العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-08-09, 12:12 PM   رقم المشاركة : 1
محمد المبارك
عضو ماسي






محمد المبارك غير متصل

محمد المبارك is on a distinguished road


صور من الصوفية / منقول

[COLOR="Navy"]بسم الله الرحمن الرحيم



صور من الصوفية


ابو العزايم جاد الكريم بكير
‏05‏/07‏/2005 م
‏28‏/05‏/1426هـ

بسم الله الرحمن الرحيم



المقدمة
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، سبحانه وأشهد أنه لا ند له ولا شريك وأنه بذاته فوق عرشه عال على جميع مخلوقاته ومخترعاته ومصنوعاته وأنه هو الذي خلق الخلق وأوجد هذا العالم من العدم وأنه ما خلق الملائكة والجن والإنس إلا ليعبدوه ويوحدوه ويمجدوه وأن السموات والأرض وما فيهما جميعاً كل له خاضع وأن الجميع وفق أمره، ورهن مشيئته، فما شاء كان وما لم يشأه لم يكن، وأثني عليه سبحانه وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمد الذي بعثه الله إماماً للناس وهادياً ومرشداً ومفرقاً بين الضلالة والهدى، والكفر والإيمان، والشرك والتوحيد {فَمَن يَكْفُرْ بِالْطَّاغوت ويؤْمِن بِاللهِ فقَدِ اسْتمسَك بالعُروَة الوُثقى لا انفصام له والله سميع عليم}.
وبعد:
فإن أعظم فتنة ابتلي بها المسلمون قديماً وحديثاً هي فتنة التصوف. هذه الفتنة التي تلبست للمسلمين برداء الطهر والعفة والزهد والإخلاص، وأبطنت كل أنواع الكفر والمروق والزندقة، وحملت كل الفلسفات الباطلة ومبادئ الإلحاد والزندقة. فأدخلتها إلى عقائد الإسلام وتراث المسلمين على حين غفلة منهم، فأفسدوا العقول والعقائد. ونشروا الخرافات والدجل والشعوذة، ودمروا الأخلاق، وأتوا على بنيان دولة الإسلام من القواعد إذ حارب المتصوفة العلم والجهاد والبصيرة في الدين، بل والزواج والعمل والكسب، فنصبوا للقرآن والسنة حرباً لا هوادة فيها، وحرفوا الناس عن تعليمها بكل سبيل زاعمين تارة أن القرآن والسنة علم أوراق وظواهر وأن علمهم الباطني علم أرواح وحقائق واطلاع على الغيب ومشاهدة وتارة أخرى زاعمين أن أورادهم وأذكارهم تفضل ما في القرآن والسنة آلاف بل عشرات الآلاف من المرات وتارة ثالثة واصفين كل علماء الشريعة بأنهم محجوبون مرتزقة ظاهريون جامدون، لم يتذوقوا الحقائق ولم يشاهدوا الغيب، واختص المتصوفة أنفسهم وهم بوجه عام من الزنادقة المبتدعين والكفار المستترين بأنهم أهل العلم اللدني، والحقيقة..
واستطاعوا بذلك أن يدخلوا كل ما سطره الكفار والزنادقة إلى عقائد المسلمين وأول ذلك ما يسمى بعقيدة وحدة الوجود التي تنادي بأن الوجود كله وحدة واحدة فلا خالق ولا مخلوق، الكل عين واحدة، وحقيقة واحدة في زعمهم تعددت وجوداتها، وتغيرت صفاتها ولكنها شيء واحد فالجنة والنار، والرسل والشياطين، والمؤمنون والكفار، والطهارة والنجاسة، والشرك والتوحيد شيء واحد وذات واحدة، ولا فرق -بتاتاً- عندهم بين موسى وفرعون، وإبليس أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم وفضَّل شيخهم الأكبر كما يدعون فِرعون على موسى لأن فرعون علم الحقيقة التي يدعيها الصوفية -حيث قال (أنا ربكم الأعلى)!! وهكذا خرج المتصوفة على المسلمين بدين، هذه مبادئه دين يرى في إبليس مثالاً للفتوة والتوحيد. لأنه لم يرض أن يسجد إلا لله بزعمهم، وبفرعون إماماً لأهل الإيمان الصوفي.. لأنه عرف الحقيقة وأنه هو الله، والحال عندهم أنه ليس في الكون إلا الله.. دين لا يفرق بين خالق ومخلوق وشرك وتوحيد، وكفر وإيمان، وطهر وفجور.. وجنة ونار.
وفي الختام أسأل الله ثواب هذا العمل من عنده إنه هو السميع العليم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله الأمين وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



صور من الصوفية

التصوف حركة دينية انتشرت في العالم الاسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو الى الزهد وشدة العبادة كرد فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري. ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية. ولا شك ان ما يدعو اليه الصوفية من الزهد والورع والتوبة والرضا, انما هي أمور من الاسلام الذي يحث على التمسك بها والعمل من اجلها, ولكن الصوفية في ذلك يخالفون ما دعا اليه الاسلام حيث ابتدعوا مفاهيم وسلوكيات مخالفة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته, فالمتصوفة يتوخون تربية النفس والسمو بها بغية الوصول الى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لا عن طريق اتباع الوسائل الشرعية. وقد تنوعت وتباينت آراء الناس وتوجهاتهم نحو تلك الحركة لأن ظاهرها لا يدل على باطنها, ومن هنا تأتي اهمية طرحنا لهذا الموضوع الذي نجزم انه يستحق اكثر من ذلك لتشعبه وصعوبة الاحاطة باطرافه. فما هي الصوفية ولماذا سميت بهذا الاسم؟ وكيف نشأت؟ ما هي عقيدتهم؟ وما موقف اهل السنة والجماعة منهم؟
ـ يخلط الكثيرون بين الزهد والتصوف ومن هنا كان تأثر الكثيرين بالتصوف, فالزهد ليس معناه هجر المال والاولاد, وتعذيب النفس والبدن بالسهر الطويل والجوع الشديد والاعتزال في البيوت المظلمة والصمت الطويل, وعدم التزوج, لان اتخاذ مثل ذلك نمطا للحياة يعد سلوكا سلبيا يؤدي الى فساد التصور, واختلال التفكير الذي يترتب عليه الانطواء والبعد عن العمل الذي لا يستغني عنه اي عضو فعال في مجتمع ما, كما يؤدي بالأمة الى الضعف والتخلي عن الدور الحضاري الذي ينتظر منها.

من أين اشتق اسم الصوفية؟
لم يتفق الكتاب من المتصوفة وغيرهم في تحديد الأصل الذي يمكن ارجاع اشتقاق لفظ التصوف اليه, ولعل من ابرز ما ذكر عن مسمى التصوف ما يلي:
[ الصُفة: حيث سموا بذلك نسبة الى اهل الصفة وكان لقبا اعطي لبعض فقراء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ممن لم تكن لهم بيوت يؤون اليها فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء فناء ملحق بالمسجد من اجلهم, وهذا يوضح ادعاء المتصوفة بربط التصوف بعصر النبي صلى الله عليه وسلم وانه أقر النواة الصوفية الأولى, مع العلم ان اهل الصفة ما كانوا منقطعين عن الناس لأجل الزهد الصوفي.
[ الصفاء: ومعناها ان الصوفية صافية من الشرور وشهوات الدنيا, وهذا الاشتقاق غير صحيح لغويا فالنسبة الى الصفاء: صفوي او صفاوي او صفائي وليس صوفيا.
[ الصف الأول: بعض الصوفية ينسبون انفسهم الى الصف الاول من المؤمنين في الصلاة, وهذا التعبير بعيد عن سلامة الاشتقاق اللغوي بالنسبة الى الصف: صفي لا صوفي.
[ بني صوفة: بعضهم ينسبون الصوفية الى بني صوفة وهي قبيلة بدوية كانت تخدم الكعبة في الجاهلية.
[ الصوف: وفي هذا يذهب غالب المتصوفة المتقدمين والمتأخرين الى ان الصوفي منسوب الى لبس الصوف, وحرص معظم الصوفية الى رد اسمهم الى هذا الاصل يفسر تشوفهم الى المبالغة في التقشف والرهبنة وتعذيب النفس والبدن باعتبار ذلك كله لونا من الوان التقرب الى الله. كما يرون ان لبس الصوف دأب الأنبياء عليهم السلام والصديقين وشعار المساكين المتنسكين.

نشأة الصوفية:لا يعرف على وجه التحديد من بدأ التصوف في الاسلام ويقال بأن التصوف اول ما ظهر كان في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس, والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة, يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: "ان اول من عرف بالصوفي هو ابوهاشم الكوفي سنة 150هـ" وقد بلغ التصوف ذروته في نهاية القرن الثالث وواصلت الصوفية انتشارها في بلاد فارس ثم العراق ومصر والمغرب, وظهرت من خلالها الطرق الصوفية.

العقيدة الصوفية:تختلف العقيدة الصوفية عن عقيدة الكتاب والسنة في امور عديدة من اهمها: مصدر المعرفة الدينية, ففي الاسلام لا تثبت عقيدة إلا بقرآن وسنة لكن في التصوف تثبت العقيدة بالالهام والوحي المزعوم للأولياء والاتصال بالجن الذين يسمونهم الروحانيين, وبعروج الروح الى السماوات, وبالفناء في الله, وانجلاء مرآة القلب حتى يظهر الغيب كله للولي الصوفي حسب زعمهم, وبالكشف, وبربط القلب بالرسول صلى الله عليه وسلم حيث يستمد العلوم منه. واما القرآن والسنة فإن للصوفية فيهما تفسيرا باطنيا حيث يسمونه احيانا تفسير الاشارة ومعاني الحروف فيزعمون ان لكل حرف في القرآن معنى لا يطلع عليه إلا الصوفي المتبحر, المكشوف عن قلبه.

عقيدة الصوفية في الله تعالى:[/COLOR
]يعتقد المتصوفة في الله عقائد شتى منها "الحلول" الذي يعني ان يكون الصوفي الها وربا يعلم الغيب كله كما يعلمه الله سبحانه وتعالى حيث ان الهدف الصوفي هو الوصول الى مقام النبوة أولا ثم الترقي حتى يصل الفرد منهم في زعمهم الى مقام الألوهية والربوبية. البسطامي من اعلام القرن الثالث في التصوف ومن أئمة الصوفية يقول: "رفعني مرة فأقامني بين يديه, وقال لي: يا أبايزيد ان خلقي يحبون ان يروك, فقلت: زيني بوحدانيتك, وألبسني انانيتك, وارفعني الى احديتك..." تعالى الله عما يقول علوا كبيرا , وتأكيد الصوفية على القول بالحلول التي جعلتهم يتشبهون بصفات الله جعلهم يصلون في النهاية الى القول "بوحدة الوجود" التي تعني في العقيدة الصوفية انه ليس هناك موجود إلا الله سبحانه وتعالى فليس غيره في الكون, وما هذه الظواهر التي نراها إلا مظاهر لحقيقة واحدة هي الحقيقة الإلهية. ويؤمن الصوفية بهذه العقيدة حتى يومنا هذا.

عقيدة الصوفية في الرسول صلى الله عليه وسلم:
يعتقد الصوفية في الرسول صلى الله عليه وسلم عقائد شتى فمنهم من يزعم ان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل الى مرتبتهم وحالهم, وانه كان جاهلا بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي: "خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله" ومنهم من يعظم الرسول صلى الله عليه وسلم الى درجة الوصول الى الألوهية حيث يعتقد البعض من الصوفية ان الرسول صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون وهو الله المستوي على العرش وان السماوات والارض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره وانه اول موجود وهو المستوي على عرش الله وهذه عقيدة ابن عربي ومن جاء بعده.

عقيدة الصوفية في الاولياء:
يرى الصوفية ان الولي هو: "من يتولى الله سبحانه امره فلا يكله الى نفسه لحظة, ومن يتولى عبادة الله وطاعته, فعبارته تجري على التوالي من غير ان يتخللها عصيان" وحقيقة الولي عند الصوفية انه يسلب من جميع الصفات البشرية ويتحلى بالاخلاق الالهية ظاهرا وباطنا , ويصل الى المساواة مع الله سبحانه وتعالى حيث يعتقد الصوفية في الأولياء بأن لهم القدرة على انزال المطر وشفاء الأمراض واحياء الموتى وحفظ العالم من الدمار. ولا شك ان هناك آثارا خطيرة تترتب على هذه العقيدة من اهمها الوقوع في شرك الربوبية والعياذ بالله.

