الشيخ العودة: التفجيرات وأعمال القتل والإرهاب عمل شائن محرم
هناك فوضى في الفتوى فضائياً وإلكترونياً
لا يجوز أن نعيد إنتاج التهم الأمريكية؛ التي أدانت الإسلام والعرب والسعودية
اكد فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة الداعية الاسلامي المعروف والمشرف العام على مؤسسة (الإسلام اليوم) من حق الشعب العراقي أن يقاوم المحتل ويطالب بالاستقلال, ونعتقد أن ما يفعله هو من المقاومة المشروعة شريطة أن يكون العمل منضبطاً موجهاً ضد القوات الغازية , وعن الخلاف بين السنة والشيعة قال: انه خلاف أصولي باتفاق الطرفين؛ فليس مجرد خلاف سياسي ولا فقهي, وإن كانت السياسة قد تضخم هذا الخلاف أو تقلصه, عن التكفير واعمال التفجير قال الشيخ: انها عمل شائن ومحرم.
كيف ترون الوضع الحالي في العراق .. وهل ما يقوم به بعض الشباب العرب ضد القوات الأمريكية هو نوع من أنواع الجهاد؟ وكيف تقيمون المقاومة؟
من حق الشعب العراقي أن يقاوم المحتل ويطالب بالاستقلال, ونعتقد أن ما يفعله هو من المقاومة المشروعة شريطة أن يكون العمل منضبطاً موجهاً ضد القوات الغازية .
دينياً.. وسياسياً .. ما هي طبيعة العلاقة بأمريكا في الوقت الراهن؟
ترتبط الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقات رسمية مع جميع دول العالم, بما فيها العالم الإسلامي, هذا واقع لا سبيل إلى تجاهله؛ لكن ما المانع من أن تقوم المجامع العلمية الشرعية بدراسة هذه المسألة من جديد, وتحديد موقف شرعي واضح في ظل العدوان على الشعب العراقي وتأييد المشروع الصهيوني واستهداف كل ما هو إسلامي؟.
الحوار الوطني
كيف تقيمون نتائج مؤتمر الحوار الوطني؟ وما هي طموحاتكم في هذا الاتجاه؟
إذا نظرنا إلى المؤتمر باعتباره لقاءات لمناقشة مجموعة من القضايا؛ فقد حقق نجاحاً مبدئياً كحلقة نقاشية, وإن نظرنا إليه كمؤتمر للحوار الوطني كما يقال أحياناً؛ فإنه يحتاج إلى تحديد أهدافه وطريقة عمله ليمكن قياس النجاح أو الفشل.
في ظل التباين والتصادم التاريخي.. كيف ترون فرصة اندماج وتعايش السنة والشيعة وكافة المذاهب في الحياة السياسية والاجتماعية في السعودية؟
ليس هناك تصادم تاريخي حتمي فيما أحسب, لكن هناك تباين منهجي بين السنة والشيعة, والجدال بالتي هي أحسن, والدعوة الهادئة الرشيدة من القدر المتفق عليه أخذاً بقوله سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125) .
الخلاف المذهبي
هل ترى أن بالإمكان التنازل عن بعض المعتقدات المختلف عليها في سبيل الوحدة الوطنية؛ كالتجاوب مع المطالبة الشيعية بإعادة بناء مقابر البقيع مثلاً؟
لا أرى التنازل عن أي معتقد, وتسوير المقابر قائم في البقيع وغيره, وأما بناء المساجد والقباب عليها فهو من البدع المحدثة التي حذر منها الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ما رأيكم فيمن يقول إن الخلاف القائم حالياً بين السنة والشيعة هو خلاف سياسي لا ديني، وإن المشكلة هي مع المذهب السلفي الوهابي فقط، بينما تتفق كافة المذاهب الأخرى؟
الخلاف بين السنة والشيعة أصولي باتفاق الطرفين؛ فليس مجرد خلاف سياسي ولا فقهي, وإن كانت السياسة قد تضخم هذا الخلاف أو تقلصه.
والتعايش لا يتم بتجاهل الخلاف؛ بل بمعرفته معرفة صادقة وتشخيصه تشخيصاً سليماً ثم التدارس حول سبل المعالجة .
هل ترحب بوجود ممثل لكل المذاهب في هيئة كبار العلماء في السعودية؟
يمكن وجود ممثل للمذاهب الفقهية كالمالكية أو الشافعية أو الأحناف أو الظاهرية أو غيرهم.
أما المدارس العقدية؛ فإن نظام الدولة ونظام المجلس ـ فيما أحسب ـ قائم على اشتراط أن يكون أعضاؤه من أهل السنة, وأعتقد أن بعض هذه المطالبات ربما تؤجج الانتماءات المذهبية الطائفية بدلاً من معالجتها.
العلاقة مع الآخر
ما هي حدود العلاقة بالآخر (غير المسلمين أو أصحاب المذاهب الأخرى) تحت مظلة الوطن الواحد؟
الإسلام يحفظ حقوق الناس ويمنع ظلمهم في نفس أو أهل أو مال أو عرض، حتى لو كانوا من غير المسلمين ما داموا مرتبطين بعهد أو ذمة أو أمان, وقد كتب أهل العلم في تفصيل ذلك, كما تجده في أحكام أهل الذمة لابن القيم أو حقوق الذميين للدكتور عبد الكريم زيدان أو غيرهم.
