العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-07-08, 05:20 PM   رقم المشاركة : 1
أبو بلال منير
عضو ماسي







أبو بلال منير غير متصل

أبو بلال منير is on a distinguished road


الفاضحة لتناقضات عبد السلام ياسين المغربي شيخ جماعة العدل والإحسان

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وعلى المبتدعة المنحرفين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتفرد في ألوهيته وربوبيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسولهe السعيد من اتبع طريقه واقتفى أثره، والشقي كل الشقي من خالف سنته واتبع غير سبيل المؤمنين.
لا شك أن الاهتمام بالردود فقط يأخذ من المرء وقتا طويلا يشغله عن خدمة السنة النبوية الشريفة، لأنه ميدان أعني ميدان النقد- بمثابة حرب لا تنطفئ نارها إلا بعد أمد طويل، لو أن المرء تخلى عنه وأنشغل بما يعود عليه بالنفع على الأمة الإسلامية لكان خيرا له، لكن في المقابل طرف آخر يرى أن هذه الردود هي أيضا مما يخدم السنة النبوية ويدحض شبه وأباطيل المخالفين المنحرفين عن العقيدة السلفية الصحيحة، ولعله رأي صواب أيضا، لذلك رأيت أن أخصص في هذه الحلقة ردا على شيخ طريقة صوفية خرافية همها الرؤى والأحلام الأستاذ عبد السلام ياسين الذي التف حوله جم غفير من الخرافيين أصحاب الشطات والمنامات الخيالية، بلغت بهم حد السخرية.
كنت أود أن أتتبع كل انحرافاته المتناثرة هنا وهناك، لكن رأيت أن الانشغال بشطحات هذا الرجل سيأخذ مني وقتا طويلا، وفي نفس الوقت لا منفعة يجنيها القارئ من مؤلفات هذا الرجل، ونظرا لضيق الوقت اخترت أن آخذ كتيبا من كتبه المسمى ((الإحسان)) كنموذج، يزعم فيه أنه تبرأ من الصوفية، لكن الحقيقة ما ستقرأ في هذا الرد، ومع أن كتابه هذا سبق أن تجندت له أقلام وأقلام، لكن مع الأسف الشديد لم تف بالغرض المطلوب، تصدى له الشيخ الفاضل محمد بن عبد الرحمن المغراوي، ومحمد بن محمد الفزازي، ورد عليه مبتدع جاهل منحرف صاحب الأسماء والألقاب المتنوعة، ينتمي للطابور السادس يزعم أنه ينتمي إلى المدرسة السلفية والسلفية منه براء، اسمه الحقيقي عبد العالي بن صالح الغربي وكتابه هذا الذي خصه للرد على الشيخ عبد السلام ياسين، حشد فيه أموراً عظيمة، ومصائب جسيمة من سب وشتم وافتراء وجهل، مع التنبيه أن الكتاب على ما به ليس من تأليفه جزما إنما هو بتوقيعه فقط، والرجل عاري من العلم صفر منه، والكتاب المنسوب إليه لا قيمة له من كل النواحي، وبه من الأخطاء اللغوية والنحوية ما لا يقدر على إحصائها أحد، نعم حصل به على الصف الأول من حيث البراعة في السب والشتم، وحق له أن ينال به جائزة إبليس الأولى للشتم والسباب، وأنا أنصح إخواني طلبة العلم ألا يدنسوا مكتباتهم وأفكارهم بما يأتيهم من هذا المنحرف، كيف يدعي التأليف وهو لا يستطيع أن يقرأ قراءة سليمة من الكتاب الذي يزعم أنه من تأليفه، كيف يدعي التأليف من لا يميز بين ما هو الصحيح من الخطأ في قوله: «أَنَّ الرَّجُلَ أو أَنَّ الرَّجُلِ» هكذا يقول في شريط له مسجل، فهو كما قال الشيخ أبو أويس محمد بوخبزة –حفظه الله- وعجل الله بشفائه: ممن يلحن في العامية، فضلا عن العربية، وحتى لا أثقل على كاهل القارئ الكريم وأشغله بهذا الرجل أرجع به إلى الشيخ عبد السلام ياسين، فأقول:
الحقيقة التي لا مريــة فيها أن كتاب الأستاذ عبد السلام ياسين ((الإحسان)) به من الشطحات الصوفية لو تخلى عنها لكان خيرا له، لكن لا حياة لمن تنادي، وعام بعد عام تطلع علينا جماعته بأطباق من الخرافات.

1- قال الأستاذ عبد السلام ياسين:» نريد في هذا الفصل أن نقف عند فقهاء التربية أطباء القلوب، وأن ننظر في هذا الطب العظيم كيف عالج به أهل الإحسان أنفسهم وتلامذتهم«(الإحسان ص11:).

! التعليق الأول: هذه دعوى ضخمة استهل بها الأستاذ عبد السلام ياسين هذا الفصل، غير أنه لم يذكر عنها شيئا، وبقي الرأس بلا جسد فضلا عن روحه من الأدلة الشرعية. نعم إن ما ورد في هذا الفصل لا يزيد عن عنوان الفصل والذي هو جزء من حديث شريف ((ألا وإن في الجسد مضغة))، هذا كلام مجمل ولا جدال حوله ولا يخفى هذا على الأستاذ عبد السلام ياسين، لكن كيف يتم إصلاح المضغة؟ هنا بيت القصيد، إن الإجمال في جسم الموضوع لا يتناسب وضخامة الدعوى التي تقدمت في بدايته، حتى لا يصبح كجسد قزم برأس عملاق، وإلا فأين (الطب العظيم) الذي وعدنا الأستاذ بالنظر فيه؟ نعم قال الأستاذ مقررا ومكررا معنى مجملا (القلب مكمن الداء، فإن صح وسلم فهو مركز الإشعاع))1( آمنا لكن كيف يصح وكيف يسلم؟ هذا الذي كنا ننتظره من الأستاذ فيه اقتراحا خاصة وقد غمز اقتراحات أصحاب (البديل الإسلامي)، و(الحل الإسلامي)، مع أننا نتساءل ما الذي عابه الأستاذ على صاحب (الحل الإسلامي)؟ ما وجدنا له ذنبا سوى أنه لا يستغيث بغير الله، ويشمئز ممن يفعلون ذلك، وإلا فمشروعه أوضح بكثير من مشروع الإحسان إن جاز أن يسمى مشروعا.
على كل حال فإن ما جاء في هذا الفصل لا يناسب عبارات مضخمة وكلمات مفخمة كالتي صدر بها الفصل كقوله: (أطباء القلوب)، و(الطب العظيم)، و(فقهاء التربية). هذا التعليق مجمل لكن ثمة تفاصيل لا بد من مناقشتها ونذكرها فيما يأتي من تعليق.

! التعليق الثاني:
وهذا التعليق نورد فيه مسائل عدة:
المسألة الأولى: لا مشاحة في الاصطلاح ولكن!

لا نريد أن نجادل حول مشروعية أو عدم مشروعية بعض العبارات التي أوردها الأستاذ عبد السلام ياسين، ومع ذلك نعلن تحيزنا إلى استعمال ما عرفه الناس من اصطلاح دون الغرائب من العبارات، فلربما غضضنا الطرف عن استعمال كلمات ((كالصوفية والتصوف)) ونحو ذلك التي أحدثت للتعبير عن طائفة معينة نظرا لشيوعها منذ عهود، لكننا نتقزز من توليد المزيد والجديد منها، وذلك كقول الأستاذ عبد السلام (أطباء القلوب) ونحوها من العبارات، خاصة إذا كانت دلالتها عائمة في بحر من المعاني. إن المقام الذي نحن فيه لا يسمح بالغموض، ولا تجوز فيه المعاريض، خذ مثلا عبارة: (فقهاء التربية) لا إِخَالُ الناس جميعا سيفهمون معنى واحدا موحدا، كما لو قيل لهم (علماء الحديث) فإنهم سيفهمون أن المقصود طائفة من أهل العلم تخصصوا في علم الحديث ولهم منهج جامع ومراتب معروفة. لكن قولك: (فقهاء التربية) فيه غموض، فالجملة الاسمية المكونة من المضاف والمضاف إليه إن فهمناها من خلال فهم مكوناتها يكون كالتالي: فقهاء لكن أي فقه هو المقصود، لا يبدو أن المقصود هنا فقهاء الأحكام الشرعية، لأن الأستاذ عبد السلام ذكر صحبته (لعارف بالله) والكل يعلم أن الرجل لم يكن صاحب فقه، ليت شعري كيف عرف الله!؟...

يتبع....

)1( الإحسان (ص:17).







 
قديم 12-07-08, 02:58 AM   رقم المشاركة : 2
أبو بلال منير
عضو ماسي







أبو بلال منير غير متصل

أبو بلال منير is on a distinguished road


$ المسألة الثانية: لا إمامة للعقول الفارغة ولا للقلوب المريضة.

أدلى الأستاذ عبد السلام ياسين كما قال بشهادته فيما يخص شيخه: (العارف بالله) وقيد كلامه بأن ذلك كان في بداياته، فهل يريدنا أن نفهم أن اختياره كان يومها خاطئا كما هو معنى المفهوم؟ إن كان كذلك لماذا لا يحرص الأستاذ على الوضوح، فما أحسن أن يقال ثم إني أعترف أني يومها كنت مخطئا واليوم أنطلق من جديد وتكون منقبة من مناقب الأستاذ عبد السلام ياسين، ولا عيب عليه ولا لوم يطاله إن هو أعلن أن قدميه أخطأتا الطريق لما أسلم زمام نفسه إلى رجل لا يقرأ ولا يكتب، أخطأ التابع والمتبوع. أما التابع فلم يتحر ولم يحرص على سؤال من يدله حقا، إن الأعمى لا يقوده أعمى مثله، أما الشيخ المتبوع لو كان على صواب لما سمح لنفسه أن يقود غيره وهو في حاجة إلى من يعلمه ويرشده ويقوده. هذا إذا على تقدير أن الأستاذ عبد السلام ياسين تبرأ من هذا المنهج، الذي يُؤَمِّر المشايخ على جهلهم هذا هو التعبير الدقيق فلا ينبغي الخجل من تلفظه..
إما إذا كان الشيخ تبرأ من ذلك فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

$ المسألة الثالثة: قال الأستاذ عبد السلام ياسين: ((لست أدعو إلى التصوف، ولا أحب الاسم والشكل لأني لا أجدهما في كتاب الله وسنة رسولهe، لا، ولا حاجة لي بالمصطلحات المحدثة فلي غنى عنها بلغة القرآن وبيان إمام أهل الإحسان)) (الإحسان ص: 12-13).

أما الكلام عن التصوف فقد خُصِّصَ له مكانٌ ضمن هذه التعليقات، لكن قول الأستاذ (لست أدعو إلى التصوف) تحير اللبيب، إلى ما تدعو إذا يا أستاذ!؟ أتدعو القارئ إلى الفقه عملا بقولهe ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) حسنا لنقرأ معا بعض عناوين الأستاذ عبد السلام: (علم التصوف فقه واجتهاد)، و(علوم القوم ومكانتها من بين العلوم) والقوم هم الصوفية كما لا يخفى، وعنوان آخر: (المحدثون والصوفية)، وآخر: (الفقهاء تلامذة الصوفية) أبعد هذا يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: إنه لا يدعو إلى التصوف فإلى ما يدعو إذا!؟.
ثم إذا كان إنسان ما لا يحب شيئا ما فمن يجبره عليه؟ جميل أن لا يحب الأستاذ الاسم والشكل للتصوف لأنه لا يجدها في الكتاب والسنة ومع تسجيل هذا الاعتراف يعود الأستاذ ليقول: (لكن الحق الذي مع الصوفية..الخ) أهو النسيان أم العصيان!؟ واتفقنا على التجاوز عن اصطلاح الصوفية ومشتقاتها، لكن الأستاذ عبد السلام ياسين يرمينا بعبارة لا يتحملها الاصطلاح نفسه حين عبر أن الفضل في بقاء الأمة يعود (لله عز وجل ولكتابه وسنة رسوله ثم لرجال كانوا غياث الخلق مصابيح الهدى) أين وجد الأستاذ عبارة: (غياث الخلق؟) ألم يلتزم ويعتزم تجاوز (مرحلة كانت النقول عن الرجال ما دون كتاب الله وسنة رسولهe) ألست القائل قبل أسطر عن مصطلحات لا تحبها لأنك لا تجدها في الكتاب والسنة وأنك في (غنى عنها بلغة القرآن وبيان إمام أهل الإحسان) أقصَّر القرآن عنها أم قعد البيان النبوي عن أن يأتي بمثلها!؟.
يا أستاذ أتدري لم لم تجد العبارة في الكتاب وفي السنة ببساطة لأنه لا يستغاث بالمخلوق في الشرع ويستغاث به عن قوم من الصوفية فطبيعي أن لا تجد جنس هذا الكلام فهو حرام.

$ المسألة الرابعة: قال الأستاذ عبد السلام ياسين: »وأنا أسعد الناس إن كان لشهادتي سامعون واعون هبوا من سبات الغفلة لصرختي هذه الهادئة...أنا أسعد الناس إذن إن حصل في ميزان حسناتي أفواج من المحسنين كنت لهم صوتا يقول من هنا الطريق، من هنا البداية«.

قال الإمام مالك: لا ينبغي للمرء أن يجلس مجلسا لا يراه الناس له أهلا! والأستاذ عبد السلام ياسين يريد بعدما تقدم به العمر أن يكرر خطأ بدايته (من هنا الطريق) أي طريق؟ إن الإنصاف ولا شيء غير الإنصاف يحرضنا أن نصارح الأستاذ أنه لا يمكن أن يكون إمام نفسه بله أن يقود غيره، إن الأستاذ لم يحسن انتقاء النقول كما يتبين من جل بل كل كتاباته ومنها هذا الكتيب الذي بين أيدينا، حتى القرآن يحتاج في تفسيره إلى تصفية النقول فما يضمن للمحسنين الذين يريدون أن تكون لهم صوتا أنَّ ما تعلموه هو الصواب!؟ يا أستاذ هل ما ستدلهم عليه من الشرع أم ليس منه؟ إن كان منه فالشرع إما نقل صحيح عن معصوم وإما استدلال عليه دليل معلوم والأول أساس الثاني، وأنت تعلم أن بضاعتك النقلية مزجاة ولا بأس أن تأخذ من بعض حسنات الغزالي -رحمه الله تعالى- الذي أكثرت النقل عنه وتعترف كما اعترف هو أن بضاعته في الحديث مزجاة.
لا تقل أنك لن تفتي أتباعك، إنك دائما في اقتراحات سنفعل كذا ونقوم بكذا، وهذه أحكام لأن الفعل الذي تفعله لا بد أن يكون مباحا أو واجبا أو مستحبا وهكذا...فلم بربك نأخذ عنك هذه الأحكام ولا نأخذها عن علمائنا الحقيقيين؟. ثم كيف ترضى أن تتقلد هذه الأوزار !؟ إن تفاؤلك بالحصول على حسنات أفواج المحسنين ليس في محله يا أستاذ قد تقترح اعتصاما أو صياما أو إضرابا يكون فيه أذى لك ولغيرك فما عذرك وأنت لا تملك هذا الحق. إن العالم إذا اجتهد مـأجور في حالتي الصواب والخطأ، والمتجرئ على الفتوى بغير مؤهلات مأزور في الحالتين أيضا، فالله الله في نفسك يا أستاذ فكر مليا وستجد أننا لم نأل جهدا في نصحك.

((إسلام العقل والقراءة والقلوب فارغة من خشية الله مرض آخر زائد على أمراض الأمة الكثيرة)) وهو مرض كبير ولا شك، ولا يقل عنه خطورة مرض الأمية والجهل وليس هذا فحسب بل ودعوى المعرفة بالله وهداية الخلق في الطريق، إنهما وجهان لعملة واحدة أمرنا الله عز وجل أن ندعوه كي يقينا شرهما أولاهما: علِمَتْ فعَمِيَتْ والأخرى: عمِيَتْ فَضَلَّلتْ، اللهم اهدنا الصراط المستقيم..فكما أن العلم لا يثمر إلا بنور الله الذي يقذفه الله في القلوب ثَمَنَ صدقٍ وإخلاص، فكذلك السبحة التي لا تأخذ مشروعيتها من المصدرين الوحيدين تَجني على أقوام وأقوام..واسأل التاريخ عن فئام من الناس انتحروا بالسبحة..إنه سيان أن يضِلَّ الواحد بسبب فتوى مأجورة من منافق عليم أو صالح علمه سقيم ما دام في الحالتين يضِلُّ الطريق، وكلا الرجلين آثم الأول عرف الحق فزور والثاني تجرأ على الله وخاطر.

يتبع..............
)1( الإحسان (ص:17).[/quote]







 
قديم 12-07-08, 03:16 PM   رقم المشاركة : 3
أبو بلال منير
عضو ماسي







أبو بلال منير غير متصل

أبو بلال منير is on a distinguished road


»علم التصوف فقه واجتهاد«


`إذا كان علم التصوف فقها كالفقه الذي نعلم فلماذا قلدت يا أستاذ من تعلم أكثر من غيرك أنه لم يكن فقيها، بل لم يكن يعرف الكتابة والقراءة، بعبارة أخرى كان أميا، أم أن علم التصوف كما تراه يجعل للأمية شرفا في اعتقادك، إن الأمية منقبة وميزة وشرف في حق الرسولe وحده أما من سواه ((طلب العلم فريضة)) في حقه، نعم إن التصوف إذا كان محكوما بقيود الفقه المبني على الكتاب والسنة فلا جدال، فليحفظك الله يا أستاذ من الشر أن تخلع تصوف الجهل وترمي بنفسك في أحضان الفقه بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، فإن ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) بل إن الإخلاص إذا فاتك في البداية يمكن أن تعود وتراجع فيه نفسك، كما فعل غير واحد من السلف، قالوا طلبنا العلم ولم تكن لنا نية ثم رزقنا النية بعد. ترى لو تاهوا بين الزوايا بجهل فمتى يعودون!؟ أحسن أحوالهم أن يتجاوز عنهم الحق سبحانه بمنه أما أن يكونوا لعباده قدوة وأسوة فمحال!.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين: »قصدي في هذه الصفحات أن أدل على الله وعلى الطريق إليه«.
ترى يا أستاذ لو قال لك غيرك تعالى أدلك على الله، وهو أعلم منك -وهذا حاصل- ولا نحسبه أقل صدقا وإخلاصا -نحسبه والله حسيبه، فهل تقبل هذا العرض-ولربما سبق مثله- أم أن المشيخة داء يؤخذ في الحساب.
تزيد يا أستاذ أن تدل غيرك على الله لما هذا الحرص وهذا التشبث بالأمانة والرئاسة!؟

~ يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: نستمع إليه لأمرين:»أحدهما أن كثيرا من معاصرينا يعتبرون شهادته هي الكلمة الفصل، فلا نحب أن نفجعهم وهم في مهد الإعجاب غير المشروط بوضع الفارس الجليل في مكان نسبيته« (ص:21).

من من المعاصرين صرح يا أستاذ أن ابن تيمية هو الكلمة الفصل، لا تتكتم على أحد فالمقام مقام الشهادة التي لا ينبغي أن تكتم، فأين العلماء قبل وبعد ابن تيمية!؟ فلا داعي لتقديمه كجواز مرور، لأن جواز المرور الحقيقي في كل مسألة هو الدليل. ثم هل التزم الأستاذ نفسُه أن يستمع إلى » الفارس الجليل« في المسائل الكبيرة والقضايا الخطيرة!؟ الجواب لا طبعا، بل حتى حين يذكر قوله أحيانا يدلس فيه ويُجْري عليه ما يريد من بتر أو نحوه..
` قال عبد السلام ياسين: » قسم ابن تيمية الصوفية إلى طائفتين منهم السابق المقرب بحسب اجتهاده والمقتصد من أهل اليمين «(الإحسان ص: 21).