عقيدة الصوفية في الجنة والنار:
الصوفية يعتقدون ان طلب الجنة والفرار من النار ليس هدفا , فالله يعبد لذاته حيث يزعم المتصوفة ان العبادة الحقة هي ما كانت دون طلب العوض من الله وان يشهد فيها فعل الله لا فعل العبد, وان من شاهد فعله في الطاعة فقد جحد. والصوفية يعتقدون ان طلب الجنة منقصة عظيمة وانه لا يجوز للولي ان يسعى اليها ولا ان يطلبها ومن طلبها فهو ناقص, وانما الطلب عندهم والرغبة في الفناء (المزعوم) في الله, والاطلاع على الغيب والتعريف في الكون.. هذه جنة الصوفي المزعومة. واما النار فإن الصوفية يعتقدون ايضا ان الفرار منها لا يليق بالصوفي الكامل لان الخوف منها طبع العبيد وليس الاحرار.
وقد يظن المسلم في عصرنا الحاضر ان هذه العقيدة في الجنة والنار عقيدة سامية وهي ان يعبد الانسان الله لا طمعا في الجنة ولا خوفا من النار, ولكنها عقيدة غير صحيحة ومخالفة لعقيدة الكتاب والسنة.

الشريعة الصوفية في العبادات:
يعتقد الصوفية ان الصلاة والصوم والحج والزكاة عبادات العوام وأما هم فيسمون انفسهم الخاصة ولذلك فعباداتهم مخصوصة وان تشابهت ظاهرا . واذا كانت العبادات في الاسلام لتزكية النفس وتطهير المجتمع فإن العبادات في التصوف هدفها ربط القلب بالله تعالى للتلقي عنه مباشرة حسب زعمهم والفناء فيه واستمداد الغيب من الرسول صلى الله عليه وسلم والتخلق باخلاق الله حتى يقول الصوفي للشيء كن فيكون ويطلع على اسرار الخلق, ولا يهم في التصوف ان تخالف الشريعة الصوفية ظاهر الشريعة الاسلامية, فالحشيش والخمر واختلاط النساء بالرجال في الموالد وحلقات الذكر كل ذلك لا يهم لأن للولي شريعته تلقاها من الله مباشرة.

شريعة الصوفية في الحلال والحرام:ا
هل وحدة الوجود في الصوفية لا شيء يحرم عندهم ولذلك كان منهم الزناة واللوطية ومنهم من اعتقد ان الله قد اسقط عنه التكاليف واحل له كل ما حرم على غيره.

شريعة الصوفية في الحكم والسياسة والحروب:

المنهج الصوفي يرى عدم جواز مقاومة الشر ومغالبة السلاطين لأن الله في زعمهم اقام العباد فيما أراد.

منهج الصوفية في التربية:
لعل اخطر ما في الشريعة الصوفية هو منهجهم في التربية حيث يستحوذون على عقول الناس ويلغونها وذلك بادخالهم في طريق متدرج يبدأ بالتأنيس ثم بالتهويل والتعظيم بشأن التصوف ورجاله ثم بالتلبيس على الشخص ثم الدخول الى علوم التصوف شيئا فشيئا ثم بالربط بالطريقة وسد جميع الطرق بعد ذلك للخروج.

الخضر عليه السلام في الفكر الصوفي:
قصة الخضر عليه السلام التي وردت في القرآن في سورة الكهف, حرف المتصوفة معانيها واهدافها ومراميها وجعلوها عمودا من اعمدة العقيدة (الصوفية) وجعلوا هذه القصة دليلا على ان هناك ظاهرا شرعيا, وحقيقة صوفية تخالف الظاهر وجعلوا انكار علماء الشريعة على علماء الحقيقة امرا مستغربا, وجعل الصوفية الخضر عليه السلام مصدرا للوحي والالهام والعقائد والتشريع, ونسبوا طائفة كبيرة من علومهم التي ابتدعوها الى الخضر وليس منهم صغير او كبير ممن دخل في طريقهم الا وادعى لقيا الخضر والأخذ عنه.

اذكار الصوفية:
الاذكار الشرعية حظيت بالبيان والتوضيح فلم يترك الرسول مجالا من مجالات الذكر الا وبين الصيغة التي يتعين على المسلم ذكرها, ولكن الصوفية خرقوا كل الضوابط والثوابت الشرعية فشرعوا من عندهم اذكارا وصلوات لم ترد في الشريعة الاسلامية وخير مثال على ذلك افضل ذكر ورد عن النبي "لا اله الا الله" فالصوفية يذكرون اسم الله مفردا بقولهم "الله الله الله" او مضمرا بقولهم "هو, هو, هو" وبعضهم فسر ذلك بقوله اخشى ان تقبض روحي وأنا اقول "لا إله...." ومن الصلوات التي ابتدعها المتصوفة صلاة الفاتح التي تقول: "اللهم صلي على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق, والخاتم لم سبق, وناصر الحق بالحق...." الى آخره من ابتداع الصوفية, وهناك ورد اطلق عليه المتصوفة جوهرة الكمال وهي من أورادهم اللازمة التي لها حكم الفرض العيني ونصه "اللهم صلي وسلم على عين الرحمة الربانية, والياقوتة المتحققة الحائطة بمركز الفهوم والمعاني, ونور الأكوان المتكونة...." الى آخر الخزعبلات التي ليس امام اي مسلم الا أن يحوقل ويسترجع ويتعوذ من المكر "فاللهم لا تمكر بنا".

عبادة الله بالغناء بدعة يهودية:
في المجتمع الصوفي يتفشى ما يسمى بالسماع والتغني بالاشعار مع دق الطبول وهذا يقصد به الصوفية عبادة الله تعالى, ويتضح تأثر الصوفية به الا ان كثيرا من الذين بحثوا في هذا الجانب يؤكدون على ان الصوفية يتأثرون بالسماع من خلال الالحان والاشعار والطبول أكثر من تأثرهم بالقرآن يقول الشعراني: "وكان اذا سمع القرآن لا تقطر له دمعة, واذا سمع شعرا قامت قيامته"..
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية "ولو كان هذا ـ يقصد سماع الاشعارـ وضرب الدفوف كعبادة ـ مما يؤمر به ويستحب وتصلح به القلوب للمعبود لكان ذلك مما دلت الأدلة الشرعية عليه" ويضيف "انما عبادة المسلمين الركوع والسجود اما العبادة بالرقص وسماع الاغاني بدعة يهودية تسربت الى المنتسبين الى الاسلام".

مظاهر تقديس الاموات في الفكر الصوفي:
ان من ألوان تقديس الأموات والغلو فيهم ان يعتقد ـ وهذا ما يفعله المتصوفة ـ ان الميت وليا كان ام نبيا لابد ان يرجع الى الدنيا, وانه متى ما اراد ان يعود الى بيته عاد وكلم اهله وذويه, وتفقد اتباعه ومريديه, وربما اعطاهم اورادا الى غير ذلك مما يعبر عن عقيدة موغلة في الجهل بعيدة عن عقيدة الاسلام الصافية.
ومظاهر عقيدة الرجعة عند الصوفية تتمثل في اعتقادهم بامكان مقابلة الرسول بعد موته يقظة وانه صلى الله عليه وسلم يحضر بعض اجتماعات الصوفية وانه مازال يعطي بعض المعارف والتشريعات لمن يشاء من العباد.
ويوغل المتصوفة كثيرا في تقديس الاموات وهذا يتضح من خلال تقديس المشاهد والبناء على القبور وتجصيصها واتخاذها مساجد, وقد تساهل المسلمون في ذلك كثيرا حتى نجد انها عمت كثيرا من بلاد المسلمين دون وعي بنتائج ذلك والتي من اهمها: ان تقديس المشاهد والبناء على القبور صار شائعا وكأنه معلم من معالم الدين الاسلامي, وان تقديسها ذريعة الى الشرك, حيث ادى البناء على القبور وتعليتها وتزيينها الى اتخاذها معابد وشرعت لها مناسك كمناسك الحج, كذلك فان تقديس المشاهد اساءة للاسلام عند من لاعلم به بتعاليمه, فنجد ان وسائل الاعلام الحاقدة على الاسلام تنقل وتقدم هذا التقديس على انه صورة الاسلام!! وبالتالي ما الفرق بين عبدة الأوثان والصليبيين وهؤلاء؟ كما يضاف الى نتائج اتخاذ القبور وتقديس المشاهد هو انتشار البطالة في العالم الاسلامي بسبب العكوف على القبور واتخاذها مصدرا اقتصاديا.

الكرامات عند الصوفية:
ان اول انحراف صوفي يلقاه الباحث عندما يقرأ اي كتاب من كتب التراث الصوفي هو اعتمادهم الكلي على الخوارق, واهتمامهم في مناهجهم على المبالغة في نشر خوارق الشيوخ, وتركيزهم على اختلاق قصص خيالية, واساطير كثيرة بالية ليرفعوا بها ما للشيوخ والأولياء من مكانة ومنزلة في نفوس الاتباع, ويحملوهم على الاذعان لهم وتقديسهم وتعظيمهم لدرجة العبادة فكان من نتائج هذا الاهتمام ان حملوا شيوخهم على طرق كل باب بحثا عن الخوارق لعلمهم ان الصوفي كل ما كان اكثر خوارق واشد اتصافا بالمدهشات كان اعظم عند الناس في باب الولاية والقرب.
ومن الصور الحسية لاهتمام الصوفية بموضوع الكرامات: يقول السراج الطوسي في كتابه اللمع لاثبات الآيات والكرامات: "من زهد في الدنيا اربعين يوما صادقا من قلبه مخلصا في ذلك, ظهرت له الكرامات" ويذكر القشيري في رسالته على خوارق شيوخ الصوفية عندما سرد غرائب احوالهم وقدراتهم على التعرف, والصوفية يبادرون الى نسبة كل غريب صادر من شخص معروف او مجهول بانه كرامة ولي, ويعترفون انهم يعتمدون على الجن في كثير من خوارقهم حيث نقل عن الجنيد ان الجن كانت تؤنسه وتعينه في اسفاره وغيرها.
وانصار الفكر الصوفي لا يتصورون ولاية دون خوارق فقد ركبوا كل صعب وذلول وطرقوا كل باب مسدود, وذهبوا كل مذهب في سبيل نسج القصص واختلاق الروايات, وجمع الاساطير, ظنا منهم بان ذلك جالب للاحترام وموجب للتقديس عند الخاص والعام.
وسوف نستعرض بعضا من كرامات اولياء التصوف المعروفة في كتبهم, وذلك حتى يعلم القارئ الى اي مدى وصل الخيال والدجل بهؤلاء, وكيف ان الحرص على الجاه, وكسب تقديس الآخرين يمكن ان يقضي على الحياء والمروءة وكل القيم.
يتحدث الشعراني عن أحد الاولياء اذا شاوره انسان في شيء, قال: امهلني حتى اسأل جبريل, ثم يقول له بعد ساعة: افعل او لا تفعل حسب ما يقول له جبريل بزعمه!.. وعن ولي آخر يدعي ان الله لا يحدث شيئا في العالم الا بعد ان يعلمه بذلك على سبيل الاستئذان!.. وهناك ولي آخر من المجاذيب تبعه جماعة من الصبيان يضحكون عليه فقال: ياعزرائيل ان لم تقبض ارواحهم لأعزلنك من ديوان الملائكة, فأصبحوا موتى أجمعين!.. ومن قصصهم المستغربة التي لا تروج الا على الجهلة والمهووسين أن وليا من أوليائهم كان يختم القرآن 360 ألف ختمة في اليوم والليلة! وهذا الكلام لولا أن العقول قد خدرت فكريا وان النفوس قد مسخت وان القلوب قد طبع عليها بخاتم الجهل وقلة الحياء ما كان ليصدق فيدون في كتب الكرامات, فان اليوم والليلة زمن يمتد 24 ساعة اي 1440 دقيقة فاذن 360 الف ختمة ÷ 1440 دقيقة = 250 ختمة في كل دقيقة!! فأين العقول؟!
ومن أعجب كراماتهم المدونة ما يتعلق بحياتهم الخاصة فنجدهم مثلا يتحدثون عن ولي مكث اربعين سنة لم يأكل ولم يشرب, وآخر ينام سبع عشرة سنة! وآخر يقول لعصاه التي يتوكأ عليها: كوني انسانا, فتكون انسانا فيرسلها تقضي له الحوائج ثم تعود كما كانت! وأن أحد أوليائهم امر الشمس بالوقوف فوقفت, حتى قطع المرحلة الباقية من سفره, ثم امرها بالغروب, فغربت واظلم الليل في الحال!
وبالتأكيد اننا لم نقصد حشد ما ذكره هؤلاء في هذا المجال ولكن اردنا الاستشهاد بتلك الأمثلة للتدليل على المخازي التي ابتليت بها امة الاسلام وغزاها اعداؤها في عقر دارها بهذا الفكر الذي سرعان ما حول تلك العقلية الاسلامية الايجابية المبدعة الى عقلية خرافية خامدة مقهورة, فصار المسلمون يعيشون في احلك الظلم, الا من هداه الله للتمسك بالسنة وقليل ماهم.
ان من المعروف عند المسلمين ان الكرامة لا تكون معصية لله ولا مخالفة للشريعة ولكن اصحاب الفكر الصوفي فلا تنحصر كراماتهم في مجال الطاعات ولا تتقيد بالصالحات, فلا مانع عندهم ان تكون الكرامة خارقة لقواعد الشريعة الاسلامية هاتكة لحرمتها وهناك نماذج لذلك من اهمها: كرامة السرقة والتزوير يقول الدباغ: "ان الولي صاحب التصرف يمد يده الى جيب من شاء فيأخذ منه ما شاء من الدراهم, وذو الجيب لا يشعر" وكرامة الرقص مع الأجنبيات وكرامة مباشرة الاجنبيات والاطلاع على العورات, وكرامة التعري امام الناس ويذكر الشعراني في ترجمة شيخ اسمه ابراهيم العريان لأنه كان يطلع المنبر ويخطب عريانا! وكرامة اعلان الكفر على المنابر!
ولولا انه يوجد في الأمة الاسلامية الى اليوم جماهير تدافع عن الفكر الصوفي وتدعو اليه بحماس لما عرضنا مثل هذه السخافات, ولعل الذي يقف على هذا يدرك قيمة هذا الفكر الذي حقه ان يدفن ولا ينشر!
ان التصوف عبر تاريخه الطويل هو انحراف عن منهج الله, انه خليط من الفلسفات والافكار البائدة, ولعل تغليب جانب العبادة عندهم ادى في كثير من الاوقات الى عدم الاهتمام بالعلم كما وصفهم به كبار النقاد كابن الجوزي, وهذا البعد عن العلم مع الحرص على العبادة ادى بهم الى ابتداع شعائر وطقوس هي عمدة من جاء بعدهم من اهل التصوف, وقد ادرك اعداء الاسلام ذلك فحاولوا أن يشوهوا الاسلام ويقضوا على صفاء عقيدة التوحيد, ويجعلوا المسلمين يركنون الى السلبية حتى لا تقوم لهم قائمة.

