لقد تم الافتراء على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسلسل «خالد بن الوليد» - رضي الله عنه -، وذلك بقلب حقائق الأمور والروايات الصحيحة في شأن سيرتهم العطرة والكريمة، كما أشار إلى ذلك النقاد من أن المسلسل جاء متدنيا من حيث التمثيل والأداء ومن حيث الربط بمسيرة الصحابي الفذ خالد بن الوليد، ومما هو معلوم أن هذا العمل الرديء أثار سخط وغضب الكثيرين ممن تابعوا حلقاته، حيث انه احتوى بين جنباته السم الزعاف من تدليس ومغالطات فاضحة ومنكره أثارت حفيظة الغيورين المحبين لصحابة النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وتساءل الكثيرون هل كان ذلك إشباعاً لرغبات حاقدة، أم هو الهوس بالكذب والتلذذ من أجل غايات وأهداف قذرة 00، وسأورد عزيزي القارئ بعض الأدلة على ذلك لكي تنجلي لك الحقائق وتتضح الأمور:
أولا : في بداية الأمر عرضوا في المسلسل مقطعاً يظهر الفاروق عمر بن الخطاب وهو يصارع خالد، حيث اظهروا أن خالد يكره عمر، وكسر له أحد ضلوعه، وفي الحلقات الأخيرة أظهروا مقطعاً من المسلسل يشير إلى أن عمر قام بإقالة خالد من رأس الجيش، على أساس أن عمر يكره خالداً من ذلك الموقف الذي حدث بينهما في الماضي وهذا غير صحيح، كما يريدون أن يوهموا المشاهد أن بين الجهبذين «عمر وخالد» - رضوان الله تعالى عنهما والصحابة أجمعين -حقد وغل، حاشاهما رضي الله عنهما.
مسألة عزل عمر لخالد وبواعثها 00 هذه واقعة حصلت ولا مجال لإنكارها، وقالها الفاروق سيد العدل في حديثه المشهور، أنه لم يعزل خالدا لخيانة أو ضعف منه، ولكنه خاف أن تفتن الناس بخالد فينسب له النصر، وما النصر إلا من عند الله، والله هو الناصر لعباده، وفعلا في ذلك الوقت استغل البعض ما حدث وحاولوا إحداث الفرقة ولكن لأن الصحابيين الجليلين كانا أقوى من أي فتنة، لذلك تجاوزا الأمر، وكذلك قامت محاولة أخرى لفتنة خالد، فرد بعبارته المشهورة «إني لا أقاتل لأجل عمر، بل لأجل ربي ورب عمر»، وهنا يظهر مدى حكمة الصحابيين الجليلين وليخسأ الحاقدون.
ثانيا : اظهروا في مسلسلهم هذا أن خالداً كان يقول لقومه عندما أرادوا مهاجمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يهاجر: «أربعون فارسا ليقتلوا شخصا واحدا » انتبه عزيزي القارئ للخبث المبطن!!
ثالثا: أمير المؤمنين ابوبكر الصديق-رضي الله عنه- هو الذي اعتق بلالاً بن رباح-رضي الله عنه- من أمية بن خلف كما يعلم الجميع، لكن في هذا المسلسل قاموا بتزييف الحقائق حيث جعلوا العباس بن عبد المطلب-رضي الله عنه- هو الذي اعتق بلالاً، فماذا يعني ذلك ؟! أهو الحقد على الصديق أمير المؤمنين ؟ أم ماذا !!
رابعا: تهميش دور الجليلين أبي بكر وعمر في هذا المسلسل وكيف أنهم لم يذكروا أي شي عنهما ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا00 هل هو كره لهما ؟ أم تجاهل لدورهما كخليفتين معاصرين لزمن الفذ خالد بن الوليد؟!
خامسا: جيش المسلمين في ذاك الوقت لم يكن يلبس اللباس الأخضر في معاركه، بل الأبيض والأسود، فما المغزى يا ترى من ليّ عنق الحقيقة وتبديلها هنا !! أم المعنى في بطن الشاعر !!
سادسا: تصغير أبي سفيان وجعله من أذلاء قومه وأن امرأته هي التي تدافع عنه، أهو الحقد على أبناء هذا الصحابي الجليل أم ماذا !! أفيدونا.
سابعا: ومن ضمنها أن خالد بن الوليد بعث يحذر المسلمين من اليهود في غزوة الأحزاب والصحيح عكس ذلك، فالرسول يوحى إليه من فوق سبع سموات، وهذا ما تم.
ثامنا: ألم يهاجر أمير المؤمنين ابوبكر الصديق مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في ذلك الوقت، ولكنهم بينوا أن الرسول هاجر لوحده بدون أبي بكر الصديق، مرة أخرى.. أهو الكره المعشش في القلوب على خليفة رسول الله الصديق الطاهر الأمين، والذي قال نبي الرحمة فيه، وكان ذلك في آخر خطبة خطبها «أيها الناس لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله».
تاسعا: التبرج الفاضح في المسلسل، لا سيما وأن العمل يحمل اسم صحابي جليل، كما ويظهر فيه صحابة أجلاء كرام، فهل يليق ذلك بمقامهم الشريف وقدرهم الكبير.
هذا فضلا عزيزي القارئ عن تجسيد وتصوير شخصيات الصحابة، وليس فقط العشرة منهم المبشرين بالجنة، لأنهم شخصيات وشهب وكواكب منيرة، وفيما مضى صدرت فتوى من الأزهر تحرم تجسيد شخصية الصحابة العشرة المبشرين بالجنة في الأعمال الدرامية تلفزيونيا، ومثلها صدرت عن الشيخ الفاضل يوسف القرضاوي، وأيضا عن جمع كبير من العلماء، وكثير منهم أيضا حرموا تجسيد شخصية الأنبياء وأمهات المؤمنين زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأيضا آل البيت رضي الله عنهم أجمعين.
ناهيك عزيزي القارئ عن خداع الصورة الذهنية التي تترك آثارا بين الجمهور إزاء الشخصية التي تقوم بأداء أدوار الصحابة، وربطها في أدوار أخرى يقومون بها، مما يسيء للصحابة الكرام، لذلك من الأجدر عدم ظهور مثل هذه الشخصيات في الأعمال الدرامية.
وقد اختصرت الكثير مما ظهر من تزييف خبيث للحقائق في هذا المسلسل السيئ، وما خشيتي إلا أن يتم مستقبلا إنتاج مسلسلات تحمل اسم الشيخين الكبيرين، الصديق أبي بكر أو الفاروق عمر، رضي الله عنهما وعن سائر الصحابة وآل البيت الأطهار الكرام، كما ونشهد الله عز وجل أننا براء من التدليس والتزييف والتشويه الذي اكتنف هذا العمل، والمخالفات الشرعية الجمة فيه، والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو جل شأنه من وراء القصد، والحمد لله رب العالمين.
كتب:أحمد ناصر العصيمي / جريدة الوطن الكويتية الخميس 26/10/2006
http://www.alwatan.com.kw/Default.as...7220&pageId=40
26-10-06, 08:25 PM
العرض العادي