ظهور إعلامي وفوضى الفتوى
ظهوركم على أغلفة المجلات ومن خلال القنوات الفضائية كان أمراً مرفوضاً ومستحيلاً في الماضي .. ما الذي حصل الآن؟
لم يكن ظهوري مرفوضاً من قبل, ولقد كتبت قبل خمس عشرة سنة برنامجاً للتلفزيون السعودي, ونشرت في المجلات السعودية كـ"الدعوة" و"المسلمون" وغيرها, لكن لهذه المؤسسات الإعلامية سياساتها الخاصة التي تجعلها تتأخر أحياناً عن النشر لاعتبارات معينة.
هل ترون أن هناك فوضى في الفتوى حالياً .. وما هـي بــرأيـكم الـضوابـط والحــدود لحــل هــذه المشكلة ؟
هناك فوضى في الفتوى فضائياً وإلكترونياً, من أهمها الفردية في القضايا الكبرى وعدم التداول الجماعي, ومنها خضوع الفتوى للمؤتمرات الخارجية كالسياسة والرغبة الاجتماعية والانتماء المذهبي.
العلاقة بالحاكم وولي الأمر .. وحقوق المواطن، وبافتراض وجود ظلم أو عدم رضى أو تقصير .. كيف يجب أن تكون؟
يجب أن تقوم العلاقة على المناصحة والدعوة الملحة إلى الإصلاح واستخدام الوسائل السلمية في ذلك, وهي كثيرة, وهذا مبدأ قديم حديث كنا ولا زلنا نصر عليه, أما افتعال الصراع والمواجهة العسكرية؛ فهو مزلق خطر يستنـزف جهود الأمة ويعوق مسيرة التنمية ولا يأتي بطائل, بل نتائجه نقيض ما يدعيه الذين يعتمدونه.
كيف يجب أن نتعامل مع من قاموا بالتفجيرات الإرهابية ومع من يؤيدهم... هل ترى إمكانية الحوار مع هؤلاء أيضاً؟
الحوار ممكن مع كل أحد يقبل بمبدأ الحوار, وهو لا يتناقض مع الوسائل الأخرى التي تمنع الفعل والشروع فيه, وقد حاولنا في موقع (الإسلام اليوم) مناقشة شبهات التفجيريين ورصدناها، وأجاب عنها كبار العلماء وأساتذة الجامعات.
وأي معالجة للحدث يجب أن تكون منطلقة من إدانة صريحة واضحة, لا لبس فيها لهذا العمل الشائن المحرّم !
فالشريعة جاءت بحفظ الأمن ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ( وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا) ( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ) (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْف) .
وحفظ الدماء ( أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ) (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) .
وحفظ العهود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ) .
ومدار الشريعة على تحقيق المصالح وتكميلها, ودرء المفاسد وتعطيلها ، ومثل هذه الأعمال تشكل الشرارة الأولى لإثارة الفتنة, والاحتراب الداخلي الذي يدمّر الطاقات, ويشتت الجهود ويهدر المكتسبات, ويعيق التنمية في مجالاتها المختلفة, ويؤخر مسيرة الإصلاح والدعوة ويفتح الباب أمام الطموحات الكامنة, والتناقضات المذهبية, والقبلية, والإقليمية, والفقهية التي لا يخلو منها مجتمع .
وربما شكل فرصة مناسبة للتدخلات الخارجية؛ التي تتذرع بملاحقة الإرهاب , كما تسميه, أو بالمحافظة على المصالح الاقتصادية , أو بتحرير الشعوب إلى آخر المعزوفة المعروفة !
إن الموقف المبدئي الشرعي الصريح يجب أن يكون قدراً مشتركاً لدى جميع المؤمنين وجميع العقلاء برفض هذا العمل وتحريمه, وإدانته شرعاً ؛ وبإدراك الآثار السلبية الناجمة عنه محلياً, وإقليمياً .
2 - وهذه الإدانة يجب ألا تكون محاولة لتبرئة النفس من الاتهام , وكأن المتحدث يريد أن يبعد التهمة عن شخصه فحسب !
إن المسؤولية أعظم من ذلك, ونحن جميعاً في خندق واحد , وسفينة واحدة , والخرق فيها يفضي إلى غرق الجميع , ويجرنا إلى دوامة من العنف لا يعلم نهايتها إلا الله ! وانفلات الأمن أسهل بكثير من إمكانية ضبطه وإعادته .
وهذا الإحساس الجاد بالمسؤولية هو الذي يحمل المرء على رفض هذه الأعمال! أياً كانت مبرراتها .
لقد دأبت بعض وسائل الإعلام على توسيع دوائر الاتهام, ومحاولة جرِّ أطراف عديدة إلى الميدان؛ لتصفية حسابات شخصية, أو حزبية, أو ما شابه .
وهذا يجب أن يتوقف , ولا يجوز أن نعيد إنتاج التهم الأمريكية؛ التي أدانت الإسلام والعرب والسعودية ؛ واعتبرت المجتمع بمؤسساته العلمية والسياسية والتربوية مسؤولاً عما يحدث .
والإحساس بالمسؤولية الشرعية , بل والوطنية؛ يقتضي عزل الحادث في أضيق نطاق, وعدم توسيع دائرة التهمة ؛ لأننا بهذا التوسيع نصنع تعاطفاً معه, ومع منفذيه لدى شرائح جديدة في المجتمع
منقول
وسامحونا اذا كان قديم او مكرر