العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-10-03, 05:05 PM   رقم المشاركة : 1
حب السلف
مشترك جديد





حب السلف غير متصل

حب السلف


(النصيحة الذهبية) الرسـالة المنـحـولـة على الإمـام الذهبـيّ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد...

"لا يخفى إن شاء الله تعالى على طلبة العلم أن هنالك كتباً كثيرة قد كُذبت على أصحابها، ونُسبت لهم زوراً وبهتاناً وهم منها برآء ، ذلك ليروج الكذابون بضاعتهم وباطلهم، ويتمكنوا من الدس الرخيص، وإلصاق الترهات بهذا الدين، ولكن يأبى الله سبحانه إلا أن يفضح هؤلاء ويكشف سوآتهم من خلال ما قعّده أهل العلم وأصّلوه بقولهم (الأسانيد أنساب الكتب) (1)، وما ذكروه وفصّلوه من كلامهم على مناهج العلماء ومؤلفاتهم .

فالكتاب الذي لا سند له ولا ذكر له في كتب التراجم ، أو في دور المخطوطات (2)، أو لم يشتهر(3) عن صاحبه من خلال تداول أصحابه وتلاميذه له، أو نقل من بعده منه، غير صحيح النسبة، فبهذه الأشياء يتميز الأصيل من الدّخيل ، وينتفي المدخول والمنحول ." (4) .

ومن هذه الكتب المنحولة على أصحابها (النصيحة الذهبية) ، تلك النصيحة-إن صحّ تسميتها بذلك- التي كثيراً ما يتشبّث بها المبتدعة ويتباهى بها أهل الضلال والزيغ للحطّ من مقام ذلك المَعْلَم الذي"لو لاطفَ خصومه لكان كلمة إجماع فإن كبارهم خاضعون لعلومه معترفون بتفوقه مقرّون بندور خطئه، وأنه بحر لا ساحل له وكنز لا نظير له" (5) ألا وهو شيخ الإسلام وعلم الأعلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

وسأكتفي بنقل ما سطّره الشيخ العلامة مشهور بن حسن آل سلمان-وفقه الله وحفظه-عن هذا الموضوع الهامّ.

قال الشيخ العلامة مشهور آل سلمان-حفظه الله تعالى-في كتابه المستطاب (كتب حذّر منها العلماء) 2/308-312 ما نصّه :

" 40-النصيحة الذهبية :

رسالة مكذوبة على الإمام الذهبي، فيها حطّ كبير على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، [والإمام الذهبي في دينه وورعه وخلقه يرتفع قدره عن مثل هذه الرسالة التي تنادي عباراتها على بطلانها] (6) ، ومما يؤكد بطلانها أنها بخط خضم مُلد لابن تيمية وهو ابن قاضي شهبة، هذا على زعم ناشرها المقدسي بتعليقات الكوثري ، وإلا فالمثبت من صورة خطه في الطبعة الهندية من طبقات الشافعية يخالف المثبت في أولها .

وقد صنف الأخ الفاضل محمد بن إبراهيم الشيباني كتاباً أبطل فيه نسبة هذه النصيحة للذهبي ، وبيّن العوار الذي فيها والتناقض الواقع في عباراتها، وسماه بـ (التوضيح الجلي في الرد على النصيحة الذهبية المنحولة على الإمام الذهبي ، دراسة تحليلية لموضوع الرسالة ونسبتها وما جاء فيها من أغاليط وأوهام) ، ومما فيه ص 85-86 :

[أقول إن هذه النصيحة لا تصح نسبتها إلى الإمام الذهبي لاعتبارات عدة:

أولاً: لم يذكرها أحد ممن اعتنى بمؤلفات الذهبي رحمه الله تعالى.

ثانياً: الذهبي تلميذ طالت ملازمته للشيخ ابن تيمية، وحتى آخر أيامه إلى وفاته رحمه الله تعالى .

ثالثاً: جميع أقوال الذهبي في كتبه المعتمدة أو أقواله المنتشرة في الثناء على ابن تيمية والحفاوة به تنكث هذه الرسالة وتنادي ببطلان نسبتها إليه، بل وتزويرها عليه .

رابعاً: هذه الرسالة بخط خصم ملد لابن تيمية رماه بسهم من القول مفزع، وهي شهادة مرفوضة شرعاً .

خامساً: حتى الساعة لم نر دليلاً من دلائل التوثيق المعتبر يُسند صحة نسبتها إليه، وهذا دونه خرط القتاد.

سادساً: لم نر من نسبها للذهبي رحمه الله تعالى بعد ابن قاضي شهبة إلا عصريه الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى، وفي الوقت الذي لم يذكر فيه مستنداً للتوثيق لا نشك أن اعتماده على هذه النسخة لا يتجاوز زمنه، ومن فعلات عصريه ابن قاضي شعبة ولهما التقاء في المشرب المناهض لدعوة ابن تيمية رحمه الله تعالى .

سابعاً: أما المعاصرون المثبتون لنسبتها إلى الذهبي، فهم بين رجل يلتقي مع ابن قاضي شهبة مذهباً ومشرباً، وآخر لم يأت بدليل ، وأنى يكون القبول لقولٍ عري عن الدليل؟!

ثامناً: الشدة غير اللائقة بأهل العلم ومنهم الإمام الذهبي مع شيخه الإمام ابن تيمية .

الثاني: قول المنجد إنها نقلت من خطه (الذهبي) ، ولم ينكرها أحد من العلماء .

ومَن هم العلماء الذين أثبتوها للذهبي غير ابن قاضي شهبة خصم مدرسة الذهبي ، وغير السخاوي المتابع لعصريه ابن قضاي شهبة، وبعض المعاصرين دون تثبت ودقّة وروية ومتابعة للتاريخ ؟ والتاريخ هو الحكم في كل أثر أو حديث نبوي أو رواية أو حادثة، وهل قول الخصم-ابن قاضي شهبة-إنها بخط الذهبي، يثبت لنا نسبة المؤلف الذي كتبه أنه له على الإطلاق، فكم من عالم دست عليه، أو في كتبه دسائس كثير من مؤلفات وأقوال وأفعال هو بريء ؟!] انتهى .

وقد بحث الأستاذ زكريا علي يوسف في مقدمة نشره لكتاب الذهبي (المهذّب في اختصار السنن الكبير) 1/4-7 هذه الوصية وخرج إلى أنها مكذوبة، ومما قال تحت عنوان (النصيحة الذهبية مزوّرة) ما نصه :

[... أما الكتب الحديثة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، والتي تعرضت لترجمة الإمام الذهبي، فقد رأينا فيها ما لا يصدقه عقل ولا يؤيده نقل .

ذلك أن الإمام الذهبي معروف بأنه سلفي المنهج من مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية، ومؤلفاته السلفية كثيرة، منها كتابه العلو للعلي الغفار، وقد طبع مرات في الهند ومصر والشام، وعلى ذلك لا يمكن أن يكون لما رأيناه في الكتب الحديثة نصيب من الصحة، فقد رأينا فيها ما أسموه بالنصيحة الذهبية ، وهي نصيحة موجهة من الإمام الذهبي زعموا إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ، ينصحه فيها بالإقلاع عن خطته وعن ضلاله وإضلاله..إلخ.

عجباً ! كيف تصدر هذه النصيحة من الإمام الذهبي لشيخه قبل موته (أي قبل عام 726) ولم يخبر بها أحد مع أن خصوم ابن تيمية كانوا كثرة في كل زمان ومكان إلى أن جاء هؤلاء الفقراء في الدين والورع، فانكشف لهم ما كان مستوراً وعرفوا ما كان منكوراً ؟!

إن ظهور هذه النصيحة في ذلك الوقت المتأخر وعلى أيدي هؤلاء المعروفين بالخصومة لشيخ الإسلام ابن تيمية، يحيط هذه النصيحة بالشكوك والشبهات، ويجعل الرجل العاقل لا يشك في تزويرها ، لأنه يعلم أن الخصوم لا يقبل كلامهم في خصومهم .

