هل لدى الشيعة مصحف سري يتداولونه .. ؟
[ALIGN=CENTER]هل لدى الشيعة مصحف سري يتداولونه ؟ [/ALIGN]
هل عند الشيعة مصحف يحوي كل هذه المفتريات وتكون فيه قراءة الشيعة عوضاً عن كتاب الله سبحانه ؟ ماذا تقول أساطيرهم، وماذا يقول واقعهم بهذا الخصوص؟ هل قول الشيخ محب الدين الخطيب بأن " للشيعة مصاحف خاصة تختلف عن المصحف المتداول .." (انظر : هامش " مختصر التحفة الاثني عشرية " ص 32 ). هل هذا واقع ؟
وقد نشر محب الدين صورة " لسورة مفتراة " يسمونها سورة "الولاية " ( نشر صورتها في : الخطوط العريضة ص 12، ومختصر التحفة ص 31، ومجلة الفتح العدد(842)ص9، وقد نشرها قبله الشيعي الأصل الأستاذ أحمد الكسروي في كتابه :" الشيعة والتشيع" ) . وقال بأنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق مستر براين .
( قال الشيخ محب الدين بأنه قد اطلع عليه وصورها منه من وصفه بـ " الثقة المأمون" محمد علي سعودي الذي كان - كما يقول الشيخ - كبير خبراء وزراء العدل بمصر ( هامش مختصر التحفة : ص 32، الخطوط العريضة ص 11)، وقبل ذلك أثبتها شيخ الرافضة في كتابه " فصل الخطاب "( ص 180). فهل للشيعة مصحف سري يتداولونه كما يقول هؤلاء؟
سنجيب من خلال استقراء نصوصهم وأقوال شيوخهم .. فنقول : لقد جاءت نصوص عندهم تأمرهم بالعمل بالقرآن ريثما يخرج مصحفهم مع إمامهم المنتظر.
قال الكليني في الكافي ما نصه :" .. عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن - رضي الله عنه - قال: قلت : جعلت فداك إنا نسمع الآيات في القرآن، ليس هي عندنا كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بغلنا عنكم، فهل نأثم؟ فقال :، اقرؤوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم "( أصول الكافي : 2/619).
ومن هذا النص نأخذ أنهم فيما بينهم يتلون مفترياتهم كما يدل عليه قوله :" كما نسمعها"، " كما بلغنا عنكم " ، ثم إنهم اشتكوا أنهم لا يحسنون قراءة ما يسمعون أو ما يبلغهم فوعدهم إمامهم بأنه سيأتيهم من يعلمهم، وهذا الوعد كان في عهد إمامهم أبي الحسن - كما يفترون - .
وعبارة "سيأتيكم " توحي بأن هذا المعلم سيأتي هؤلاء الذين لا يحسنون القراءة، ولكن هذا المعلم لم يأت ومر ذلك الجيل ومرت بعده قرون متطاولة .. وقد فسر شيوخ الشيعة فيما بعد المقصود بالمعلم بأنهم مهديهم المنتظر( انظر : المازندراني / شرح جامع ( على الكافي ) : 11/47).
والشيعة مأمورة بقراءة القرآن، وانتظار ما يأتي به منتظرهم وعدم قراءة تلك المفتريات لأنهم لا يحسنون قراءتها كما يدل النص المذكور، وبالتالي لا تجدها في مصحف متداول بينهم، هذا مما تدل عليه رواية الكافي .
ويقول مفيدهم :" إن الخبر قد صح من أئمتنا - عيلهم السلام - أنهم أمروا بقراءة ما بين الدفتين، وأن لا نتعداه، بلا زيادة فيه ولا نقصان منه، حتى يقوم القائم -عليه السلام - فيقرأ الناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين - عليه السلام - "( بحار الأنوار : 92:74).
وقال شيخهم نعمة الله الجزائري :" قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء، ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين فيقرأ ويعمل بأحكامه"( الأنوار النعمانية : 2/363-364) .
فمادام الأمر كذلك، لماذا تروى عن كل إمام طائفة من الزيادات على كتاب الله ؟ ثم ما دام قد غير كيف يصبح العمل به ؟!
وهذه النصوص التي تدعو إلى العمل بالقرآن يكاد يقابلها نصوص أخرى تدعو بأسلوب " مقنع" وغير صريح إلى إهمال حفظ القرآن لأنه غير مغير - بزعمهم - ومن حفظه على تحريفه يصعب عليه حفظه إذا جاء به منتظرهم .
فقد روى مفيدهم بإسناده إلى جابر الجعفي عن أبي جعفر أنه قال : إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ضرب فساطيط، ويعلم الناس القرآن على ما أنزل الله عز وجل، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف ( المفيد / الإرشاد : ص413).
هذه الرواية لمفيدهم الذي يقدسونه ويعظمونه حتى زعموا أنه فوق مستوى البشر، لأن إمامهم المنتظر خاطبه بالأخ السديد والمولى الرشيد ( الاحتجاج ص277).
وهذه الرواية جاءت في كتابه الإرشاد وهو في قمة كتبهم المعتبرة حتى قال شيخهم المجلسي "كتاب الإرشاد أشهر من مؤلفه"( المجلسي / بحار الأنوار : 1/27)..
وكذلك روى النعماني في الغيبة ما يشبه الرواية السابقة، فقد روى بإسناده ( الكاذب) إلى أمير المؤمنين علي قال :" كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن كما أنزل، قلت : يا أمير أو ليس هو كما أنزل ؟ فقال: لا، محي منه سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، وما ترك أبو لهب إلا إزراء على رسول الله - صلى الله عليه وآله - لأنه عمه " (النعماني / الغيبة ص 171- 172 ، فصل الخطاب الورقة (7) ، بحار الأنوار : 92/60 ).
وأورد النعماني روايتين ( انظر : الغيبة ص 194 ، بحار الأنوار : 25/364) بمعنى هذه الرواية .
ويبدو أن واضع هذه الأسطورة هو أعجمي زنديق، فهو يخص العجم بأسطورة التعليم الموعودة، كما أن الحقد المرير الذي يحمله إزاء صحابة رسول الله - رضوان الله عليهم - الذين فتحوا ديار قومه ونشروا الإسلام بينهم واضح في هذه الرواية، وذلك فإن دعوى التغيير عنده تكمن في عدم وجود أسمائهم مع اسم أبي لهب .
ولقد كان لهذه الأساطير التي تدعو إلى إهمال حفظ كتاب الله أثرها في مجتمعات الشيعة كما شهد بذلك الشيخ موسى جار الله والذي عاش بين الشيعة فترة من الزمن فلم ير من تلاميذ الشيعة وعلمائهم من يحفظ القرآن، ولا من يقيم القرآن بعض الإقامة بلسانه فضلاً عن أن يعرف وجوه قراءاته، ورأى أن هذا قد يكون من أثر انتظار الشيعة مصحف علي الذي غاب بيد قائم آل محمد ( الوشيعة : ص 116)
فهل يقوم الشيعة بجمع أساطيرهم في مصحف ليسهل حفظ المصحف الموعود في حين ظهوره ؟
يقول المجلسي نقلاً عن المفيد :
"… نهونا عليهم السلام عن قراءة مما وردت به الأخبار من أحرف يزيد على الثابت في المصحف، لأنها لم يأت على التواتر وإنما جاء بالآحاد، وقد يلغط الواحد فيما ينقله، ولأنه متى قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه مع أهل الخلاف، وأغرى به الجبارين، وعرض نفسه للهلاك، فمنعونا عليهم السلام من قراءة القرآن بخلاف ما يثبت بين الدفتين لما ذكرناه"( بحار الأنوار : 92/74/75).
فهذا يعني أن ( الآيات المفتراة ) والمتفرقة في كتبهم، والمخالفة لكتاب الله لم تصل عندهم إلى وضعها في مصحف متداول بينهم لسببين : أحدهما الخوف من المسلمين، والآخر : أن الطريق لثبوتها عندهم طريق آحاد والواحد قد يغلط فيما ينقله، ويلاحظ أن عدم قبول الروايات التي طريقها أحاد مما يختص به " الأصوليون "، أما الأخباريون من الشيعة فإنهم يرون صحة ما رواه شيوخهم عن الأئمة في العشرات من الكتب التي صنفوها، وتواترها وثبوتها عن مؤلفيها، وثبوت أحاديثها عن أهل العصمة "( وسائل الشيعة : 20/61).
فهم يقرون بكل نص ورد في هذه " الفرية " في كتب شيوخهم، ولذلك قال شيخ الشيعة الذي يصفونه بـ" إمام الفقهاء والعظام رئيس الإسلام " جعفر كاشف الغطا:"وصدرت منهم -يعني من الأخباريين - أحكام غريبة وأقوال منكرة، منها قولهم بنقص القرآن مستندين إلى روايات تقضي البديهة بتأويلها وطرحها.." (جعفر كاشف الغطا / حق المبين عن : الطباطائي / الأنوار النعمانية ( الهامش).
إذن الأخباريون يرون ثبوت هذه الأساطير في كتب شيوخهم ( ولك أن تعجب كيف يؤمنون بكل حرف ورد في هذه الكتب المنسوبة لشيوخهم، والمنكرة في أسانيدها ومتونها، ويشكون في كتاب الله سبحانه ؟ يصدقون بالأكاذيب الواضحة، ويكذبون بالحقائق الثابتة، فأي عقوبة أعظم من هذا المسخ، والانتكاس في الفطر والعقول والمقاييس ).
وعلى ذلك فإن مسألة رد هذه الروايات لأنها أخبار آحاد مما لم يتفق عليه الشيعة، وأن السبب المانع الذي يتفق عليه الجميع هو الخوف، ومعنى هذا أن مسالة التداول السري لمصحف مفترى من الإخباريين أمر وارد، ولعل هذا يفسر ما نشره محب الدين الخطيب وأحمد الكسروي ( الشيعي الأصل ) من صورة " لسورة" تسمى الولاية مأخوذة من مصحف إيراني ".
ولكن هذا يبقى مجرد جمع لتلك المفتريات، التي جاءت عندهم كأمثلة لما في مصحف علي المزعوم، أما مصحف علي فهو غائب منتظر، كالمهدي المنتظر عندهم، لم يخرج إلى الآن، والعمل بالقرآن إلى أن يظهر،ولكن جمع هذه المفتريات هو محاولة لإقناع المتشككين والحائرين من بني قومهم .