معنى الطريقة الصوفية:
على الرغم من صعوبة تحديد المراد بالطريقة والوصول لمفهوم موحد لجميع الطرق الصوفية الا اننا سنعرض بعضا من المعاني التي وردت حول الطريقة الصوفية فمنها ان الطريقة الصوفية تعني النسبة او الانتساب الى شيخ يزعم لنفسه الترقي في ميادين التصوف والوصول الى رتبة الشيخ المربي ويدعي لنفسه رتبة صوفية من مراتب الأولياء. كما انها تعنى: ان يختار جماعة من المريدين شيخا لهم يسلك بهم رياضة خاصة بهم على دعوى وزعم تصفية القلب لغاية الوصول الى معرفة الله.
كما وصفها الشيخ الجزائري بقوله انها تعني اتصال المريد بالشيخ وارتباطه به حيا أو ميتا وذلك بواسطة ورد من الأذكار يقوم به المريد بإذن من الشيخ أول النهار وآخره, ويلتزم به بموجب عقد بينه وبين الشيخ, وهذا العقد يعرف بالعهد, وصورته ان يتعهد الشيخ بان يخلص المريد من كل شدة ويخرجه من كل محنة متى ناداه مستعينا به, كما يشفع له يوم القيامة في دخول الجنة. ويتعهد المريد بان يلتزم بالورد وآدابه فلا يتركه مدى الحياة كما يلتزم بلزوم الطريقة وعدم استبدالها بغيرها من سائر الطرق.
والتصريح بضمان الجنة للمريد امر مشهور عندهم وهو اكبر من مجرد الشفاعة يوم القيامة . احد مشايخ الصوفية وهو الشيخ التيجاني يقول: وليس لأحد من الرجال ان يدخل كافة أصحابه الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا من الذنوب ما عملوا وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلا أنا وحدي.
وهناك تنافس محموم بين الطرق الصوفية لجذب المريدين ولذلك فان كل طريقة تحاول ان يكون لها ذكر خاص تنفرد به عن سائر الطرق, وان يكون لهذا الذكر ميزة خاصة ولكل طريقة مشاعر خاصة من حيث لون العلم والخرقة وطريقة الذكر ونظام الخلوة, والطرق يتوارثها الابناء من الآباء وذلك ان الطريقة التي تستطيع جلب عدد كبير من المريدين والتابعين تصبح بعد مدة اقطاعية دينية تفد الوفود الى رئيسها او شيخها من كل ناحية, وتأتيه الصدقات والهبات والبركات من كل حدب وصوب وحيثما حل الشيخ في مكان ذبحت الطيور والخرفان واقيمت الموائد, ولذلك فإن أصحاب الطرق الصوفية اليوم يقاتلون عنها بالسيوف.

والطرق الصوفية وان اختلفت وتباينت فانها تتفق فيما يلي:
الاحتفال بدخول المريد في الطريقة بطقوس دقيقة مرسومة, وقد يتطلب بعض الطرق من المريد ان يمضي وقتا شاقا في الاستعداد للدخول.
التقيد بزي خاص, فلابد أن يكون هناك نوع خاص من الزي يمثل رمز أصحاب الطريقة الذي يلبسونه فيميزهم عن غيرهم.
اجتياز المريد مرحلة شاقة من الخلوة والصلاة والصيام وغير ذلك من الرياضات.
الاكثار من الذكر مع الاستعانة بالموسيقى والحركات البدنية المختلفة التي تساعد على الوجد والجذب.
الاعتقاد في القوى السرية الخارقة للعادة التي يكتسبها المريدون بالمجاهدات وهي القوى التي تمكنهم من أكل الجمر, والتأثير على الثعابين, والإخبار بالمغيبات.
احترام شيخ الطريقة الى درجة التقديس .

نشأة الطرق الصوفية :
وضع أبو سعيد محمد أحمد الميهي الصوفي الإيراني 430هـ أول هيكل تنظيمي للطرق الصوفية بجعله متسلسلا عن طريق الوراثة, ويمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي, فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبدالقادر الجيلاني 561هـ .
كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس الرفاعي 540هـ , وفي القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي أحد رؤوس الصوفية 638هـ , واستمرت الصوفية بعد ذلك في القرون التالية إذ انتشرت الفوضى واختلط الأمر على الصوفية لاختلاط افكار المدارس الصوفية وبدأت مرحلة الدراويش.

نماذج من الطرق الصوفية:
[ الطريقة القادرية وتسمى الجيلانية : أسسها عبدالقادر الجيلاني المتوفى سنة 561هـ , يزعم اتباعه انه أخذ الخرقة والتصوف عن الحسن البصري عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضى الله عنهما, كما نسبوا إليه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب, وإحياء الموتى وتصرفه في الكون حيا أو ميتا , بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال التي منها: من استغاث بي في كربة كشفت عنه, ومن نادني في شدة فرجت عنه ومن توسل بي في حاجة قضيت له.
[ الطريقة الرفاعية: تنسب إلى ابي العباس أحمد بن أبي الحسين الرفاعي ويطق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق, وجماعته يستخدمون السيوف ودخول النيران في اثبات الكرامات. قال عنهم الشيخ الألوسي "وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة مبتدعة الرفاعية, فلا تجد بدعة الا ومنهم مصدرها وعنهم موردها فذكرهم عبارة عن رقص وغناء وعبادة مشايخهم".
[ البدوية: وتنسب الى احمد البدوي 634هـ ولد بفاس, حج ورحل الى العراق, واستقر في طنطا حتى وفاته, له فيها ضريح مقصود, حيث يقام له كغيره من اولياء الصوفية احتفال بمولده سنويا يمارس فيه الكثير من البدع والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرك وتوسل ما يؤدي الى الشرك المخرج من الملة, واتباع طريقته منتشرون في بعض محافظات مصر, ولهم فيها فروع كالبيومية والشناوية واولاد نوح والشعبية وشارتهم العمامة الحمراء.
[ الطريقة الدسوقية: تنسب الى ابراهيم الدسوقي 676هـ المدفون بمدينة دسوق في مصر, يدعي المتصوفة انه احد الاقطاب الاربعة الذين يرجع اليهم تدبير الامور في هذا الكون.
[ الطريقة الأكبرية: نسبة الى الشيخ محيي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر 638هـ, وتقوم طريقته على عقيدة وحدة الوجود والصمت والعزلة والجوع والسهر, ولها ثلاث صفات: الصبر على البلاء, والشكر على الرخاء, والرضا بالقضاء.
[ الطريقة الشاذلية: وهي طريقة صوفية تنسب الى ابي الحسن الشاذلي يؤمن اصحابها بجملة الافكار والمعتقدات الصوفية وان كانت تختلف في اسلوب سلوك المريد او السالك وطرق تربيته, اضافة الى اشتهارهم بالذكر المفرد "الله" او مضمرا "هـ", ويفضلون اكتساب العلوم عن طريق الذوق وهو تلقي الارواح للاسرار الطاهرة في الكرامات وخوارق العادات, كذلك معرفة الله تعالى معرفة يقينية ولا يحصل ذلك الا عن طريق الذوق او الكشف. كما ان من معتقداتهم السماع وهو سماع الاناشيد والاشعار التي قد تصل الى درجة الكفر والشرك كرفع الرسول الى مرتبة ليست موجودة في الكتاب والسنة.
[ الطريقة البكداشية: كان الاتراك العثمانيون ينتمون الى هذه الطريقة, وهي لا تزال منتشرة في البانيا, كما انها اقرب الى التصوف الشيعي, وكان لهذه الطريقة اثر بارز في نشر الاسلام بين الاتراك والمغول.
[ الطريقة المولوية: انشأها الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي 672هـ والمدفون بقونية, اصحابها يتميزون بادخال الرقص والايقاعات في حلقات الذكر, وقد انتشروا في تركيا وغرب آسيا, ولم يبق لهم في الايام الحاضرة الا بعض التكايا في تركيا وحلب وفي بعض اقطار المشرق.
[ الطريقة النقشبندية: تنسب الى الشيخ بهاء الدين محمد بن البخاري الملقب بشاه نقشبند 791هـ وهي طريقة تشبه الطريقة الشاذلية, انتشرت في فارس وبلاد الهند.
[ الطريقة الملامتية: مؤسسها ابوصالح حمدون بن عمار المعروف بالقصار 271هـ اباح بعضهم مخالفة النفس بغية جهادها ومحاربة نقائصها, وقد اظهر الغلاة منهم في تركيا حديثا بمظهر الاباحية والاستهتار وفعل كل امر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية.
[ الطريقة التيجانية: طريقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية ويزيدون عليها الاعتقاد بامكانية مقابلة النبي مقابلة مادية واللقاء به لقاء حسيا في هذه الدنيا, وان الرسول قد خصهم بصلاة "الفاتح" التي تحتل لديهم مكانة عظيمة ـ وكنا قد عرضنا لهذه الصلاة أعلى الصفحة ـ هذه الطريقة اسسها ابو العباس احمد التيجاني 1230هـ , الذي ولد بالجزائر ويدعي انه التقى النبي لقاء حسيا ماديا وانه تعلم منه صلاة الفاتح وانها تعدل قراءة القرآن ستة آلاف مرة. ويلاحظ على اصحاب هذه الطريقة شدة تهويلهم للامور الصغيرة وتصغيرهم للامور العظيمة على حسب هواهم ما أدى الى ان يفشو التكاسل بينهم لما شاع بينهم من الأجر العظيم على اقل عمل يقومون به, ويرون ان لهم خصوصيات ترفعهم عن مقام الناس الآخرين من أهمها: ان تخفف عنهم سكرات الموت وان الله يظلهم في ظل عرشه وان لهم برزخا يستظلون به وحدهم. واهل هذه الطريقة كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي , وقد بدأت هذه الطريقة في مدينة فاس وصار لها أتباع في السنغال ونيجيريا وشمال افريقيا ومصر والسودان.
[ الطريقة الختمية: وهي طريقة صوفية تلتقي مع الطرق الصوفية الاخرى في كثير من المعتقدات مثل الغلو في شخص رسول الله وادعاء لقياه واخذ تعاليمهم واورادهم واذكارهم التي تميزوا بها, عنه مباشرة, هذا الى جانب ارتباط الطريقة بالفكر والمعتقد الشيعي واخذهم من ادب الشيعة وجدالهم. وقد اسس هذه الطريقة محمد عثمان الميرغني ويلقب بالختم اشارة الى انه خاتم الاولياء, ومنه اشتق اسم الطريقة الختمية, كما تسمى الطريقة الميرغنية ربطا لها بطريقة جد المؤسس عبدالله الميرغني المحجوب.. وقد بدأت هذه الطريقة من مكة والطائف, وارست لها قواعد في جنوب وغرب الجزيرة العربية, كما عبرت الى السودان ومصر, وتتركز قوة الطريقة من حيث الاتباع والنفوذ الآن في السودان.. وعلى هذا فان الطريقة الختمية طائفة صوفية تتمسك بمعتقدات الصوفية وأفكارهم وفلسفاتهم حيث تبنوا فكرة وحدة الوجود التي نادى بها ابن عربي وقالوا بفكرة النور المحمدي, واستخدموا مصطلحات الوحدة والتجلي والانبجاس والظهور والفيض وغيرها من المصطلحات الفلسفية الصوفية, واسبغوا على الرسول من الاوصاف ما لا ينبغي ان يكون الا لله تعالى, ويدعي مؤسس الطريقة بانه خاتم الأولياء وان مكانته تأتي بعد الرسول , والطريقة الختمية تهتم باقامة الاحتفالات الخاصة باحياء ذكر مولد النبي واقامة ليالي الذكر أو الحولية.
[ الطريقة البريلوية: وهي فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية في مدينة بريلي بالهند ايام الاستعمار البريطاني وقد اشتهرت بمحبة وتقديس الانبياء والأولياء بعامة, والنبي بخاصة. مؤسس هذه الطريقة هو احمد رضا خان 340هـ ولقد سمى نفسه عبدالمصطفى!, ويعتقد أبناء هذه الطائفة بان الرسول لديه القدرة التي يتحكم بها في الكون, ولقد غالوا في نظرتهم إلى النبي حتى اوصلوه الى قريب من مرتبة الألوهية, يقول احمد رضا خان "اي يا محمد لا استطيع ان اقول لك الله, ولا استطيع ان افرق بينكما, فامرك الى الله هو اعلم بحقيقتك" كما ان هذه الطائفة لديها عقيدة الشهود حيث ان النبي في نظرهم حاضر وناظر لافعال العباد في كل زمان ومكان, كما انهم يشيدون القبور ويعمرونها ويتبركون بها, ويؤمنون بالاسقاط وهي صدقة تدفع عن الميت بمقدار ما ترك من صلاة او صيام او سائر العبادات وهي مقدار صدقة الفطر. وأعظم اعيادهم هو ذكرى المولد النبوي. وهم يكفرون المسلمين لأدنى سبب مثل الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق وشيخ الاسلام ابن تيمية والامام محمد بن عبدالوهاب.

أهم الشخصيات الصوفية :

سنحاول عرض أبرز الشخصيات الصوفية وأكثرها تأثيرا عبر العصور ـ وخصوصا الذين دعوا الى عقيدة الحلول والاتحاد فمن ابرزهم:
* البسطامي (261هـ): هو ابو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي كان جده مجوسيا فاسلم, وهو اول من استخدم لفظ الفناء بمعناه الصوفي الذي يقصد منه الاتحاد بذات الله, يقول د. عبدالرحمن بدوي ـ صوفي معاصر ـ صاحب كتاب تاريخ التصوف الاسلامي: "لقد نصب الله الخلائق بين يدي ابي يزيد وها هي ذا تتحرق الى رؤياه في هذا المقام... لكن لكي يمكنهم ان يروه كان عليه ان يطلب الى الله ان يزين أبا يزيد بوحدانيته ويلبسه انانيته..." وعلى هذا فإن عقيدة البسطامي واضحة فهو اول من سعى في نشر عقيدة الاتحاد بين المسلمين.
* الحلاج (309هـ): هو الحسين بن منصور الحلاج, صوفي فيلسوف, تبرأ منه سائر الصوفية والعلماء لسوء سيرته ومروقه, وهو يدعي الحلول ومعناه حلول الإله فيه أي الله سبحانه وتعالى وتقدس عما يقول, واستمر الحلاج في نشر فكره الحلولي حتى استفحل امره فألقي القبض عليه لتتم مناظرته ومناقشته بحضره القضاة وبعد ان تيقن السلطان (المقتدر) امره امر بقتله.
* الغزالي (450 ـ 505هـ): ابو حامد محمد بن احمد الطوسي الملقب بحجة الاسلام, ولد بطوس من اقليم خرسان, نشأ في بيئة كثرت فيها الآراء والمذاهب مثل علم الكلام والفلسفة, والباطنية, والتصوف, وأورثه ذلك حيرة وشكا , ألف عددا من الكتب أهمها تهافت الفلاسفة والمنقذ من الضلال, واهمها على الاطلاق احياء علوم الدين, ويعد الغزالي رئيس مدرسة الكشف في المعرفة.. ومن جليل اعماله هدمه للفلسفة اليونانية وكشفه لفضائح الباطنية. وفي آخر حياته اقبل على حديث الرسول , وفي هذه المرحلة ألف كتابه "إلجام العوام عن علم الكلام" الذي ذم فيه علم الكلام وطريقته وانتصر لمذهب السلف, ويقال انه رجع عن القول بالكشف وادراك خصائص النبوة,.
* ابن الفارض (566 ـ 632): هو ابو حفص عمر بن علي الحموي الاصل المصري المولد, لقب بشرف الدين, وهو من الغلاة الموغلين في وحدة الوجود, يقول الشيخ الوكيل "ابن الفارض يزعم انه منذ القدم كان الله, ثم تلبس بصورة النفس.. الخ" ونص شيخ الاسلام ابن تيمية على ان ابن الفارض من اهل الالحاد القائلين بالحلول الاتحاد ووحدة الوجود..
* ابن عربي (560 ـ 638هـ): وهو ابو بكر محيي الدين محمد بن علي بن عربي الحاتمي الطائي الاندلسي, الملقب بالشيخ الاكبر عند الصوفية, رئيس مدرسة وحدة الوجود, يعتبر نفسه خاتم الأولياء, استقر في دمشق حيث مات ودفن, وله فيها قبر يزار, طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على ان الانسان وحده من بين المخلوقات يمكن ان تتجلى فيه جميع الصفات الالهية اذ تيسر له الاستغراق في وحدانية الله, وهذا يوضح خطورة آرائه ولذلك فقد اتفق علماء الاسلام شرقا وغربا على ذم ابن عربي وآرائه والبعض منهم يحرم النظر في كتبه.
* ابن سبعين (614 ـ 669هـ): هو قطب الدين ابو محمد عبدالحق بن ابراهيم بن محمد بن سبعين الاشبيلي المرسي, احد الفلاسفة المتصوفة القائلين بوحدة الوجود التي يرى انها تعني ان وجود الحق هو الثابت بدءا , وانه مادة كل شيء, والخلق منبثق منه فائض عنه, ولذا يقول ابن تيمية: ان ابن سبعين وان قال بان الوجود واحد فهو يقول بالاتحاد والحلول من هذا الوجه, لان معنى كلامه ان الحق محل للخلق. ويرى ابن سبعين ان الله هو الوجود كله ولا شيء معه الا علمه, والكائنات هي عين علمه. يقول ابن تيمية "هذا من ابطل الباطل واعظم الكفر والضلال".
* العفيف التلسماني (610 ـ 690هـ): هو سليمان بن علي الكومي التلمساني, يلقب بعفيف الدين, يقول عنه الذهبي انه احد زنادقة الصوفية, ويقول ابن كثير "وقد نسب هذا الرجل الى عظائم في الاقوال والاعتقاد في الحلول والاتحاد والزندقة والكفر المحض وشهرته تغني عن الاطناب في ترجمته", ومن اقوال التلمساني الشنيعة التي توضح كفره الحوار الذي دار بينه وبين احد شيوخه قال: القرآن ليس فيه توحيد بل القرآن كله شرك, ومن اتبع القرآن لم يصل الى التوحيد" وكذلك فان من فكر التلمساني الفاسد ما حكاه شيخ الاسلام من ان الشيرازي قال لشيخه التلمساني ـ وقد مر بكلب اجرب ميت ـ فقال: هذا ايضا من ذات الله؟! فقال: وهل ثم خارج عنه!؟ قال ابن تيمية: هذا من اعظم الكفر. وعلى هذا فان الرجل يعد من رواد وحدة الوجود الكبار, ومن المصنفين المكثرين في تقرير هذه العقيدة الفاسدة ونشرها.
* النابلسي (1050 ـ 1143هـ): هو عبدالغني بن اسماعيل الدمشقي النابلسي الحنفي النقشبندي القادري, آمن بالطريقة النقشبندية الذين يؤمنون بعقيدة الفناء ووحدة الوجود.

أقوال بعض الأئمة والعلماء في الصوفية :
* الامام الشافعي: ادرك بدايات التصوف وكان اكثر العلماء والائمة انكارا عليهم, وقد كان مما قاله في هذا الصدد "لو أن رجلا تصوف اول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق".
* الامام احمد بن حنبل: كان للصوفية بالمرصاد فقد قال فيما بدأ الحارث المحاسبي يتكلم فيه وهو الوساوس والخطرات قال احمد: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون وحذر من مجالسة الحارث وقال لصاحب له: لا أرى لك ان تجالسه.
* الامام ابن الجوزي: كتب كتابا سماه "تلبيس ابليس" خص الصوفية بمعظم فصوله وبيَّن تلبيس الشيطان عليهم ما جعلهم يتخبطون في الظلمات.
* شيخ الإسلام بان تيمية: كان من أعظم الناس بيانا لحقيقة التصوف, وتتبعا لاقوال الزنادقة والملحدين وخاصة ابن عربي والتلمساني وابن سبعين, فتعقب اقوالهم وفضح باطنهم وحذر الامة من شرورهم وقد ذكرنا في هذا الجزء مقاطع مما قاله ابن تيمية.

بعض كبار الصوفية الذين هداهم الله للطريق القويم:
* الدكتور تقي الدين الهلالي: شيخ التوحيد في بلاد المغرب والذي كان صوفيا (تيجانيا) فأكرمه الله بدعوة التوحيد, يقول عن سبب خروجه من الطريقة التيجانية: "لقد كنت في غمرة عظيمة وضلال مبين وكنت أرى خروجي من الطريقة التيجانية كالخروج من الاسلام ولم يكن يخطر لي ببال ان اتزحزح عنها قيد شعرة, وجرت مناظرة حول ادعاء الشيخ التيجاني في انه رأي النبي يقظة, وقد ثبت بطلان ذلك "يمكن الرجوع للمناظرة بكاملها في كتاب (الفكر الصوفي ص 474) وكذلك يذكر انه اجتمع بالشيخ عبدالعزيز بن ادريس واوضح له بطلان الطريقة التيجانية".
* الشيخ عبدالرحمن الوكيل: وكيل جماعة انصار السنة بمصر, صاحب كتاب "هذه هي الصوفية" يقول "كانت لي بالتصوف صلة, وهي صلة العبرة بالمأساة, حيث كان يدرج بي الصبا في مدارجه السحرية وتستقبل النفس كل صروف الاقدار بالفرحة الطروب".
ويضيف "ألا فاسمعوها غير هيابة ولا وجلة, واصغوا الى هتاف الحق يهدر بالحق ان التصوف ادنأ وألام كيد ابتدعه الشيطان ليسخر معه عباد الله في حربه لله ولرسوله, انه قناع كل عدو صوفي للدين الحق, فتش فيه تجد برهمية وبوذية, وزرادشتية, ويهودية ونصرانية ووثنية جاهلية..."
وبعد
ان ما نشاهده اليوم من الصوفية التي عمدت الى تدوين معتقداتها ومناهجها ومن ثم محاولة نشر تلك المعتقدات بشتى الوسائل وخصوصا في عصرنا الحاضر عصر المعلومات والاتصالات فما نشاهده من تكريس لتلك العقيدة والشريعة من خلال طقوسها التي تطالعنا بها الفضائيات وتعج بها الصحف والمجلات على انها من اصول العقيدة والتشريع الاسلامي ما قد يؤدي بالأمة الاسلامية الى التخلف والتقهقر وكيف لها ان تتقدم مع هذه الانحرافات العقدية.. والله من وراء القصد.
(3) الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة ـ عبدالرحمن عبدالخالق.



الطريقة الرفاعية
تنسب الطريقة الرفاعية إلى أحمد الرفاعي بن سلطان علي، ويصل أتباعه نسبه إلى موسى الكاظم بن جعفر الصادق إلى علي بن أبي طالب. ولد أحمد الرفاعي في قرية (حسن) بالقرب من أم عبيدة بالعراق 512هـ وتوفي سنة 578هـ ودفن في قرية أم عبيدة.
ما نسب من كرامات للرفاعي:
1- أشهر ما يعرف عنه زعم أتباعه أنه لما حج عام 555هـ ووقف أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، قال هذين البيتين:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها تقبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
ويزعم أتباعه أن النبي خرج من قبره ومد له يده من بين حديد شباك القبر فقبلها الرفاعي.. (الطريقة الرفاعية ص133).
2- وينسبون من كراماته أيضاً أنه إذا كان ألقى الدرس سمعه الأصم والسميع، والقريب والبعيد، وأن الله أحيا له الميت، وأقام له المقعدين، وقلب له الأعيان، وصرفه في الخلق (الطريقة الرفاعية ص134). ويذكرون كذلك أن الله أبرد لأتباعه النيران، وأزال لهم فاعلية السموم.. وألان لهم الحديد، وأذل لهم السباع والأفاعي، وأخضع لهم طغاة الجن، وصرفهم في العوالم، وأطلعهم على عجائب الأسرار.
3- دعا الناس إليه وإلى طريقته بطرق شتى؛ من ذلك قوله: "إنكار العبد نعمة من موجبات السلب، أنا من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.. إن الله إذا وهب عبده نعمة ما استردها، شكر النعمة معرفة قدرها" (البرهان المؤيد ص28).
وقال أيضاً في بعض مواعظه ودروسه يمدح نفسه ويدعو إلى طريقته: "أي خاصة أي عامة فاض بحر الكرم (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). أنا مأوى المنقطعين، أنا مأوى كل شاة عرجاء انقطعت في الطريق. أنا شيخ العواجز أن شيخ من لا شيخ له فلا يتشيخ الشيطان على رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، عهد مني بالنيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، عهداً عاماً إلى يوم القيامة، العرش قبلة الهمم، والكعبة قبلة الجباه، وأحمد قبلة القلوب. قال لي حبيبي أنت وجه لا يخزيه الله في أتباعه أبداً (سلام عليك بما صبرتم فنعم عقبى الدار) هات يا منشد الفتح في حضرة المنجي. قل كيف شئت مجلس مأتم ومجلس فرح (يولج الليل في النهار) (ألا إلى الله تسير الأمور) (وكفى بالله ولياً) عليكم بتقوى الله لا تخرجوا من ساحة التوحيد، ربنا الله لا شريك له نعم الولي ونعم النصير والحمد لله رب العالمين" (المجالس الرفاعية ص112).
ولا يخفى هنا زعمه أن الرسول خاطبه وكلمه (قال لي حبيبي أنت وجه لا يخزيه الله في أتباعه أبداً).
وقال أيضاً في مقام آخر:
"صحبتنا ترياق مجرب، والبعد سم قاتل، أي محجوب تزعم أنك اكتفيت عنا بعلمك، ما الفائدة من علم بلا عمل، ما الفائدة من عمل بلا إخلاص، الإخلاص على حافة طريق الخطر، من ينهض بك إلى العمل. من يداويك من سم الرياء، من يدلك على الطريق الأمين بعد الإخلاص (أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) هكذا أنبأنا العليم الخبير، تظن أنك من أهل الذكر، لو كنت منهم ما كنت محجوباً عنهم لو كنت من أهل الذكر ما حرمت ثمرات الفكر، صدك حجابك، قطعك عملك. قال عليه الصلاة والسلام: (اللهم إني أعوذ بكم من علم لا ينفع)، لازم أبوابنا، أي محجوب فإن كل درجة وآونة تمضي لك في أبوابنا درجة وإنابة إلى الله تعالى، صحت إنابتنا إلى الله، قال تعالى: (واتبع سبل من أناب) أيها المتصوف لم هذه البطالة صر صوفياً حتى نقول لك أيها الصوفي" أ.هـ (البرهان المؤيد ص35).
وكان يقول أيضاً: "أيها البعيد عنا، الممقوت منا ما هذا يا مسكين، لو كان لنا فيك مقصد يشهد بحسن استعدادك وخالص حبك إلى الله وأهله اجتذبناك إلينا، وحسبناك إلينا. شئت وإلا.. لكن الحق يقال: حظك منعك، وعدم استعدادك قطعك، لو حسبناك منا ما تباعدت عنا، خذ مني يا أخي علم القلب، خذ مني علم الذوق، خذ مني علم الشوق. أين أنت مني يا أخا الحجاب اكشف لي قلبك.." أ.هـ (البرهان المؤيد ص33).
وقال أيضاً في هذا المعنى:
"أقامنا الله أئمة الدعوة بالنيابة عن نبيه صلى الله عليه وسلم من اقتدى بنا مسلم، ومن أناب إلى الله بنا غنم، الحق يقال نحن أهل بيت ما أراد سلبنا سالب إلا سلب، ولا نبح علينا كلب إلا جرب، ولا هم على ضربنا ضارب إلا ضرب، ولا تعالى علينا حائط إلا وخرب"!! (البرهان المؤيد ص31).
ومع هذه الأقوال التي كان يذكر نفسه فيها على هذا النحو فقد نقلت عنه أقوال تناقضها حيث يقول:
"كل الفقراء رجال هذه الطائفة خير مني، أنا أحميد اللاش، أنا لاش اللاش".. أ.هـ (البرهان المؤيد ص24).
بل يقول ما هو أبلغ من هذا أيضاً:
"أي سادة أنا لست بشيخ، لست بمقدم على هذا الجمع لست بواعظ، لست بمعلم، حشرت مع فرعون وهامان إن خطر لي أني شيخ على أحد من خلق الله برحمته فأكون كأحد المسلمين" أ.هـ (البرهان المؤيد ص23).
ويقول أيضاً في مجلس آخر:
"أيش أنا حتى أدعوك، ما مثلي إلا كمثل ناموسة على الحائط لا قدر لها، حشرت مع فرعون وهامان وقارون وأخذني ما أخذهم أن كان خطر لما في سري أني شيخ هذا الجمع، أو مقدمهم أو من يحكم عليهم، أو ثبت عندي أني فقير منهم، وكيف تدعوه نفسه إلى ذلك من هو لا شيء، ولا يصلح لشيء، ولا يعد بشيء" أ.هـ (البرهان المؤيد ص52).
ومع كل هذا التبري من الحول والطول فإن أحمد الرفاعي يناقض نفسه كثيراً حيث يزعم ضد ذلك تماماً فيقول:
"وعدني رسول كرمه أن يأخذ بيد مريدي وحُبي ومن تمسك بي وبذريتي وخلفائي في مشارق الأرض ومغاربها إلى يوم القيامة عند انقطاع الحيل، بهذا جرت بيعة الروح لا يخلف الله وعده، لا تصح المكالمة لمخلوق مع الخالق بعد النبيين والمرسلين الذين كلمهم سبحانه وحياً أو من وراء حجاب، وإنما وعد إحسانه ينجلي إلى قلوب أوليائه وأحبابه بالرؤيا المنامية، والواسطة المحمدية والإلهام الصحيح الذي لا يخالف ظاهر الشريعة الأحمدية بحال من الأحوال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" أ.هـ (البرهان المؤيد ص82،83).
قلت: كيف لا يكون هذا الوعد المزعوم مخالفاً لظاهر الشريعة وقد أخبرنا سبحانه وتعالى أن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام طلب ما هو دون هذا الطلب لذريته فلم يعطه الله تبارك وتعالى حيث يقول الله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}.
فإذا كان الله سبحانه وتعالى لم يرض أن يعطي إبراهيم عهداً بأن يكون كل ذريته صالحين أئمة في الدين من بعده فكيف يعطي الرفاعي مثل هذا العهد المزعوم فانظر قوله: "وعدني رسول كرمه أن يأخذ بيد مريدي ومحبي ومن تمسك به وبذريتي وخلفائه في مشارق الأرض ومغاربها إلى يوم القيامة"!!
ثم ما يدريه أن الله قد أعطاه هذا الوعد: يقول الرفاعي إنه بالإلهام والرؤيا المنامية، هل مثل هذا العهد يعطي بإلهام وبرؤيا منامية؟ وما يدريه أنها رؤيا شيطانية.. وإلهام شيطاني.. وكيف تكون غير ذلك والقرآن بضد ذلك.. بل كيف تكون غير ذلك والرجل يزعم أنه ليس بشيخ وأنه يموت ويحشر مع فرعون وهامان وقارون إن قال إنه شيخ على أحد من الناس فأي كلام من كلامه يصدق؟
من أقوال أحمد الرفاعي:
وقد نسب صاحب طبقات الصوفية عبدالوهاب الشعراني طائفة من الأقوال لأحمد الرفاعي فيها أمور كثيرة من الباطل ولم أقرأ في كتب الطريقة الرفاعية المؤلفة ما ينفي هذه الأقوال وهاك بعضاً من هذه الأقوال:
".. الكشف قوة جاذبية بخاصيتها نور عين البصيرة إلى فيض الغيب، فيتصل نورها به اتصال الشعاع بالزجاجة الصافية حال مقابلتها المنبع إلى فيضه، ثم يتقاذف نوره منعكساً بضوئه على صفاء القلب ثم يترقى ساطعاً إلى عالم الفصل فيتصل به اتصالاً معنوياً له أثر في استفاضة نور القلب على ساحة القلب، فيشرق نور العقل على إنسان عين السر، فيرى ما خفي عن الأبصار موضعه ودق عن الأفهام تصوره، واستتر عن الأغيار مرآه".. أ.هـ (طبقات الشعراني ص141،142).
ونقل عنه أيضاً أنه قال:
وكان يقول: إذا صلح القلب صار مهبط الوحي والأسرار والأنوار والملائكة، ويقول أيضاً: إذا صلح القلب أخبرك بما وراءك وأمامك ونبهك على أمر لم تكن تعلمها بشيء دونه".. أ.هـ (طبقات الشعراني ص141،142).
وهذه نصوص يزعم قائلها أن الصوفي يطلع على حقائق عينية وأسرار وقد بين سابقاً فساد هذا الاعتقاد.
وقال أيضاً: ".. إن العبد إذا تمكن من الأحوال بلغ محل القرب من الله تعالى وصارت همته خارقة للسبع السماوات، وصارت الأرضون كالخلخال برجله، وصار صفة من صفات الحق جل وعلا، لا يعجزه شيء وصار الحق تعالى يرضى لرضاه ويسخط لسخطه، قال: ويدل لما قلناه ما ورد في بعض الكتب الإلهية يقول الله عز وجل (يا بني آدم أطيعوني أطعكم، واختاروني أختركم، وارضوا عني أرض عنكم وأحبوني أحبكم وراقبوني أراقبكم وأجعلكم تقولون لشيء كن فيكون، يا بني آدم من حصلت له حصل له كل شيء ومن فته فاته كل شيء)" أ.هـ (طبقات الشعراني ص142).
ولا يخفى ما في هذا النص من الباطل لأن العبد مهما بلغ من منازل القرب مع الله يبقى عبداً محكوماً بسنن الله الكونية مفتقراً إلى الله عز وجل كما كان أحوال الرسل وأولياء الله الصادقين فلم تكن الأرض كالخلخال برجل أحدهم بل كانوا يجوعون، ويمرضون، ويتألمون، ويهزمون أحياناً، ويسبون ويشتمون، وقد يتوب لله على من يؤذيهم فيكونون مسلمين، كما فعل الله سبحانه بمن قتلوا أفضل أوليائه في أحد وقال رسول الله فيهم [كيف يفلح قوم شجو وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله عز وجل..] فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} (رواه البخاري).
وأما ما نقله الشعراني هنا عن الرفاعي، وما زعمه أن هذا مكتوب في بعض الكتب الإلهية فما هذه الكتب الإلهية؟.. ولماذا نهتدي بغير هدي القرآن والسنة وقد نهينا عن ذلك، وهل أنزل الله في هذه الكتب الإلهية المزعومة: وأجعلكم تقولون للشيء كن فيكون.. وماذا بقي لله إذن إذا أصبح كل من أطاع الله إلهاً صغيراً يتصرف في الكون كما يتصرف الله.. ماذا بقي لله من دون صفاته.. لقد سلبوا منه كل صفاته وجعلوها لأنفسهم ولم يرضوا أن يكونوا عبيداً له سبحانه وتعالى كما أمرهم.
ومما يدلك على أن المتصوفة يريدون فعلاً الوصول إلى هذا، أعني سلب صفات الله عنه وإلباسها لأنفسهم حتى يكونوا عند الناس آلهة من دون الله، ما نقل هنا الشعراني أيضاً عن الرفاعي والله يعلم هل هذا النقل صحيح أم لا؟: "إذا أراد الله عز وجل أن يرقي العبد إلى مقامات الرجال يكلفه بأمر نفسه أولاً، فإذا أدب نفسه واستقامت معه كلفه بأهله، فإذا أحسن إليهم وأحسن عشرتهم، كلفهم بجيرانه وأهل محلته فإن هو أحسن إليهم وداراهم كلفه جهة من البلاد فإن هو داراهم وأحسن عشرتهم، وصلح سريرته مع الله كلفه ما بين السماء والأرض، فإن فيهم خلقاً لا يعلمه إلا الله تعالى، ثم لا يزال يرتفع من سماء إلى سماء حتى يصل إلى محل الغوث، ثم ترتفع صفته إلى أن يصير صفة من صفات الحق تبارك وتعالى، وأطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة، ولا تخضر ورقة إلا بنظره وهناك يتكلم عن الله تعالى بكلام لا يسعه عقول الخلائق" (طبقات الشعراني ص143) أ.هـ.
