ولأنها تجارة مربحة لكل من يرتبط بها سواء كان أصحاب الضريح أو القائمين عليه والمحال التجارية والتجار القريبين منه ، فهناك حرص على تنمية هذه التجارة عبر الترويج لـ "كرامات" أولياء هذه الأضرحة وأهميتها بين الجهلة وضعاف الدين والمحبطين والمحبطات من العاقرات والعاطلين والباحثين عن حلول لمشكلاتهم المستعصية حتي أصبح أكثر زوار هذه الاضرحة والموالد والمشعوذين هم من الطبقات الغنية والمتعلمة والمثقفة !
وفي حوار سابق مع صحيفة(الأخبار) المصرية كشف وزير الأوقاف المصري عن أن حصيلة "النــذور" في الفتــرة من 1/7 /2005م إلى 30/6/2006م فقط بلغت 52 مليوناً و67 ألفاً و579 جنيها ، ولو أضفنا ما ينفقه المصريون خلال الموالد على اللهو والمأكولات؛ تتبين الضخامة المادية لعوائد الأضرحة والموالد، فجدول أعمال أصحاب الأغاني والموسيقى والألعاب النارية مزدحم بالموالد في أرجاء مصر، كما أن الباعة وأصحاب الفنادق الرخيصة بالقرب من مواقع الموالد تنتعش تجارتهم في تلك المواسم، فضلاً عن المنافع الواسعة للقائمين على الموالد؛ خاصة فيما يتعلق بالنذور والوجاهة والمكانة الاجتماعية والدينية وكسب الولاء الديني والاستزادة من الأتباع والمريدين .
فالمولد اصبح سوقا تجارية تعرض فيه البضائع والمأكولات ولوازم خدمة زوار أهل البيت ، ويختلف المولد بحسب مكانه فمعظم الموالد في القري والريف تكون موجهة اساسا لتجارة المواشي والحيوانات والحبوب الزراعية اما في المدن فتكون مخصصة لتجارة السلع الأخري مثل الملابس والماكولات والأجهزة وبعض المنتجات اليدوية التي يحضرها أهل الريف معهم .
ويقول الخبير المصري بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية د. علي فهمي في كتابه "دين الحرافيش في مصر المحروسة أن "مواسم الموالد ترتبط في الأقاليم المصرية بمواسم تصريف محاصيل زراعية بعينها ، وتقترن مواعيدها بمواعيد الانتهاء من جني المحصول الذي يشتهر به الإقليم الذي يقام فيه المولد" .
ولو تصورنا أن بعض الموالد يشارك فيها ما يقارب نصف مليون إلى مليوني شخص لأدركنا الحرص على الاستفادة التجارية من الإبقاء على هذه الموالد ، وهذا بخلاف تجارة الملاهي والغناء والفرق الاستعراضية التي أصبحت مرتبطة بالموالد برغم أنها لا علاقة بينهما .
2850 مولدا للأولياء !
ويرصد عالم الاجتماع الراحل د. سيد عويس في كتابه الشهير "موسوعة المجتمع المصري"، "أن مصر تضم حوالي 2850 مولدا للأولياء الصالحين، يحضرها أكثر من نصف سكان الدولة" ، ولا يتقيد أهالي كل قرية ومدينة بوليهم المحلي، حيث أسقط المصريون حاجز المكان، بتوجه سكان أسوان إلى طنطا للاحتفال بمولد "السيد البدوي"، وبتوجه سكان الإسكندرية للاحتفال بمولد "سيدي أبو الحجاج" بالأقصر، وسكان حلوان للاحتفال بمولد القديسة دميانة بالبحيرة، وسكان البحيرة للاحتفال بمولد سيدي مار برسوم العريان بالقاهرة .
ولأنها ظاهرة اجتماعية دينية هامة ، فقد بدات وزارة الثقافة المصرية مؤخرا في إقامة أول قاعدة بيانات في مصر لاحتفالات المصريين بموالد الأولياء والقديسين ، ممثلة فيما سمي (أطلس الفولكلور المصري) ، حيث يقوم باحثي الأطلس حاليا بالتوثيق الحي لبعض الموالد الإسلامية والمسيحية التي أقيمت منذ شهر يوليو 2008 ، بالتصوير الفوتوغرافي والفيديو والحكايات الشعبية والأشعار، والهتافات ، والموسيقا والترانيم وغيرها .
http://almoslim.net/node/115803#comment-23415