العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-05-05, 05:35 AM   رقم المشاركة : 1
[محب السنة]
عضو





[محب السنة] غير متصل

[محب السنة] is on a distinguished road


الإرهــــــــــــــــــــــــاب

فهذا كتاب الإرهاب أسبابه - آثاره _ الوقاية منه , للشيخ يحيى بن موسى الزهراني إمام الجامع الكبير بتبوك وعفواً فالكتاب لم يتحمل معي على شكل وورد , ومحبتي أن تستفيدوا نسخته هنا بدون حذف أو زيادة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " [ آل عمران102 ] .
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " [ النساء 1] .
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " [ الأحزاب 70-71 ] .
أما بعد :
فقد أكرمنا الله تبارك الله وتعالى بأعظم كرامة ، ببعث نبيه صلى الله عليه وسلم ، حيث أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور ، وأعزنا به بعد الذلة ، وجمعنا به بعد الفرقة ، وجعلنا إخوة في الله متحابين متآلفين ، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ، قال الله تعالى : " يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " [ الحجرات 13 ] ، وقال تبارك وتعالى ممتناً علينا بهذه النعمة ، ومذكراً بما كان عليه حالنا قبل الإسلام : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " [ آل عمران 103 ] .
عاش المسلمون هذه النعمة العظيمة واغتبطوا بها في عهد النبوة ، إلى أن ظهرت بذرة الخلاف ، عندما ألب عبد الله بن سبأ وأتباعه الناس على عثمان رضي الله عنه ، وكانت نواة ظهور الخوارج قد بدأت باعتراض ذي الخويصرة التميمي على قسمة النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم حنين ، ففي حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا ، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : اعْدِلْ ؟ فَقَالَ : وَيْلَكَ ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ " ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَقَالَ : دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ ـ رأس السهم ـ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ ـ ما يُلف على مدخل النصل من السهم ـ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ ـ ريش السهم ـ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ ـ قطعة اللحم ـ تَدَرْدَرُ ـ تضطرب وتتحرك ـ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ " ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ ـ فوجدوه وأحضروه ـ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] ، ثم أثيرت الفتنة على عثمان رضي الله عنه بسبب التحزب والمعارضة التي رامت الفتنة والفرقة ، وضرب الإسلام في الصميم ، والتي ازداد أوارها بعد قتل ذي النورين ، ثم تفاقم الأمر وكثرت الفتن ، وظهرت الفرق ، وعلى رأسها فرقة الخوارج ، الذين قاتلوا علياً رضي الله عنه ، واستحلوا دماء المسلمين وأموالهم ، وأخافوا السبيل ، وحاربوا الله ورسوله ، فقضى على فتنتهم علي رضي الله عنه ، ووجد ذو الخويصرة بين قتلاهم ، ثم خططوا لقتل جمع من الصحابة فنجحوا في قتل علي رضي الله عنه ، وما زالت فتنتهم تظهر تارة ، وتخبو تارة ، إلى يومنا هذا ، وستسمر فتنتهم وخروجهم إلى أن يخرج آخرهم مع الدجال ، كما في حديث شَرِيكِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ : كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ أَلْقَى رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ ، فَلَقِيتُ أَبَا بَرْزَةَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقُلْتُ لَهُ : هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ ؟ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِي وَرَأَيْتُهُ بِعَيْنِي ، أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ فَقَسَمَهُ ، فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ ، وَمَنْ عَنْ شِمَالِهِ ، وَلَمْ يُعْطِ مَنْ وَرَاءَهُ شَيْئًا ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ : فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ : مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ ، رَجُلٌ أَسْوَدُ مَطْمُومُ ـ حليق ـ الشَّعْرِ ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلًا هُوَ أَعْدَلُ مِنِّي ، ثُمَّ قَالَ : يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ كَأَنَّ هَذَا مِنْهُمْ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ ، لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ " [ أخرجه النسائي وأحمد ] .
وفي هذا العصر امتن الله على بلادنا بجمع شتات هذه الأمة بعد قرون طويلة سادتها الحروب والشحناء والثارات ، وران عليها الجهل ، واستبدت بها العصبية القبلية ، وعاد كثير من الناس إلى الشرك وإلى شريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف ، فجُمع الناس تحت راية التوحيد ، وانتشر الأمن والرخاء ، وازدهر العلم ، وتبدد ظلام الجهل ، وسادت أخوة الإسلام القائمة على تحقيق التوحيد ، والسير على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، حتى خرج لنا جيل من الخوارج في هذا الزمان ، قتلوا المسلمين ، وأخافوا الآمنين ، وانتهكوا حرمة البيت الحرام ، والأشهر الحرم ، لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ، لا يخافون الله ولا يخشونه .

خوارج هذا الزمان
لكل زمان خوارج ، يخرجون على المسلمين ويقتلونهم ويتركون الكفار ، لأنهم على شاكلتهم ، فظهرت في هذا الزمان طائفة تسمي الجهاد بغير اسمه وهم خوارج هذا العصر ، الذي خرج أسلافهم على المسلمين منذ قتلهم لعثمان وعلي رضي الله عنهما إلى أن يخرج آخرهم مع الدجال كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعون أهل الأصنام ، ويقتلون أهل الإسلام ، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، سماهم النبي صلى الله عليه وسلم كلاب أهل النار ، شر قتلى قتلاهم ، يذبحون المسلمين في بلاد الإسلام ، ويعتقدون أنها دار حرب ، وقد قدموا لأعداء الإسلام خدمة لم يتمكنوا من الحصول عليها بوسائلهم ، وأعطوا الكفار ذريعة للنيل من الإسلام والمسلمين ، واحتلال بعض بلدان المسلمين ، والله أعلم بمن يقف وراءهم من المنظمات الصهيونية والماسونية بطريق مباشر أو غير مباشر .
