من محمد بن ابراهيم إلى حضرة المكرم علي بن محمد المطوع المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك المؤرخ. الذي ذكرت فيه ما أجراه بعض الروافض عندكم انهم صوروا أَمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صورة مجسمة تجسيمًا كاملاً، وزينوه بلباس فاخر بلحيته وعمامته، وجعلوا له ذيلا يستهزؤن به في مجالسهم، ويرقصون حواليه، ويلعنونه، ثم أَتوا بولد أَبو عشرين سنة وأَتوا بمطوعهم ليعقدوا للولد على عمر، ويجعلونه مثل الذين تعرفون، ثم عثرت عليهم الشرطة فمسكتهم واودعوا السجن وتسأل عما يجب في حقهم شرعًا.
والجواب: عن ما ذكرتم من هذا الأَمر العظيم من فعل هؤلاء الروافض وتهجمهم على أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين أختارهم الله لصحبة رسوله، فقاموا معه خير قيام، وآمنوا به، وهاجروا وجاهدوا معه، ونصروه، وبذلوا في سبيل ذلك مهجهم وأَولادهم وأَوطانهم وأَموالهم، وفدوه صلى الله عليه وسلم بجميع ذلك.
قال أَبو زرعة العراقي: إذا رأَيت الرجل ينتقص أَحدا من الصحابة فاعلم أَنه زنديق، وذلك أَن القرآن حق، والرسول حق، وما جاء به حق، وما أَدى إلينا ذلك كله الا الصحابة. فمن جرحهم فقد أَراد ابطال الكتاب والسنة.
فاذا كان هذا في حق سائر الصحابة، فما بالك بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي هو أَفضل الصحابة واجلهم بعد الصديق باجماع الأُمة والبراهين القاطعة، والذي وردت في فضله الأَحاديث الكثيرة والأَخبار الشهيرة، ففي الصحيحين عن سعد بن أَبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَا ابْنَ الْخطَّاب وَالَّذيْ نَفْسيْ بيَدِهِ مَا لَقيكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إلاَّ سَلَكَ فَجًّا غيْرَ فَجِّكَ)) وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَقَدْ كَانَ فيْمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مُحَدَّثُوْنَ فَإِنْ يَكُنْ فيْ أُمَّتيْ أَحَدٌ فَهُوَ عُمرُ)) أَي ملهمون. وروى الترمذي عن ابن عمر أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ اللهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَان عُمرَ وَقَلْبه)) واخرج الترمذي أيضًا عن عقبة بن عامر مرفوعًأ: ((لَوْ كَانَ بَعْديْ نَبيٌّ لَكَانَ عمَر)) والأحاديث والآثار في هذا كثيرة معروفة.
وهؤلاء الروافض قد ارتكبوا بهذا الصنيع عدة جرائم شنيعة:
منها الاستهزاءُ بأَفاضل الصحابة رضوان الله عليهم وسبهم ولعنهم. ومنها التصوير والتصوير من كبائر الذنوب الملعون فاعلها، مع أَنهم لم يصوروه على خلقته رضي الله عنه بل صوروه صورة بهيمة وجعلوا له ذيلاً لتمام السخرية والاستهزاء قبحهم الله. وما أَعظمها وأَقبحها وأَفضعها وأَفحشها. ومنها تهجمهم عليه ووقاحتهم حتى أَتوا برجل يعقدون له النكاح عليه قبحهم الله وأَخزاهم، وهذا يدل على خبثهم وشدة عداوتهم للاسلام والمسلمين، فيجب على المسلمين أَن يغاروا لأَفاضل أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأَن يقدموا على هؤلاء الروافض قيام صدق لله تعالى، ويحاكموهم محاكمة قوية دقيقة، ويوقعوا عليهم الجزاء الصارم البليغ، سواءٌ كان القتل أَو غيره حسب ما يراه الحاكم بنظره المصلحي الشرعي. والمأمول من ولاة الأُمور عندكم وفقهم الله وهداهم القيام حول ما ذكر بما يلزم شرعًا بالضرب على هؤلاء بيد من حديد غيرة لديننا وخيار سلفنا وزجرًا لمن تسول له نفسه مثل صنعهم. ونسأَل الله أَن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويذل أَعداءَه، ويوفق ولاة الأَمر لما فيه عز الاسلام والمسلمين. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(ص-ف-181-22-1-84هـ) (304)