لما في هذا النقاش الهادى والمفيد والخاص بصحابه رسول الله رضوان الله عليهم الشي المميز أحببت طرحت ليستفيد من أخواني في المنتدى . وغيرهم ممن يبحث عن الحق ويطلبه من دون مكابرة وعزة بالاثم.
قلت لصاحبي : هل قرأت قول الله تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ) .
إن هذه الآية لمن أقوى الدلائل على عدل الصحابة وسلامة إيمانهم حيث وصفهم الله تعالى بقوله : ( والذين معه ) أي أصحابة ، الملازمين له ( أشداء على الكفار ) ، وفيه إشارة إلى إيمانهم وقوة يقينهم في الله ، ( رحماء بينهم ) تزكية من الله لهم ، ( تراهم ركعا سجدا ) عبادة متواصلة لله ، ( يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) مخلصين لله لا يرجون الثواب إلا منه جل شأنه . فهذه هي صفات الصحابة عليهم الرضوان في القرآن الكريم .
أتدري يا صاحبي من الذي يغيظه ذكر الصحابة ؟ إنهم الكفار كما وصفهم الله تعالى بقوله : ( ليغيظ بهم الكفار ) فلا يكره الصحابة إلا الكفار المرتدون .
والآن يا صاحبي أيهما أهون ، تكفير الصحابة أم تكفير الذين يغيظهم ذكر الصحابة ؟ وأمامك محكم القرآن فاحكم .
قال صاحبي : فلماذا جاء الله تعالى في نفس الآية بقوله : ( وعملوا الصالحات منهم ) ، إن قوله تعالى : ( منهم ) دليل على أن هناك من الصحابة من لا يتصف بالإيمان والعمل الصالح .
فقلت لصاحبي : أصلحكم الله ، إن كل الصحابة كرام بررة مؤمنون صالحون ، ولكنك إذا نظرت إلى الآية وجدت قول الله تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه ) ، وكلنا يعلم أن الذين كانوا مع النبي ص أكثرهم صحابة مخلصون مطيعون صادقون مجاهدون مؤمنون صالحون ، وكان مع النبي ص كذلك منافقون معلومو النفاق وهم عبدالله بن أبي بن سلول وجماعته ، فوضحت الآية أن المستحقين للثناء من الله تعالى هم صحابته المؤمنون الصالحون السابقون المسابقون إلى طاعة الله وطاعته ص ثم إن كلمة ( منهم ) هنا ليست تبعيضية وإنما هي لبيان الجنس ، كما جاء ذلك في كتب التفسير ، وبذلك تزول الشبهة ، والحمد لله .
قال أئمة التفسير ما خلاصته :
( ليست (من) في قوله تعالى : ( منهم ) مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم ، ولكنها عامة مجنسة ، مثل قولة تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) لا يقصد للتبعيض ، ولكنه يذهب إلى الجنس ، أي : فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان . وكذا ( منهم ) أي هذا الجنس ، يعني جنس الصحابة . وقيل : ( منهم ) يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع ، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع الذي وصف الله تعالى صفته ، وإنما جمع الشطء لأنه أريد به من يدخل في دين محمد ص إلى يوم القيامة بعد الجماعة الذين وصف الله صفتهم (1) .
ـــــــــــــ
(1) تفسير الطبري 26/115 – 166 ، تفسير القرطبي 16/295 - 296 ، تفسير ابن كثير 7/344 .
ثم قلت لصاحبي : ألم تسمع لقول الله عز وجل : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) .
فمن هم هؤلاء السابقون إن لم يكن منهم أبوبكر وعمر وعثمان والزبير وطلحة وسعد وسعيد وأبو عبيدة المبشرون بالجنة ؟ ! ومن هم السابقون إن لم يكن منهم أهل بدر المشهود لهم بالإيمان ؟ !
إن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان حازوا رضوان الله ، وأعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار لهم فيها الخلود الدائم .
كيف يعقل مع هذه الآية أن تصدق قول من قال إن الصحابة ارتدوا إلا ثلاثة أو أربعة أو خمسة ، مع أن الآية تشهد لمجملهم بالإحسان والإيمان .
ثم قلت لصاحبي : ألم تسمع إلى قول الله تعالى ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) الحشر : 8-10 .
إن هذه الآيات الثلاثة من سورة الحشر تمثل منهاج الرد المتكامل على روافض الحق وشيعة الباطل .
ففي الآية الأولى ثناء على المهاجرين ووصف لهم بالصدق والإخلاص ونصرة الله ورسوله ، وفي الآية الثانية ثناء على الأنصار ووصف لهم بالإيثار والفلاح ، وعلى ذلك فكلتا الآيتين ثناء على صحابة النبي ص .
والآية الثالثة رد على أولئك الروافض حيث وصف الله تعالى المؤمنين على مر العصور بعد الصحابة بأنهم يستغفرون لأنفسهم وللمؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان، وبأنهم يدعون الله عز وجل ألا يجعل في قلوبهم أي غل للمؤمنين .
والرافضة يسبون الصحابة ويلعنونهم ويكفرونهم ، وهم بذلك خرجوا من الأقسام الثلاثة للمؤمنين : الصحابة ( المهاجرين الصادقين ، والأنصار المفلحين ، والتالين المستغفرين الذين ليس في قلوبهم غل لهمن سبقوهم بالإيمان ) .
ثم قلت لصاحبي : ألم تسمع قول الله تعالى : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ) .
إن هذه الآية دليل ثناء من الله تعالى على صحابة النبي ص الذين أسلموا قبل الفتح والذين أسلموا بعد الفتح ، وأن الله تعالى وعد كليهما الحسنى .
فكيف بالله عليك يعد الله عز وجل صحابة النبي ص السابقين واللاحقين بالحسنى ، ثم تأتي رافضة الحق فتجعل دينها السب واللعن والتكفير لهؤلاء الذين وعدهم الله تعالى بالحسنى .
ثم قلت لصاحبي : ألم تسمع إلى قول الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) ، إن هذا القرآن نزل على النبي ص ليتلوه على صحابته ، وهو يخبر أولئك الأصحاب أنهم شهداء على الناس ، فكيف بالله عليك يكون هؤلاء الشهداء كفارا ملحدين ؟ ! إن هذا من أمحل المحال .
ثم قلت لصاحبي : كم من الآيات التي تصدرت بقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ) ؟ فقال صاحبي : كثير جدا من الآيات كانت تبدأ بقوله : ( يا أيها الذين آمنوا ) فقلت له : على من كان يتلو الرسول ص القرآن ؟ فقال : على الناس حوله ، قلت أي صحابته ، فالناس حوله هم صحابته ، فكيف يخاطبهم الله تعالى بلفظ الإيمان ، أألله أعلم بأصحاب النبي أم الرافضة ؟ قل يا صاحبي : الله ، وأثلج صدرك بالترضي على صحب النبي الكرام البررة فإنهم حملوا إلينا القرآن ، وحملوا إلينا السنة ، وحملوا إلينا شرائع الدين ، وباعوا أموالهم وأنفسهم لله من أجل نشر الدين وإظهار أمره وبسط سلطانه .
يا صاحبي لولا الصحابة – بعد الله تعالى – لما كنا نحن اليوم مسلمين ، ولما رأيت بلدانا في مشارق الأرض ومغاربها كلها يدين بالإسلام ، أفيكون جزاؤهم السب واللعن والتكفير ؟ ! إن هذا الأمر لا يصدر من مؤمن أبدا ، بل لا يصدر من مسلم أبدا .
وهنا قال صاحبي : لا يستطيع أحد أن ينكر أن القرآن أثنى على الصحابة ، ولكنهم بعد موت النبي ص بدلوا وغيروا ، وسلبوا الإمام عليا حقه وظلموه وحرقوا بيته وضربوا زوجته بنت رسول الله ص على بطنها ، فأجهضت وماتت بعد ذلك متأثرة بجراحها .
فقلت لصاحبي : مه ! ! ! من أين أتيت بهذه الروايات الفاجرة الكاذبة ؟ إن علماء أهل السنة والجماعة الثقات المعتد بهم يكذبون تلك الروايات جميعا ، إذ لم يثبت منها شيء ، بل الثابت أن المحبة والمودة والتواصل هو الذي كان بين صحابة النبي ص وبين الإمام علي رضي الله عنه .
وسأسألك : هل تدري ما أسماء أولاد علي رضي الله عنه ؟ إن من حبه لصحابة النبي ص لا سيما الخلفاء الراشدين ، سمى بعضا من أولاده أبا بكر وعمر وعثمان ، هل تدري لمن زوج الإمام علي ابنته أم كلثوم ؟ فقال صاحبي : لا أدري ، فقلت : زوجها إلى أحب وأعز الناس إليه ، إلى أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه ، هل تدري أن عليا رضي الله عنه كان قاضي المدينة على عهد عمر ؟ وهل تدري أنه كان أحرص الناس على نصيحته ؟ حتى أنه عندما أراد عمر أن يسير بنفسه إلى جهاد الفرس أشار عليه بالجلوس لأنه ركن الإسلام الذي يفيء إليه المجاهدون ، وأشار عليه بإرسال من يثق فيه .
هل تدري أن عثمان رضي الله عنه هو الذي ساهم في زواج علي رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنها ؟
صاحبي إن محبة الصحابة بعضهم بعضا كانت مضرب الأمثال ، حتى وصفهم الله تعالى بقوله : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) .
صاحبي إن المؤمن لا بد وأن يجزم بتركية نفوس صحابة النبي ص ورضي الله عنهم أجمعين ، لأن الذي رباهم برعاية الله هو رسول الرحمة وهو رسول الحكمة ، وقد أرسله الله تعالى لتزكية الناس أجمعين فهل يعجز أو يقصر في تزكية من حوله ؟ والله لو كان كذلك كان لمن بعدهم أعجز ، قال تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) .
نقلت من كتاب إنتصار الحق للدكتور/ مجدي محمد علي محمد