آللهُ خير أم ما يشركون
نقل مباشر من أحد أسواق بغداد المحتلة
جمهور غفير تجمع في ذلك المكان الضيق من السوق ، لا أحد يعلم سبباً لهذا التجمع ، الناس يتساءلون : ما الخبر ؟ ، فيجيب أكثر من واحد و هم يغذون السير باتجاه التجمع : أحدهم أمسك بسارق .
نقترب من المكان أكثر .. نقترب من السارق ، و إذا بنا أمام شاب أسمر فوق العشرين و دون الثلاثين من العمر ، تعلو وجهه مسحة من الاجرام ظاهرة ، و يمسك به بقوة رجل يكبره سناً ، يصيح الرجل في انفعال : لن أدعك إلا في قسم الشرطة .. و بين فترة و أخرى يوجه ضربة إلى وجه الشاب أو إلى قفاه .
يقول الشاب بصوت عال : و الله العظيم .. و الله العظيم .. و الله العظيم لم أسرق شيئاً !! ، ثم يلتفت إلى الجمهور المتجمع : يا ناس … أرجوكم أنقذوني من هذا الرجل ، و الله لم أسرق .
يقول الرجل : تحلف بالله كاذباً ؟!! ، و الله لقد رأيتك بعيني و أنت تسرق ، لكن لا أدري أين أخفيت سرقتك !!
أحدهم يتدخل : لقد حلف لك بالله فدعه و شأنه ، ألست مؤمناً بالله ؟!!! .
يقول الرجل : لا إله إلا الله .. أخي .. أقسم بالله أني رأيته يسرق من دكاني ، و المشكلة أني لا أعلم أين أخفى ما سرق !! .
يتدخل آخر متوجهاً إلى الشاب : هل سرقت من دكان هذا الرجل بحق ؟
يقول الشاب : و الله لم أسرق ، لماذا لا تصدقونني ؟!! .
فيعيد التوجه إليه : هل أنت مستعد لأن تقسم على براءتك بالـ … ؟
يقاطعه صاحب الدكان : يقسم ؟!!!! ، يقسم على ماذا ؟! ، (قالوا للحرامي احلف قال جاك الفرج) !! هل أكذب عيني ؟!!!
يقول الذي تدخل : هديء من روعك يا أخي ، لو ثبت أنه سارق بحق فسوف أساعدك في تسليمه إلى الشرطة بسيارتي ، دع الأمر لي و لا تتعجل . يهدأ الرجل و يسر الشاب بهذا الاتفاق ، فيتوجه إليه الشخص الذي تدخل و يمسك بيديه جميعاً و يضعهما على كتفيه !!! ، ثم يدير وجهه إلى جهة كربلاء !! ، ثم يقول له : قل إني أتكتف للعباس !! إني أتكتف لك يا أبا فاضل !!! ، أقسم بالعباس أني لم أسرق !!!! . (العباس الذي يقصدونه هنا عباس آخر غير عم النبي صلى الله عليه و سلم)
يتغير وجه الشاب على الفور و ينفجر بالبكاء ، و يروح يرجو الرجل أن يعفيه من القسم !! ، لكن الرجل يصر على القسم .
و هنا يحدث أمر عظيم ليتني لم أره ، بل يا ليتني مت قبله و كنت نسياً منسياً ، أيمكن أن يحدث هذا في أمة تزعم أنها مسلمة على ملة محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ؟!! ، أشك في ذلك .
لقد اعترف الشاب بأنه سرق صاحب الدكان ، و لم يكتف بذلك بل لقد دل على مكان المسروقات !!! ، كل ذلك تم في أقل من خمس دقائق !! ، فما سبب هذا الانهيار المفاجيء ؟!!! توجهت بهذا السؤال و قد علتني الدهشة إلى أحد المتجمعين في السوق فأجاب في هدوء : لأن الرجل دعاه إلى القسم بالعباس !!! ، و لا أحد يستطيع القسم بالعباس كاذباً ، فلو أقسم به كاذباً لانتقم منه العباس فوراً !!
قلت له و قد ازدادت دهشتي : لقد حلف بالله كاذباً ، ألا يخاف انتقام الله و يخاف انتقام عبد من عباده مات منذ قرون خلت ؟!!!!! .
قال و قد خرج من هدوئه : تقول ذلك لأنك لا تدري ما العباس ، العباس لا يمهل أحداً !!! ، أما الله فغفور رحيم يؤخر العقوبة ، العباس لا يؤخر العقوبة ، بل يعاقب في الحال !!! ، كم من رجل حلف به كاذباً فعوقب في الحال !!! ، إن عامتنا يسمون العباس بن علي بـ (العباس أبو راس الحار) ، ذلك لأنه لا يصبر على الظلم و العدوان و أكل الحقوق ، أما الله فهو غفور رحيم لأنه خالق و العباس مخلوق !!!!! .
قلت له : فكيف يصبر العباس إذاً على السرقة ؟!! ، أليست أكلاً للحقوق ؟!!!! ، بل كيف يصبر العباس على الخوف منه و عدم الخوف من الله ؟!!! ، هل يصبر على الشرك الذي فاق شرك أبي جهل و أبي لهب و أمية بن خلف و الوليد بن المغيرة ؟!! ، ألم تقل أن العباس لا يصبر على الظلم ؟ ، إن أعظم الظلم هو الشرك بالله …
(و إذ قال لقمان لابنه و هو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) ..
أعود بكم الآن أعزائي إلى استوديوهاتنا في شبكة الدفاع عن السنة ، فإلى هناك ، و إنا لله و إنا إليه راجعون ..
أبو الفداء
شبكة الدفاع عن السنة
بغداد المحتلة