ّ
الحمد لله ..
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وعلى آزواج محمد وعلى الصحابة الاطهار من المهاجرين والأنصار وعلى من تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .. وسلم .
قال تعالى :
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة : 122 )
إذا رجعنا .. إلي الهجرة وما قبلها من يوم التبليغ لمحمد صلى الله عليه وآله صحبه وسلم .. ربى هذا النبي صلى الله عليه وسلم جيلا مدحه الله تعالى بالقرآن في كذا موطن في القرآن فقال تعالى :
(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة : 100 )
ومثل ذلك كثير في القرآن والسنة فقد قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , :
((لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدَّ أحدهم ولا نصيفه)) وهو في البخاري ومسلم من طريق أبي هريرة .. رضي الله عنه ..
فهذا الجيل رباه النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لمدة 23 سنة .
توفي صلى الله عليه وسلم .. وترك هؤلاء الأطهار بعد أن رباهم وزكاهم وشاورهم فقال تعالى :
(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (آل عمران : 164 )
وقال تعالى :
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران : 159 )
لما توفي صلى الله عليه وسلم .. سيصبح الصحابة رضي الله عنهم .. أحد أمرين ..
1- كفار .. وحاشاهم .. !
2- مسلمين مؤمنين وهذا الذي ذكره القرآن عنهم ..
فإن قال الرافضة بأنهم كفار .. قلنا لهم بأمرين ..
الأول كيف صاروا هم خير الأمة ومعلوم أن خير الأمة هو أولها .. فقال تعالى :
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران : 110 )
وقال صلى الله عليه وسلم :
((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) وهو في البخاري ومسلم من طريق ابن مسعود رضي الله عنه ..
والثاني أنهم إذا كانوا كفار لماذا النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يعاشرهم ويأكل معهم ويتزوج من بناتهم ويغزوا بهم ويعيش بينهم ولماذا يخرج من بلد كفار إلي بلد كفار يخرج من مكة بلد الكفر إلي المدينة بلد الكفار - في نظر الرافضة - اسئلة تحير العاقل ..
ولماذا هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم يقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل أمور الدين .. الشهادتين الصلاة الجهاد الصلة الصيام الحج الأذكار الطاعة الخشوع الدعاء .. ولماذا يتركون كل ما حرم الله تعالى من زناء وبغاء وشرب خمور وكذب وغش وسرقة ونهب وقتل .. الخ .
الكافر لا يعمل هذا كله ..
وما الذي يجعل كفار يتركون بلادهم وأهلهم وأوطانهم وجيرانهم وأقاربهم ومصالحهم حتى يتبعوا هذا النبي وهم قد كفروا به .. والإخراج من البلد أشد من القتل .. كما قال تعالى :
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ .. ) (البقرة : 217 )
فذكر الإخراج من البيت والبلد أنه أشد من القتل ..
وهذا في الواقع الملموس يعيشه المواطن العادي .. فهو لا يتحمل اخراجه من بلده .. ويحن إله وهذا قديم في العرب حتى قال الأول :
قلب فؤاد حيث شئت من الهوى *** ما الحب إلا للحبيب الأولي
كم منزل في الأرض يهاوه الفتى *** وحنينه أبدا لأول منـــزلي
فهؤلاء الصحابة يخرجون من بلادهم وهم كفار .. ويخرجون مع رجل لا يؤمنون به .!!
شئ عجيب غريب ..
يهجرون الأهل والبد للحبشة مرتين وهم كفار .. !
يرجون للموت ويموتون أمام النبي في الغزوات وهم كفار ..!
عفوا .. فهذا كلام لا يصدقه العقل ولا يؤمن به العاقل ..
لا يؤمن بهذا الكلام إلا رجل قد أجر عقله لغيره .. والله المستعان ..
هذا إذا قلنا أنهم (( كفار )) ..
زد على ذلك أمر ..
وهو أن هؤلاء الصحابة في نظر الرافضة كفار .. فإن كانوا كذلك ما دخل ( علىّ ) رضي الله عنه بمن يولون عليهم ؟ فهم يولون علي أنفسهم من يولون ما المشكلة التي ستلحق علي وهل علي مسؤول عن الروم وفارس وهم كفار فيمن يولونه عليهم ؟
وهل يلام الأحباش والأقباط وهم لم يجعلوا علىّ رضي الله عنه والياً عليهم . . !
أمر عجيب .
فإن قال الرافضة بأنهم كفار :
قلنا هنا أمور :
الأول:
أنهم ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .. وهذا بلا شك أمر عقائدي ..
فلماذا لم يبين صلى الله عليه وسلم أن من ترك امراً كهذا يدخل النار .. ولم يذكر القرآن ذلك في صريحه كما ذكر الكفر بالله والملائكة والنبيين والكتاب وغير ذلك فقال تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) (النساء : 136 )
فلما لم يذكر الولاية .. مع العلم أن تاركها كافر ؟ .. !
فهل يليق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يترك أمرا مهما كهذا الامر ؟
وهل القرآن يترك مثل هذا الأمر الذي هو منهج ورحمه للمؤمنين وهل يعقل أن يكون معرفة ذلك بالتلميحات والتعديل ومثل المسائل الرياضية .. بما أن كذا وكذا فإن كذا وكذا .. !
ثانيا :
يقال : الصحابة إما أنهم علموا أن أبو بكر رضي الله عنه هو خيرهم وأنه من يخلف النبي بعده .. أو أنهم جهلوا .. فإن كاونوا علموا ذلك فإنه ليس من المعقول أن يكونوا وهم أعلم باحواله وأعلم بأحوال حالهم أن يولوا علي أنفسهم من هو دون خيرهم وهو علىّ رصي الله عنه .. وقد مدحهم الله تعالى بالقرآن بأنهم خير أمة أخرجت للناس .. فكيف تكون خير أمة لا تعرف أن تختار على نفسها خيرها ..
ومن ثم هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم ما جبرهم على تولية أبي بكر رضي الله عنه وعنهم جابر . بل هم من ولوا ذلك على أنفسهم من غير أن يتخلف أحد ..
ومن تخلف لا يذكر باجانب الإجماع وقد سار بهم خير سيرة ومدحه القاصي والداني وقد أرجع البلاد بعد ردتها إلي ما كانت عليه على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
ولو أنهم ارتدوا على ما يذكر أهل الرفض وجهال التشيع فكيف يكون مرتدين يقاتلون مرتدين ؟
وإن كان في تولية أبي بكر رضي الله عنه كفرهم وردتهم ودخولهم النار .. فكيف يقال ذلك لقوم قد فروا هم أًلا من النار .. ؟
فهم من خرج ليقتل احدهم في سبيل الله ليدخل الجنة وهم من بذل الغالي والنفيس والمال من أجل أن يدخل الجنة وبعد ذلك كله يكفرون بأمر يدخلهم النار ؟؟
وهم في الوقت نفسه يقيمون الحدود ويعملون كل الصالحات ويتركون كل الموبقات .. ويأتون إلي أمر بسيط وهو أن يتولى عليهم علىّ رضي الله عنه ويختارون عليه أبو بكر رضي الله عنه لكي يدخلوا بعد ذلك النار .. ! الا يدعو ذلك للعجب ؟
فما المصلحة التي سيجنونها من وراء تولية أبي بكر عليهم ؟
وهل صار النبي صلى الله عليه وسلم يحكم حكم ملكي لكي يعطي الأمر من بعده لأقاربه .!
وإن كان عملهم هذا بتولية أبي بكر عليهم من نوع الحسد والحقد علي علىّ رضي الله عنه .. فإن هذا لا يتوافق مع قوله تعالى :
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران : 110 )
فهل يُعقل أن تكون خير أمة يكون أولها حساد حقاد ..!
ثم إن في تولية أبي بكر عليهم وهو ليس بخير ظلم لأنفسهم .. وهذا يدل على انهم ليسوا بخير أمة .. فكيف يكون عاقل يولي على نفسه من يراه ليس بخر ..
فأنا وانت في العمل نحب أن يتولى علينا من هو خير فكيف يكون هذا في تولية أمور الأمة لمن ليس بخير ؟
فإن قال قائل .. بل هم جهلوا ذلك :
فيقال :
هذا لا يتناسب مع حالهم وأنهم خير الأمة ..
فإن كان خير الامة يجهلون مصلحتهم فإن من بعدهم أجهل وأقل بحيث لا خير في الأمة ولا تُفضل على من سبقها وهذا فيه تكذيب للقرآن الذي أخبر عن خيريتها وأنها خير أمة أخرجت للناس ..
والظلم منهم معلومٌ بطلانه لأن الظلم نوع من الشر والشر لم يوصفوا به بل لا يُعلم أنه قد وصفهم بذلك حتى أعداءهم من الكفار والمارقين ولم يصفهم بالشر واللعن والظلم إلا الرافضة وجهال الشيعة وهذا يدل على مروق هؤلاء الرفضة والشيعة الجهال عن طريق واجماع المسلمين ..
فالعاقل يقول :
لو أننا بدأنا من البداية لعلمنا أن أمر الولاية باطل من الأساس ..
فإن كان سيتولى علىّ رضي الله عنه على مسلمين .. فهم قد أختاروا خيرا منه بلا شك وهذا الخير لا يختارونه مع الظلم لا لأنفسهم ولا لغيرهم وهم (( خير أمة أخرجت للناس ))
وإن كان يستولى الأمر على كفار .. فما علاقة مسلم مؤمن بأحوال الكفار وعلى من يولون ومن يعزلون ..
وقد قال تعالى :
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران : 110 )
فقليل من العقل يا رافضة ويا شيعة ..
فإن من تأمل هذا علم ما علمنا وتأمل ما تأملنا ووصل إلي ما وصلنا من موافقة القرآن واتباع سيرة سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم ...
اللهم اهدنا اهد بنا ..
مؤدب