- حدثيني كربلاء ... مسلسل
بسم الله الرحمن الرحيم
- اشكر بكامل الاحترام والتقدير فضيلة الشيخ محمد المدني على اهدائي هذه الحقائق التي سطرها مشكورا سائل المولى القدير ان يجعله ناصرا لاهل السنة والجماعة ...
- في رجب من هذه السنة بويع يزيد بالخلافة بعد موت أبيه على ما سبق من الخلاف فيه فلما تولى كان على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وعلى مكة عمرو بن سعيد بن العاص وعلى البصرة عبيد الله بن زياد وعلى الكوفة النعمان بن بشير .
ولم يكن ليزيد همة إلا بيعة النفر الذين أبوا على معاوية بيعته فكتب إلى الوليد يخبره بموت معاوية وكتابًا آخر صغيرًا فيه : " أما بعد فخذ حسينًا وعبد الله بن عمر وابن الزبير بالبيعة أخذًا ليس فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام " .
فلما أتاه نعي معاوية فظع به وكبر عليه وبعث إلى مروان بن الحكم فدعاه ، وكان مروان عاملاً على المدينة من قبل الوليد ، فلما قدمها الوليد كان مروان يختلف إليه متكارهًا فلما رأى الوليد ذلك منه شتمه عند جلسائه فبلغ ذلك مروان فانقطع عنه ولم يزل مصارمًا له حتى جاء نعي معاوية . فلما عظم على الوليد هلاكه وما أمر به من بيعة هؤلاء النفر استدعى مروان فلما قرأ الكتاب بموت معاوية استرجع وترحم عليه واستشاره الوليد كيف يصنع .
قال : " أرى أن تدعوهم الساعة وتأمرهم بالبيعة فإن فعلوا قبلت منهم وكففت عنهم وإن أبوا ضربت أعناقهم قبل أن يعلموا بموت معاوية فإنهم إن علموا بموته وثب كل رجل منهم بناحية وأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه ، أما ابن عمر فلا يرى القتال ولا يحب أن يلي على الناس إلا أن يدفع إليه هذا الأمر عفوًا " .
فأرسل الوليد عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو غلامٌ حدثٌ إلى الحسين وابن الزبير يدعوهما فوجدهما في المسجد وهما جالسان فأتاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس فقال : أجيبا الأمير .
فقالا : انصرف الآن نأتيه .
وقال ابن الزبير للحسين : " ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها " . فقال الحسين : " أظن أن طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر " . فقال : " وأنا ما أظن غيره فما تريد أن تصنع " ؟ قال الحسين : " أجمع فتياني الساعة ثم أمشي إليه وأجلسهم على الباب وأدخل عليه " .
قال : " فإني أخافه عليك إذا دخلت " .
قال : " لا ءاتيه إلا وأنا قادر على الامتناع " .
فقام فجمع إليه أصحابه وأهل بيته ثم أقبل على باب الوليد وقال لأصحابه : " إني داخلٌ فإذا دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فادخلوا علي بأجمعكم وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم " .
ثم دخل فسلم ومروان عنده فقال الحسين : " الصلة خير من القطيعة والصلح خير من الفساد وقد ءان لكما أن تجتمعا أصلح الله ذات بينكما " وجلس فأقرأه الوليد الكتاب ونعى له معاوية ودعاه إلى البيعة فاسترجع الحسين وترحم على معاوية وقال : " أما البيعة فإن مثلي لا يبايع سرًا ولا يجترأ بها مني سرًا فإذا خرجت إلى الناس ودعوتهم للبيعة ودعوتنا معهم كان الأمر واحدًا " .
فقال له الوليد وكان يحب العافية : إنصرف .
فقال له مروان : " لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدًا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه احبسه فإن بايع وإلا ضربت عنقه " .
فوثب عند ذلك الحسين وقال : " ابن الزرقاء أأنت تقتلني أم هو كذبت والله ولؤمت " ! ثم خرج حتى أتى منزله.
فقال مروان للوليد : " عصيتني لا والله لا يمنكم من نفسه بمثلها أبدًا " .
فقال الوليد : ونج عيرك يا مروان والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وأني قتلت حسينًا إن قال لا أبايع والله إني لأظن أن أمرًا يحاسب بدم الحسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة .
قال مروان : قد أصبت . يقول له هذا وهو غير حامد له على رأيه.
وأما ابن الزبير فقال : " الآن ءاتيكم " .
ثم أتى داره فكمن فيها ثم بعث إليه الوليد فوجده قد جمع أصحابه واحترز فألح عليه الوليد وهو يقول : أمهلوني .
فبعث إليه الوليد مواليه فشتموه وقالوا له : يا ابن الكاهلية لتأتين الأمير أو ليقتلنك! فقال لهم : والله لقد استربت لكثرة الإرسال فلا تعجلوني حتى أبعث إلى الأمير من يأتيني برأيه . فبعث إليه أخاه جعفر بن الزبير فقال : رحمك الله كف عن عبد الله فإنك قد أفزعته وذعرته وهو يأتيك غدًا إن شاء الله تعالى فمر رسلك فلينصرفوا عنه .
فبعث إليهم فانصرفوا . وخرج ابن الزبير من ليلته فأخذ طريق الفرغ هو وأخوه جعفر ليس معهما ثالث وسارا نحو مكة فسرح الرجال في طلبه فلم يدركوه فرجعوا وتشاغلوا به عن الحسين ليلتهم ثم أرسل الرجال إلى الحسين فقال لهم :
" أصبحوا ثم ترون ونرى " . وكانوا يبقون عليه فكفوا عنه.
فسار من ليته وكان مخرج ابن الزبير قبله بليلة وأخذ معه بنيه وإخوته وبني أخيه وجلّ أهل بيته إلا محمد بن الحنفية فإنه قال له : يا أخي أنت أحب الناس إلي وأعزهم إلي وأعزهم علي ولست أذخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بها منك تنح ببيعتك عن يزيد وعن الأمصار ما استطعت وابعث رسلك إلى الناس وادعهم إلى نفسك فإن بايعوا لك حمدت الله على ذلك وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك إني أخاف أن تأتي مصرًا وجماعة من الناس فيختلفوا عليك فمنهم طائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون لأول الأسنة فإذا خير هذه الأمة كلها نفسًا وأبًا وأمًا أضيعها دمًا وأذلها أهلاً .
قال الحسين : " فأين أذهب يا أخي " ؟
قال : إنزل مكة فإن اطمأنت بك الدار فبسبيل ذلك وإن نأت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد إلى بلد حتى تنظر إلى ما يصير أمر الناس ويفرق لك الرأي فإنك أصوب ما يكون رأيًا وأحزمه عملاً حين تستقبل الأمور استقبالاً ولا تكون الأمور عليك أبدًا أشكل منها حين تستدبرها .
قال : يا أخي قد نصحت وأشفقت وأرجو أن يكون رأيك سديدًا وموفقًا إن شاء الله .
ولما سار الحسين نحو مكة قرأ : { فخرج منها خائفًا يترقب } [القصص: 21]. الآية .
ثم إن الوليد أرسل إلى ابن عمر ليبايع فقال : إذا بايع الناس بايعت فتركوه وكانوا لا يتخوفونه .
وقيل : إن ابن عمر كان هو وابن عباس بمكة فعادا إلى المدينة فلقيهما الحسين وابن الزبير فسألاهما : ما وراءكما ؟ فقالا : موت معاوية وبيعة يزيد .
فقال ابن عمر : لا تفرقا جماعة المسلمين . وقدم هو وابن عباس المدينة . فلما بايع الناس بايعا .
قال : ودخل ابن الزبير مكة وعليها عمرو بن سعيد فلما دخلها قال : " أنا عائذ بالبيت ".
ولم يكن يصلي بصلاتهم ولا يفيض بإفاضتهم وكان يقف هو وأصحابه ناحيةً .
يتبع إن شاء الله ....