العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-04, 10:47 PM   رقم المشاركة : 1
mohamed2002
عضو ذهبي






mohamed2002 غير متصل

mohamed2002 is on a distinguished road


الشيخ عثمان الخميس وشرح كتاب منهج السالكين للسعدي

السلام عليكم ورحمة الله وبركـاته
أحببـت أن أنقل أليكم هـذا الشــرح وهو منقول من موقع الشيخ عثمـان الخميس حفظه الله
لمـا فيه من الفائـدة..
مقدمة..
والأصل في الإنسان أنه جاهل كما قال تعالى: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا، فالعلم فضل من الله يؤتيه من يشاء كما قال تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله

وقال الإمام الشافعي

تعلم فليس المرء يولـد عالـما وليس أخو علم كمن هو جاهل

فإن كبير القوم إن كان جاهلا صغير إذا التفت عليه الجحافل

وإن صغير القوم إن كان عالما كبير إذا ردت إليه المحافـل

وطلب العلم قربى في حد ذاته بل فرض على كل مسلم ومسلمة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم.

والعلم ينقسم إلى قسمين: فرض عين، وفرض كفاية

ومعنى فرض عين أي يجب على كل شخص بعينه أن يتعلمه، كتعلم أمور العقيدة كمعرفة الله وما يجب له من عبادته وطاعة أمره كما قال رسول الله لمعاذ بن جبل : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وتعلم الأحكام الشرعية كأحكام الطهارة والصلاة والصيام وما شابه ذلك مما يحتاجه المسلم في حياته اليومية.

أما فرض الكفاية فهو الذي إذا قام به البعض سقط به الإثم عن الآخرين كعلم النحو وعلم الصرف والمواريث وعلوم القرآن وغيرها

وسنقوم إن شاء الله من خلال هذه الصفحة بشرح كتاب منهج السالكين للإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، بأسلوب سهل واضح بعيد عن التعقيد، ومعتمدا على الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة على فهم سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين.

التعريف بصاحب الكتاب

هو العلامة الورع الزاهد عبد الرحمن بن ناصر السعدي التميمي الحنبلي، ولد في مدينة عنيزة، بالقصيم في المملكة العربية السعودية سنة 1307 هجرية توفيت أمه وهو في الرابعة من عمره وتوفي والده وهو في الثامنة، واعتنت به زوجة أبيه، وحفظ القرآن في الحادية عشرة من عمره، وطلب العلم على يد كثير من العلماء منهم: محمد بن عبد الكريم الشبل و صالح بن عثمان القاضي وعبد الله بن عائض و صعب بن عبد الله التويجري وغيرهم،

وقد اعتنى كثيرا بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وانتفع بها كثيرا، وانتهت إليه الفتوى سنة 1350

وتتلمذ عليه الكثير من طلبة العلم في ذلك الوقت ومن أشهر تلاميذه الذين انتفعوا به كثيرا:

شيخنا أبو عبد الله محمد بن صالح العثيمين، وسليمان بن إبراهيم البسام، ومحمد بن عبد العزيز المطوع، وعبد الله بن عبد الرحمن البسام، ومحمد المنصور الزامل.

وللشيخ مؤلفات كثيرة نفع الله بها حيث تميزت كتبه بحسن الترتيب وسهولة العبارة، والتركيز على التقسيمات البديعة التي تميز بها. ومن مؤلفاته:

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ـ إرشاد أولي البصائر والألباب لمعرفة الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب ـ القواعد الحسان في تفسير القرآن ـ توضيح الكافية الشافية ـ الرياض الناضرة ـ الفروق والتقاسيم البديعة النافعة ـ الفتاوى السعدية ـ منالفوائد الجلية، منهج السالكين وغيرها كثير

وقد توفي رحمه الله تعالى سنة 1376 هـ

وقد تميز العلامة عبد الرحمن السعدي بتقسيماته البديعة وتأصيل القواعد العامة في كثير من مؤلفاته، والتي تساعد طالب العلم على فهم كثير من المسائل فهما صحيحا، كما في كتابه القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة وكتابه القواعد الحسان لتفسير القرآن، وكتابه طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول.

وكان رحمه الله تعالى قد ابتكر أسلوبا جديدا في طرحه مما حببه إلى طلبة العلم في ذلك الزمان وهذا الزمان أيضا ومما تميز به:

* أسلوب السؤال والجواب أو عقد مناظرات علمية يتم من خلالها مناقشة المسائل مع ذكر الأدلة ومن ثم الترجيح وكان رحمه الله تعالى يسمي أحد المتناظرين المستعين بالله والآخر المتوكل على الله كما في كتابه الإرشاد

* كان يستشير تلاميذه في اختيار الكتاب الأنفع من كتب الدراسة، ويختار ما يختاره أغلبهم.

* كان يخصص مكافآت لمن يحفظ المتون من طلبته، تشجيعاً لهم.

* يطرح المسائل على طلبته ليشحذ أذهانهم، ويتعمد أحياناً تغليط نفسه أمامهم

* يتفقد طلبته إذا غابوا، ويسأل عنهم، وكان يتحبب إليهم ويلاطفهم.

ومن المحال أن تستقل العقول بمعرفة ذلك وإدراكه على التفصيل، فاقتضت رحمته أن بعث الرسل به معرفين وإليه داعين ولمن أجابهم مبشرين ولمن خالفهم منذرين، وجعل مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله، ولقد سمى الله سبحانه وتعالى ما أنزل على رسوله روحاً لتوقف الحياة الحقيقية عليه وسماه نوراً لتوقف الهداية عليه قال تعالى: "وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور" .

فالواجب اتِّباع المرسلين وما أنزله الله إليهم وقد ختم الله المرسلين بمحمد صلى الله عليه وسلم فجعله آخر الأنبياء وجعل كتابه مهيمناً على ما سبقه من الكتب السماوية، وأكمل له ولأمته الدين قال تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً

وأرسل الله تبارك وتعالى رسوله محمداً بالهدى ودين الحق، فلا هدى إلا فيما جاء به. ولا يقبل الله من الأولين ولا من الآخرين دينا إلا ما أرسل به رسله عليهم السلام وقد نزه الله تعالى نفسه عما يصفه العباد إلا ما وصفه به المرسلون قال تعالى: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين " فنزه نفسه عما يصفه به الكافرون، ثم سلم على المرسلين لسلامة ما وصفوه به من النقائص والعيوب، ثم حمد نفسه على تفرده بالأوصاف التي يستحق عليها كمال الحمد.

وقد بلَّغ الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين وأوضح الحجة للمستبصرين وسلك سبيله خير القرون ثم خلف من بعدهم خلف اتبعوا أهواءهم وافترقوا وذلك أنه كلما بعد عهد الناس عن زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ظهرت البدع وكثر التحريف الذي سماه أهله تأويلا ليقبل فاحتاج المؤمنون بعد ذلك إلى إيضاح الحق، فقيَّض الله سبحانه وتعالى عباداً له يذبون عن دينه كل باطل. وأقام الله لهذه الأمة من يحفظ عليها أصول دينها، كما أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس. أخرجه البخاري ومسلم من حديث المغيرة بن شعبة

كتاب الطهارة

قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى: شروط الصلاة، منها الطهارة

قلت: الشرط هو الأمر الذي يعتمد عليه العمل اعتمادا كليا بحيث لا يصح بدونه، وهو دائما يسبق العمل ويتقدم عليه وإن فقد الشرط لم يصح العمل إلا في حالة واحدة وهي العجز عن الإتيان به لقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم

وأول شروط صحة الصلاة الطهارة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور. أخرجه البخاري ومسلم فمن لم يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة فلا صلاة له.

والطهارة نوعان: أحدهما الطهارة بالماء، وهي الأصل، فكل ماء نزل من السماء أو خرج من الأرض فهو طهور يطهر من الأحداث (كالغائط والبول) والأخباث (كسائر النجاسات)، ولو تغير طعمه أو لونه أو ريحه بشيء طاهر. كما قال النبي إن الماء طهور لا ينجسه شيء. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وهو صحيح. فإن تغير أحد أوصافه بنجاسة فهو نجس يجب اجتنابه

قلت: فالماء لا ينجس إلا إذا وقعت فيه نجاسة وأثرت في طعمه أو لونه أو ريحه

ـ فإذا وقعت فيه نجاسة ولم تؤثر فيه.

ـ أو تغيرت بعض أوصافه بشيء طاهر.

ـ أو تغيرت أحد أوصافه بسبب قربه من نجاسة لم تخالطه.

في هذه كلها هو طهور يجوز الوضوء به، وأما الشاي والعصير وماء الورد وما شابهها فهذه لا تسمى ماءً، ولا يجوز الوضوء بها بالإجماع.

قال العلامة ابن سعدي: والأصل في الأشياء الطهارة والإباحة: فإذا شك المسلم في نجاسة ماء أو ثوب أو بقعة أو غيرها: فهو طاهر، أو تيقن الطهارة وشك في الحدث: فهو طاهر لقوله صلى الله عليه وسلم" لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا". أخرجه البخاري ومسلم

قلت: إذا عرف المسلم هذه القاعدة زال عنه همٌّ عظيم وارتاح من كثير من الوساوس التي أفسدت على الكثيرين حياتهم وعباداتهم وذلك أن الأصل في كل شيء أنه طاهر إلا إذا دل الدليل على أنه نجس، فإذا رأينا حيوانا أو حجرا أو ثوبا أو غيرها، فإنها طاهرة ما لم نتيقن نجاستها.

وكذا من تيقن الطهارة أي أنه متأكد أنه توضأ للصلاة ثم وقع منه شك هل انتقض هذا الوضوء أو لا فيبقى على الأصل وهو أنه متوضأ والعكس صحيح وذلك أنه إذا كان متأكدا أنه قضى حاجته ثم شك هل توضأ بعد ذلك أو لا فإنه يبقى على الأصل وهو أنه محدث، حتى لو كان من عادته أنه يتوضأ دائما طالما أنه متيقن الحدث، ويخطأ من يقول إذا شك فإنه يتوضأ من باب الاحتياط، بل الاحتياط يكون في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم

من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل دائرة الحلال واسعة جداً وجعل دائرة الحرام ضيقة جداً.

وأقرب مثال على ذلك أن الآنية جميعها مباحة إلا الآنية المصنوعة من الذهب أو الفضة أو فيهما شئ منهما.

وهذا يندرج إلى أشياء كثيرة جداً، فالمحرمات من النكاح ذكرها الله في قوله: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً، والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، هؤلاء هن المحرمات ثم قال "وأحل لكم ما وراء ذلكم"، كما أضاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المحرمات الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها.

وكذا لما ذكرنا المحرمات من الأطعمة قال:" حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب"، هذه هي المحرمات ثم قال:"يسألونك ماذا أحلّ لهم، قل أحلّ لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلّبين تعلمونهم مما علمكم الله" وقال في آية أخرى:"قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به"، كما أضاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير.

وأما المعاملات فالأصل فيها الإباحة إلا ما دلّ الدليل على تحريمها ومنعها

وكذا الأعيان أي الأشياء الملموسة الأصل فيها الطهارة والإباحة في استخدامها إلا ما دلّ الدليل على نجاستها أو تحريم استعمالها.

فالحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

فالأواني إذاً كلها مباحة سواء كانت من نحاس أو حديد أو ألماس أو ألمنيوم أو غيرها من المعادن والحرمة هي آنية الذهب والفضة، وما فيه شيء منهما كأن تكون مطلية بالذهب أو الفضة أو مرصعة أو مموهة. لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:" لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها". أخرجه البخاري ومسلم

ثم قال رحمه الله: إلا اليسير من الفضة لحاجة وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان له إناء قد ثلم (أي كسر جزء منه) فضية بفضة أخرجه البخاري

لذلك أجاز أهل العلم الضبة أي القطعة اليسيرة من الفضة لحاجة.

باب الاستنجاء وآداب قضاء الحاجة

قال رحمه الله: يستحب إذا دخل الخلاء أن يقدّم رجله اليسرى ويقول بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، وإذا خرج منه قدّم رجله اليمنى وقال غفرانك الحمد لله الذي أذهب عنّي الأذى وعافاني.

أما الدخول بالرجل اليسرى فلأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دخل المسجد قدّم رجله اليمنى وإذا خرج قدم رجله اليسرى. فقال أهل العلم المسجد أطهر مكان فتقدّم اليمنى وتؤخر اليسرى وعكسه الحمّام فهو أخبث مكان فناسب أن يقدّم اليسرى ويؤخر اليمنى.وأما الدعاء فقوله بسم الله لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:"ستر ما بين عورات بني آدم وأعين الجن بسم الله". أخرجه الترمذي

فهو يستتر عن أعين الإنس بالجدار وغيره ويستتر عن أعين الجن بقوله بسم الله

قال ابن كثير: لما كانت الجن ترى الإنس وهو لا يراها كما قال تعالى:"إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم. فناسب أن نستعيذ منهم.بمن يرى الجن ولا يراه الجن هو الله سبحانه وتعالى. ولذلك يستحب أن يقول بسم الله كلما أراد أن يخلع ملابسه ولو لم يكن في الحمام.

وأما قوله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، فالخبث ذكور الجن والخبائث إناث الجن، وقوله غفرانك إما أن يكون معناها استغفرك لذهاب هذا الوقت دون أن أذكرك، أو يكون معناها كما أذهبت عني الأذى اذهب عني الذنوب.

قال الشيخ: ويعتمد في جلوسه على رجله اليسرى وينصب اليمنى ويستتر بحائط أو غيره ويبتعد إن كان في الفضاء.

قلت: أما الاستتار بالحائط فحتى لا ترى عورته فإذا لم يجد ما يستتر به فإنه يبتعد حتى لا يرى الناس عورته.

قال الشيخ: ولا يحل له أن يقضي حاجته في طريق أو محل جلوس الناس أو تحت الأشجار المثمرة أو في محل يؤذي به الناس ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها حال قضاء حاجته. فإذا قضى حاجته استجمر بثلاثة أحجار ونحوها تنقي المحل ثم استنجي بالماء ويكفي الاقتصار على أحدهما. ولا يستجمر بالروث والعظام لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك وكذلك كل ما له حرمة.

الإنسان إذا قضى حاجته إما أن يستجمر وإما أن يستنجي والاستنجاء يكون بالماء والإستجمار يكون بالحجارة أو الخشب أو الزجاج أو الخرق أو المناديل أو غيرها من الطاهرات.

ولا يكفي بالاستجمار أقل من ثلاثة أحجار أو حجر كبير له ثلاثة أطراف لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يستجمر المسلم بأقل من ثلاثة أحجار. وسواء استنجى بالحجارة أو الماء فإنه جائز المهم أن ينقي المحل.

ونهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإستجمار بالروث والعظم لأن الروث طعام دواب الجن والعظم طعام الجن.

وكذلك كل ماله حرمة من كتب علمية أو طعام أو شراب أو غيره.

قال الشيخ: ويكفي في غسل النجاسات على البدن أو الثوب أو البقعة أو غيرها أن تزول عينها عن المحل. لأن الشارع لم يشترط في غسل النجاسات عدداً إلا نجاسة الكلب فاشترط فيها سبع غسلات إحداها بالتراب.

المهم أن تزول النجاسة سواء أزيلت بالماء أو بالكيماويات أو بغيرها إلا نجاسة الكلب فلابد من سبع غسلات لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب

البول والروث الأصل فيهما أنهما نجسان لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم عن قبرين مرّ عليهما أنهما ليعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة.

والميتتان هي ما مات حتف أنفه أي لم يذك كالحيوان الذي يموت بسبب السقوط أو الاصطدام أو الخنق أو الغرق أو الضرب أو ما أكله أسد أو نمر أو أي حيوان مفترس فهذا يقال له ميتة.

وهي نجسة لقول النبي صلى الله عليه وسلم إيما إهاب دبغ فقد طهر فدلّ ذلك على أنه قبل الدباغ لم يكن طاهراً.

وكذا قولـه صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. وذلك لنجاستها، أما ميتة الآدمي فطاهرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن لا ينجس.

وأما قوله تعالى "إنما المشركون نجس" فالمقصود منه النجاسة المعنوية أي نجاسة قلوبهم ولذلك أباح الله الزواج من الكتابيات (اليهودية والنصرانية) وهن كافرات مشركات.

وما لا نفس له سائلة المقصود الحشرات وما شابهها والنفس هنا هو الدم أي ليس لها دم يسيل بل دمها جامد فإنه طاهر بدليل قول النبي إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسها ثم ليشرب فإن في أحد جناحيها الداء وفي الآخر الدواء.

وأما السمك والجراد فلقول ابن عمر: أحل لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال، أخرجه أحمد.

والمقصود بالسمك كل من يعيش في البحر من حيوانات البحر.

قال الشيخ: وأما أرواث الحيوانات المأكولة وأبوالها فإنها طاهرة.

قلت: ودليل طهارتها أمر النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الناس الذين أصيبوا بالحمى أن يذهبوا إلى إبل الصدقة أن يشربوا من ألبانها وأبوالها ويستدل من وجهين:

أحدهما: أنه لم يأمرهم بالوضوء أو غسل أفواههم بعد شربها.

الآخر: لو كان البول نجساً لما جاز لهم شربه لأن كل نجس حرام.

قال الشيخ: ومني الآدمي طاهر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل رطبه ويفرك يابسه وبول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام لشهوة يكفي فيه النضح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام، أخرجه أبو داود والنسائي.

قلت: مني الآدمي طاهر لأنه أصل خلقته والإنسان مخلوق طاهر فلا يمكن أن يكون أصله نجساً ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتفي بفرك اليابس والنجس لا يكفي فيه الفرك.

والنجاسات تنقسم إلى ثلاثة أقسام نجاسة مغلظة ونجاسة مخففة وأخرى متوسطة:

والمغلظة هي دم الحيض.

والمخففة هي بول الغلام الذي لم يأكل الطعام.

والمذي والمتوسطة باقي النجاسات.

والمقصود الغلام الذي لم يأكل الطعام لشهوة أما إذا أكل خبزاً أو تمر أو غيرها بين فترة وأخرى ومازال يرضع فهذا يكفي في بوله النضح ولا يلزم غسله بل يرش عليه قليل من الماء.

