البكتاشية في عهد السلطان محمود العثماني
تعرضت الطريقة البكتاشية لضربة قوية في عصر السلطان العثماني محمود عام 1242 ه/1826 م ، وأدى ذلك لاضغاف نفوذ القوات الانكشارية التي كانت على الطريقة البكتاشية ، وقتل 3 من رؤسائها بناء على فتوى شرعية من مفتي الدولة ، ومن هؤلاء الرؤساء شيخ تكية .
وأدت هذه الضربة للقضاء على الانكشارية بشكل نهائي ، غير أن البكتاشيون ظلت موجودة و لجأت الى العمل السري
وكان السلطان محمود رحمه الله قد اصدر فرمانا بالقضاء على القوات الانكشارية البكتاشية بسبب المخالفات التي قامت بها و نص الفرمان :
" لقد قامت طائفة الانكشارية بمخالفة الشريعة الشريفة، وتجرأت على استحلال المحرمات و ترك الصوم و الصلاة وتكفير حضرة الخلفاء الراشدين وتركوا الطريق المستقيم بسبب جهل البعض من ذوى الايمان الضعيف وانحرفوا إلى طريق الضلال"
مصدر الفرمان :محمد حرب ، مرجع سابق، نقلا عن ارشيف رئاسة الوزراء
ويذكر أسعد افندي المؤرخ الروسي للسطان محمود الثاني في كتابه اس ظفر : ان البكتاشية اتحدت مع الانكشارية وقاموا بخيانة الدين والدولة وفيما يختص بخيانة الدين فانهم قاموا بنشر الالحاد بين الشعب وسلكوا طريقا غير مشروعة في الزوايا والتكايا ، فشربوا الخمر، وسخروا بعقائد اهل السنة علانية مثل اداء فرائض الصلاة والصوم في شهر رمضان ، اما خيانتهم للدولة فتمثل في تدخلهم في شؤون الدولة ومحاولة تغيير السلطة و تدخلها في نظام الضرائب في الدولة الى جانب التمردات والثورات التي اثارتها بين المدنيين بغرض معارضة نظام الدولة"
( المصدر . ٣٥ - ٣ هاجامور اوغلى ، بكتاشية الانكشارية والوقائع الشرعية ، ص ٣٠ )
وكانت الانكشارية قد قادت بعض الثورات على الدولة العثمانية وبدأت في اثارة الشعب في استانبول على العثمانيين ، وكانت احدى هذه الثورات في اليونان على يد ثوري يوناني ينتسب الى الطريقة البكتاشية ويعتنق المسيحية ويؤمن بان البشر أبناء الخالق وكان متاثرا بافكار نابوليون.
ونشأت علاقة بين البكتاشية و الماسونية وكان لها علاقة عضوية مع بعض المحافل الماسونية الفرنسية.
البكتاشية فى عھد الاتحاد والترقى :
كان طلعت باشا رئيس الجمعية بكتاشيا وماسونيا وقامت الجمعية باستقطاب اعضاء لها من البكتاشية الذين كان لهم قوة و سلطة دينية في الدولة ونفوذ قوي للاستفادة منهم في تقوية نفوذ الجمعية.
ويقول الفيلسوف التركي رضا توفيق : في عهد الاتحاد و الترقي كان هناك ثمة وجود عناصر تابعة للبكتاشية باعداد كبيرة من بين كبار الاعضاء وبين صفوف جمعية الشبان الاتراك وكان هؤلاء على استعداد للقيام بثورات و انقلابات. وبالاضافة الى هذا كانت هناك عناصر بكتاشية مثقفة تشغل مناصب قيادية في استانبول وغيرها من المراكز الثقافية الكبرى.
ويقول: أنا شخصيا أعرف منهم الوزراء والسفراء والشعراء وقد رأيت اثنين من البكتاشيين يحتلان منصب شيخ الاسلام واحدهما كاظم افندي. نعم كان يوجد عناصر بكتاشية كثيرة بين اعضاء الجمعيات الثورية الموجودة في استانبول وعلى راسها جمعية الاتحاد والترقي الذي كان يرأسها طلعت باشا ، وكان البكتاشيون دائما على مساندة الجمعية.
نفوذ البكتاشيين في عهد مصطفى كمال اتاتورك:
يتبين نفوذ البكتاشية في تركيا المعاصرة من ذكر علاقتها بمصطفى كمال اتاتورك وتقربه إلى هذه الطريقة للاستفادة من تأثيرها الديني وكثرة اتباعها الذي كانوا يقدرون بالملايين ، وقام اتاتورك بزيارة تكية البكتاشية الكائنة في قيصرية وكان "جمال الدين افندي" هو شيخ الطريقة في ذلك الوقت ، وكان يتزعم 6 ملايين بكتاشي في الاناضول ، وكان نائب مدينة قير شهر في البرلمان التركي عند افتتاحه عام 1920 م وكان ايضا نائب رئيس البرلمان ، والشخص الثاني في الطريقة بعده يدعى "صالح نهازي بابا " ويقوم مقام البابا في الطريقة وكان العلويون عامة والبكتاشيون خاصة لا يخرجون عن طوع هذين الرجلين.
وقد استقبل جمال الدين افندي اتاتورك قبل ان يصل الى قبر الشيخ بكتاش واصطحبه اليه يوم الجمعة 24/12/1919 ثم توجه اتاتورك الى زيارة نيازي بابا وعقد الثلاثة اجتماعا ثلاثيا مغلقا لم يشترك فيه احد سواهم ، ولا يعرف حتى اليوم ما حدث في هذا اللقاء الا انه كان اتفاقا لتحالف .
بعد وفاة جمال الدين عام 1922 خلفه على الطريقة اخوه "ولي الدين" والقى خطابه في البرلمان التركي كشف فيه عن مساندة العلويين والبكتاشيين للحكومة الجمهورية بقيادة اتاتورك " واهم ما جاء فيها " الى كل المحبين المخلصين لجدي "حاجي بكتاش" ولي ان تصريحات وبيانات الفاتح مصطفى كمال باشا الجليل رئيس مجلس الامة التركي تبعث الشرف للامة الاسلامية كلها وتضمن احياء و استقلال امتنا و كلها معلومة لدينا جميعا.
وأنه من الواجب علينا تنفيذ كل مطالب الفتاح الباشا بخصوص رقي وعلو هذا الوطن ، وجميع افكاره صائبه وأن من ينكر هذا فلا علاقة لنا به أبدا، وإنني أوصي جميع المنتسبين الى طريقتنا العلية باهمية شديدة بان لا يؤيدوا أحداً إلا هو ، ومن لم يعمل لنصيحتي فليس منا وسأكرر بياني مرة اخرى لن ينقذ الامة سوى مصطفى كمال باشا وكل أبناء طريقتنا ووطننا معه." ولي الدين /خليفة حاجي بكتاش 25/4/1923.
المصدر - جمال سنر ص 150
المصدر بحث بعنوان "المنھج الصوفى للطريقة البكتاشية وتأثيره على السلطة الحاكمة فى تركيا"
يتبع ان شاء الله..............
---------
أخي أنصار السنة المحمدية بارك الله فيك.
الموضوع أعجبني فنسقته ، أرجو ألا تمانع.
المحرر