عدالة الصحابة رضى الله عنهم من كتب اهل السنة ومراجع الشيعة
بعد قضية الشيخ العريفى السيستانى اشتدت حملة الشيعة على الصحابة تعمدا حتى يصبح سبهم وتكفيرهم شىء عادى على مسامع المسلمين فلا يغضبوا لذلك بعد فترة من الزمان
فرايت افضل دفاع عنهم رضى الله عنهم هو نشر فضائلهم وعدالتهم فى كل مكان وتجميع ما كتب عنهم من الشيوخ والزملاء وتيسيرة فى موضوع واحد ليكون مرجع مفيد فى الرد
ولقد اخترت البداية بالشيخ عثمان الخميس حفظه الله من كتابة حقبة من التاريخ
فى عدالة الصحابة رضى الله عنهم ورد الشبهات عنهم
تعريف الصحابي لغة واصطلاحا
الصحابي: لغة: نسبة إلى صاحب، وله في اللغة معان تدور حول الملازمة والانقياد(1).
واصطلاحا: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام(2).
وهناك تعاريف أخرى.
والصحابة يتفاوتون في ملازمتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وفي فضلهم عند الله تبارك وتعالى. وعدالة الصحابة أمر متقرر عند أهل السنة والجماعة، وسيأتي ذكر أقوال أهل
العلم من أهل السنة والجماعة في عدالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
الأدلة على عدالة الصحابة:
قال تعالى: [لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا] {الفتح: 18}.
بين الله تبارك وتعالى أنه قد رضي عن المؤمنين الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، إذ علم ما في قلوبهم من الإيمان والصدق فأنزل السكينة عليهم في ذلك
الوقت، فهذه شهادة من الله تبارك وتعالى على صدق إيمان أولئك القوم الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة بيعة الرضوان.
________________________________
(1) « لسان العرب »(1/519).
(2) « الإصا بة »(1/10).
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الأحمر »(1).
وكان هذا من المنافقين الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم واسمه الجد بن قيس، وكان عدد الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمئة وقيل ألفا
وخمسمئة، شهد الله لهم بالإيمان وأثبت أن قلوبهم توافق ظاهرهم، وأنه ليس فيهم منافق إلا رجلا واحدا أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم كان معهم ولكن لم يبايع النبي صلى
الله عليه وسلم.
* قال تعالى: [وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا
وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير] {الحديد: 10}.
أي: وعد الذين أنفقوا وقاتلوا من قبل الفتح الحسنى، ووعد الذين أنفقوا وقاتلوا من بعد الفتح الحسنى ومصداق هذا قول الله تبارك وتعالى: [لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون *
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها وهم في ما
________________________________
(1) جامع الترمذي: كتاب المناقب، باب في فضل من بايع تحت الشجرة حديث (3863)، وأصله في « صحيح مسلم »: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب
الشجرة أهل بيعة الرضوان رضي الله عنهم، حديث (2496).
اشتهت أنفسهم خالدون * لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون] {الأنبياء: 100-103}.
فهذه أيضا شهادة ثانية من الله تبارك وتعالى لعموم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سواء منهم من آمن وأنفق من قبل الفتح أم من آمن وأنفق من بعد الفتح.
* وقال الله تبارك وتعالى عند ذكر مصارف الغنيمة: [للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم
الصادقون] {الحشر: 8}.
وقوله: [يبتغون فضلا من الله ورضوانا] كلام عن أعمال القلوب أثبته الله تبارك وتعالى لهم. وقال: [والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في
صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون] {الحشر: 9}.
* قال جل وعلا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم: [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم
المؤمنون وأكثرهم الفاسقون] {آل عمران: 110}.
ويستحيل أبدا أن تكون هذه الأمة التي أخبر الله تبارك وتعالى أنها خير أمة أخرجت للناس يستحيل أن تكون كما تقول بعض
الطوائف: إن المهاجرين والأنصار كلهم ارتدوا إلا ثلاثة(1).
الذين يرتدون جميعا ولا يبقى منهم إلا ثلاثة لا يقول الله فيهم إنهم خير أمة أخرجت للناس.
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه »(2).
* وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يارب، فيقول الله له: هل بلغت؟ فيقول: نعم. فيقال لأمة نوح: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من
نذير، فيقول الله لنوح: من يشهد لك أنك بلغت؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون لنوح عليه الصلاة والسلام؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: وذلك عند قول الله تبارك وتعالى: [
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا] {البقرة: 143}.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا هذه الآية: « الوسط: العدل »(3).
وكذلك من الأمور التي تدل على عدالة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بشكل
________________________________
(1) « أصول الكافي »(2/244).
(2) صحيح البخاري: فضائل الصحابة، باب قول النبي لو كنت متخذا خليلا حديث (3673).
(3) صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب وكذلك جعلناكم أمة وسطا، حديث (4487).
مجمل وعام ما قام به أهل العلم من تمحيص الروايات التي رواها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا صحابيا كذب كذبة واحدة على النبي صلى الله عليه وسلم، بل مع
ظهور البدع في آخر عهد الصحابة رضي الله عنهم لم يكن صحابي واحد من أولئك القوم أبدا، وهذا دليل على أن الله اصطفاهم واختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم(1).
ثم كذلك لابد من التنبيه على أمر مهم وهو أنه لا يلزم من العدالة العصمة، نحن وإن كنا نقول بعدالة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكننا لا نقول بعصمتهم فهم بشر، وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: « كل ابن آدم خطاء »(2) فهم من أولاد آدم خطاءون يخطئون ويصيبون، وإن كانت أخطاؤهم مغمورة في بحور حسناتهم رضي الله تبارك
وتعالى عنهم وأرضاهم.
________________________________
(1) قال عبد الله بن مسعود: « إن الله نظر في قلوب العباد؛ فو جد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته. ثم نظر في قلوب العباد بعد
قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه.. » اهـ. رواه الإمام أحمد في « مسنده »(1/379) وقال العلامة
أحمد شاكر: « إسناده صحيح ». « المسند » بتحقيقه رقم (3600)، وقال المحدث العلامة الألباني- في « تخريج الطحاو ية ص 470 »-: « حسن موقوفا، أخرجه الطيالسي
وأحمد وغيرهما بسند حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، واشتهر على الألسنة مرفوعا، وفي سنده كذاب، والصحيح وقفه، وهما مخرجان في « الضعيفة »(532، 533) ».
(2) « مسند أحمد »(3/198).
* قال العلامة ابن عبد البر رحمه الله: أجمع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول(1).
* وقال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: « اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة »(2).
وكذا نقل العراقي، والجويني، وابن الصلاح، وابن كثير، وغيرهم إجماع المسلمين على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم عدول(3).
* قال الخطيب البغدادي رحمه الله: « على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه(4) لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل
المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد على نزاهتهم وأنهم أفضل من المعدلين والمزكين الذين يجيئون من
بعدهم أبد الآبدين »(5).
________________________________
(1) « الاستيعاب »(1/8).
(2) « الإصا بة »(1/17).
(3) انظر تفصيل ذلك في: كتاب « صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة » الباب الرابع- مبحث: عدالة الصحابة.
(4) يقصد الأدلة التي ذكرها والتي تدل على عدالة الصحابة.
(5) « الكفاية في علم الرواية »(ص 96).