فيجب على المسلمين كل بحسب قدرته أن يكشف زيفهم ، وأن يبين ضلالهم ، حتى لا ينتشر فسادهم ويستفحل أمرهم ، كما يحرم التستر على أحد منهم ، لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وإثارة الفساد في البلاد ، وقد قال الله تبارك وتعالى : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " [ المائدة 2 ] ، فمن آواهم أو تستر عليهم أو دافع عنهم أو برر أعمالهم ، فإنه مشارك لهم في قتل النفوس البريئة المعصومة من المسلمين أو المستأمنين والمعاهدين والذميين ، وينطبق عليه الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من آوى محدثاً " [ أخرجه مسلم ] ، وأخرج الشيخان من حديث عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا ـ أمراً منكراً ـ أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا ـ قيل الفريضة ، وقيل التوبة ـ وَلَا عَدْلًا ـ قيل النافلة ، وقيل الفدية ـ وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا " [ متفق عليه واللفظ لمسلم ] .
وهاهي الأمة اليوم تعاني ويلات خوارج هذا الزمان ، الذين لم يراعوا حرمة الزمان ولا المكان ، ولم يرعوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حيث حرمة الحدث في دين الله تعالى ، أو قتل المسلمين أو المستأمنين أو الذميين أو المعاهدين ، بل قتلوا الجميع ، حتى الأطفال والنساء الذين حرم الإسلام قتلهم وهم كفار ، فكيف بأهل الإسلام ، فلقد أذاقوا الأمة مرارة الألم ، وفقدان الأمان ، وحرقة في القلوب على القتلى الذين لا ذنب لهم ، ولا جرم اقترفوه ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .



أسباب الإرهاب
أظن أن بعض الأسباب حتى الآن لا زالت مجهولة ، وفي خفاء تام عن جميع الناس ، ماعدا المسؤولين الأمنيين الذين لهم صلة مباشرة بالتحقيق مع من تم القبض عليهم من الإرهابيين ، فلربما كانت لديهم دوافع لما قاموا به من عمليات التفجير والتدمير والتخريب ، ومهما كانت الأسباب فليس بمسوغ أن يقوموا بفعلهم الشنيع ، وعملهم الإجرامي الفظيع ، لكن أقول : ربما كانت هناك أسباباً خفية لم يطلع عليها إلا أهل الشأن في ذلك ، وعموماً فهي غامضة عن الكثيرين ، لكن ربما تفشت وظهرت بعد حين من الدهر ، ولا نستبق الأحداث ، فالأيام المقبلة تحمل بين طياتها تفسيراً للمجهول ، وحلاً للغموض .
لكن الذي سمعه البعض من ثلة من المسؤولين ، والذي دلت عليه طيات الكلمات التي ألقاها عدد من العلماء والمختصين حول موضوع الإرهاب ، أن هناك أسباباً رئيسة منها :
الأول / الانحراف العقدي : بسبب ما تلقاه كثير من الشباب المجاهد في الخارج من عقيدة باطلة ، نتيجة لطلاب علم ضلوا عن سبيل الرشاد ، وظنوا أنهم بلغوا من العلم ما لم يبلغه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فظن كل منهم أنه قادر على الاجتهاد وإصدار الفتاوى ، حتى غاصت الأمة فيما هي فيه اليوم من التعسف والظلم وانتهاك الحرمات ، وقتل الأنفس البريئة .
أضف إلى ذلك كثرة التيارات الفكرية هناك ، حتى أصبح الوضع هناك مجالاً غصباً لغرس فكر التطرف والغلو والتكفير ، إلى أن كَفَّروا الأمة الإسلامية ، فإذا كان المسلمون كفاراً في اعتقادهم فمن هو المسلم إذن ؟ لقد كفروا كل من استعان بالكفار ، فبذلك الحكومات لديهم كافرة ، والشعب كافر لأنه لم يستنكر ولم يخرج على ولي أمره ، فبذلك استحلوا دماء الجميع ، ورأوا أنهم بذلك مجاهدون في سبيل الله فلهم الجنة ، وغيرهم كافر له النار ، وسبحان الله العظيم ، كيف لم يقرءوا حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، فقد أخرج الشيخان من حديث أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، قَالَ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي : يَا أُسَامَةُ ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا ، قَالَ : أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ " [ متفق عليه ] .
وعن الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا ، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ ، أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقْتُلْهُ " ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقْتُلْهُ ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ " [ متفق عليه ] .
الحديثان يدلان على تحريم قتل النفس التي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، بل جاء في حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " [ متفق عليه ] .
وأخرج أبو داود من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا بَالُ هَذَا ؟ " فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إِلَى النَّقِيعِ ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَلَا نَقْتُلُهُ ؟ فَقَالَ : " إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ " قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَالنَّقِيعُ نَاحِيَةٌ عَنِ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِالْبَقِيعِ " .
فتلكم الأحاديث تبين بياناً شافياً أنه يحرم قتل المسلم الذي يدين بشهادة التوحيد ، ويقيم شعائر الدين ، وخاصة أركان الإسلام الخمسة ، فلا يقتل المسلم أبداً ، إلا ما ثبت من حديث عَبْدِاللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : النَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ " [ متفق عليه ] .
فعلى أولئك الفئة التي ضلت طريق الصواب ، وتنكبت طريق الخطأ والغواية أن تحكم عقولها فيما تفعل ، وأن تعود إلى صوابها ، وتراجع فكرها ، وتتمسك بكتاب ربها ، وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم ، وأن يتركوا من غوى من مراجعهم ومرشديهم الذين يزجون بهم إلى التهلكة ، وأن يحذروا قتال إخوانهم وبني جلدتهم وأبناء وطنهم .
وذلكم الباطل والضلال الذي يسرن عليه من قبل دعاتهم ، ما هو إلا كما قال فرعون لقومه : " مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ " [ غافر 29 ] ، ثم قال تعالى مبيناً سفاهة رأي فرعون وهلاك قومه عندما اتبعوه : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) " [ هود 96-99 ] ، فدعاة الضلالة أولئك سيحاسبون يوم القيامة عن فتاواهم ، وسيتحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم ، كما سيأتي بيانه فيما يأتي بإذن الله تعالى .
الثاني / إخراج الكفار من بلاد الحرمين : وهذا الأمر لا يملكه المواطن وحده ، وليس له حرية التدخل في الأمور السياسية التي لا يعرف عنها شيئاً من قريب أو بعيد ، ولو ترك للناس أن يخوضوا في الأمور السياسية لاندحرت الأمة ، ولأحرقتها نيران الأعداء ، لأن رضا الناس غاية لا تدرك ، ثم إن إخراج الكفار من بلاد الإسلام مرهون بمدى الحاجة الماسة لهم ، وسيأتي بيان لهذه النقطة أيضاً فيما يأتي بإذن الله تعالى .
الثالث / توفير الفرص الوظيفية التي تستوعب الشباب : هذا الأمر لا تخلوا من دولة من دول العالم ، سواءً المتقدمة أو المتأخرة ، فكل دولة تعاني البطالة ، وليست البطالة سبباً لإزهاق الأنفس ، وتحطيم الممتلكات ، وتدمير المقدرات .
فربما كانت هناك أسباباً اقتصادية وسياسية تمنع إيجاد وظيفة لكل مواطن ، لكن هناك ثمة أموراً أخرى يمكن للشباب أن يعملوا بها ، كالأعمال الحرة ، والعمل في الشركات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ، والعمل في المحلات التجارية ، وإن الراتب زهيداً نوعاً ما ، فعمل براتب خير من جلوس بلا دراهم ، ومن ثم يتدرج الشباب حتى تتوفر الفرص الوظيفية الملائمة ، والدولة لن تألوا جهداً حيال هذا الموضوع .
الرابع / أساليب التحقيق والتعذيب : التي تعرض لها كثير من الشباب المجاهد في أفغانستان ، بعد عودتهم من هناك ، بلا ذنب اقترفوه كما يقولون ، فكلما حصلت فتنة في البلاد تم القبض عليهم أو على الكثير منهم وتم إيداعهم السجون للتحقيق وربما استخدام بعض أساليب التعذيب ، فمنهم من تقبل الوضع القائم وعلم أن ذلك إجراءً لابد من اتخاذه ، فصبر وتحمل وخرج وهو يحمل لبلاده كل حب وتقدير ، ومنهم غير ذلك فبدءوا بالتخطيط والانتقام ، فتلقفتهم أيدي الغدر والكيد من شتى بلاد الكفر ، حتى حصل بالبلاد والعباد من التدمير والتخريب والتفجير والقتل والتخويف والقلق وزعزعة الأمن ما لا يُشكى إلا الله تعالى ، فأسأل الله تعالى أن يعيد الأمور إلى نصابها ، والأوضاع إلى ما كانت عليه من الأمن والطمأنينة والرخاء والخير العميم .
آثار الإرهاب :
ليس للإرهاب أثر واحد إيجابي ، وإنما جميع آثاره سيئة سلبية ، وهي كثيرة جداً ، منها على سبيل العرض لا الحصر :
1- قتل النفس المعصومة . ويدخل في ذلك نفس القاتل والمقتول ، يعني بصورة أوضح ، نفس الإرهابي ، والنفس التي قتلها ، سواءً من رجال الأمن أو من غيرهم ، ومعلوم بالنصوص الشرعية أنه يحرم قتل النفس المعصومة سواءً كانت نفساً مسلمة أو كافرة معاهدة أو ذمية ، ممن قدموا لإفادة البلاد لا لقتالها أو التجسس لحساب الآخرين ، قال تعالى : " وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا " [ 93 ] ، وقال تعالى : " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ " [ 32 ] .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا " [ أخرجه البخاري ] .
وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : " إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا ، سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ " [ أخرجه البخاري ] .
وعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ : سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَمَّنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ثُمَّ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ، قَالَ : وَيْحَهُ ! وَأَنَّى لَهُ الْهُدَى ، سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَجِيءُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرَأْسِ صَاحِبِهِ ، يَقُولُ : رَبِّ سَلْ هَذَا لِمَ قَتَلَنِي ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّكُمْ ثُمَّ مَا نَسَخَهَا بَعْدَمَا أَنْزَلَهَا " [ أخرجه ابن ماجة وأحمد ] .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ، بَابٌ مِنْهَا لِمَنْ سَلَّ سَيْفَهُ عَلَى أُمَّتِي أَوْ قَالَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ " [ أخرجه أحمد ] .
وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَالَ : " إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي من يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ " [ أخرجه مسلم ] .
وقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا الرَّجُلُ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ مُتَعَمِّدًا أَوِ الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا " [ أخرجه النسائي ] .
وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّه عَنْهمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا " [ أخرجه البخاري ] .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ " [ أخرجه الترمذي ] .
فكل تلك الأحاديث السالفة الذكر وغيرها كثير تدل على حرمة قتل النفس المعصومة ، وأما ما يتعلق بقتل الإرهابيين لأنفسهم فقد وردت أحاديث أخرى تحرم ذلك منها :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا " [ متفق عليه ] .
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا " ، فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْرِعًا فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ : " وَمَا ذَاكَ " ، قَالَ : قُلْتَ لِفُلَانٍ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ ، فَلَمَّا جُرِحَ اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ : " إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ " [ متفق عليه ] .
وأكتفي بما ذكرت من أدلة دون تعليق ، ففيها غنية عن ذلك .
2- تدمير الاقتصاد . لا شك أن رفع مستوى جريمة الإرهاب سبب في انخفاض الاقتصاد لتلك الدول التي يمارس فيها الإرهاب بكل صوره وأنماطه ، فكثير من الدول لا ترغب في التعامل مع البلد التي يكتنفها الإرهاب ، وبذلك تقل الموارد الاقتصادية لتلك البلد .
3- العقد النفسية . كثير من الناس أصيب بعقد نفسية جراء الفعال الإرهابية ، فالكل منهم يتحسس متى يكون ضحية من ضحايا الإرهاب ، والمستشفيات النفسية شاهدة بذلك ، وكذلك كثرة الأسئلة المطروحة حول الإرهاب والإرهابيين ، وما يدور حولهم من كواليس وخفايا ، كل تلك الأسئلة تجعل الكثيرين في حيرة من أمر الإرهاب ، مما سبب لهم عقداً نفسية.
4- التدخل الأجنبي لحماية المصالح الخاصة . وهذه من النقاط المهمة التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار ، فلا شك أن المملكة العربية السعودية لها أعداء كثر ، إما لتطبيقها للشريعة الإسلامية ، وإما لكثرة ثرواتها الاقتصادية ، وكما قال عمر رضي الله عنه : " كل صاحب نعمة محسود " ، وهل هناك أعظم من نعمة التمسك بشريعة الله تعالى ، وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم ؟ إنها نعمة لا تضاهيها نعمة .
فالإرهاب سبب لتدخل الدول الكافرة أو الحاقدة في أمور البلاد السياسية والداخلية ، لا لشيء ، إلا لإشباع رغباتهم ، وإشفاءً لغليلهم ، فمن منطلق حماية مصالحهم الخاصة والعامة ، وربما حماية مواطنيهم كان الإرهاب ذريعة لتدخلهم ، وناهيكم عن الضرر والخطر الذي يسببه دخول الأجنبي إلى البلاد.
5- زعزعة الأمن . لقد أصبح الأمن اليوم شبه مزعزع ، فالقلق والخوف والذعر تملك الكثير من المواطنين والمقيمين ، بل وحتى رجال الأمن البواسل ، لا خوفاً من الموت في سبيل الله على أيدي المجرمين من الخوارج ، بل خوفاً على إخوانهم الذين ضلوا عن الصواب ، وانحرفت سلوكهم وأخلاقهم من مصيرهم المظلم والعياذ بالله ، ثم ما تقوم به الجهات المختصة من تفتيش للسيارات والمارة من الناس ، وربما أغلقت بعض الطرق وهكذا دواليك ، فالأمن أصبح شبه مزعزع ، والسبب هو الإرهاب والإرهابيين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
6- انتشار الفوضى .
7- تيتم الأطفال ، وترمل النساء ، وهذه نقطة جوهرية في الموضوع ، فأولئك الأطفال ، وتلكم النساء الذين قتلوا أزواجهم وأهليهم ، بسبب العدوان الآثم ، من يتحمل مسئوليتهم أمام الله تعالى يوم القيامة ، ثم أمام المجتمع ؟ إنه الإرهاب وثماره الفاسدة .
8- صرف موارد الدولة إلى تعزيز الأمن ، وإهمال جوانب مهمة أخرى .
9- ظهور الطوائف الدينية وتفشيها . لم يظهر الشيعة منذ نعومة أظفارنا وحتى يومنا هذا إلا في زمن خروج الخوارج ، وظهور فتنة التكفير والتفجير ، ومعلوم من هم الشيعة ؟ إنهم أعداء السنة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، إنهم قاتلوا الصحابة رضوان عليهم ، هم من يسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم من يسب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، هم وهم وهم ، لو استطردت في وصفهم ووصف معتقداتهم الباطلة لاحتاج الأمر إلى مئات الصفحات ، ولكن نكتفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، ومن السوار ما أحاط بالمعصم .
ثم ظهرت تباعاً العلمانية المنافقة الخارجة من الدين بالكلية والتي تدعو إلى التحرر من قيود الشريعة الإسلامية ، وتدعوا إلى الكفر البواح ، فهاهم ينهقون وينعقون وينبحون بأعلى أصواتهم منادين إلى تغيير المناهج ، وتحرير المرأة وتجريدها من ثيابها لتخرج للمجتمع عارية سافرة ألعوبة بأيديهم ، بل زاد خطرهم ، وتطاير شررهم عندما دعوا إلى الانقلاب على الدولة ، وإزاحة الحكم الإسلامي واستبداله بحكم لا إسلام ، فانتبهوا يا رعاكم الله فالأمة اليوم تعاني ويلات الخوارج ، ومرارة الإرهاب ، والأعداء كثر ، قد كشروا عن أنيابهم ، وأبانوا عن مخططاتهم ، فالله الله بالتمسك بالكتاب العزيز ، والسنة المطهرة ، ولزوم جماعة المسلمين والعلماء العاملين ، وإياكم ثم إياكم والخروج على حكامكم ، ففيهم خير كثير ، والكمال لله وحده .
10- مضايقة الناس في الشوارع من قبل رجال الأمن بسبب ازدياد نقاط التفتيش ، مما يكون سبباً لهلع بعض الأطفال والنساء .
11- تدمير مقدرات الوطن والبنى التحتية . لقد دمرت المنشآت الحكومية وغير الحكومية ظلماً وغدراً وعدواناً ، فهذه المقدرات ليست ملكاً لأحد دون آخر ، بل ملك الجميع ، وبتدميرها تضييع حقوق كثيرة ، وتتأخر معاملات مهمة ، فيهتز الاقتصاد الداخلي بسبب ذلك التدمير والتفجير ، فبدل أن تصرف الأموال للأمور الخيرية ، والأمور الأكثر أهمية ، نعيد وضعها في إعادة بناء ما تم تدميره ، وبذلك تضيع الأموال هدراً ، وتضيع مصالح المحتاجين ، والأعمال الخيرية والدعوية .
12- منع الإعانات للفقراء والمحتاجين داخل البلاد وخارجها . كم من الفقراء من كانت تأتيه الإعانة شهرية أو يومية ، فتسد رمقه ، وتغنيه عن السؤال وتكفف الناس ، وبتلك التفجيرات والعمليات الإرهابية قلص حجم العطاء ، لأن السبب كان يكمن فيمن تسمى بالإسلام واتسم بسماته ، ثم انقلب رأساً على عقب ، فبدأ يقتل ويدمر ، ويرهب ويفجر ، حتى لم تعد هناك ثقة كاملة في مثلهم ، فضاعت حقوق الفقراء والمساكين ، والمعوزين والمحتاجين .
13- ضعف الدعم الخيري للجمعيات الخيرية . بما أن كثيراً من الإرهابيين كانوا من أهل الخير والصلاح ، وكان بعضهم ذو مشاركات فاعلة في الأعمال الخيرية ، ومشاريع البر ، ثم افتضح أمرهم ، واكتشفوا بأنهم إرهابيون ، فقد أهل الدعم والخير الثقة فيهم وفي أمثالهم ، فانعدمت الثقة في أهل الخير والصلاح ، حتى كادت أن تندثر الأعمال الخيرية ، وقلت مواردها والمتبرعين لها خوفاً من استخدام الأموال في أعمال إرهابية .
14- الإساءة لأهل الصلاح والتقى ، ورميهم بالإرهابيين ، وهم منه براء . وهذا واقع مشاهد ، فبعض الجهلة من الناس بدأ يشك في كل من تمسك بشعائر دينه من إعفاء للحية ، وتقصير للثوب ، واستخدام للسواك ، حتى ظنوا أن كل من فعل ذلك فهو إرهابي ، وهذا عمل يناقض الدين ، فليس كل من التحى لحقت به تهمة الإرهاب ، بل أولئك الإرهابيون تمسكوا بتلكم الشعائر تخفياً وراءها حتى ينفذوا مخططاتهم الدنيئة .
15- تغيير المناهج الدينية بما يوافق الأهواء ، ويبعد عن طريق الكتاب والسنة ، بسبب حذف فصول مهمة ، وإضافة أخرى لا تسمن ولا تغني من جوع ، كحذف باب الولاء والبراء مثلاً ، أو حذف كل ما يتحدث عن العداوة لليهود والنصارى وما شابه ذلك .
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة أصوات وأقلام ونداءات ، من بعض الأقزام ، تدعو سفهاء الأحلام إلى التحزب والتشرذم ، ونخر عظام الأمة ، بالدعوة إلى مفارقة الجماعة الحقة ، والتكتل في جماعات حزبية ضيقة ، تدعو إلى التطرف والغلو ، بأساليب براقة ، ومظاهر خداعة ، أدت إلى شرخ في صفوف هذه الأمة ، وسلك مروجوها شتى الأساليب ، في إقناع بعض شبابنا بذلك الفكر الخارجي ، الذي مكن لأعداء الإسلام من الاصطياد في الماء العكر ، تحت شعار حقوق الإنسان أحياناً ، والدعوة إلى تغيير المناهج التعليمية أحياناً أخرى ، بدعوى أنها سبب لما حصل من التطرف والغلو من بعض الجماعات والأفراد .
16- ظهور فتنة الخوارج والتكفير . وقد تحدثنا في هذا الموضوع فيما سبق بشكل مبسط .
17- تفكك المجتمع ما بين مؤيد ومعارض ، فربما كان من الناس من يعاني ظلماً من مسؤول ، فربما قاده ذلك إلى مؤازرة تلك الفعال الغوغاء التي لا تمت للدين بصلة ، جهلاً منه بعواقب الأمور ، وعدم تقدير للنتائج السيئة الناجمة عن الإرهاب .
18- الزج بالدولة لمواجهة الدول التي قتل ضحاياها في العمليات الإرهابية ، فلقد حصلت بعض المعارك الكلامية ، والشتائم والسباب بين المملكة وبعض الدول التي قتل رعاياها ، فتبادلت الصحف والشبكة العنكبوتية ، بل عرضت وسائل الإعلام المرئية شيئاً من تلك التهديدات المتوجهة للملكة ، فنحن في غنى عن ذلك كله .
19- إيجاد ثغرات اصطاد فيها المعارضون للحكم الإسلامي في بلاد الحرمين ، بتحريض من دول الكفر المختلفة ، فمن المعلوم أن هذه الدولة حرسها الله من كل مكروه تطبق شريعة الله تعالى ، وتتبع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في كل أحكامها ، وهذا مما لا يروق لكثير ممن ينعق بصوت الكفار ، وممن ارتضع عادات الغرب والشرق الفاجرة التي تحارب الإسلام وأهله ، ومن رضي الانبطاح والخضوع لدستور الكفار ، فظهرت لنا قناة تسمت بالإصلاح ، في ظاهرها ذلك ، وتحمل في باطنها حقداً وحسداً دفينين على الإسلام ومن تمسك به ، تريد اللادينية شعاراً لبلاد الحرمين الشريفين ، مهبط الوحي ومنبع الرسالة ، وتلكم هي العلمانية التي لا مستغرب عن أهلها ما يدعون إليه ، فعلى كل مسلم يتقي الله ربه أن يخشى تلك القناة والقائمين عليها ، فهي قناة هدامة ، لا تريد بناءً ولا إصلاحاً ، بل تريد الفساد وتدعو إليه العباد ، فاتقوا الله أيها الناس واخشوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما عملت وأنتم لا تظلمون .
20- إغلاق باب الجهاد ونصرة قضايا المسلمين العادلة في كل مكان ، فكثير من دول الإسلام فتحت باب الجهاد على مصراعية إما جهرة وإما خفية ، حتى حصلت أحداث الإرهاب في دول الإسلام كالسعودية واليمن والمغرب ومصر وأخيراً في الكويت ، حتى أغلقت جميع الدول أبواب الجهاد ، فَحُرِمَ المسلمون من الجهاد في سبيل الله ، ومُنعت دول مظلومة من المجاهدين ، فكان الإثم والوزر لمن كان سبباً في ذلك ، فالدول أغلقت تلك الأبواب خوفاً على مصالحها الداخلية والخارجية ، ولا لائمة عليها في ذلك ، فكانت السيئة لاحقة أولئك الجهال الذين باعوا دينهم بعرض من أعراض الدنيا ، أو بعلم جاهل ضل عن الفهم الصحيح للكتاب والسنة ، فضل وأضل كثيراً وضل عن سواء السبيل ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا ، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا " [ أخرجه مسلم والنسائي واللفظ له ] ، وأخرج مسلم أيضاً من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى ، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا " ، وإن الناظر فيما أحدثه بعض الشباب الخارج عن دينه والمارق من عقيدته ليدرك أنها أفعال سيئة ، وأعمال ضالة ، صاحبها مستحق للعقوبة في الدنيا والآخرة .
ثم تقع المسؤولية العظيمة على عاتق من أفتى لأولئك الشباب بتلك الفتاوى الظالمة ، والزج بهم في مواجهات مع إخوانهم المسلمين ، قال تعالى : " لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ " [ النحل 25 ] ، وقال تعالى : " وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ " [ العنكبوت 13 ] .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى ، وقوله تعالى : " وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " إخبار عن الدعاة إلى الكفر والضلالة ، أنهم يحملون يوم القيامة أوزار أنفسهم وأوزاراً أخرى بسبب ما أضلوا من الناس ، من غير أن ينقص من أوزار أولئك شيئاً كما قال تعالى : " ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم " الآية وفي الصحيح : "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من آثامهم شيئاً " ، وفي الصحيح : " ما قتلت نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه أول من سن القتل " وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال وقد ظلم هذا وأخذ مال هذا وأخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا لم تبق له حسنة أخذ من سيئاتهم فطرح عليه " .
وقال القرطبي رحمه الله تعالى : " قيل : أن المراد بالآية السابقة ، أعوان الظلمة ، وقيل : أصحاب البدع إذا اتبعوا عليها ، وقيل : محدثو السنن الحادثة إذا عُمل بها من بعدهم ، والمعني متقارب " .
21- وضع البلاد تحت المجهر من قبل الأعداء الذين يتربصون بها الدوائر .
22- إغلاق باب الدعوة إلى الله تعالى ، فكم كانت البلاد ترسل الدعاة على مرور العام ، حتى بلغ عددهم في بعض المرات أكثر من ثلاثمائة داعية ، إلى أن تقلص العدد بسبب تداعيات الأحداث الإرهابية حتى أن الدولة لم ترسل أحداً في الآونة الأخيرة ، نظراً لعدم قبول الدول لهم خوفاً من أن يكونوا إرهابيين ، ولا شك أن ذلك خطراً على عقيدة المخربين الذين بسببهم مُنعت الدعوة إلى الله تعالى ، والله جل وعلا يقول : " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين " [ فصلت 33 ] ، فأولئك قولهم وفعلهم غير حسن ، لأنهم ليسوا بمسلمين ، لقد أفسدوا ولم يصلحوا شيئاً ، فهم كما قال الله تعالى عن المفسدين من قوم صالح عليه السلام : " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون " [ النمل 48 ] ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
23- إساءة الظن بالإسلام والمسلمين ، حتى اعتقد كثير من الكفار أن هذه الأعمال الإرهابية هي أصل من أصول الإسلام ، بينما الحقيقة غير ذلك ، فالإسلام في عهد ازدهاره ، وفي أوج قوته كان رحيماً بالناس كافة ، وبأهله خاصة ، ولم يضيق على الكفار ولم يمنعهم من ممارسة شعائر دينهم خفية لا علانية ، ولم يُجبروا على ترك دينهم والدخول في الإسلام ، بل تُركوا ومن لم يُسلم عليه الجزية ، ويأمن على نفسه وولده وماله ، قال تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " [ البقرة 256 ] ، لاسيما ولم يصدر منهم ما يدعو إلى قتالهم ، وقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة ، ولم يمارسوا طقوس دينهم علانية وجهراً ، بل حتى في شهر رمضان المبارك لا يجهرون بشيء من الإفطار احتراماً للإسلام وأهله ، فعلام قتالهم ، مع أن المفترض أن نكون دعاة للإسلام فندعوهم بالكلمة والفعل الحسن ، ومراكز دعوة الجاليات في هذه البلاد الموفقة شاهدة بذلك .
وأولئكم الشباب اليوم يقتلون كل كافر في بلاد الإسلام ، ويستحلون دمه وماله ، لأي شيء فعلوا ذلك ؟ وعلى أي دليل استندوا ؟
العلم عند الله تعالى .
وفيما ذكرت من أدلة جواباً دامغاً لتحريم أفعالهم ، قال تعالى : " لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " [ الممتحنة 8 ] .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ : حَارَبَتِ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ ، فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَهُمْ ، وَأَسْلَمُوا ، وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ " [ أخرجه البخاري ] ، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ ن وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ ، أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا ، وَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظُهِرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا ، فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا ، عَلَى أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا ، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا " ، فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ " [ أخرجه البخاري ومسلم].
24- كثرة الفقراء والمحتاجين من أهالي الشهداء الذين قتلوا بلا ذنب ، ولا شك أن موت عائل الأسرة كارثة كبيرة ، ومصيبة عظيمة تحط رحالها بأفراد الأسرة قاطبة .
25- انتشار الجريمة ، وأقصد بذلك أنه ربما ضاع كثير من أطفال أولئك القتلى من الفريقين ، فتتلقفهم أيدي السوء وعصابات الأطفال ، فتربيهم وتنشئوهم تنشئة سلبية لا أخلاقية ولا دينية ، فينشأ لدينا جيل جريمة وقتل وفساد .
26- القتل في الأشهر الحرم ، وفي البلد الحرام ، وكل الناس شاهد ذلك ، فقد انتهكوا حرمة الحرم المكي وقتلوا المسلمين هناك ، وانتهكوا حرمة الأشهر الحرم فقتلوا المسلمين فيها ، فأي دين يدين به أولئك الإرهابيون ؟ وأي عقيدة يعتنقون ؟
الوقاية من الإرهاب :
أما سبل الوقاية من ذلك الداء الخطير ، والانحراف العقدي المرير ، فلا شك أنه بالتمسك أولا بالكتاب والسنة ، وكثرة المحاضرات والندوات الدينية التي تُعنى بأمر التوعية بخطورة الإرهاب ، في المدارس والكليات والجامعات وغيرها من الدوائر ، ثم طباعة المؤلفات التي تبين أضرار الإرهاب ، وعمل المطويات الداعية إلى ذلك ، وإدخالها كل بيت من بيوت المسلمين ، ليعي الناس خطورة الوضع القائم اليوم .
وكذلك ضرورة توعية الآباء والأمهات بمتابعة أبنائهم وبناتهم ، وتحسس مواضع الخطر ، ومكامن الضرر لديهم ، ومن ثم إيجاد العلاج الملائم لذلك .
ومن أهم سبل الوقاية من الإرهاب أيضاً ، إيجاد مناهج تعليمية مقتبسة من الكتاب والصحيح من السنة ، الدالة على خطورة الإرهاب ، وضرره على الأفراد والجماعات ، والدول والشعوب قاطبة ، على أن لا تتخلى المناهج عن قيمها الثابتة ، وأصولها الأصيلة التي لا تقبل المزايدة ولا المراهنة ، ولا الزحزحة ولا الزعزعة ، كعقيدة الولاء والبراء ، وتثبيت عقيدة التوحيد في نفوس الناشئة ، حتى ينشأ لنا جيل يدين يعقيدة التوحيد الخالص ، جيل يدين بدين الإسلام الصحيح الذي لا تخالطه الشوائب ولا الشكوك ، ولا تكتنفه الظنون ولا الأماني .
الأمر بإخراج الكفار من جزيرة العرب
عن عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا " [ أخرجه مسلم ] ، وعَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالَ : سَأَلْنَا عَلِيًّا رضي الله عنه بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ فِي الْحَجَّةِ ؟ ـ يعني الحجة التي استخلفه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ : " بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ : أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فَأَجَلُهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ ، وَلَا يَجْتَمِعُ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا " [ أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ] .
هذان الحديثان وما في معناهما من الأحاديث دلت على أن الأصل إخراج الكفار من جزيرة العرب كائناً من كانوا ، فلا فرق بين يهودي ولا نصراني ولا علماني ولا رافضي ولا غيرهم من ملة الكفر ، فالكفر ملة واحدة ، مهما اختلفت دياناتهم ، وهم أعداء للإسلام والمسلمين ، هذا هو الأصل ، إخراج الكفار من ديار الإسلام .
لكن لما كانت المصلحة ملحة ، والحاجة داعية لوجودهم ، بقي منهم من يحتاج المسلمون لخبرته وحرفته ، ودل على ذلك نصوص كثيرة ، فأبي لؤلؤة المجوسي عندما قتل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ، كان ذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه ، فلما لم يخرجه المسلمون من ديارهم في عهد الخليفتين الراشدين ، فدل ذلك على أن من كان وجوده لازماً وضرورياً فبقاؤه أفضل من خروجه ، لا سيما وأنه يرى تعامل المسلمين بالحق والمعروف وحسن الخلق والوفاء بالعهد ، والصدق والتسامح وغير ذلك من الصفات الحميدة ، فربما دعاه ذلك إلى الإسلام ، وفعلاً قد أسلم الكثير منهم منذ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا .
فأبي لؤلؤة المجوسي كان ماهراً في صنع بعض الأسلحة التي يستعملها المسلمون في قتالهم ضد أعدائهم ، وربما تعلم منه هذه الصنعة بعض المسلمين وأتقنوها ، فوجوده خير من خروجه ، فإذا تعلمنا منه ما نريد وكان وجوده كخروجه من البلاد عرضنا عليه الإسلام فإن قبل ، وإلا أخرج ، ولا تُقبل منه جزية ، فإما الإسلام وإما القتل أو الخروج .
وهذا مثال من أمثلة كثيرة لا مجال لذكرها الآن .

