إيران والوضع في لبنان
فتوى الجهاد لم تصدر بعد
ووجه الاستغراب لتلك التعليقات ان المراجع الدينية تهتم وتتابع الكثير من قضايا المسلمين الهامشية، ومنها أخيرا قضية دخول النساء الى ملاعب كرة القدم، وهي القضية التي وافقت عليها حكومة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، لكن رجال الدين اعترضوا واصدروا الفتوى بتحريم ذلك.
تغطي الحرب التي تشنها اسرائيل على لبنان على كل الفعاليات السياسية الرسمية والشعبية في ايران، وهو ما عكسته وسائل الاعلام من خلال تعليقاتها وتحليلاتها.
وبينما انتقدت بعض الصحف حالة الصمت 'المريب' والمؤسف الذي يسود غالبية رجال الدين ومراجع الشيعة حيال عدم اعلان مواقفهم مما يحدث في لبنان، وبالاخص عدم اصدارهم الفتاوى بالجهاد ضد اسرائيل والمصالح الاميركية والغربية.
وترى بعض التعليقات ان محورا بدأ يتشكل في الآونة الأخيرة لا مكان فيه لسوريا ويضم ايران وفنزويلا.. ومعهما يراهن على روسيا لقيام هذا المثلث القوي اقتصاديا وعسكريا لمواجهة الولايات المتحدة.
يقول بعض المراقبين ان مراجع عليا في ايران قد تصدر فتوى الجهاد ضد اسرائيل وضد مصالح اميركا والغرب اذا استمرت تل ابيب في عدوانها على لبنان والاراضي الفلسطينية، لكن حتى الان لم تصدر اي فتوى من هذا القبيل. السيد سيستاني في النجف (العراق) ادان الهجوم الاسرائيلي ضد لبنان، لكن كل ما اكد عليه حاليا هو السماح لمقلديه دفع المخصصات الشرعية الى المنكوبين الشيعة في لبنان. الى جانب ذلك اصدر حتى الان اربعة من مراجع الشيعة في ايران بيانات تندد بالعدوان الإسرائيلي، لكن أيا من هؤلاء لم يطالب أنصاره او الشعب الايراني والشيعة في العالم بشن الحرب والجهاد ضد اسرائيل او اميركا. السيد مقتدى الصدر الذي هو ليس مرجعا دينيا اعلن استعداد قوات المهدي، التي يترأسها، للتوجه من العراق الى لبنان لمقاتلة القوات الصهيونية.
الحقيقة ان المؤسسة الدينية في ايران ومنذ تأسيسها لم تصدر اي فتوى واقعية لمطالبة المسلمين الشيعة بالجهاد، ومن غير المتوقع ان تصدر هذه المؤسسة اي قرار من هذا القبيل حتى وان احتلت اسرائيل كامل الأراضي اللبنانية، وان المرشد الايراني باعتباره ولي الفقيه هو الوحيد الذي لديه القدرة على إصدار قرار الجهاد او المقاومة او اتخاذ اي خطوة بهذا الشأن.
والعديد من السياسيين الإيرانيين الذين ينتمون الى التيار الأصولي والمحافظ في ايران دعوا صراحة مراجع الدين والعلماء في العالم الاسلامي، الى إصدار فتوى مشتركة للجهاد ضد اسرائيل. ودعا هؤلاء الى وحدة دول عربية واسلامية مثل ايران وسوريا والعراق ولبنان للوقوف ضد اسرائيل التي تنوي الاستفراد بكل دولة على حدة لانها غير قادرة في الواقع على مقاتلة الدول العربية والاسلامية مجتمعة حتى وان ساندتها اميركا بكل الوسائل والأجهزة العسكرية.
وترى اميركا ان الظروف قد حانت لايجاد شرق أوسط جديد يتناغم مع النظام العالمي الجديد، بينما مسؤولون في ايران يرون بدورهم ان الوقت قد حان للقضاء على الكيان الصهيوني وطرد اميركا من العالم الاسلامي وذلك من خلال التكاتف ودعم حزب الله لبنان في حربه ضد إسرائيل.
في الواقع، فإن دعوة الرئيس الايراني احمدي نجاد بعقد اجتماع طارئ لمنظمة المؤتمر الإسلامي لم تلق آذانا صاغية لدى اي من قادة الدول الاسلامية الامر الذي يشير الى ان ايران ربما ستكون وحدها او مع قلة من الدول في مواجهة ضغوط اميركا وسياستها الداعية لايجاد تغييرات واسعة في الخريطة السياسية وربما الجغرافية في المنطقة.
ونظرا لاحتمال عدم إصدار اي قرار بشأن الجهاد ضد اسرائيل واميركا من جانب كبار رجال الدين الشيعة، فان تحرك الجماعات المسلحة التي تسمى نفسها بالاستشهادية قد يكون ضئيلا او لا يصل لمستوى التوقعات من جانب حزب الله لدعمه من جانب هذه الجماعات التي أعدت نفسها في الواقع لمواجهة اميركا وليس إسرائيل في حالة هجوم الأولى عسكريا على ايران. ومع هذا فان بعض رجال الدين وربما في اطار المنافسة مع نظرائهم قد يصدرون مستقبلا مثل هذه الفتوى.
روز (النهار) يومية
القبس 4/8/2006
http://www.alqabas.com.kw/Final/News...ticleID=190890