السلام عليكم ورحمة الله:
فقد رأيت كثرة النقاش حول موضوع التوسل ورأيت ان اسمي بدأ يذكر كثيرا فأردت توضيحا لموقفي ومناقشة مخالفي بعد إذن إدارة المنتدى فأقول:
سيكون نقاشنا هنا -مع من يريد -حول القسم المختلف فيه من أنواع التوسل وهو التوسل بالجاه والذات.
فلن يكون نقاشنا حول الاستغاثة -وقد عدها البعض توسلا- فهذا شئ متفق على حرمته وقد ذكرنا أقوال العلماء فيه هنا:
http://www.antihabashis.com/bbs/foru...p?TID=194&PN=8
وفرقنا بينه وبين التوسل هنا:
http://www.antihabashis.com/bbs/foru...?TID=198&PN=12
ولن يكون نقاشنا حول التوسل المباح والمستحب المتفق عليه كالتوسل بأسماء الله وصفاته وغيرها.
ولن يكون نقاشنا حول نوع آخر مختلف فيه من انواع التوسل وهو التوسل بطلب الدعاء من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
نقاشنا فقط حول التوسل بالجاه والذات.
ونبدأ بما يلي:
لا بد قبل النقاش في أي أمر شرعي من تصنيف موارده ومعرفتها وهذا لا بد منه فالطبيب الذي يصف الدواء لا بد له من تشخيص المرض أولا , ولأجل تخفيف حدة النقاش من جهة أخرى.
السؤال الأول:
هل التوسل من مسائل العقيدة أم من مسائل الفقه؟
إن كانت الإجابة أنه من مسائل العقيدة فدلنا أين نجده في كتب المتقدمين -قبل شيخ الإسلام ابن تيمية رجاءا- العقدية؟ حيث بحثت كثيرا في هذا الموضوع فلم أجده إلا في كتب الفقه في الأبواب التالية (كتاب الصلاة باب صلاة الاستسقاء - زيارة القبور في باب الجنائز- كتاب الحج والعمرة باب زيارة المسجد النبوي الشريف في المدينة).
وما الدليل على أنها من مسائل العقيدة وهو خلاف في كيفية الدعاء وليس في الدعاء نفسه ؟ وأين أجدها في كتب العقائد عن الأولين قبل شيخ الإسلام ابن تيمية؟ ولماذا أدرجت في كتب الفقه في هذه الكتب؟ أنا اعلم أنه يوجد بكتب الفقه مسائل عقدية لكن لماذا اقتصر الذكر فيها على ذكرها فقط في هذه الكتب؟
ونزيد هنا: أن الإجابة لو كانت أن هذه المسألة من مسائل الفقه فما رأيك بمن يقحهمها في العقيدة أليس هذا خطأ في التشخيص وهو فادح أيضا؟
وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في فتاويه والشيخ حسين بن غنام الإحسائي وهو من أصحاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في (( روضة الأفكار والإفهام لمرتاد حال الإمام )) والشيخ حسن البنا في الأصل الخامس عشر من الأصول العشرين والشيخ الألباني في مقدمة شرحه العقيدة الطحاوية وغيرهم ذكروا أن هذه المسالة ليست من مسائل العقيدة في عبارة بعضهم ومن مسائل الفقه في عبارات بعضهم الآخر.
وفي المقابل نجد اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية والشيخ الفوزان يقولان إنها من مسائل العقيدة!!
فأي الفريقين أحق بالصواب؟؟
السؤال الثاني:
ما نوع الخلاف في المسألة وهل هو خلاف سائغ أم غيره؟ ما نوع الإنكار في هذه المسألة خاصة للمانعين فقد قرأت أقوالا في المنع من الإنكار في هذه المسألة:
1- قال الشيخ حسين بن غنام الإحسائي في (( روضة الأفكار والإفهام لمرتاد حال الإمام )) :
(( (العاشرة ) قولهم في الستسقاء لا بأس بالتوسل بالصالحين ، وقول أحمد يتوسل بالنبي (صلى الله عليه وسلم) خاصة مع قولهم إنَّه لا يستغاث بمخلوق، فالفرق ظاهر جداً وليس الكلام مما نحن فيه فكون بعضهم يرخص بالتوسل بالصالحين وبعضهم يخصه بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه، هذه المسألة من مسائل الفقه، ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور أنه مكروه فلا ننكر على من فعله ولا إنكار في مسائل الاجتهاد )) .
انتهى من كتاب (( السهسواني )) ( ص 183 ) .
2- قال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق النجدي في كتابه (عقيدة الطائفة النجدية في توحيد الإلهية) ص57:
: (( ونحن إن قلنا بالمنع من التوسل به (صلى الله عليه وسلم) بهذا اللفظ أو نحوه لم نعتقده من أصحية المنع، فنحن مع ذلك لا نشدد في ذلك على من فعله مستدلاً بالحديث فضلاً عن أن نكفره )) . اهـ.
3- ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص68، ص69:
في المسألة العاشرة : ( قولهم في الاستسقاء لا بأس بالتوسل بالصالحين وقول أحمد يتوسل النبي صلى الله عليه وسلم خاصة مع قولهم إنه لا يستغاث بمخلوق - فالفرق ظاهر جدا - وليس الكلام مما نحن فيه فكون البعض يرخص التوسل بالصالحين وبعضهم يخصه النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر العلماء ينهي عنه ويكرهه . . فهذه المسألة من مسائل الفقه الصواب عندنا قول الجمهور أنه مكروه فلا ننكر على من فعله) .
4-قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وإن كان فى العلماء من سوغه، فقد ثبت عن غير واحد من العلماء أنه نهى عنه، فتكون مسألة نزاع كما تقدم بيانه، فيرد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله، وبيدى كل واحد حجته كما فى سائر مسائل النزاع، وليس هذا من مسائل العقوبات بإجماع المسلمين، بل المعاقب على ذلك معتد جاهل ظالم، فإن القائل بهذا قد قال ما قالت العلماء، والمنكر عليه ليس معه نقل يجب اتباعه لا عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة).انتهى.
وفي المقابل انكر الكثيرون هذه الأقوال -أو على الأقل ظاهرها- وأنكروا هذا النوع من التوسل -وذكروا أنه ذريعة للشرك وأقوالهم اشهر من أن تذكر.
أرجو الإجابة عن السؤالين على مهل!! وأظنهما لا يحتاجان إلى مزيد توضيح.
وإنما قدمت المناقشة بهما لأهميتهما وغيابهما عن معظم المتناقشين في هذه المسألة.
وكذا إنما ذكرتهما دفعة واحدة لأني هذه الأيام مشغول جدا بامتحانات الجامعة فأردت توفير الوقت , وأيضا حتى لا يطول النقاش أكثر من اللازم ويتطلب له صفحات كثيرة.
ملحوظات:
1-أرجو المعذرة إن تاخرت فيما لا يزيد عن خمسة أيام بسبب الانشغال ونرجو الدعاء بظهر الغيب.
2- أرجو عدم التصنيف فلست صوفيا وليس كل من رأى جواز التوسل -ومنهم الإمام أحمد وغيره -صوفيا كما أني من مانعي التوسل أصلا ولكن لا انكر على من فعله لعلمي بنوع المسألة (فقهية خلافية الجمهور فيها على الجواز) ولكن امنعه سدا للذريعة بسبب الخلط بين التوسل والاستغاثة خاصة في هذه الأيام التي كثر فيها الجهل ولكن أيضا انكر على من ينكر على فاعله بسبب إشاعات علمية لا نصيب لها من الصحة سيأتي نقاش بعضها في حوارنا فبرجاء عدم افساد الحوار بتصنيفي على ما ليس عليه أمري.
أخوكم.