أين تذهب أموال الخمس؟
«لا يكفي أن تكون في النور لترى جيدا.. بل لابد أن يكون ما تريد أن تراه واضحا»
(عباس محمود العقاد)
أين تذهب أموال الصدقات والزكوات؟ وكيف يتم صرفها على مستحقيها؟ سؤال مشروع لا ينبغي التردد في توجيهه إلى جميع المؤسسات والهيئات والجمعيات الخيرية التي تجمع أموال التبرعات بصرف النظر عن هويتها ومذهبها الديني، حتى يتحقق المتبرعون ويطمئنوا على سلامة أموالهم.
في الكويت وفي ظل المتابعات الدقيقة المتلاحقة من قبل الجهات الرسمية في الدولة ومن قبل الجهات الخارجية المتمثلة بوفد الخزانة الأميركي ظلت كشوف وحسابات كل أموال الصدقات والتبرعات التابعة للجمعيات الخيرية «السنية» كتابا مفتوحا لكل من يشكك أو لديه ريبة بعدم أمانة ونزاهة صرف تلك الاموال إلى مستحقيها.
ولم تستطع تلك الجهود الرقابية المتلاحقة ان تجد لها ممسكا واحدا تدين به استخدام تلك الاموال لاعمال ارهابية، وما شابه ذلك من الشبهات والاتهامات الباطلة التي يرددها خصوم العمل الخيري الإسلامي في الداخل والخارج.
مقابل ذلك كله، نجد أن الغموض والصمت هما السائدان في ما يخص اعمال الصدقات وتبرعات الشيعة أو ما يعرف بأموال الخمس. من يقوم بعملية الجمع؟ وكيف تجمع؟ وأين يتم صرفها؟ وكيف يستفاد منها؟ لا أحد يعلم للخصوصية التي يطالب بها الكثير من المرجعيات الشيعية في كثير من الدول بعدم الكشف عن حساباتها تحت ستار «الاستقلالية».
الاخوة الشيعة في السعودية كانوا أكثر جرأة وشجاعة من غيرهم حينما كسروا جدار الصمت هذا بتنظيم حملة شعبية لجمع توقيعات اهالي مدينة القطيف (شرق السعودية) ورفع عريضة تطالب العلماء والمراجع الشيعية بالكشف عن قنوات صرف أموال زكاة الخمس التي يدفعها الشيعة إلى وكلاء هذه المراجع البالغ عددهم 200 وكيل.
ولم يحدث ذلك التحرك إلا بعد ان لاحظ عدد من الموقعين على العريضة علامات أو مؤشرات ثراء ظهرت على الكثير من وكلاء المرجعيات. منهم «صاحب السيارة الفخمة ومنهم من يقضي ايامه ولياليه في ذاك المنتجع وتلك البلاد الجميلة، ومنهم من يتزوج مثنى.. وثلاث.. ورباع.. بينما تعاني طبقات وشرائح عديدة من ابناء الشيعة ضعف المادة وبؤس الحال وقلة الحيلة.
هذا ما تم نشره في موقع «إسلام أون لاين» في العدد الصادر يوم الاثنين 20ــ10ــ2008، فالعريضة وما احتوته من مطالب مشروعة ليست سرا او عملا غير قابل للافصاح عنه او النشر في وسائل الإعلام.
ويتهم الموقعون على العريضة ــ كما نشر ــ المنطقة الشرقية بأنها ساهمت على مر عقود في دعم الحوزات العلمية في ايران والعراق بينما ابناؤها يعانون من البطالة وانتشار الفقر ويتساءلون لماذا لا يتم توجيه هذه الاموال إلى الداخل بدلا من الخارج؟ ولماذا لا يتم استثمار أموال الخمس في مشاريع انتاجية وفي مجال محاربة العنوسة وغلاء المهور وطلبة العلم وذوي الاحتياجات الخاصة وعلاج الحالات المرضية المستعصية.
ووفق ما افاد به خبراء في الشأن الشيعي ــ كما ورد في الخبر ــ فإن الأخماس والحقوق الشرعية التي يدفعها الشيعة في المنطقة الشرقية تحصد سنويا ما يزيد على 100 مليون دولار، يذهب أغلبها إلى الخارج عبر وكلاء المرجعيات. فهل يستطيع من نصّب نفسه وكيلا للمرجعيات في الكويت الكشف عن مصروفات اموال الخمس طالما ان وظيفته الاساسية هي محصل أموال ليس إلا، باعتراف المقربين منه؟
كنا نتمنى لو أن الدول التي تصب فيها معظم أموال الخمس (إيران ــ العراق) لها مردود إيجابي تنموي في مشاريع تعود بالفائدة على مستحقيها.. لا الفقر والحروب كما نرى اليوم. ومن غير المقبول ان يتم التركيز في الصرف على الحوزات العلمية والاهتمام بتخريج طلبة العلم وبقية ابناء الشعب يعانون البطالة والفقر.
آخر العنقود:
يقول أرسطو: «أفضل وأقصر طريق يكفل لك ان تعيش في هذه الدنيا موفور الكرامة هو أن يكون ما تبطنه في نفسك كالذي يظهر منك للناس..».
«فهل من مُدَّكر؟»
عادل القصار
http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=30102008