تنبيه الشريف والعَوَام إلى ما عند ابن عربي من الطوامّ بقلم الشيخ أحمد الكوس
تنبيه الشريف والعَوَام إلى ما عند ابن عربي من الطوامّ
الشيخ أحمد الكوس:وحدة الوجود عقيدة إلحادية تأتي بعد التشبع بفكرة الحلول في بعض الموجودات
تقديم:
ورد الى صفحات «الوطن الاسلامي» دراسة عن التصوف والصوفية بعث بها فضيلة الشيخ احمد عبدالرحمن الكوس يرد فيها على اطروحات الدكتور محمد عبد الغفار الشريف عما قاله في ابن عربي والتي جاءت تحت عنوان: «تنبيه الشريف والعوام الى ما عند ابن عربي من الكفر والطوام».
وعملا بحرية النشر نقدم الدراسة بتمامها لتعم الفائدة واليكم نصها:
اتعجب كثيرا من اطروحات د. عبد الغفار الشريف واظن ان القراء الكرام يشاركونني في ذلك حيث اغرب وخالف اهل العلم في المعتقد والمنهج الصحيح للكتاب والسنة، بل وخالف سلف الامة في مدحه وثنائه على الملحد ابن عربي وما هي الا سقطة وزلة لا تغفر له، ويحق للجميع ان يتساءل: لماذا؟ الجواب: لان د. عبدالغفار كان استاذا في كلية الشريعة وكان عميدا سابقا لها. فهو المسؤول الاول عن هذا الصرح العلمي وعن كل البحوث واطروحات الماجستير والدراسات العلمية وكذلك هو عضو هيئة الافتاء بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، وحاليا هو المسؤول والمؤتمن على اوقاف اهل الكويت التي تحتوي على مئات الملايين من الدنانير.
والامر الآخر هو استاذ وباحث ويفترض به الا يأخذ انصاف الحقيقة، او ما تهواه نفسه او الكلام الضعيف وغير الراجح عند اهل العلم، وهذا ما لم يفعله د.عبد الغفار هداه الله تعالى الى الحق، عندما وصف ابن عربي بالامام والطود العظيم!!
لبنة الذهب ولبنة الفضة
وحتى لا يلتبس الحق بالباطل كما قال تعالى: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه) وقوله: (لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون).
ويغتر عوام الناس والجهال بابن عربي الضال الذي حشا كتبه من الكفر والالحاد بحق الله تعالى والانبياء عليهم السلام فضلا عن زندقته وانحرافاته الكثيرة.
قال ابن ابي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية:
(فمن اكفر ممن ضرب لنفسه المثل بلبنة ذهب وللرسل المثل بلبنة فضة فيجعل نفسه أعلى وافضل من الرسل تلك امانيهم (ان في صدورهم الا كبر ما هم ببالغيه) وكيف يخفى كفر من هذا كلامه وله من الكلام امثال هذا وفيه ما يخفي منه الكفر ومنه ما يظهر، فلهذا يحتاج الى نقد جيد ليظهر زيفه فان من الزغل ما يظهر لكل ناقد ومنه ما لا يظهر الا للناقد الحاذق البصير وكفر ابن عربي وامثاله فوق كفر القائلين (لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله) ولكن ابن عربي وامثاله منافقون زنادقة اتحادية في الدرك الاسفل من النار.
العقيدة الطحاوية ص557
وحدة الوجود عند ابن عربي:
من اخطر واكفر الاعتقادات التي انتشرت بين الناس وبين من يدعي العلم عقيدة وحدة الوجود التي روج لها ابن عربي في كتبه وانطلت على بعض الناس بل اصبحت جزءا من مناهجهم ودروسهم وخطبهم وينشرها البعض بوقاحة وجرأة في كتبه.
قال الشيخ عبد الرحمن الوكيل:
وحدة الوجود عقيدة الحادية تأتي بعد التشبع بفكرة الحلول في بعض الموجودات، ومفادها لا شيء الا الله وكل ما في الوجود يمثل الله لا انفصال بين الخالق والمخلوق، وان وجود الكائنات هو عين وجود الله تعالى ليس وجودها غيره ولا شيء سواه البتة، وهي فكرة هندية بوذية ملحدة.
وهذا هو المبدأ الذي قام عليه مذهب ابن عربي الذي قال: سبحان من خلق الاشياء وهو عينها، وتجرأ على تفسير كتاب الله بغير علم فاستدل بآيات من القرآن الكريم زعما ان الله اطلق اسم الوجود على نفسه كما في قوله تعالى: (ووجد الله عنده) النور: 39، (لوجدوا الله توابا رحيما) النساء: 64، (يجد الله غفورا) النساء: 110، واستدل بأحاديث موضوعة مثل حديث: (من عرف نفسه فقد عرف ربه).
ولا شك ان هذه العقائد الالحادية قديمة جدا في العبادات الهندية والديانات البوذية، وقد انقسم اصحاب هذه المبادىء الالحادية الى فريقين:
1 ـ الفريق الاول: يرى الله سبحانه وتعالى روحا وان العالم جسم لذلك الروح، فاذا سما الانسان وتطهر التصق بالروح اي الله.
2 ـ الفريق الثاني: هؤلاء يزعمون ان جميع الموجودات لا حقيقة لوجودها غير وجود الله، فكل شيء في زعمهم هو الله تجلى فيه.
ولهذا نجد ان المستشرقين اهتموا كثيرا بدراسة ظاهرة التصوف، لانها تحقق اهدافهم في الهاء المسلمين وتفرق كلمتهم، وبالتالي فانهم وجدوا فيها معينا لهم على نشر الالحاد وانكار النبوات ونبذ التكاليف الشرعية والدعوة الى القول بوحدة الاديان وتصويبها جميعا مهما كانت، حتى وان كانت عبادة الحجر والشجر.
والواقع انه ما من مسلم يشك في كفر او ارتداد من قال بوحدة الوجود، وعلماء الاسلام حين حكموا بكفر غلاة المتصوفة من القائلين بوحدة الوجود والحلول والاتحاد حكموا ايضا بكفر من لم ير تكفيرهم.
ولقد قال شيخ الاسلام عن هؤلاء: «ان كفر هؤلاء اعظم من كفر اليهود والنصارى ومشركي العرب».
وابن عربي من اساطين القائلين بوحدة الوجود والحلول والاتحاد وصحة الاديان كلها، مهما كانت في الكفر اذ المرجع والمآل واحد، ومن هنا فهو يقول:
العبد رب والرب عبد === يا ليت شعري من المكلف
ان قلت عبد فذاك رب === او قلت رب فأنى يكلف
ما قاله ابن عبد الوهاب
قال الامام محمد بن عبد الوهاب:
وما الاتحادي ابن عربي صاحب الفصوص المخالف للنصوص وابن الفارض الذي لدين الله محارب، وبالباطل للحق معارض، فمن تمذهب بمذهبهما فقد اتخذ مع غير الرسول سبيلا وانحل طريق المغضوب عليهم والضالين المخالفين لشريعة سيد المرسلين فان ابن عربي وابن الفارض ينتحلان نحلا تكفرهما وقد كفرهما كثير من العلماء العاملين فهؤلاء يقولون كلاما اخشى المقت من الله في ذكره فضلا عمن انتحله فان لم يتب الى الله من انتحل مذهبهما وجب هجره وعزله عن الولاية ان كان ذا ولاية من امامة او غيرها فان صلاته غير صحيحة لا لنفسه ولا لغيره فان قال جاهل ارى عبدالله نوه يتكلم في هذا الامر فيعلم انه انما تبين لي الآن وجوب الجهاد في ذلك علي وعلى غيري لقوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده (الى ان قال) ملة ابيكم ابراهيم) مؤلفات محمد بن عبد الوهاب 193/1
واما الايمان باليوم الآخر فادعى ابن عربي ان اصحاب النار يتنعمون في النار كما يتنعم اهل الجنة في الجنة وانه يسمى عذابا من عذوبة طعمه وانشد في كتاب الفصوص:
فلم يبق الا صادق الوعد وحده === وما لوجود الحق عين تعاين
فان دخلوا دار الشقا فانهم === على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد === وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه === وذاك له كالقشر والقشر صاين
ولهذا قال بعض اصحابنا لبعض اتباع هؤلاء لما اثاروا محنة اهل السنة التي انتصروا فيها لهؤلاء الملاحدة قال له الله يذيقكم هذه العذوبة، وهذا المذهب قد حكاه اصحاب المقالات كالأشعري في مقالاته عن طائفة من سواد اهل الالحاد سموهم البطيخية وهو مما يعلم بالاضطرار فساده من دين الاسلام.
واما الايمان بالرسل فقد ادعوا ان خاتم الاولياء اعلم بالله من خاتم الانبياء وان خاتم الانبياء هو وسائر الانبياء يأخذون العلم بالله من مشكاة خاتم الاولياء وهذا مناقض للعقل والدين كما يقال في قول القائل (فخر عليهم السقف من تحتهم) لا عقل ولا قرآن، فانه من المعلوم بالعقل ان المتأخر يستفيد من المتقدم دون العكس ومن المعلوم في الدين ان افضل الاولياء يستفيدون من الانبياء، وافضل الاولياء من هذه الامة هم صالحو المؤمنين الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: (وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) سورة التحريم : 4 وافضل هؤلاء ابو بكر وعمر باتفاق أئمة السلف والخلف، الصفدية 245/1 ـ 247 .
--------------------------