بسم الله الرحمن الرحيم
مارأيت حاقد على
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا الكاتب
لايكل ولايمل
يعمل
ليلاً ونهار
صيفاً وشتاءً
كأنه قد تخصص فقط لـلتهجم على رجال الحسبة والنيل منهم
فيستحق بلامنازع الحصول على ميدالية
الحاقد الأكبر
عبدالله فراج الشريف
كتب يقول
لست من المؤمنين بأن هناك مَن ينتحل شخصية عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليمارس على الناس شذوذه السلوكي، المبني على جهل ذريع منه، ويأتي من الأفعال ما تعوّد الناس على أن يأتيه بعض أعضاء الهيئة من أخطاء، أخذت تسجل على بعضهم من حين لآخر، لفهم خاص لهؤلاء للحسبة وشروطها، والذين ظنوا أنها سلطة مطلقة يمارسون بها إنكار كل ما يرون أنه منكر، ولو كان في حقيقته معروفًا، ويأمرون بكل ما يرون أنه معروف، ولو كان في حد ذاته منكرًا، وهم لا يعرفون لمزاولة مهمة الحسبة زمانًا يمكن مزاولتها فيه، وآخر يفضل فيه تجنب الأمر والنهي فيه درءًا للفتنة، كما كان يفعل علماء السلف وصالحوهم -يرحمهم الله-، أقول هذا لإدراكي أن الهيئة بفروعها المنتشرة في البلاد، كان ولا يزال فيها متعاونون، الكثيرون منهم لا تتوافر فيهم الشروط التي تجعل المحتسب يقوم بأهم فرائض الدِّين بعلم وإدراك لما يجب أن يتوفر في عمله من أناة ورفق بالناس، ودعوة إلى الخير بالحسنى، ويقوم هؤلاء المتعاونون بإيغار صدور العامة ضد المحتسبين الرسميين لما تقع من المتعاونين من أخطاء فادحة، ينسبونها إلى الجهاز ورجاله، ولكن التعاون معهم وللأسف مستمر، وأعداد المتعاونين تتزايد، حتى أن كل مَن أراد إشغال وقت فراغه، وكل أوقاته فارغة عن عمل مثمر، زعم للناس أنه متعاون محتسب، وشاع في المجتمع بسبب هذا اضطراب لسنا في حاجة إليه البتة، فقد أصبح التصادم بين هؤلاء وعامة المواطنين السائد في كل موقع، فإذا أضفنا إلى ذلك أن أعضاء الهيئة موظفون لبعضهم أيضًا أخطاؤهم، التي تتكرر من ملاحقة ومطاردة واقتحام للمنازل لمجرد الشبهة، وسوء ظن بالناس مهما اتقوا الشبهات، فإن كل هذا يجعلنا نقول إن الحسم ديدن مَن يريد ضبط الأمور، حتى لا يشيع الاضطراب في المجتمع بسبب تراكم الأخطاء، وزمام المبادرة يجب أن يأتي من هذا الجهاز الذي يقوم بفريضة الحسبة، وذلك عن طريق إعادة النظر في مهامه الأساسية، التي يجب أن توضح بشكل يفهمه الناس، وتنتفي عنه صيغة العموم المؤدية إلى تشعب التأويلات، حتى لا تعرف له مهمة محددة، ويفسر نظامه لصالح أن يقوم هذا الجهاز بكل المهام الموكلة لجميع أجهزة السلطة التنفيذية، وكأنه قد أوكل إليه أن يكون وصيًّا على المجتمع، والأنظمة التي تضبط حركته، وهذا منافٍ للحقيقة، فلم يطلب منه ذلك، ولا يؤيد هذا عقل أو شرع، لأن مَن له الإحاطة بكل شيء لا يكون له صفة البشرية، والأجهزة التنفيذية ومنها جهاز الحسبة يجب أن تكون أدوارها التي تقوم بها لمصلحة المجتمع محددة معلومة، لا تحاط بغموض أو عموم، خاصة إذا كانت هذه الأدوار وما يترتب عليها من مهام تفرض على الناس في النهاية عقوبات إذا خالفوا ما تأمرهم به أو تنهاهم عنه، فإنهم إن كانوا لا يعرفون المطلوب منهم من قبلها لم يجز لها أن توقع عليهم عقوبة لما يجهلون أنه يوجب عليهم تلك العقوبة، خاصة إذا كان ليس في الشرع للفعل عقوبة ورد بها نص، واليوم لو توجهت بالسؤال لأي مواطن في هذه البلاد، وقلت له: هل تعرف ماذا يريد منك جهاز الحسبة أن تسير عليه ولا تخالفه، أو ما الذي لا يريدك أن تأتيه ويحاسبك إذا وقع منك؟ لم تجد عنده إجابة مقنعة لهذا السؤال، والناس يختلفون مع أعضاء الجهاز على الكثير الذي لا يحصر، فما يراه الناس مباحًا لهم يراه الجهاز محرمًا عليهم يجب أن يجتنبوه، وما يراه الناس جريمة يجب ألاَّ تقع مثل إلغاء الحرية يراه الجهاز واجبًا شرعيًّا، وهذا ما جعل العلاقة بين الجهاز والمواطنين مأزومة دائمًا، وكل نظام أو تشريع إذا غاب عنه الوضوح والضبط المحدد لم تعد له فائدة تُذكر، ولهذا إن أردنا أن نجنب جهاز الحسبة كل ذلك فلنعد النظر في نظامه، وليقم أفراده بما حدده لهم النظام لا ما يجتهدون أنه هو الحسبة، وليعلموا ألاّ حاجة لهم بمعاونين أو محتسبين متطوعين إذا قاموا بمهامهم وفق النظام الصادر لهم ليعملوا من خلاله، فهؤلاء المتعاونون المتطوعون قد يستغلون ما يقومون به للانتقام من بعض مَن بينهم وبينه عداوة شخصية، فهل يحدث ما ندعو إليه، فنجد نظامًا محددًا لما تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مهام منشورًا على الناس مفسّرة مواده، يطلع عليه الكافة، فيعرفون المطلوب منهم تجاه هذا الجهاز الرسمي، ذاك ما نرجوه، والله ولي التوفيق،