اللهم صلِ على محمدوآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم إلى يوم الدين
عليكم السلام
اخي ميارة المسلم"شتيورماوث"
معالم المنهج الإصلاحي للإمام المنتظر عليه السلام
يقول تعالى :"ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".
إن هذه الآية الكريمة تدل على أن الحركة الإصلاحية التي سيقوم بها الإمام المهدي عليه السلام هي حركة عالمية تشمل الكرة الأرضية بقرينة قوله "في الأرض" وكذلك قوله تعالى :"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " وكذلك الحديث المتواتر:" المهدي من ولدي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا" ...
فالفكرة واسعة وكبيرة الى حد أن الكلام يشمل كل الأرض فلن تبقى الأرض تحت سلطة الجبارين والظالمين بل أن دولة الحق ستتحقق وتحكم الأرض ، وان الدين الإسلامي المقدس سيصبح لكل البشر وتزول جميع الأديان.
والإمامة منصب إلهي يجعله الله تعالى لخاصة أوليائه وان الله تعالى جعل للإمام مهمة الولاية التكوينية ومهمة الولاية التشريعية. والإمام المنتظر باعتباره استمرارا للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله لا تكون مهمته في التبشير بمفاهيم جديدة لم تكن معروفة من قبل... حتى يتوقف أداؤها على معايشة الناس ..وإنما تتلخص مهمته الكبرى في صيانة المفاهيم التي نزل بها القرآن الكريم وبشر بها الرسول صلى الله عليه وآله , وأداء مهمة صيانة الشريعة لا يتوقف على معايشة الناس ، وذلك لأنه فور ما يجد أيا من المفاهيم الإسلامية معرضة للتشويه يستطيع المبادرة الى إيضاحها وتأصيلها بواسطة بعض من يمكنهم الاتصال به.
من المعلوم أن نهضة الإمام المهدي عليه السلام هي استكمال للشوط الرسالي الذي بدأه الإمام الحسين عليه السلام المتمثل بإصلاح الواقع الإسلامي المنحرف والفاسد , وان أي قائد لديه حركة إصلاحية لابد أن يمتلك منهجا ودستورا للتغيير والإمام المهدي عليه السلام باعتباره القائد المذخور لخلاص البشرية على الصعيد العالمي لابد أن يكون لديه المنهج الأمثل والشامل الذي لا ريب فيه لتغطية جميع أرجاء الأرض ، ويمكن إجمال ذلك في عدة نقاط: أولا: إن الإمام المهدي عليه السلام يطبق الإسلام باعتباره النظام الذي يتكفل العدل الكامل ، لأن الإسلام يبقى الأطروحة العادلة الكاملة الى اليوم الموعود , لذلك يقوم الإمام عليه الإسلام بتوحيد المعتقد الديني في العالم طبقا لقوله تعالى :" ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " على أساس أن هذا الدين هو الذي ينظم العالم ويحل مشاكله ويحقق له العدل الكامل ، ويأتي هذا التوحيد تحت ظروف معينة يهيؤها القائد المهدي عليه السلام ، لذلك أن الإمام عليه السلام سينهي فكرة فصل الدين عن الدولة. ثانيا : إنهاء فكرة حق تقرير المصير لأن مصير البشرية قد قرره التخطيط الإلهي العام ولن يكون منبعثا من البشر أو ناتجا عن آراء البشر الناقصة فان استيلاء الإمام عليه السلام على العالم ليس مجرد غزو عسكري بل هو دعوة عقائدية وأطروحة عادلة يريد نشرها وتطبيقها على البشرية أجمعين وتربية البشر على أساسها تربية صالحة لتتحقق العبادة المحضة لله عز وجل على وجه الأرض كما هو الغرض الأساسي من الخلق ومن اليوم الموعود. ثالثا : تصفية المجتمع المسلم من المنافقين : إن الإمام عليه السلام سيقتل عدد كبيرا من الأفراد ممن فشل في التمحيص الموجود في التخطيط الإلهي السابق وأصبح يشكل خطرا على العدل الكامل في المجتمع الجديد .
كما تذكر الروايات أن بطش الإمام عليه السلام يشمل المنافقين المتسترين الذين قد يكون بعضهم من حاشيته فيعرفهم بالنور الذي جعله الله تعالى في قلبه ، وان الأمر يصل أحيانا الى إبادة فئة بكاملها ! فعن الإمام الباقر عليه السلام قال :" إذا قام القائم سار الى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية عليهم السلاح فيقولون له : ارجع من حيث جئت ..فلا حاجة لنا في بني فاطمة ..فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم ثم يدخل الكوفة فيقتل كل منافق مرتاب ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا" .
وبتصفية الإمام المهدي عليه السلام الوضع الداخلي في العراق وتحريره والقضاء على القوى المضادة الكثيرة واتخاذه قاعدة وعاصمة دولته العالمية المباركة يكون بذلك قد تفرغ لأعدائه من اليهود والنصارى خارج الأراضي الإسلامية .
ولا يعني ذلك أن العراق وحده سيكون مركز إشعاع حضاري وفكري لدولة الإمام عليه السلام وإنما هناك أكثر من مركز إشعاع فكري في العالم آنذاك , حيث جاء في الرواية انه عليه السلام سيبني في مصر منبرا.
ويظهر من الروايات أن الحركات المضادة للإمام عليه السلام تكون كثيرة وانه عليه السلام يستخدم الشدة والقتل لمن يقف في وجهه تنفيذا للعهد المعهود إليه من جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , فعن الإمام الباقر عليه السلام قال :- " إن رسول الله سار في أمته باللين , كان يتألف الناس والقائم يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا .. ويل لمن ناواه !
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : " وانّه أول قائم يقوم منّا أهل البيت يحدثكم بحديث لا تتحملونه فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه فيقتلكم وهذه آخر خارجة تكون" .
وغير ذلك من عمليات التصفية الكبيرة التي تثير موجة من الرعب والتشكيك داخل العراق وفي العالم حتى ورد أن بعض الناس يقولون عندما يرون كثرة تقتيله وسفكه دماء أعدائه : " ليس هذا من ولد فاطمة ولو كان من ولد فاطمة لرحم " بل إن بعض أصحابه الخاصين لا يتحمل بعض أحكامه ، وقد ورد أن بعضهم يدخلهم الشك والريب من كثرة ما يرون من قتله لمناوئيه فيعترض أحدهم على الإمام عليه السلام قائلا :- .. انك لتجفل الناس إجفال النعم فبعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله أم بماذا ؟ فيخرج الإمام عليه السلام عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله والكتاب المعهود إليه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإملائه وخط علي عليه السلام وفيه كما ورد " اقتل ثم اقتل ولا تستتيبن أحدا ".
وعن الإمام الصادق عليه السلام :أن القائم يلقى في حربه ما لم يلقاه رسول الله صلى الله عليه وآله" لأن رسول الله صلى الله عليه وآله
أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبة المنحوتة وان القائم
عليه السلام يخرجون عليه فيتأولون عليه ويقاتلون عليه "
والواقع يشهد على الحكام وعلماء السوء التابعين لهم كيف يتأولون آيات القرآن في معاداة الإسلام وعلمائه.
وبهذا العرض المجمل لمن يقتلهم المهدي عليهم السلام في العراق يظهر أنهم فئات متعددة من الشيعة والسنة ومن مؤيدي السفياني ومن علماء السوء ..
رابعا : إن الإمام عليه السلام يحيي ميت الكتاب والسنة , أي ما ترك من الكتاب والسنة :- فقد ورد في الروايات إن الإمام عليه السلام يأتي بدين جديد ، والدين الجديد هو الإسلام الذي دثره الجبابرة وابتعد عنه المسلمون فيحييه المهدي عليه السلام ويحيي القرآن من خلال تطبيقه والعمل به يعني انه عليه السلام يطبق الإسلام الواقعي كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله.
خامسا : إن الإمام عليه السلام يطمئن الناس الى عدالة قضيته عن طريق المعجزات التي تحف بحركته وعن طريق إظهاره مواريث الأنبياء وإذا اطمئن الناس الى عدالته فأنهم سيسرعون الى التجاوب معه بالتأكيد لأنه حق لا يشوبه باطل .
أما الصعوبات الدنيوية ونقاط الضعف الموجودة في الاتجاهات غير الدينية وما أنتجته المادية والعلمانية من ويلات فان الإمام عليه السلام هو المسؤول عن اتخاذ الخطوات الحاسمة اللازمة لحل كل مشكلة لأنه متدرع بالسلاح ومتذرعا بالإخلاص ومنطلقا من الأطروحة العادلة الكاملة ومتصف بصفات شخصية خاصة .
سادسا : تربية العالم ثقافيا من جهة الإسلام الواقعي أو العدل الكامل الذي يقوم عليه نظام الإمام عليه السلام في دولته العالمية ويعطي من ذلك لكل فرد ولكل شعب ما يحتاجه من أساليب التثقيف ومقداره بشكل تدريجي وعلى مراحل وكلما طويت مرحلة استحق الفرد أو الجماعة مرحلة جديدة من الثقافة ، فالشعوب غير المسلمة سوف تدعى الى الإسلام وسوف يعتنقونه باقتناع وسهولة وكل من اسلم من جديد سوف يربى على الثقافة الإسلامية العامة الضرورية لوجود الطاعة والابتعاد عن المعصية , ثم يبدأ التصاعد والتكامل الثقافي ويأخذ كل فرد من البشر بقدر قابلياته وجهوده .
سابعا : تربية البشرية من حيث الإخلاص وقوة الإرادة تجاه المسؤوليات الجديدة في دولة العدل ، أي أن التمحيص الإلهي سيستمر لأن ناموس الله تعالى في خلقه هو تربيتهم عن طريق التمحيص كما قال تعالى :"ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ".
كما أن الإمام عليه السلام سيقوم على ربط الإنسان بربه وتربيته روحيا والربط بين هذه العناصر ربطا عادلا وعميقا وستكون كل القوانين المطبقة قوانين إلهية إسلامية حتى أن المهدي عليه السلام نفسه إنما يكون واجب الإطاعة باعتباره احد أئمة المسلمين المخولين من قبل الله تعالى .
ثامنا : توفير جو من السعادة والرفاه المادي المتزايد تحت جو من الأخوة والتضامن والعدل الكامل بأساليب معينة , ليس فقط لنيل اللذة المادية وإنما ليؤثر ذلك في الهدف البعيد , ويربي البشرية باتجاهه لأن الرفاه المادي يوجب توفير الوقت الكافي والجو النفسي للناس من اجل إيفاء الجانب الأخلاقي والعبادي حاجته الكاملة بحيث يكون الرفاه طريقا نحو الهدف لا انه الهدف بنفسه .
إن التأييد الإلهي دائما يكون لجانب الحق والعدل عموما وفي مختلف الأزمنة والأمكنة " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " فانه ما دام الفرد أو المجتمع مضحيا بنفسه لنصرة الله ماشيا قدما في سبيل الله تعالى فالله تعالى يفيض عليه النصر .