قال الشيخ: وإذا زالت عليه النجاسة طهرت ولم يضر بقاء اللون أو الريح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لخولة بنت يسار في دم الحيض "يكفيك الماء ولا يضرك أثره"، أخرجه أبو داود.

قلت وهذا يسر من الشريعة لقوله تعالى "فاتقوا الله ما استطعتم".

باب صفة الوضوء

قال الشيخ: وهو أن ينوي رفع الحدث أو الوضوء للصلاة ونحوها. والنية شرط لجميع الأعمال من طهارة وغيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، متفق عليه.

ثم يقول بسم الله.

النية محلها القلب ولا يشرع الجهر بها لا في الوضوء ولا غيره من الأعمال. ويظن بعض الناس أنه يشرع الجهر بها في الحج وليس كذلك لأن الذي يجهر به هو تحديد النسك وليس النية.

وقول بسم الله مستحب لقول النبي صلى الله عليه وسلم توضؤا بسم الله، أخرجه النسائي. وإذا نسي أن يقول بسم الله ثم أول الوضوء يقولها متى تذكرها. وإذا لم يتذكر حتى أتم وضوءه فلا شيء عليه.

قال الشيخ: ويغسل كفيه ثلاثاً ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثاً بثلاث غرفات. ثم يغسل وجهه ثلاثاً ويديه مع المرفقين ثلاثاً ويمسح رأسه من مقدمه إلى قفاه بيديه ثم يعيدهما إلى المحل الذي بدأ منه مرة واحدة. ثم يدخل سبابتيه في أذنيه ويمسح بإبهاميه ظاهرهما ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثا ثلاثاً.

هذا أكمل الوضوء الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم. والغرض من ذلك أن يغسلها مرة واحدة وان يرتبها على ما ذكره الله بقوله "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين". وأن لا يفصل بينها بفاصل كثير عرفاً بحيث ينبني بعضه على بعض. وكذا كل ما اشترطت له الموالاة.

هذه صفة الوضوء الذي كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم والمضمضة والاستنشاق بثلاث غرفات معناه أن يجعل ماءً في يده ثم يرفعه إلى فمه فيدخل شيء من الماء في الفم وباقيه في الأنف ويتنشقه ثم ينثره إن تيسر ذلك وهي السنة فإن تمضمض ثلاثاً بثلاث غرفات ثم استنشق ثلاثاً بثلاث غرفات جاز والأول المفضل.

وحدود الوجه الذي يجب أن يغسل من الأذن إلى الأذن ومن منبت الشعر إلى أسفل الذقن.

وإذا غسل يديه يجب أن يتنبه إلى أنه يجب عليه أن يغسلهما من أطراف الأصابع إلى المرفق حتى ولو كان غسل يديه.

وصفة مسح الرأس أن يبدأ بمقدم رأسه ويمر يده حتى ينتهي إلى آخره ثم يعود بالعكس ولو اكتفى بالذهاب فقط أو بالرجوع فقط جاز. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفي مسح بعض الرأس والصحيح أنه لابد من مسح جميع الرأس بدليل فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يثبت عنه ولا مرة واحدة أنه اكتفى بمسح بعض رأسه على كثرة ما توضأ.

والواجب هو مسح كل عضو مرة واحدة ومرتان وثلاث مستحب.

ولابد من الترتيب (الوجه ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلين).

والموالاة هي أن لا يجعل وقتاً طويلاً بين غسل ركن وآخر

ومن هنا نعرف أن حكم المسح على الخفين أنه مباح لا واجب ولا مستحب ولا مكروه ولا محرم

مدة المسح:

لا يخلو الإنسان إما أن يكون مقيماً أو مسافراً، فإن كان مقيماً مسح يوماً وليلة (أي أربعاً وعشرين ساعة)، وإن كان مسافراً مسح ثلاثة أيام بلياليها (أي اثنين وسبعين ساعة). ويمسح أعلى الخف فقط.

وشرط ذلك أن يلبس الخف على طهارة سواء طهارة وضوء أو طهارة غُسل. والمسح يكون للوضوء فقط أما الغسل فلا يكفي فيه المسح بل لابد من نزع الخفين وغسل القدمين.

وتبدأ مدة المسح من أول مسحة. فلو لبس الخف بعد وضوئه لصلاة المغرب مثلاً واستمر على وضوئه حتى صلى العشاء ولم يُجدد وضوءه إلا لصلاة الفجر فإن المدة تبدأ من صلاة الفجر.

وإن كان على بعض أعضاء الوضوء جبيرة أو دواء أو لفافة أو جبس ولا يمكن نزعها أو يتضرر بالنزع فإنه يمسح عليها ولابد من تعميمها، فلا يكفي أن يمسح أعلاها فقط كما يفعل مع الخف.

يختلف المسح على الجبيرة عن المسح على الخف بأمور:

الخف الجبيرة

1) يمسح أعلاه فقط 1) تمسح جميعها

2) في الحدث الأصغر فقط(الوضوء) 2) في الحدثين (الوضوء والغسل)

3) له مدة محددة 3) ليس له مدة حتى يشفى

4) لابد أن يلبس على طهارة 4) لا يشترط لبسها على طهارة

5) يلبس على الرِجْل فقط 5) في أي مكان بحسب الحاجة

نواقض الوضوء

نواقض الوضوء هي مفسداته:

1) الخارج من السبيلين سواء كان بولاً أو غائطاً أو دماً أو منياً أو مذياً أو أي شيء.

2) الدم الكثير. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم انتقاض بخروج الدم وهو الصحيح إن شاء الله.

3) زوال العقل بأي صورة (إغماء، صرع، جنون، نوم عميق، بنج)، لأن الإنسان قد ينتقض وضوءه وهو لا يشعر.

4) أكل لحم البعير لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أكل لحم جزور فليتوضأ.

5) مس المرأة بشهوة لقوله تعالى:" أو لامستم النساء"، والصحيح أنه لا ينتقض الوضوء بمس النساء والآية المقصود بها الجماع كما في قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها".

6) مس الفرج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من مس ذكره فليتوضأ. وذهب بعض أهل العلم إلى أن الوضوء من مس الفرج مستحب وهو الصحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن مس الذكر: إنما هو بضعة منك.

7) تغسيل الميت لحديث من غسل ميتاً فليغتسل، والصحيح أنه مستحب لأن الصحيح أن هذا الحديث ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما من كلام أبي هريرة (أي فتوى) فأخطأ البعض ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

8) الردة وهي تحبط الأعمال كلها.

باب ما يوجب الغُسْل وصفته:

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: ويجب الغُسْل من الجنابة وهي إنزال المَني بوطء أو غيره أو بالتقاء الختانين وخروج دم الحيض أو النفاس وموت غير الشهيد وإسلام كافر.

قلت:
الاغتسال هو تعميم البدن بالماء مع نية التطهر.

وموجباته أربعة أمور:

1) الجنابة: وهي إنزال المَني بجماع أو استمناء أو احتلام.

فخروج المَني سبب للغسل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. أخرجه مسلم.

أي ماء الغسل بسبب ماء المَني.

فمن استيقظ من نومه فوجد منياً في ثوبه وجب عليه الغسل ولو لم يذكر احتلاماً.

ومن تذكر احتلاماً ولم يجد منياً فلا يجب الغسل فالعبرة إذاً بوجود المَني.

والمَني هو ماء أبيض ثخين يخرج متدفقاً.

2) التقاء الختانين والمقصود هو الإيلاج، فلو لامس ذَكَر الرّجُل فَرْج زوجته مجرد ملامسة ولم يدخل فلا غسل عليه إلا إذا أنزل.

ولو أدخل ذَكَره في فرَجها فإنه يجب الغُسْل ولو لم ينزل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جلس بين شعبها الأربع (بين يديها ورجليها) ثم جهدها فقد وجب الغُسْل وإن لم ينزل.

3) خروج دم الحيض أو النفاس: ويجب الغُسْل عند انقطاع الدم، والحيض والنفاس هما سبب وجوب الغُسْل.

4) موت غير الشهيد سبب لوجود الغُسْل ويجب هنا على من حضر عند الميت أن يبادر إلى تغسيله وهذا من فروض الكفايات فإذا قام به أحدهم سقط عن الباقين,

أما الشهيد فإنه لا يُغْسَل.

أما الكافر إذا أسلم ففيه خلاف هل يجب عليه الغُسْل أو لا؟

والظاهر والله اعلم أنه لا يجب لأنه أسلم عدد كبير ولم يُنْقَل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمرهم بالاغتسال.

وأما الاغتسال من تغسيل الميت فمبني على الحديث الذي مرّ "من غسل ميتاً فليغتسل" وقلنا أنه من كلام أبي هريرة وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

فإذا كان كذلك فإنه لا يجب الاغتسال من تغسيل الميت.

قال الشيخ:

صفة غسل النبي من الجنابة:

فإنه كان يغسل فرجه أولاً ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يحثي الماء على رأسه ثلاثاً يرويه بذلك ثم يفيض الماء على سائر جسده ثم يغسل رجليه بمحل آخر.

والغرض من هذا غَسْل جميع البدن وما تحت الشعور الخفيفة والكثيفة، والله أعلم.

قلت:
خلاصة هذا الكلام أن الغسل ينقسم إلى قسمين:

1) كامل

2) مجزئ

والكامل هو ما ذكره الشيخ وبالنسبة لغسل الرجلين إن كان ماء الغسل يجتمع تحته فإنه يتـنحى ليغسل رجليه في مكان آخر وإن كان الماء يجري كما في الحمّامات الحديث فإنه لا مانع من أن يغْسل رجليه في المكان نفسه.

التيمم

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: باب التيمم وهو النوع الثاني من الطهارة، وهو بدل عن طهارة الماء إذا تعذّر استعمال الماء لأعضاء الطهارة أو بعضها لعدمه أو خوف ضرر باستعماله فيقوم التراب مقام الماء.

التيمم: هو القَصْد إلى الصعيد الطاهر، والصعيد هو كل ما صعد على وجه الأرض.

لقوله تعالى:" فتصبح صعيداً زلقاً" يعني بستان الغني كما في سورة الكهف.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يشترط التراب والصحيح أن التراب أفضل من غيره ولكن يجوز التيمم بغيره، والتراب هو ما كان عليه غبار.

والتيمم بدل عن طهارة الماء فيقوم مقام الماء.

ويلجأ الإنسان إلى التيمم في حالات:

1) تعذر استعمال الماء لجرح أو مرض أو شدة حرارة الماء أو شدة برودته.

2) عدم وجود الماء سواء كان مفقوداً أو موجوداً ولا يستطيع الوصول إليه إما لأنه في بئر وليس معه دلو أو لا يستطيع أن ينزل، أو لوجود حيوان مفترس أو من يهدده بالقتل أو الضرب،
وقد يكون الماء قليلاً جداً، فإن كان كذلك فإنه يكتفي بغسل الأركان فقط وهي الوجه واليدان والرأس والقدمان وإن لم يكف لغسل جميع الأركان فيغسل ما يستطيع كأن يغسل وجهه ويتيمم للباقي.

صفة التيمم:

قال الشيخ: ينوي رفع ما عليه من الأحداث ثم يقول بسم الله ثم يضرب التراب بيده مرة واحدة يمسح بها جميع وجهه وجميع كفيه فإن ضرب مرتين فلا بأس قال الله تعالى:" فلم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون".

وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيّـما رجل أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة وكان النبي يُبعَث إلى قومه خاصة وبُعثْت إلى الناس عامة. متفق عليه.

النصر بالرعب كان في غزوة تبوك.

قول بسم الله في التيمم مستحب قياساً على الوضوء.

والتيمم لا يبطل إلا إذا بطلت الطهارة أو حضر الماء:

1- فإذا حضر الماء قبل أن يصلي بطل التيمم.

2- وإذا حضر الماء وهو في الصلاة قطعها.

3- وإذا حضر الماء بعد الفراغ من الصلاة فالصلاة صحيحة ولا داعي لإعادتها ولكن يتوضأ للصلاة التي بعدها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصعيد الطاهر وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته. أخرجه أحمد.

قال الشيخ: ومن عليه حدث أصغر: لم يحل له أن يصلي ولا أن يطوف بالبيت ولا يمس القرآن ويزيد من عليه حدث أكبر: أنه لا يقرأ شيئاً من القرآن ولا يلبث في المسجد بلا وضوء وتزيد الحائض والنفساء: أنها لا تصوم ولا يحل وطؤها ولا طلاقها.

قلت:
* الحدث الأصغر هو الذي يلزم منه الوضوء كالبول والغائط والنوم العميق وغيرها.

* لايصلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير وضوء. أخرجه البخاري.

* ولا يطوف لحديث: الطواف في البيت صلاة إلا أن الله أباح في الكلام. أخرجه أبو داود.

ولكن الصحيح أن هذا من كلام ابن عباس وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فأخطأ بعض الرواة فنسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

* ولا يمس القرآن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يمس القرآن إلا طاهر. أخرجه أحمد.

* أما الحدث الأكبر وهو ما يوجب الغسل: فإنه لا يقرأ القرآن لآثار جاءت عن الصحابة أنهم نهوا الجُنُب أن يقرأ شيئاً من القرآن. أما نهي من النبي صلى الله عليه وسلم فلم يثبت منه شيء، والله أعلم.

وقول الصحابي حُجّة إذا لم يخالفه غيره وجاء النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة من الصحابة وهم سلمان وابن مسعود وسعد ولا يعرف لهم مخالف.

أما الحائض فالصحيح أنها تقرأ لأن حيضتها ليست في يدها.

واللبث في المسجد ممنوع لقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا".

* وأما الحائض والنفساء فإنها لا تصوم ولا يجوز لزوجها أن يجامعها ولا يجوز طلاقها.

أما الأول فلحديث عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نُؤمر بقضاء الصلاة.

والثاني لقوله تعالى:" يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض".

والثالث لقوله تعالى:" يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن". أي في استقبال عدتها

هذه تسمى مواقيت الصلاة وذلك أن هذا الدين العظيم دين نظام فالحج له وقت وكذا الصيام والزكاة والصلاة وغيرها.
والصلاة كما هو معلوم خمس مكتوبات ثم نوافل.
والفرائض الخمسة (الصبح – الظهر – العصر – المغرب – العشاء).
وكل صلاة لها وقت ابتداء ووقت انتهاء لا تصح قبله مطلقاً ولا بعده إلا بعذر:
1- الصبح: ويقال لها الفجر أو الغداة وأول وقتها ظهور الفجر الصادق

والفجر كما قال أهل العلم فجران صادق وكاذب والفرق بينهما:

أن الكاذب نور تأتي بعده ظلمة

وكذا يكون في طول السماء لا عرضها

أما الصادق فهو نور لا تأتي بعده ظلمة بل يزيد حتى تطلع الشمس ثم هو يكون في عرض السماء

وينتهي وقت الفجر عند طلوع الشمس.

ويقصِّر كثير من الناس فيصلُّون الصبح كل يوم تقريباً بعد طلوع الشمس متى ما استيقضوا من نومهم. وهذا لا يجوز والصلاة غير صحيحة.

2- الظهر: ويبدأ وقتها من زوال الشمس أي تحركها عند وسط السماء إلى جهة الغروب حتى يصير ظل الشمس كطوله فلو وضع الإنسان عصا مثلاً عند انتصاف الشمس في كبد الشمس فإنه لا يكون لها ظل فإذا بدأ الظل فإن هذا يعني أن الشمس قد بدأت بالزوال وهكذا يطول هذا الظل شيئاً فشيئاً حتى يصير طوله كطول العصا عندها ينتهي وقت الظهر.

وهذا الكلام يصدق على البلاد الاستوائية التي تكون فيها الشمس عمودية أما البلاد التي لا تكون الشمس فيها عمودية فإنه قد يكون هناك ظل يسير قبيل الزوال فيلاحظ هذا. ولذلك يقول أهل العلم عن وقت الظهر يبدأ من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله سوى ظل الزوال (يعني في البلاد غير الاستوائية).

3- العصر: نهاية وقت الظهر هي بداية وقت العصر وكذا الأمر بالنسبة لنهاية وقت العصر وبداية المغرب والمغرب مع العشاء والعشاء مع الفجر.

فليس بينها وقت فراغ، والفراغ فقط بين الفجر والظهر وهو من طلوع الشمس إلى الزوال. ويستمر وقت العصر كما قلنا إلى غروب الشمس وهو وقت الضرورة إذ الأصل أن يصلي قبل أن يصير ظل الشيء مثليه أي ضعفه.

ويكره إلى اصفرار الشمس ويحرم بعدها إلى الغروب إلا للحاجة ولذلك قال رسول الله: تلك صلاة المنافق يعني صلاة من يؤخر العصر حتى تكون الشمس قريبة من الغروب.

4- المغرب: ويبدأ وقتها من غروب الشمس ويستمر حتى يغيب الشفق الأحمر وهي حمرة تكون فيها السماء جهة الغروب وتكون الحمرة هذه واضحة في البر أو البحر أما في المدن قد لا تكون واضحة.

5- العشاء: ويبدأ وقتها من غياب الشفق وستمر حتى طلوع الفجر الصادق.

قال الشيخ السعدي: ويدرك وقت الصلاة بإدراك ركعة كقوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. متفق عليه.

ولا يحل تأخيرها أو تأخير بعضها عن وقتها لعذر أو غيره، إلا إذا أخَّرها ليجمعها مع غيرها فإنه يجوز لعذر من سفر أو مرض أو مطر أو نحوها.

من أدرك ركعة من وقت المغرب قبل أن يغيب الشفق الأحمر ويدخل وقت العشاء فيكون قد صلى المغرب في وقتها وإن مُقصراً للتأخير. وكذا بالنسبة لباقي الصلوات.

وعليه فإنه إذا بقى على أذان العشاء دقيقتان فقط فكبر للمغرب وبعد أن أتم قراءة الفاتحة أذن المؤذن للعشاء فتكون صلاة المغرب قضاء لأنه لم يدرك ركعة كاملة هذا من حيث الأجر أما من حيث صفة الصلاة فإنها واحدة لا تختلف.

ولا يجوز لأحد أن يؤخر الصلاة سواء كلها أو بعضها لأي سبب كان لعمل أو تجارة أو ارتباط أو محاضرة أو غير ذلك لأنه ليس شيء أهم من الصلاة.