وهناك سبب آخر دفع هؤلاء الناس إلى هذه الفرية، حفاظاً على تقديرهم وتقبيل أيديهم ].

ثم قال: .

[ ولا يهولنك أننا رمينا النصيحة الذهبية بالتزوير، فليس الإمام الذهبي أول ولا آخر من زوّروا عليه، فهذا الإمام ابن قتيبة زوّروا عليه كتاب (الإمامة والسياسة) ، وما كان هذا التزوير على الذهبي إلا حسداً وبغضاء للإمام ابن تيمية ] .

ثم قال:

[ بعد كتابة ما تقدم في إثبات تزوير النصيحة الذهبية أردت أن أعرف رأي الدكتور محمد رشاد سالم (وهو يدرس بالجامعة وله صلة كبرى بالإمام ابن تيمية وكتبه وتلاميذه)، فاتصلت به بالهاتف وقلت له: ما رأيكم في النصيحة الذهبية، وهل هتاك ما يدل على صدورها من الإمام الذهبي أو العكس؟ فقال: إنها عندي وتحت يدي، ولكن لا أستطيع إبداء الرأي فوراً . فقلت له: إني في حاجة إلى رأيكم على عجل . قال: كلمني مرة أخرى بعد عشرة أيام .

وبعد أسبوعين كلمته، فقال: لم أجد لها بعد البحث أصل قديم، والذين نشروها لم يقولوا لنا من أين نقلوها . قلت له: إن هي مزورة؟ قال: خير لك أن تقول إنك تشك في صحتها .قلت له: أقول إني أشك فيها وأرجح تزويرها . قال : إن القول بتزويرها يحتاج إلى بيان أسباب مقنعة للقراء. قلت له: إن الأسباب التي قدمتها مقنعة . قال: أنت المسؤول عما تقول ] .


وقد عمل الأستاذ محمد حسين العقبي في آخر تحقيقه الجزء الأول ص 491-501 من (المهذّب في اختصار السنن الكبرى) على تفنيد ما في هذه الرسالة من اتهامات لابن تيمية، وكشف زيفها بكلام جيد، فارجع إليه إن أردت الاستزادة
"ا.هـ

هذا ما تيسر لي كتابته والله تعالى أعلى وأعلم .

والحمد لله رب العالمين .

وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

أخوكم في الله/حب السلف

الهوامش :

1-فتح الباري (1/5).
2-بوجود السند الصحيح المتصل إلى مؤلفه على المخطوط مع معرفة ناسخه والتأكد من خطه وعدم قيام الحجة على براءة المعزو إليه الكتاب.
3-وينظر، هل تكفي شهرة الكتاب عن الإسناد الصحيح له؟ والصواب التفصيل.
4-مقتبس من كلام الشيخ مشهور من كتابه القيّم (كتب حذر منها العلماء)2/ صـ223-224.
5-من مقولات الإمام الذهبي في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله تعالى.
6-من مقدمة الشيخ بكر أبو زيد لـ (التوضيج الجلي) ص7.







التوقيع :
[c]فكل خير في اتباع من سلف***وكل شر في ابتداع من خلف
فتابع الصالح ممن سلفا***وجانب البدعة ممكن خلفا
[/c]
من مواضيعي في المنتدى
»» سهم رمان الاقربون مفاجأة العيد
»» (الموسوي) المحتار بين عقلية الحـــوار وعقلية الجـــدار!!!
»» محاضرة في البحرين ... عن مقتل الإمام الحسين .. ( عليه السلام )
»» الاشعرية مذمة يتبرأ منها السلف
»» الاحتفال الحقيقي بالمولد النبوي
 