قلت: فانظر كيف سيرتقي الصوفي إلى أن يكلفه الله أمر خلائق بين السماء والأرض. ولست أدري ماذا سيكلفه الله هناك.. ولكن صاحب هذا القول يزعم أنه سيكون صفة من صفات الحق والحق هنا يعني الله سبحانه وتعالى، يطلع على غيب الله فلا تنبت شجرة، ولا تخضر ورقة إلا بنظره.. باختصار يأخذ مكان الله سبحانه وتعالى، (راجع مراتب الأولياء في الفصل الخاص بذلك).
وهكذا يجعل الصوفية غوثهم المزعوم هو القائم في مقام الله يتصرف في هذا الكون أعلاه وأسفله فانظر الغاية التي يريد رجال التصوف أن يوصلوا الناس إليها إنها باختصار صرف الناس عن عبادة الواحد القهار إلى عبادة من يبولون ويتغوطون ويهرفون بما لا يعرفون، ويستمدون علومهم من الجن والشياطين، ويزعمون للناس أنها وحي من رب العالمين.
وعلى كل حال فتحقيقاً لهذه الأقوال أعني أن الولي قد يكلف بأمر الخلائق فإن الشعراني يزعم أيضاً أن الله قد كلف أحمد الرفاعي بالنظر في أمر الدواب والحيوانات.. ولذلك كان ينهي أصحابه عن قتل القمل فقد رأى بعض مريديه يقتل قملة فقال له: لا وأخذك الله شفيت غيظك بقتل قملة..
وكذلك زعموا أن الرفاعي كان إذا لقي الكلاب والخنازير بدأهن بالسلام وكان يقول لهن أحياناً: أنعموا صباحاً (طبقات الشعراني ص143).. أ.هـ.
وهكذا يظهر أثر التكليف الإلهي المزعوم برعايته الحيوانات فتكون النهاية عن قتل القمل، وإلقاء السلام على الخنازير والكلاب..
قلت: ليس عندي ما أقوله في هذا المقامإلا أن أقول إنا لله وإنا إليه راجعون. التحية التي جعلها الله خاصة بالمسلم فقط وحرم الرسول إلقاءها إلا على مسلم ونهى بدء اليهود والنصارى بها علماً أنهم آدميون وقد يهتدون في مستقبل أيامهم هذه التحية التي قال فيها {فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} هانت على رجال التصوف فأعطوها هدية للكلاب والخنازير..
أرأيت إلى المستنقع الذي يريد رجال التصوف إغراق المسلمين فيه.. ومع هذا كله فقد زعم الشعراني أيضاً أن الشيخ الرفاعي كان إذا تجلى الحق تعالى عليه بالتعظيم يذوب الرفاعي حتى يكون بقعة ماء ثم يتداركه اللطف فيجمد شيئاً فشيئاً حتى يرد إلى جسمه المعتاد (طبقات الشعراني ص143).
الشعائر الخاصة للطريقة الرفاعية:
وللطريقة الرفاعية مشاعر خاصة كشأن كل الطرق الصوفية وإليك أهم هذه الشعائر والعقائد..
1- من أهم ما يميز الطريقة الرفاعية هو التتلمذ لكل شيخ، بنقل الشعراني أيضاً عن الرفاعي أنه قال:
"من تمشيخ عليكم فتتلمذوا له، فإن مد يده لكم لتقبلوها فقبلوا رجله.. ومن تقدم عليكم فقدموه وكونوا آخر شعرة في الذنب، فإن الضربة الأولى تقع في الرأس" (الطبقات الكبرى ص141).
2- تبنت الطريقة مذهب التفويض في الأسماء والصفات زاعمة أنه مذهب السلف، ولكن الرفاعيين مع ذلك يخالفون ذلك ويؤولون تأويل الأشاعرة فيزعمون أن الله لا يوصف بفوقية أو سفلية وليس في جهة من الجهات، ولا يثبتون ما أثبته الله لنفسه، وكذلك يقولون بوجوب القليد الفقهي.. (الطريقة الرفاعية ص42).
3- ويجعلون السماع والمواجيد والتواجد من الصراخ وغيره مما درج عليه أهل التصوف ديناً ويكفرون من يقول ببدعية ذلك أو يعيبه. قالوا "وإن من أنكر ذلك فقد كفر، لأنه عاب خيراً أمر الله به، ومن عاب ما أمر الله به فهو كافر" (الطريقة الرفاعية ص64،78).
4- أنكر أحمد الرفاعي ما قاله الحلاج ونفى أن يكون ولياً أو واصلاً حيث قال: "أي سادة تفرقت الطوائف شيعاً، وأحميد (يعني نفسه) بقي مع أهل الذل والانكسار والمسكنة والاضطرار، إياكم والكذب على الله (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً). ينقلون عن الحلاج أنه قال: أنا الحق. أخطأ بوهمه، لو كان على الحق ما قال أنا الحق، يذكرون له شعراً يوهم الوحدة كل ذلك ومثله باطل، ما رآه رجلاً واصلاً أبداً، ما أراه شرب، ما أراه حضر، ما أراه سمع إلا رنة وطنيناً، فأخذهم الوهم من حال إلى حال، وما زاد قرباً ولم يزدد خوفاً فهو ممكور. إياكم والقول بهذه الأقاويل إن هي إلا أباطيل".. أ.هـ (البرهان المؤيد ص26).
وهذه أقوال صريحة في رفض أقوال الحلاج الكفرية، والتمسك بالحق والحكم على قائلها بما حكم به أهل الإسلام جميعاً في عصره أنه كافر زنديق وأنه يستحق القتل والصلب الذي وقع له.
ويستطرد الرفاعي أيضاً مبيناً أن حال الأولياء الصادقين لا تكون كحال فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى.. وليست كذلك كحال نمرود الذي قال (أنا أحيي وأميت) فيقول:
"درج السلف على الحدود بلا تجاوز. بالله عليكم هل يتجاوز الحد إلا الجاهل وهل يدوس عنوة في الجب إلا الأعمى! ما هذا التطاول وذلك التطاول ساقط بالجوع. ساقط بالعطش. ساقط بالنوم. ساقط بالوجع. ساقط بالفاقة. ساقط بالهرم. ساقط بالعناء. أين هذا التطاول من صدمة صوت (لمن الملك اليوم). العبد متى تجاوز حده مع إخوانه يعد في الحضرة ناقصاً. التجاوز علم نقص ينشر على رأس صاحبه. يشهد عليه بالغفلة. يشهد عليه بالزهو. يشهد عليه بالحجاب. يتحدث القوم بالنعم لكن مع ملاحظة الحدود الشرعية. الحقوق الإلهية تطلبهم في كل قول وفعل. الولاية ليست بفرعونية. ولا بنمرودية قال فرعون أنا ربكم الأعلى. وقال قائد الأولياء وسيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم (لست بملك) نزع ثوب التعالي والإمرة والفوقية. كيف يتجرأ على ذلك العارفون: والله يقول {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} وصف الافتقار إلى الله وصف المؤمنين. قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنتم الفقراء إلى الله} هذا الذي أقوله علم القوم. تعلموا هذا العلم. فإن جذبات الرحمن في هذا الزمان قلت. اصرفوا الشكوى إلى الله في كل أمر. العاقل لا يشكو لا إلى ملك ولا إلى سلطان. العاقل كل أعماله لله" أ.هـ (البرهان المؤيد ص26).
وهذا كلام جيد جيداً في رفض دعاوي الصوفية وشطحهم ولكن أتباعه اليوم يخالفون هذا تماماً فيترضون على ابن عربي ومن على شاكلته ويطبعون أقوال هؤلاء جنباً إلى جنب مع أقوال الرفاعي.. ويعتذرون عما قاله الحلاج وغيره أنه من الشطح ولا يصرحون بما صرح لنا في إبعاد قائل هذه الأقوال من الدين. وبذلك يتناقضون على عاداتهم في قولهم أحياناً في رفض الدعوى والشطح، وفي نشرهم لهذه الدعاوي وترضيهم على فاعليها.
5- ومن المشاعر الخاصة بالطريقة الرفاعية أيضاً الخلوة الأسبوعية السنوية وتبدأ عندهم في اليوم الحادي عشر من المحرم كل عام، ومن شروطها أن لا يأكل المريد طعاماً أخذ من ذي روح، ويذكر المريد في اليوم الأول لا إله إلا الله بعدد معلوم واليوم الثاني الله الله، والثالث وهاب وهاب، والرابع حي حي والخامس مجيد مجيد.. والسادس معطي معطي.. والسابع قدوس قدوس، وكل ذلك بعدد معلوم، وكذلك أن يقول المريد بعد كل صلاة من صلوات هذا الأسبوع (اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي الطاهر الزكي وعلى آله وصحبه وسلم) يقول ذلك مائة مرة،وزعموا أن لهذه الخلوة فتوحات محمدية، وعنايات أحمدية لا تحصى وأن من فعلها شاهد من البراهين العظيمة وكأن له شأن عظيم (الطريقة الرفاعية ص115).
* ولا يخف أن هذه الخلوة في هذا الوقت المخصوص بدعة ضلالة وكل بدعة في النار كما قال صلى الله عليه وسلم وأنها تشريع جديد لم يأذن به الله ولا رسوله، وأن فيها مشابه لصيام النصارى الذين يصومون عن ذوات الأرواح، وأن فيها تقرباً من الرافضة حيث يخصص الحادي عشر من محرم من كل عام بذلك حيث تنتهي مشاعر الرافضة الخاصة ليدخل مشاعر الرفاعية ولعل ذلك السبب في قولهم إن الرفاعي تأتي منزلته بعد الأئمة الاثني عشر مباشرة (الطريقة الرفاعية ص127).
وأما تخصيصهم كل يوم بذكر خاص فهو بدعة، وأما ذكرهم الله بالاسم المفرد فقط الله، حي، مجيد فبدعة عظيمة ولم يرد ذكر الله بالاسم المفرد مطلقاً.. بل لا يذكر الله إلا بجملة مفيدة نحو (لا إله إلا الله) فهي جملة (وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، ونحو ذلك فكلها جمل تفيد معنى تعظيماً، فكل من ذكر الله باسم فرد من أسمائه فهو مبتدع، ولذلك لا يستغرب على هؤلاء المبتدعة أن يروا في خلواتهم هذه النيران الشيطانية التي يحسبونها أنواراً ملائكية رحمانية وما هي كذلك لأن الله لا يشرق نوره إلا في قلوب الصالحين المتبعين للحق من عباده.
6- ومن مشاعر الطريقة الخاصة أيضاً جواز المحاضرة وربط الروح بأرواح من شاء استحضار روحه من كافر ومسلم (الطريقة الرفاعية ص120) وكذلك من مشاعرهم ما يسمى بالاستفاضة وهي ربط قلب المريد بقلب الشيخ طلباً لإفاضة العلم الباطني إليه، وهذه بدعة صوفية معلومة. ففي التربية الصوفية يطلب من المريد أن يستحضر روح شيخه عند الذكر ويتمثله أمامه ويطلب من شيخه أن يربط روحه بروح الرسول الذي يزعمون أنه يفيض العلوم والأسرار على قلوب شيوخ الصوفية. والحق أن هذه العملية عملية شيطانية لأن المريد الذي يغيب عقله بالذكر المبتدع الذي يذكره آلاف المرات وعشرات الآلاف حتى يكل عقله ودماغه وهو في كل ذلك يحاول استحضار صورة شيخه أمامه، وقد يكون هذا في ظلام دامس فإن هذا هو الوقت المناسب ليدخل الشيطان إليه زاعماً أنه هو شيخه وأنه يراه الآن، وأنه يربط الآن قلبه بقلب الرسول ليفيض عليه العلوم والأسرار الإلهية، ويبدأ الشيطان يلقي في قلوب هؤلاء وساوسه الإبليسية فيوهم الواحد منهم أنه الآن صاعد إلى السماء، وأن هذا هو عرش الله، وهذا هو كرسيه هذه هي الأرض، وأن قد أصبحت الحبيب والعظيم وصاحب الهمة وما إلى ذلك من هذا النفح الشيطاني حتى يتصور المسكين فعلاً أنه وصل إلى مكان القرب من الله، وأن السماوات قد أصبحت طوع أمره، والأرض أصبحت كالخلخال برجله، وأنه يستطيع أن يقول للشيء كن فيكون.. وهكذا يكون المريد الذي دخل الخلوة، وذكر هذه الأذكار المبتدعة، وقطع نفسه بالظلام على هذا النحو يعود بنفس أخرى وحال أخرى غير الحال التي دخل بها.
وهذا سر قولهم إن لهذه الخلوة أسراراً وبراهين عظيمة، ولو علموا أنهم يربطون قلوبهم بالشياطين لعرفوا الحق المبين وأنهم نهوا عن سلوك الطرق المعوجة لأنه لا توصل إلا إلى الهاوية والضلال المبين.
7- وقد جعل الرفاعية الفضيلة العظمى والشرف الأسمى لهم على سائر الفرق ببركة الرفاعي فإن الله قد أبرد لأتباعه النيران، وأزال لهم فاعلية السموم، وألان لهم الحديد، وأذل لهم السباع والحيات والأفاعي، وأخضع لهم طغاة الجن (الطريقة الرفاعية ص134). ولذلك فإنهم في موالدهم ومؤتمراتهم العامة يأتون بمن يشعل النار ويدخلها إلى فمه، ومن ينفخ ناراً من فمه على هيئة التنين.. ومن يحمل الأفاعي ويلعب بها، ونحو ذلك من الشعبذات والخزعبلات التي لا يكاد يخلو منها قوم من أقوام أهل الشرك كالهنادك والفرس، وغيرهم (اقرأ الفصل الخاص بمناظرة ابن تيمية للبطائحية الرفاعية).
الرفاعية في طور جديد:في النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري تزعم الطريقة الرفاعية رجل يسمى محمد مهدي الصيادي الرفاعي، الذي رفع نفسه إلى مرتبة الغوثية الكبرى، ودعا الناس إلى طريقته واقتفاء أثره، وزعم أنه سالك سبيل جده مؤسس الطريقة الرفاعية، ولكنه جاء بما لم يسبقه أحد من الدعاوي في علو منزلته، والحق أنني لم أجد أجرأ منه على مدح نفسه وكذبه فيما نسبه إلى الله ورسوله من تعظيم نفسه إلا أحمد التجاني وابن عربي، وإليك بعضاً من نصوصه في هذا الصدد..
1- الدرة البيضاء:
ألف كراسة صغيرة سماها (الدرة البيضاء) ملأها بالجهل والغباء، وبدأها للأسف بقوله "أمرني بكتابتها وإذاعتها حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم" (المجموعة النادرة ص8) وزعم في هذه الرسالة أن الله خلق الرسول من نوره (المجموعة النادرة ص15) فأشرك بالله سبحانه وتعالى. وأن على المسلم أن يشفق على الخلق كلهم فخالف أمر الله القائل {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} ومن جملة مزاعمه في هذه الكراسة دعوة الناس إلى الاستمداد وطلب الإغاثة والإعانة من الأنبياء والأولياء (المجموعة النادرة ص18) فدعا بذلك إلى الشرك بالله سبحانه وتعالى، ودعا إلى العمل بأي رأي فقهي لأن اختلاف الأئمة رحمة (المجموعة النادرة ص23) ودافع عن ابن عربي واصفاً إياه بأنه العارف الشيخ محيي الدين ابن عربي طيب الله ثراه (المجموعة النادرة ص26). وزعم أن آل الرسول من أجزائه النورانية (المجموعة النادرة ص26) وبالتالي فهم أجزاء من الله حسب زعمه أن الرسول مخلوق من نور الله.. وقسم في هذه الرسالة الأولياء فجعل منهم المجاذيب وأهل الشطح والأميين.. وجعل نفسه في آخر هذه الكراسة أفضل الأولياء في زمنه على الإطلاق حيث يقول عن نفسه: "الاختصاص رحمة من الله تعالى للعبد لا بسعي ولا بعمل ولا برأي، ولا بِجَعْلٍ يختص الله برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم: هو عطاء رباني، ومنح صمداني، وفضل أسبغ في القدم، قبل أن تتعين النسم، والعناية قسم، فأهل الاختصاص جذبتهم يد المشيئة الربانية، بمحض الفضل والعناية الصمدانية، إلى أقصى المراتب العلية وهذا المنح الباهر، والفضل الوافر، هو اليوم حصتي، ومنصته منصتي، أقامني الله في هذه المنزلة إماماً، واختارني لرتبة هذه الخصوصية ختاماً، وكشف لي مخبآت الغيب باطلاع من كرمه، وجليل نعمه، ففهمت أسرار الرموز الفرقانية وسبرت خفايا دقائق البطون القرآنية، ولم تبرح تترقى همتي بكشف تلك الحجب اللطيفة، وبشق ديباجات هاتيك المحاضر الشريفة، فأنا اليوم ولربي الحمد والشكر، وله الإحسان والبر، كنز الفيوضات الطاهرة المحمدية، وسجل العلوم المقدسة النبوية، وهذه النوبة نوبتي، تتقلب في وراث منزلتي، وخدام قدمي إلى ما شاء الله، بهذا بشرت من صاحب الوعد الصادق، وقرأته في صحف الرموزات العلوية التي طفحت بدقائق الحقائق، سينشر علم ظهور حالي بعد هذا الخفاء في الأكوان ويبرز بروز الشمس من بطن ليل الطمس للعيان، وتعكف على بابي القلوب والأرواح، ويسري سر إرشادي في الجبال والأودية والبطاح ولم يمس شأن نهجي المبارك غبار دنيوي، ولم يرجع منه حرف إلى قصد نفساني بل كله لله" (المجموعة النادرة ص37) أ.هـ.
وبعد أن مدح نفسه بكل ما استطاع من نعوت يقول: "جاءت لي بذلك البشرى المحمدية الصحيحة والعناية النبوية الصريحة بوساطة روح سلطان الأولياء وزعيمهم وسيد منصتهم وكريمهم مولانا السيد أحمد الرفاعي الحسيني" أ.هـ منه بلفظه (المجموعة النادرة ص37).
2- برقمة البلبل.
وتكاد تكون كل الوسائل التي ألفها هذا الصياد الرفاعي على هذا النحو ولكن في رسالة أخرى سماها (برقمة البلبل) أتى فيها بما لم يسبقه به أحد من الكذب، ولا أظن أن لاحقاً يستطيع مجاراته أيضاً في مثل هذا الكذب السمج حيث يقول في أول رسالته هذه أنه كان في سنة 1252هـ في مكة المكرمة في بيت الله الحرام، وأنه سمع بلبلاً يتكلم مع بلبل آخر وعلى حد تعبيره (يبرقم) بلغة فهمها لأنه زعم أن رجلاً من رجال الغيب كان قد علمه لغة البلابل، فزعم أن أحد البلبلين كان يتكلم مع صديقه فأخبره أن أولاد آدم كلهم مكرمون، وجميعهم مرحومون وأنه لا يجوز أن نحتقر ذرة واحدة منهم، وأن منهم أيضاً أولياء عارفين، وأن من هؤلاء الأولياء قسم يتصرفون في العالم؛ ومن جملة ما يتصرفون فيه الطير فيقول البلبل لصديقه (ومنهم المتصرفون في وفيك وفي عالم الأكوان والنائبون بإذن الله عن نبي الرحمن) ثم يستطرد الصيادي الرفاعي في هذيانه الصوفي فيزعم أن أحد البلابل قال لصديقه: إن هذا الرجل الملتحف بكسائه الرث المستقبل الكعبة (يعني نفسه) هو من آل الرسول وقد فهم لغتنا وعرف ما قلناه وهو نائب الرسول الآن في هذا الوقت، وهو عالم الزمان وشيخ الأوان.. فقال البلبل الآخر إذن تعال نتبرك به ونقبل قدميه..
ويستطرد الصيادي الرفاعي قائلاً إن البلبلين جاءا إليه، وعكفا عليه، وسألاه الدعاء، وأنهما أخبراه بعد ذلك أنه إمام الدين، وسيد الأولياء وإن نوره لا يعدله نور، وإن مدده سيعم الأمصار والأقطار حيث تشب قلوب الحاسدين له بنار، وتنفلت عليه ألسنة الجاحدين (كذا..)..
ويستطرد الصيادي قائلاً بأن البلبلين أخبراه أن الله قد كتب صحيفة منزلته ووضعها فوق مقام إبراهيم فقام الصيادي من فوره وأخذ الصحيفة وفرح بما وجد فيها حسب زعمه من إطناب الله في الثناء عليه، ومدحه له وتبشيره إياه بظهور طريقته وعلو شأنه. يقول الصيادي هذا:
"وقد طبت بالله تعالى حين قرأت ما في الصحيفة المباركة بشأني، وبشأن ظهور أمر طريقي، وكدت أطير سروراً لما امتن الله تعالى علي به من إطناب في الألقاب فيها ما نصه بلفظه: هذا غريب الغرباء أبو البراهين، وأحد آل طه ويس. خلف الأئمة الهادين. بقية أعيان العترة الطاهرين، سيف الرسالة المسلول على أهل الضلالة. المجدد الأكمل. الأشعث الأغبر. سنجنجل الحكمة والفراسة المحمدية. رافع ألوية الشريعة الطاهرة الأحمدية. باني مباني أحكام الطريقة المرضية الرفاعية. شيخ الأئمة. نور المدد المصطفوي الذي سيتجلى به الظلمة. الرفاعي الثاني. الإمام الأوحد الرباني. طلسم البرهان المحمدي الذي لا يدافع. معنى ناطقة البيان النبوي الذي لا ينازع. بحر الفتح. هادم الدعوى والشطح. الفتى ابن الفتى. محمد مهدي بهاء الدين. باب النبي صلى الله عليه وسلم في العصر. وجه علي في الدهر. الفقير الغني. الضعيف القوي. الخفي الظاهر. العاجز القادر. شمس الإفاضة المصطفوية للذرات كلها من التحق بها سلم ومن أبغضه عن جحد أو حسد ندم ومن آذى نوابه وأحبابه لم يقم. ولو التفت عليه المحافل، وسارت لأمره الكتائب، وصفت له الصفوف، ومرت لديه من قناطير الذهب المقنطرة الألوف. هذه آيه الله المخبأة في دفتر الغيب ينتفع بقراءة فحواها، والاندماج في ظل معناها، كل من لله في عناية، يصل به الله ويقطع، ويعطي ويمنع، ويرفع ويضع، هذا الزاهد الواجد، الآبد الماجد، هذا بركة الله في الكون. هذا الممهد هذا الموطد. هذا القائم لله، ولإعلاء كلمة الله، ولخدمة رسول الله، لا لغرض من أغراض الأكوان، ولا لعلو، ولا لغلو، ولا لتقدم، ولا لترفع، ولا لعظمة نفسانية، بل هو بحر مطمطم رباني، وكنز مطلسم سبحاني، أفيض له مددنا بواسطه (كذا والصواب: بوساطة)، جده سر الوجود وبارقة النظم الأول في كيانتي النسقين الطموس والشهود (محمد) صلى الله عليه وسلم هذا سيد عشاق رسول الله، وسيد محابيب الله اليوم في ملك الله عليه سلام الله ورضوان الله. وهناك غبت عني، وأخذت مني، وذبت معنى، وترقرقت مهنى، وانطمست بوجودي وظهرت بمجدي" انتهى منه بلفظه (برقة البلبل من المجموعة النادرة ص77-79).
ولا يكتفي الصيادي بهذا الكذب الأبلج على الله سبحانه وتعالى فإن الله لم يخاطب أحداً بمثل هذا الخطاب المزعوم، فخطاب الله لصفوة أوليائه وهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يكن فيه عشر معشار هذا المدح بل كان عامته تأديباً وعتاباً؛ كمثل قوله لنوح: {يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين} وذلك لمجرد قول نوح: {رب إن ابني من أهلي} وكذلك قوله لإبراهيم: {لا ينال عهدي الظالمين} عندما طلب إبراهيم أن يكون من ذريته أئمة.. وقوله لمحمد صلى الله عليه وسلم: {إنك لا تهدي من أحببت} وقوله سبحانه وتعالى: {ليس لك من الأمر شيء} وقوله: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} وقوله: {عبس وتولىّ} وقوله: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} هذا بعض من خطاب الله في قرآنه لرسله فانظر كيف يزعم هذا الصيادي أن الله كتب في صحيفة له "هذا أبو البراهين، هذا سيف الرسالة المسلول على أهل الضلالة.. هذا الإمام الأوحد الرباني.. باني مباني الطريقة المرضية الرفاعية.. هذا شمس الإفاضة المصطفوية للذرات كلها..".. الخ، هذا الكفر والضلال وهذا الكذب الصريح.. ومثل هذا لو كان يسمى باللغة تجوزاً مدحاً فإن أسقط الساقطين ينزه أن يمدح غيره بمثل هذا الكلام فلو أن شاعراً متملقاً كاذباً قام يمدح رجلاً بمثل هذه الأوصاف لاستحق السقوط واللعنة، ولرمي بالتزلف والجهالة والمبالغة الممقوتة، ورفع الإنسان الحقير عن مكانته. فكيف يسوغ أن ينسب مثل هذا الكلام الحقير الذي يقع في آخر سلم المدح الممجوج فينسب إلى رب العباد سبحانه وتعالى؟ أيليق أن ينسب مثل هذا التزلف الحقير لله جل وعلا..؟
ولا يكتفي الصيادي بالكذب المكشوف هذا على رب العالمين فيكمل بعد ذلك كذبه على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فيقول أنه بعد أن قرأ هذه الرسالة (الربانية) التي كانت فوق مقام إبراهيم انجلى له مظهر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم ناداه قائلاً:
"قد ملأناك علماً وفهماً ومدداً وقدره بهاء وعرفاناً ونوراً وحظاً كبيراً، ورفعنا لك منبراً لا يسقط، ووهبناك ناطقة تتدرج كتائب مددها في الأكوان فلا تسكت إلى يوم الدين، أنت هو القبول عندنا، المؤيد بنورنا، المبارك بعلمنا، المنصور بمددنا، نوالي من والاك، ونعادي من عاداك، ونصون بعون الله من حاماك، يرفع علمك من أفلاذ بيتنا حبيب لنا فأعد عليه نظر حنانك، وعلمه رقرقة قلبك وناطقة لسانك، ولا توافق أهل البدعة، ولا تلايم أرباب الدعوى، ولا تجنح بالقلب ولا باللسان إلى القول بالوحدة المطلقة، ولا تتعمق بالكلام على الذات والصفات، ولا تعمل الفكر في المتشابهات، خذ ما أخذ أجدادك الآل الطاهرين، وسر سير الصحابة، واتبع مناهج السلف، ووافق إماماً ترتضيه من أئمة المذاهب المتبعة اليوم، فالأربعة على حق ولا تقلد غير نبيك، وتحقق بالحب لله ولكتابه ولرسوله، ولا تشق العصا، ولا تجمع القلوب عليك بل اجمعها على الله، وعلى شريعة نبيك، وعليك بمشرب جدك السيد أحمد الرفاعي، واثبت على طريقته فإنها الطريقة المحمدية الحقة..
واعلم أنك اليوم خاتمة الصديقين وشيخ الطريقة القويمة المحمدية ثم الأحمدية.. وأنت سيد الآل فمن دونهم وصل علي وسلم" أ.هـ منه بلفظه (البرقمة ص83).
ويزعم الصيادي أنه بعد أن سمع خطاب الرسول هذا غاب عن نفسه ستة أشهر كاملة، لا يصحو إلا أوقات الفروض فقط، وأنه شكر الله بعد ذلك إذ جاءته هذه النعمة الكبرى على يد طير صغير (برقمة البلبل ص82).. فانظر إلى هذا الإسناد العجيب "حدثنا الصيادي حدثنا البلبل قال الله تعالى.." فأين نضع هذا البلبل يا علماء الحديث وعلماء الأصول.. هل هو عدل ضابط، وهل الذي يحدث عن بلبل أيضاً يكون عدلاً ضابطاً.. وليتهم لم يقحموا اسم الله واسم رسوله في هذه الخرافات الممقوتة والمدح الكاذب لأنفسهم! وليتهم إذا أرادوا هذا العلو في الأرض وأكل أموال الناس بالباطل سلكوا غير هذا السبيل! فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.


