يقول العلامة محمد العثيمين -رحمه الله-في الدعــــاء:
"الدعــاء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول:
دعــــاء عبادة،ومثاله الصلاة والصوم وغير ذلك من العبادات،فإذا صلى الإنســــان،أو صام فقد دعا ربه بلســــان الحال أن يغفر له،وأن يجيره من عذابه،وأن يعطيه من نواله،ويدل لهذا قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}.
فجعل الدعاء عبادة، فمن صرف شيئاً من العبادة لغير الله فقد كفر كفراً مخرجاص عن الملة، فلو ركع الإنســــــــان أو سجد لشيء يعظمه تعظيم الله في الركوع أو السجود لكان مشركاً شركاً خارجا عن الإسلام،ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من الإنحناء عند الملاقاة سدا للذريعة فسئل عن الرجل الذي يلقى أخاه أينحني له؟قال: ((لا)).
وما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك إنحنى لك خطأ ويجب عليك أن تبين له ذلك وتنهاه عنه.
القسم الثاني:
دعـــــــاء المسألة،وهذا ليس كله شركاً؛بل فيه تفصيل:
أولاً:
إن كان المدعو حيا قادرا على ذلك فليس بشرك،كقولك اسقني ماء لمن يستطيع ذلك،قال صلى الله عليه وسلم: ((من دعاكم فأجيبوه)) قال الله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} فإذا مد الفقير يده وقال ارزقنيأ أي:أعطني فهو جائز كما قال تعالى: {فارزقوهم منه}.
ثانيا:
إن كان المدعو ميتا فإن دعاءه شرك مخرج عن الملة.
ومع الأسف إن في بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن فلاناً المقبور الذي بقي جثة أو أكلته الأرض ينفع أويضر،أو يأتي بالنسل لمن لا يولد له،وهذا-والعياذ بالله-شرك أكبر مخرج عن الملة، وإقرار ذلك أشد من إقرار شرب الخمر،والزنا،واللواط،لأنه إقرار على كفر،وليس إقرارا على فسوق فقط،فنســــــــأل الله أن يصلح أحوال المسلمين."
..........
وقد سئل العلامة العثيمين-رحمه الله-السؤال التالي:
رجل محافظ على الصلاة والصيام وظـاهر حاله الاستقامة إلا أن له حلقات يدعو فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وعبدالقادر،فما حكم عمله هذا؟
فأجـــــــــــاب الشيخ-قدس الله روحه في الفردوس-:
"مـا ذكره السائل يحزن القلب،فإن هذا الرجل الذي وصفه بأنه يحافظ على الصلاة والصيام،وأن ظاهر حاله الاستقامة قد لعب به الشيطان وجعله يخرج من الإسلامبالشرك وهو يعلم أو لا يعلم،فدعاؤه غير الله عز وجل شرك أكبر مخرج من الملة،ســـواء دعا الرسول عليه الصلاة والسلام،أو دعـــا غيره، وغيره أقل شأنا وأقل منه وجاهة عند الله عز وجل،فإذا كان دعاء رسول الله لى الله عليه وسلم شركاً فدعا غيره أقبح وأقبح من عبدالقادر أوغير عبدالقادر،والرسول عليه الصلاة والسلام نفسه لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا،قال الله تعالى آمرا له: { قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً}،وقال آمرا له: {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي }،وقال تعالى آمرا له: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون }،بل قال تعالى آمرا له: {قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا }،فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لا يجيره أحد من الله فكيف بغيره؟فدعـــا غير الله شرك مخرج عن الملة،والشرك لا يغفره الله عز وجل إلا بتوبة من العبد لقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشـــاء }،وصاحبه في النار لقوله تعالى: }إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ومـا للظالمين من أنصــار }.
ونصيحتي لهذا الرجل أن يتوب إلى الله من هذا الأمر المحبط للعمل فإن الشرك يحبط العمل قال الله تعالى: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين }،فليتب إلى الله من هذا وليتعبد الله بما شرع من الأذكار والعبادات ولا يتجاوز ذلك إلى هذه الأمور الشركية وليتفكر دائماً في قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }."
...
رحم الله الشيخ وأغمده فسيح جناته..
وحمانا الله وإياك من الشرك..