هل ابن تـيميـة ناصبي ؟؟ .......
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي *** رزق الهدى من للهداية يسأل
اسمع كلام محقق في قولـــه *** لا ينثني عـنه ولا يتبدل
حب الصحابة كلهم لـي مذهب *** ومودة القربـى بها أتوسل
ولكلهم قدر وفضل سـاطــــع *** لكنما الصدّيق منهم أفضل .
هذه مقاطع من لامية شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – يقرّرّ فيها عقيدته السلفية النقية ابتدأها بإعلان حبه للصحابة وآل البيت رضوان الله عليهم , لقد كان شيخ الإسلام رحمه الله جبلاً شامخاً في وجه النواصب والروافض معاً , كان قائداً لكتائب أهل السنة العقدية , فتلك مؤلفاته رحمه الله تشهد بقوة إقدام تلك الكتائب وانتصارها انتصاراً ساحقاً على المناوئين لأهل السنة والجماعة , إنما هو يتكلم عن علم , وعلم غزير , " كلما سلكنا سبل العلم وضربنا في فجاج الفنون تلقانا ابن تيمية رحمه الله , فهو إمام في التفسير , حجة في الحديث , منظّر في المعتقد , مجدد في الملة , مجتهد في الفقه , موسوعة في العلوم , بحر في السِيَر والأخبار , آية في الذكاء , وأستاذ في العبقرية ..."
لا تظنوا أن هذا من الغلو فيه , بل قد قيل هذا فيه , يقول ابن الزملكاني : "كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحداً لا يعرف مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا من مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يُعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم - سواء كان من علوم الشرع أو غيرها - إلا فاق فيه أهله، والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف، وجودة العبارة والترتيب، والتقسيم والتبيين " .
السبكي كان يقول : " والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به " .
وهذا ابن مخلوف – وهو من خصوم شيخ الإسلام – يقول : " ما رأينا مثل ابن تيمية حرّضنا عليه، فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا، وحاجج عنا " .
وشمائل شهد العدو بفضلها *** والفضل ما شهدت به الأعداء .
إننا لانطمع أن نغوص في أعماق هذا البحر اللجي العذب , ولو عرفنا السباحة , فالوقت لا يتسع , والكلام لا ينقطع .
بعض خصوم الشيخ ؟!
بقدر ما كان لهذا العَلَم من المكانة والسمو كان له أعداء , فاستهداف شيخ الإسلام لم يكن لشخصه , بل لما يحمله من منهج صافي استقاه من نبع الكتاب والسنة , دمّر بها عروش الكذب والزور والبهتان , ولا يسعك إلا أن تتذكر قوله تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ) فكل من معه نور من النبوة أيضاً له أعداء من أهل الباطل بقدر ما معه من ميراث محمد صلى الله عليه وسلم , ولا يضير شيخ الإسلام من هؤلاء شيء .
كان في مقدمة أعداءه :
(1) النصارى , فقد ألّف رداً على من سب الرسول ( الصارم المسلول ) وألّف ( الجواب الصحيح), (2) الفلاسفة والقرامطة , فقد ألّف فيهم رسالة اسمها ( بغية المرتاد ) ,(3) الجهمية , فقد ألّف فيهم ( بيان تلبيس الجهمية ) , (4) الصوفية فقد رد على ابن عربي , (5) أهل الكلام فقد ألّف ( الحموية ) , (6) الرافضة , فقد ألّف ( منهاج السنة النبوية ) .وغيرهم ..
ولم يكن لهم أمانة ولا حياء ولا دين , بل كان ديدنهم الكذب والتشويه والتزوير , حتى ناظر بعضهم فرفع تلك السيوف المصقولة , بحجج ساطعة وأدلة قاطعة , رد بها كيدهم وغيّهم , وبيّن ظلالهم وزيغهم , وكشف شبهاتهم وافتراءاتهم , ودحض أباطيلهم واجتراءاتهم , ومن تلك التلفيقات قولهم أن شيخ الإسلام : نـاصــبي .!!!! وهذا كزعمهم أنه مجسم مشبه ضال حشوي ...... الخ .
وحسبي أن أرد على هذا الاتهام أن أقول : دونك كتب شيخ الإسلام اقرأها , و لك مني عشر سنين – بل ألف سنة – إن رأيت منه نصباً أو تشبيهاً أو تجسيماً ,,
إن النصب هو بغض آل البيت – رضوان الله عليهم – وكرههم والحقد عليهم وسبهم وشتمهم ولعنهم و انتقاصهم وهذا ما لا يوجد في كلام شيخ الإسلام رحمه الله ..
إن موقف ابن تيّمية من أهل البيت واضح صريح , فلهذا كان يقول (محبتهم عندنا فرض واجب يؤجر عليه ) , ويقول (ولا ريب أن محبة أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم واجبة ) بلا أدنى ريب ولا شك , بل يقين وعقيدة .
وقد مدح وأثنى على علي رضي الله عنه في مواضع كثيرة جداً , من ذلك قوله (فضل علي وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم ولله الحمد , ومن طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني , ولا يحتاج معها إلى كذب ولا إلى ما لا يُعلم صدقه ) , و هو الذي قال ( وأما زهد علي رضي الله عنه في المال فلا ريب فيه , لكن الشأن أنه كان أزهد من أبي بكر وعمر ) , فهل يا عقلاء هذا ناصبي ؟!
وهو القائل (وأما من قتل " الحسين " أو أعان على قتله ، أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) .. فهل يا عقلاء هذا ناصبي ؟!!
وهو القائل عن أهل البيت : (من أبغضهم فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) ,, فهل يا عقلاء هذا ناصبي خبيث ؟!
إن دعوى أن شيخ الإسلام ناصبي دعوى كذب ومحال لا يشوبها شيء من الصدق , وهي من افتراءات قوم لا خلاق لهم , هم أكذب الناس في قول وفي عمل .
نعم , قد نعذر آخرين , لأنه قد يؤتى المرء من سوء فهمه لكلام شيخ الإسلام , فكتابه الجليل : منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية , كان لشيخ الإسلام فيه منهجين :
الأول : نقض الشبهة والرد عليها مباشرةً ببيان كذبها أو ضعفها بالأدلة النقلية والعقلية .( وهي عادة أهل التأليف وأصحاب الردود )
الثاني : طريقة الإلزام , وبالمثال يتضح المقال :
القاضي أبي بكر بن الطيب عندما قال له النصارى : ما قيل في عائشة امرأة نبيكم ؟ - يريد إظهار قضية الإفك – فقال القاضي رحمه الله : ثنتان قدح فيهما ورميتا بالزنا إفكا وكذباً , مريم وعائشة , فأما مريم فجاءت بالولد ولم يكن لها زوج , وعائشة لم تأت بولد مع أنه كان لها زوج فبهت النصراني .
ثم لننظر في الرافضة مثلاً ! , فهم يزعمون أن علياً رضي الله عنه خاف من أبي بكر وعمر وعثمان , وجَبُن وضَعُف عن أمر الولاية مع أنها أمر من الله عز وجل وتكليف شرعي , لا يتم الإيمان إلا به , فلعمري إنها لخيانة أن يُعصى الله ورسوله ويُقدم غيرهما ويُخاف من أجلهما خوفاً على النفس وطمعاً في الدنيا وزخرفها , لكن أهل السنة أهل الاستقامة وضعوا الأمور في نصابها الحقيقي , فلم يبخسوا قدر أحد من الصحابة ,وقالوا بمليء أفواههم ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) .
.
.
.
.