الطريقة الرفاعية والتشيع:
تلتقي الطريقة الرفاعية مع التشيع في أمور كثيرة أهمها ما يلي:
1- جعل أحمد الرفاعي في المنزلة بعد الأئمة الاثني عشرة مباشرة:
بالرغم من أن الرفاعية ينسبون إمامهم أحمد الرفاعي إلى أنه من أولاد إبراهيم بن موسى الكاظمي بن جعفر الصادق بن محمد بن الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه (الطريقة الرفاعية ص129)، إلا أن الغريب حقاً أنهم يجعلون منزلته بعد منزلة الأئمة الاثني عشر مباشرة، وهذا لا شك مبني على قول الإمامية في أن الأئمة الاثني عشر هم وُرَّاثُ الدين، وأن إماميتهم بالنص، وجعل أحمد الرفاعي آتياً في المنزلة بعد الإمام الثاني عشر الذي يزعم الشيعة أنه ابن سنتين أو ثلاث أو خمس على خلاف بينهم وأنه دخل السرداب في سامراء سنة 206هـ وأنه مهدي آخر الزمان، وأنه سيخرج ليملأ الدنيا عدلاً.. لا شك أن قول الرفاعية في أحمد الرفاعي اعتراف منهم بهذه العقيدة التي يعتقد أهل السنة أنها من المفتريات والمكذوبات وأن الحسن العسكري لم ينجب أحداً، وأن هذا المهدي لا وجود له.
يقول الأستاذ محمد فهد الشقفة صاحب كتاب التصوف بين الحق والخلق: "لدى تصفحي مواضيع كتاب بوارق الحقائق للرواس وجدت نقاطاً تحتاج إلى بيان شاف -إن كان لها بيان شاف-.. وقد علقت عليه بملاحظات". ثم ذكر المؤلف من هذه الملاحظات ما يلي:
"الأولى -يذكر ناشر هذا الكتاب ومحققه في ذيل صحيفة 141-142 ناقلاً عن (روضة العرفان) لمؤلفها السيد محمود أبو الهدى خليفة الرواس قال فيها: (الأئمة الاثنا عشر) رضي الله تعالى عنهم أئمة آل بيت الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، تشمل إمامتهم كثيراً من المعاني اختلف فيها الفرق- ثم بعد أن يذكر رأيين لفرقتين من الشيعة الاثني عشرية من هؤلاء الأئمة، يقول: وأشرف المذاهب فيهم، مذهب أهل الحق من رجال الله العارفين فإنهم يقولون: إن الأئمة الاثني عشر، هم أئمة العترة فكل واحد منهم إمام لآل في زمانه، وصاحب مرتبة الغوثية المعبر عنها بالقطبية الكبرى، وهم : 1- سيدنا أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) كرم الله وجهه، 2- والإمام الجليل ولده أبو محمد(الحسن)، 3- والإمام الشهيد (الحسين)، 4- والإمام زين العابدين (علي)، 5- والإمام (محمد الباقر)، 6- والإمام (جعفر الصادق)، 7- والإمام (موسى الكاظم)، 8- والإمام (علي الرضا)، 9- والإمام محمد (الجواد)، 10- والإمام (علي الهادي)، 11- والإمام (الحسن العسكري)، 12- والإمام (محمد المهدي) المنتظر الحجة، رضي الله عنهم جميعاً.
الثانية- ويذكر أيضاً عن (روضة العرفان) بعد ما تقدم في ذيل الصحيفة 142 تحت عنوان (تحفة): أن بعض الأجلاء رأي الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام وسأله عن الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه، فقال له عليه الصلاة والسلام: هو ثالث عشر أئمة الهدي من أهل بيتي.
الثالثة- ويذكر الرواس في صحيفة 212 من هذا الكتاب (بوارق الحقائق) أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له: تمسك بولدي (أحمد الرفاعي) تصل إلى الله فهو سيد أولياء أمتي بعد أولياء القرون الثلاثة وأعظمهم منزلة، ولا يجيء مثله إلى يوم القيامة غير سميك (المهدي) بن العسكري" أ.هـ (التصوف بين الحق والخلق ص196).
وهذه الملاحظات التي أوردها محمد فهد الشقفة نقلاً من كتاب بوارق الحقائق للرواس الرفاعي لا تحتاج إلى مزيد شرح وإيضاح أن العقيدة الرفاعية هي عين العقيدة الشيعية الإمامية حول الأئمة عموماً والإمام الغائب خصوصاً. وإن كان الصيادي قد زعم تارة أن أحمد الرفاعي يأتي في المنزلة بعد المهدي الغائب، وتارة يجعله مساوياً له..
2- إسناد الطريقة الرفاعية عن الإمام الغائب مهدي الشيعة المنتظر:
وقد جعل محمد الصيادي الرفاعي المتوفي سنة 1327هـ 1909م والذي يسمونه مجدد الطريقة الرفاعية، والرفاعي الثاني، أحد أسانيده المزعومة في الطريقة إلى المهدي الغائب منتظر الشيعة حيث يقول:
"لي أربعة أسانيد في المصافحة الأول عن ابن عمي السيد إبراهيم الرفاعي المفتي وسنده في المصافحة سنده في الإجازة إلى الإمام الأكبر سلطان الأولياء مولانا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه وهو صافح جده يوم مد اليد والقصة أشهر من أن تذكر. والثاني عن ابن عمي وشيخي السيد عبدالله الراوي الرفاعي وسنده أيضاً سند إجازته وهو يتصل بالإمام الكبير الرفاعي رضي الله عنه وعنا به وهو قد صافح جده عليه الصلاة والسلام. والثالث عن حجة الله الإمام المهدي ابن الإمام العسكري رضوان الله وسلامه عليهما في طيبة الطيبة تجاه المرقد الأشرف المصطفوي وقال صافحت رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي بخير. قال شيخنا (رضي الله عنه) ثم دعا لي الإمام المهدي رضوان الله عليه بخير. قال والرابع عن الخضر عليه السلام صافحته سبعاً وثلاثين مرة آخر مرة منها في مقام الشيخ معروف الكرخي (رضي الله عنه) ببغداد عصر يوم جمعة فقال صافحت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي صافحت كفي هذه سرادقات عرش ربي عز وجل" انتهى (المجموعة النادرة ص230،231).
وهذا اعتراف صريح لعقيدة الشيعة في الأئمة الاثني عشر، وبالإمام الغائب المزعوم. فأي صلة أكبر من هذا بين الطريقة الرفاعية والتشيع.
3- وحدة الشعار بين الرفاعية والشيعة:وتلتقي الطريقة الرفاعية أيضاً في شعار واحد مع التشيع وهو السواد، ولبس العمامة السوداء.. يقول محمد مهدي الصيادي الرفاعي في كتاب قذلكة الحقيقة في أحكام الطريقة:
"المادة التاسعة عشرة في المائة الثالثة:
لبس العمامة السوداء، ولبس العمامة البيضاء وكلاهما سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان زي إمامنا في طريقتنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به العمامة السوداء فهي خرقته المباركة"!! (الطريقة الرفاعية ص126).
فاختيار اللون الأسود ليكون الخرقة والشعار لا شك أنه توافق ظاهر آخر مع الشيعة الذين جعلوا هذا اللون شعاراً لهم.
4- الخلوة الأسبوعية :
ومن مشاعر الطريقة الرفاعية الخاصة الخلوة الأسبوعية في كل عام، وابتداء دخلوها في اليوم الثاني من عاشوراء يعني الحادي عشر من محرم، وقد جعلوها شرطاً لكل من انتسب إلى هذه الطريقة، وطعامها خال من كل ذي روح (الطريقة الرفاعية ص115).
ولا شك أن هذا التوقيت السنوي ليس اختياره عبثاً، لأنه يأتي بعد المشاعر الخاصة للشيعة رأساً.
5- ادعاء الاختصاص بالرحمة:
يدعي الصياد وهو المؤسس الثاني للطريقة الرفاعية أنه مختص برحمة الله، ووارث رسول الله، والمختار من الله الذي كشف له الغيب، وعرف أسرار الرموز القرآنية، وباطن القرآن، وأنه كنز الفيوضات المحمدية، وأنه إمام الوقت، والإمامية تظل فيه وفي أعقابه إلى يوم القيامة.. وهذه الدعاوي جميعاً هي من دعاوي الشيعة في أئمتهم وهذه بعض نصوص عباراته في ذلك:
يقول الصيادي الرفاعي:
"فأهل الاختصاص جذبتهم يد المشيئة الربانية، بمحض الفضل والعناية الصمدانية، إلى أقصى المراتب العلية، وهذا المنح الباهر، والفضل الوافر، هو يوم حصتي، ومنصته منصتي، أقامني الله في هذه المنزلة إماماً، واختارني لرتبة هذه الخصوصية ختاماً، وكشف لي مخبآت الغيب باطلاع من كرمه، وجليل نعمه، ففهمت أسرار الرموز الفرقانية، وسبرت خفايا دقائق البطون القرآنية ولم تبرح تترقى همتي بكشف تلك الحجب اللطيفة، وبشق ديباجات هاتيك المحاضر الشريفة، فأنا اليوم ولربي الحمد والشكر وله الإحسان والبر، كنز الفيوضات الطاهرة المحمدية، وسجل العلوم المقدسة النبوية، وهذه النوبة نوبتي، تتقلب في ورّاث منزلتي، وخدام قدمي إلى ما شاء الله، بهذا بشرت من صاحب الوعد الصادق، وقرأته في صحف الرموزات العلوية التي طفحت بفائق الحقائق، سينشر علم ظهور حالي بعد هذا الخفاء في الأكوان، ويبرز بروز الشمس من بطن ليل الطمس للعيان، وتعكف على بابي القلوب والأرواح، ويسري سر إرشادي في الجبال والأودية والبطاح، ولم يمسس شأن نهجي المبارك غبار دنيوي، ولم يرجع منه حرف إلى قصد نفساني، بل كله لله، على منهاج رسول الله، عليه صلوات الله، لا يعبأ معناه بحال من أحوال هذه الدنيا الدنية، ولا يلتفت قائد حاله إلى مظاهرها الزائلة المطوية، وقد تفرغ رجال وراثتي حال النبي في الأمة، وتقوم بأطوار السادة القادة الأئمة، ومن رجالي وجه مولاي علي أمير المؤمنين، صهر النبي الأمين، الأسد البطين، ليث العرين، ولي هذا الخط الذي سيبرز، وكأني أراه على يد عبد يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، من البيت الفاطمي، والفرع الأمدي، خزامي الفصيلة، خالدي القبيلة، يجدد المجد العلوي، ويرفع قواعد البيت الرفاعي، ويمهد فخار العنصر الصيادي، ينبلج شارق طالعه قرب متكين، فيقوم كما أنا حيرة للمفتونين، وجاذبة للموفقين، ويترعرع مجده في ساحة الظهور، فيرتقي إلى الشهباء، ثم إلى فروق، وبها تظهره لوامع بروق، وفي بحبوحة تلك الترقيات، وسمو هاتيك المنصات، فالمفتون قادح، والمأمون مادح ونور الله ساطع، وفي فضاء الوجودات لامع، وما النصر إلا من عند الله، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله، ويقبل عليه من ارتضيناه وأعناه، وأسعفناه بمدد واجتذبناه، ولا يزال الأمر منبلج المظهر، ولذكر الله أكبر" أ.هـ منه بلفظه.
ولا يخفى على القارئ اللبيب كلمات هذا الصيادي أن وارثه سيجدد المجد العلوي، وأنه من البيت الفاطمي.. فكلها عبارات تنبئ عن المقصد والمعتقد.
* ولعلنا لا نستغرب بعد ذلك ممن ترجم لهذا الصيادي الرفاعي بعد موته فقال عنه:
"قام السيد أبو الهدىرحمه الله مدة حياته الكريمة بأعمال جليلة نافعة ومآثر حميدة طيبة تبقى شافعة له عند ربه يوم اللقاء، وأعماله كانت منصبة على تعمير الأضرحة لآل البيت الكرام" (المجموعة النادرة ص37،38).






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:15 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "