إن إيران التي يتعاظم خطرها يوماً بعد يوم, لم تكن لتقدر على العبث بأمن العراق ولا المفاوضة عليه كما يحدث الآن لصالح برنامجها النووي, دونما وجود غزل حقيقي بينها وبين أمريكا, التي نراها أقل خطورةً على المشروع الوجودي العربي في كل دول الخليج من الفرس الإيرانيين, كيف لا؟ والفرس يتحينون الفرصة التاريخية, للإنتقام من العرب منذ قادسية سعد ابن أبي وقاص المجيدة في صدر الإسلام, ويسعون لاستعادة دورهم الإقليمي المفقود على يد العرب كما تخامر عقولهم الأفكار السوداء, سعياً لبعث كسرى المهزوم من جديد,
وإن كان المخطط الفارسي التوسعي غرباً نحو أرض العرب قد توقف تماماً لسنوات, بفضل الحرب العراقية الإيرانية, التي وقف فيها العراق مدافعاً عن الأمة العربية عامةً, ودول الخليج خاصةً, فإن المشروع الثأري التوسعي الفارسي, سيأتي لا محالة على كل دول الخليج, ولاسيما السعودية والكويت, ما لم تتخذ الدول العربية موقفاً صارماً وحقيقياً, من الأطماع الفارسية في العراق على المدى القريب, ودول الخليج على المدى البعيد أو المتوسط البعيد.
فكما كانت المقاومة العراقية جرعة الممانعة الحقيقية, للداء الاحتلالي الأمريكي, الذي أصاب جسد العراق, فإنها مطالبة بمسؤولية كبيرة, أن تقف في وجه الاستيطان الصفوي الجديد, الذي أسس وبنى له قواعد, عبر زرع أزلامه في أرض العراق, وهي مهمة تتحدد في الجهاد ضد قادة فرق الموت التي يقودها زعماء فيالق الموت والدم, أمثال اللواء في المخابرات الإيرانية المجرم هادي العامري, الذي يرأس فيلق بدر الشعوبي, وكذاك أبو سجاد وأبو درع الدمويين, مروراً بكل منظري فكرة التقسيم مثل الإيراني كريم شهبور الشهير بموفق الربيعي, وصولاً إلى العميل الدمية أبو إسراء نوري المالكي ومَنْ شاكله الشبه, وذلك لأنهم جميعاً من أدوات المشروع الإيراني في المنطقة.
لم يبق للعراق الآن سوى رجال مقاومته الباسلة, الذين أذلوا رأس الكفر العالمي, وأحبطوا المشروع الأمريكي في المنطقة, وأعادوا للأمة العربية عزها ومجدها في الاستبسال والفداء والتضحية, فيما يتأكد من جديد أن المعركة الدائرة الآن على أرض الرافدين, مفتوحة الأمد زمنياً, وغير مقتصرة على الأمريكان وحدهم, في ظل استشراس الغزو الصفوي الفارسي, مما يفرض على كل الوطنيين والقوميين, الاستعداد لمرحلة قريبة قادمة, في صفحات التقابل الجهادي مع أزلام المشروع الاستيطاني الصفوي وأدواته, فيما يتحتم على المقاومة العربية الإسلامية في العراق, ألا تكتفي بساحة العراق وحدها ميداناً للمواجهة ومسرحاً للعمليات, التي يجب أن تعرف موطئاً في قلب الأراضي الفارسية.
كاتب صحفي فلسطيني.