قديم 23-10-03, 05:17 PM   رقم المشاركة : 2
ابو عبدالرحمن السلفي
عضو ذهبي





ابو عبدالرحمن السلفي غير متصل

ابو عبدالرحمن السلفي is on a distinguished road


جزاك الله خيراً وبارك فيك ونفعنا بعلمك







التوقيع :
شيخنا حارس السحيمي جزاك الله خيراً وجمعنا بك في جنات النعيم

http://www.gafelh.com/modules/Cards/...img/tad3oo.gif

و لا تصحب أخا الجهل ... و إيــاك و إيــاه
فكم من جـاهل أردى ... حليما حين يلقاه
يقاس المرء بالمرء ... إذا مـا هـو مـاشاه
و للشيء على الشيء ... مقاييس و أشباه
و للقلب على القلب ... دليل حين يلقاه

http://www.wylsh.com/images/wylsh-banner-new.gif

لماذا تركنا التشيع ؟
http://www.wylsh.com/
من مواضيعي في المنتدى
»» الى ابناء مصر الغيارى ( علماء الأزهر: نحن شيعة )
»» حكم سعودي دولي يقرر الاستقالة والاتجاه إلى مغسلة الموتى بالرياض ؟
»» شاهد صورة أكبر سحر عمل قبض عليه أبطال هيئة الأمر بالمعروف
»» لاتهجروا القران
»» الرافضة يقتلون أبرز حفاظ الحديث في العراق
 
قديم 23-10-03, 08:42 PM   رقم المشاركة : 3
حب السلف
مشترك جديد





حب السلف غير متصل

حب السلف


اخي في الله(ابو عبدالرحمن السلفي) وجزاك المنان خيراً مثله وبارك فيك على ردك الطيب والله نسأل أن يزيدنا إيماناً وعلماً وعملاً..







التوقيع :
[c]فكل خير في اتباع من سلف***وكل شر في ابتداع من خلف
فتابع الصالح ممن سلفا***وجانب البدعة ممكن خلفا
[/c]
من مواضيعي في المنتدى
»» (سبح باسم علي) .. قصيدة رافضية في صحيفة الوسط البحرينية !!!
»» الاشعرية مذمة يتبرأ منها السلف
»» (من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) حديثٌ لا أصل له بهذا اللفظ
»» محاضرة في البحرين ... عن مقتل الإمام الحسين .. ( عليه السلام )
»» (الصـدّيقـان وآل البيـت عليـهم السلام) .. جـديـد الشيـخ الحسيـني !
 
قديم 23-10-03, 09:09 PM   رقم المشاركة : 4
جـــود
عضو فضي





جـــود غير متصل

جـــود is on a distinguished road


اقتباس:
أضيف بواسطة ابو عبدالرحمن السلفي


جزاك الله خيراً وبارك فيك ونفعنا بعلمك







التوقيع :
http://www.wanash.com/up/251.gif


°ˆ~*¤®§* جــــــــــــود *§®¤*~ˆ°
من مواضيعي في المنتدى
»» مهم جداً
»» علاج مرض السرطان بأذن الله
»» المعاكسات بين الشباب والفتيات في المنتديات العربية / تجارب مريرة
»» العصفورة تبكى حسينا
»» الغي خاصية الاكمال التلقائي
 
قديم 23-10-03, 11:02 PM   رقم المشاركة : 5
حب السلف
مشترك جديد





حب السلف غير متصل

حب السلف


اخي في الله (جواد) وجزاك الله خيراً مثله على ردك الكريم..

بارك الله فيك ..







التوقيع :
[c]فكل خير في اتباع من سلف***وكل شر في ابتداع من خلف
فتابع الصالح ممن سلفا***وجانب البدعة ممكن خلفا
[/c]
من مواضيعي في المنتدى
»» (سبح باسم علي) .. قصيدة رافضية في صحيفة الوسط البحرينية !!!
»» حـديـث (الصلاة البتـراء) لا أصـل لــه
»» من سيرة الحافظ العسقلاني بلسان الكوثري / وثيقة
»» الاحتفال الحقيقي بالمولد النبوي
»» الاشعرية مذمة يتبرأ منها السلف
 
قديم 24-10-03, 01:28 AM   رقم المشاركة : 6
فاضح الشيعة
لااله الا الله
 
الصورة الرمزية فاضح الشيعة





فاضح الشيعة غير متصل

فاضح الشيعة is on a distinguished road


Thumbs up

جزاك الله خير وبارك الله فيك .. موضوع مهم جداً







 
قديم 24-10-03, 06:12 AM   رقم المشاركة : 7
حب السلف
مشترك جديد





حب السلف غير متصل

حب السلف


اخي في الله(فاضح الشيعة) وجزاك الله خيراً مثله وبارك فيك..

سرني تواجدك الكريم..

والله نرجوا حصول الفائدة للجميع...







التوقيع :
[c]فكل خير في اتباع من سلف***وكل شر في ابتداع من خلف
فتابع الصالح ممن سلفا***وجانب البدعة ممكن خلفا
[/c]
من مواضيعي في المنتدى
»» (سبح باسم علي) .. قصيدة رافضية في صحيفة الوسط البحرينية !!!
»» من سيرة الحافظ العسقلاني بلسان الكوثري / وثيقة
»» (من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) حديثٌ لا أصل له بهذا اللفظ
»» (النصيحة الذهبية) الرسـالة المنـحـولـة على الإمـام الذهبـيّ
»» الاحتفال الحقيقي بالمولد النبوي
 
قديم 24-10-03, 07:28 AM   رقم المشاركة : 8
شـــداد
عضو فعال







شـــداد غير متصل

شـــداد is on a distinguished road


جزاك الله خير على هذا الموضوع الجميل والقيم ونفعنا الله بجهودك ونفعك بجهودنا اخي حب السلف مااجمل هذا الاسم بارك الله فيك اخي .



اخوك :

شــداد







التوقيع :
أقسم بالله العظيم بأنني أحبكم أخواني أهل السنة والجماعة في الله
من مواضيعي في المنتدى
»» سؤال بسيط وبديهي للرافض عن زواج المتعة ؟؟!!
»» مساعدة ياخواني
»» انظروا الى هذه الوثيقة ماذا يقولون الشيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم
»» فلاش للرافضة ؟؟؟؟
»» ياشباب ممكن طلب صورة ؟؟
 
قديم 24-10-03, 08:45 AM   رقم المشاركة : 9
المضـري
عضو نشيط





المضـري غير متصل

المضـري


ترجمة شيخ الإسلام من ذيل تاريخ الإسلام للذهبي

اسمه ونسبه :
قال رحمه الله تعالى :

ابن تيمية ، الشيخ ، الإمام ، العالم ، المُفسر ، المُجتهد ، الحافظ ،
المحدث ، شيخ الإسلام ، نادرة العصر ، ذو التصانيف الباهرة والذكاء المفرط ، تقي الدين ، أبو العباس ، أحمد ، ابن العالم المفتي شهاب الدين عبدالحليم ، ابن الإمام شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات عبدالسلام مؤلف " الأحكام " ، ابن عبدالله بن أبي القاسم الحراني ، ابن تيمية ، وهو لقب جده الأعلى .

ولادته وهجرته :
مولده في عاشر ربيع الأول ، سنة إحدى وستين وست مائة بحرَّان ، وتحول أبوه وأقاربه إلى دمشق في سنة سبع وستين عند جور التتار ؛
منهزمين ؛ يجرون الذرية والكتب على عجلة ؛ فإن العدو ما تركوا في البلد دواب سوى بقر الحرث ، وكلَّت من ثقل العجلة ، ووقف الفرار، وخافوا من أن يدركهم العدو ، ولجأوا إلى الله ، فسارت البقر بالعجلة ، ولطف الله تعالى ، حتى انحازوا إلى حد الإسلام .

شيوخه :
فسمع من: ابن عبدالدائم ، وابن أبي اليُسر، والكمال ابن عبد ، وابن
أبي الخير ، وابن الصيرفي ، والشيخ شمس الدين ، والقاسم الإربلي ، وابن علان ، وخلق كثير ، وأكثر وبالغ .
وقرأ بنفسه على جماعة وانتخب ، ونسخ عدة أجزاء ، و " سنن أبي
داود " ، ونظر في الرجال والعلل .

علمه ومكانته :
وصار من أئمة النقد ، ومن علماء الأثر ، مع التدين والنبالة ، مع الذكر والصيانة .
ثم أقبل على الفقه ودقائقه وقواعده وحججه والإجماع والاختلاف ؛ حتى كان يقضي منه التعجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف ، ثم يستدل ويرجح ويجتهد ، وحق له ذلك ؛ فإن شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت فيه ؛ فإنني ما رأيت أحداً أسرع انتزاعاً للآيات ـ الدالة على المسألة التي يوردها ـ منه ، ولا أشد استحضاراً لمتون الأحاديث وعزوها إلى الصحيح أو إلى المسند ، أو إلى السنن ـ منه ؛ كأن الكتاب والسنة نصب عينيه ، وعلى طرف لسانه ، بعبارة رشيقة ، وعين مفتوحة ، وإفحام للمخالف .

وكان آية من آيات الله تعالى في التفسير ، والتوسع فيه ، لعله يبقى في تفسير الآية المجلس والمجلسين .
وأما أصول الديانة ، ومعرفتها ، ومعرفة أحوال الخوارج والروافض والمعتزلة وأنواع المبتدعة ؛ فكان لا يُشق فيه غباره ، ولا يلحق شأوه .

مكارم أخلاقه :
هذا مع ما كان عليه من الكرم الذي لم أشاهد مثله قط ، والشجاعة المفرطة التي يضرب بها المثل ، والفراغ عن ملاذِّ النفس من اللباس الجميل ، والمأكل الطيب ، والراحة الدنيوية .

تصانيفه :
ولقد سارت بتصانيفه الركبان في فنون من العلم وألوان ، لعلَّ تواليفه وفتاواه في الأصول ، والفروع ، والزهد ، والتفسير ، والتوكل ،
والإخلاص ، وغير ذلك ـ تبلغ ثلاثمائة مجلد ، لا بل أكثر .

صفاته :
وكان قوَّالاً بالحق ، نهاءً عن المنكر ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ذا سطوة وإقدام ، وعدم مداراة الأغيار .
ومن خالطه وعرفه ؛ قد ينسبني إلى التقصير في وصفه ، ومن نابذه وخالفه ؛ ينسبني إلى التعالي فيه ، وليس الأمر كذلك .
مع أنني لا أعتقد فيه العصمة ، كلا ! فإنه مع سعة علمه ، وفرط شجاعته ، وسيلان ذهنه ، وتعظيمه لحرمات الدين ، بشرٌ من البشر ، تعتريه حدة في البحث ، وغضب وشظف للخصم ؛ يزرع له عداوة في النفوس ، ونفوراً عنه .
وإلا ؛ فلو لاطف الخصوم ، ورفق بهم ، ولزم المجاملة وحسن المكالمة ؛ لكان كلمه إجماعاً ؛ فإن كبارهم وأئمتهم خاضعون لعلومه وفقهه ، معترفون بشفوفه وذكائه ، مقرون بندور أخطائه .

موقف الحاقدين منه :
لست أعني بعض العلماء الذين شعارهم وهجيراهم الاستخفاف به ، والازدراء بفضله ، والمقت له ، حتى استجهلوه وكفروه ونالوا منه ، من غير أن ينظروا إلى تصانيفه ، ولا فهموا كلامه ، ولا لهم حظ تام من التوسع في المعارف ، والعالم منهم قد ينصفه ويرد عليه بعلم .

اعتذار وتنويه :
وطريق العقل السكوت عما شجر بين الأقران ـ رحم الله الجميع .
وأنا أقل من أن ينبه على قدره كلمي ، أو أن يوضح نبأه قلمي ؛ فأصحابه وأعداؤه خاضعون لعلمه ، مقرون بسرعة فهمه ، وأنه بحر لا ساحل له ، وكنز لا نظير له ، وأن جوده حاتمي ، وشجاعته خالدية .
ولكن قد نقموا عليه أخلاقاً وأفعالاً ؛ فمنصفُهم فيها مأجور ، ومقتصدهم فيها معذور ، وظالمهم فيها مأزور ، وغاليهم مغرور ، وإلى الله ترجع الأمور .
وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك ، والكمال للرسل ، والحجة في الإجماع .
فرحم الله امرأً تكلم في العلماء بعلم ، أو صمت بحلم ، وأمعن في مضايق أقاويلهم بتؤدة وفهم ، ثم استغفر لهم ، ووسَّع نطاق المعذرة ، وإلا ؛ فهو لا يدري أنه لا يدري .
وإن أنت عذرت كبار الأئمة في معضلاتهم ، ولا تعذر ابن تيمية في مفرداته ؛ فقد أقررت على نفسك بالهوى وعدم الإنصاف .

دعوى تكفيره وبطلانها :
وإن قلت : لا أعذره ؛ لأنه كافر ، عدو الله تعالى ورسوله ! قال لك خلق من أهل العلم والدين : ما علمناه والله إلا مؤمناً محافظاً على الصلاة ، والوضوء ، وصوم رمضان ، معظماً للشريعة ظاهراً وباطنا ً .
لا يؤتى من سوء فهم ، بل له الذكاء المفرط ، ولا من قلة علم ، فإنه بحر زخار ، بصير بالكتاب والسنة ، عديم النظير في ذلك .
ولا هو بمتلاعب بالدين ؛ فلو كان كذلك ؛ لكان أسرع شيء إلى مداهنة خصومه ، وموافقتهم ، ومنافقتهم .
ولا هو يتفرد بمسائل بالتشهي ، ولا يفتي بما اتفق ، بل مسائله المفردة يحتج لها بالقرآن أو بالحديث أو بالقياس ، ويبرهنها ويناظر عليها ، وينقل فيها الخلاف ، ويطيل البحث ؛ أسوة من تقدمه من الأئمة ، فإن كان قد أخطأ فيها ؛ فله أجر المجتهد من العلماء ، وإن كان قد أصاب ؛ فله أجران .
وإنما الذم والمقت لأحد رجلين : رجل أفتى في مسألة بالهوى ولم يبد
حجة ، ورجل تكلم في مسألة بلا خميرة من علم ولا توسع في نقل ؛ فنعوذ بالله من الهوى والجهل .

بين الأعداء والمحبين :
ولا ريب أنه لا اعتبار بذم أعداء العالم ؛ فإن الهوى والغضب بين الأعداء والمحبين يحملهم على عدم الإنصاف والقيام عليه .
ولا اعتبار بمدح خواصه والغلاة فيه ؛ فإن الحب يحملهم على تغطية
هناته ، بل قد يعدونها محاسن .
وإنما العبرة بأهل الورع والتقوى من الطرفين ، الذين يتكلمون بالقسط ، ويقومون لله ولو على أنفسهم وآبائهم .
فهذا الرجل لا أرجو على ما قلته فيه دنيا ولا مالاً ولا جاهاً بوجه أصلاً ، مع خبرتي التامة به ، ولكن لا يسعني في ديني وعقلي أن أكتم محاسنه ، وأدفن فضائله ، وأبرز ذنوباً له مغفورة في سعة كرم الله تعالى وصفحه ، مغمورة في بحر علمه وجوده ؛ فإن الله يغفر له ، ويرضى عنه ، ويرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه .
مع أني مخالفٌ له في مسائل أصلية وفرعية ، قد أبديت آنفاً أن خطأه فيها مغفور ، بل قد يثيبه الله تعالى فيها على حسن قصده ، وبذل وسعه ، والله الموعد .
مع أنني قد أوذيت لكلامي فيه من أصحابه وأضداده ؛ فحسبي الله .

وصف خَلْقه :
وكان الشيخ أبيض ، أسود الرأس واللحية ، قليل الشيب ، شعره إلى شحمة أذنيه ، كأن عينيه لسانان ناطقان ، ربعة من الرجال ، بعيد ما بين المنكبين ، جهوري الصوت ، فصيحاً ، سريع القراءة .
يعتريه حدة ، ثم يقهرها بحلم وصفح ، وإليه المنتهى في فرط الشجاعة ، والسماحة ، وقوة الذكاء .
ولم أرَ مثله في ابتهاله واستغاثته بالله تعالى ، وكثرة توجهه .
وقد تعبت بين الفريقين : فأنا عند محبه مُقصِّر ، وعند عدوه مُسرف مُكثر ، كلا والله !

وفاته وجنازته :
توفي ابن تيمية إلى رحمة الله تعالى معتقلاً إلى قلعة دمشق بقاعة بها ، بعد مرض حدَّ( ) أياماً ، في ليلة الإثنين ، العشرين من ذي القعدة ، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة .
وصُلِّي عليه بجامع دمشق عقيب الظهر ، وامتلأ الجامع بالمصلين كهيئة يوم الجمعة ، حتى طلع الناس لتشييعه من أربعة أبواب البلد ، وأقلُّ ما قيل في عداد من شهده خمسون ألفاً ، وقيل أكثر من ذلك ، وحُمل على الرؤوس إلى مقابر الصوفية ، ودفن إلى جانب أخيه الإمام شرف الدين ، رحمهما الله وإيانا والمسلمين . إهـ .(*)


قصيدة في رثاء شيخ الإسلام ابن تيمية للإمام الذهبي :

[poet font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
يا موت خذ من أردت أو فدع = محوت رسم العلوم والورعِ

أخذت شيخ الإسلام وانفصمت = عرى التقى واشتفى أولو البدعِ

غيبت بحراً مفسراً جبلاً = حبراً تقياً مجانب الشبعِ

فإن يحدث فمسلم ثقة = وإن يناظر فصاحب اللمعِ

إن يخض نحو سيبويه يفُهْ = بكل معنى في الفن مخترعِ

وصار عالي الإسناد حافظة = كشعبة أو سعيد الضبعي

والفقه فيه فكان مجتهداً = وذا اجتهاد عار من الجزعِ

وجوده الحاتمي مشتهر = وزهده القادري في الطبعِ

أسكنه الله في الجنان ولا = زال علينا في أجمل الخلعِ

مع مالك والإمام أحمد والنعـ = ـمان والشافعي والنخعي

مضى ابن تيمية وموعده = مع خصمه يوم نفخة الفزعِ
[/poet]







 
قديم 26-10-03, 02:55 AM   رقم المشاركة : 10
حب السلف
مشترك جديد





حب السلف غير متصل

حب السلف


اخي في الله(شداد) وجزاك الله خيراً مثله على مرورك العطر وزادنا علماً وعملاً..

جمعنا الله وإياك أخي الحبيب مع من نحب ...

اخي في الله(المضري) جزاك المنان على هذه الترجمة الحافلة..ولو تتبع الرجل ثناء الحافظ الذهبي على شيخه شيخ الاسلام ابن تيمية لظفر على الكثير ولأيقن كذب هذه الرسالة عليه..

بارك الله فيكم..

أخوكم المحب/حب السلف







التوقيع :
[c]فكل خير في اتباع من سلف***وكل شر في ابتداع من خلف
فتابع الصالح ممن سلفا***وجانب البدعة ممكن خلفا
[/c]
من مواضيعي في المنتدى
»» حـديـث (الصلاة البتـراء) لا أصـل لــه
»» محاضرة في البحرين ... عن مقتل الإمام الحسين .. ( عليه السلام )
»» الاشعرية مذمة يتبرأ منها السلف
»» (سبح باسم علي) .. قصيدة رافضية في صحيفة الوسط البحرينية !!!
»» من سيرة الحافظ العسقلاني بلسان الكوثري / وثيقة
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:06 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "