عقيدة البداء
وصلتها بالصدام الذي حدث بين الاسماعيلية و الاثنى عشرية ؟
ولنلقي نظرة على احد جوانب منطقة الخلاف بين الاسماعيلية والاثنى عشرية
ونبين خلفية هذا التصادم الذي حدث بين الاسماعيلية ضد الاثنى عشرية حول فكرة البداء التي يؤمن بها الاثنى عشرية
فما هو( البداء )
يردد الزائرين مرقد الامامين العسكريين في سامراء للسلام على الامامين العاشر والحادي عشر عند الشيعة الاثنى عشرية هذه العبارات كلما دخلوا الي مرقد الامامين علي النقي والحسن العسكري وهي لا تعرف معنى البداء و لا معنى الجملة القائلة ( يا من بدا للله في شانكما / مفاتيح الجنان) ولا يعرفون الاسباب التي كانت وراء وضع الجملة تلك ولايعرفون الخطورة الكامنة في هذا الكلام الذي فيه انتقاص من سلطان الله وعلمه وإرادته وحكمته
ولنوضح فكرة ( البداء ) وما تعنيه
-------------
هو ان ( الامامة) حسب التسلسل الموجود في عقيدة الشيعة تنتقل من الاب الي الابن الاكبر مستثنيا من هذه القاعدة الحسن والحسين فالامامة بعد الامام الحسن انتقلت الي الامام الحسين ولم تنتقل الي الابن الاكبر للحسن وذلك لنص ورد عن رسول الله (ص) حيث قال ( الحسن والحسين امامان قاما او قعدا)
فقد حدث ان اسماعيل وهو الابن الاكبر للامام جعفر الصادق الامام السادس عند الشيعة قد توفى في عهد ابيه فانتقلت الامامة الي اخيه موسى بن جعفر الابن الاصغر للامام جعفر الصادق وهذا التغيير في مسار الامامة التي هي منصب الهي يسمى بداءا حصل لله تعالى فانتقلت الامامة الالهية بموجبه من اسماعيل الي اخيه الاصغر موسى بن جعفر ومن ثم الي اولاده ولم تاخذ الطريق الطبيعي لها الذي هو انتقال الامامة من الاب الي الابن الاكبر.
لماذا سمى تغيير مسار الامامة بداءا ونسبوا شيئا كهذا الي الله تعالى انتقاصا من سلطان الله وقدرته وعلمه
الجواب هنا يكمن في تلك الملابسات والظروف التي حصلت في عهد الصراع الاول بين الشيعة والتشيع فالامامة عندما تكون الهية لا تخضع للانتخاب المباشر ولا يتغير مسارها بموت الامام الشرعي فاذا الامامة حسب الارادة الالهية ثابتة لاتتغير من الاب الي الابن ولهذا قيلت في الامامة انها تكوينية أي لا تخضع لمتغيرات الزمان و المكان شانها شان العلة والمعلول الذاتيين الذين لا ينفك احدهما عن الآخر وهذا يعني ان الامام الاب لا سلطة له في تعيين الامام الذي سيخلفه لانه معين بارادة الله وهذا الصراع الفكري حدث بين الشيعة انفسهم قبل ان يمتد نحو افاق اوسع قبيل عصر الغيبة الكبرى مباشرة وذلك عندما صار المذهب الاسماعيلي يظهر على ساحة الافكار الاسلامية ويهدد وحدة الشيعة بالتمزق الداخلي وكان المذهب الاسماعيلي يرى ان الامامة الالهية مستمرة بالصورة التي ارادها الله منذ الازل وهي في نسل علي واولاده حسب التسلسل السني ( الابن الاكبر) وهذا يعني ان الامام الاب لا سلطة له في تعيين الامام الذي سيخلفه لانه معين بارادة الله فاذا مات الوريث الشرعي فلا يحق لابيه الامام جعفر الصادق ان يعين موسى ابنه الاصغر بل تنتقل الامامة الي الابن الاكبر لإسماعيل (محمد بن اسماعيل ) وبما ان الشيعة تبنت فكرة الامامة الالهية بالصورة نفسها فلكي تخرج من هذا المأزق قالت بفكرة البداء لكي تلقي مسؤلية انتقال الامامة من اسماعيل بن جعفر الي اخيه الاصغر موسى بن جعفر على الله وليس على الامام جعفر الصادق
ولتفنيد العقيدة الاسماعيلية وكما يعلم الجميع فان الامامة لازالت مستمرة عند الاسماعيليين حتى هذا اليوم و الامام عندهم حي حاضر ومن نسل اسماعيل ولم يحيدوا عن هذا المنحنى الفكري الذي املاه عليهم مذهبهم قيد انملة .
ونعود الي فكرة البداء فنقول انها ظهرت في ابان ظهور الفرقة الاسماعيلية التي اخذت تناهض الشيعة وتخرق وحدتها ولذلك لا نجد اثرا لفكرة البداء حتى اوائل القرن الثالث الهجري واول امام يخاطب بشموله للبداء هو الامام العاشر ومن بعده الحادي عشر للشيعة الاثنى عشرية في حين انه كان من الاجدر والاولى ان يخاطب الامام موسى بن جعفر بشموله للبداء حيث كان هو موضوعه فلا الامام موسى ولا ابنه علي الرضا ولا حفيده محمد الجواد قد خوطبوا بكلمة فيها اشارة الي حصول البداء بحقهم الامر الذي يؤكد لنا ان اللجوء الي تبني فكرة البداء انما حصل عندما اخذ المذهب الاسماعيلي يشق طريقه الي الوجود والظهور في اوائل القرن الثالث الهجري وهو عصر الامام العاشر والحادي عشر للشيعة الاثني عشرية.
لقد التجأ بعض اعلام الشيعة الاثنى عشرية الي البداء حتى يثبتوا تغيير مسار الامامة من اسماعيل الي اخيه الاصغر موسى بن جعفر
ووضعوا انفسهم في مأزق ولم يتورعوا في سبيل اهدافهم حتى من التطاول على القدرة الالهية وصفاته لكي يحققوا نياتهم واهدافهم التي تتناقض مع اساس العقيدة والطعن بعلم الله وقدرته وعلمه وانه تعالى كان يريد شيئا ثم بدا له غيره..
فاذا القول بالبداء
يتناقض مع قول الله تعالى (وما تكونوا في شان وما تتلوا من قرآن و لاتعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين ) يونس 60
وتفسير الخطأ بالخطا يعني الاستمرار فيه وعدم الخروج منه
منقول