سجل السودان أمس عددا من النقاط الحاسمة في معركته ضد التآمر الغربي على وحدته وسيادته ، وهو التآمر الذي يتوسد آليات الشرعية الدولية الجديدة ، حدث ذلك عندما اعترفت إحدى أكبر منظمات الإغاثة الغربية بأن "مذكرة داخلية" على حد قولها تم توزيعها دعت إلى التعاون مع المحكمة الجنائية ، وأن إدارة المنظمة "درست" بالفعل فكرة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس عمر البشير ولكن القرار الرسمي في النهاية ـ حسب زعمها ـ انتهى إلى رفض الفكرة ، لكنها لم تنكر اعترافها بأن "تعميمات إدارية" داخلية صدرت بالفعل إلى فروعها في دارفور تطالبها بالتعاون مع الجنائية الدولية ، الأمر الذي يمثل فضيحة أخلاقية وسياسية بكل المقاييس ، لأنه يعني أن أحد الطرفين ، المدعي العام الدولي أوكامبو ، أو منظمات الإغاثة ، تستغل النشاط الإنساني في خدمة أغراض سياسية بحتة ، وأن عملها ليس إنسانيا ولا يتسم بالشفافية والحياد وهما أساس دستور المنظمات الإنسانية ، وهو ما يدعم قرار السودان بطرد هذه المنظمات من أراضيه ووصفه لها بأنها أوكار للجاسوسية من الدرجة الأولى ، وأنها تتخذ النشاط الإنساني ستارا لتحقيق أغراض سياسية والتآمر على سيادة السودان وقادته ، الاعتراف الصريح من منظمة (لجنة الانقاذ الدولية) ، يعيد التأكيد على حقيقة أن ما يحدث تجاه السودان هو مؤامرة محكمة ، وأن الاتهام بالتآمر ليس مجرد ادعاءات أو وساوس عربية ، وإنما هي حقائق تتكشف يوما بعد يوم ، باعترافات المنظمات الدولية ذاتها ، وقد حدث قبل ذلك في أثناء احتدام الحرب مع التمرد في جنوب السودان أن تم ضبط طائرات تابعة لمنظمات الإغاثة الإنسانية الغربية وهي تحمل شحنات سلاح إلى المتمردين ، وتم التستر على الجريمة وقتها ، ولم يستمع أحد في الدوائر الغربية إلى شكوى السودان ، وبدون شك فإن التحقيق الدولي الآن ضرورة ملحة في مسألة محددة : أي الطرفين ورط الآخر في هذه "الجريمة" الأخلاقية ، هل المدعي العام الجنائي أوكامبو هو الذي عرض على منظمة (لجنة الانقاذ الدولية) وشقيقاتها العمل كجواسيس ومخبرين له ومتآمرين ضد الرئيس البشير ، أم أن هذه المنظمات هي التي تطوعت من تلقاء نفسها بعرض "التجسس" على الجنائية الدولية ، صحيح أن المحصلة في النهاية ـ بالنسبة للسودان ـ لن تغير من الواقع شيئا ، ولكنها كافية لتوجيه الاتهام إلى الطرف "المجرم" الذي قرر استغلال العمل الإنساني بصورة غير قانونية وغير أخلاقية لأغراض أخرى ، الأمر الذي يفسد رسالة المنظمات الإغاثية ويسحب عنها المشروعية تماما ، كما يعرض العاملين فيها للخطر المحدق ، لأنه من حق السودان في هذه الحالة القبض على هؤلاء "الجواسيس" وتقديمهم للمحكمة بتهمة التآمر على الأمن القومي للدولة ، والتحريض على رئيس الجمهورية ، والتجسس لصالح جهات أجنبية ، جون هولمز المسؤول عن الاغاثة في الامم المتحدة قال للصحفيين أول أمس الاثنين (ان الامم المتحدة تحث جماعات الاغاثة على أن تحذو حذو الامم المتحدة وأن تلتزم بمبادئ "الحياد والاستقلال وعدم الانحياز) ، وهو نوع من التوبيخ للسلوك الذي اتخذته منظمة (لجنة الانقاذ الدولية) ، وكان السودان قد أعلن قبل أسبوع أنه يمتلك أدلة دامغة على استغلال المنظمات الإنسانية الغربية لأغراض خطيرة تضر بالأمن القومي السوداني ولا تتصل بالغرض الإنساني الذي أتت من أجله ، وذكر بالاسم منظمة (لجنة الانقاذ الدولية) ، التي يبدو أنها حاولت استباق الفضيحة فاعترفت من تلقاء نفسها ، وإن حاولت الادعاء بأن "فكرة التجسس" لم تكتمل ، وأعتقد أن الواقعة ستمثل رعبا لبقية المنظمات المطرودة ، لأنها تؤكد على أن السودان يملك بالفعل مستندات ووثائق إدانة ، وليس مجرد ردة فعل غاضبة على قرار المحكمة الجنائية الدولية بطلب اعتقال رئيسه .