ويستثني من ذلك الجمع بين الصلاتين جمع تأخير سواء كان بسبب السفر أو المطر و الخوف أو المرض.

قال الشيخ ابن السعدي: والأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها إلا العشاء إذا لم يشق وإلا الظهر في شدة الحر.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيج جهنم. متفق عليه.

ومن فاتته الصلاة وجب عليه المبادرة إلى قضائها مرتباً.

فإن نسي الترتيب أو جهلة أو خاف فوات الصلاة سقط الترتيب.

قلت: يمكن تقسيم الصلوات الخمس إلى ثلاث أقسام:

1) ما يستحب تقديمه وهي ثلاث صلوات الفجر والعصر والمغرب.

2) ما يستحب تأخيره وهي صلاة العشاء.

3) ما فيه التفصيل وهي صلاة الظهر.

إن كان الحر شديداً استحب تأخيرها وإلا فتقديمها أفضل.

وهذا التأخير بالنسبة للعشاء والظهر إنما يستحب إذا كان باتفاق أهل المسجد أو إذا صلاّها المسلم في سفر أو في بيته.

وعليه فلا ينبغي أن يفوّت صلاة الجماعة في المسجد بحجة أنه يستحب تأخيرها.

ومن فاتته صلاة أي خرج وقتها ولم يصلها سواء بسبب نسيان أو نوم أو جهل كما يقع لبعض المرضى فإنه يدخل الصلاة إلى أن يخرج من المستشفى وهذا خطأ.

وأيا كان سبب فوات الصلاة فإنه يجب قضاؤها مرتبة فلو فاتته أكثر من صلاة كالظهر والعصر والمغرب فإنه لا يصلح أن يصلي العصر أو المغرب بل يبدأ بالظهر ثم العصر ثم المغرب.

فإن نسي الترتيب بأن بادر إلى صلاة العصر ظناً منه أنه صلّى الظهر فلا شيء عليه

أو جهله بحيث جهل وجوب الترتيب أو جهل أول صلاة فاتته فلا شيء عليه أيضاً

أو خاف فوات الصلاة بأن فاتته صلاة الظهر مثلاً وباقي على غروب الشمس خمس دقائق وهو لم يصل العصر فلا يراعي الترتيب خشية فوات العصر أيضاً بل يصلي العصر مراعاة للوقت ثم يصلي الظهر بعد أذان المغرب ثم يصلي المغرب.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: من شروطها (أي صحة الصلاة): ستر العورة بثوب مباح لا يصف البشرة.

والعورة ثلاثة أنواع:

مغلظة: وهي عورة المرأة الحرة البالغة فإن جميع بدنها عورة في الصلاة إلا الوجه.

مخففة: وهي عورة ابن سبع سنين إلى عشر فإنها الفرجان.

متوسطة: وهي عورة من عداهم من السرة إلى الركبة.

قال تعالى: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد".

قلت: ذكر الشيخ رحمه الله أن من شروط صحة الصلاة ستر العورة لقوله تعالى: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد".

وذكر أن ستر العورة لا يكون إلا بثلاثة شروط:

الأول: أن يكون الثوب مباحاً.

الثاني: لا يصف البشرة.

الثالث: ساتراً للعورة بحسب عورة كل أحد.

فلو صلّى الإنسان بثوب غير مباح كأن يكون مسروقاً أو مغصوباً فإن الصلاة لا تصح به والصحيح والعلم عند الله أن الصلاة صحيحة مع الإثم وهذه مسألة وقع فيها الخلاف بين العلماء ولكل قول من هذه الأقوال دليل ونظر والذي يظهر ما رجحناه وكما هو في الماء المغصوب للطهارة والأرض المغصوبة للصلاة.

وأما كون الثوب لا يصف البشرة فظاهر لأن الثوب إذا كان يصف البشرة لم يكن ساتراً لها بل وجوده كعدمه وكذا الأمر إن كان الثوب ضيقاً يحدد العورة.

وأما كون عورة كل أحد بحسبه فواضح أيضاً ولكن قبل التفصيل في هذا الأمر ينبغي أن ننتبه لأمر ألا وهو أن الكلام هنا في عورة الصلاة وليس العورة مطلقاً.

والعورة كما قال الشيخ رحمه الله ثلاث عورات:

1- المغلظة: أي مشدد فيها وهي عورة المرأة الحرة البالغة فقوله المرأة أخرج به الرجل وقوله الحرة أخرج به الأَمَة وقوله البالغة أخرج به غير البالغة.
والمرأة الحرة البالغة كلها عورة في الصلاة أي يجب عليها أن تغطي جميع جسدها في الصلاة عدا وجهها. إن لم يكن هناك أجانب فإن كان هناك رجال أجانب فتغطي وجهها.

وأما الكفان فالأفضل أن تدخلهما تحت الثياب وإن ظهرتا فلا بأس.

2- العورة المخففة: هي عورة ابن سبع سنين إلى عشر.

وهي السوءتان فقط فلو صلّى صبي وهو كاشف عن صدره وفخذيه صحت صلاته.

3- العورة المتوسطة: وهي عورة من عداهم وهم من بعد العاشرة من الذكور وابنة السبع ما لم تبلغ والأَمَة وهي من السرة إلى الركبة.

وهنا لابد التنبه لأمر وهو التفرقة بين عورة الصلاة والعورة خارجها فالأمة مثلاً لو صلت مكشوفة الصدر صحت صلاتها ولكن لا يجوز لها أن تخرج بين الناس كذلك.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: ومنها (أي شروط صحة الصلاة): استقبال القِبلَة قال تعالى: "ومن حيث خرجت فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام".

فإن عجز عن استقبالها لمرض أو غيره، سقط كما تسقط جميع الواجبات بالعجز عنها.

قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم". وكان النبي صلى الله عليه وسلم "يصلي في السفر النافلة على راحلته حيث توجهت به" متفق عليه. وفي لفظ: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة.

قلت: إن استقبال القِبلَة التي هي الكعبة المشرفة شرط صحة الصلاة لا تصح الصلاة إلا به فمن صلّى إلى غير القِبلَة لم تصح صلاته إلا في أربع حالات:

1) العجز: كالمريض الذي لا يستطيع أن لا يستقبل القِبلَة،
أو المقيد الذي لا يستطيع أن يستدير إليها، لقوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم".
2) الخطأ: كمن يبذل جهده لمعرفة اتجاه القِبلَة فلا يتمكن من ذلك،

أو لا يحدد من يسأله عن القِبلَة فهذا ومن سبقه لا حرج عليهما ولو صليا إلى غير القِبلَة،

أو يظن الجهة التي توجه إليها هي القِبلَة وهي ليست كذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".

3) القتال: قد لا يتمكن الإنسان من استقبال القِبلَة في وقت القتال حتى لا يعطي الكافر ظهره فيقتله، قال تعالى: " فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً
قال ابن عمر:"سواء كنتم مستقبلي القِبلَة أو مستدبريها"، رواه البخاري.

4)السفر: وهذا خاص بالنافلة، أما الفريضة فلا يجوز،
وذلك أنه يتسامح في النافلة ما لا يتسامح به في الفريضة.

ويشترط في النافلة أن يكون راكباً سائراً وإلا فالأصل أن يستقبل القِبلَة.

والقلة في ذلك والله أعلم أنه هذا المسافر يكون بين أمرين:

1) إما أن يقف ليصلي ويترك سفره.

2) وإما أن يسافر ويترك صلاته.

فأمر بالسفر والصلاة تسهيلاً له وتحقيقاً لمراده من أداء الصلاة، والله أعلم.

فأما الفريضة فإنها مبنية على التخفيف فالرباعية تُخفّف إلى اثنتين ويمكن كذلك أن يجمع بين الظهرين (الظهر والعصر) أو العشائين (المغرب والعشاء).

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: ومن شروطها (أي شروط صحة الصلاة): النية.

قلت: النية شرط لصحة جميع الأعمال فلا يقبل الله عملاً إلا بنية،

وصورة الصلاة بغير نية كان يطلب شخص من شخص لأن يعلمه الصلاة فيصلي له صلاة بأربع ركعات دون أن يقصد أن يصلي العصر فإذا انتهى أو أثنائها قال سأجعلها صلاة العصر،

فإن هذا لا يصح لأنه لابد أن ينويها العصر قبل تكبيرة الإحرام.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: وتصح الصلاة في كل موضع إلا في محل نجس أو مغصوب أو في مقبرة أو حمّام أو أعطان إبل.

وفي سنن الترمذي مرفوعاً: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمّام.

قلت: بيّن الشيخ رحمه الله أن الصلاة تصح في كل مكان ثم استثنى خمسة مواضع:

1- محل نجس.

2- محل مغصوب.

3- مقبرة.

4- حمّام.

5- أعطان إبل.

ومفهوم كلامه أن غير هذه الأماكن تصح فيها الصلاة كالبيت والشارع والحديقة والدكان والكنيسة وغيرها. ونبدأ بالتفصيل:

1- المحل النجس: وهو المكان المتنجس كأن تكون في الأرض نجاسة من بول أو غائط، لقوله تعالى:" وثيابك فطهر".
2- محل مغصوب: وهو أن يأخذ شخص من آخر بيته أو أرضه أو مزرعته بالقوة. فتسمى هذه الأرض المغصوبة وكذا البيت و المزرعة ولا يجوز له أن يصلي هنا لأنه يجب عليه أن يعيد الحق لأصحابه ولو صلّى فالصحيح أن الصلاة صحيحة مع إثم الغصب.
3- المقبرة: وهي المكان المعد لدفن الموتى فلا تجوز الصلاة فيها لنهي النبي عن ذلك واستثنى أهل العلم صلاة الجنازة لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلاّها في المقبرة وذلك لما صلّى على المرأة التي كانت تقم المسجد. أخرجه البخاري.

4- الحمّام: يعتبر الحمّام موضع النجاسات فلا تجوز الصلاة فيه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

5- أعطان الإبل: هي مباركها التي تنام فيها وذلك أنها مواضع الشياطين، ذلك أنه جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلف كل بعير شيطان. أخرجه أحمد.

وزيادة على ما ذكره الشيخ رحمه الله:

6- مسجد الضرار: وهو المسجد الذي بني للإضرار بالمسلمين ولاجتماع المنافقين فيه أو الذين يكيدون للإسلام وأهله وذلك أن هذا المسجد لم يبن على تقوى.

قال تعالى عن مسجد ضرار: " لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ".

ولذلك أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بعد عودته من تبوك أن يحرق مسجد الضرار.

ومعنى قول الشيخ أخرجه الترمذي مرفوعاً أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما كان من قول الصحابي وفتواه يقال له موقوف.

وترك الواجب يتمثل فيما يأتي:

1- ترك الأركان: كالقيام أو الركوع والسجود وقراءة الفاتحة والجلوس بين السجدتين والطمأنينة والسلام وغيرها.

2- ترك الشروط: كالوضوء واستقبال القبلة وستر العورة واجتناب النجاسة والنية وغيرها.

سواء كان ترك الأركان والشروط عمداً أو سهواً أو جهلاً فلا تصح الصلاة.

ويستثنى من ذلك إذا تركها عجزاً كأن يكون لا يعرف اتجاه القبلة أو لا يجد ما يستر عورته أو عجز عن القيام أو الركوع أو السجود فإن هذا لا يضر وصلاته صحيحة.

أما إذا ترك واجباً وهو التشهد الأول فينظر سبب الترك إن تركه سهواً فصلاته صحيحة ويسجد للسهو وإن تركه عمداً فإن الصلاة لا تصح. لأن النبي صلى الله عليه وسلم نسي التشهد الأول فسجد للسهو ولم يعد الصلاة.

وفعل المحظور يتمثل فيما يأتي:

1- الكلام عمداً: في غير أذكار الصلاة وقراءة القرآن فإن الصلاة تبطل أما إن كان ساهياً فلا شيء عليه.

2- والقهقهة: وهي الضحك بصوت فإنه يبطل الصلاة أما التبسم فإنه لا يبطل الصلاة ولكن ينقص من أجرها.

3) الحركة الكثيرة عرفاً: بحيث إن يراه لا يدري هل هو في صلاة أو لا وذلك لكثرة حركته. أما إن كانت الحركة لحاجة فلا بأس.

مكروهات الصلاة:

قال الشيخ:

1- يكره الالتفات في الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. رواه البخاري.

2- ويكره العبث.

3- ووضع اليد على الخاصرة.

4- تشبيك أصابعه.

5- وفرقعتها.

6- وأن يجلس فيها مقعياً كإقعاء الكلب.

7- وأن يستقبل ما يلهيه.

8- وأن يدخلها وقلبه مشتغل بمدافعة الأخبثين.

9- أو بحضرة طعام.

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافع الأخبثين. متفق عليه.

10- ونهى النبي صلى الله عليه وسلم وأن يفترش الرجل ذراعيه في السجود.

قلت: هذه عشرة أمور مما يكره في الصلاة.

1- الالتفات: وهو على أربع أحوال:

ا) التفات القلب: وهو ينقص أجر الصلاة.

ب) التفات العين: وهو كذلك ينقص أجر الصلاة.

ج) التفات الرقبة: وهو كذلك ينقص أجر الصلاة.

د) التفات الجسد: وهو يبطل الصلاة لأنه يترك شرط من شروط وهو استقبال القبلة.

2- العبث: وهو الحركة التي لا داعي لها.

والحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام:

أ) واجبة: وهي إذا أراد أحد أن يمر بينك وبين السترة التي أمامك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم إلى سترة فأراد أحداً أن يمر بين يديه فليمنعه.

ب) مستحبة: وهي ما كانت في مصلحة الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من وصل صفاً وصله الله.

ج) مباحة: وهي ما كانت لحاجة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحما أمامة بنت ابنته زينب وهو يصلي.

د) مكروه: وهي إذا كانت لغير حاجة.

هـ) محرمة: وهي إذا كانت لغير حاجة وكثرت فإنها تبطل الصلاة.

3- وضع اليد على الخاصرة: لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التخصر في الصلاة.

4-5- تشبيك الأصابع وفرقعتها: وقد جاء النهي عن ذلك.

6- الإقعاء كإقعاء الكلب: وصورته أن يجلس على مقعدته وتكون رجله اليمنى عن يمين مقعدته ورجله اليسرى عن يسار مقعدته.

7- أن يستقبل ما يلهيه: كنار أو منظرة أو نس يتحدثون أو غير ذلك مما ينهى عنه.

8- مدافعة الأخبثين: والأخبثان هما الغائط والبول والمقصود بالمدافعة الحصر الشديد وهو ينافي الخشوع في الصلاة وإذا كان الحصر غير شديد فإنه يكره له ذلك لأنه يؤثر على الخشوع.

9- أن يصلي بحضرة الطعام: لأن كذلك يشغله التفكير بالطعام عن صلاته.

10- افتراش الذراعين: يكون في أثناء السجود وهو أن يضع يده كلها على الأرض والكف والساعد والمرفق.

باب صلاة التطوع

قال الشيخ: وأكدها صلاة الكسوف لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها وتصلى على صفة حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الكسوف بقراءته فصلى أربع ركعات وأربع سجدات. متفق عليه.

هذه صفة صلاة الكسوف وهو أنه أولاً ينادي لها: الصلاة جامعة، وليس لها أذان ولا إقامة ويصلي الإمام بالناس ركعتين يجهر فيهما فيقرأ الفاتحة ثم سورة طويلة ثم يركع ركوعاً طويلاً ثم يرفع ويقرأ الفاتحة مرة ثانية وسورة طويلة ولكن أقصر من الأولى ثم يركع ركوعاً طويلاً ولكن أقصر من الأول ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين ثم يقوم ويأتي بركعة ثانية كالأولى ولكن أقصر منها.

والكسوف يكون للشمس ويكون للقمر ولكن أكثر العلماء يطلقون على القمر الخسوف وعلى الشمس الكسوف، ولم يحدث الكسوف أو الخسوف إلا مرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حيث كسفت الشمس.

قال الشيخ: وصلاة الوتر سنة مؤكدة، داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم حضراً وسفراً، وحث الناس عليها. وأقله ركعة واحدة وأكثره إحدى عشرة ووقته من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والأفضل أن تكون آخر صلاته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. متفق عليه. وقال: من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل. رواه مسلم.

وخلاصة القول أن صلاة الوتر ينبغي أن نحافظ عليها ومن صلى ركعة فقد صلى الوتر، ومن صلى ثلاثاً فهو أفضل وخمس وسبع ثم تسع ثم إحدى عشر أفضل. يسلم بعد كل ركعتين ويجوز أن يصلي خمساً لا يجلس إلا في الخامسة ثم يتشهد ويسلم. أو سبعاً يجلس في السادسة فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر الله ثم يصلي السابعة ويتشهد ويسلم أو تسعاً يصليها كالسبع. وإحدى عشرة يسلم بعد كل ركعتين. ويجوز أن يصلي ثلاثاً بجلوس واحد ويتشهد ويسلم.

ووقت صلاة الوتر بعد أداء صلاة العشاء ولو جمعها مع المغرب جمع تقديم لسفر أو مرض فله أن يصلي الوتر مباشرة بعد أداء العشاء ويستمر إلى طلوع الفجر. والأفضل أن يؤخر الوتر إلى آخر الليل.

وينبغي قبل الخروج إليها فعل الأسباب التي يدفع الشر وتنزل الرحمة كالاستغفار والتوبة والخروج من المظالم والإحسان إلى الخلق وغيرها من الأسباب التي جعلها الله جالبة للرحمة دافعة للنقمة. والله أعلم.

صلاة الاستسقاء سنة كما قال الشيخ رحمه الله وهي من طلب السقيا أي الغيث وأداؤها في الصحراء أي خارج المسجد أفضل من المسجد حيث يجتمع أكبر عدد من الناس ويحضرها غير المسلمين وتحضرها النساء حتى الحيض وتحضرها الدواب أيضاً..

والسنة أن الإنسان يخرج إليها وهو يستشعر ذله بين يدي ربه تبارك وتعالى وحاجته إليه، وليس معنى متخشعاً متذللاً أن يخرج متسخاً غير متطهر ولكن لا يحرص على الثياب الجميلة كما هو الحال في العيد.

وقوله يصلي ركعتين ثم يخطب خطبة واحدة يجوز عكسه يعني يخطب ثم يصلي.

ويصلي أثناء الدعاء أن يبالغ في رفع يديه جداً وأن يقلب الإمام والمأمومون أرديتهم (عباداتهم) بعد الدعاء كأنهم يقولون لربهم تبارك وتعالى كما قلبنا أرديتنا فاقلب أحوالنا من الجدب إلى الغيث.

وإذا لم يسقوا لا مانع من أن يصلوا من الغد أو بعد غد أو بعدها.

ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى "سبح اسم ربك الأعلى" وفي الثانية "هل أتاك حديث الغاشية".

ووقت صلاة الاستسقاء هو وقت صلاة الضحى.

والاستسقاء له ثلاث صور كلها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

1- صلاة الاستسقاء.

2- الدعاء أثناء الجمعة.

3- الدعاء خارج الصلاة.

أوقات النهي:

قال الشيخ: وأوقات النهي عن النوافل المطلقة:

· من الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح.

· ومن صلاة العصر إلى الغروب.

· ومن قيام الشمس في كبد السماء إلى أن تزول.

هذه تسمى أوقات النهي وسميت بذلك لأن الإنسان ممنوع من الصلاة في هذه الأوقات وأما الحكمة من ذلك فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:" لاتصلوا حين تطلع الشمس فإنها تطلع بين قرني شيطان ولا عند غروبها فإنها تغرب بين قرني شيطان".

وذلك أن عبدة الشمس يصلون لها عند شروقها وغروبها والشيطان يجعل الشمس بين قرنيه (أي يقف في المكان الذي تطلع منه الشمس فيهيئ لنفسه أن الناس الذي يسجدون للشمس يسجدون له)، وظاهر الحديث أن للشيطان قرنين.

فحتى لا يتشبه المسلم بالكفر من عباد الشمس ولا يكثر سوادهم نهى عن الصلاة في هذا الوقت.

وأما قبل الزوال فإن الوقت الذي تسعّر فيه نار جهنم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

وارتفاع الشمس قيد رمح يقدر بحوالي ثلث ساعة من شروقها.

والمقصود بالنهي النوافل المطلقة كأن يكون الإنسان جالساً في بيته أو المسجد ثم يقوم فيصلي لله ركعتين في وقت في هذه الأوقات.

أما إذا كان للصلاة سبب فلا مانع. ومن هذه الأسباب:

1- قضاء الصلاة الفائتة.
2- الصلاة المنذورة.

3- قضاء الرواتب.

4- تحية المسجد.
5- ركعتا الطواف.

6- سنة الوضوء.

7- صلاة الجنازة.

8- إذا دخل المسجد يصلون.

ومعنى قولنا الصلاة المنذورة بأن يكون نذر أن يصلي ركعتين إذا حضر فلان أو حدث هذا الشيء لا أنه نذر أن يصلي في وقت النهي لأن نذره بأن يصلي في وقت النهي نذر معصية يوفى به.

صلاة الجماعة والإمامة:

قال الشيخ: وهي فرض عين للصلوات الخمس على الرجال حضراً وسفراً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لقد هممت أن آمر بالصلاة أن تقام ثم آمر رجلاً يؤم الناس ثم انطلق بحزم من حطب إلى أناس يتخلفون فأحرق عليهم بيوتهم بالنار". متفق عليه.

وأقلها إمام وماموم وكلما كان أكثر فهو أحب إلى الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ". متفق عليه.

وقال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا فإنها لكما نافلة.

فيه أن صلاة الجماعة فرض على الرجال دون النساء وسواء كانوا مسافرين أو حاضرين ويفهم منه أنها غير واجبة على النساء بل هي مستحبة أو مباحة فيجوز للمرأة أن تصلي جماعة في البيت مع مجموعة من النساء أو مع أولادها ويجوز ان تصلي منفردة.

وأقل الجماعة إمام ومأموم ولو كان أحدهما امرأة أو صبي مميز (7 – 11 تقريباً).

وإذا صلى المسلم في مسجد أو في بيته ثم دخل المسجد فوجد الناس يصلون الآن فإنه يصلي معهم حتى لا يتهم بأنه لا يصلي فليس كل الناس يعلمون أنه صلى في بيته وليس كلهم سيسألونه. والمسلم لا يجعل نفسه في محل الشك والريبة. وتكون صلاته الأولى هي الفريضة والثانية نافلة.

قال الشيخ:
وعن أبي هريرة مرفوعاً (أي النبي صلى الله عليه وسلم): قال:" إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد وإذا صلى قائما فصلوا قياماً وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون." رواه أبو داود وأصله في الصحيحين.

هذا الحديث الذي ذكره الشيخ أصل عظيم في متابعة المأموم للإمام.

وللمأموم مع الإمام أربعة أحوال:

1- أن يسبقه

2- أن يوافقه

3-[COLOR=white] أن يتابعه

4- أن يتأخر عنه

الأولى المسابقة:

وهي محرمة لأنه في هذه الحالة يصير المأموم إماماً

* فإذا سبق المأموم الإمام في تكبيرة الإحرام فإن صلاته تبطل سواء كان عالماً أو جاهلاً.

* وإذا سبقه في غير تكبيرة الإحرام ففيه تفضيل.

- إذا كان عامداً عالماً بطلت صلاته ولو رجع.

- إذا كان غير عامد أو غير عالم ففيه تفصيل.

* إذا رجع صحت صلاته، وإن لم يرجع صار كالعامد وبطلت صلاته.

الثانية الموافقة:

وهي مكروهة لأنها خلاف أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من المتابعة فإذا كانت الموافقة في تكبيرة الإحرام لم تصح الصلاة لأنه لم يأتم بالإمام وإنما كبّر معه.

وإن كانت في غير تكبيرة الإحرام فالصلاة صحيحة مع الكراهة.

الثالثة المتابعة:

وهي السنة.

الرابعة التأخير:

وهو مكروه لأنه ينافي في المتابعة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم

فإن تأخر عنه في ركن صحت الصلاة مع الكراهة.

وإن تأخر في ركعتين كأن يكون الإمام ركع ثم رفع من الركوع ثم سجد والمأموم لم يركع بعد بطلت صلاته لأن التأخير كثير وهو ينافي المتابعة المأمور بها ثم هو لا يكون مأتماً بهذا الإمام لعدم متابعته له، وأما التأخر بركن فهذا عفي عنه لأنه وارد إما لسرعة الإمام أو بطء المأموم أو سرحانه. والله أعلم.

فائدة:
يتأخر بعض الناس في السجدة الأخيرة كثيراً عن الإمام بحجة أنها آخر سجدة في الصلاة وهذا خطأ لأنه ينافي ما أمر به الرسول النبي صلى الله عليه وسلم من المتابعة.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم :" وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون ". فيه بيان أهمية المتابعة حتى لو كان في ترك ركن من أركان الصلاة وهو القيام.

وقد ذكر أهل العلم أن هذا الأمر مقيد بأمور:_

1- أن يكون الإمام راتباً يعني إمام المسجد الذي يصلي فيه دائماً إما إذا دخل جماعة إلى المسجد فقدموا أحدهم ليصلي بهم فإنه لا يجوز ان يقدم من لا يستطيع القيام. بل يقدم غيره، وإنما خص الإمام الراتب حتى لا يتساهل الناس في ترك الركن وهو القيام واختار شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله أنه لا فرق بين الإمام الراتب وغيره.

2- أن يرجى زوال علته أما إذا كان سيصلي طوال حياته جالساً فإنه لا يقدم للإمامة كأن يكون قطعت رجله أو أصيب بشلل أو غيره من الأمراض.

3- أن يبدأ الإمام صلاته وهو جالس أما إذا بدأها وهو قائم ثم طرأ له طارئ فاضطر إلى إكمال الصلاة قاعداً فإنه لا يتابع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد والناس يصلون خلف أبي بكر فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى إماماً جالساً وأبو بكر قائم والناس قيام مع أبي بكر ولم يأمرهم بالجلوس لأنهم بدءوا الصلاة مع إمامهم قياماً وهو قائم أيضاً. والله أعلم.

قال الشيخ ابن سعدي:

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً، ولا يؤمّن الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ". رواه مسلم.

وينبغي أن يتقدم الإمام وأن يتراص المأمومون ويكملوا الصف الأول فالأول.

أولاً لابد أن نعلم أن الإمامة تكليف وليست تشريف فينبغي أن يقدم الأحق بها حتى يصلي الناس صلاة صحيحة وقريبة من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.

فيتقدم في الإمامة الأقرأ أي الأحفظ لكتاب الله فإن تساوى اثنان أو أكثر في الحفظ يتقدم الأعلم بالسنة، فإن تساووا وهذا قليل يتقدم الأقدم إسلاماً، فإن تساووا فيتقدم الأكبر سناً، فإن تساووا في هذا كله وهذا نادر تكون قرعة.

وهذا على وجه الاستحباب أما من حيث الجواز فيجوز أن يتقدم الأقل حفظاً أو الأصغر سناً أو الأقل علماً بالسنة ولكن لا ينبغي لنا أن نتساهل ونترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم بل نقدم من قدمه النبي صلى الله عليه وسلم ونؤخر من أخره. ولذلك إذا أراد مجموعة الصلاة فليس عيباً ولا تزكية للنفس ولا رياء أن يقول أحدهم يا ايها الذين آمنوا لأيكم أكثر حفظاً فيتقدم بدل أن يكون الأمر كما هو الواقع كل واحد يقول للثاني تفضل أنت وقدم يتقدم فيصلي بالناس من لا يحسن الصلاة ولا يحسن أن يتصرف إذا نسي التشهد الأول أو ركعة من الصلاة أو سجدة أو زاد شيئاً.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر الاتفاق على أن الحافظ للقرآن أكثر من غيره لا يتقدم إذا كان لا يحسن ولا يعرف أحكام الصلاة.

والإمام الراتب لا يتقدم عليه أحد في المسجد ولو كان أحفظ منه وكذا الرجل في بيته لا يتقدم عليه أحد إلا إذا أذنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ولا يؤمن الرجل لرجل في سلطانه ".

وقوله لا يقعد على تكرمته أي المكان المخصص له في بيته.

ومن السنة أن يتقدم الإمام على المأمومين ويجوز أن يصلي بينهم أما النساء فإمامتهن لا تتقدم عليهن.

ومن السنة أن يتقارب المأمومون بعضهم من بعض الرجال مع الرجال والنساء مع النساء حتى لا يتركوا فرجات للشياطين يدخل من خلالها.

والصف الأول أفضل الثاني أفضل من الثالث وهكذا دواليك.

وقد جاء في الحديث الصحيح إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول، والصلاة من الله الثناء والرفعة ومن الملائكة الدعاء.

قال الشيخ ابن سعدي:
ومن صلى ركعة وهو قد خلف الصف لغير عذر أعاد صلاته وقال ابن عباس:" صليت مع النبي ذات الليلة فقمت عن يساره فأخذ برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه ". أخرجه البخاري ومسلم.

لا يجوز للإنسان أن يصلي متفرداً خلف الصف بدون عذر لأن صلاة الجماعة إنما شرعت ليكون المسلمون صفاً واحداً متراصين كأنهم بنيان مرصوص. فإذا صلى وحده خلف الصف بدون عذر لم تصلح الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا صلاة لمتفرد خلف الصف ". ومن دخل المسجد والناس يصلون فهو على حالين:

الأول: أن يجد مكاناً في الصف فهذا يجب عليه أن يدخل فيه.

الثاني: أن لا يجد مكاناً في الصف وهذا له أربعة أحوال:

1- يجر إليه أحداً من الصف الذي أمامه.

2- ينتظر حتى يأتي أحد معه.

3- يرجع فيصلي في بيته أو مسجد آخر

4- يصلي وحده خلف لصف.

أما الأول فلا يجوز لأنه يريد أن يصلح صلاته على حساب الآخرين ولهذا الفعل خمسة محاذير:-

1- أنه مأمور بوصل الصفوف ومنهي عن قطعها وهذا قطع صفاً فخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله ".

2- سيضطر أهل الصف أن يتحركوا ليسدوا النقص الذي وقع بجر أحدهم.

3- أفسد على الذي جره خشوعه.

4- لاشك أن الصف المقدم أفضل من المؤخر فما ذنب الرجل الذي جره حتى يرجع إلى صف متأخر.

5- لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة أنهم فعلوا مثل هذا الفعل.

ثم إن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها فإذا عجز الإنسان عن الوضوء انتقل إلى التيمم وإذا عجز عن الصلاة قائماً صلى قاعداً.

إذاً إذا لم يجد مكاناً في الصف الأول صلى وحده ولا شيء عليه لأن الله يقول:" فاتقوا الله ما استطعتم"، وأن لا يتأخر مرة ثانية عن الصلاة.

قال الشيخ:

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ". متفق عليه.

وفي الترمذي:" إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام".

والإنسان إذا ذهب إلى المسجد يستحب له أن يسير لها بسكينة ووقار لا كما يصنع بعض الجهلة من الجري السريع والصراخ وطلب الانتظار فهذا كله من الجهل.وإذا دخل المسجد صنع كما يصنع الإمام فإذا وجد الإمام قائماً قام معه وإذا وجده راكعاً ركع معه وإذا وجده ساجداً سجد معه وهكذا. وهو يدك الركعة إذا أدرك الركوع مع الإمام.

فخطأ ما يفعله البعض من أنه إذا وجد الإمام ساجداً ينتظره حتى يقف أن يجلس للتشهد بل السنة أن يدخل معه في الصلاة وفي الحالة التي هو عليها.

باب صلاة أهل الأعذار

قال الشيخ ابن سعدي:

والمريض يعفى عنه حضور الجماعة وإذا كان القيام يزيد في مرضه صلى جالساً فإن لم يطق فصلى جنب لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين:" صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنبك ". رواه البخاري.

وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر وبين العشائين في وقت إحداهما.

هذا الدين يسر ولله الحمد والمنة والأمر كلما ضاق كلما اتسع.
فالمريض مثلاً لا يجب عليه أن يصلي جماعة مع المسلمين في المسجد بل يصلي في بيته، ويسقط عنه ركن القيام إذا كان لا يستطيع فيصلي جالساً ويومئ بالركوع والسجود إذا كان لا يستطيع الركوع والسجود وإذا كان يستطيع الركوع لزمه أو السجود لزمه كذلك أو يستطيع القيام ولا يستطيع السجود لزمه القيام . المهم أن كل ركن يستطيع أن يأتي به يجب عليه أن يأتي به وكل ركن يعجز عنه فإنه يسقط. ولو عجز عن الصلاة قاعداً صلى مضطجعاً على جنبه ويومئ فإن عجز صلى مستلقياً على ظهره ويومئ وإن عجز عن الحركة مطلقاً فإنه يصلي بقلبه فينوي أنه قائم فيقرأ الفاتحة وسورة مثلاً ثم يقول الله أكبر وينوي أنه راكع فيسبح ثم يقول سمع الله لمن حمده وهكذا كل الصلاة.

ويجوز للمريض أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا كان لا يستطيع أن يصلي كل فرض في وقته.

قال الشيخ:
وكذلك المسافر يجوز له أن الجمع ويسن له أن يقصر للصلاة الرباعية إلى ركعتين وله الفطر في رمضان.

وهذا أيضا من التيسير في هذه الشريعة وهو أن المسافر له أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء سواء جمع تقديم أو جمع تأخير حسب الأنسب له. ولكن هذا إذا كان في أثناء طريق السفر، أما إذا كان مستقراً في مكان فالأصل أن يصلي كل صلاة في وقتها مع القصر.

قال الشيخ:
وتجوز صلاة الخوف على كل صفة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم فمنها:

حديث صالح بن خوات عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف:" أن طائفة صلت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلّم بهم ". متفق عليه.

وإذا اشتد الخوف صلوا رجلاً وركباناً إلى القبلة وإلى غيرها يومئون بالركوع والسجود وكذلك كل خائف على نفسه يصلي على حسب حاله، ويفعل كل ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم". متفق عليه.

من رحمة الله بهذه الأمة أن جعل لها من هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا والأمر كما قيل: كلما ضاق اتسع.

ومن ذلك صلاة الخوف حيث شرعها الله لعباده وصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها صور كثيرة ذكر الشيخ صفة منها. ومن صفاتها أن يصلي الإمام بكل طائفة صلاة كاملة وتكون الأولى للإمام فرض وتكون الثانية نافلة.

وقد تكون صلاة الخوف مع سفر فيكون القصر في الركعات.

وقد تكون في الحضر فلا يكون معها قصر.

وإذا اشتد الخوف أي في المعركة أو غيرها صلوا رجالاً وركباناً أي راكبين أو على أرجلهم لقوله تعالى:" فإن خفتم فرجالا أو ركباناً ". أي يصلون وهم يمشون يومئون بالركوع والسجود ويكون السجود أخفض من الركوع إن أمكن وهذا ليس خاصاً بالخوف في المعركة بل في كل خوف.

وهذا رابط الموضوع..
[/COLOR]
http://almanhaj.net/man-index.php?page=10&catid=23

وايضا هنـاك الكثير من الدروس للشيخ حفظـه الله..

نسألـكم يا أخوة أن لا تحـرموا الشيخ من خـالص الدعـاء..

اللهم أحفظ شيوخنـا وعلمـاؤنـا وطلبة العلــم من زلات الشياطين ومن خبث الزنـادقة المتـزندقين..اللهم آمين







التوقيع :
سؤال حير الروافض جميعا
لماذا صاحب كتاب نهج البلاغة لم يضم رسالة الخليفة الرابع علي بن ابي طالب رضي الله عنه والتي سلمها إلى قيس بن سعد والموجودة
بكتاب بحار الانوار الجزء33صفحه534
وايضا بكتاب الغارات للثقفي الجزء1صفحه128
إلى بقية الرسائل التي يزعم إنه جمعها..؟؟
هل من جواب..عادل ومنصف...؟؟؟
من مواضيعي في المنتدى
»» تحدي جديد للرافضة..موقف يزيد
»» ليكن مرجعك تعريف بمصطـلح الحديث
»» tssrrs2000 تعال واثبت صدقك
»» رواية في كتب الشيعة..تنسف حديث الرزية والتباكي عليها..
»» هؤلاء الأئمـة..هم من أهـل السنـة والجمـاعـه..
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:15 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "