ألـمـعلومات عـن مـخـطّـط ســوري لأغــتــيــال ألــحــريـري والـسـنـيـورة تـعـزّز رفـع الـغـطـاء سـعـوديـاً ومـصـرياً كـلـيـاً عـن نــظــام الأســد
ماذا يعني المخطط السوري الذي أكد زعيم تيار المستقبل سعد الحريري من القاهرة أنه يهدف الى إغتياله واغتيال رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ؟
بطبيعة الحال، لا يضيفُ الكشف عن هذا المخطّط جديداً إلى ما هو معروف وثابت عن الطبيعة الإجرامية الإرهابية للنظام السوري، ولا إلى ما هو مؤكد عن إستمرار آلة القتل الأسدية في البحث عن ضحايا .
الـفـتـنـة الـمـذهـبـيـة الإسـلامـيـة .. والـفـراغ الـحـكـومـي أيـضـاً .
إن المعاني السياسية المباشرة تتجاوز ذلك حتماً .. فاستهداف رمز الزعامة الإسلامية ـ السنّية ـ سعد الحريري بالقتل، هو بلا مواربة مشروع لحرب أهلية، لفتنة مذهبية إسلامية بامتياز .. فأن يُقتل الزعيم السياسي اللبناني للمسلمين السنّة في لبنان لا سمح الله لا يُمكن أن يصبّ إلا في مسار فتنوي كبير وخطير .
لكن النظام المخابراتي ـ الذكي ـ كي يضمن اندلاع الفتنة، قرّر قتل الرئيس
السنيورة أيضاً .. ذلك أنه باغتيال رئيس الحكومة لا سمح الله، يضمن الفراغ الكامل على مستوى النظام السياسي والدولة. وهكذا يتبيّن أن خطة الفراغ التي يعتمدها نظام الأسد للبنان، لا تعمل على خط واحد هو تعطيل إنتخاب رئيس الجمهورية فقط، بل تعمل على خط ثانٍ أيضاً هو الفراغ الحكومي .. وفي مناخ الفراغ الرئاسي والحكومي، تصبح الحرب الأهلية، أي الفتنة المذهبية الإسلامية بداية، الممر المفروض على لبنان، والممر الذي يعوّل عليه النظام السوري للعودة إلى البلد .
يجب الإنتباه جيّداً إذاً إلى أن نظام بشار الأسد ليس فقط يرشّح الفراغ في رئاسة الجمهورية، لكنه يريد تعميم الفراغ الكامل ليفرض أمراً واقعاً من الفوضى الشاملة في لبنان .
مـعـطـى حـاسـم .. لـلـجـنـة الـتـحـقـيـق الـدولـيـة .
بيدَ أن النظام المخابراتي العبقري أوقع نفسه بمخططه لاغتيال سعد الحريري وفؤاد السنيورة في ثلاثة مطبات على الأقل .
المطبّ الأول : هو ان وقائع المخطط التي باتت حكماً في عهدة لجنة التحقيق الدولية في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي وقائع على درجة عالية من الصدقية باعتبارها محصّلة عربية ـ دولية ولبنانية، ستُسهم إسهاماً كبيراً في إقفال التحقيق الدولي على معطيات إتهامية للنظام السوري في الجريمة الأم حيث لم يعد ثمة مجال للشك في أن الفاعل هو هذا النظام على أعلى مستوى فيه .
الأكـثـريـة الـسـنـّـيـة .. سـوريـاً وعـربـيـاً .
والمطبّ الثاني : هو أن النظام في دمشق بحربه على سنّة لبنان أي بتركيزه على زعامتهم وقياداتهم، إنما يضع نفسه أكثر من أيّ يوم مضى في مواجهة مع الأكثرية السنّية في سوريا التي نامت على الضيم طويلاً، ولم تعد تتحمّل بطش النظام الأقلوي .. فإذا كان حافظ الأسد جعل من علاقته بالمسلمين السنّة في لبنان متنفساً لنظامه وبمثابة ترضية معنوية لسنّة سوريا، فإن بشار يغلق على نفسه في الدائرة الأقلوية ـ العائلية ـ المخابراتية .
المطبّ الثالث : فهو أن النظام السوري بإقدامه على اغتيال الرئيس الحريري ثم بتخطيطه لاغتيال سعد الحريري وفؤاد السنيورة، إنما ينسف علاقة سوريا بالأكثرية السنّية العربية، بدول هذه الأكثرية، التي تمثل القيادة على مستوى النظام العربي، لا سيما المملكة العربية السعودية ومصر والاردن .
مـصـر .. بـعـد الـسـعـوديـة .. تـرفـع الـغـطـاء .
من هنا الأهمية القصوى للإعلان عن المخطط الإرهابي السوري في القاهرة ومنها .
أكد سعد الحريري المعلومات عن هذا المخطط من على منبر الرئاسة المصرية وبعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك مباشرة .. وأكد هذه المعلومات رداً على أسئلة صحافيين مصريين ما يعني الرغبة المصرية في كشف المعلومات وتحمّل مسؤوليتها .
على أنه، وفي ما يتجاوز هذه الرمزية السياسية العميقة، ثمة أبعاد أرادت القيادة المصرية تثبيتها في هذا المعرض .
لا شك أن الحد الأدنى هو توجيه إنذار مصري أخير إلى النظام السوري بالتوقف عن التدخل إرهابياً في لبنان .. لكن على ما يبدو فإن الأمر يتجاوز الحد الأدنى نحو الإعلان عن رفع الغطاء المصري ـ والعربي ـ عن هذا النظام .. وبذلك تكون مصر الدولة العربية الأخرى بعد المملكة العربية السعودية التي تعلن أن ذرعها ضاق بنظام بشار .. وبذلك يصبح النظام في سوريا خارج الشرعية العربية تماماً .
الـعـامـل الـعـربـي .. يـتـصـدّر الـضـغـط الـخـارجـي .
غير أن هذا المعطى المصري الجديد المنطلق من إعتبار مصر أن إستقرار لبنان من أمنها كما قال مبارك للحريري، يفيد أن العامل العربيّ في الضغط على النظام السوري، يتقدّم ويحتلّ الصدارة في الضغط الخارجي المتوالي فصولاً والسائر تصاعداً .. لم يعد الموقف العربي ملحقاً بالموقف الدولي، ولم يعد عنصر تغطية للموقف الدولي، فقد صار هو الأساس .
بـاريـس ـ دمـشـق
يحصل ذلك تزامناً مع إغلاق دمشق الباب في وجه المسعى الفرنسي الذي حمل السفير جان كلود كوسران إلى العاصمة السورية في سبيل إفهام النظام بأن لا مصلحة له في تعويق الاستحقاق الرئاسي اللبناني .. وما سرّبته الديبلوماسية الفرنسية عن نائب رئيس النظام فاروق الشرع، الذي اجتمع مع كوسران في حضور مستشاره اللواء محمد ناصيف، عن تهديده بـحرب خنادق فيما لو انتخبت الأكثرية رئيساً بالنصف زائد واحد، هدفه القول أن دمشق لا تهدّد ضد النصف زائد واحد إلا لأنها ضد التوافق أصلاً .
هكذا يكتمل الطوق حول النظام السوري .. رُكنا النظام العربي ـ أي الشرعية العربية ـ المملكة ومصر، ورُكنا المجتمع الدولي ـ أي الشرعية الدولية ـ الولايات المتحدة وفرنسا، يشكّلون رباعياً عربياً ـ دولياً إتخذ قراره بحماية إستحقاق لبنان وإستقراره في مقابل قرار النظام السوري بالفراغ والفتنة .. والقمة بين الرئيس الأميركي جورج بوش والرئيس الفرنسي ************ولا ساركوزي الأسبوع المقبل ستبلور الخطوات الملموسة .
والآن، عشرة أيام تفصُل عن الجلسة المحدّدة في 12 تشرين الثاني الجاري لانتخاب الرئيس .. من المفترض أن يلتقي الرئيس نبيه بري وسعد الحريري مجدداً في إطار مفاوضات التوافق بينهما .
في الأيام الماضية حصلت تطوّرات غير مشجعة بالنسبة الى الرئيس بري. المُفاوض الآخر، أي الحريري مشروع شهيد على لائحة النظام المخابراتي الإرهابي، والحكومة برسم الإطاحة بالقتل، والنظام السوري يقول بوضوح أن لا استحقاق رئاسياً إلا بتوافق على الشروط السورية .. في المقابل، لم تعد المشكلة محصورةً بين الرياض ودمشق إذ صارت مشكلة عربية ـ سورية عامة .. وفرنسا التي حاولت إفهام دمشق بعدم التعطيل تقف اليوم مع أميركا على الأرض نفسها .
سعد الحريري قادر على مواصلة مفاوضات التوافق لأن الضغوط العربية والدولية بالنسبة إليه هي من أجل ردع التعطيل السوري وتسهيل لبننة الاستحقاق .. أما بري فلم تحصل المعجزات التي أمِل بها وهو اليوم أكثر من ذي قبل مقيّد بمعطيات لا تتيح له السير بتوافق من خارج المفهوم السوري كما قال زعيم المستقبل في القاهرة أول من أمس .
أكثر من ذلك، تؤكد المعلومات أن النظام السوري الذي يخطّط لاغتيال الحريري والسنيورة، أعطى تعليماته إلى جماعاته في لبنان بالتخريب .. وإيران التي أعلن سفيرها أن سوريا يجب أن تكون جزءاً من الحل، وأن بلاده ستقوم بـمساع حميدة بين دمشق والرياض، لا يبدو أنها وضعت النظام السوري تحت سقف الفتنة، وتفويضها له في لبنان لا يزال قائماً بكل ما يعنيه ذلك .
لا مـبـالـغـة فـي الـقـول إذاً أن مـفـاوضـات الـتـوافـق لـم تـعـد مـفـتـوحـة .. والـقـرارات الـصـعـبـة عـلـى الأبـواب.....
(مــنــقــول)