حقيقة مهمة :
ثم لا نخفي حقيقة مهمة واضحة للعيان ، وهي أن البعض من تلك العمالة الكافرة كانت سبباً لتلوث أفكار بعض الشباب المسلم ، فمنهم من تم القبض عليه مُصَنِّعَاً للخمور ، أو داعياً إلى دعارة ، أو مشيراً إلى كفر وفكر منحرف ، وغير ذلك كثير ، فهؤلاء وجودهم خطر على أمة الإسلام ، فيجب إخراجهم بالقوة والجبروت لأن ضررهم متعد إلى غيرهم .

حقيقة لا مراء فيها :
المملكة العربية السعودية تحكم شرع الله تعالى في كل قضاياها الشرعية وربما غير الشرعية ، وهذا واقع ملموس ، يلمسه كل من له قضية في محاكمها الشرعية ، وكذلك الدولة رعاها الله لا تمنع كل مواطن من التحلي والتمسك بشعائر الدين الواجبة والمستحبة ، فإطلاق اللحى وتقصير الثياب وارتياد المساجد وإلقاء الدروس والمحاضرات والندوات وغيرها كثير أبواب مشرعة ، مفتوحة على مصراعيها ، وكذلك أبواب الحكام غير مغلقة لمن أراد الحق ودعا إليه .
فمادام أن الأمر كذلك ، فأي جهاد يدعو إليه أولئك القتلة الإرهابيون في بلاد الحرمين ؟
لاسيما ونحن لم نر كفراً بواحاً ، أو حتى دعوة إليه من قبل حكام هذه البلاد ، فالكفر من الأسباب الداعية إلى الخروج على الحاكم وقتاله ، ولم يشهد أحد بأن حكام البلاد السعودية قد وقع منهم ما يخل بعقيدتهم ، وزعزعة إيمانهم ، أخرج الشيخان في صحيحهما من حديث جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ ، قُلْنَا : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ! حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا : " أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا ، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ " ، نعم الكفر الصريح هو الذي يبيح للمسلمين خلع بيعة الحاكم ومنابذته بالسيف ، أما ما يحصل من أخطاء وظلم وجور فهذا واقع في كل زمان ومكان ، لأن البشر أهل خطأ وزلل ، ولا يجوز بحال قتال الدولة من أجل ذلك ، مادام أن الإسلام قائم ، وحكمه سائد ، أخرج مسلم في صحيحه من حديث حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه قال : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ ، فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ ، فَنَحْنُ فِيهِ ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قُلْتُ : كَيْفَ ؟ قَالَ : " يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ " قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : " تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ " فهذا الحديث أصل عظيم لمن وهبه الله العلم والبصيرة ، وتوقع عواقب الأمور ونتائجها السيئة ، لا سيما على الإسلام وأهله ، فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، وتدمير برجي التجارة في أمريكا ، والدول الإسلامية تعاني الضنك والنصب ، فضيق عليها الخناق كثيراً ، وأحجمت عن كثير من الأعمال ، بينما تصول وتجول دول الكفر وخاصة اليهود لأنهم بمنأى عن الإرهاب كما زعموا وهم أهله ومبتكروه ، وما يحدث في أرض فلسطين لهو خير شاهد على تلطخ أيديهم بدماء الشهداء من المسلمين هناك .
وما يحدث في أرض الرافدين بالعراق من قتل وتمثيل بالجثث وأعمال إجرامية وتعذيب واغتصاب وتشريد ودمار على أيدي القوات المتعددة الجنسيات وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا لهو أعظم دليل على خبث النوايا ، وسوء الطوايا .
وما يحدث من الكفار في كل بقاع الأرض ضد المسلمين لهو دليل على الحقد الدفين للإسلام وأهله .
وما تعانيه الأمة اليوم من الاضطهاد والذل والصغار ، والحروب الأهلية الداخلية ، ووجود تيارات جارفة ، لهو أثر من آثار الإرهاب ، ولن يصب إلا في مصلحة دول الكفر والفساد ، فالإرهاب دمار وخراب ، ولن يكون المتضرر الأول فيه إلا أهل الإسلام ، فعلا عقل شبابنا ذلك ؟ فليت شعري لو حكموا كتاب ربهم ، واتبعوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا العلم من العلماء الراسخين المعروفين المشهود لهم بالخير والعطاء ، وتركوا سقيم الفتاوى ، ومريض الدعاوى . لعاشت الأمة في خير ونعيم أفضل من ذي قبل .

لهم حق :
ربما كان العنوان مبهماً ، والمقصود منه رجال الأمن البواسل ، فكما أن لنا حقوقاً عليهم ، ومن أعظمها وأهمها حماية أمننا ، وإيجاب سبل الراحة والطمأنينة للمجتمع كافة ، فكذلك لهم علينا حقوقاً من أعظمها الدعاء لهم بالتوفيق والسداد ، وهذا السلاح الفتاك ربما غفل عنه الكثيرون ، فلهم منا كل الدعاء بأن ينصرهم على تلكم الفئة التي ضلت سبيل الرشاد ، ولم ترد إلا الفساد ، ومن حقوقهم علينا تسهيل مهامهم المنوطة بهم ، وإرشادهم لأوكار الإرهاب وأهله ، فنسأل الله تعالى أن يوفقهم ويجعل التوفيق حليفهم .
وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يتم نعمة الإسلام علينا ، وأن يمن علينا بعمة الأمن والأمان ، والصحة في الأبدان ، وأن يجعلنا اخوة متحابين متعاونين على البر والتقوى ، متناهين عن الإثم والعدوان ، اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اهد شباب المسلمين ، ورد ضالهم إليك رداً جميلاً ، اللهم هيئ لهم علماء ناصحين داعين إلى الحق آمرين به ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .


كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام الجامع الكبير بتبوك
8/1/1426هـ







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "