يبدو أن الوقت قد حان لتغيير مايمكن تغييره على أرض الواقع في لبنان بالقوة الجبرية في فترة خطيرة يمر بها العالم أجمع .فلا يُفهم من تصرف حزب الله الأخير , وماقام به من عربدة وإرهاب داخل بيروت وضد " السنة" تحديداً , إلاّ أنه "امتداد" للنّصر الذي حققّته " إيران" في العراق , بتعاون مع الولايات المتحدّة.
أعتقد أنه من غير المنطقي إطلاقاً , أن يُنظر لأحداث لبنان الأخيرة على أنها " شأن داخلي" ولاعلاقة له بما يحدث في العراق.
يقول الأمير سعود الفيصل وزير الخارجيةالسعودي " إن أمريكا سلّمت العراق لإيران على طبق من ذهب" , وهذا الكلام قيل قبل حوالي ثلاث سنوات , أي قبل تجذّر وتغلغل الإيرانيين مقارنة بما نشهده الآن. فكيف يمكننا ونحن نشاهد مانشاهده الآن في العراق من وصف لما يحدث!!
إن تحكم إيران الجريء في الشأن العراقي الداخلي لايخفى على أحد , بل إنهم أصبحوا أكثر جرأة من أي وقت مضى في كيفية إعلان ذلك على الملأ وبكل وقاحة. إذن , فإيران أصبحت اللاعب الرئيسي في نصف الملعب العراقي , والذي يشاطر فيه الولايات المتحده الأمريكية ندّا لند.
ذكر "بول بريمر" الحاكم المدني للعراق , والذي حكم العراق لمدة عام كامل ووضع أغلب دساتيره وقوانينه, ذكر في كتابه الشهير" عام قضيته في العراق" بأنه ألحّ على الشيعة بأن "لايضيعوا فرصة " تسليمهم العراق , ويقول بأنه ذكرهم بالظلم الذي كان الشيعة يعانون منه على مر التاريخ, وأن هذه هي الفرصة الذهبية لهم للسيطرة على العراق بحكم أكثريتهم .
كما وقد حذّر الملك عبدالله الثاني -ملك الأردن- من ذلك الخطر الصفوي على المنطقة حينما قال بأن هناك " مشروع لإقامة هلال شيعي في المنطقة" ’ وقد فعل خيراً بأن استقطب شخصيات ذات كفاءة عالية مهمتها رصد المد الشيعي في الأردن وسبل إعاقته بشكل مبكر.
وفي اليمن , هناك معركة دموية مازالت قائمة على أشدها بين الحكومة وبين جماعة " الحوثي" , وهي كمايعرف الجميع بأنها حركة شيعية لها جذور وثيقة وقوية بالنظام الإيراني وملاليه. فقد ثبت من خلال الأحداث أن من يغذي ذلك الصراع هو النظام الإيراني , ليصنع "حزب الله" آخر في اليمن . ثم يقوم بالدور الذي يقوم به حسن نصر الله وأتباعه في لبنان , ومن ثم يحاول الإمتداد لبعض دول الجوار , فهم أشبه بالسرطان ولاشك في ذلك.
إذن هناك إجماع رسمي وشعبي على أن هناك "مايحاك" في الخفاء وربما علانية من قبل إيران ضد بعض الدول العربية ومحاولة السيطرة على زمام الأمور فيها بكل الوسائل الممكنة وبأي طريقة كانت. فماالواجب الذي يتحتم على الدول العربية الأخرى أن تقوم به , وهل هناك وقت أصلاً لذلك أم أن الوقت قد أزف ؟!!
قبل أن أتحدث عن ذلك , أردت أن أطرح استفساراً صغيراً , عن حقيقة او كيفية فهم وتفسير الموقف " القطري" من أحداث لبنان , بالرغم من عدم أهميته ’ ولكن لمعرفة أسباب ذلك الموقف الغريب , فقد أعلن في لقاء ثنائي جمع الرئيس السوري بشار الأسد بالشيخ حمد أمير قطر , بأن مايحدث في لبنان هو "شأن داخلي " , بالرغم من أن قطر كانت تطالب سوريا دوماً بالتدخل لحل مشكلة انتخاب رئيس للبنان , وقد تجسّد ذلك في اجتماع الدول العربية الأخير والذي عقد في دمشق قبل أسابيع قليلة مضت!! فكيف أصبح شأناً داخلياً بهذه السرعة !! الله أعلم.
وما أدل على " التغير الإستراتيجي " في علاقات قطر الخارجية ’ وميلها لكفة (إيران -سوريا) على حساب "الموقف العربي المشترك" و كذلك " الموقف الخليجي المشترك , ما أدل على ذلك من محاولة " الوساطة" بين الحكومة اليمنية وبين المتمردين الحوثيين. بالرغم من علمها بأن إيران هي من يغذي ويدعم حركة التمرد تلك. فلماذا لم تكن أحداث اليمن "شأناً داخليا" كما هو في لبنان!! الله اعلم.
حتى قناة "الجزيرة " والتي تدعي دوما الحيادية , يبدو أنها أجبرت هذه المرة على تغيير مسار حياديتها المعهودة لصالح الموقف القطري الرسمي ودعمه إعلامياً. فأغلب من تستضيفهم القناة من اللبنانيين , ماهم إلاّ متحدثين باسم حزب الله أو متحدثين بلسان التيار الوطني الحر بقيادة زعيمه ميشيل عون , والذي تحالف علانية مع حزب الله وبالتالي مع سوريا , بعد أن كان يرفع شعاراً مغايراً قبل أن يُنفى , مضمونه إنهاء الوجود السوري وطرده من لبنان ونزع سلاح حزب الله , وأن لايكون السلاح إلاّ في يد الدولة فقط. فكيف يفّسر ذلك التحول السريع للعكس تماما؟ الله أعلم أيضاً..
وبعودة لأحداث لبنان الجارية , وبعد ربطها بأحداث محيطة بها ولها علاقة مباشرة بها , يتضح أن هناك "إرادة " قوية لتغيير الواقع اللبناني "بالقوة الجبرية " إن لزم الأمر, وهو مايحدث فعلا. فبعد تكوين مايسمى بالمعارضة أو قوى الثامن من آذار , وبعد عقد التحالفات وشراء الذمم لتكوين جبهة قوية ومتعددة المذاهب والأطراف , انتقل أولئك للخطوة الثانية وهي القيام بالإضراب السلمي كخطوة أولى في طريق التغيير ,من ثم حدث ماهو واقع الآن , من تحول إلى حمل السلاح كسياسة فرض واقع , تحاول إيران من خلال حزب الله خلقه بلبنان.
ولاشك أن ذلك قد فرض بعض المستجدات بالنسبة لرسم السياسة الداخلية للحكم في لبنان , وأن حزب الله لن يرضى بأقل مما قد استحوذ عليه بالقوة العسكرية مقابلا من الناحية السياسة والتمثيل في السلطة اللبنانية المقبلة إن كتب لها ذلك أصلا. فالجميع يعرف بأن "اتفاق الطائف" والذي لعبت المملكة العربية السعودية الدور الاكبر فيه , هو المرجع الأساسي والأخير والخط الأحمر الذي لايمكن تجاوزه من قبل اللبنانيين من كافة طوائفهم.
وهو الذي تريد إيران وسوريا إلغائه واستحداث "اتفافا " آخر يكون فيه الشيعة الأبرز وأصحاب النصيب الأوفر فيه متمثلاً في تكوين هرم السلطة اللبناني. أو على الأٌقل اختيار رئيس لبناني مسيحي يكون من قوى الثامن من آذارمثلا..فعندما تتراجع حكومة السنيورة عن قرارتها الأخيرة ’ حول تقنية حزب الله في الإتصالات , فهذا هو الذي كنت أعنيه بأن حزب الله لن يرضى بأقل مما أحدثه على أرض الواقع بالقوة العسكرية..
من هنا يجب على الدول العربية أن تتوقع أي شيء وفي أي وقت , وخاصة الدول الخليجية التي يقطن بها عشرات الالآف من الشيعة والذين يمثلون بتواصلهم مع ملالي قم , قمة الخطر على بلدانهم , وماحديث الرئيس المصري عنّا ببعيد حينما تحدث عن ولاء الشيعة في العالم العربي.
منقول
15-05-08, 11:47 AM
العرض العادي