كان على الأستاذ عبد السلام ياسين أن يكمل كلام ابن تيمية، إن ابن تيمية لم يكتف بذكر طائفتين من الصوفية أي السابق المقرب بحسب اجتهاده والمقتصد من أهل اليمين، كلا ذكر الظالم لنفسه أيضا العاصي لربه والذي انتسب إلى المتصوفة من أهل البدع والزندقة فبذلك يكون ابن تيمية أنصف القوم غاية الإنصاف، وحذر أيضا من الاغترار بالتصوف الذي لا يهتدي بالصراط المستقيم، فلم سكت الأستاذ مدلسا وجهة نظر ابن تيمية التي هي في حقيقتها وأصلها تناولت ثلاثة طوائف واكتفى هو بعرض طائفتين فحسب!؟.
ماذا يريد الأستاذ عبد السلام ياسين بهذا وماذا يسمى هذا العمل !؟ أَخْفَيْتَ يا أستاذ أكثر الطوائف انتشارا اليوم، إضافة إلى طائفتي صوفية الأرزاق وصوفية الرسم اللتين ذكرهما ابن تيمية بعد ذلك فما الغرض من هذا الفعل الذي يغرر بالقارئ الذي لا يرجع للتحقق بنفسه، إحسانا للظن بشيخه أنه يتحرى الأمانة في النقل...ونحن أيضا لا نجد إلا إحسان الظن أن نتجاوز عن هذا، ولكن ليعلم أن ابن تيمية لم يذم الصوفية مطلقا -كما هو شأن البعض ضد الحجج ولم يثنهم مطلقا- كما يوهمه ما نقل الأستاذ خطأ أو عمدا وإن أحسنا الظن فرأينا الأول- بل إن »كلا طرفي هذه الأمور ذميم« عنده، والصواب أن فيهم الخيِّرُ النافع وفيهم الضال المبتدع، وذكر نمودجا للمبتدع الحلاج الذي نحسب أن الأستاذ لا يوافقه عليه فهل عزَّ عليه أن يذكره شيخ الإسلام ضمن الظالمين لأنفسهم العصاة لربهم فبتر الكلام الذي يحشره فيهم برمته!؟ علم ذلك عند الله، ثم عند الأستاذ عبد السلام ياسين وما لنا إليه من سبيل! لكن الحلاج تبرأ منه العلماء، ولذا قال الذهبي في ترجمته في "الميزان": ((الحسين بن منصور الحلاج، المقتول على الزندقة ما روى ولله الحمد شيئا من العلم، وكانت له بداية جيدة وتأله وتصوف، ثم انسلخ من الدين، وتعلم السحر، وأراهم المخاريق، أباح العلماء دمه)) 2.فهل الأستاذ يوافق العلماء حكمهم، وما له لا يفعل وهم أهل الفتوى وأهل التقوى! قد يقال: إن معاصري الحلاج رأوا فيه ما رأوا لحاجة سلمنا! على مضض فما بال الذين جاؤوا من بعد..ندعو الأستاذ -ومن ورائه أتباعه- إلى نداء رجل عالم عارف بالله على علم نصيحة غالية في شأن الحلاج يقول رحمه الله: ((تدبر يا عبد الله نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة ودعاة الزندقة، وانصف وتورع واتق الله وحاسب نفسك فإن تَبَرْهَنَ لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للإسلام محب للرئاسة حريص على الظهور بباطل وبحق فتبرأ من نحلته -وإن تبرهن لك- والعياذ بالله- أنه كان -والحالة هذه- محقا هاديا مهديا فجدد إسلامك واستغث بربك يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه الله في قلب عبده المسلم ولا قوة إلا بالله. -وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا))3 فهل من مجيب!؟ والحلاج أيضا كان من دعاة الطريق وكان يقول: »من هذب في الطاعة جسمه، وشغل بالأعمال قلبه، وصرف عن اللذات، وامتنع عن الشهوات يترق في درج المصفاة، حتى يصفو عن البشرية..الخ)).3
على كل حال كان على الأستاذ عبد السلام ياسين أن يذكر كلام ابن تيمية بأمانة علمية، وله أن ينتقده في ذكره الحلاج على أن لا يخرج عما نصح به الذهبي.

` قال عبد السلام ياسين: وقال -أي ابن تيمية- »وإنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في "الرأي"« (الإحسان ص: 21).
ومرة أخرى ثمة تدليس في الكلام لأن الأستاذ حين أورد هذه العبارة بعد الأولى التي تحدثت عن الصوفية، أصبح المعنى أن الصوفية بمنزلة الفقهاء في "الرأي" لأن الضمير لا يعود إلا على ما ذكر، ولم يذكر سوى الصوفية، والحقيقة أن الضمير في كلام ابن تيمية عائد إلى العلماء كما هو ظاهر في كلامه ليصبح المعنى أن العلماء في شأن التصوف بمنزلة الفقاء في شأن "الرأي" يوضحه ما جاء بعده مباشرة من ((أنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة)).4 وهذا المنسجم مع ما ذكره اختلاف العلماء حول »التصوف« فالمقارنة في كلام ابن تيمية إنما هي مقارنة كلام العلماء في »التصوف« بكلامهم في "الرأي" بخلاف المقارنة في المعنى الذي أورده الأستاذ عبد السلام ياسين فهي بين المتصوفة والفقهاء ولا يخفى الفرق بين المعنيين. إن الأستاذ في نقلين مباشرين أخطأ خطأين متتاليين قلنا أخطأ -إحسانا للظن- فأين الطريق!؟.

` وكما أخطأ الأستاذ ودلس كلام شيخ الإسلام ابن تيمية دلس كذلك كلام تلميذه ابن القيم كما لو أن الإحسان لا يتم إلا بتزوير الكلام !. لننظر أولا ما نقله الأستاذ عن ابن القيم: ((وأما السابقون المقربون، فنستغفر الله الذي لا إله إلا هو أولا من وَصْفِ حالتهم وعدم الاتصاف بها)5 ، بل ما شممنا لها رائحة، ولكن محبة القوم (أي الصوفية والكلمة مصطلح!) تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها، وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة (...) ومنها أن هذا العلم (يعني علم التصوف) هو من أشرف علوم العباد، وليس بعد علم التوحيد أشرف منه، وهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة)) (الإحسان ص: 22).

إن ابن القيم يتكلم عن السابقين بالخيرات مقابل المقتصدين والظالمين لأنفسهم الذين خصهم ببيانه من قبل، وهذا تقسيم المراتب لا تقسيم الأوصاف، فكما أنك تجد في الصوفية والفقهاء والمحدثين وأهل اللغة وغير ذلك من الأوصاف من هو في مرتبة المقتصد والظالم لنفسه فمنهم من هم من السابقين بالخيرات، فلماذا يوهم الأستاذ القارئ الكريم أن السابقين بالخيرات -وهم الذين عناهم ابن القيم بالقوم كما هو واضح من السياق -هم الصوفية! لماذا هذه الرغبة المستميتة في تطويع النصوص إن لم نقل تزويرها وتحريفها!؟..هل الطريق لا توصل إلا على جسر التدليس...؟ إن الاحتجاج بالأقوال بعد التصرف في محتواها ينم عن قلة ثقة بالنفس وضعف في المنهاج..وهذه السمة مطردة -مع الأسف- عند الأستاذ..إذا أردت أن تجعل الصوفية من درجات السابقين فلا تحتاج إلى تفسير كلام ابن القيم أو غيره تفسيرا يخدم قضيتك، بل لك أن تعرض عن كلامه كاملا ثم تقدم دليل دعواك، وقد نوافقك وقد نخالفك..لكننا لا نوافقك على تطويع معاني الأقوال التي تستشهد بها حسب ما تريد أنت أو حسب ما تفهم أنت...وعليه فما أظن ابن القيم يحفل بثنائك عليه بقولك حياك الله من رجل إذا علم ما فعلت به.
انظر ما قال قبل صفحات قليلة مما نقلت: ((ومن الناس من تكون له القوة العلمية الإرادية وتكون أغلب القوتين عليه، وتقتضي هذه القوة السير والسلوك، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، والجد والتشمير في العمل، ويكون أعمى البصر عند ورود الشبهات في العقائد، والانحرافات في الأعمال والأقوال والمقامات كما كان الأول ضعيف العقل عند ورود الشهوات، فَداءُ هذا من جهله، وداء الأول من فساد إرادته وضعف عقله، وهذا حال أكثر أرباب الفقر والتصوف السالكين على غير طريق العلم))6.
فهل من يقول هذا يقول أن الصوفية هم السابقون المقربون بإطلاق وهو يرى أكثر أرباب الفقر والتصوف...لا يدري من يعبد، بعادة قومه و..الخ كلامه النفيس)7 -رحمه الله تعالى-...؟اللهم علمنا الإحسان..

`ونقل الأستاذ عبد السلام ياسين كلام الشاطبي وسار في ذلك على طريقة التصرف المخل. فهو مثلا يقول:

((نجد عند الفقيه الأصولي الإمام الشاطبي تفصيلا. فالتصوف عنده قسمان)) (الإحسان ص: 22).

والحاصــل أن الشــاطبي قـال: ((فلنـرجع إلى مـا قـال فيـه المتقدمـون: وحاصل ما يرجع فيه لفظ التصوف عندهم معنيان))8 فهو تعريف الصوفية المتقدمين ذَكَرَهُ وشرحه الشاطبي لأنه ((أمر مجمل عند هؤلاء المتأخرين))9، لا يجوز أن يكون مثل هذا من الأستاذ عن عمد، وإلا فالعياذ بالله..
كما أن الأستاذ أسقط من كلام الشاطبي في مكان آخر ما هو أساسي وضروري وبإسقاط ما أسقط فقدَ كلامُ الشاطبي روحه وجوهره. نقل الأستاذ عن الشاطبي: ((أما بالمعنى الثاني: فهو على أضرب، أحدهما)10 يرجع إلى العوارض الطارئة على السالكين إذا دخل عليهم نور التوحيد الوجداني، فيتكلم فيها بحسب الوقت والحال، وما يحتاج [فيه])11 في النازلة الخاصة رجوعا إلى الشيخ المربي وما بُيِّنَ له في تحقيق مناطها بفراسته الصادقة في السالك بحسبه وبحسب العارض، فيداويه بما يليق به من الوظائف الشرعية والأذكار الشرعية (...) فمثل هذا لا بدعة فيه لرجوعه إلى أصل شرعي))12.
وكان يجب الإبقاء على ما ترك الأستاذ مكانه ثلاث نقط، لأن الشاطبي ذكر ثمة كلاما نفيسا هو صمام أمان للسالك وهو قوله بعد تركيزه علة مداواة أصحاب العوارض مركزا كما رأينا على الوضائف الشرعية والأذكار الشرعية ليؤكد على أن الشريعة هي الدواء للأمراض أو الأعراض بلا زاد -وهذا ما أسقط الأستاذ وما كان ينبغي- إن هذه العوارض لا تطرأ ((إلا عند الإخلال ببعض الأصول الشرعية التي بني عليها في بدايته فقد قالوا: إنما حُرِمُوا الوصولَ بتضييعهم الأصول))13وحول هذا ندندن، وإلى المعصم الشرعي نقاضي أصحاب الأحوال وبميزان الأصول نفتش سلامة النقول، فلمَ أغفل الأستاذ هذا الكلام، أم لأنه شديد الوطأة على الذين يحبون الانفلات من الرقابة الشرعية بحجة الأذواق!؟ إن كلام الشاطبي كاملا هو الذي لا بدعة فيه ولكن أبى الأستاذ إلا أن يسلك لغة الغموض بدل التوضيح واستعمال التدليس مكان التصريح.

1( (1/548).

2("السير" (14/344-345).

3(نفسه (14/347).

4("مجموع الفتاوى" (10/370).

5( في الأصل عندي به و..له، (ص: 285) وهو صحيح أيضا فيكون الضمير عائدا على الوصف. ولكن يبدو أن الطبعة التي اعتمدها الأستاذ مغايرة لأن الصفحة التي أحال عليها تخالف ما عندي فالله أعلم.

6("طريق الهجرتين" (ص: 255).

7(نفسه.

8( "الاعتصام" (1/207).

9( "نفسه".

10(هكذا في "الإحسان" وفي الأصل عندي "أحدهما" ولعله الصواب.

11(هكذا في "الإحسان" وهو خطأ وصوابه "إليه" كما في الأصل. (الاعتصام: 1/208).

12("الإحسان" (ص: 23).

13("الاعتصام" (1/208).







 
قديم 15-07-08, 10:15 PM   رقم المشاركة : 4
أبو بلال منير
عضو ماسي







أبو بلال منير غير متصل

أبو بلال منير is on a distinguished road


»علوم القوم ومكانتها بين العلوم«


` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:: »كثيرا ما نسمع في معرض الحديث عن الخواء الروحي الذي يشكو منه الشباب المتطلع لمعرفة دينه نصائح ومتمنيات بتصوف سني أو تصوف سلفي، وكأن نسبة الألفاظ بعضها إلى بعض تعطي القضية وضوحا وسلطة معنوية لا يمنحها الاسم المجرد« (الإحسان ص: 27).

وهو كذلك لأن التصوف كما مر فيه -إن تجاوزنا الاصطلاح- الضار والنافع وفيه السنة والبدعة وفيه ما يوافق مذهب السلف وما هو بمخالفه، فما يضير الأستاذ من تقييد هذا القسم بما يلجمه عن الانفلات، وربطه بالسنة مخافة التيه في القلوب، وهذا ما ذكرناه قبل عن الشاطبي حين قيد بالشريعة العوارض والأحوال، فما يضيرك أيها الأستاذ أن يقال تصوف "سني" أتستنكف أن بكون للتصوف رقابة من السنة أم تراك تعتبر الصوفية والسنة مترادفان لمعنى مشترك، هيهات، هيهات »لا يستويان« لأن السنة ترجع إلى رسول معصوم فهي باب إذا لم يلج منه المتصوف فلا يلج الجنة لقول النبيe: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قالوا يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))(1) فهل يستطيع الأستاذ أن يدعي ذلك في التصوف فيحكي نحو: (من تصوف دخل الجنة ومن أدبر عنه التصوف فقد أبي) أي والله تجرأ على قول هذا المعنى أناس لا يحسبون على الفقهاء ولا على المحدثين أو الشعراء، لا يحسبون إلا على مجانين الصوفية، ونربأ بالأستاذ أن يرضى مكانتهم خاصة وهو يشكو ممن حمله تبعات غيره...فلا يتضمر الأستاذ ممن اضطروا أن يقيدوا التصوف بما يعصمه عن الشرود فلربما تحول إلى زندقة وحلول ووحدة وجود!.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»سمعت تسجيلا لأحد علمائنا العاملين في حقل الدعوة يحث على»التصوف السني« فلما سألوه عن السبيل إلى هذا الخير أجاب بأن ذلك يحصل بقراءة الكتب الجيدة مثل إحياء علوم الدين كأن الأمر عملية فكرية ونزهة ثقافية« (2).

سلمنا أن الأمر الذي ورد في التسجيل لم يقع فيه تدليس ولم يسقط منه ما يفيد فيما نحن فيه، ولنا أكثر من مبرر وعندنا غير من عذر تساؤلنا هذا، ومع ذلك أليس لو قارنا قول هذا العلم »أن ذلك يحصل بقراءة الكتب الجيدة مثل إحياء علوم الدين« بقول الأستاذ أنه صحب شيخا عارفا -وهذا العارف المزعوم أمي- فأيهما أقرب للشرع، مع العلم أن أستاذ العلم أي الشيخ أساسي في تعلم الدين بخلاف شيوخ التربية، لأن الشيخ المربي أحسن أحواله أن يكون جائزا اتخاذه بخلاف الآخر، لأن المبتدئ لا يعول على الكتب، ومن ثم قالوا: »لا تأخذوا القرآن عن مصحفي ولا العلم عن صحفي« لأن الذي تعلم القراءة من المصحف لا يؤمن لحنه بل وخطأه إلا إن كان من سماع شيوخه، وكذلك الذي يتزود -يزعم- مباشرة من الكتب، فاتخاذ المعلم الذي يعلمنا الشرع لا نزاع فيه بين العلماء، أما اتخاذ مربي فهذا محل قيل وقال وخلاف وجدال.

`قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»إن أول الطريق هبوب القلب من غفلته«.

كلمة غامضة نحرص على تحليلها لنعرف ما ينبغي منها، دون افتيات على ما يريده الأستاذ عبد السلام ياسين منها، لأنا لا نقوله ما يقول، وإنما نأخذ من معانيها المحتملة ما يوافق النقول.
نهوض القلب من غفلته يقتضي عندنا أمرين: معرفة الغفلة التي هو فيها، حتى لا يغرر به جاهل فيتقله بسبحته ويصرفه إلى ضلال بعد هدى وبدعة بعد سنة كما حصل لبعضهم لما كان بعض شيوخه يرى في يده قرطاسا أو قلما يوبخه عليه وكأنما يحمل قارورة خمر أو لحم خنزير وهو -الشيخ- يدعوه للهبوب من الغفلة بطرح أدوات العلم المشروع اتفاقا، ليتجرد الطالب من نور الشريعة، فيرميه شيخه بغير سلاح في بيداء ظلمات الطلاسم والرموز..الخ، وثمة سؤال وارد هل يقبل الشيخ أن يسأله المريد عن مشروعية ما يقوم به من أعمال؟ خذ مثلا الذكر الذي زعم الأستاذ أن الصوفية أجمعوا أنه من أعظم الذكر وزعم أن ابن تيمية أنكره ثم علق فلا جدال(1). هذا الذكر الذي يتراقص به طوائف عدة يراد لقلوبهم أن تهب من غفلتها ما ندري إن لم تكن في رقصها وابتذالها لاسم الله في غفلة فليست ثمة غفلة يخشى منها!!.

والأمر الثاني: طريق الخروج من الغفلة بعد تحققها. أما قول الأستاذ »إن كان الإطلاع على أحوال القوم يصور لك أحوالهم السنية فينزعج قلبك لما تجده عند المقارنة من تخلفك عن الركب، وتطمئن لما تجده عندهم من اعتصام بالكتاب والسنة، فتشمر للحاق ويتبع العلم العمل فذلك هو المطلوب ويكون لعبارة »التصوف السني« معنى هو: أن تسير في الطريق وأنت على يقين من أنك على سنة المصطفىe لا في دروب الغواية والتيه، إن كنت تقيد في شرطك التصوف فهذا من باب تحصيل حاصل« (الإحسان ص: 28).
فنقول للأستاذ، ليس ذلك من باب تحصيل حاصل في الواقع وأقرب مثال الذكر بلفظ الجلالة، فهل ذكر به المصطفىe حتى تكون »على يقين من أنك على سنة المصطفىe« ومع ذلك ذكر الأستاذ إجماع الصوفية على اعتباره من أعظم الذكر، وثمة قضايا كثيرة يكون معظم علماء الشريعة يرونها من المحذورات أو من البدع، وعند القوم من المقامات المحمودات فمن نتبع يا أستاذ!؟ ولا زال الأستاذ فيما يبدو متضمرا من تقييد التصوف بالسنة وحريصا على إلغائه حرصا على إبقائه لضرورته، ولم يقبله الأستاذ إلا بشروط ومنها كما قال: »إن كنت تنفي بتقييدك "التصوف الفلسفي" تصوف الحلول والاتحاد الذي ليس من الإسلام ولا من التصوف في شيء« (الإحسان ص: 28).
ونقول أننا بهذا القيد أمنا كل ما يخالف الإسلام في التصوف، فالتصوف ليس مرادفا للإسلام فسمانا إبراهيم مسلمين لا صوفيين على إبراهيم وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، إن الحلول الذي اعتبره الأستاذ والاتحاد ليس من الإسلام وهو محق في ذلك ولا من التصوف وفي هذا نظر، فإن من الصوفية من أظنه يعرفه معرفة جيدة ويبادل بعضهم البعض الثناء يقول إن من يرمي الصوفية بالاتحاد يرميهم بالشرك لأنه يجعلهم يعتقدون وجودا غير وجود الله مع أنهم لا يرون إلا واحدا وعلى تعبير السيد عبد العزيز بن الصديق »وحدة الوجود لا ينكرها موحد« فما رأي الأستاذ في هذا الكلام!؟ إذن لا بد من أن نحتاط.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين: »إن لمس جناح التوفيق قلبك فتعال لجلسة لطيفة مع أهل المعنى الحريصين على دينهم أكثر من حرصك، وفاتوك بالشوق الدائم إلى بلوغ الذرى« (الإحسان ص: 28).

