العبارة السادسة
عبارة: ديننا بعيد عن التكفير
بقلم الشيخ راشد العليمي:
هذه العبارة يتمسك بها الكثير من المسلمين في خطاباتهم وأقوالهم الإعلامية
للدلالة على أن الإسلام دين السلام والمحبة والتعاون مع كل إنسان، وإن كان مخالفا لأصول الدين الإسلامي.
وأنجرف إلى القول بهذه العبارة على إطلاقها، بدون الاستفصال عن توجيهها الكثير من أبناء الإسلام،
وذلك لشيوعها بينهم في الخطابات والتصريحات، مع ابتعادهم عن النظر في ميزانها وفق الشرع الحكيم.
والقارئ لكتاب ربنا يجد أن الله قد حكم على من خالف العقيدة الإسلامية بالكفر، وذلك في العديد من آيات الكتاب الكريم،
ومن ذلك: (
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذًينَ قَالُواْ إًنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسًيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } (17) سورة المائدة،
وقال: (
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذًينَ قَالُواْ إًنَّ اللّهَ ثَالًثُ ثَلاَثَةي وَمَا مًنْ إًلَهي إًلاَّ إًلَهي وَاحًدي وَإًن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذًينَ كَفَرُواْ مًنْهُمْ عَذَابي أَلًيمي) (73) سورة المائدة،
فالحكم بالتكفير ليس بدعا في شرعنا،
فهو موجود ولكن وفق ضوابط شرعية وردت في السنة النبوية تقيد وتوجه مساره،
مثل ما حذر من التسرع بإطلاقه صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: (
من قال لأخيه يا كافر! فقد باء بها أحدهما)،
ونلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم (لم يطلق هذا الوصف على أحد من الناس في زمنه ممن شهد بالشهادتين، حتى وإن كان من المنافقين،
أو إن كان عاصيا مقصرا مرتكبا للكبائر مثل شرب الخمر والزنا وغيرهما.
والخشية من أن يكون المسلم بين طرفي نقيض عند سوء فهمه لميزان هذه القضية الخطيرة،
فيخشى عليه أولا من عقيدة الإرجاء وهي اعتقاد أنه لا يضر مع الإيمان أي ذنب،
وهذا يفتح علينا باب التجرؤ على المحارم والمعاصي،
وثانيا من عقيدة الخوارج التكفيرية، وهي اعتقاد أن كل كبيرة صاحبها كافر،
مما يجر الأقدام ويوقعها في تكفير واتهام المسلمين،
لكن الصواب والمنهج الحق يكون باتباع فهم سلف الأمة رحمهم الله.
فحكم النبي صلى الله عليه وسلم (بالكفر كان وصفا لا عينا على من ابتعد عن بعض العبادات العظيمة ووقع في الكبائر،
مثل الصلاة، وذلك حين قال صلى الله عليه وسلم: (
العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)،
وهذا ما قرره علماء الأمة بأن حكم تارك الصلاة الكفر، ولكن هذا الحكم يكون وصفا دون الحكم بالتعيين على أحد بهذا،
ولا نشير به إلى فلان وفلان لجهلنا ببواطن الأمور أي بما في قلبه وسبب تركه للصلاة،
فهذا لا يعلمه إلا علام الغيوب، وليس بمقدور أحد من الناس الحكم بالتكفير تعيينا إلا بعد الاستتابة والمناقشة التي يعينها ولي الأمر.
لهذا فعبارة،
ديننا بعيد عن التكفير، ينبغي أن توضع تحت مجهر النظر والاستفصال عن المراد بها.
تاريخ النشر: الثلاثاء 5/6/2007