الكفر
تعريفه
الكفر في اللغة التغطية والستر - والكفر شرعاً: ضد الإيمان- فإن الكفر عدم الإيمان بالله ورسله سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب، بل شك وريب أو إعراض أو حسد أو كبر أو اتباع لبعض الأهواء الصادة عن اتباع الرسالة. وإن كان المكذب أعظم كفرا. وكذلك الجاحد المكذب حسداً مع استيقان صدق الرسل
أنواعه
الكفر نوعان:
النوع الأول : كفر أكبر يخرج من الملة وهو خمسة أقسام :
القسم الأول: كفر التكذيب - والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذّبَ بِالْحَقّ لَمّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنّمَ مَثْوًى لّلْكَافِرِينَ)21.
القسم الثاني: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق- والدليل قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لاَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَىَ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)22 .
القسم الثالث: كفر الشك وهو كفر الظن والدليل قوله تعالى: (وَدَخَلَ جَنّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنّ أَن تَبِيدَ هَـَذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنّ السّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رّدِدتّ إِلَىَ رَبّي لأجِدَنّ خَيْراً مّنْهَا مُنْقَلَباً * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ سَوّاكَ رَجُلاً * لّكِنّ هُوَ اللّهُ رَبّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبّي أَحَداً)23 .
القسم الرابع: كفر الإعراض- والدليل قوله تعالى: (وَالّذِينَ كَفَرُواْ عَمّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ)24
القسم الخامس: كفر النفاق- والدليل قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنّهُمْ آمَنُواّ ثُمّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ)25
النوع الثاني : كفر أصغر لا يخرج من الملة وهو الكفر العملي- وهو الذنوب التي وردت تسميتها في الكتاب والسنة كفراً وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر - مثل كفر النعمة المذكور في قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مّطْمَئِنّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ)26.
ومثل قتال المسلم المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)27.
وفي قوله صلى الله عليه وسلملا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض )28.
ومثل الحلف بغير الله قال صلى الله عليه وسلم (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)29.
فقد جعل الله مرتكب الكبيرة مؤمناً قال تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى)30 . فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا وجعله أخاً لولي القصاص فقال: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)31 والمراد أخوة الدين بلا ريب ، وقال تعالى : (وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا)32 إلى قوله تعالى: (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)33 . انتهى من شرح الطحاوية (34) باختصار.
وملخص الفروق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر :
1- أن الكفر الأكبر يخرج من الملة ويحبط الأعمال ، والكفر الأصغر لا يخرج من الملة ولا يحبط الأعمال لكن ينقصها بحسبه ويعرض صاحبها للوعيد.
2- أن الكفر الأكبر يخلد صاحبه في النار، والكفر الأصغر إذا دخل صاحبه النار فإنه لا يخلد فيها ، وقد يتوب الله على صاحبه فلا يدخله النار أصلاً.
3- أن الكفر الأكبر يبيح الدم والمال ، والكفر الأصغر لا يبيح الدم والمال.
4- أن الكفر الأكبر يوجب العداوة الخالصة بين صاحبه وبين المؤمنين فلا يجوز للمؤمنين محبته وموالاته ولو كان أقرب قريب . وأما الكفر الأصغر فإنه لا يمنع الموالاة مطلقاً بل صاحبه يحب ويوالى بقدر ما فيه من الإيمان ويبغض ويعادى بقدر ما فيه من العصيان.