ونتساءل عن هذه الجلسة التي يدعونا إليها الأستاذ ومن حقنا السؤال، هل هي جلسة كان يجلس مثلها رسول اللهe وأصحابه »يتلون كتاب الله ويتدارسونه« فما ألطفها جلسة تغشاها رحمة الرحمن سبحانه لكن شريطة أن تكون التلاوة والمدارسة مقيدة بالسنة، فالأستاذ يعلم أن أقواما كثيرة يتلون كتاب الله في بيوت الله كل يوم، ولئن سأتهم ليقولن» ما قعد قوم... «لكنا نتحاكم وإياهم كما أمرنا إلى السنة لنسألهم أهكذا تلا أصحاب نبيكم؟ ولا جواب بله صواب عندهم إلا أن يقولوا لا فتقوم الحجة. ترى أستاذ عبد السلام من أحرص على الدين الذي تجرأ على الله وتعبده كما أمره شيوخه، أم الذي جعل سنة الحبيبe نصب عينيه !؟ اللهم ارزقنا الإنصاف..ثم جئتنا أستاذ عبد السلام بكلام الطوسي وفي آخره أن » جملة علوم الدين لا تخرج عن ثلاث: آيات من كتاب الله عز وجل، أو خبر عن النبيe، أو حكمة مستنبطة خطرت على قلب ولي من أولياء الله تعالى« (1) ألم يقل الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}(2) أما قال الحبيب ومعظم الصوفية يحتفلون بمولده إظهارا لحبه ومع الأسف لا يلتزم كثير منهم بشرعه- »إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي« (3) وذكر الكتاب والسنة، فما لنا ولما يستنبطه الولي، بل سيدنا عمر محدث وملهم بشهادة الرسولe فهل قال عليه الصلاة والسلام إن افتقدتم حكما ولم تجدوه في الكتاب أو السنة فعليكم بالملهم عمر؟ أليس عمر وليا؟ نحن على يقين من ذلك بخلاف غيره، وهل سجل لنا التاريخ مرة أن عمر بن الخطاب جلس هذه الجلسات الصوفية؟.
وهذه العلوم التي ينحصر فيها الدين ثلاثة عند القوم هذا نظريا وفي الواقع إنما التركيز على الأخير اسمع إلى الأستاذ نفسه ينادي عليك »يا أخي الحبيب! يا من يوصي إخوانه بتصوف سني يرتكز على قراءة الكتب، كيف الإعراض عن الدنيا وترك ما فيها لرفع الدرجات؟ ويتشوق الأخ الحبيب ببصره إلى الأستاذ ويصغي إليه بسمعه فيأتيه الجواب »خبر هذا في كتب القوم« يا لها من خيبة! أليس في القرآن كيف الإعراض عن الدنيا الجواب نعم أم لا؟ إن كان نعم فلم تتخطى كتاب الله عز وجل {أأنتم أعلم أم الله؟}، وإن كان لا فاذهبوا لتعلموا ذلك من أهل العلم الراسخين فيه فهذا هو الطريق. وهب أن كتب القوم أحرقت هل ينقص في الدين شيء؟ لا والله لا ينقص، ولو ذهب القرآن ولن يذهب أو السنة ولن يكون..
ثم ما الفرق يا أستاذ بين قولك: »خبر هذا في كتب القوم« وقول العالم الذي »يوصي إخوانه بتصوف سني يرتكز على قراءة الكتب« اللهم اعصمنا من الزلل!

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»شرف علمهم لاعتماده على الشريعة، بدون هذا الاعتماد يصبح الحديث عن القلب ومعانيه هوسا« (الإحسان ص:30).

هذا صحيح فأين التطبيق أين هي الشريعة في الأوراد المبتكرة والبدع المنتشرة؟ هل نقول أن هذا حيث لم يُبْنَ على الشريعة فهو خبط عشواء كما قال السيوطي !؟ إن الدعوة إلى المرحلة الثانية التي لا تصح ولا تستقيم إلا إن كانت محمولة على الأولى يعد استعجالا وقطف قبل أن يبدو صلاحه وتصدق عليه قاعدة الفقهاء »من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه« وكما قال الشاطبي عمن قيل فيهم »حرموا الوصول لتضييعهم الأصول« ادع إلى الأصول يا أستاذ تعلمها أنت وادع إليها، ثم بعدها يبدو لك من الرأي ما يبدو..أما أن تكرر خطأ البداية فقد نقلت بنفسك عن السيوطي أن »من أراد الخوض في علم الحقيقة من غير أن يعلم الشريعة فهو من الجاهلين ولا يحصل على شيء«هذا صحيح فقد صحبك أناس وصحبت أناسا فماذا حصلوا من العلم؟ بل إنك وإياهم كثيرا ما سددتهم إلى غيركم ممن يحرصون على الإسلام كحرصكم، ويغارون مثل غيرتكم، قلت: سددتم إليهم طعنات في صدقهم وإخلاصهم واستبحت أكل لحومهم غيبة، وخونتموهم..الخ التهم التي لا داعي لتفصيلها فأين التربية وأين الإحسان!؟.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»أم تراك من الذين يستخفون بعقول العقلاء وأعمال العلماء فتتساءل ما هو هذا السيوطي الذي يخرف بتشييد الطريقة الشاذلية؟ «(الإحسان ص: 31).

إننا سبق وأعلنا أن الحق لا يدلنا عليه الرجال، بل الحق هو الذي يدلنا على الرجال ثم بعد ذلك نصاحب الرجال دون أن يغيب عنا الميزان، خذ على سبيل المثال مسألة من المسائل التي أخطأ فيها شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ولا شك من الرجال- كقوله بفناء النار فهل إذا ذهب يشيد هذا الحكم على أدلة رآها بين يديه خالية من العلل مع ما انقدح في نفسه من واسع رحمة الله وما إلى ذلك من الأمور، هل نسير خلفه؟ كلا! ..ثم هل إذا عصينا طريقه نكون من الذين »يستخفون بعقول العقلاء وأعمال العلماء؟ «لا يا أستاذ ونحن ضربنا مثالا بابن تيمية فارسك الجليل والذي ضرب بسهم في العلم لا يضاهيه فيه السيوطي وأرجو أن لا يكون في دعواي هذه نزاع، وعليه فإن تنكبنا طريق السيوطي التي اختارها، بل حتى لو خطأً فله في ذلك، واقتفينا أثر غيره أيلزمنا تسخيف عقله واحتقار علمه!؟ فلماذا يثير الأستاذ مثل هذه التساؤلات.
أكتفي بهذا القدر وإن كان لا يزال هناك المزيد والمزيد من الملاحظات على ما جاء في كتيب الشيخ عبد السلام ياسين هدانا الله وإياه إلى صراط الله المستقيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

(1) رواه أحمد (2/361)، والبخاري (7280) في: الاعتصام بالكتاب والسنة، (2) باب: الإقتداء بسنن رسول اللهe، والحاكم (1/55)، من طريق فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعا. وله شاهدان من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي.

(2) الإحسان (ص:27).

(1) سيأتي مزيد تفصيل في محله إن شاء الله تعالى.

(1) "الإحسان" (ص:22).

(2) المائدة: 3.

(3) طرف من حديث رواه أحمد (3/59)، والترمذي (3788)، من حديث أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم مرفوعا. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.







 
قديم 15-07-08, 10:19 PM   رقم المشاركة : 5
أبو بلال منير
عضو ماسي







أبو بلال منير غير متصل

أبو بلال منير is on a distinguished road


[quote=أبو بلال منير;591973]»علم التصوف فقه واجتهاد«


`إذا كان علم التصوف فقها كالفقه الذي نعلم فلماذا قلدت يا أستاذ من تعلم أكثر من غيرك أنه لم يكن فقيها، بل لم يكن يعرف الكتابة والقراءة، بعبارة أخرى كان أميا، أم أن علم التصوف كما تراه يجعل للأمية شرفا في اعتقادك، إن الأمية منقبة وميزة وشرف في حق الرسولe وحده أما من سواه ((طلب العلم فريضة)) في حقه، نعم إن التصوف إذا كان محكوما بقيود الفقه المبني على الكتاب والسنة فلا جدال، فليحفظك الله يا أستاذ من الشر أن تخلع تصوف الجهل وترمي بنفسك في أحضان الفقه بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، فإن ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) بل إن الإخلاص إذا فاتك في البداية يمكن أن تعود وتراجع فيه نفسك، كما فعل غير واحد من السلف، قالوا طلبنا العلم ولم تكن لنا نية ثم رزقنا النية بعد. ترى لو تاهوا بين الزوايا بجهل فمتى يعودون!؟ أحسن أحوالهم أن يتجاوز عنهم الحق سبحانه بمنه أما أن يكونوا لعباده قدوة وأسوة فمحال!.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين: »قصدي في هذه الصفحات أن أدل على الله وعلى الطريق إليه«.
ترى يا أستاذ لو قال لك غيرك تعالى أدلك على الله، وهو أعلم منك -وهذا حاصل- ولا نحسبه أقل صدقا وإخلاصا -نحسبه والله حسيبه، فهل تقبل هذا العرض-ولربما سبق مثله- أم أن المشيخة داء يؤخذ في الحساب.
تزيد يا أستاذ أن تدل غيرك على الله لما هذا الحرص وهذا التشبث بالأمانة والرئاسة!؟

~ يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: نستمع إليه لأمرين:»أحدهما أن كثيرا من معاصرينا يعتبرون شهادته هي الكلمة الفصل، فلا نحب أن نفجعهم وهم في مهد الإعجاب غير المشروط بوضع الفارس الجليل في مكان نسبيته« (ص:21).

من من المعاصرين صرح يا أستاذ أن ابن تيمية هو الكلمة الفصل، لا تتكتم على أحد فالمقام مقام الشهادة التي لا ينبغي أن تكتم، فأين العلماء قبل وبعد ابن تيمية!؟ فلا داعي لتقديمه كجواز مرور، لأن جواز المرور الحقيقي في كل مسألة هو الدليل. ثم هل التزم الأستاذ نفسُه أن يستمع إلى » الفارس الجليل« في المسائل الكبيرة والقضايا الخطيرة!؟ الجواب لا طبعا، بل حتى حين يذكر قوله أحيانا يدلس فيه ويُجْري عليه ما يريد من بتر أو نحوه..
` قال عبد السلام ياسين: » قسم ابن تيمية الصوفية إلى طائفتين منهم السابق المقرب بحسب اجتهاده والمقتصد من أهل اليمين «(الإحسان ص: 21).

كان على الأستاذ عبد السلام ياسين أن يكمل كلام ابن تيمية، إن ابن تيمية لم يكتف بذكر طائفتين من الصوفية أي السابق المقرب بحسب اجتهاده والمقتصد من أهل اليمين، كلا ذكر الظالم لنفسه أيضا العاصي لربه والذي انتسب إلى المتصوفة من أهل البدع والزندقة فبذلك يكون ابن تيمية أنصف القوم غاية الإنصاف، وحذر أيضا من الاغترار بالتصوف الذي لا يهتدي بالصراط المستقيم، فلم سكت الأستاذ مدلسا وجهة نظر ابن تيمية التي هي في حقيقتها وأصلها تناولت ثلاثة طوائف واكتفى هو بعرض طائفتين فحسب!؟.
ماذا يريد الأستاذ عبد السلام ياسين بهذا وماذا يسمى هذا العمل !؟ أَخْفَيْتَ يا أستاذ أكثر الطوائف انتشارا اليوم، إضافة إلى طائفتي صوفية الأرزاق وصوفية الرسم اللتين ذكرهما ابن تيمية بعد ذلك فما الغرض من هذا الفعل الذي يغرر بالقارئ الذي لا يرجع للتحقق بنفسه، إحسانا للظن بشيخه أنه يتحرى الأمانة في النقل...ونحن أيضا لا نجد إلا إحسان الظن أن نتجاوز عن هذا، ولكن ليعلم أن ابن تيمية لم يذم الصوفية مطلقا -كما هو شأن البعض ضد الحجج ولم يثنهم مطلقا- كما يوهمه ما نقل الأستاذ خطأ أو عمدا وإن أحسنا الظن فرأينا الأول- بل إن »كلا طرفي هذه الأمور ذميم« عنده، والصواب أن فيهم الخيِّرُ النافع وفيهم الضال المبتدع، وذكر نمودجا للمبتدع الحلاج الذي نحسب أن الأستاذ لا يوافقه عليه فهل عزَّ عليه أن يذكره شيخ الإسلام ضمن الظالمين لأنفسهم العصاة لربهم فبتر الكلام الذي يحشره فيهم برمته!؟ علم ذلك عند الله، ثم عند الأستاذ عبد السلام ياسين وما لنا إليه من سبيل! لكن الحلاج تبرأ منه العلماء، ولذا قال الذهبي في ترجمته في "الميزان": ((الحسين بن منصور الحلاج، المقتول على الزندقة ما روى ولله الحمد شيئا من العلم، وكانت له بداية جيدة وتأله وتصوف، ثم انسلخ من الدين، وتعلم السحر، وأراهم المخاريق، أباح العلماء دمه)) 2.فهل الأستاذ يوافق العلماء حكمهم، وما له لا يفعل وهم أهل الفتوى وأهل التقوى! قد يقال: إن معاصري الحلاج رأوا فيه ما رأوا لحاجة سلمنا! على مضض فما بال الذين جاؤوا من بعد..ندعو الأستاذ -ومن ورائه أتباعه- إلى نداء رجل عالم عارف بالله على علم نصيحة غالية في شأن الحلاج يقول رحمه الله: ((تدبر يا عبد الله نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة ودعاة الزندقة، وانصف وتورع واتق الله وحاسب نفسك فإن تَبَرْهَنَ لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للإسلام محب للرئاسة حريص على الظهور بباطل وبحق فتبرأ من نحلته -وإن تبرهن لك- والعياذ بالله- أنه كان -والحالة هذه- محقا هاديا مهديا فجدد إسلامك واستغث بربك يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه الله في قلب عبده المسلم ولا قوة إلا بالله. -وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا))3 فهل من مجيب!؟ والحلاج أيضا كان من دعاة الطريق وكان يقول: »من هذب في الطاعة جسمه، وشغل بالأعمال قلبه، وصرف عن اللذات، وامتنع عن الشهوات يترق في درج المصفاة، حتى يصفو عن البشرية..الخ)).3
على كل حال كان على الأستاذ عبد السلام ياسين أن يذكر كلام ابن تيمية بأمانة علمية، وله أن ينتقده في ذكره الحلاج على أن لا يخرج عما نصح به الذهبي.

` قال عبد السلام ياسين: وقال -أي ابن تيمية- »وإنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في "الرأي"« (الإحسان ص: 21).
ومرة أخرى ثمة تدليس في الكلام لأن الأستاذ حين أورد هذه العبارة بعد الأولى التي تحدثت عن الصوفية، أصبح المعنى أن الصوفية بمنزلة الفقهاء في "الرأي" لأن الضمير لا يعود إلا على ما ذكر، ولم يذكر سوى الصوفية، والحقيقة أن الضمير في كلام ابن تيمية عائد إلى العلماء كما هو ظاهر في كلامه ليصبح المعنى أن العلماء في شأن التصوف بمنزلة الفقاء في شأن "الرأي" يوضحه ما جاء بعده مباشرة من ((أنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة)).4 وهذا المنسجم مع ما ذكره اختلاف العلماء حول »التصوف« فالمقارنة في كلام ابن تيمية إنما هي مقارنة كلام العلماء في »التصوف« بكلامهم في "الرأي" بخلاف المقارنة في المعنى الذي أورده الأستاذ عبد السلام ياسين فهي بين المتصوفة والفقهاء ولا يخفى الفرق بين المعنيين. إن الأستاذ في نقلين مباشرين أخطأ خطأين متتاليين قلنا أخطأ -إحسانا للظن- فأين الطريق!؟.

` وكما أخطأ الأستاذ ودلس كلام شيخ الإسلام ابن تيمية دلس كذلك كلام تلميذه ابن القيم كما لو أن الإحسان لا يتم إلا بتزوير الكلام !. لننظر أولا ما نقله الأستاذ عن ابن القيم: ((وأما السابقون المقربون، فنستغفر الله الذي لا إله إلا هو أولا من وَصْفِ حالتهم وعدم الاتصاف بها)5 ، بل ما شممنا لها رائحة، ولكن محبة القوم (أي الصوفية والكلمة مصطلح!) تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها، وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة (...) ومنها أن هذا العلم (يعني علم التصوف) هو من أشرف علوم العباد، وليس بعد علم التوحيد أشرف منه، وهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة)) (الإحسان ص: 22).

إن ابن القيم يتكلم عن السابقين بالخيرات مقابل المقتصدين والظالمين لأنفسهم الذين خصهم ببيانه من قبل، وهذا تقسيم المراتب لا تقسيم الأوصاف، فكما أنك تجد في الصوفية والفقهاء والمحدثين وأهل اللغة وغير ذلك من الأوصاف من هو في مرتبة المقتصد والظالم لنفسه فمنهم من هم من السابقين بالخيرات، فلماذا يوهم الأستاذ القارئ الكريم أن السابقين بالخيرات -وهم الذين عناهم ابن القيم بالقوم كما هو واضح من السياق -هم الصوفية! لماذا هذه الرغبة المستميتة في تطويع النصوص إن لم نقل تزويرها وتحريفها!؟..هل الطريق لا توصل إلا على جسر التدليس...؟ إن الاحتجاج بالأقوال بعد التصرف في محتواها ينم عن قلة ثقة بالنفس وضعف في المنهاج..وهذه السمة مطردة -مع الأسف- عند الأستاذ..إذا أردت أن تجعل الصوفية من درجات السابقين فلا تحتاج إلى تفسير كلام ابن القيم أو غيره تفسيرا يخدم قضيتك، بل لك أن تعرض عن كلامه كاملا ثم تقدم دليل دعواك، وقد نوافقك وقد نخالفك..لكننا لا نوافقك على تطويع معاني الأقوال التي تستشهد بها حسب ما تريد أنت أو حسب ما تفهم أنت...وعليه فما أظن ابن القيم يحفل بثنائك عليه بقولك حياك الله من رجل إذا علم ما فعلت به.
انظر ما قال قبل صفحات قليلة مما نقلت: ((ومن الناس من تكون له القوة العلمية الإرادية وتكون أغلب القوتين عليه، وتقتضي هذه القوة السير والسلوك، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، والجد والتشمير في العمل، ويكون أعمى البصر عند ورود الشبهات في العقائد، والانحرافات في الأعمال والأقوال والمقامات كما كان الأول ضعيف العقل عند ورود الشهوات، فَداءُ هذا من جهله، وداء الأول من فساد إرادته وضعف عقله، وهذا حال أكثر أرباب الفقر والتصوف السالكين على غير طريق العلم))6.
فهل من يقول هذا يقول أن الصوفية هم السابقون المقربون بإطلاق وهو يرى أكثر أرباب الفقر والتصوف...لا يدري من يعبد، بعادة قومه و..الخ كلامه النفيس)7 -رحمه الله تعالى-...؟اللهم علمنا الإحسان..

`ونقل الأستاذ عبد السلام ياسين كلام الشاطبي وسار في ذلك على طريقة التصرف المخل. فهو مثلا يقول:

((نجد عند الفقيه الأصولي الإمام الشاطبي تفصيلا. فالتصوف عنده قسمان)) (الإحسان ص: 22).

والحاصــل أن الشــاطبي قـال: ((فلنـرجع إلى مـا قـال فيـه المتقدمـون: وحاصل ما يرجع فيه لفظ التصوف عندهم معنيان))8 فهو تعريف الصوفية المتقدمين ذَكَرَهُ وشرحه الشاطبي لأنه ((أمر مجمل عند هؤلاء المتأخرين))9، لا يجوز أن يكون مثل هذا من الأستاذ عن عمد، وإلا فالعياذ بالله..
كما أن الأستاذ أسقط من كلام الشاطبي في مكان آخر ما هو أساسي وضروري وبإسقاط ما أسقط فقدَ كلامُ الشاطبي روحه وجوهره. نقل الأستاذ عن الشاطبي: ((أما بالمعنى الثاني: فهو على أضرب، أحدهما)10 يرجع إلى العوارض الطارئة على السالكين إذا دخل عليهم نور التوحيد الوجداني، فيتكلم فيها بحسب الوقت والحال، وما يحتاج [فيه])11 في النازلة الخاصة رجوعا إلى الشيخ المربي وما بُيِّنَ له في تحقيق مناطها بفراسته الصادقة في السالك بحسبه وبحسب العارض، فيداويه بما يليق به من الوظائف الشرعية والأذكار الشرعية (...) فمثل هذا لا بدعة فيه لرجوعه إلى أصل شرعي))12.
وكان يجب الإبقاء على ما ترك الأستاذ مكانه ثلاث نقط، لأن الشاطبي ذكر ثمة كلاما نفيسا هو صمام أمان للسالك وهو قوله بعد تركيزه علة مداواة أصحاب العوارض مركزا كما رأينا على الوضائف الشرعية والأذكار الشرعية ليؤكد على أن الشريعة هي الدواء للأمراض أو الأعراض بلا زاد -وهذا ما أسقط الأستاذ وما كان ينبغي- إن هذه العوارض لا تطرأ ((إلا عند الإخلال ببعض الأصول الشرعية التي بني عليها في بدايته فقد قالوا: إنما حُرِمُوا الوصولَ بتضييعهم الأصول))13وحول هذا ندندن، وإلى المعصم الشرعي نقاضي أصحاب الأحوال وبميزان الأصول نفتش سلامة النقول، فلمَ أغفل الأستاذ هذا الكلام، أم لأنه شديد الوطأة على الذين يحبون الانفلات من الرقابة الشرعية بحجة الأذواق!؟ إن كلام الشاطبي كاملا هو الذي لا بدعة فيه ولكن أبى الأستاذ إلا أن يسلك لغة الغموض بدل التوضيح واستعمال التدليس مكان التصريح.

1( (1/548).

2("السير" (14/344-345).

3(نفسه (14/347).

4("مجموع الفتاوى" (10/370).

5( في الأصل عندي به و..له، (ص: 285) وهو صحيح أيضا فيكون الضمير عائدا على الوصف. ولكن يبدو أن الطبعة التي اعتمدها الأستاذ مغايرة لأن الصفحة التي أحال عليها تخالف ما عندي فالله أعلم.

6("طريق الهجرتين" (ص: 255).

7(نفسه.

8( "الاعتصام" (1/207).

9( "نفسه".

10(هكذا في "الإحسان" وفي الأصل عندي "أحدهما" ولعله الصواب.

11(هكذا في "الإحسان" وهو خطأ وصوابه "إليه" كما في الأصل. (الاعتصام: 1/208).

12("الإحسان" (ص: 23).

13("الاعتصام" (1/208).
»علوم القوم ومكانتها بين العلوم«


` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:: »كثيرا ما نسمع في معرض الحديث عن الخواء الروحي الذي يشكو منه الشباب المتطلع لمعرفة دينه نصائح ومتمنيات بتصوف سني أو تصوف سلفي، وكأن نسبة الألفاظ بعضها إلى بعض تعطي القضية وضوحا وسلطة معنوية لا يمنحها الاسم المجرد« (الإحسان ص: 27).

وهو كذلك لأن التصوف كما مر فيه -إن تجاوزنا الاصطلاح- الضار والنافع وفيه السنة والبدعة وفيه ما يوافق مذهب السلف وما هو بمخالفه، فما يضير الأستاذ من تقييد هذا القسم بما يلجمه عن الانفلات، وربطه بالسنة مخافة التيه في القلوب، وهذا ما ذكرناه قبل عن الشاطبي حين قيد بالشريعة العوارض والأحوال، فما يضيرك أيها الأستاذ أن يقال تصوف "سني" أتستنكف أن بكون للتصوف رقابة من السنة أم تراك تعتبر الصوفية والسنة مترادفان لمعنى مشترك، هيهات، هيهات »لا يستويان« لأن السنة ترجع إلى رسول معصوم فهي باب إذا لم يلج منه المتصوف فلا يلج الجنة لقول النبيe: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قالوا يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))(1) فهل يستطيع الأستاذ أن يدعي ذلك في التصوف فيحكي نحو: (من تصوف دخل الجنة ومن أدبر عنه التصوف فقد أبي) أي والله تجرأ على قول هذا المعنى أناس لا يحسبون على الفقهاء ولا على المحدثين أو الشعراء، لا يحسبون إلا على مجانين الصوفية، ونربأ بالأستاذ أن يرضى مكانتهم خاصة وهو يشكو ممن حمله تبعات غيره...فلا يتضمر الأستاذ ممن اضطروا أن يقيدوا التصوف بما يعصمه عن الشرود فلربما تحول إلى زندقة وحلول ووحدة وجود!.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»سمعت تسجيلا لأحد علمائنا العاملين في حقل الدعوة يحث على»التصوف السني« فلما سألوه عن السبيل إلى هذا الخير أجاب بأن ذلك يحصل بقراءة الكتب الجيدة مثل إحياء علوم الدين كأن الأمر عملية فكرية ونزهة ثقافية« (2).

سلمنا أن الأمر الذي ورد في التسجيل لم يقع فيه تدليس ولم يسقط منه ما يفيد فيما نحن فيه، ولنا أكثر من مبرر وعندنا غير من عذر تساؤلنا هذا، ومع ذلك أليس لو قارنا قول هذا العلم »أن ذلك يحصل بقراءة الكتب الجيدة مثل إحياء علوم الدين« بقول الأستاذ أنه صحب شيخا عارفا -وهذا العارف المزعوم أمي- فأيهما أقرب للشرع، مع العلم أن أستاذ العلم أي الشيخ أساسي في تعلم الدين بخلاف شيوخ التربية، لأن الشيخ المربي أحسن أحواله أن يكون جائزا اتخاذه بخلاف الآخر، لأن المبتدئ لا يعول على الكتب، ومن ثم قالوا: »لا تأخذوا القرآن عن مصحفي ولا العلم عن صحفي« لأن الذي تعلم القراءة من المصحف لا يؤمن لحنه بل وخطأه إلا إن كان من سماع شيوخه، وكذلك الذي يتزود -يزعم- مباشرة من الكتب، فاتخاذ المعلم الذي يعلمنا الشرع لا نزاع فيه بين العلماء، أما اتخاذ مربي فهذا محل قيل وقال وخلاف وجدال.

`قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»إن أول الطريق هبوب القلب من غفلته«.

كلمة غامضة نحرص على تحليلها لنعرف ما ينبغي منها، دون افتيات على ما يريده الأستاذ عبد السلام ياسين منها، لأنا لا نقوله ما يقول، وإنما نأخذ من معانيها المحتملة ما يوافق النقول.
نهوض القلب من غفلته يقتضي عندنا أمرين: معرفة الغفلة التي هو فيها، حتى لا يغرر به جاهل فيتقله بسبحته ويصرفه إلى ضلال بعد هدى وبدعة بعد سنة كما حصل لبعضهم لما كان بعض شيوخه يرى في يده قرطاسا أو قلما يوبخه عليه وكأنما يحمل قارورة خمر أو لحم خنزير وهو -الشيخ- يدعوه للهبوب من الغفلة بطرح أدوات العلم المشروع اتفاقا، ليتجرد الطالب من نور الشريعة، فيرميه شيخه بغير سلاح في بيداء ظلمات الطلاسم والرموز..الخ، وثمة سؤال وارد هل يقبل الشيخ أن يسأله المريد عن مشروعية ما يقوم به من أعمال؟ خذ مثلا الذكر الذي زعم الأستاذ أن الصوفية أجمعوا أنه من أعظم الذكر وزعم أن ابن تيمية أنكره ثم علق فلا جدال(1). هذا الذكر الذي يتراقص به طوائف عدة يراد لقلوبهم أن تهب من غفلتها ما ندري إن لم تكن في رقصها وابتذالها لاسم الله في غفلة فليست ثمة غفلة يخشى منها!!.

والأمر الثاني: طريق الخروج من الغفلة بعد تحققها. أما قول الأستاذ »إن كان الإطلاع على أحوال القوم يصور لك أحوالهم السنية فينزعج قلبك لما تجده عند المقارنة من تخلفك عن الركب، وتطمئن لما تجده عندهم من اعتصام بالكتاب والسنة، فتشمر للحاق ويتبع العلم العمل فذلك هو المطلوب ويكون لعبارة »التصوف السني« معنى هو: أن تسير في الطريق وأنت على يقين من أنك على سنة المصطفىe لا في دروب الغواية والتيه، إن كنت تقيد في شرطك التصوف فهذا من باب تحصيل حاصل« (الإحسان ص: 28).
فنقول للأستاذ، ليس ذلك من باب تحصيل حاصل في الواقع وأقرب مثال الذكر بلفظ الجلالة، فهل ذكر به المصطفىe حتى تكون »على يقين من أنك على سنة المصطفىe« ومع ذلك ذكر الأستاذ إجماع الصوفية على اعتباره من أعظم الذكر، وثمة قضايا كثيرة يكون معظم علماء الشريعة يرونها من المحذورات أو من البدع، وعند القوم من المقامات المحمودات فمن نتبع يا أستاذ!؟ ولا زال الأستاذ فيما يبدو متضمرا من تقييد التصوف بالسنة وحريصا على إلغائه حرصا على إبقائه لضرورته، ولم يقبله الأستاذ إلا بشروط ومنها كما قال: »إن كنت تنفي بتقييدك "التصوف الفلسفي" تصوف الحلول والاتحاد الذي ليس من الإسلام ولا من التصوف في شيء« (الإحسان ص: 28).
ونقول أننا بهذا القيد أمنا كل ما يخالف الإسلام في التصوف، فالتصوف ليس مرادفا للإسلام فسمانا إبراهيم مسلمين لا صوفيين على إبراهيم وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، إن الحلول الذي اعتبره الأستاذ والاتحاد ليس من الإسلام وهو محق في ذلك ولا من التصوف وفي هذا نظر، فإن من الصوفية من أظنه يعرفه معرفة جيدة ويبادل بعضهم البعض الثناء يقول إن من يرمي الصوفية بالاتحاد يرميهم بالشرك لأنه يجعلهم يعتقدون وجودا غير وجود الله مع أنهم لا يرون إلا واحدا وعلى تعبير السيد عبد العزيز بن الصديق »وحدة الوجود لا ينكرها موحد« فما رأي الأستاذ في هذا الكلام!؟ إذن لا بد من أن نحتاط.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين: »إن لمس جناح التوفيق قلبك فتعال لجلسة لطيفة مع أهل المعنى الحريصين على دينهم أكثر من حرصك، وفاتوك بالشوق الدائم إلى بلوغ الذرى« (الإحسان ص: 28).

ونتساءل عن هذه الجلسة التي يدعونا إليها الأستاذ ومن حقنا السؤال، هل هي جلسة كان يجلس مثلها رسول اللهe وأصحابه »يتلون كتاب الله ويتدارسونه« فما ألطفها جلسة تغشاها رحمة الرحمن سبحانه لكن شريطة أن تكون التلاوة والمدارسة مقيدة بالسنة، فالأستاذ يعلم أن أقواما كثيرة يتلون كتاب الله في بيوت الله كل يوم، ولئن سأتهم ليقولن» ما قعد قوم... «لكنا نتحاكم وإياهم كما أمرنا إلى السنة لنسألهم أهكذا تلا أصحاب نبيكم؟ ولا جواب بله صواب عندهم إلا أن يقولوا لا فتقوم الحجة. ترى أستاذ عبد السلام من أحرص على الدين الذي تجرأ على الله وتعبده كما أمره شيوخه، أم الذي جعل سنة الحبيبe نصب عينيه !؟ اللهم ارزقنا الإنصاف..ثم جئتنا أستاذ عبد السلام بكلام الطوسي وفي آخره أن » جملة علوم الدين لا تخرج عن ثلاث: آيات من كتاب الله عز وجل، أو خبر عن النبيe، أو حكمة مستنبطة خطرت على قلب ولي من أولياء الله تعالى« (1) ألم يقل الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}(2) أما قال الحبيب ومعظم الصوفية يحتفلون بمولده إظهارا لحبه ومع الأسف لا يلتزم كثير منهم بشرعه- »إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي« (3) وذكر الكتاب والسنة، فما لنا ولما يستنبطه الولي، بل سيدنا عمر محدث وملهم بشهادة الرسولe فهل قال عليه الصلاة والسلام إن افتقدتم حكما ولم تجدوه في الكتاب أو السنة فعليكم بالملهم عمر؟ أليس عمر وليا؟ نحن على يقين من ذلك بخلاف غيره، وهل سجل لنا التاريخ مرة أن عمر بن الخطاب جلس هذه الجلسات الصوفية؟.
وهذه العلوم التي ينحصر فيها الدين ثلاثة عند القوم هذا نظريا وفي الواقع إنما التركيز على الأخير اسمع إلى الأستاذ نفسه ينادي عليك »يا أخي الحبيب! يا من يوصي إخوانه بتصوف سني يرتكز على قراءة الكتب، كيف الإعراض عن الدنيا وترك ما فيها لرفع الدرجات؟ ويتشوق الأخ الحبيب ببصره إلى الأستاذ ويصغي إليه بسمعه فيأتيه الجواب »خبر هذا في كتب القوم« يا لها من خيبة! أليس في القرآن كيف الإعراض عن الدنيا الجواب نعم أم لا؟ إن كان نعم فلم تتخطى كتاب الله عز وجل {أأنتم أعلم أم الله؟}، وإن كان لا فاذهبوا لتعلموا ذلك من أهل العلم الراسخين فيه فهذا هو الطريق. وهب أن كتب القوم أحرقت هل ينقص في الدين شيء؟ لا والله لا ينقص، ولو ذهب القرآن ولن يذهب أو السنة ولن يكون..
ثم ما الفرق يا أستاذ بين قولك: »خبر هذا في كتب القوم« وقول العالم الذي »يوصي إخوانه بتصوف سني يرتكز على قراءة الكتب« اللهم اعصمنا من الزلل!

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»شرف علمهم لاعتماده على الشريعة، بدون هذا الاعتماد يصبح الحديث عن القلب ومعانيه هوسا« (الإحسان ص:30).

هذا صحيح فأين التطبيق أين هي الشريعة في الأوراد المبتكرة والبدع المنتشرة؟ هل نقول أن هذا حيث لم يُبْنَ على الشريعة فهو خبط عشواء كما قال السيوطي !؟ إن الدعوة إلى المرحلة الثانية التي لا تصح ولا تستقيم إلا إن كانت محمولة على الأولى يعد استعجالا وقطف قبل أن يبدو صلاحه وتصدق عليه قاعدة الفقهاء »من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه« وكما قال الشاطبي عمن قيل فيهم »حرموا الوصول لتضييعهم الأصول« ادع إلى الأصول يا أستاذ تعلمها أنت وادع إليها، ثم بعدها يبدو لك من الرأي ما يبدو..أما أن تكرر خطأ البداية فقد نقلت بنفسك عن السيوطي أن »من أراد الخوض في علم الحقيقة من غير أن يعلم الشريعة فهو من الجاهلين ولا يحصل على شيء«هذا صحيح فقد صحبك أناس وصحبت أناسا فماذا حصلوا من العلم؟ بل إنك وإياهم كثيرا ما سددتهم إلى غيركم ممن يحرصون على الإسلام كحرصكم، ويغارون مثل غيرتكم، قلت: سددتم إليهم طعنات في صدقهم وإخلاصهم واستبحت أكل لحومهم غيبة، وخونتموهم..الخ التهم التي لا داعي لتفصيلها فأين التربية وأين الإحسان!؟.

` قال الأستاذ عبد السلام ياسين:»أم تراك من الذين يستخفون بعقول العقلاء وأعمال العلماء فتتساءل ما هو هذا السيوطي الذي يخرف بتشييد الطريقة الشاذلية؟ «(الإحسان ص: 31).

إننا سبق وأعلنا أن الحق لا يدلنا عليه الرجال، بل الحق هو الذي يدلنا على الرجال ثم بعد ذلك نصاحب الرجال دون أن يغيب عنا الميزان، خذ على سبيل المثال مسألة من المسائل التي أخطأ فيها شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ولا شك من الرجال- كقوله بفناء النار فهل إذا ذهب يشيد هذا الحكم على أدلة رآها بين يديه خالية من العلل مع ما انقدح في نفسه من واسع رحمة الله وما إلى ذلك من الأمور، هل نسير خلفه؟ كلا! ..ثم هل إذا عصينا طريقه نكون من الذين »يستخفون بعقول العقلاء وأعمال العلماء؟ «لا يا أستاذ ونحن ضربنا مثالا بابن تيمية فارسك الجليل والذي ضرب بسهم في العلم لا يضاهيه فيه السيوطي وأرجو أن لا يكون في دعواي هذه نزاع، وعليه فإن تنكبنا طريق السيوطي التي اختارها، بل حتى لو خطأً فله في ذلك، واقتفينا أثر غيره أيلزمنا تسخيف عقله واحتقار علمه!؟ فلماذا يثير الأستاذ مثل هذه التساؤلات.
أكتفي بهذا القدر وإن كان لا يزال هناك المزيد والمزيد من الملاحظات على ما جاء في كتيب الشيخ عبد السلام ياسين هدانا الله وإياه إلى صراط الله المستقيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

(1) رواه أحمد (2/361)، والبخاري (7280) في: الاعتصام بالكتاب والسنة، (2) باب: الإقتداء بسنن رسول اللهe، والحاكم (1/55)، من طريق فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعا. وله شاهدان من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي.

(2) الإحسان (ص:27).

(1) سيأتي مزيد تفصيل في محله إن شاء الله تعالى.

(1) "الإحسان" (ص:22).

(2) المائدة: 3.

(3) طرف من حديث رواه أحمد (3/59)، والترمذي (3788)، من حديث أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم مرفوعا. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:23 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "