العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-11-07, 10:44 AM   رقم المشاركة : 1
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road


مناقشة أدلة الموسوعة اليوسفية


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستهديه من يضلل الله فلا هادي له و من يهدي الله فلا مضل له ، واشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده رسوله أدى الأمانة ونصح الأمة لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد إتمام الدين ولله الحمد والمنة .

نناقش في هذا القسم الادلة التي ذكرها الشيخ يوسف خطار في الموسوعة اليوسفية في أدلة الصوفية من حيث الثبوت والرد ، فإن هذه الموسوعة يستدل به الصوفية ويسوقون مباحثها مساق المسلمات فنناقش أدلة هذه الموسوعة نصيحة للأمة لأنه من تأملها يعلم أن فيها الغث والسمين وما لا دلالة فيه كما سيتضح في المناقشة إن شاء الله تعالى .

هذا والله تعالى أعلا وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وسلم .



============

أبو عثمان

التصوف العالم المجهول






التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» سلسلة أعلام التصوف 10 أبو طالب المكي
»» الحقد الرافضي على أهل السنة في جرائد الكويت
»» هؤلاء تركوا التصوف / الشيخ ابن بدران الدمشقي
»» هؤلاء تركوا التصوف / الشيخ محمد الشايقي
»» شبهة توسل آدم بالنبي عليهما الصلاة والسلام
 
قديم 02-11-07, 10:47 AM   رقم المشاركة : 2
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



التوسل
الاستعانة – الاستغاثة

ابتدأ المؤلف هذا المبحث بتعريف التوسل فقال : (( التوسل: هو طريقة من طرق التضرع إلى الله عز وجل ، وأحد أبواب دعاءه والتوجه اليه سبحانه وتعالى، فالوسيلة هي كل ما جعله الله سببا للتقرب اليه وبابا لقضاء الحوائج منه، قال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة﴾ )) [ ص 81 ] .

قلت : التوسل باللغة التقرب ، والوسيلة ما يتقرب به إلى الغير ، والوسيلة شرعا : (( هي كل سبب يوصل إلى المقصود عن طريق ما شرعه الله تعالى ، وبينه في كتابه وسنة نبيه وهي خاصة بالمؤمن المتبع أمر الله ورسوله )) [ التوسل أنواعه وأحكامه ص 17 ] ، فالوسيلة التي نتقرب بها إلى الله عز وجل هي ما أمرنا به في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ... الحديث )) [ صحيح البخاري ص 2384 / 5 ] فالأصل بالتقرب إلى الله تعالى يكون بما افترضه ثم بالنوافل ، وليس التقرب إليه بالتوسل بذوات الأنبياء والصالحين .

أما الطرق التي شرعها الله عز وجل فهي ثلاثة :

فالأولى باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته ودليله من كتاب الله عز وجل (( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا .. الآية )) [الأعراف : 180] وعن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي ثم دعا : (( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم )) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى )) [ أخرجه أبو داود في السنن ص 79 / 2 ] .

والثانية بعمل صالح قام به الداعي أو المتوسل ، دليله من كتاب الله قولته تعالى : (( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )) [آل عمران : 16] ودليل من السنة عن يحيى بن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول : (( اللهم إني أسألك بأني أشهد انك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) ، فقال : (( قد سأل الله باسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب )) [ أخرجه أحمد ص 350 / 5 ].

والثالثة التوسل بدعاء رجل صالح ، وهذا النوع من التوسل قد دلت عليه نصوص السنة فعن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون. [ ص 342 / 1 ] ، وقصة أويس القرني رحمه الله تعالى حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يطلب من أويس يستغفر له كما في صحيح مسلم .

أما غير هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف عند العلماء ، فالذي ندين الله به أنها لا تجوز لعدم ورود النص بها وإن جاء فليس فيه صريح الدلالة وإن صحت دلالته ضعف من طريف النقل كما سوف يمر عند الرد على أدلة المؤلف إن شاء الله تعالى ، والتوسل الذي نقصد غير الاستغاثة التي يقصدها المؤلف كما سيأتي .

فإذا كان التوسل مسألة خلافية بين أهل العلم ، فما هو الواجب عند الاختلاف ؟ الجواب الرجوع إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فالرجوع إلى الله جلا وعلا يكون بالرجوع إلى القرآن والرجوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالرجوع إلى سنته وليس إلى قبره ، قال الله عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) [النساء : 59] ، فلم يثبت في الكتاب والسنة إلا ما تقدم من أنواع التوسلات ، والله تعالى أعلا وأعلم .

قال المؤلف : (( وأما الاستغاثة : فهي طلب الإغاثة ممن يمملكها على وجه الحقيقة وهو الله عز وجل، أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه.

وأما الاستعانة: فهي طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه
)) [ ص 81 ] .

قلت : وتعريف المؤلف للاستغاثة والاستعانة ينقسم إلى قسمين ، فالقسم الأول هو الاستغاثة والاستعانة بالله عز وجل ، وهذا حق لا مرية فيه وهذا هو الأصل قال الله تعالى : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) [غافر : 60] ، وقال تعالى : (( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )) [النمل : 62] .

أما القسم الثاني فقوله في تعريف الاستغاثة : (( أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه )) ، وقوله في تعريف الاستعانة (( أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه )) ، فهذا ينقسم أيضا إلى قسمين فالأول فيما يقدرون عليه في حال حياته مثل الاستقراض منهم أو استنفارهم لغزو العدو أو طلب الدعاء منهم أو كما وقع لموسى عليه السلام قال الله تعالى : (( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ )) [القصص : 15] ، فهذا النوع لا خلاف به بل هو واقع كما دلت عليه النصوص .

أما القسم الثاني إن كان يقصد المؤلف بالعطية الأمور التي لا يقدر عليه إلا الله عز وجل وهي خصائص الربوبية مثل غفران الذنب ، وهداية القلوب ، وطلب الولد والرزق والعافية وشفاء المرض منهم فهذا الاستغاثة من الشرك الأكبر الذي نحذر الأمة من الوقوع به فكيف يكون الله عز وجل أعطاهم تلك الأمور ، فالمؤلف يحتاج إلى تدعيم كلامه فما هو إلا مجرد دعوة لترويج الشرك على عوام الأمة قال الله تعالى : (( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ )) [الأعراف : 29] وقال : (( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )) [غافر : 14] ، وقال : (( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )) [غافر : 14].

ويزداد الأمر سوء إذا كان من يستغيثون به ميت منذ قرون أو حي غائب ، وليس لديهم دليل شرعي على جواز هذا الفعل وكما سيأتي إن شاء الله تعالى عند مناقشة أدلة المؤلف ، فكيف إذا إنضاف إلى هذا أن الفعل يوقع في الشرك الأكبر ؟! وسوف نذكر إن شاء الله في نهاية البحث أمثل من كتب الصوفية باستغاثاتهم التي فاقت استغاثة الجاهلية .

وتعريف المؤلف للاستغاثة والاستعانة عليه ملاحظات خطيرة وهي :

1. عطف الأولياء على الله تعالى حيث جعلهم يغيثون المضطرين مثل الله تعالى ، وحتى يبرر هذه التسوية قال : (( بحوله وقوته القدرة عليها )) وهل يحدث شيء في الكون دون إذن الله تعالى حتى يضع هذا القيد ؟؟!!

2. الافتراء على الله عز وجل ، من أين لكم أن الله تعالى أعطى أولياءكم حق إغاثة الناس ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) فهذه دعوى منكم بأن الله تعالى صرّف أوليائكم بالكون ، ولا شك ولا ريب أن هذا القول يجعل الناس يتعلقون بالمخلوقين من دون الخالق والعياذ بالله وكما هو واقع عند الصوفية وغيره .

3. قياس معجزات الأنبياء وكراماتهم على ما ينسبونه إليهم باطل ، وذلك لأن الأنبياء عليم السلام أصحاب دعوة فلا بد من المعجزة ، وثانيا الله أخبرنا بتلك المعجزات ، فكيف تساوون الأنبياء بأوليائكم الذين هم غير معصومين ولربما فعل أحدهم الفاحشة بالأتان !!

قلت : وقوله : (( أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه )) هذا يخالف ما جاءت به السنة النبوية فعن ابن عباس بن عباس قال : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : (( يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف )) [ أخرجه الترمذي رقم 2516 ، والحاكم في المستدرك رقم 6303 ورقم 6304 بنحوه ، وأبو عبد الله المقدسي في الأحاديث المختارة ص 22/10 ] .

ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وحده أن يستعين بالله عز وجل ، ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى ابن عباس وحده لكفى لأنه الخطاب للواحد يعني للخطاب للأمة ، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أمار السرايا حين يبعثهم فيقول : (( فإن هم أبوا – يعني الجزية - فاستعن بالله وقاتلهم )) [ أخرجه مسلم رقم 1731 ] .

ومما مر يتبين لك أخي الكريم القاري الفرق الواضح الجلي بين التوسل والاستغاثة ، ولكن المؤلف لا يفرق بين التوسل وبين الاستغاثة فكلا الأمرين عنده سواء فقد قال : (( فيظهر لنا أن التوسل والاستغاثة والاستعانة شيء واحد )) [ ص 81 ] ، بينا أنه عرف التوسل فقال : (( هو طريقة من طرق التضرع إلى الله عز وجل ، وأحد أبواب دعاءه والتوجه إليه سبحانه وتعالى، فالوسيلة هي كل ما جعله الله سببا للتقرب إليه وبابا لقضاء الحوائج منه .. الخ )) [ص 81] ، فالتوسل عنده أسباب التقرب إلى الله تعالى بالطرق المشروعة ، وهذا حق لا نختلف معه به . وعرف الاستغاثة فقال : (( فهي طلب الإغاثة ممن يمملكها على وجه الحقيقة وهو الله عز وجل، أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه )) [ص 81] ، وهذا التخليط من المؤلف وجعل التوسل المختلف فيه بالاستغاثة الغير المشروعة التي هي عبارة عن الشرك الأكبر أمر خطير ، فهو يستغل التوسل ليروج الاستغاثة وكل عاقل يعرف الفرق بينهما حتى من تعريف المؤلف نفسه ، وسوف يأتي إن شاء الله تعالى تبرير المؤلف لهذا الخلط والرد عليه .

ثم يبرر المؤلف خلطه بين التوسل والاستغاثة فيقول : (( فيظهر لنا أن التوسل والاستغاثة والاستعانة شيء واحد ، لأن المتوسل أو المستغاث أو المستعان به على الحقيقة هو الله وأما المتوسل به من العبيد فواسطة ووسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى )) [ ص 81 ] .

قلت : الله أكبر صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : (( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك )) [ أخرجه البخاري عن أبي هريرة ص 2669 / 6 ] ، ووجه الاستدلال بالحديث أن ما قاله المؤلف نفس حجة المشركين في عبادتهم للأصنام قال الله تعالى : (( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [يونس : 18] ، وقال أيضا : (( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) [الزمر : 3] .

وقد نبه لهذه المسألة تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى فقال : (( فالمشركون كانوا يتخذون من دون الله شفعاء من الملائكة والأنبياء والصالحين ، ويصورون تماثيلهم فيستشفعون بها ويقولون : هؤلاء خواص الله ، فنحن نتوسل إلى الله بدعائهم وعبادتهم ليشفعوا لنا ، كما يتوسل إلى الملوك بخواصهم لكونهم أقرب إلى الملوك من غيرهم ، فيشفعون عند الملوك بغير إذن الملوك ، وقد يشفع أحدهم عند الملك فيما لا يختاره فيحتاج إلى إجابة شفاعته رغبة ورهبة . فأنكر الله هذه الشفاعة فقال تعالى : (( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ )) [البقرة : 255] ، وقال : (( وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى )) [النجم : 26] ... الخ )) [ التوسل والوسيلة ص 12 ] .

فقارن يا رعاك الله بين حجج المشركين وقول المؤلف : (( وأما المتوسل به من العبيد فواسطة ووسيلة للتقرب إلى الله )) .

وأما المساواة بين التوسل والاستغاثة لا يستقيم لا لغة ولا حقيقة ، فالتوسل هو أن يتوجه بالدعاء إلى الله تعالى بأن يقول : اللهم فرج كربي بجاه نبيك أو بجاه فلان من الصالحين وهذا النوع محل خلاف ، أما الاستغاثة فهي التوجه بالدعاء إلى أحد المخلوقين بأن يقول : يا فلان – أين كان من المخلوقين – فرج كربي أو نجني من ظلمات البحر ... الخ ، والتوسل طلب الوسيلة ، والاستغاثة طلب الغوث ، فأين التوسل من الاستغاثة حتى يساوى بينهما ؟!

ثم يحاول المؤلف تبرير موقفه في خلطه بين التوسل والاستغاثة ملبسا على القاري البسيط فيقول : (( وأما التوسل بغير العمل الصالح كالذوات والأشخاص فما هو في الحقيقة إلا توسل بعمله الصالح فمن توسل بشخص ما فذلك لأنه يحبه إذ يقدر صلاحه وولايته وفضله تحسينا للظن به، أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى، فيكون الله تعالى محبا له أيضا قال جل جلاله ﴿يبحهم ويحبونه﴾ )) [ ص 81 – 82 ] .

قلت : يحاول المؤلف أن يعقلن اللامعقول ، فيكف يكون التوسل والاستغاثة بالذوات الذي لم يدل على دليل صحيح صريح يساوي التسول بالعمل الصالح الذي جاءت به النصوص الصريحة من الكتاب والسنة كما مر وكما سيأتي إن شاء الله ؟؟!!

فكيف يعقل أن قول القائل اللهم نجني من ظلمات البحر ببري لوالدي يساوي قول القائل يا بدوي نجني من ظلمات البحر ، فأي عاقل يساوي بين الأمرين ؟؟ ولكن عقلنة اللامعقول !!

وقوله : (( أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى، فيكون الله تعالى محبا له أيضا )) ، فهذا استنباط ، وهو الأصل في قولهم بالتوسل والاستغاثة ، فلذلك عندما طُولبوا بالدليل من الكتاب والسنة لم يجدوا إلا الأحاديث الضعيفة والموضوع فقاموا يرددونا في كل مناسبة كما سيأتي بيانه في الرد على أدلة المؤلف إن شاء الله تعالى .

ثم فيه هذا المعتقد بني على ظن لا يعلم حقيقته إلا الله عز وجل ، ومن ثم هو افتراء على الله عز وجل ، وذلك عندما يستغيث أو يتوسل صوفي بأحد الأولياء يظن فيه أنه محب لله عز وجل ، وهذا لا يعدو أن يكون ظنا من المتسول نفسه بالولي ، وعلامة محب الله عز وجل حدها لنا في كتابه العزيز حيث قال : (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) [آل عمران : 31] فتجدهم يعتقدون الولاية ويتوسلون برجل متلبس بألوان البدع ، وإن سلمنا أن المتوسل به من الأولياء يحب الله عز وجل وأنه كان صادق فيه حبه ، فمن أين لهم أن الله عز وجل أحبه أليس الله القائل : (( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ))[النجم : 32] ، قال الله تعالى : (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )) [الأنعام : 21] فالافتراء على الله عز وجل من الظلم وقد قرنه الله عز وجل مع الذي يكذب بآياته فأي خطر وقعوا به ليثبتوا التوسل والاستغاثة ، وهذه العقيدة مبناه كله على الظن وقد قال الله تعالى : ((وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ )) [يونس : 36] ، وقال : ((وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ))[النجم : 28]

قال المؤلف : (( ولو تدبرنا الأمر لوجدا أن هذه المحبة وذلك الاعتقاد هما من عمل المتوسل لأنه اعتقاده الذي انعقد عليه قلبه فهو منسوب إليه ومسؤول عنه ومثاب عليه ، فمن قال: اللهم إني أتوسل إليك بمحبتي لنبيك أو قال بنبيك سواء لأنه ما أقدم على هذا إلا لمحبته وإيمانه بنبيه، ولولا المحب له والإيمان به ما توسل به فهو إذا توسل بعمله الصالح )) [ ص 82 ] .

قلت : هذا الأمر لا يمكن معرفة حقيقته إلا بسؤال حال المتوسل هل هو يتوسل بالذات أو بالعمل الصالح بمعنى لو قال : (( قال بنبيك )) فلابد أن تقدر كلمة بمحبتي لنبيك حتى تساوي العبارة الأولى التي ذكرها المؤلف ، وإن سلمنا للمؤلف ما قال فقد خالف المؤلف تعريفه للاستغاثة حيث يقول : (( طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها )) فأين طلب العون من المخلوقين من سؤال الله بالعمل الصالح ؟؟ فهو كما قلنا عقلنة اللامعقول .

وكلام المؤلف هذه يلزمه أن التوسل مبناه بالأعمال ، فإذا كان هذه حقيقة التوسل عنده فلماذا سود هذه الصفحات وجمع هذه الشبه ليثبت أن الاستغاثة والاستعانة المحظورة والتسول بالذوات من شرع الله عز وجل ؟!

وهذا تناقض واضح فالمؤلف في هذه العبارة نقض بحث أو أنه قال ما لم يعتقد ، وقد قال الله عز وجل للمشركين : (( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً )) [النساء : 82] ، ونحن نقول للمؤلف لو كان الاستغاثة والاستعانة والتوسل المحظور من شرع الله عز وجل لما تناقضت في حقيقته ، والله ولي التوفيق .

قال المؤلف : (( ثم إن المسلم عندما يتوسل أو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بالرجل الصالح إنما يتوسل به لما يعلم من كرامته وجاهه عند الله عز وجل ولاعتقاده بأنه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة على الإمداد والإعانة )) [ ص 82 ] .

قلت : وهذا تناقض آخر من المؤلف ففي الفقرة السابقة جعل التوسل هو بعمل المتسول أي بحبه للمتَوسل به ، والآن يقرر أن التوسل بالذوات لاحتمال أن الله تعالى أعطاهم القدرة على الإمداد والإعانة ، وهل تعقد العقائد بمثل هذا الظن ((بأنه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة )) ، فأين ذهب اليقين وأين ذهب التواتر ؟؟!! نعم لرسولنا صلى الله عليه وسلم عند الله عز وجل جاه ، ولكن صاحب الشريعة لم يأمرنا بالاستغاثة به بعد موته بل ما جاء به يخالف ما يدندن عليه المؤلف .

قال المؤلف : (( فالإنسان عندما يتوسل إلى الله تعالى بجاه نبي أو ولي فإن ذلك يعني أنه توسل إلى الله تعالى بفعل من أفعاله خلقه لذلك النبي وسماه جاها، وبصفة من صفاته سماها اختصاصا ، وهذا من التوسل إلى الله بصفاته وأفعاله وهو مجمع على جوازه عند أهل الحق )) [ ص82 ] .

قلت : وهذا تناقض آخر من المؤلف ، فلو سلمنا له صحة هذا الاستنباط ، فلماذا الاستغاثة والتوسل بالمخلوقين في ظلمات البحر ، لماذا لا تفصحون فتقولون : يا من أعطاه الجاه للولي الفلاني نجني من ظلمات البحر ؟! وهذا أين يناقض كلامه السابقة في الفقرة الماضية فالمؤلف علل التوسل بالذوات بقوله : (( بأنه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة )) ، والآن يقول التوسل بالذوات هو توسل بصفات وأفعال الله عز وجل .

ثم نطرح هذا السؤال على المؤلف وعلى من يرى رأيه هل يجوز التوسل إلى الله تعالى بخلقه إبليس ؟؟!!

قال المؤلف : (( ونحن إذ نظرنا إلى كل فرد من أفراد المتوسلين والمستغيثين بالأنبياء والصالحين لا نجد في نفس أحد منهم إلا التقرب إلى الله تعالى لقضاء حاجاتهم الدنيوية والأخروية مع علمهم بأنهم كلهم عبيد لله تعالى فقلوبهم موقنة أنه جل جلاله الفعال المطلق المستحق للتعظيم بالأصالة لا شريك له ولا رب ولا موجد سواه، ولا نافع ولا ضار إلا هو )) [ ص 83 ] .

قلت : إذا كان الأمر هكذا فلماذا يتركون الفعال المطلق المستحق التعظيم بالأصالة ويتجهون لمن ليس بيده شيء أي الفرع ؟؟!! ، وكيف إذا إنضاف إلى هذا مخالفة صريحة الكتاب قال الله تعالى : (( هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) [غافر : 65] ، وقال الله تعالى : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) [غافر : 60] ، فالله يأمرنا بدعوته ، والمؤلف هداه الله للحق يدعون لدعاء غيره من المخلوقين فكيف نرضى بهم بدلا ؟؟!!

وهنا يتكلم باسم جميع المستغيثين والمتوسلين وكأنه دخل في نياتهم ، ثم أمر النية نرجعه إلى الله عز وحل ، فنحن مأمورون بأن نأخذ الناس على الظاهر فقد أنب النبي صلى الله عليه وسلم حبه أسامة بن زيد عندما لم يأخذ ذلك الرجل بظاهر أخرج البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما يقول : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "(( يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله )) قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " [ ح 4021 ]، وكما قبل النبي صلى الله عليه وسلم إسلام المنافقين ووكل سرائرهم إلى الله عز وجل ، فإذا رأينا أمر ظاهره الشرك أو أقل ما يقال فيه أن ظاهره الشرك ، فلا بد من إنكاره ، فكيف بمن إذا اشتد به البحر وأيقن بالهلاك استغاثة بالعيدروس أو الجيلاني ؟؟!!

قال المؤلف : (( فيفهم مما مر أن غاية الأمر أن بعض المتوسلين والمستغيثين يتسامحون في التصريح بهذا الأمر وهو الطلب من الله دون واسطة عملا بالحقيقة والأصل ويكتفون بعلم من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فينادون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأولياء الصالحين ويطلبون منهم العون والإغاثة وهم في قريرة أنفسهم يعلمون حق العلم أنه وحده سبحانه وتعالى هو النافع والضار ولا يقع في ملكه إلا ما يريد وذلك طمعا في الإجابة لما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من منزلة عند الله )) [ ص 83 ] .

قلت : يا ليت المؤلف تكلم عن نفسه فقط دون الدخول في قلوب جميع المستغيثين ، وهو يكون في هذا المقال فتح الباب على مصراعيه للشرك بدعاء غير الله ولا يخفى على كل مسلم أن الدعاء هو العبادة كم قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : (( الدعاء هو العبادة )) [ أخرجه أبو داود عن نعمان بن بشير ص 76 / 2 ] ، وصرف الدعاء إلى غير الله عز وجل هو صرف عبادة لغير الله عز وجل .

والمؤلف هداني الله وإياه إلى الحق يحاول تخريج أقوال العاكفين على القبور وعباد الصالحين وغير الصالحين إلى مخرج ويا ليته كان صحيحا ، فنحن مأمورون بالأخذ بالظواهر ولم أن نشق القلوب وننظر ما فيها وكيف يقول المؤلف ما قال والرسول صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي قاله له ما شاء الله وشئت : (( جعلتني لله عديلا لا بل ما شاء الله وحده )) [ مصنف ابن أبي شيبة ص 340 / 5 ] ، فبدلا أن يزجرهم المؤلف ويبين خطأ يقول ويبرر لهم ذلك الفعل الشنيع ، مما يجعلنا نشعر أنه ما قال ذلك إلا تبريرا فقط ، ثم الواقع المشاهد يخالف ما يدعيه المؤلف فمن شاهد العاكفين على القبور وتصرفاتهم يعتقد أن ألئك يعتقدون بذلك الميت أنه يتصرف بالكون كما يشاء فلذلك ارتضوا به بدلا عن الله عز وجل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وهذا التبرير الذي ذكره المؤلف ليس له حقيقة عند المتوسلين لأن كلامهم وفعلهم يخالف ما يقوله المؤلف قال النبهاني في ترجمة جاكير الكردي : (( واستأذن رجل واسطي الشيخ جاكير في ركوب بحر الهند بتجارة فقال : إذا وقعت في شدة فناد باسمي ... الخ )) [ جامع كرامات الأولياء ص 3 / 2 ] ، فهذا الشيخ جاكير يأمر أحد أتباعه بأن يستغيث به في حال الشدة ، فكيف يقول المؤلف هذا توسل بهم لأنهم يحبون الله عز وجل أو أنهم يستغيثون بهم تجوزاً ؟؟!!

مثال آخر قال النبهاني أيضا نقل عن السراج قال : (( روينا أن شخصا من بني النحاس الحلبيين كان يهوى الشيخ شبيب الفراتي ويتوالاه ، فتوجه مرة في تجارة إلى بغداد ، فقال للشيخ : لا أذهب إلا وخاطرك معي ، فقال : الله ورسوله وخاطرنا يحرسك ، فأخذ الحرامية القافلة كلها ، فقال مقدهم : هذا الشاب وكل ما معه لا يعارضه أحد ، فلما وصلوا إلى بغداد مأخوذين رفعوا أمرهم إلى ولاة الأمر حتى بلغ الخليفة ، فقال الحرامية : كانوا رفاق هذا الشاب ، وهو الذي حملهم على أخذنا ، فسحبوا الشاب وضيقوا عليه فاستغاث بشيخه ، فرأى الخليفة في نومه الشيخ شبيبا يقول له : أنا فلان من القرية الفلانية ، وقضية هذا الشاب معي كيت وكيت ، فطلب الخليفة الشاب فأكرمه وأحسن نزله وعتب عليه لكونه لم يعلمه بحاله ، فقال الشاب : لم أصل إليك ، فلما صل الشاب إلى الشيخ ابتدأه وحكى له جميع ما جرى ، فقال الشاب : لم يبق لي رغبة في متجر ولا غيره سوى خدمة الشيخ ، فلازمه إلى الممات )) [ جامع كرامات الأولياء ص 94 / 2 ] .

فالمسألة فاقت التوسل والاستغاثة ووصل إلى خاطر الشيخ الذي يحرص المريدين من المخاطر كما طلب الشاب من شبيب الفراتي ، ولا شك أن هذه الترهات وهذه القصص التي يحكون فيها خواطر الشيوخ وغيرها ؛ هي من أسباب وقوعهم بالاستغاثة التي هي الشرك الأكبر ، وهي من أعظم أدلتهم على جواز الاستغاثة بغير الله عز وجل .

مثال آخر يبين الحقيقة عند الصوفية التي يحاول المؤلف إخفائها قال الشعراني في ترجمة محمد الحنفي : (( وقال سيدي محمد رضي الله عنه في مرض موته من كانت له حاجة فليأت إلى قبري ويطلب حاجته أقضها له فإن ما بيني وبينكم غير ذراع من تراب ، وكل رجل يحجبه عن أصحابه ذراع من تراب ، فليس برجل )) [ الطبقات الكبرى ص 416 ] ، فهذا محمد الحنفي يطلب من مريديه أن يدعوه من دون الله وهذا يخالف ما يريد قوله المؤلف .

وأكتفي بهذا القدر من تبيين حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثه للمسلمين على اللجوء إلى الله تعالى في حال الكرب والشدة ، فأنت الكريم القاري أمام خيارين أما أن تسلك سبيل المؤمنين في إخلاص الدعاء لله في الشدة والرخاء أو تسلك سبيل الصوفية في دعائهم لغير الله عز وجل من أوليائهم الإحياء والأموات في حال الشدة والرخاء . والآن نشرع في ذكر أدلة المؤلف التي يحاول بها صرف المسلمين من إخلاص الدعاء لله إلى دعاء غير الله باسم التوسل حيث أن المؤلف لا يفرق بين التوسل والاستغاثة مع ملاحظة أن المؤلف لم يفرق بين أدلة التوسل والاستغاثة بغير الله تعالى .

وقبل أن نستطرد بذكر الأدلة أود أن أبين للقاري حقيقة الخلاف وحقيقة التوسل ، فالخلاف في طلب الدعاء من يظن بهم الصلاح أو سؤال الله تعالى بأسمائه الحسنى أو صفاته العلا أو التوسل إلى بالأعمال الصالحة ، فنحن نفرق بين التوسل بهذه الأنواع وبين التوسل بالذوات ناهيك عن الاستغاثة بالأموات وربما من اتهم بالزندقة أو ثبتت عليه التهمة .

------------------------






التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» مشاهدات في موقع أبونا الشيخ
»» شبهة الدفن عند المنبر
»» بشرى قراءة المسند الصحيح للإمام مسلم ابن الحجاج رحمه الله
»» هؤلاء تركوا التصوف / الشيخ عبد القادر الأرناؤوط
»» الرد شبهة إيجابهم اتخاذ الشيخ عند الصوفية
 
قديم 02-11-07, 10:47 AM   رقم المشاركة : 3
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



أدلة المؤلف من الكتاب

الدليل الأول :

قال المؤلف : (( قال تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة﴾ : لفظ الوسيلة عام في الآية كما نرى فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضلة من الأنبياء والصالحين في الحياة وبعد الممات لأنه لا فرق بينهما كما سيمر معنا وهو شامل أيضا للتوسل بالأعمال الصالحة. )) [ ص 88 ] .

قلت : كما مر المؤلف لا يفرق بين أنواع التوسل وقوله : (( لفظ الوسيلة عام في الآية )) لا يصح بدلالة تكملة الآية حيث قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (المائدة : 35 ) وغير ذلك أن المفسرين ليس هذا رأيهم فقد قال شيخ المفسرين الطبري : ((وابتغوا إليه الوسيلة يقول واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه )) [ تفسير الطبري ص 255/6 ] . فقد فسر الطبري بالوسيلة أنها العمل الصالح الذي يرضي الله عز وجل وليس الذوات وذلك قال الله تعالى بعد قوله : (( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ )) ، قال : ((وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ )) دلالة على أن الوسيلة هي الجهاد في سبيله والجهاد من جنس العمل الصالح ، والله تعالى أعلم .

لم يكن الطبري هو الوحيد الذي فسر الوسيلة بالعمل فقد أخرج الطبري بسند حسن أن أبا وائل شقيق بن سلمة قال في تفسير (( وابتغوا إليه الوسيلة )) قال : (( القربة في الأعمال )) [ تفسير الطبري ص 255/6 ] . وكذلك قتادة فسر الوسيلة بالعمل حيث قال : (( أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه )) ، وقال عبد الرؤوف المناوي في تفسير ((وابتغوا إليه الوسيلة )) قال : (( أي اتقوه بترك المعاصي وابتغوا إليه الوسيلة بفعل الطاعات من وسل إلى كذا تقرب إليه )) [ فيض القدير ص 109/4 ] . وهناك من فسر الوسيلة بالقربة ، ولا يتنافى هذا التفسير مع من فسرها بالأعمال لأن القربة تكون بالعمل ، والله تعالى أعلم .

ومن هنا نعلم أن هذه الآية ليس في دليل صريح على جواز التوسل بالذات ولا سيما وقد فسرها العلماء بالعمل ، فالدعوى أوسع من الدليل .

الدليل الثاني :

قال المؤلف : (( وقال تعالى : ﴿ أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ﴾ وقال سيدنا ابن عباس ومجاهد: هم عيسى عليه السلام وأمه وعزير والملائكة والشمس والقمر والنجوم، يبتغون أي يطالبون إلى ربهم الوسيلة أي القربة، وقيل الدرجة: أي يتضرعون إلى الله في طلب الدرجة العليا وقيل: الوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى وقوله: ﴿أيهم أقرب﴾ معناه ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به.

وقال الزجاج أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله تعالى ويتقرب إليه بالعمل الصالح ونحوه في تفسير الخازن
)) [ ص 88 ] .

قلت : يحاول المؤلف بطريقة عجيبة أن يحمل الآية ما لا تحتمل ، فهو يريد إنزالها على غير مرادها فهو يريد أن يجعلها دليل على جواز التوسل بالذوات أبي طريقة كانت ، فماذا فعل نقل قول ابن عباس ومجاهد ثم قال : (( يبتغون أي يطالبون إلى ربهم الوسيلة أي القربة )) وهذه العبارة ليس من قولهما كما في تفسير الطبري ، ثم قال : ((وقوله: ﴿أيهم أقرب﴾ معناه ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به )) فمن يقرأ كلام المؤلف يفهم منه أن الملائكة وعيسى وأمه عليهما السلام وعزيز والشمس والقمر والنجوم يلتمسون من يتوسلون به ، بينما كانا يفسرنا ما هي الوسيلة .

وعلى كلام المؤلف أن عيسى وأمه عليهما السلام وعزير الملائكة والشمس والقمر والنجوم يتوسلون بالذوات ، وليس ليس عنده عليه دليل من المنقول ، وحتى كلام ابن عباس ومجاهد لا يخدم ما ذهب إليه المؤلف من رأي لأنه لنزول هذه الآية سبب فقد أخرج الإمام مسلم عن الصحابي العالم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية قال : (( قال كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من الجن فأسلم النفر من الجن واستمسك الإنس بعبادتهم فنزلت " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة " )) [ صحيح مسلم ح 3030 ] .

وكلام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لا يتنافى مع كلام ابن عباس رضي الله عنه إن صح كما سيأتي بيانه ، وعلى تقدير صحته يكون الجمع أن هؤلاء المشركين كانوا يعبدون عيسى ابن مريم وأمه عليهما السلام كما هو الحال مع النصارى ، ويعبدون عزيرا كما هو الحال مع اليهود ، ويعبدون الملائكة والشمس والقمر والنجوم كما هو الحال مع مشركي العرب والصابئة منهم ، فيعبدونهم ويتوسلون بهم حتى يقربونهم إلى الله زلفى ، والله تعالى أعلا وأعلم .

أما بالنسبة لصحة هذا القول لابن عباس فقد جاء بطريقين أخرجهما الطبري في تفسيره فالأول (( عن شعبة عن إسماعيل السدي عن أبي صالح عن بن عباس )) [ 104/15 ] . وفي هذا الاسناد أبو صالح باذام وهو ضعيف ، وكذلك السدي متكلم فيه . أما الطريق الثاني (( عن محمد بن حميد قال ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال كان بن عباس )) [ 106/15 ] . وفي هذا الإسناد محمد بن حميد الرازي ضعيف متهم بالكذب . فقول ابن عباس لم يثبت عنه أما كلام مجاهد فلا يقدم على كلام ابن مسعود أصلا في المعارضة فكيف إن أمكن الجمع ؟؟!!

وقال المؤلف : (( وقال الزجاج أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله تعالى ويتقرب إليه بالعمل الصالح ونحوه في تفسير الخازن )) [ ص 88 ] .

قلت : كلام الزجاج هذا الذي نقله لا يتنافى مع الأقوال السابقة لأن المشركين لم يعبدون أولئك إلا لما اعتقدوا بهم الصلاح ، كما هو الحال في قوم نوح ، وكذلك الصوفية فهم يلتمسون الصالحين وربما الزنادقة ليتوسلوا بهم ( مع مراعاة أن الصوفية لا يفرقون بين التوسل والاستغاثة والاستعانة ) .

فهذا الدليل الثاني ليس في حجة على ما ذهب إليه المؤلف بل حشر تفسرا له كي ينزل هذه الآية على ما ذهب إليه من جواز التوسل الاستغاثة والاستعانة ( عبادة ) الذوات .



----------------------






التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» حوار عن وحدة الوجود بين أبي عثمان و الدوريش
»» سؤال للسادة الصوفية عن الاحتفال بالمولد
»» الشرب المحتضر والسر المنتظر من معين أهل القرن الثالث عشر
»» حمل كتاب دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية عرض ونقد
»» شبهة تبرك الشافعي بقبر أبي حنيفة
 
قديم 02-11-07, 11:02 AM   رقم المشاركة : 4
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



الدليل الثالث :

قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه﴾: يقص الله جل وعلا علينا في هذه الآية قصة الرجل القبطي الذي استغاث بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، وهو من شيعته فأغاثه ن ومعلوم أن الأنبياء عليهم السلام كلهم جاؤوا بالتوحيد الخالص لله تعالى وعدم الإشراك به، فلو كانت الاستغاثة الرجل به نوعا من الشرك لم يجز لسيدنا موسى أن يغيثه وحاشا الأنبياء أن يقروا الناس على ما فيه مخالفة المولى عز وجل )) [ ص 88 ] .

قلت : نعم القاعدة التي ذكرها المؤلف صحيحة وهي أن الأنبياء جاؤوا بالتوحيد الخالق ، ولكن أولا فعل موسى عليه السلام هذا الذي ذكره استدل به المؤلف كان قبل بعثته عليه السلام فكيف يستدل به وإلا يلزمه صحة قتله الفرعوني .

أما النقطة الآخر وهي تحرير محل الخلاف فليس محل الخلاف في الأمور التي يستطيعها البشر عادة ، فلا أحد يقول أنك إذا طلبت من أخيك المساعدة فيما يستطيعه شرك ، وقد تقدم بيان الاستغاثة الجائزة في أول المبحث فلتراجع ، وإنما محل الخلاف هو الطلب المقبورين والأحياء الغائبين ما لا يستطيعه إلا الله عز وجل مثل أن يهيج عليهم البحر فيطلبون من العيدروس أن ينجيهم من هذه المهلكة أو أنه لا يأتيه ولد فيشد الرحل من الحجاز إلى بغداد لقبر الشيخ عبد القادر الجيلاني فينذر للشيخ ويطلب منه أن يرزقه الولد أو يفك أسيره إلى غير ذلك من أفعال الصوفية المشاهدة .

فهذا الدليل ليس له صلة في البحث أصلا ، ويبدو أن المؤلف ذكر هذا الدليل على طريقة حشو الكلام أو تكثريه فهو يعلم محل الخلاف حيث يقول : (( فلو كانت الاستغاثة الرجل به نوعا من الشرك لم يجز لسيدنا موسى أن يغيثه )) فإذا علم أن هناك من يقول الاستغاثة بغير الله شرك لابد له انه علم ما وجه قوله ، أو أن المؤلف لم يفهم قول القائل فرد عليه دون أن يعرف وجهة نظره ، والعجيب أنه قدم لهذا الكتاب عدة من مشايخ الصوفية فهل يعقل أنهم جميعهم لا يعلمون وجه الخلاف أم أنهم علموا وسكتوا تكثيرا للأدلة ؟؟ ولا نعلم أن أحدا من مانعي الاستغاثة قالوا بأن جنس استغاثة الرجل الذي استغاثة بموسى عليه السلام شرك .

الدليل الرابع

قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات﴾ قال ابن عباس هي: ﴿ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾ ، وذكر الألوسي في تفسيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أنها (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).

وقيل : رأى مكتوبا على ساق العرش محمد رسول الله فتشفع به
)) [ص 88 – 89 ] .

قلت : على ضوء ما ذكره المؤلف من قول ابن عباس وابن مسعود يكون التوسل بالدعاء وليس بالذوات ، ولكن ليس هذا هو هدف المؤلف ؛ المؤلف يرمي إلى حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الموضوع الذي سوف يأتي ذكره في الدليل الثامن من أدلة المؤلف على جواز التوسل والاستغاثة بالأموات ، هو توسل آدم علي السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه يعلم بضعفه فذلك قال : (( وقيل : رأى مكتوبا على ساق العرش محمد رسول الله فتشفع به )) . ويأتيك بيان هذا الحديث .

قال أبو عبد الله الحاكم : حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك )) [المستدرك على الصحيحين ص 672/2 ] .

وهذا الحديث ضعيف جدا كما قال أهل الحديث في إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف قال ابن خزيمة : (( ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه ، هو رجل صناعته العبادة و التقشف ، ليس من أحلاس الحديث )) [ تهذيب التهذيب ].
وأما عبد الله بن مسلم الفهري فقد ذكره الذهبي في الميزان وقال : (( عبد الله بن مسلم أبو الحارث الفهري روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبد الرحمن بن يزيد بن سلم خبرا باطلا فيه يا آدم لولا محمد ما خلقتك رواه البيهقي في دلائل النبوة )) [ ميزان الاعتدال ص 199/2 ] ، وسوف يأتي الكلام على هذا الحديث في موضعه إن شاء الله تعالى .







التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» لمعرفة الأخطاء الإملائية الشائعة لدى بعض الطلاب (ادخل هنا)
»» تقديم الشكر والعرفان للحكومة الكويتية لأمر باغلاق مجلة المنبر
»» سلسلة أعلام التصوف 31 أبو العباس بن عطاء الازدي الزاهد
»» لفت انتباهي هذا التوقيع الرافضي
»» سؤال لمن يتأول صفات الباري تعالى
 
قديم 02-11-07, 11:12 AM   رقم المشاركة : 5
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road


الدليل الخامس :

قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾ قال الحافظ ابن كثير في التاريخ: قال ابن جرير عن هذا التابوت: وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم.

قال ابن كثير: وقد كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه، وكان فيه طمست من ذهب كانت يغسل فيه صدور الأنبياء .

وقال ابن كثير في التفسير : كان فيه عصا موسى وعصا هارون ولوحان من التوراة وثياب هارون ومنهم من قال: العصا والنعلان .

وقال القرطبي : والتابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله الله على آدم عليه السلام فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب عليه السلام فكان في بني إسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم.

وهذا في الحقيقة ليس إلا توسلا بآثار أولئك الأنبياء إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم غير ذلك والله سبحانه وتعالى راض عن ذلك بدليل أنه رده إليهم وجعله علامة وآية على صحة ملك طالوت ولم ينكر عليهم ذلك الفعل
)) [ ص 89 ]

قلت : وهذا الدليل أيضا من كثير الأدلة وإن لم يكن فيها دلالة على التوسل بالذوات والاستغاثة والاستعانة بهم ، وإلا أين فعل بني إسرائيل من الطلب من الأموات ؟؟

وأين فعل بني إسرائيل من فعل الصوفية عن المشاهد والأضرحة ، بل أمرهم زاد عن هذا حتى أنهم يتضرعون للأموات رهبة ورغبة ، والله المستعان . وقول المؤلف : (( وهذا في الحقيقة ليس إلا توسلا بآثار أولئك الأنبياء إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم غير ذلك )) أوسع من الدليل ، فهؤلاء عندما يكون معهم التابوت يستبسلون بالدفاع عنه لأنهم يدافعون عن آثار موسى وهارون عليهما السلام ، وكما يستبسل الفارس بالدفاع عن أهله وماله ، وإلا أين الدليل أنهم كانوا يتوسلون بالتابوت ، قول المؤلف تحميل النص ما لا يحتمل .

ثم قوله هذا يخالف التعاريف التي ذكرها في صدر الكلام حيث جعل التوسل فيمن أعطائهم الله القدر كما يزعم ، فهل الله سبحانه وتعالى أعطى القدر للتابوت لينصرهم على من عاداهم ولو كان كذلك لما سلب منهم . فدليله هذا ليس فيه دلالة على التوسل بالذوات لا من بعيد ولا من قريب ، وما هو إلا تسويد الصفحات ويبدو لي أنهم يظنون أن الحق يثبت بكثرة الصفحات لا في صحة الاستدلال !!

الدليل السادس

قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين﴾ روى أبو نعيم في دلائل النبوة من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا يقولون: اللهم إنا نستنصرك بحق النبي الأمي إلا نصرتنا فينصرون فلما جاءهم ما عرفوا يريد محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشكوا فيه كفروا به ولهذا الأثر طرق كثيرة )) [ ص 90 ] .

قلت : لا يعني مجرد إخراج الحديث يعني صحته إلا إذا اشترط المؤلف الصحة ومع ذلك لا يسلمون للمؤلف تصحيحه للأحاديث وقد انتقد الأئمة الكبار بعض أحاديث الصحيحين على الرغم من اتفاق العلماء على أنهما اصح كتابين بعد القرآن الكريم ، فكيف يكون الحال فيما يروي الموضوعات ويسكت عنها اكتفاء بذكر السند كما كان صنيع الإمام الحافظ أبي نعيم الأصبهاني رحمه الله تعالى ؟؟

إذن لا بد من مراجعة سند أبي نعيم لنعلم صحة ما نسب إلى ابن عباس ، وقد رجعت إلى الكتاب فلم أجد أثر ابن عباس عنه الضحاك وعطاء ، والضحاك لم يسمع من ابن عباس فبقي عطاء ، هذه من ناحية الرواية أما الدراية متى كان فعل يهود المدينة الذين يتعبدون بالتوراة المحرفة حجة على المسلمين ؟! ولا سيما وأن شريعة الإسلام نسخت الشرائع ، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر اليهود على فعلهم هذا ، فهذا أثر عن ابن عباس رضي الله عنه يخبر به عن فعل اليهود ، وليس حديثا مرفوعا يمدح هذا الصنيع .







التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» الشبهة رقم 35 الاحتجاج بحديث يا عباد الله أعينوا
»» هؤلاء تركوا التصوف / الشيخ محمد علي الطنطاوي
»» قاتلكم الله يا رافضة لا يحلوا لكم قراءة آية الكرسي إلا في الغائط
»» شبهة قصة الأعرابي الذي جاء إلى القبر
»» حمل القول المنبي عن ترجمة ابن عربي السخاوي
 
قديم 02-11-07, 11:21 AM   رقم المشاركة : 6
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



الدليل السابع :

قال المؤلف : (( وقال الله تعالى ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ :

في هذا النص بيان أن الصحابة رضوان الله عليهم استغاثوا بالله سبحانه فاستجاب لهم فأغاثهم وأمدهم بألف من الملائكة عليهم السلام والملائكة من جنود الله تعالى يغيث بهم من يشاء من عباده والذي يغيث بالملائكة هو الله تعالى وقدرته قابلة أن يغيث بها من شاء من عباده وأن يغيث عباده بعضهم ببعض لأن الخلق جميعا سواء من حيث الإمكان والحدوث وجواز تعلق صفات الله تعالى بهم .

ومن الذي أوجب على الله تعالى أن يمد الملائكة ويمد بهم فقط ولا يمد بالأنبياء والأولياء الصالحين والجميع حولهم وقوتهم بالله سبحانه وتعالى والتفريق بين
الملائكة والأنبياء والأولياء من قبيل التفريق بين المتماثلين وهو مخالف لما عليه المحققون )) [ ص 91 ] .

قلت : ودليله هذا حجة عليه لا له ، وذلك لأن الصحابة رضوان الله عليهم لما وقعوا في الشد التجئوا إلى الله عز وجل وحده واستغاثوا به ، والرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم على هذا بل هو معلمهم هذه المسألة وهي اللجوء إلى الله تعالى وحد في حال الشدائد والكرب ، أما ما يدعو له المؤلف هو أن يترك المسلم هذا التعليم النبوي والسنة النبوية في الشدائد إلى سنة المبتدعة على أقل أحوالهم في اللجوء إلى المقبورين وربما الزنادقة ليفرجوا عنهم كربهم وشدائدهم ، فشتان بين الثرى والثريا .

فما حجة المؤلف في تغيير سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الشدة والكرب ؛ حجته في قوله : (( والملائكة من جنود الله تعالى يغيث بهم من يشاء من عباده والذي يغيث بالملائكة هو الله تعالى وقدرته قابلة أن يغيث بها من شاء من عباده وأن يغيث عباده بعضهم ببعض )) فأقول : شتان بين ما يدعو له المؤلف وبين فعل الصحابة ، فالصحابة دعوا الله عز وجل وحده ، فالله سبحانه وتعالى يستجيب لهم ويفرج عنه كربهم بأي طريقة شاء ، سواء أرسل ملائكة أو يقذف الرعب في قلوب الكفار أو يرسل ريحا كما في غزوة الأحزاب ، فالأمر كله إليه ثم أن النصر لم يكن بالملائكة وما النصر إلا من عند الله عز وجل وجاءت الملائكة من حيث البشرى للمؤمنين لقوله تعالى : (( وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) [الأنفال : 10] .

والمؤلف هداني الله وإياه إلى الحق لا يفرق بين أن يدعو المرء الله عز وجل مباشرة كما هو حال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان عليهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم ، وبين حال الصوفية الذين تعلقت قلوبهم بالأضرحة والأولياء فهو لا يلجئون في حال غربتهم أو رهبتهم إلا للأضرحة والأولياء بحجة التوسل بهم ليقربوهم إلى الله زلفى فيضاهون عمل المشركين كما أخبر الله عز وجل عنهم بقوله : (( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) (الزمر : 3 ) ، ويقولون أيضا التوسل بهؤلاء أدعى لاستجابة الدعاء ، فنقول : أنتم لم تخلصوا الدعاء أصلا حتى يستجاب لكم ، فأنتم تدعو الجيلاني والبدوي والرفاعي وغيرهم ممن تعتقدون بهم الصلاح ، فيأتي أحدكم إلى الضريح ويطلب من المقبور فيه أن يشفي مرضه أو يفرج همه أو ينجحه في الاختبارات ... الخ من الطلبات فشتان بين فعل الصحابة رضوان الله عليهم وبين فعل الصوفية ولا سيما المتأخرين منهم .

وقول المؤلف : (( ومن الذي أوجب على الله تعالى أن يمد الملائكة ويمد بهم فقط ولا يمد بالأنبياء والأولياء الصالحين والجميع حولهم وقوتهم بالله سبحانه وتعالى والتفريق بين الملائكة والأنبياء والأولياء من قبيل التفريق بين المتماثلين وهو مخالف لما عليه المحققون )) أقول : يا ليت المؤلف يسمي الأسماء بالمتعارف عليها ، فيقول : (( وهو مخالف لما عليه الصوفية )) بدلا من المحققين ، حتى يكون القاري على بينة من دينه ، وجوابا على كلامه أقول : لقد أخبر الله عز وجل أنه أمد المسلمين بالملائكة فهل أخبر أنه أمد أناس بالأنبياء والصالحين بعد موتهم ؟! فهذا قياس فاسدة لا يصلح في مثل هذه العقائد التي تخلو من دليل وما هو إلا آراء الصوفية التي انفردوا بها عن شريعة الإسلام ، وقوله : ((والتفريق بين الملائكة والأنبياء والأولياء من قبيل التفريق بين المتماثلين وهو مخالف لما عليه المحققون )) ، فهل المحققون يقولون بتماثل الأنبياء والملائكة ؟؟ فهل يساوون الملائكة بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟؟

الدليل الثامن :

المؤلف : (( وقال تعالى ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما﴾ )) [ ص 91 ] ، ثم ذكر بعد ذلك بعض أقوال المفسرين .

قلت : المؤلف يعلم أن ليس في الآية دليل على التوسل بالذات بل هو توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو استغفاره للصحابة ، ولكن عمدته في الاستدلال بهذه الآية قصة العتبي والأعرابي وإليك بينان ذلك .

قال المؤلف : (( وورد في تفسير ابن كثير: عند قوله تعالى: ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم ..﴾ ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاوؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما﴾ وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم انشد يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه = فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه = فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال: «الحق بالأعربي فبشره أن الله قد غفر له»
)) [ ص 92 ] .

قلت : وقصة الأعرابي هذه ضعفها أهل العلم ، وقد أخرجها البيهقي في شعب الإيمان فقال : (( أخبرنا أبو علي الروذباري نا عمرو بن محمد بن عمرو بن الحسين بن بقية إملاء نا سكر الهروي نا أبو زيد الرقاشي عن محمد بن روح بن يزيد البصري حدثني أبو حرب الهلالي قال حج أعرابي ... الحديث )) [ ص 495 / 3 ] فذكر القصة . فعمرو بن محمد وسكر الهروي ، أبو يزيد الرقاشي لم أجد لهم ترجمه فهم مجاهيل ، ولذلك قال ابن عبد الهادي إسناد مظلم .

قال ابن عبد الهادي عن هذه القصة : (( وفي الجملة ليست هذه الحكاية المنكورة عن الأعرابي مما يقوم به حجة وإسنادها مظلم مختلف ولفظها أيضا ، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض ( يعني السبكي ) ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ، ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم وبالله التوفيق )) [ الصارم المنكي ص 253 ] .

وهذا ديدن الصوفية في الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة بل الموضوعة ، وما ذاك إلا أنهم اعتقدوا ثم دللوا فلم يسعفهم الدليل الصحيح فانتقلوا إلى الضعيف والموضوع .

ومن عجيب استدلال الصوفية على صحة بعض أدلتهم أن يكون الحديث مسندا أو رواه أحد الأئمة أو أخرجه أو ذكره في مصنفه ، وذلك قال المؤلف : (( هذا وقد روى هذه القصة غير من مضى من الأئمة:
1- الإمام النووي في كتابه الإيضاح .
2- وابن قدامة في كتابه المغني .
3- وأبو الفرج بن قدامة في كتابه الشرح الكبير.
4- والشيخ منصور البهوتي في كتابه المعروف بكشفا القناع من أشهر كتب المذهب الحنبلي ولم يذكر واحد منهم أن هذا الفعل إشراك بالله تعالى فيكون إقرارا منهم بالتوسل
)) [ ص 93 ] ، فهذا كاف عندهم لصحته ، ضاربين القواعد العلمية في قبول الخبر أو أنهم لا يعلمون هذه القواعد حتى صححوا بعض الأحاديث عن طريق الكشف !! وعندما يكون الحديث في الصحيحين ويخالف مذهبهم يضعفونه بأي طريقة كانت كما حكم عبد الله الغماري على حديث : (( لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) [ الفوائد المقصودة ص 38 ] ، لأنه خالف عقيدتهم من اتخاذ الأضرحة مساجد ، فعل المصنف في احتجاجه بهذا الحديث أكبر دليل على ما أقول ، فالمنهجية تختلف بين أهل السنة والجماعة والصوفية ، فكل له أصوله التي يبني عليها الأحكام فلذلك اختلفوا أشد الاختلاف .

وأما قوله : (( ولم يذكر واحد منهم أن هذا الفعل إشراك بالله تعالى فيكون إقرارا منهم بالتوسل )) ولا اعلم كيف يحكم بمثل هذا الحكم لمجرد إيراد هذه القصة ، ولا سيما إذا صدر الذاكر للقصة في بدايتها أحد صيغ التضعيف كما فعل ابن قدامة في المغني حيث قال : (( ويروى عن العتبي قال كنت جالسا ... الحديث )) [ المغنى ص 298/2 ] المؤلف ليس لديه اعتبار لمثل هذه الألفاظ التي يفهمها العلماء وطلبة العلم ، وعلى فرض صحة ما ادعاه فقد بينا أن القصة غير صحيحة فما بني على باطلة فهو باطلة ولو قال به جميع أهل الأرض ، فيا عجبا لمثل هذه القواعد !!








التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» شبهة التقاء النبي بالخضر عليهما الصلاة والسلام
»» كتاب الفيوصات الربانية صورة من صور الغلو في الصالحين عند الصوفية
»» سلسلة أعلام التصوف 12 ابن عطاء الله السكندري
»» حمل كتاب تعقبات على كتاب السلفية ليست مذهبا
»» مواضيع ومقالات البرقعي
 
قديم 06-11-07, 09:39 AM   رقم المشاركة : 7
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road


أدلة المؤلف من الأحاديث الشريفة وآثار الصحابة

قال المؤلف : (( ونبدأ بذكر الأدلة على التوسل والاستغاثة بالأحياء )) [ ص 94 ] ، فأقول مسألة التوسل والاستغاثة بالأحياء فلدينا فيها تفصيل ، وهي توسل به أعني بدعائه أو استغثت به ما يقدر عليه فلا نختلف في مثل هذه ، ولكن نختلف أن يستغاث بالرجل الحي بما لا يقدر عليه مثل أن يرزقه الولد أو يجلب له الرزق أو ينقذ من الغرق ، والمستغاث به في وسط الجزيرة على سبيل المثال ، ولكن المؤلف لا يعلم حقيقة الخلاف أو يعلمه ويتجاهله ، وسنبين إن شاء الله بأن الأدلة التي جاء بها تؤيد ما ذهبنا إليه لا إلى ما يدعو إليه المصنف .

الدليل الأول :

قال المؤلف : ((1- عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني فقال: إن شئت صبرت وهو خير لك قال فادعه وفي رواية : ليس لي قائد وقد شق علي فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في قضاء حاجتي لتقضى لي اللهم شفعه في وزاد البيهقي فقام وقد أبصر وفي رواية اللهم شفعه في وشفعني في نفسي ، فقوله: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك.. توسل وقوله : يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في قضاء حاجتي.. استغاثة فها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرض ان يدعو له هو بنفسه بل أمره أن يتوسل إلى الله به بل ويناديه حال غيابه عنه قائلا: يا محمد وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمر بما فيه طعن في العقيدة أو يرضى به أصلا وهذا توسل ظاهر واستغاثة صريحة بذاته وجاهه صلى الله عليه وآله وسلم عليه وقد اعتمدها علماء المحدثون والحفاظ في كتب السنة في صلاة الحاجة حاثين الأمة عليها )) [ ص 94 ] .

قلت : هذا الدليل الذي ذكره يدل على جواز التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته كما يريد أن يفهمنا المؤلف ، وهو واضح الدلالة على ما نقول ، فتأمل يا أخي الكريم بداية الحديث قال : (( أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني )) فنقول : ما الذي نفهمه من هذه العبارة ؟ الذي نفهمه أن الضرير رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب من الدعاء له بالشفاء ، وهذا عين ما ندندن عليه وهو جواز التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أو بدعاء الرجل الصالح ، ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن شئت صبرت وهو خير لك )) أي إن شئتَ دعوت لك وإن شئتَ صبرت فنلت الأجر ، فماذا كان جواب الضرير رضي الله عنه قال : (( فادعه )) ، ولا يمكن أن يخيره ثم لا يدعوا له ، وهذا واضح جدا أن الضرير أراد التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يختلف فيه اثنان . ثم أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقدم العمل الصالح قبل أن يدعو له الله عز وجل وقبل أن يدعو الضرير الله عز وجل ليقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك أمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين لله تعالى . وأمره صلى الله عليه وسلم أن يدعو بهذا الدعاء : (( اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة )) ودعاء لله عز وجل أن يقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وهناك كلمة ضمن السياق مقدرة وهي : (( وأتوجه إليك بدعاء نبيك )) وهذا التقدير ليس تخرصا بل مفهوم من السياق العام للحديث وبدلالة تكلمة دعاء الضرير رضي الله عنه حيث يقول : (( اللهم شفعه في )) .

وقول المؤلف : ((فقوله: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك.. توسل )) نعم هو توسل ، ولكن بدعائه صلى الله عليه وسلم وليس بذاته كما فهم المؤلف ، وقوله : (( وقوله : يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في قضاء حاجتي.. استغاثة )) بل هو طلب من النبي صلى الله عليه سلم أن يدعو له فإذا كان هذا الفعل استغاثة فهو من الأمر المتفق عليه لأنه أمر يستطيعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو الدعاء ، وقوله المؤلف : (( فها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرض ان يدعو له هو بنفسه بل أمره أن يتوسل إلى الله به بل ويناديه حال غيابه عنه )) ، وهذا دعوى من المؤلف تحتاج إلى دليل فمن أين له أنه خاطب النبي صلى الله عليه وسلم في حال غيابه ؟؟ وقول المؤلف : ((وهذا توسل ظاهر واستغاثة صريحة بذاته وجاهه صلى الله عليه وآله وسلم عليه )) قد مر بيان ذلك ، أنه ليس في الحديث ما ذهب إليه المؤلف ، وقوله : (( وقد اعتمدها علماء المحدثون والحفاظ في كتب السنة في صلاة الحاجة حاثين الأمة عليها )) وهذا يؤكد الأصل الأصيل عند الصوفية وهو مجرد ذكر الحديث يعني أنه صحيح وأنه يدل ما يفهم الصوفي من الحديث ، وإلا أين هذه الدعوى في كتب المحدثين أنه حثوا الأمة على التوسل والاستغاثة بذات النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ؟؟!!

وأود أن أنبه على نقطة وهي أن المؤلف لم يورد هذا الدليل على جواز التوسل أو الاستغاثة المتفق عليها بل يريد بجواز التوسل والاستغاثة بالحي الغايب كما يدل عليه قوله : ((لم يرض ان يدعو له هو بنفسه بل أمره أن يتوسل إلى الله به بل ويناديه حال غيابه عنه )) فالمؤلف يديدن على هذه القضية وهي سؤال غير الله عز وجل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .


ومما يدل على أن العلماء الذين خرجوا هذا الحديث لم يفهموا منه أنه توسل أو استغاثة بالذات إنما هو طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم وأن شفاء الضرير كان بسبب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا التوسل بذاته هو اكتب والأبواب التي يدرجون هذا الحديث تحتها :

1. الترمذي أورده في (( كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ))

2. الحاكم أورده في باب ((كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح والذكر )) ، وفي باب : (( كتاب صلاة التطوع ))

3. أما البيهقي فقد أخرجه في كتاب ((جماع أبواب دعوات نبينا صلى الله عليه وسلم المستجابة في الأطعمة والأشربة ، وبركاته التي ظهرت فيما دعا فيه ، وغير ذلك من دعواته على طريق الاختصار فلا سبيل إلى نقل جميعها لما فيه من الإكثار )) من كتابه الدلائل .

أقوال بعض أهل العلم :

1. قال تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى : (( ... فإن في الحديث، أن الأعمى سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له، وأنه علم الأعمى أن يدعو وأمره في الدعاء أن يقول: "اللهم فشفعه فيَّ". وإنما يدعى بهذا الدعاء إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - داعياً شافعاً له بخلاف من لم يكن كذلك، فهذا يناسب شفاعته ودعاءه للناس في محياه في الدنيا ويوم القيامة إذا شفع لهم .... الخ )) [ قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 114 ] .

وقال أيضا : (( وذلك أن قبول دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا هو من كرامة الرسول على ربه، ولهذا عد هذا من آياته ودلائل نبوته، فهو كشفاعته يوم القيامة في الخلق، ولهذا أمر طالب الدعاء أن يقول: "فشفعه في وشفعني فيه". بخلاف قوله: "وشفعني في نفسي". فإن هذا اللفظ لم يروه أحد إلا من هذا الطريق الغريب. وقوله: "وشفعني فيه". رواه عن شعبة رجلان جليلان: عثمان بن عمر، وروح بن عبادة. وشعبة أجل من روى هذا الحديث، ومن طريق عثمان بن عمر، عن شعبة رواه الثلاثة: الترمذي والنسائي وابن ماجه. رواه الترمذي، عن محمود بن غيلان، عن عثمان بن عمر، عن شعبة. ورواه ابن ماجه، عن أحمد بن يسار، عن عثمان بن عمر. وقد رواه أحمد في "المسند"عن روح بن عبادة، عن شعبة، فكان هؤلاء أحفظ للفظ الحديث. مع أن قوله: "وشفعني في نفسي"، إن كان محفوظاً مثل ماذكرناه، وهو أنه طلب أن يكون شفيعاً لنفسه، مع دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو لم يدع له النبي - صلى الله عليه وسلم - كان سائلاً مجرداً كسائر السائلين )) [ نفس المصدر ص 115 ] .


2. قال الشيخ المباركفوري رحمه الله في كتابه شرح سنن الترمذي المسمى بـ تحفة الأحوذي بشرح هذا الحديث قال : (( ( اللهم إني أسألك ) أي أطلبك مقصودي فالمفعول مقدر ( وأتوجه إليك بنبيك ) الباء للتعدية ( محمد نبي الرحمة ) أي المبعوث رحمة للعالمين ( إني توجهت بك ) أي استشفعت بك والخطاب للنبي ففي رواية بن ماجه يا محمد إني قد توجهت بك ( لتقضي لي ) بصيغة المجهول أي لتقضي لي حاجتي بشفاعتك ( فشفعه ) بتشديد الفاء أي اقبل شفاعته ( في ) أي في حقي )) [ ص 24 / 10 ] .

3. قال العلامة الألوسي في هذه المسألة قال : (( ..... دليله في ذلك ما رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح عن عثمان بن حنيف رضي الله تعالى عنه أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله تعالى أن يعافيني فقال : إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك ، قال : فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويدعو بهذا الدعاء " اللهم إني أسألك وأتوجه بنبيك صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا رسول الله إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضي لي اللهم فشفعه في " ، ونقل عن أحمد مثل ذلك . ومن الناس من منع التوسل بالذات والقسم على الله تعالى بأحد من خلقه مطلقاً وهو الذي يرشح به كلام المجد ابن تيمية؛ ونقله عن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وأبي يوسف وغيرهما من العلماء الأعلام ، وأجاب عن الحديث بأنه على حذف مضاف أي بدعاء أو شفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم ، ففيه جعل الدعاء وسيلة وهو جائز بل مندوب ، والدليل على هذا التقدير قوله في آخر الحديث : «اللهم فشفعه في» بل في أوله أيضاً ما يدل على ذلك ، وقد شنع التاج السبكي كما هو عادته على المجد ، فقال : ويحسن التوسل والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف والخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم وصار بين الأنام مثلة انتهى .

وأنت تعلم أن الأدعية المأثورة عن أهل البيت الطاهرين وغيرهم من الأئمة ليس فيها التوسل بالذات المكرمة صلى الله عليه وسلم ، ولو فرضنا وجود ما ظاهره ذلك فمؤل بتقدير مضاف كما سمعت؛ أو نحو ذلك كما تسمع إن شاء الله تعالى ومن ادعى النص فعليه البيان ، وما رواه أبو داود في «سننه» وغيره من " أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا نستشفع بك إلى الله تعالى ونستشفع بالله تعالى عليك ، فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رؤي ذلك في وجوه أصحابه ، فقال : ويحك أتدري ما الله تعالى؟ إن الله تعالى لا يشفع به على أحد من خلقه شأن الله تعالى أعظم من ذلك " لا يصلح دليلاً على ما نحن فيه حيث أنكر عليه قوله : «إنا نستشفع بالله تعالى عليك» ولم ينكر عليه الصلاة والسلام قوله : «نستشفع بك إلى الله تعالى» لأن معنى الاستشفاع به صلى الله عليه وسلم طلب الدعاء منه ، وليس معناه الإقسام به على الله تعالى ، ولو كان الإقسام معنى للاستشفاع فلم أنكر النبي صلى الله عليه وسلم مضمون الجملة الثانية دون الأولى؟ وعلى هذا لا يصلح الخبر ولا ما قبله دليلاً لمن ادعى جواز الإقسام بذاته صلى الله عليه وسلم حياً وميتاً ، وكذا بذات غيره من الأرواح المقدسة مطلقاً قياساً عليه عليه الصلاة والسلام بجامع الكرامة وإن تفاوت قوة وضعفاً ، وذلك لأن ما في الخبر الثاني استشفاع لا إقسام ، وما في الخبر الأول ليس نصاً في محل النزاع ، وعلى تقدير التسليم ليس فيه إلا الإقسام بالحي والتوسل به ، وتساوي حالتي حياته ووفاته صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن يحتاج إلى نص ، ولعل النص على خلافه ، ففي «صحيح البخاري» عن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس رضي الله تعالى عنه ، فقال : «اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون» فإنه لو كان التوسل به عليه الصلاة والسلام بعد انتقاله من هذه الدار لما عدلوا إلى غيره ، بل كانوا يقولون : اللهم إنا نتوسل إليك بنبينا فاسقنا ، وحاشاهم أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس إلى التوسل بعمه العباس ، وهم يجدون أدني مساغ لذلك ، فعدولهم هذا مع أنهم السابقون الأولون ، وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وبحقوق الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وما يشرع من الدعاء وما لا يشرع ، وهم في وقت ضرورة ومخمصة يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير ، وإنزال الغيث بكل طريق دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره
)) [روح المعاني ص 125 – 126 / 6 ] .

4. وقال الألباني في كتاب التوسل : (( وهكذا فلم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بدعائه للأعمى الذي وعده به بل شغله بأعمال فيها طاعة لله سبحانه وتعالى وقربة إليه ليكون الأمر مكتملا من جميع نواحيه وأقرب إلى القبول والرضا من الله سبحانه وتعالى وعلى هذا فالحادثة كلها تدور حول الدعاء - كما هو ظاهر - وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون ))

وقال أيضا في نفس الكتاب : (( سادسا : إن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب . وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات فإنه بدعائه صلى الله عليه وسلم لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره ولذلك رواه المصنفون في ( دلائل النبوة ) كالبيهقي وغيره فهذا يدل على أن السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيده أنه لو كان السر هو في دعاء الأعمى وحده دون دعائه صلى الله عليه وسلم لكان كل من دعا به من العميان مخلصا إليه تعالى منيبا إليه قد عوفي بل على الأقل لعوفي واحد منهم وهذا ما لم يكن ولعله لا يكون أبدا كما أنه لو كان السر في شفاء الأعمى أنه توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وقدره وحقه كما يفهم عامة المتأخرين لكان من المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه صلى الله عليه وسلم .... الخ ))

وهناك لفظ لم يذكره المؤلف ولكن ذكره الألباني في كتابه التوسل فأسوقه كما هو قال : (( واعلم أنه وقع في بعض الطرق الأخرى لحديث الضرير السابق زيادتان لا بد من بيان شذوذهما وضعفهما ، حتى يكون القارئ على بينة من أمرهما ، فلا يغتر بقول من احتج بهما على خلاف الحق والصواب
الزيادة الأولى :

زيادة حماد بن سلمة قال : حدثنا أبو جعفر الخطمي . . فساق إسناده مثل رواية شعبة وكذلك المتن إلا أنه اختصره بعض الشيء ، وزاد في آخره بعد قوله : وشفع نبيي في رد بصري : ( وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك ) . رواه أبو بكر بن أبي خثيمة في تاريخه فقال : حدثنا مسلم بن إبراهيم : حدثنا حماد بن سلمة به وقد أعل هذه الزيادة شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " ( ص 102 ) بتفرد حماد بن سلمة بها ومخالفته لرواية شعبة ، وهو أجل من روى هذا الحديث ، وهذا إعلال يتفق مع القواعد الحديثية ، ولا يخالفها البتة ، وقول الغماري في : " المصباح " ( ص 30 ) بأن حمادا ثقة من رجال الصحيح وزيادة الثقة مقبولة - غفلة منه أو تغافل عما تقرر في المصطلح ، أن القبول مشروط بما إذا لم يخالف الراوي من هو أوثق منه قال الحافظ في ( نخبة الفكر ) : " والزيادة مقبولة ما لم تقع منافية لمن هو أوثق فإن خولف بأرجح فالراجح المحفوظ ومقابلة الشاذ "

قلت : وهذا الشرط مفقود هنا ؛ فإن حماد بن سلمة وإن كان من رجال مسلم ، فهو بلا شك دون شعبة في الحفظ ، ويتبين لك ذلك بمراجعة ترجمة الرجلين في كتب القوم فالأول أورده الذهبي في ( الميزان ) وهو إنما يورد فيه من تكلم فيه ووصفه بأنه " ثقة له أوهام " بينما لم يورد فيه شعبة مطلقا ، ويظهر لك الفرق بينهما بالتأمل في ترجمة الحافظ لهما ، فقال في ( التقريب ) : " حماد بن سلمة ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بآخره " ثم قال : " شعبة بن الحجاج ثقة حافظ متقن كان الثوري يقول : هو أمر المؤمنين في الحديث وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابدا " .

قلت : إذا تبين لك هذا عرفت أن مخالفة حماد لشعبة في هذا الحديث بزيادته عليه تلك الزيادة غير مقبولة ؛ لأنها منافية لمن هو أوثق منه فهي زيادة شاذة كما يشير إليه كلام الحافظ السابق في ( النخبة ) ولعل حمادا روى هذا الحديث حين تغير حفظه ، فوقع في الخطأ ، وكأن الإمام أحمد أشار إلى شذوذ هذه الزيادة ، فإنه أخرج الحديث من طريق مؤمل ( وهو ابن إسماعيل ) عن حماد - عقب رواية شعبة المتقدمة - إلا أنه لم يسق لفظ الحديث ، بل أحال به على لفظ حديث شعبة ، فقال : " فذكر الحديث " ويحتمل أن الزيادة لم تقع في رواية مؤمل عن حماد لذلك لم يشر إليها الإمام أحمد كما هي عادة الحفاظ إذا أحالوا في رواية على أخرى بينوا ما في الرواية المحالة من الزيادة على الأولى ، وخلاصة القول : إن الزيادة لا تصح لشذوذها ، ولو صحت لم تكن دليلا على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم ، لاحتمال أن يكون معنى قوله : " فافعل مثل ذلك " يعني من إتيانه صلى الله عليه وسلم في حال حياته ، وطلب الدعاء منه والتوسل به ، والتوضؤ والصلاة ، والدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو به ، والله أعلم
)) [ ص 81 – 83 ] .

الدليل الثاني :

قال المؤلف : (( 2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك» .

وهذا حث ظاهر منه للصحابة على التوسل إلى الله تعالى بجاه ومنزلة السائلين عنده والسائلين جمع يشمل الأموات والأحياء ومن كان حاضرا ومن كان غائبا وفي الحديث دليل التوسل بالعمل الصالح وهو ممشى الرجل إلى المسجد لوجه الله فالشرع لم يفرق بين التوسل بالذوات الفاضلة وبين التوسل بالعمل الصالح بل لقائل أن يقول: كيف لا يجوز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أشرف خلق الله ويجوز التوسل بصلاة العبد وصيامه وصدقته وكلا الأمرين خلق الله
)) [ ص 94 - 95 ] .

قلت : كما هي عادة الصوفية يضعون الأحاديث دون التأكد من صحتها ثم يبنون عليها الأحكام فهذا الحديث الذي يستدل به المؤلف قد ضعفه أهل العلم وقبل أن ذكر سبب ضعفه نذكر من خرجه .

فقد أخرجه ابن ماجه فقال : ((حدثنا محمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم التستري ثنا الفضل بن الموفق أبو الجهم ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري )) مرفوعا [ سنن ابن ماجة ص 256/1 ، ح 778 ] . وجاء في مسند ابن الجعد : (( حدثني جدي نا يزيد بن هارون نا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال يزيد فقلت لفضيل رفعه قال أحسبه قد رفعه )) [ مسند ابن الجعد ص 299 ] . وجاء في مسند الإمام أحمد : (( ثنا يزيد أنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري فقلت لفضيل رفعه قال أحسبه قد رفعه )) [ ص 21/3 ] .

وأخرجه ابن أبي شيبة فقال : ((حدثنا وكيع عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد )) موقوفا [ مصنف ابن أبي شيبة ص 25/6 ، ح 290202 ] .

مما مر نعلم أنه تفرد به فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد . وفضيل هذا صدوق تكلم في روايته عن عطية فقد قال ابن حبان : (( كان يخطىء على الثقات ، و يروى عن عطية الموضوعات )) [ انظر ترجمته في تهذيب التهيب ] . وعطية العوفي ، ضعيف أيضا قد تكلموا فيه وعلى الرغم من ضعفه إلا أنه مدلس ، ولم يصرح بالحديث من أبي سعيد ، وكذلك اضطرب إسناده فتارة مرفوع وتارة موقوف ، ولو كان في الحديث علة واحد لكفى لرده فما بالك إذا اجتمعت كل هذه العلل ؟!

وقد تكلم على هذا الحديث الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في كتابه التوسل فقال : (( رواه أحمد واللفظ له وابن ماجه وانظر تخريجه مفصلا في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 24 ) وإسناده ضعيف لأنه من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري وعطية ضعيف كما قال النووي في ( الأذكار ) وابن تيمية في ( القاعدة الجليلة ) والذهبي في ( الميزان ) بل قال في ( الضعفاء ) : ( مجمع على ضعفه ) . والحافظ الهيثمي في غير موضع من ( مجمع الزوائد ) منها وأورده أبو بكر بن المحب البعلبكي في ( الضعفاء والمتروكين ) والبوصيري كما يأتي وكذا الحافظ ابن حجر يقول فيه : ( صدوق يخطئ كثيرا كان شيعيا مدلسا ) وقد أبان فيه عن سبب ضعفه وهو أمران :
الأول : ضعف حفظه بقوله : ( يخطئ كثيرا ) وهذا كقوله فيه في ( طبقات المدلسين ) : ( ضعيف الحفظ ) وأصرح منه قوله في ( تلخيص الحبير ) وقد ذكر حديثا آخر : ( وفيه عطية بن سعيد العوفي وهو ضعيف )
الثاني : تدليسه لكن كان على الحافظ أن يبين نوع تدليسه فإن التدليس عند المحدثين على أقسام كثيرة اشهرها ما يلي :
الأول : أن يروي الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه سمعه منه كأن يقول : عن فلان أو قال فلان
الثاني : أن يأتي الراوي باسم شيخه أو لقبه على خلاف المشهور به تعمية لأمره وقد صرحوا بتحريم هذا النوع إذا كان شيخه غير ثقة فدلسه لئلا يعرف حاله أو أوهم أنه رجل آخر من الثقات على وفق اسمه أو كنيته وهذا يعرف عندهم بتدليس الشيوخ
قلت : وتدليس عطية من هذا النوع المحرم كما كنت بينته في كتابي ( الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - 24 )
وخلاصة ذلك أن عطية هذا كان يروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فلما مات جالس أحد الكذابين المعروفين بالكذب في الحديث وهو الكلبي فكان عطية إذا روى عنه كناه أبا سعيد فيتوهم السامعون منه أنه يريد أبا سعيد الخدري وهذا وحده عندي يسقط عدالة عطية هذا فكيف إذا انضم إلى ذلك سوء حفظه ولهذا كنت أحب للحافظ رحمه الله أن ينبه على أن تدليس عطية من هذا النوع الفاحش ولو بالإشارة كما فعل في طبقات المدلسين إذ قال : ( مشهور بالتدليس القبيح ) كما سبق
ثم كأن الحافظ نسي أو هم - أو غير ذلك من الأسباب التي تعرض للبشر - فقال في تخريجه لهذا الحديث : إن عطية قال في رواية : حدثني أبو سعيد . قال : ( فأمن بذلك تدليس عطية ) كما نقله ابن علان عنه وقلده في ذلك بعض المعاصرين
قلت : والتصريح بالسماع إنما يفيد إذا كان التدليس من النوع الأول وتدليس عطية من النوع الآخر القبيح فلا يفيد فيه ذلك لأنه في هذه الرواية أيضا قال : ( حدثني أبو سعيد ) فهذا هو عين التدليس القبيح .
فتبين مما سبق أن عطية ضعيف لسوء حفظه وتدليسه الفاحش فكان حديثه هذا ضعيفا . وأما تحسين الحافظ له الذي اغتر به من لا علم عنده فهو بناء على سهوه السابق فتنبه ولا تكن من الغافلين . وفي الحديث علل أخر تكلمت عليها في الكتاب المشار إليه سابقا فلا حاجة للإعادة فليرجع من شاء الزيادة
)) [ ص 92 – 94 ] .

وقال تقي الدين ابن تيمية : (( وهذا الحديث هو من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد ، وهو ضعيف بإجماع أهل العلم ، وقد روي من طريق آخر هو ضعيف أيضا ، ولفظه لا حجة فيه ، فإن حق السائلين عليه أن يجيبهم وحق العابدين أن يثيبهم ، وهو حق أحقه الله تعالى على نفسه الكريمة بوعده الصادق باتفاق أهل العلم ، وبإيجابه على نفسه في أحد أقوالههم ، وقد تقدم بسط الكلام على ذلك ، وهذا بمنزلة الثلاثة الذي سألوه في الغار بأعمالهم ، فإنه سأله هذا ببره العظيم لوالديه ، وسأله هذا بعفته العظيمة عن الفاحشة ، وسأله هذا بأدائه العظيم للأمانة ، لأن هذه الأعمال أمر الله بها ووعد الجزاء لأصحابها فصار هذا كما حكاه عن المؤمنين بقوله : (( رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ )) [آل عمران : 193] . وقال تعالى : ((إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ )) [المؤمنون : 109] ... الخ )) [ قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 123 ] .

وقد تبين لك أنه لا يصح أخذ الأحكام من هذا الحديث لضعفه وانظرا يا رعاك الله كيف يستدل الصوفية بالأحاديث الضعيف ثم يؤصلون عليها فانظر ماذا قال المؤلف : (( وهذا حث ظاهر منه للصحابة على التوسل إلى الله تعالى بجاه )) ، وقوله : ((فالشرع لم يفرق بين التوسل بالذوات الفاضلة وبين التوسل بالعمل الصالح )) وقد قلنا ما بني على باطل في باطل فهذا الحكم بناه المؤلف على حديث ضعيف لا يحتج به إلا عند من يرون إخراج الحديث كاف لصحته والاعتماد عليه .

وقول المؤلف : (( بل لقائل أن يقول: كيف لا يجوز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أشرف خلق الله ويجوز التوسل بصلاة العبد وصيامه وصدقته وكلا الأمرين خلق الله )) نقول الدين لا يأخذ بالعقل والقياسات ، فأين ذهب النصوص ؟ ألا يكفيك عمل الصحابة والتابعين لهم بإحسان حيث كانوا يتوسلون بالعمل الصالح ولا يتوسلون بالذوات ، والأدلة على التوسل بالعمل الصالح كثيرة فمنها قصة الثلاثة الذين أطبق عليه القار فقاموا يتوسلون إلى الله تعالى بصالح عمالهم ، وهذا الأمر واضح لا يحتاج إلى دليل .







التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» مفاجئة عجيبة غريبة الحلاج اتضح بعد هذه القرون أنه شيعي
»» الامام الذهبي يقول رأي بتفسير السلمي فيتأوه على الاسلام
»» يا معشر الصوفية هل هؤلاء معصومون ؟
»» الرد على شبهة ماد الصحابة كما يميد الشجر
»» كنت كنزا لا أعرف فأحببت أن أعرف
 
قديم 13-11-07, 12:58 PM   رقم المشاركة : 8
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



الدليل الثالث :

قال المؤلف : (( 3- وعن سيدنا علي كرم الله وجهه: أن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله عنهما قال: اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي )) [ ص 95 ] .

قلت : هذا الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط فقال : (( حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة قال حدثنا روح بن صلاح قال حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي دخل عليها رسول الله فجلس عند رأسها فقال رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسونني وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ثم أمر أن تغسل ثلاثا وثلاثا فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه عليها رسول الله بيده ثم خلع رسول الله قميصه فألبسها إياه وكفنت فوقه ثم دعا رسول الله أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود ليحفروا فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه وقال الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ثم كبر عليها أربعا ثم أدخلوها القبر هو والعباس وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا سفيان الثوري تفرد به روح بن صلاح )) [ ص 67 – 68 / 1 ] وفي الكبير أيضا [ ص 351 / 24 ] .

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني فقال : (( حدثنا سليمان بن احمد ثنا احمد بن حماد بن رغبة حدثنا روح بن صلاح أخبرنا سفيان عن عاصم عن أنس بن مالك قال لما ماتت فاطمة بنت أسد .... الحديث )) [ حلية الأولياء ص 121 / 3 ] .

لا اعلم لماذا يستدل المؤلف بهذا الحديث مع أن الهيثمي الذي عزا له قد ضعف أحد رجاله فقال : (( وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح )) [ ص 257/9 ] .

ولم يعرف الحفاظ هذا الحديث إلا من رواية روح بن صالح فقد قال الطبراني : ((لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا سفيان الثوري تفرد به روح بن صلاح )) [ ص 68 /1 ] ، وقال أبو نعيم : (( غريب من حديث عاصم والثوري لم نكتبه إلا من حديث روح بن صلاح تفرد به )) [ ص 121/3 ].

وروح يقال له ابن سيابة . قال ابن عدي : (( وفي بعض حديثه نكرة )) [ الكامل ص 146/6 ] . والحديث نفسه أورد ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية وقال عقبه : (( تفرد به روح بن صلاح وهو في عداد المجهولين وقد ضعفه ابن عدي )) [ ص 269/1 ] ، وقال الدارقطني : (( ضعيف في الحديث )) [ لسان الميزان ص 465/2 ] ، قال الذهبي : (( واهٍ )) [ تلخيص العلل ص 91 ].

أما توثيق الحاكم ابن حبان له لا يعتد به إذا كان الراوي متكلم فيه ، لأنهما من المتساهلين في التوثيق ، وقد مر قول ابن تيمية في مسألة تصحيح الحاكم رحمه الله تعالى ، وعلى فرض أنهما من غير المتساهلين لا يقدم التوثيق على الجرح المفسر ، فروح جرح بأمرين الأول النكارة في الحديث وهذا جرح مفسر ، وكذلك بالجهالة كما مر عن ابن الجوزي .

تنبيه جعل المؤلف مخرج هذا الحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو وهم منه ، وكذلك لما كرر هذا المتن في [ ص 111 ] جعل مخرجه عن ابن عباس رضي الله عنه وهو كذلك وهم فهو من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه وكذلك المتن يختلف ولا أعلم هل وهم المؤلف في المتن أيضا أو هو تعمد تغيير المتن زيادة بالتعمية والتوميه .

وهذا الحديث ليس فيه دلالة على جواز الاستغاثة بغير الله عز وجل إنما التوسل بالذوات ، فالاستدلال به على جواز الاستغاثة بغير الله عز وجل تساهل من المؤلف ؛ هذا التساهل جاء من أنه لا يفرق بين التوسل والاستغاثة كما صرح في بداية المبحث .
الدليل الرابع :

قال المؤلف : (( وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه :كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا . قال: فيسقون وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري )) [ ص 95 ]

قلت : هذا حديث صحيح ، وهذا الحديث دليل على عدم جواز التوسل بالأموات كما فهم الصحابة والتابعون لهم وكلام أمير عمر بن الخطاب واضح المعنى والدلالة فيه قوله : (( كنا نتوسل )) أي توسلهم كان في حياته صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا موجودون فأقروه على ذلك ، وإلا لماذا يعدلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العباس ، فهل العباس كفؤ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو جاهه أكبر من جاه النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟ لا شك أنه لا يوجد مسلم يقول مثل هذا الكلام ، فما عدل الصحابة إلى العباس إلا لأمر شرعي .

وقول المؤلف : (( وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ))

قلت : فالظاهر من كلام المؤلف أنه فهم هذا الحديث أن عمر بن الخطاب توسل بذات العباس لا بدعائه ، وهذا غير صحيح فقد لأن عمر رضي الله عنه طلب الدعاء من العباس رضي الله عهنه قال الحافظ ابن حجر : (( وقد روى عبد الرزاق من حديث بن عباس أن عمر استسقى بالمصلى فقال للعباس قم فاستسق فقام العباس فذكر الحديث فتبين بهذا أن في القصة المذكورة أن العباس كان مسئولا وأنه ينزل منزلة الإمام إذا أمره الإمام بذلك )) [ فتح الباري ص 495/2 ] ، ففي هذا دلالة على أن عمر سأل العباس الدعاء وجاء التصريح بهذا برواية أخرى قال : (( قم فاستسق وادع ربك )) [ تاريخ دمشق ص 357 / 26 ، وفي إسنادها رجل مبهم ]

وقال الحافظ أيضا : (( وقد بين الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكانى من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس )) [ فتح الباري ص 497/2 ] .

أما قول الحافظ الذي يستدل به المؤلف فهو : (( ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه )) [ فتح الباري ص 497/2 ] . قال الحافظ هذا الكلام بعد أن سرد توسل العباس ، مما يدل أنه يقصد الاستشفاع بدعائهم لا بذواتهم كما فهم المؤلف أو ما يريد إفهامه القاري .

ثم قام المؤلف يعترض على فهم السلف لهذا الحديث بأمور فقال : (( ومن الشبه التي قد ترد على هذا الحديث أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه توسل بالعباس لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان قد توفي والجواب أن يقال: هل قال لكم عمر أو العباس إن هذا التوسل لأن الرسول كان قد توفي كلا لا قال عمر ذلك ولا أشار إليه ولا قال العباس ذلك ولا أشار إليه .. الخ )) [ ص 95 – 96 ] .

وهذا القول من عجيب صنع المؤلف أو من عجيب فهمه ، وكأنه لا يعلم أن هناك لسان الحال ، وهناك لسان المقال ، فلسان حال الصحابة يقول ذلك حيث عدلوا عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بالعباس .

ثم هب أن المؤلف لا يتعرف بشيء أسمه لسان الحال الذي نعبر عنه ( بعمل السلف ) فلقد جاء لسان المقال حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( كنا نتوسل إليك بنبينا )) أي في المواضع في حال حياته صلى الله عليه وسلم ، وبعدما انتقل إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم ماذا كان حالهم قال : (( إليك بعم نبينا فاسقنا )) وهذا الأمر واضح جدا جدا ، ولكن القوم يأبون ذلك .

ثم قام يسوق المؤلف اعتراضات ليصرف الدلال الظاهرة في هذا الحديث من أن التوسل كان بدعاء العباس لا بذاته فقال : ((1- ترك الشيء لا يدل على منعه كما تقرر في الأصول فترك عمر للتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها ؟ لم يقل ذلك أحد من العلماء ثم إن صاحب الوسيلة لا يتصرف بنفسه في قضاء حاجة المتوسل حتى يحول موته دون ذلك وإنما هو يسعى بالشافعة عند الله تعالى في قضاء حاجة المتوسل فهل ورد نص بتجرد الأنبياء والصالحين بموتهم مما لهم عند الله من المنزلة والجاه على أنه سيمر معنا إن شاء الله تعالى الكلام عن الروح وقوة تصرفها بعد مفارقة البدن )) [ ص 96 ] .

قلت : فقول المؤلف : (( ترك الشيء لا يدل على منعه كما تقرر في الأصول فترك عمر للتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل )) هذا لا يستقيم لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس مشرعا بل هو والصحابة وجميع المسلمين مضبوطون بضابط الشريعة فلا يعدلون عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فيتوسلون بالعباس إلا لعلة شرعية يعلمها علماء الصحابة مثل عمر رضي الله عنه سيما أنهم في حال التضرع وفي حال الكرب ، والصحابة أصابهم القحط الشديد ، وقد روي أنه هذا التوسل كان في عام الرمادة عندما هلك الناس .

فهل يتركون الفاضل ويذهبون إلى المفضول ؟؟!! ولقد كان الصحابة في موقف أن يقدموا أفضل ما عندهم فلا شك لو كان التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته جائز لما عدلوا به إلى عمه العباس رضوان الله عليه وهم في أمس الحاجة للغيث لما أصابه من قحط .

ثم ماذا يفهم المؤلف ومن يرى رأيه من قول عمر رضي الله عنه حيث يقول : (( كنا نتوسل إليك بنبينا )) أي في السابق أو في الماضي ؟؟ نترك الجواب للمنصفين ، ولو كان الصحابة يرون جواز التوسل بالذوات لما تركوا ذات النبي صلى الله عليه وسلم ، توسلوا بمن هم دونه من أهل بيته.

وقوله : (( لم يقل ذلك أحد من العلماء ثم إن صاحب الوسيلة لا يتصرف بنفسه في قضاء حاجة المتوسل حتى يحول موته دون ذلك وإنما هو يسعى بالشافعة عند الله تعالى في قضاء حاجة المتوسل )) فأقول : وهذا الاعتراض ناتج عن خلط المؤلف بين التوسل والاستغاثة فهو لا يفرق بينهما كما صرح في بداية المبحث ، واعرض يا أخي القاري كلام المؤلف على حديث التوسل بالعباس رضي الله عنه وانظر هل العباس تشفع عند الله أم دعاه ليكشف عنه الضر فيسقون ؟؟

وقوله : ((وإنما هو يسعى بالشافعة عند الله تعالى في قضاء حاجة المتوسل )) ، فهذا إما خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أو عامة فإذا كان خاص فقد علم من تتبع ما صح عن الصحابة أنهم كانوا يذهبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه الدعاء فيدعوا الله لهم ، هذا كان في حياته فبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى فلم يذهبوا إلى قبره فيسألوه أن يدعو لهم ، بل لما احتاجوا إلى الغيث صنعوا كما كانوا يصنعون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قدموا العباس رضي الله عنه ليحل محل النبي صلى الله عليه وسلم في الاستقاء بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى كما حل أبو بكر الصديق محل النبي صلى الله عليه وسلم في سياسة أمر الناس .

أما إذا كان هذا الأمر عامة في جميع الأولياء فهذه دعوى تحتاج إلى دليل فمن أن الله تعالى أعطى وهذا الولي أو ذاك الشفاعة ليشفع للناس عند الله وقد قال الله تعالى : (( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ )) [البقرة : 255] ، وقال تعالى : (( وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى )) [النجم : 26] ، فأين لهم أنى الله تعالى أعطى أولياء الصوفية الشفعاء ، فمن أين لهم أن الله تعالى أعطى الشيخ عبد القادري الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي ، والشيخ أحمد البدوي ، والشيخ العيدروس ... الخ الشفعاء ؟؟ !! أليس هذا تقول الله تعالى ؟؟

ثم قارون قول المؤلف هذا مع قول المشركين الذي حكاه الله تعالى عنه في قوله تعالى : (( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) [الزمر : 3] ، وقوله تعالى : (( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [يونس : 18] ، فالعلة عند المشركين وعند المؤلف واحدة ، وهي أن الله تعالى أعطى الشفاعة لبعض خلقه في الدنيا يشفعون لمن طلب منهم الشفاعة . وهذا لو غضضنا الطرف عن معتقد الصوفية بالأولياء بأنهم يتصرفون في الكون .

وقوله : (( لم يقل ذلك أحد من العلماء ثم إن صاحب الوسيلة .... الخ )) من هم هؤلاء العلماء الذي قالوا هذا الكلام هل هم علماء الصوفية أم علماء أهل السنة والجماعة ؟؟

فإن كان يقصد علماء أهل السنة والجماعة فليأت بأسمائهم ، وإن كان يقصد علماء الصوفية ، فالصوفية لهم اعتقادهم الخاص بالأولياء ، وهو أنهم يتصرفون بالكون كيفما يشاءون .

ويواصل المؤلف اعتراضه فقال : (( 2- أراد عمر ان يبين التوسل بالمفضول مع وجود الأفضل لوجود علي وعثمان رضي الله عنهما )) [ ص 96 ] .

قلت : نقول قد يكون هذا صحيحا في حال التعليم ، وليس في حال الكربة والشدة ، مع مراعاة أن التوسل المذكورة هو بالدعاء لا بالذات ، ثم هل يوجد عند المؤلف دليل على أن علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما كانا موجودين في تلك الحادثة حتى يقول تركوا الفاضل واتخذوا المفضول ؟

وهذا القصد الذي قاله المؤلف هو من عنده نفسه لأنه لا يوجد دليل على أن عمر رضي الله عليه عنه يريد التعليم بجواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل لبين ذلك كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما شرب قائما يعلم الناس أن الشرب قائما جاز فقد أخرج البخاري عن النزال قال : (( أتى علي رضي الله عنه على باب الرحبة بماء فشرب قائما فقال : إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت )) [ ح 2027 ] .

لو كان فعل عمر رضي الله عنه فعل تعليم لبين للناس كما بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

ثم الرواية ليس فيها هذه الدلالة التي يقولها المؤلف بل تفيد أن هذا كان ديدن لعمر رضي الله عنه أنه كلما قحطوا قدم العباس للاستسقاء فقد جاء في الرواية : (( كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب )) فهذا يدل على تكرار الفعل من عمر وإقرار الصحابة رضوان الله عليهم له على اختيار العباس وتكرار الاستسقاء به .

ثم رواية ابن حبان توضح أن الصحابة لما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقون به فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى قاموا يستسقون بالعباس عن أنس قال : (( كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فيستسقي لهم فيسقون فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر قحطوا فخرج عمر بالعباس يستسقي به فقال : اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك صلى الله عليه وسلم واستسقينا به فسقيتنا وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك صلى الله عليه وسلم فاسقنا قال فسقوا )) [ ح 2861 ] ، فهذا اللفظ بين العلة من الاستسقاء بالعباس هو تعذر الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم لوفاته ، فيظهر لك أن قول المؤلف هذا ليس عليه دليل .

قال المؤلف : (( 3- توسل عمر بالعباس في الحقيقة توسل بالنبي لأن عمر توسل به لمكانته من النبي وكونه عمه فها هو يقول عم نبينا ولم يقل بالعباس بن عبد المطلب)) [ ص 96 ] .

قلت : نعم إن من أحد اسباب تقديم العباس على الناس لأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم جيله وكيف لا يقدم عمر بن الخطاب العباس وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في حق العباس : (( يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه )) [ رواه مسلم ح 983 ] ، ومع أن أصاب جماعة من الناس قحط شديد وأرادوا أن يتوسلوا بأحدهم لما أمكن أن يعدلوا عمن دعاؤه أقرب إلى الإجابة فما قدموا العباس إلا لظنهم هذا الظن .

أما أن التوسل بالعباس هو في الحقيقة توسلا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما قال عمر بن الخطاب : (( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا )) أي كنا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم نطلب منه أن يستسقي لنا (( وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا )) أي الآن بعد انتقال نبيك إلى الرفيق الأعلى نقدم عم نبينا فعمر يفرق بين الأمرين ولو كان حقيقة الأمر واحد لما قدم العباس فيقول : (( اللهم كنا توسل بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بنينا كما كنا نتوسل )) فلما يعدل عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس ؟

ثم لو كان الأمر كذلك لكان الناس لا يستسقون إلا برجل من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهذا خلاف ما كان عليه الصحابة فقد ثبت أنهم استقوا لم يقدموا أحدا من آل البيت أخرج مسلم عن أبي إسحاق : (( أن عبد الله بن يزيد خرج يستسقي بالناس فصلى ركعتين ثم استسقى ... الحديث )) [ ح 1254 ] ، وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن بن الزبير : (( خرج يستسقي بالناس فخطب ثم صلى بغير أذان ولا إقامة قال وفي الناس يومئذ البراء بن عازب وزيد بن أرقم )) [ ح 4899 ] .

وأخرج يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ بسند صحيح قال : (( حدثنا أبو اليمان قال حدثنا صفوان عن سليم بن عامر الخبائري أن السماء قحطت فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يتسقون فلما قعد معاوية على المنبر قال : أين يزيد بن الأسود الجرشي فناداه الناس فأقبل يتخطى الناس فأمر معاوية فصعد المنبر فقعد عند رجليه فقال معاوية : اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي يا يزيد ارفع يديك إلى الله فرفع يزيد يديه ورفع الناس أيديهم فما كان أوشك إن فارت سحابة في الغرب كأنها ترس وهبت لها ريح فسقينا حتى كاد الناس أن لا ييبلغوا منازلهم )) [ ص 221 / 2 ]

فهؤلاء الصحابة لم قدموا أحدا من آل البيت لأن التوسل به توسلا بالنبي صلى الله عليه وسلم بل كان عمل عمر والناس أن يقدموا من يظنون به الصلاح ليستقي لهم ، فكل هؤلاء فهموا كما فهم عمر والصحابة رضوان الله عليهم أن يقدموا بالاستسقاء الصالحين أو من يظنون بهم الصلاح ولم يقدموا أحدا منتقل إلى الرفيق الأعلى .

ويوجد هناك اعترض على كلام المؤلف فإذا كان التوسل بالعباس حقيقته هو التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه توسل به لأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم وليس لأنه ممن يرجى استجابة دعائه ؛ يكون هذا الحديث خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته فلماذا تم توسعة دائرة الاستدلال بهذا الحديث على جواز التوسل بالصالحين عموما ، فلا بد من أحد الأمرين إما التخصيص أو الرجوع عن قوله أن التوسل بالعباس هو حقيقة توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه قال : (( وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم ))

قال المؤلف : (( 4- أراد عمر بفعله أن يبين جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته )) [ ص 96 ]

وهنا صرح المؤلف بما يضمر بعد تلك المقدمة الطويلة العريضة ، وهو نعم جائز بدعائهم لا بذواتهم كما فهم المؤلف ، لو كان التوسل بالذات وليس بالدعاء فلماذا قدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب العباس رضي الله تعالى عنهما ليستسقي بالناس أي يطلب السقيا من الله عز وجل ولقد جاء في بعض الروايات عن ابن عباس أن عمر رضي الله عنه قال : (( قم فاستسق وادع ربك )) [ تاريخ دمشق ص 357 / 26 ] وإن كان في إسناد هذه الرواية رجل مبهم إلا أنه تبين أن التوسل كان بدعاء العباس رضي الله عنه وهذا ما فهمه العلماء فقد أخرج البيهقي هذا الحديث في السنن الكبرى تحت باب الاستسقاء بمن ترجى بركة دعائه ، وأخرج ابن حبان تحت باب ذكر ما يستحب للإمام إذا أراد الاستسقاء أن يستسقي الله بالصالحين رجاء استجابة الدعاء لذلك ، فإذن هؤلاء فهموا أن التوسل بالصالحين هو بدعائهم رجاء قبوله لا بذواتهم .







التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» موتوا قبل أن تموتوا
»» حوار عن وحدة الوجود بين أبي عثمان و الدوريش
»» الطبقات الكبرى للشعراني لواقح الأنوار في طبقات الأخيار
»» من تظنون قائل هذا الكلام القبيح ؟؟؟
»» شبهة تلقين الميت بعد الدفن
 
قديم 08-12-07, 10:27 AM   رقم المشاركة : 9
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



الدليل الخامس :

قال المؤلف : (( 5- وعن شريح بن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين قال: لا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الأبدال بالشام هم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب . وفي رواية: أربعون رجلا مثل خليل الرحمن.

ومعنى المثلية في قوله مثل خليل الرحمن أنهم على طريقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في سلامة الصدر والرحمة لجميع المسلمين
)) [ 96 – 97 ] .

قلت : كما هي عادة المؤلف والصوفية عموما الاستدلال بالأحاديث الضعيف بل الموضوعة وحسبهم أن يكون الحديث يؤيد ما يذهبون إليه حتى يحتجوا به ، وليس الحديث الضعيف أو الموضوع هو دليلهم مخطئ من يظن ذلك ، هم اعتقدوا فافتقروا للدليل فلما بحثوا ما وجدوا إلا تلك الأحاديث فقاموا يستشهدون بها .

فهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد فقال المسند فقال : (( ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني شريح يعنى بن عبيد قال ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق فقالوا العنهم يا أمير المؤمنين قال لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الأبدال يكونون بالشام ... الحديث [ ص 112/1 ] . وإن كان رجاله ثقات إلا أنه فقد أحد شروط الصحة ، وهو الاتصال ، فشريح بن عبيد لم يدرك عليا رضي الله عنه أما قول الهيثمي : (( شريح بن عبيد وهو ثقة وقد سمع من المقداد وهو أقدم من علي )) [ مجمع الزوائد ص 62/10 ] لا يعني أن الحديث متصل وذلك للاسباب التالية :

1. مسألة سماع شريح من المقداد فيها نظر ، جاء في تهذيب التهذيب : (( وقال بن أبي حاتم في المراسيل عن أبيه لم يدرك أبا أمامة ولا المقدام ولا الحارث بن الحارث وهو عن أبي مالك الأشعري مرسل انتهى )) ، وفعقب الحافظ ابن حجر فقال : (( وإذا لم يدرك أبا أمامة الذي تأخرت وفاته فبالأولى أن لا يكون أدرك أبا الدرداء وأنى لكثير التعجب من المؤلف كيف جزم بأنه لم يدرك من سمى هنا ولم يذكر ذلك في المقداد وقد توفي قبل سعد بن أبي وقاص وكذا أبو الدرداء وأبو مالك الأشعري وغير واحد ممن أطلق روايته عنهم والله الموفق ))

قلت : إذا لم يدرك سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الذي توفى سنة 55 هجري فمن باب أولى أنه لم يدرك عليا رضي الله عنه ، الذي توفى سنة 40 هجري ، وكيف إذا علمت إن ابن عساكر قال : (( وجدت شهادته في كتاب قضاء ، تاريخه : سنة ثمان ومئة )) [ انظر تهذيب التهذيب ] ، أي بعد موت علي بـ 68 سنة ومع هذا كله شريح بن عبيد شامي ، ومعلومة الحالة السياسة بين أهل الشام وأهل العراق في فترة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
2. قد صرح ابن عساكر بانقطاع هذا فقال بعدما أخرجه : (( هذا منقطع بين شريح وعلي فإنه لم يلقه )) [ تاريخ ابن عساكر ص 289/1 ] .
3. اتهم الهيثمي شريحا بالتدليس عن الصحابة فقال : (( وفيه شريح بن عبيد وهو ثقة مدلس أختلف في سماعه من الصحابة لتدليسه باب منه )) [ مجمع الزوائد ص 88/1 ] .

قلت : فإن صح هذا الحديث ليس في دلالة على التوسل بالذوات الأموات ولو تأمل المؤلف هذه العبارة حيث جاء : (( كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر .... الحديث )) ، فقد نص هذا الحديث على السقيا مرهونة بحياته ، فإذا مات انقطع عمله فلا يستسقى بدعائه وفيه هذا الحديث ولو صحت رد على المؤلف في الولي إذا مات انقطع عمله وإلا لماذا يبدل ؟!

وهذا الحديث من جنس حديث الاستسقاء بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم المتقدم .


الدليل السادس :

قال المؤلف : (( 6- وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كنت لابد سائلا فأسأل الصالحين فهذا حث ظاهر منه صلى الله عليه وآله وسلم على سؤال الصالحين )) [ ص 97 ] .

قلت : أخرج هذا الحديث لإمام أحمد فقال : (( ثنا قتيبة بن سعيد قال أبو عبد الرحمن وكتب به إلى قتيبة بن سعيد كتبت إليك بخطى وختمت الكتاب بخاتمي ونقشه الله ولي سعيد رحمه الله وهو خاتم أبي ثنا ليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن بن الفراسي ان الفراسي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسأل قال النبي صلى الله عليه وسلم لا وإن كنت سائلا لا بد فاسأل الصالحين )) [ ص 334 /4 ]

وأخرجه أبو داود فقال : ((حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن بن الفراسي أن الفراسي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسأل يا رسول الله ... الحديث)) [ ص 122/2 ]

وأخرجه النسائي : فقال : (( أخبرنا قتيبة قال حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن بن الفراسي أن الفراسي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسأل .... الحديث )) [ ص 95/5 ]

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير فقال : (( حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي ثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن محشي عن بن الفراسي أن أباه الفراسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله .... الحديث )) [ ص 336/1 ]

وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان فقال : ((أخبرنا أبو علي الروذباري أنا ابو بكر بن داسة نا ابو داود نا قتيبة بن سعيد نا الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن بن الفراس أن الفراس قال لرسول الله ... الحديث )) [ ص 270/3 ] .

وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة قال : (( حدثنا ابراهيم بن الهيثم البلدي نا أبو صالح عبد الله بن صالح نا الليث نا جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي أنه قال أخبرني ابن الفراسي أن الفراسي قال للنبي صلى الله عليه وسلم أسأل يا رسول الله ... الحديث )) [ 48 /1 ] .

وأخرجه ابن زنجويه في كتاب الأموال قال : (( أنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث ، حدثني جعفر بن ربيعة ، عن بكر بن سوادة ، عن مسلم بن مخشي أنه قال : أخبرني ابن الفارسي ، أن الفارسي قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أسأل يا نبي الله ... الحديث )) [ 2067 ]

وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة قال : (( حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا إسماعيل بن عبد الله ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، حدثني جعفر بن ربيعة ، عن بكر بن سوادة ، عن مسلم بن مخشي ، قال : أخبرني ابن الفراسي ، أن الفراسي ... والحديث ))

وقال أيضا : (( حدثنا أبو عمرو ثنا الحسن ، ثنا قتيبة ، ثنا الليث مثله )) ، وقال أيضا : (( ورواه محمد بن موسى بن أعين ، عن أبيه ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكر ، عن مسلم ، عن رجل ، عن أبيه ، مثله ولم يسمه )) [ ص 2299 ] .

وأخرجه البخاري في التاريخ قال : (( قال أبو صالح حدثني الليث قال حدثني جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي أنه قال أخبرك الفراسي ... الحديث )) [ ص 137 / 7 ] .

ومما مر يتبين أن هذا الحديث بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي .

ومسلم بن مخشي المدلجي أبو معاوية المصري . لم يرو عنه إلا بكر بن سوادة ، وهذا الذي يعبرون عنه بمجهول العين في اصطلاح أهل الحديث قال الذهبي في ميزان الاعتدال : (( تفرد بحديث الفراسي في ماء البحر ما حدث عنه غير بكر بن سوادة )) [ 420 / 6 ] ، ثم لم يوثقه إلا ابن حبان وهي عادة مشهورة له بتوثيق المجاهيل ، فلا تقوم بمثل هذا حجة .

ثم على فرض صحة هذا الحديث ، ففيه نهي عن السؤال ، وهو خاص بسؤال المال حتى أن أبا داود أدرجه تحت باب (( باب في الاستعفاف )) ، وكذلك ابن زنجويه أورده تحت باب (( التشديد في مسألة الناس من أموالهم ))

فالدعوى أوسع من الدليل ، ويا ليت كان الأمر كذلك بل يستدل بما لا ليس هو دليل ، ولا أعلم كيف قُرض لهذا الكتاب دون التنبيه على هذه المسألة ، أي أن الحديث ليس في محل البحث والاستدلال على التوسل والاستغاثة بالامور التي هي من خصائص الربوبية ، والحديث ليس فيه دلالة على جواز التوسل بالذوات أو الاستغاثة بالمخلوقين محل البحث .

نعم قد يقول قائل ان في توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لسائل المال بأن يسأل الصالحين دليل على جواز غير الله عز وجل فالجواب :

هذا ليس من خصائص الربوبية بل هو مما يقدر عليه البشر بل الله سبحانه وتعالى حث المسلمين على إنفاق المال في سبيله فهذا خارج محل البحث ، أما توجيه النبي صلى الله عليه وسلم السائلين للصالحين حتى يكون أرجى لإعطائهم ما يحتاجون من مال دون تكدير خاطرهم أو ردهم .

وهذا الحديث على ضعفه يخالف الحديث الصحيح عن ابن عباس عندنا قال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا سألت فاسأل الله )) رواه الترمذي وغيره فإن صح حديث الفراسي فهو خاص في مسألة المال ، وحديث ابن عباس عام ، والله تعالى أعلم .







التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» الاخ أسد 2010 تفضل هنا
»» سلسلة أعلام التصوف 8 أبو عبد الرحمن السلمي
»» أبو عبد الرحمن السلمي
»» سلسلة تفاسير الصوفية
»» تفضل أخي mybty نبدأ الحوار عن الصوفية
 
قديم 08-12-07, 10:34 AM   رقم المشاركة : 10
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road



الدليل السابع :

قال المؤلف : (( 7- وقال عليه الصلاة والسلام (إن الله خلقا خلقهم لحوائج الناس يفزع إليهم في حوائجهم أولئك هم الآمنون من عذاب الله )) [ ص 97 ] .

قلت : أخرجه الطبراني في الكبير فقال : ((حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أحمد بن طارق الوابشي ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث )) .[ 358/12 ] .

وأخرجه أيضاً الشهاب القضاعي فقال : (( أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ثنا علي بن بندار ثنا أبو عمران موسى بن القاسم ثنا أحمد بن عبد الرحمن الكزبراني ثنا عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري من أهل المدينة ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث )) ، [ مسند القضاعي ص 117/2 ] .

وقال أيضا : (( أنا محمد بن الحسين النيسابوري أنا أبو الطيب العباس بن أحمد المعروف بأبي بدر الشافعي نا عمر بن عبد الله القزاز نا أحمد بن عبد الرحمن الكزبراني نا عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري من أهل المدينة نا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث )) [ ص 118/2 ] .

وأخرجه أبو نعيم في الحلية فقال : (( حدثنا سعد بن محمد بن إبراهيم الناقد ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا احمد بن طارق الواشي ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث )) [ ص 225/3 ] .

وقال عقبه : (( هذا حديث غريب من حديث زيد عن ابن عمر لم يروه عنه إلا ابنه عبدالرحمن وما كتبناه إلا من حديث احمد بن طارق )) [ ص 225/3 ] .

قلت : مما مر يتبين لنا أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم تفرد به عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا ، وعبد الرحمن هذا ضعيف ، ضعفه الإمام أحمد والنسائي وأبو زرعة وغيرهم حتى قال ابن الجوزي : أجمعوا على ضعفه . راجع ترجمته في تهذيب التهذيب ، وقال تقي الدين ابن تيمية : (( ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرا )) [ قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 99 ] ، وقال الحافظ ابن عبد الهادي : (( فهو ضعيف غير محتج به عند أهل الحديث )) [ الصارم المنكي ص 42 ]..

وأخرج هذا الحديث ابن أبي الدنيا في كتاب قضاء الحوائج فقال : (( ذكر الحارث ذكر داود بن المحبر نا الربيع بن صبيح عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث )) [ ص 55 ] .

وهذا مرسل ، فهو ضعيف فقد أحد شروط الصحة وهو الاتصال ، قد يقال قائل قد أخذ بعض الفقهاء بالحديث المرسل ، فنقول مجال التصحيح والتضعيف ليس مجال الفقهاء بل هو للمحدثين ثم هل هم أخذوا به في الأخبار أم في الأحكام ، وحديثنا هذا خبر وليس حكم .

ثم أن الراوي عن الحسن الربيع متكلم في حفظه وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق شيء الحفظ ، والراوي عن الربيع داود بن المحبر ، متروك الحديث . فهذا الإسناد ضعيف من جميع الجهات .

وقد قلنا في السابق الصوفية لا يعتدون بالتصحيح والتضعيف يكفيهم أن الحديث موجود في الكتاب ليحتجوا به ، ولو أن صاحب المؤلف تحرى الصحيح من الأحاديث والآثار لأراح الناس ، ولكن يلبس على الناس بمثل هذا ، لا نرضاه .

وهذا الحديث مخالف لكتاب الله عز وجل فقال تعالى قال : (( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )) [النمل : 62] ، فالله تعالى هو يكشف السوء ويجيب المضطر ولو كان الله تعالى يردون من عبيده أن يفزعوا للخلق من دونه لحثهم على ذلك فهذا الحديث لا يصح سندا كما أنه مخالفة لكتاب الله عز وجل .


الدليل الثامن :

قال المؤلف : (( 8- وعن سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله احبسوا عليّ ، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم) )) [ ص 97 ] .

قلت : هذا الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير فقال : (( حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ثنا الحسن بن عمر بن شقيق ثنا معروف بن حسان السمرقندي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث )) . [ ص 21/10 ] .

وأخرجه أيضا أبو يعلى في المسند فقال : (( حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق حدثنا معروف بن حسان عن سعيد عن قتادة عن بن بريدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث )) [ ص 177/9 ] .

وأخرجه أيضا ابن السني في عمل اليوم والليلة فقال : (( أخبرنا أبو يعلى ثنا الحسن بن عمر بن شقيق ثنا معروف ابن حسان ثنا أبو معاذ السمرقندي عن سعيد عن قتادة عن أبي بردة عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث )) [ ص 456 ] .

قلت : وهذا الإسناد فيه تصحيف فأبو معاذ السمرقندي هو نفسه معروف بن حسان ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد عن هذا الحديث : (( رواه أبو يعلى والطبراني وزاد سيحبسه عليكم وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف )) [ ص 132/10 ] ، ومع ذلك ذكره المؤلف يحتج به مع أنه عزا الحديث للطبراني ، ولكن هو مذهب القوم لا يعتبرون بالتصحيح والتضعيف . وهذه أقوال العلماء في معروف ، قال ابن عدي : (( منكر الحديث )) [ الكامل ص 325/6 ] ، وقال البيهقي : (( منكر الحديث )) [ السنن الكبرى ص 20/1 ] ، وقال أبو حاتم : (( مجهول )) [ الجرح والتعديل ص 322/8 ] ، وقال الذهبي : (( واهٍ )) [ تذكرة الحفاظ ص 1064/3 ]

وقال الخليلي في الارشاد : (( له في الحديث والادب محل روى كتاب العين عن الخليل وعن عمر بن ذر الكوفي الهمداني نسخة لا يتابعه احد منها ما حدثني عبد الرحمن بن محمد النيسابوري ويحيى بن محمد الشاشي قالا حدثنا علي بن الحسن بن أحيد القطان البلخي حدثني أبو يعقوب إسحاق بن شبيب بن شجاع البامياني حدثني فارس بن عمر حدثنا أبو معاذ معروف بن حسان السمرقندي حدثنا عمر بن ذر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل )) وهذا من نسخة بهذا الإسناد وحدثني جماعة وعبد الله بن أبي زرعة الحافظ عن ابن أحيد هذا بهذا الإسناد أحاديث فسألته عنها فقال : لا يعرفها الا بهذا الإسناد وليس رواتها ممن يعتمد عليهم )) [ ص976 – 977 / 3 ] .

وهذا الحديث أورده العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ثم قال : (( ضعيف . رواه الطبراني ( 3 / 81 / 1 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 254 / 1 ) وعنه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 500 ) كلاهما من طريق معروف بن حسان السمرقندي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا .

قلت : وهذا سند ضعيف ، وفيه علتان :

الأولى : معروف هذا ، فإنه غير معروف ! قال ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 333 ) عن أبيه إنه " مجهول " . وأما ابن عدي فقال : إنه " منكر الحديث " ، وبهذا أعله الهيثمي ( 10 / 132 ) ، فقال بعد أن عزاه لأبي يعلى و الطبراني : " وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف " .

الثانية : الانقطاع ، وبه أعله الحافظ ابن حجر فقال : " حديث غريب ، أخرجه ابن السني و الطبراني ، و في السند انقطاع بين ابن بريدة و ابن مسعود ". نقله ابن علان في " شرح الأذكار " ( 5 / 150 ) .

وقال الحافظ السخاوي في " الابتهاج بأذكار المسافر و الحاج " ( ص 39 ) : " و سنده ضعيف ، لكن قال النووي : إنه جربه هو وبعض أكابر شيوخه " .

قلت : العبادات لا تؤخذ من التجارب ، سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث ، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة ! كيف وقد تمسك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد وهو شرك خالص . والله المستعان .

وما أحسن ما روى الهروي في " ذم الكلام " ( 4 / 68 / 1 ) أن عبد الله بن المبارك ضل في بعض أسفاره في طريق ، و كان قد بلغه أن من اضطر ( كذا الأصل ، و لعل الصواب : ضل ) في مفازة فنادى : عباد الله أعينوني ! أعين ، قال فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده . قال الهروي : فلم يستجز . أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده " .

قلت : فهكذا فليكن الاتباع .

ومثله في الحسن ما قال العلامة الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 140 ) بمثل هذه المناسبة :

" وأقول : السنة لا تثبت بمجرد التجربة ، و لا يخرج الفاعل للشيء معتقدا أنه سنة عن كونه مبتدعا . وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة و هو أرحم الراحمين ، وقد تكون الاستجابة استدراجا " .

وللحديث طريق آخر معضل ، أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 12 / 153 / 2 ) عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره نحوه .

وهذا مع إعضاله ، فيه ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه ، والأصح عن أبان عن مجاهد عن ابن عباس موقوفا عليه كما يأتي بيانه في آخر الحديث التالي
)) [ ح 655 ] .

تابع الدليل الثامن :

وقال المؤلف : (( وفي رواية: إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد أحدكم غوثا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا نراهم )) [ ص 97 ] .

قلت : وهذه الرواية : أخرجها الطبراني في المعجم الكبير فقال : (( حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا أحمد بن يحيى الصوفي ثنا عبد الرحمن بن سهل حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن زيد بن علي عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : (( "إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد أحدكم عونا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا نراهم " وقد جرب ذلك )) [ ص 117/17 ] .

قلت : وهذا إسناد منقطع فزيد بن علي بن الحسين قتل سنة 122 هجري عن 42 سنة فكانت ولادته في سنة 80 هجري ، وعتبة بن غزوان توفى سنة 17 هجري فبينهما مفاوز تنقطع بها أعناق الإبل .

وعبد الرحمن بن سهل أظنه الذي ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد [ ص 276/10 ] ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .

قال الهيثمي في مجمع الزوائد : (( رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا ان يزيد بن علي لم يدرك عتبة )) [ ص 132/10 ] .

وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة وقال : (( ضعيف . رواه الطبراني في " الكبير " ( مجموع 6 / 55 / 1 ) : حدثنا الحسين بن إسحاق : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي : حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال : حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن ابن علي عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . وزاد في آخره :
" وقد جرب ذلك " .

قلت : و هذا سند ضعيف . وفيه علل :
1 و 2 - عبد الرحمن بن شريك و هو ابن عبد الله القاضي وأبوه كلاهما ضعيف ، قال الحافظ في الأول منهما :
" صدوق يخطئ " . وقال في أبيه :
" صدوق يخطئ كثيرا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة " .

و قد أشار إلى هذا الهيثمي بقوله في " المجمع " ( 10 / 132 ) :
" رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم ، إلا أن يزيد ( كذا ) بن علي لم يدرك عتبة " .
3 - الانقطاع بين عتبة و ابن علي ، هكذا وقع في أصلنا الذي نقلنا منه الحديث ( ابن علي ) غير مسمى ، وقد سماه الهيثمي كما سبق ( يزيد ) ، وأنا أظنه وهما من الناسخ أو الطابع ، فإنه ليس في الرواة من يسمى ( يزيد بن علي ) والصواب ( زيد بن علي ) وهو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ولد سنة ثمانين ، ومات عتبة سنة عشرين على أوسع الأقوال فبين وفاته وولادة زيد بن علي دهر طويل !

وقال الحافظ ابن حجر في " تخريج الأذكار " :
" أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعا وزاد في آخره " وقد جرب ذلك " . ثم قال الحافظ : " كذا في الأصل ، أي الأصل المنقول منه هذا الحديث من كتاب الطبراني ، ولم أعرف تعيين قائله ، ولعله مصنف المعجم ، و الله أعلم " .

فقد اقتصر الحافظ على إعلاله بالانقطاع ، وهو قصور واضح لما عرفت من العلتين الأوليين . وأما دعوى الطبراني رحمه الله بأن الحديث قد جرب ، فلا يجوز الاعتماد عليها ، لأن العبادات لا تثبت بالتجربة ، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله .

و مع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله ، فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء والصالحين ، لأنهما صريحان بأن المقصود بـ " عباد الله " فيهما خلق من غير البشر ، بدليل قوله في الحديث الأول :

" فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليهم " . وقوله في هذا الحديث :
" فإن لله عبادا لا نراهم " .

وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن ، لأنهم الذين لا نراهم عادة ، وقد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة . أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ : " إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني " .

قال الحافظ كما في " شرح ابن علان " ( 5 / 151 ) : " هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا ، أخرجه البزار وقال : لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد " .

وحسنه السخاوي أيضا في " الابتهاج " وقال الهيثمي :
" رجاله ثقات " .

قلت : ورواه البيهقي في " الشعب " موقوفا كما يأتي . فهذا الحديث - إذا صح - يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول " يا عباد الله " إنما هم الملائكة ، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء و الصالحين ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، فإن الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء ، ولو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة و تحقيق الرغبة ، وهذا صريح في آيات كثيرة ، منها قوله تبارك وتعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ، ولو سمعوا ما استجابوا لكم ، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ، ولا ينبئك مثل خبير ) ( فاطر 13 - 14 ) . هذا ، ويبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه ، لأنه قد عمل به ، فقال ابنه عبد الله في " المسائل " ( 217 ) :

" سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج منها ثنتين [ راكبا ] وثلاثة ماشيا ، أو ثنتين ماشيا و ثلاثة راكبا ، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا ، فجعلت أقول : ( يا عباد الله دلونا على الطريق ! ) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق . أو كما قال أبي ، ورواه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 455 / 2 ) وابن عساكر ( 3 / 72 / 1 ) من طريق عبد الله بسند صحيح .

وبعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزاز في " زوائده " ( ص 303 ) : حدثنا موسى بن إسحاق : حدثنا منجاب بن الحارث : حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد [ عن أبان ] ابن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .

قلت : وهذا إسناد حسن كما قالوا ، فإن رجاله كلهم ثقات غير أسامة بن زيد و هو الليثي وهو من رجال مسلم ، على ضعف في حفظه ، قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يهم " .

وموسى بن إسحاق هو أبو بكر الأنصاري ثقة ، ترجمه الخطيب البغدادي في " تاريخه " ( 13 / 52 - 54 ) ترجمة جيدة .

نعم خالفه جعفر بن عون فقال : حدثنا أسامة بن زيد .... فذكره موقوفا على ابن عباس . أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 455 / 1 ) .

وجعفر بن عون أوثق من حاتم بن إسماعيل ، فإنهما و إن كانا من رجال الشيخين ، فالأول منهما لم يجرح بشيء ، بخلاف الآخر ، فقد قال فيه النسائي : ليس بالقوي . وقال غيره : كانت فيه غفلة . ولذلك قال فيه الحافظ : " صحيح الكتاب ، صدوق يهم " . وقال في جعفر : " صدوق " . ولذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة ، والأرجح أنه موقوف ، وليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع ، لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب . والله أعلم .

ولعل الحافظ ابن حجر رحمه الله لو اطلع على هذه الطريق الموقوفة ، لانكشفت له العلة ، وأعله بالوقف كما فعلت ، ولأغناه ذلك عن استغرابه جدا ، والله أعلم
)) [ ح 656 ]

تابع الدليل الثامن :

قال المؤلف : (( وفي رواية : إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظ يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني، وفي رواية أعينوا )) [ ص 97 ].

قلت : أخرجه البيهقي في شعب الإيمان فقال : (( أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا نا أبو العباس الأصم نا عبد الملك بن عبد الحميد نا روح نا أسامة بن زيد ح وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا أبو عبد الله بن يعقوب نا محمد بن عبد الوهاب نا جعفر بن عون أنا أسامة بن زيد عن أبان بن صالح عن مجاهد عن بن عباس )) [ ص 128/6 ] موقوفا .

وأخرجه أيضا في شعب الإيمان من طريق آخر فقال : (( أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا عبيد بن شريك ثنا بن أبي مريم ثنا عبد الله بن فروخ أخبرني أسامة بن زيد حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عن بن عباس ... الحديث [ ص 183 / 1 ] موقوفا .

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال : ((حدثنا أبو خالد الأحمر عن أسامة عن أبان بن صالح عن مجاهد عن بن عباس ... الحديث )) [ ح 29721 ] موقوفا

قلت : في إسناده أسامة بن زيد الليثي متكلم فيه والظاهرة أنه كبر فساء حفظه ، وأكثر ما تكلموا فيه ؛ تكلموا بروايته عن نافع .

وعلى كل حال الحديث ليس فيه ما يدل على التوسل بالذوات أو الاستغاثة بالأموات ، إنما هم ملائكة يساعدون الناس فيما يقدرون عليه ، وفيما لا يفضي إلى شرك ، وإلا كيف يقاس إمساك الدابة ، بطلب الولد من عبد القادر الجيلاني ؟؟!!

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة : (( ... وقد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة . أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ : " إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني " .

قال الحافظ كما في " شرح ابن علان " ( 5 / 151 ) : " هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا ، أخرجه البزار وقال : لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد " .

وحسنه السخاوي أيضا في " الابتهاج " وقال الهيثمي :
" رجاله ثقات " .

قلت : ورواه البيهقي في " الشعب " موقوفا كما يأتي . فهذا الحديث - إذا صح - يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول " يا عباد الله " إنما هم الملائكة ، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء و الصالحين ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، فإن الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء ، ولو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة و تحقيق الرغبة ، وهذا صريح في آيات كثيرة ، منها قوله تبارك وتعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ، ولو سمعوا ما استجابوا لكم ، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ، ولا ينبئك مثل خبير ) ( فاطر 13 - 14 ) . هذا ، ويبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه ، لأنه قد عمل به ، فقال ابنه عبد الله في " المسائل " ( 217 ) :

" سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج منها ثنتين [ راكبا ] وثلاثة ماشيا ، أو ثنتين ماشيا و ثلاثة راكبا ، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا ، فجعلت أقول : ( يا عباد الله دلونا على الطريق ! ) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق . أو كما قال أبي ، ورواه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 455 / 2 ) وابن عساكر ( 3 / 72 / 1 ) من طريق عبد الله بسند صحيح .

وبعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزاز في " زوائده " ( ص 303 ) : حدثنا موسى بن إسحاق : حدثنا منجاب بن الحارث : حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد [ عن أبان ] ابن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .

قلت : وهذا إسناد حسن كما قالوا ، فإن رجاله كلهم ثقات غير أسامة بن زيد و هو الليثي وهو من رجال مسلم ، على ضعف في حفظه ، قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يهم " .

وموسى بن إسحاق هو أبو بكر الأنصاري ثقة ، ترجمه الخطيب البغدادي في " تاريخه " ( 13 / 52 - 54 ) ترجمة جيدة .

نعم خالفه جعفر بن عون فقال : حدثنا أسامة بن زيد .... فذكره موقوفا على ابن عباس . أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 455 / 1 ) .

وجعفر بن عون أوثق من حاتم بن إسماعيل ، فإنهما و إن كانا من رجال الشيخين ، فالأول منهما لم يجرح بشيء ، بخلاف الآخر ، فقد قال فيه النسائي : ليس بالقوي . وقال غيره : كانت فيه غفلة . ولذلك قال فيه الحافظ : " صحيح الكتاب ، صدوق يهم " . وقال في جعفر : " صدوق " . ولذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة ، والأرجح أنه موقوف ، وليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع ، لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب . والله أعلم .

ولعل الحافظ ابن حجر رحمه الله لو اطلع على هذه الطريق الموقوفة ، لانكشفت له العلة ، وأعله بالوقف كما فعلت ، ولأغناه ذلك عن استغرابه جدا ، والله أعلم
)) [ ح 656 ]

قال العلامة السهسواني : (( قلت: وفي الباب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في مجمع الزوائد: وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن لله ملائكة في الأرض -سوى الحفظة - يكتبون ما سقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم بأرض فلاة فليناد : أعينوني عباد الله " رواه البزار ورجاله ثقات. اه‍.

قلت : كون الرجال ثقات لا يقتضي صحة الحديث أو حسنه ، لاحتمال أن يكون فيه انقطاع أو شذوذ ، وعلى تقدير الحديث فالثابت منه جواز نداء الأحياء أو طلب ما يقدرون عليه منهم ، وذلك لا ينكره أحد
)) [ ص 393 ]

وقال المؤلف : (( وذكر الإمام الطبراني في الكبير، والإمام النووي في الأذكار بعد روايتهما للحديث بأنهما جربا ذلك بأنفسهما )) .

قلت : لم يقل الطبراني أنه جربه بنفسه ، بل قال : (( وقد جرب ذلك )) هكذا مبني للمجهول فهذه من مجازفات المؤلف وقد مر معنا كلام العلامة الألباني في هذا المعنى وأورده مرة أخرى للفائدة قال : (( قلت : العبادات لا تؤخذ من التجارب ، سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث ، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة ! كيف وقد تمسك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد وهو شرك خالص . والله المستعان .

وما أحسن ما روى الهروي في " ذم الكلام " ( 4 / 68 / 1 ) أن عبد الله بن المبارك ضل في بعض أسفاره في طريق ، و كان قد بلغه أن من اضطر ( كذا الأصل ، و لعل الصواب : ضل ) في مفازة فنادى : عباد الله أعينوني ! أعين ، قال فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده . قال الهروي : فلم يستجز . أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده " .

قلت : فهكذا فليكن الاتباع .

ومثله في الحسن ما قال العلامة الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 140 ) بمثل هذه المناسبة :
" وأقول : السنة لا تثبت بمجرد التجربة ، و لا يخرج الفاعل للشيء معتقدا أنه سنة عن كونه مبتدعا . وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة و هو أرحم الراحمين ، وقد تكون الاستجابة استدراجا
"))

وقال المؤلف : (( وهو ظاهر جلي لا يحتمل التأويل ولا التبديل ففي هذا الموقف الذي ينادي فيه الإنسان (يا الله) بفطرته ، حيث لا يرى حوله من يآنسه أو يقاسمه همه رغم هذا أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول «يا عباد الله حثا على الأخذ بالأسباب فهل بعد الحق إلا الضلال المبين» )) [ ص 97 ]

قلت : نعم بفطرته ينادي يا الله ، ولكن عندما تجتليها عقائد الصوفية تترك تلك الفطرة وتتجه إلى دعاء المخلوقين مثل الجيلاني والبدوي والمرسي ... الخ ، وما فتئ المؤلف في هذا المبحث عن إفساد هذه الفطرة بكل ما أتي من قوة ليصرف الناس من التوجه إلى الله عز وجل في الكرب والشدائد وانقطاع الأسباب إلى التوجه للمخلوقين الذين لا يملكون ضرا ولا نفعا لأنفسهم فضلا لغيرهم .

ولم تأت الشريعة المحمدية بما يخالف الفطرة أبدا ، فإذا كانت الفطرة التوجه إلى الله عز وجل في الكرب والشدائد كما قال عز وجل : (( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )) [النمل : 62] فمن المحال أن يأمر الناس بما يخالف الفطرة وهو مأمور بالأخذ بدين الفطرة قال الله تعالى : (( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )) [الروم : 30]

فدلالة الحديث واضحة إن صح فهؤلاء العباد ملائكة حاضرون يعينون فيما يقدرون عليه وما لا يفضي إلى شرك كما قال السهسواني والألباني أو أنه يحمله المؤلف على الأمور التي لا يقدر عليها البشر فيكون يدعو لما هو مخالفة للفطرة التي فطر الخلق عليها .








التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» الصوفية يحتفلون بمولد سيد شباب أهل الجنة Sofiyah
»» استضافة الشيخ محمد العريفي في منتدى الكاشف
»» سلسلة أعلام التصوف 12 ابن عطاء الله السكندري
»» هؤلاء تركوا التصوف / الشيخ بهجة البيطار
»» إلى متى السير في طريق إثارة حفيظة المسلمين ؟
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:55 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "