حول بيان مفهوم الرفض ومفهوم التشيع:
المفهوم اللغوي
الرفض لغة- الترك، الرافضة: فرقة من الشيعة، قال الأصمعي: سموا بذلك لتركهم زيد بن علي.
أما التشيع لغة: المتابعة والمناصرة.
(وشيعة) الرجل: أتباعه وأنصاره.
و(تشيع) الرجل: ادعى دعوى ( الشيعة)
وكل قوم أمرهم واحد بعضهم رأي بعض فهم (شيع) وقوله تعالى (كما فعل بأشياعهم من قبل) أي بأمثالهم من الشيع الماضية.
المفهوم الشرعي:
بعد أن أتضح لنا الفرق بن الاصطلاحين من الناحية اللغوية، لابد من أن نجليه من الناحية الشرعية.
فاعلم يا أخي أن هناك بوناً شاسعاً بين الاصطلاحين أو المفهومين لا بد من إدراكه ومعرفته لما يترتب على ذلك من دحض أكاذيب الرافضة على أهل السنة والجماعة مستغلين اضطراب مفهوم الرفض من أذهان كثير من المسلمين، وحب المسلمين لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لينقضوا عرى الإسلام تحت هذا الشعار الكاذب.
فالمفهوم الشرعي للرفض: هو مجرد تقديم علي بن أبى طالب على الشيخين – أبي بكرن وعمر –رضي الله عنهم جميعاً، واعتباره أفضل منهما وأولى وأجدر بالخلافة، دون أن ينضم إلى ذلك سب الشيخين أو أحدهما.
فإذا انضم إلى ذلك بغضهما أو سبهما أو أحدهما، فذلك غلو في الرفض، ولو كان ذلك تصريحاً أو تلميحاً.
وإذا تبع ذلك باعتقاد رجعة علي رضي الله عنه أو أحد أبنائه إلى الدنيا بعد وفاته ، فذلك أشد في الغلو.
أما التشيع شرعاً:
فهو محبه علي رضي الله عنه وتقديمه على الصحابة دون الشيخين ، أبي بكر ، وعمر ، رضي الله عنهما ، فإن قدم عليهما صار هذا رفضاً.
قال شيخ الإسلام ابن حجر – رحمه الله تعالى – والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة ، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه،ويطلق عليه رافضي وإلا فشيعي فإن أضاف إلى ذلك السب أو التصريح بالبغض فغالٍ في الرفض ، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشد في الغلو.
بعد هذا العرض لمفهومي الرافض والتشيع لغة وشرعاً، ووضوح الفارق بين المفهومين ، آن لنا أن نسأل: من الرافضة؟ ومن الشيعة؟، والجواب على ذلك:
أن الرافضة، قوم من الشيعة قدموا علياً وبنيه علي رضي الله عنهم على الشيخين أبي بكر وعمر، وكرهوا الشيخين وأبغضوهما وسبوهما، وآمنوا بعصمة الأئمة وجعلوا لهم ما للنبي سوى النبوة، وآمنوا برجعة الإمام المنتظر الذي غاب ولم يمت ، ولمذهبهم أصوله الخاصة ، وهي تختلف اختلافا بيناً عن أصول أهل السنة والجماعة.
أما الشيعة: فهم أولئك الذين يوالون أهل البيت، ويفضلونهم على من سواهم من الصحابة، دون الحط على أحد منهم أو سبهم وتكفيرهم، لا سيما الشيخين أبي بكر وعمر.
قال ابن تيمية رحمة الله مبيناً سبب تسمية الشيعة بالرافضة:
ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلى رافضة وزيدية، فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر فترحم عليهما رفضة قوم فقال لهم: رفضتموني؟ فسموا رافضة لرفضهم إياه ، وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيديا لانتسابهم إليه.
وقال رحمه الله: إذ قد تواتر عن علي من الوجوه الكثيرة أنه قال على منبر الكوفة وقد أسمع من حضر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر...
ولهذا كان الشيعة المتقدمون الذين صحبوا علياً وكانوا في ذلك الزمان لم يتنازعوا في تفضيل أبي بكر وعمر ، وإنما كان نزاعهم في تفضيل علي وعثمان، وهذا ما يعترف به علماء الشيعة الأكابر من الأوائل والأواخر، حتى ذكر مثل ذلك أبو القاسم البلخي، قال سأل سائل شريك بن عبدالله فقال له: أيهما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال له: أبو بكر. فقال له السائل: تقول هذا وأنت شيعي؟ فقال له: نعم، من لم يقل هذا فليس شيعياً. والله لقد رقى هذه الأعواد علي فقال: ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر. فكيف نرد قوله؟ وكيف نكذبه؟ والله ما كان كذاباً.
هذا وقد يطلق بعض الناس اسم الرفض جهلاً على كل من يتولى أهل البيت، دون تفريق بين مفهوم الرفض والتشيع، كقول من قال:
إن كان رفضاً حب آل محمدٍ *** فليشهد الثقلان أني رافضي.
قال ابن كثير: اجتمعت الشيعة إلى زد بن علي فقالوا له: ما قولك يرحمك الله في أبي بكر وعمر؟ فقال: غفر الله لهما، ما سمعت أحداً من أهلي تبرأ منهما، وأنا أقول فيهما إلا خيراً..... وإني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإحياء السنن وإماتة البدع، فإن تسموا يكن خيراً لكم ولي، وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل، فرفضوه وانصرفوا عنه ونقضوا بيعته وتركوه، فلهذا سموا الرافضة من يومئذ، ومن تابعه على قوله سموا الزيدية. وغالب أهل الكوفة منهم رافضة، وغالب أهل مكة إلى اليوم على مذهب الزيدية، وفي مذهبهم حق، وهو تقدير الشيخين، وباطل وهو اعتقاد تقديم علي عليهما، وليس علي مقدما عليهما، بل ولا عثمان على أصح قولي أهل السنة الثابتة، والآثار الصحيحة الثابتة عن الصحابة.
قال المسعودي: إن زيد بن علي بن الحسن قال للشيعة عندما طلبوا منه أن يتبرأ من الشيخين، قال: لقد كانا وزيري جدي فلا أتبرأ منهما، فرفضوه، وتفرقوا عنه.
نسأل الله هداية الضال ونسأله السلامة سلامة الدين وسلامة العقل.