إلى كل حقير يبرر سب الصحابة: حكم سب الصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
يحسن بنا أن ننقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من كتابه الرائع : (الصارم المسلول على شاتم الرسول ) فقد نقل رحمه الله الأقوال في هذه المسألة مع أدلتها وختمها بخاتمة قال فيها :
( فصل { في تفصيل القول في سب الصحابة } . أما من اقترن بسبه دعوى أن علياً إله ، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل في الرسالة ، فهذا لا شك في كفره ، بل لاشك في كفر من توقف في تكفيره .
وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت ، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ، ونحو ذلك ، وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ، ومنهم التناسخية ، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم .
وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم .
وأما من لعن وقبح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم ، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً ، أو أنهم فسقوا عامتهم ، فهذا لا ريب أيضاً في كفره ، لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرضى عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفره مثل هذا فإن كفره متعين ، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ، وأن هذه الآية التي هي ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) وخيرها هو القرن الأول ، كان عامتهم كفاراً أو فساقاُ ، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم ، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها ، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام .
ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال ، فإنه يتبين أنه زنديق ، وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم ، وقد ظهرت لله فيهم مثلات ، وتواتر النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات ، وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك ، وممن صنف فيه الحافظ الصالح أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي كتابه في النهي عن سب الأصحاب ، وما جاء فيه من الإثم والعقاب .
وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره ومنهم من لا يحكم بكفره ، ومنهم من تردد فيه ، وليس هذا موضع الاستقصاء في ذلك ، وإنما ذكرنا هذه المسائل لأنها من تمام الكلام في المسألة التي قصدنا لها .
فهذا ما تيسر من الكلام في هذا الباب ، ذكرنا ما يسره الله واقتضاه الوقت ، والله سبحانه يجعله لوجهه خالصاً ، وينفع به ، ويستعملنا فيما يرضاه من القول والعمل .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه ، وسلم تسليماً كثيراً ) .اهـ الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 590 - 591 .
بعض المراجع في هذا الموضوع :
1 - الصارم المسلول على شاتم الرسول ، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
من ص 570 - إلى ص 591 .
2 - عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام لمؤلفه : الدكتور ناصر بن علي الشيخ .
( 2 / 856 - 879 ) .
3 - الصحيح المسند من فضائل الصحابة لمؤلفه / مصطفى العدوي ص 23 .
4 - فتح الباري ( 7 / 44) حديث 3673 .
5 - شرح النووي على مسلم ( 8 / 334) حديث 2542 .
6 - كتاب النهي عن سب الأصحاب لمحمد بن عبدالواحد المقدسي .
7 - مجموع فتاوى ابن تيمية ( 4 / 540 - 543 ) .
8 - الفتاوى الكبرى لابن تيمية (4 / 216) مسألة 410 .
9 - تنبيه الولاة والحكام على أحكام شاتم خير الأنام أو أحد أصحابه الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام لابن عابدين ( ت 1252 هـ ) وهو موجود ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين ( 1 / 292 - 349 ) كما ذكر ذلك الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان في كتابه (الإشارات إلى أسماء الرسائل المودعة في بطون المجلدات والمجلات ) ص 59 رقم 283 .
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقوووووووووووووووووووول