو عندهم ما أتصل رواته بواسطة إمامي ممدوح من غير نص على عدالته، وعلى هذا فلا يكون المرسل والمنقطع داخلين في تعريف الحسن أيضاً أن إطلاقه عليهما شائع عندهم حيث صرح فقهاؤهم بان رواية زرارة في مفسد الحج إذا قضاه في عام آخر حسن، مع أنها منقطعة.
ويطلقون لفظ الحسن على غير الممدوح، حيث قال ابن المطهر الحلي طريق الفقيه إلى منذر بن جيفر حسن مع أنه لم يمدحه أحد من هذه الفرقة.
أما الموثق: ويقال له «القوي» أيضاً: فكل ما دخل في طريقه من نص الأصحاب على توثيقه، مع فساد عقيدته وسلامة باقي الطريق عن الضعف، مع أنهم أطلقوا الموثق أيضاً على طريق الضعيف، كالخبر الذي رواه السكوني، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنين، وكذا أطلقوا القوي على رواية نوح بن دراج وناجية بن عمارة الصيداوى، وأحمد بن عبد الله جعفر الحميرى، مع أنهم إمامية ولكنهم ليسوا بممدوحين ولا مذمومين.
أما الضعيف: فكل ما أشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال.
----------------------------
[1] لما توفى الحسن العسكري سنة: 260 وهو ابن ثلاثين سنة زعمت الشيعة الروافض أن له ابناً في سن الطفولة توارى في سرداب بمدينة سامراء وأنه كآبائه معصوم ومصدر تشريع، والرقاع أوراق كانوا يكتبون فيها الأسئلة الشرعية ويضعونها ليلاً في ثقب شجرة قريبة من السرداب ، ثم يجدون جوابها في الصباح من الطفل صاحب الزمان بزعمهم. والمظنون أن الذين يجيبون على تلك الرقاع أشخاص أدعوا أنهم (باب) صاحب الزمان، أو لهم عثمان بن سعيد العمرى، ثم أبنه محمد بن عثمان الذي مات سنة: 305، فتولى البابية بعده الحسين بن روح النوبختى إلى أن توفى سنة 326، فأوصى بالبابية إلى علي بن محمد السمرى فكانت له البابية أو السفارة بين الشيعة والسرداب إلى أن مات السمرى سنة 329، وبموته قالوا: إنه قد وقعت الغيبة الكبرى لصاحب الزمان. والرقاع المزعومة كثيرة، منها رقاع على بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، فإنه كان يظهر بين حين وآخر رقعة يزعم أنها بخط الطفل صاحب الزمان في جواب سؤاله، وأنه حصل عليها من طريق الحسين بن روح على يد علي بن جعفر بن الأسود.